البداية والنهاية/كتاب الفتن والملاحم/حديث النواس بن سمعان الكلابي في معناه، وأبسط منه



حديث النواس بن سمعان الكلابي في معناه، وأبسط منه


قال مسلم: حدثني أبو خيثمة زهير بن حرب، حدثنا الوليد بن مسلم، [ص:142]حدثني عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، حدثني يحيى بن جابر الطائي، قاضي حمص، حدثني عبد الرحمن بن جبير، عن أبيه جبير بن نفير الحضرمي، أنه سمع النواس بن سمعان الكلابي ( ح )، وحدثني محمد بن مهران الرازي، واللفظ له، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن يحيى بن جابر الطائي، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه جبير بن نفير، عن النواس بن سمعان، قال: ذكر رسول الله الدجال ذات غداة، فخفض فيه ورفع، حتى ظنناه في طائفة النخل، فلما رحنا إليه عرف ذلك فينا، فقال: «ما شأنكم؟»قلنا: يا رسول الله، ذكرت الدجال غداة، فخفضت فيه ورفعت، حتى ظنناه في طائفة النخل. فقال: «غير الدجال أخوفني عليكم، إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم، وإن يخرج ولست فيكم فامرؤ حجيج نفسه، والله خليفتي على كل مسلم، إنه شاب قطط، عينه طافية، كأني أشبهه بعبد العزى بن قطن، فمن أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف، إنه خارج خلة بين الشام والعراق، فعاث يمينا وعاث شمالا، يا عباد الله فاثبتوا». قلنا: يا رسول الله، وما لبثه في الأرض؟ قال: «أربعون يوما; يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم». قلنا: يا رسول الله، فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: «لا، اقدروا له قدره». قلنا: يا رسول الله، وما إسراعه في الأرض؟ قال:«كالغيث استدبرته الريح، فيأتي على القوم فيدعوهم فيؤمنون به، ويستجيبون له، فيأمر السماء [ص:143]فتمطر والأرض فتنبت، فتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذرى وأسبغه ضروعا وأمده خواصر، ثم يأتي القوم فيدعوهم فيردون عليه قوله، فينصرف عنهم، فيصبحون ممحلين ليس بأيديهم شيء من أموالهم، ويمر بالخربة فيقول لها: أخرجي كنوزك. فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل، ثم يدعو رجلا ممتلئا شبابا، فيضربه بالسيف، فيقطعه جزلتين رمية الغرض، ثم يدعوه فيقبل يتهلل وجهه يضحك، فبينما هو كذلك إذ بعث الله المسيح ابن مريم، فينزل عند المنارة البيضاء، شرقي دمشق بين مهرودتين، واضعا كفيه على أجنحة ملكين، إذا طأطأ رأسه قطر، وإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ، فلا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات، ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه، فيطلبه حتى يدركه بباب لد فيقتله، ثم يأتي عيسى ابن مريم قوم قد عصمهم الله منه، فيمسح عن وجوههم، ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة، فبينما هو كذلك إذ أوحى الله إلى عيسى: إني قد أخرجت عبادا لي لا يدان لأحد بقتالهم، فحرز عبادي إلى الطور. ويبعث الله يأجوج ومأجوج، وهم من كل حدب ينسلون، فيمر أوائلهم على بحيرة الطبرية، فيشربون ما فيها، ويمر آخرهم فيقولون: لقد كان بهذه مرة ماء، [ص:144]ويحصر نبي الله وأصحابه، حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيرا من مائة دينار لأحدكم اليوم، فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله، فيرسل الله عليهم النغف في رقابهم، فيصبحون فرسى كموت نفس واحدة، ثم يهبط نبي الله عيسى وأصحابه إلى الأرض، فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلا ملأه زهمهم ونتنهم، فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله، فيرسل الله طيرا كأعناق البخت فتحملهم، فتطرحهم حيث شاء الله، ثم يرسل الله مطرا لا يكن منه بيت مدر ولا وبر، فيغسل الله الأرض حتى يتركها كالزلفة، ثم يقال للأرض: أنبتي ثمرتك، وردي بركتك، فيومئذ تأكل العصابة من الرمانة، ويستظلون بقحفها، ويبارك في الرسل حتى إن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس، واللقحة من البقر لتكفي القبيلة من الناس، واللقحة من الغنم لتكفي الفخذ من الناس، فبينما هم كذلك إذ بعث الله ريحا طيبة، [ص:145]فتأخذهم تحت آباطهم، فتقبض روح كل مؤمن وكل مسلم، ويبقى شرار الناس يتهارجون فيها تهارج الحمر، فعليهم تقوم الساعة».

حدثني علي بن حجر السعدي، حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، والوليد بن مسلم - قال ابن حجر: دخل حديث أحدهما في حديث الآخر - عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، بهذا الإسناد نحو ما ذكرنا، وزاد بعد قوله: «لقد كان بهذه مرة ماء»: «ثم يسيرون حتى ينتهوا إلى جبل الخمر، وهو جبل بيت المقدس، فيقولون: لقد قتلنا من في الأرض، هلم فلنقتل من في السماء. فيرمون بنشابهم إلى السماء، فيرد الله عليهم نشابهم مخضوبة دما». وفي رواية ابن حجر: «فإني قد أنزلت عبادا لي لا يدي لأحد بقتالهم». انتهى ما رواه مسلم إسنادا ومتنا. وقد تفرد به عن البخاري.

ورواه الإمام أحمد بن حنبل في مسنده، عن الوليد بن مسلم، بإسناده نحوه، وزاد في سياقه بعد قوله: «فتطرحهم حيث شاء الله» قال ابن جابر: فحدثني يزيد بن عطاء السكسكي، عن كعب أو غيره، قال: «فتطرحهم بالمهبل». قال ابن جابر: وأين المهبل؟ قال: مطلع الشمس.

[ص:146]ورواه أبو داود، عن صفوان بن صالح المؤذن، عن الوليد بن مسلم، ببعضه.

ورواه الترمذي، عن علي بن حجر، وساقه بطوله، وقال: غريب حسن صحيح، لا نعرفه إلا من حديث ابن جابر.

ورواه النسائي في فضائل القرآن، عن علي بن حجر، مختصرا.

ورواه ابن ماجه، عن هشام بن عمار، عن يحيى بن حمزة، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر بإسناده، قال: «يستوقد الناس من قسي يأجوج ومأجوج ونشابهم وأترستهم سبع سنين». وذكره قبل ذلك بتمامه، عن هشام بن عمار، ولم يذكر فيه هذه القصة، ولا ذكر في إسناده يحيى بن جابر الطائي.