التاج في أخلاق الملوك/باب في صفة ندماء الملك/صفات المقربين من الملك
صفات المقربين من الملك
وليس من أخلاق الملك أن يدني من عظم قدره، واتسع علمه، وطاب مركبه، أو ظهرت أمانته، أو كملت آدابه.
وهذه الصفات هي جنس آخر يحتاج الملك إلى أصحابه ضرورة، لحاجته من القضاة إلى الفقه والأمانة، وحاجته من الطبيب إلى الحذق بالصناعة والركانة، وحاجته من الكاتب تحبير الألفاظ، ومعرفة مخارج الكلام، والإيجاز في الكتب، وما أشبه ذلك.
فأما القرناء والمحدثون وأصحاب الملاهي ومن أشبههم، فكل من دنا منهم من الملك، وعلق به، كائناً من كان، ومن حيث كان.
وكذا وجدنا في كتب الأعاجم وملوكها.
وفيما يذكر عن أنوشروان انه قال: صاحبك من علق بثوبك.
وكذا وجدنا في أمثال كليلة ودمنة أن الملك مثل الكرم الذي لا يتعلق بأكرم الشجر، إنما يتعلق بمن دنا منه. وقد نجد مصداق ذلك عياناً في كل دهر، وأخبار كل زمان.