التحفة المكتبية لتقريب اللغة العربية/الباب الحادي عشر في عوامل النصب وفي المنصوبات من الأسماء والأفعال

التحفة المكتبية لتقريب اللغة العربية المؤلف رفاعة رافع الطهطاوي

الباب الحادي عشر في عوامل النصب وفي المنصوبات من الأسماء والأفعال



الباب الحادي عشر في عوامل النصب وفي المنصوبات من الأسماء والأفعال


يشتمل هذا الباب على قسمين القسمُ الأول في بيان عوامل النصّب عوامل النصب في الأسماء هي الأفعال المتعدية وما تصرف منها كأسماء الفاعلين والمفعُولين والمصادر وهذه عوامل قياسية كل فعل منها أو ما في معناه من المشتقات والمصادر يعمل النصب ويلحق بها في عمل النصّب الأفعال الناقصة ككان وأخواتها وأفعال المقاربة والحروف المشبّهة بالأفعال وهي إن وأخواتها وكذلك يعمل النصّب في الأسماء اسماء فعل الأمر المتعدّي

وكل ما فيه معنى الفعل كأدوت الاستثناء وحروف النداء والأسماء المبهمة المحتاجة للتمييز كل هذا يعمل النصب في الأسماء وأما الفعل المضارع فله نواصب مختصة بالعمل لا تدخل إلا عليه للتأثير فيه نحو لن وقد جمعنا اصول عوامل النصب في هذا الجدول

جدوَل عوامل النصب
عدد نوع عوامل النصْب المنصُوبات بَها ملحُوظات
١ الفعل المتعدّي لمفعُول واحد نحو ضربت زيْداً ومثل ذلك المضارع والأمر
٢ الفعل المتعدّي لاثنين أحدهما غير الأول نحو أعطيت زيداً درهماً ومثله كسوت زيداً جبه
٣ الفعل المتعدّي لاثنين أحدهما عين الأول نحو ظننت زيداً عالماً ووجدت زيداً صديقا وهذا فيما أصله المبتدأ والخبر ودخلت عليه أفعال القلوب فنسخت حكمه إلى النصب
٤ الفعل المتعدّي لثلاثة مفاعيل نحو اعلمت زيداً عمراً منطلقاً وأريتُ زيداً العلمَ نافعاً المفعول الثاني والثالث أصلهما المبتدأ والخبر فأحدهما عين الآخر
٥ أسماء الفاعلين المشتقة من الأفعال المتعدية لواحد أو لاثنين أو لثلاثة إذا أريد بها الحال والاستقبال نحو زيد ضارب عمرا

زيد معط غلامه درهما

زيد ظان عمراً عالماً

زيد معلم بكرا عمراً منطلقا

٦ اسماء المفعولين المشتقه من الأفعال المتعَدية لاثنين أو لثلاثة نحو زيد معطي درهما زيد

مظنون عالما زيد معلم

بفتح اللام عمراً منطلقا

لا يتاتي المثال في المتعدى لواحد لان مفعوله نائب فاعل وهو من المرفوعات
٧ مصادر الأفعال المتعدية لمفعول واحد أو لمفعولين أو لثلاثة مفاعيل نحو عجبت من ضربك زيداً

ومن اعطانك عمراً درهما

ومن اراءتك يا أبكر عالماً

٨ الصفة المشتبهة باسم الفاعل إذا نصبت شبه المفعول به نحو زيد حسن وجهه إذا جعلنا في حسن ضميرا يعود على زيد مستترا على ألف عليه كأننا جعلنا الحسن عاما في زيد فنصبنا الوجه على التشبيه بالمفعول به لاستيفاء الصفة فاعلها
٩ اسماء الأفعال المتعدية نحو رويد اسم فعل أمر مهل نحو كان زيد قائماً وعسى زيد أن يقوم وهي ستة رويد بمعنى امهل وَيله بمعنى دع ودونك بمعنى خذ وعليك بمعنى الزم وهاك بمعنى خذ وحيّهل بمعنى ائت
١٠ الأفعال الناقصة الناصبة للأخبار نحو كان زيد قائماً وعسَى زيد أن يقوم ومنه غير ما الحجازية وإن ولا ولات المشبهات بليس نحو ﴿ مَا هَٰذَا بَشَرًا ﴾ وقد سبق ذلك في الخامس من المرفوعات
١١ الحروف المشبهة بالأفعال في مطلق النصب والرفع وهي إن وأخواتها نحو ان زيد قائم وليت عمرا شاخِص وتلحق بها لا التي لنفي الجنس نحو لا غلام سفر حاضر
١٢ واو المعية الداخلة على المفعول معه نحو سرت والنيل واستوى الماء والخشبة على القول المرجوح من أن ناصب المفعول معه هو واو المعية والصحيح أنه منصوب بالفعل أو بالمشتق
١٣ المبهمات الناصبة للتمييز نحو كم درهما مَالك وعندي أحد عشر درهما كم خبر مقدم مبنى على السكون في محل رفع ودرهما تمييز ومالك مبتدأ مؤخر ومضاف إليه فهو في مَعنى ميز لى عدد دراهمك
١٤ أدوات الاستثناء نحو قام القوم إلا زيدا أدوات الاستثناء في قوة الأفعال المتعدية
١٥ نواصب الفعل المضارع نحو لن يقوم زيد سيأتي بيان النواصب والمنصوب بها في آخر هذا الباب

فهذا الجدول يشتمل على أنواع عوامل النصب اجمالا وستتوضح هَذه العوامل زيادة عن ذلك في القسم الثاني من هذا الباب وهو المنصوبات القسم الثاني يتعلق بالنصوبات وهي من الأسماءِ أربعة عشر نوعاً ومن الأفعال نوع واحد وهو الفعل المضارع إذا دخل عليه ناصب من النواصب الخاصة به فتكون جملة المنصُوبات خمسة عشر وهي المفعول به والمفعول المطلق وظرف الزمان وظرف المكان ويسمّيان مفعولاً فيه والحال والتمييز والمستثنى واسم لا والمنادي وخبر كان وأخواتها واسم ان وأخواتها والمفعول من أجله والمفعول معه والتابع للمنصوب والفعل المضارع إذا دخل عليه ناصب وهي مبينة في هذا الجدول

جدول المنصوبات
عدد نوع المنصوبات أمثلة ملحُوظات
١ المفهول به نحو ضربت زيداً أجتمع الفعول به والمفعول المطلق في قوله تعالى ﴿ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَىٰ تَكْلِيمًا ﴾ كل من ظرف الزمان وظرف المكان يسمى مفعولا فيه لانه على تقدير في
٢ المفعول المطلق المسَمى مصدراً نحو ضربْت ضرباً
٣ ظرف الزمان نحو سافرت يوم الخميس
٤ ظرف المكان نحو جلست أمام المسجد
٥ الحال نحو شرب زيد قائماً الحال يفسر ما انبهم من الهيئات
٦ التمييز نحو عندى عشرون درهماً والتمييز يفسر ما انبهم من الذوات
٧ المسْتثنى نحو قام القوم إلا زيداً هو في قوة استثنى أي أخرج زيدا من القائمين
٨ اسم لا النافية للجنس نحو لا صاحب علم ممقوت هو داخل في اسم أخوات أن لكن له أحكام خاصة به فلهذا أفرد
٩ المنادي نحو يا عبدالله هو في معنى المفعول به وله احكام تخصه
١٠ خبر كان وأخواتها وما الحق بها نحو كان زيد قائماً وصار الطين خزفاً وكاد زيد أن يقوم تقدم الكلام عليها في المرفوعات
١١ اسم إِنَّ وَأَخَوَاتُهَا نحو

﴿ إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ ﴾

﴿ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ ﴾

سَبق بيانها في السادس من المرفوعات
١٢ المفعول من أجله نحو جئت محبة فيك
١٣ المفعول معه نحو استوى الماء والخشبة
١٤ تابع المنصوبات وهو أربعة نعت عطف توكيد بدل نحو جاء زيد العالم

قام زيد وعمرو

جاءالقوم كلهم

جاء زيد أخوك

١٥ الفعل المضارع نحو ﴿ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَٰهًا ﴾ ليس من الأفعال منصوب وغير الفعل المضارع

الأول من المنصوبات المفعول به

المفعول به هو الذي يقع عليه فعل الفاعل نحو ضرب زيد عمراً ومنع بكر خالداً وذكرت الله وعبدته وهو من دون المفاعيل يفرق بين المتعدى وغير المتعدى إذ لا يكون المفعول به إلا لفعل متعد فلا ينصبُه اللازم نحو ذهبت وخرجت بخلاف سائر المفاعيل فإنها تكون للمتعدى وَاللازم فينصَب المفعول به بالفعل أو ما في معناه المتعدى لواحد فصاعداً إلى الثلاثة

فمثال المتعدى إلى مفعول واحد ضربت زيداً وقتلت عمراً

ومثال ما في معناه زيد ضارب عمراً وعجبت من ضرْبك عمراً ومن هذا القبيل اسم فعل الأمر المتعدى فيعمل النصب كفعله وهو ستة ألفاظ مذكورة في هذا الجدْول

جدول اسماء فعل الأمر العاملة عمل أفعالها في النصب
عدد أسماء أفعال أمثلة ملحُوظات
١ رويد اسم لأمهل نحو رويد زيداً يستوى في رويد وبله في الخطاب الواحد والجمع والمذكر والمؤنث تقول يارجل رويد زيداً ويا رجال رويد زيداً ويا امرأة رويد زيداً ويا نساء رويد زيداً
٢ بله اسم فعل لدع نحو بله هنداً الكاف في هذه الثلاثة حرف خطاب تثنى وتجمع وتذكر وتؤنث صورة ككاف الخطاب في اسم الإشارة وليست لازمة في هاك فتقول ها الكتاب وتقول للمثنى هاؤما الكتاب وللجمع هاؤم الكتاب وهاؤنّ الكتاب
٣ دونك اسم فعل لخذ نحو دونك الكتاب
٤ عليك اسم فعل لالزم نحو عليك نفسك
٥ هاك اسم فعل لخذ نحو هاك المصحف
٦ حيهل اسم فعل لائت نحو حيهل الثريد يعين ائت الثريد وهو من باب الحدف والإيصال
وأما ما يتعدى إلى مفعولين ثانيهما غير الأول في المعنى فنحو أعطيت زيداً درهما وكسوته ثوباً ويجوز في هذا النوع الاقتصار على أحدهما في الذكر فتقول أعطيت زيداً بدون أن تذكر ما أعطيته وتقولُ أعطيت درهماً بدون أن تذكر من أعطيته الدرهم

وأما ما يتعدى إلى مفعولين ثانيهمَا عَين الأول في المعنى فنحو علمت زيداً منطلقاً وحسبت زيداً فاضلاً ولا يجوز في هذا النوع الاقتصار على أحدهما في الذكر فلا تقول حسبت زيداً ولا حسبت منطلقاً

وهذه الأفعال ثلاثة أنواع:

أحدها ما يفيد ظنا أى رجحانا نحو ظننت زيداً عالماً

ثانيها ما يفيد الخبر يقيناً نحو علمت زيداً غنياً ويسمى هذان النوعان أفعال القلوب لأنها لا تحتاج في صدورها إلى الأعضاء الظاهرة

ثالثها مايفيد تحويل المبتدأ إلى الخبر أى تصييره إليه نحو اتخذت زيداً صديقاً وتسمى أفعال التحويل

وهذه الأنواع الثلاثة داخلة دائماً على المبتدأ والخبر فهي ثالثة النواسخ وناصبة للجزءين على أنهما مفعولان لها وبيانها مع أمثلتها في الجدول الآتى

جدول ما يتعَدّي لمفعولين أصلهما المبتدأ والخبر
عدد أفعَال أمثلة ملحُوظات
١ ظننت نحو ظننت زيداً منطلقاً هذه الأفعال السبعة تفيد في الخبر الظن أي الرجحان وهي أفعال متصرفة إلا الفعل السابع منها وهو هب فإنه فعل أمر غير متصرف وهو بمعنى ظن ومنه قول الفرضي ( هبْ أباهم حجرا ملقى في اليم ) أي افرضه كذلك وما تصرف من تلك الأفعال يعمل عملها نحو أنا ظانّ زيداً عالماً وكون هذه الأفعال أصيلها المبتدأ والخبر قد يرد عليه قولك حسبت العدو صديقاً لانه يقتضي أن أصله العَدو صَديق فيؤول بنحو العدو وقابل لأن يكون صديقاً وإلا حسن من ذلك أن يقال أن الخبر في الحقيقة عن موصوف العدو وهو زيد مثلاً بقطع النظر عن اتهمته تعدت إلى مفعول واحد
٢ خلت نحو خلت عمراً شاخصاً
٣ حسبت نحو حسبت زيداً شجاعاً
٤ زعمت نحو زعمت بكراً جباناً
٥ عددت نحو عددت زيداً غنياً
٦ حجوت نحو حجوت خالداً مسعفاً
٧ هبْ نحو هب زيداً محسناً
٨ رأيت رأيت الله أكبر كل شيء هذه الأفعال الستة تفيد في الخبر اليقين وكلها متصرفة إلا تعلم فإنه فعل أمر غير متصرف بمعني اعلم وما تصرف من الأفعال الخمسة يعمل أيضاً عملها وإذا أخرجت أفعال القلوب عن معانيها القلبية لا تتعدى إلا إلى مفعول واحد نحو علمت زيداً أى عرفته ورأيته أي أبصرته وزعم فلان ذلك أي قاله ووجد عمرو الضالة أي صادفها ونرى أن جميع أفعال الحواس كأبصرت وذقت ولمست وشممت تتعدى لواحد واختلف في سمع فقيل إن دخلت على ما لا يسمع نحو اسمعت زیداً يتكلم تعدت لمفعولين وإلا تعدت لمفعول واحد نحو سمعت كلام زید والصحيح أن ما بعدها حالا مطلقا
٩ علمت نحو علمت أبا بكر شجاعاً
١٠ وجدت نحو وَجَدت الصحابة موافقين لابي بكر
١١ ألغيت نحو ألغيت عليا متابعا

لأبى بكر باختياره

١٢ دريت نحو دريت خالداً مقداماً
١٣ تعلم نحو تعلم شفاء النفس قهر عدوها
١٤ اتخذت نحو واتخذ الله ابراهيم خليلاً وهذه الأفعال الخمسة الأخيرة تفيد التحويل والتصيير ويضاف إليها صَير وأصار نحو صيّر الرجل التراب طيناً وأصار الطين إبريقاً والأخير منها وهو وهب لم يسمع في التحويل إلا بصيغة الماضي وكون المفعولين أصلهما المبتدأ والخبر إنما يكون بنوع من التأويل فإنه لا يصبح الطين أبريق إلا بقولك الطين آيل إلى صورة الأبريق
١٥ جعلت ﴿ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا ﴾
١٦ رددت نحو ( فردّ شعورَهُنَّ السودَ بِيضاً وردّ وجوهَهُنَّ البِيضَ سُودا )
١٧ تركت نحو ربيته حتى تركته مراهقا
١٨ وهبت نحو وهبني الله فداك
وأما ما يتعدى لثلاثة مفاعيل أصل الثانى والثالث منها المبتدأ والخبر فنحو اعلمت وما كان بعناه تقول اعلمت زيداً عمراً فاضلاً وخبرت زيداً عمراً منطلقا وهذا جدولها
جدول ما يتعدى لثلاثة مفاعيل أصل ثانيهما وثالثهما المبتدأ والخبر
عدد أفعال أمثلة ملحُوظات
١ اعلمت نحو أعلمت زيدا عمرا فاضلاً تعمل هذه الأفعال إذا كانت بمعنى أعلم الذي أصله علم المفيدة لليقين وتعدى بالهمزة فشرط عملهاأن تكون بمعنى أعلمت فقولك أريت زيدا خالدا شجاعاً يعنى أعلمته ذلك فإذا كانت أريت بمعنى جعلته يبصر لا تتعدى إلا إلى مفعولين كأصلها وهو رأيت البصرية التي تتعدى إلى مفعول واحد
٢ أريت نحو أريت زيدا خالدا شجاعاً
٣ أنبأت نحو أنبأت بكرا خالدا منطلقا
٤ نبأت نحو نبأت زيدا بكرا غنيّا
٥ أخبرت نحو أخبرت زيدا عمراً فاضلا
٦ خبرت نحو خبرت زيدا عمرا ذاهباً
٧ حدثت نحو حدثت زيدا العلم نافعاً

وللأفعال المتعدية إلى مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر خصائص منها أن هذه الأفعال تنصب المفعولين مادامت متقدمة عليهما نحو ظننت زيداً مقيماً

فإن توسطت بينهما أو تأخرت جاز إلغاؤها نحو زيد ظننت مقيم وزيد مقيم ظننت ويجوز الاعمال نحو زيداً ظننت مقيماً وزيداً مقيماً ظننت ففي حالة عدم عملها يسمى ذلك إلغاءً

ومن خصائصها أنه يبطل عملها عند دخول لام الابتداءِ على المبتدأ والخبر نحو علمت لزيد منطلق وعلمت لفي الدار زيد وعند الاستفهام نحو أزيد عندك أم عمرو وعلمت أيهم في الدار ونحو ﴿ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَىٰ ﴾ وعند النفي نحو علمت ما زيد منطلق

فهي لا تعمل في هذه المواضع لفظاً وتعمل فيها معنى وتقديراً ويسمى هذا تعليقاً فيكون ما بعدَها من المبتدأ والخبر في محل نصب سَد مسَد مفعُوليها

ومن خصائص المفعُول به مِن حيث هو جواز تقديمه على الفاعل نحو ضرب زيداً عمر وخاف ربه عمَر قال الله تعالى ﴿ لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا ﴾ وجواز تقديمه على الفعل نحو زيداً ضرْبت قال تعالى ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ ﴿ كُلًّا هَدَيْنَا ۚ وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ ﴾

والأصل أن ينصب المفعول به بفعل ظاهِر وقد يجىء منصوباً بفعل مضمرٍ جوَازا أو وجوباً فالأول كقولك زيداً لمن قال هل رأيت أحداً أى رأيت زيداً وكقولك لمن قطع حديثه حديثك أى هات حديثك ولمن أراد مكة مكة والله أى تقصد مكة والله وتقول في الرامى الذي سَدد سهمه القرطاس والله أى تصيب القرطاس وتقول لمن رأى الرؤيا خيراً أى رأيت خيراً وكذلك تقول خيراً لنا وشرّاً لأعدائنا وما أشبه ذلك من نحو أخاك أى الزم أخاك ونحو الأسد أى احذر الأسد ونحوالصبى أى لا تدس الصّبى ونحوالجدار أى لا تقرب الجدار

وأما ما يجبُ إضمار فعْله فهو في مواضع الأول مبحث الإغراءِ والتحذير نحو الكلاب على البقر وإياك والأسد يعنى سلط الكلاب على البقر واتق نفسَك أن تتعرض للأسَد الثانى في الدعاءِ نحو أهلا وَسَهْلا ومرحباً أى أتيت أهلالا أجانب ووطئت سهْلا من الأرض لا وعراً وأصَبت رحباً لا ضيّقا الثالث مبحث الإغراءِ والتحذير إذا تكرر المفعُول به مرتين نحو أخاك أخاك أى الزمه والأسَد الأسد أى احذره والجدار الجدار أى اتقه والصبى الصبى أى لا تدسه الرابع مبحث الاختصاص نحو إنّا معشر العرب نقرى الضيف بنصب معشر التقدير نخصّ معشر العرب الخامس مبحث المدح والذم والترحم في النعت المقطوع لقصد المدح أو الذم أو الترحم نحوالملكُ لله أهل الملك فيقال في لفظ أهل إنه منصُوب على المدح ونحو قوله تعالى ﴿ وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ ﴾ بالنصب يقال إنه منصوب على الذم ويقال في مررت بزيد المسكين إنه منصوب على الترحم السادس مبحث الاشتغال وهو أن ينصب المفعول بفعل مضمر يفسره فعل مذكور اشتغل عنه بالعمل في ضميره نحو قولك زيدا ضربته والله أحمده فقد أضمر الفعل الأول استغناء بمفسره ومنه قوله تعالى ﴿ وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ ﴾ ﴿ وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا ﴾ فتقدر للمفعول به فعلا من لفظ المذكور الذي فسّره أو من معناه

ومن ذلك قولك زيدا مررت به فالتقدير جاوزت زيداً مررت به وكذلك زيداً ضربت غلامه فالتقدير أهنت زيدا ضربته غلامَه فقد قدرت الفعل المضمر من معْنى الفعل المفسر له ومن المفعول به المنادى أيضاً وهذا كله مفصّل في الجدول الآتى:

جدول مواطن إضمار الفعل الناصب للمفعول به وجوباً
عدد مباحث أمثلة ملحُوظات
١ الإغراء والتحذير الكلاب على البقر إياك والأسد فالكلاب مفعول بفعل محذوف تقديره ارسل أى ارسل الكلاب لصيد بقر الوحش وإياك في محل نصب باحذر والأسد منصوب باتق
٢ تكرير المفعول في الإغراء والتحذير مرتين أخاك أخاك الأسد الأسد أخاك منصوب بالزم والثانى تأكيد والأسد منصوب باحذر ونحوه والثانى تأكيد
٣ الدعاء أَهْلا وسَهْلا ومَرحبا أهلاً منصوب بأتيت وسهلاً منصوب بوطئت ومرحباً منصوب بأصبت فالأفعال الثلاثة مضمرة وجوباً.
٤ الاختصاص نحو نحن مَعاشر الأنبياءِ لا نورث يقدر الفعل من مادة الاختصاص أو غيرها نحو أخص أو أمدح أو أعنى
٥ التابع المقطوع في المدح الملك لله أهل الملك يقدر في الأول أمدح وفي الثانى أذم وفي الثالث ارحم ويجوز أن يقدر في الجميع أعنى والعناية كافية في التخصيص وإفادة القصد
٦ التابع المقطوع في الذم ﴿ وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ ﴾
٧ التابع المقطوع في الترحم اللهم الطف بعبدك المسكين
٨ الاشتغال بمفسر لفظى الله أحمده أى أحمد الله أحمده
٩ الاشتغال بمفسر معنوي الله أثنى عليه الله ارحم عباده الفقراء أى أحمد الله أثنى عليه وأعظم أمر الله أرحم عباده الفقراء ومثله زيداً مررت به أى جاوزت زيداً مررت به وزيداً ضربت غلامه أى أهنت زيداً ضربت غلام
١٠ النداء يا عبدالله بمعنى أدعو فالمنادى مفعول به وإما أفرد لاحكام تخصه

الثانى من المنصُوبات المفعول المطلق

سُمى بالمفعول المطلق لإطلاقه عن القيد بمجرور أو بظرف لأنّ المفاعيل خمسَة كما سَبَق وهي المفعول به أي الذي فعل به فعل الفاعِل نحو ضربت زيداً فإن الضرب فعل بزيد والمفعول فيه أي الذي وقع الفعل فيه نحو صمت اليوم وجلست أمام المسجد فإن الصّوم وقع في اليوم والجلوس وقع أمام المسجد

والمفعول لأجله نحو قمت تعظيما لعَمْرو فإن التعظيم لأجل عمرو والمفعول مَعه نحو سرت والنيل فإن السّير حاصل بمعّية شاطِىء النيل وبمصاحَبته فهذه المفاعيل الأربَعة مقيدة بحرف الجر مع مجروره أو بالظرف مع مضافه وخامسُها المفعول المطلق الذي هو مفعول حقيقة نحو ضربت ضرباً فإن الضرب هوالمفعول للفاعل حقيقة فليسَ من المفاعيل مفعُول حقيقي غير المفعول المطلق عن قيد ما ذكر وتقييده بالمطلق لإفادة أنه مفعول حقيقي ويسمى أيضاً مصْدرًا لأن الفعل يصدر عنه

وينقسم المفعول المطلق إلى ثلاثة أقسام

  • الأول : المؤكد لعامله
  • الثانى : المبين لنوعه
  • الثالث : المبين لعدده

فالقسم الأول نحو قولك ضربت ضرْباً فضرباً يدل على الحدث الموجود في الفعل فقولك ضربت ضرباً في قوة قولك أحدثت ضربا ضرباً فهو بمنزلة التوكيد اللفظى ثم إن عاملَه تارة يكون فعْلا كهذا المثال وتارة يكون وصفاً نحو أنا ضارب ضرباً أو أنا مضروب ضرْبا وتارة يكون مصْدراً نحو عجبت من ضربك زيداً ضرباً

والقسم الثانى تارة يبين نوعه بالوصْف نحو ضربْت ضرباً شديداً وتارة بالإضافة نحو ضربت ضرب الأمير وتارة بالإشارة نحو ضربت ذلك الضرب وتارة بلام العهد نحو ضربت الضرب أى المعهود لك

والقسم الثالث ما يبين عدده من مرة أو مرتين أو مرات نحو ضربت ضربة أو ضربتين أو ضربات ثم أن القسم الأول يسمى مبهماً لإنه غير معلوم النوع ولا العدد وأما القسم الثانى والثالث فيسَمى المصدر فيهما محدوداً لأنه معلوم النوع والعدد فلهذا امتنع تثنية الأول وجمعه باتفاق وجاز تثنية المختوم بناء الوحدة و جمعه

وأما المصدر المبين للنوع فالمشهور جواز تثنيته وجمعه كقولك جلست جلستى الأمير وجلساته وسافرت سفرات الأمير وبعت بيوعاً كثيرة وعقدت عقوداً جديدة

وقد ينصب المفعول المطلق على المصدرية وليس من لفظ الفعل بل بمعناه وذلك على نوعين مصدر وغير مصدر فالمصدر كقوله تعالى ﴿ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلً ﴾ فتبتيلا مصدر ولكنه ليس مصدر التبتل بل هو مصْدر لبَتَل وكقوله تعالى ﴿ وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا ﴾ فإن نباتا مصْدر نبت لا أنبت ومن ذلك اغتسلت غسْلاً من كل ما شارك المصدر في مادته وكذلك تقع الصفة المشتقة كاسْم الفاعل مصدراً نحو قم قائماً أى قياماً وكذلك قعدت جلوساً وقمت وقوفاً فإن المصْدر من معنى الفعل لا من لفظه ومن قوله تعالى ﴿ فَسَلِّمُوا عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً ﴾

وأما غير المصدر فكل ما كان في معنى المصدر كقوله تعالى ﴿ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً ﴾ أى درجة تفضيل ونحو رجع القهقرى وهي نوع من الرجوع وقعد القرفصاء ومنه قوله تعالى ﴿ أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً ﴾ ومن ذلك أيضاً ما يدل على عدد المصدر نحو ثمانين جلدة أو على آلته كضربته سوطاً أو وقته نحو * ألَمْ تَغتَمِضْ عَيناكَ لَيلَةَ أرْمَدَا * أو لفظ كل نحو ﴿ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ ﴾ أو بعض نحو أكرمته بعض الإكرام وما أشبه ذلك وكما ينصب المفعول المطلق بأفعال ظاهرة قد ينصب بأفعال مضمرة وَقد لا يكون له أفعال وإنما ينصب بمعنى أفعال تقديرية فكان بالنسبة لإضمار الفعل وإظهاره على ثلاثة أنواع

أحدها ما يجوز إظهار فعله وإضماره وثانيها ما يجب إضمار فعله وثالثها ما لا فعل له من لفظه وإنما يقدر له فعل ناصب من معناه يظهر أصلا وبيان ذلك في هذا الجدول

جدول المصادر المنصوبة بأفعال مطلقة تحقيقية أو تقديرية
عدد مَصَادر أفعال مضمرة ملحُوظات
١ خير مقدم أي قدمت خير مقدم يقال تهنئة للقادم من سفر يقال للمتردد في الوفاء بعداته وفي مثل هذين المصدرين يجوز إضمار الفعل وإظهاره
٢ مواعيد عرقوب أي تعد مواعيد عرقوب
٣ ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَّهُمْ ﴾ أي تعسوا تعسا أي هلاكا هذه المصادر وأمثالها منصوبة بأفعال لا يستعمل إظهارها ومن ذلك سقيا لك ورعيا وما أشبه ذلك
٤ وبعدا للقوم الظالمين أي بعدوا بعدا
٥ ﴿ فَسُحْقًا لِّأَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾ أي اسحقهم سحقا
٦ عجباً لك وبؤسا لزيد أي أعجب عجباً ويبأس زيد بؤسا
٧ حمداً لله وشكراً له لا كُفرا أي أحمد الله حمدا وأشكره شكرا لا أكفره كفرا
٨ فضرب الرقاب أي فاضربوا الرقاب
٩ فإما منا بعد وإما فداء أي فإمِّا تمنون منا وإما تفدون فداءً
١٠ صبغة الله أي صبغ الله صبغته
١١ الله أكبر دعوة حق

هذا عبد الله حقا

أي أدعوه دعوة الحق

أي حق ذلك حقا

١٢ قسماً عليك ألا فعلت كذا أي أقسم قسماً
١٣ لبيك سَعْديك حنانيك أي لبيك تلبية بعد تلبية وأستسعدك سعد ابعد سَعد وأطلب حنانك حنانا بعد حنان
١٤ سبحان الله معاذ الله أي أسبح سبحان الله وأعوذ معاذ الله فنحو هذه المصادر لا فعل لها أصلا وإنما يقدر لها ناصب من معناها
١٥ ويلك وويحك مصدره مقدر وهو دعاء بالهلكة أو لإفادة الترحم
١٦ أفة لك دعاء بالهلكة

وقس على ذلك ما اشبهه

فتبين من هذا أن المفعول المطلق هو المصدر المنصوب أو ما في مَعْناه وأنه ينصب بفعل من لفظ المصدر أومن معناه

الثالث والرابع من المنصوبات ظرف الزمان وظرف المكان

ويقال لهما المفعول فيه المفعول فيه هو الظرف الذي يقع فيه الفعل وهو نوعان ظرف زمان وظرف مكان

فالأول هو اسْم الزمان المنصوب بفعل أو شبهه على تقدير في نحو خرجت يوم الجمعة وصمت شهر رمضان وهو قسمان أحدهما مبهم وهو ما ليس له حد محصور ولا نهاية معلومة بل يدل على قدر من الزمان غير معين كالحين والوقت من قولك سرت حينا ووقتا وكذلك اليوم والليلة من قولك صمت يوماً وقمت ليلة وثانيهمَا مختص وهو مَا له حد محصور ونهاية محصُورة كالمختص بأل أو الإضافة أو الصفة وكالأعلام الموضوعة على الأيام وبعض الأزمنة نحو ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ﴾ وجئتك يوم الجمعة وزرتك سحراً طيباً وقدمت عليك يوم الجمعة ولنذكر لك الظروف المتداولة في الجدول الآتي

جدول ظروف الزمان المبهمة والمختَصة
عدد ظروف مبهمة أمثلة ظروف مختصة أمثلة ملحُوظات
١ يوم نحو صمت يوماً اليوم يوم الخميس ويوماً بارداً نحو جئت اليوم ويوم الخميس ويوماً بارداً أى صمت في يوم وجئت في اليوم إلى آخره وقس على ذلك
٢ ليلة نحو قمت ليلة اللية ليلة الجمعة وليلة باردة نحو نمت الليلة وليلة الجمعة وليلة باردة
٣ غدوة نحو جئتك غدوة الغدوة غدوة يوم الخميس وغدوة باردة نحو جئتك الغدوة وغدوة يوم الخسميس وغدوة باردة الغدوة والبكرة يدلان على الزمن الذي بين صلاة الصبح إلى طلوع الشمس فإن استعملا علمين نحو جئتك يوم الخميس غدوة أو بكرة منعا من الصرف أى التنوين وكذلك عشية وهي زمن الثلث الأول من الليل وعتمة وهي وقت صلاة العشاءِ فإذا اسْتعملا علمين على الزمن المعلوم نحو جئتك يوم السبت عشية أو عتمة منعا من الصرف أيضاً
٤ بكرة نحو جئتك بكرة البكرة بكرة يوم الجمعة وبكرة باردة نحو جئتك البكرة بكرة يوم الجمعة وبكرة باردة
٥ عشية نحو جئتك عشية العشية عشية يوم السبت وعشية طيبة نحو جئتك العشية وعشية يوم السبت عشية طيبة
٦ عتمة نحو جئتك عتمة العتمة عتمة يوم الأحد وعتمة طيبة نحو جئتك العَتمة وعتمة يوم الأحد وعتمة طيبة
٧ عشاء نحو ﴿ وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ ﴾ العشاء عشاء يوم الاثنين وعشاء طيباً نحو جئتك العشاء وعشاء يوم الاثنين وعشاء طيباً
٨ صباحا نحو جئتك صباحا الصباح صباح يوم الثلاثاء وصباحا سعيداً نحو جئتك الصباح وصباح يوم الثلاثاء وصباحا سعيداً
٩ مساء نحو جئتك مساء المساء مساء يوم الأربعاء ومساء سعيداً نحو جئتك المساء ومساء يوم الأربعاء ومساء سعيداً
١٠ سحراً نحو جئتك سحراً من الاسحار السحر سحر يوم الخميس وسحراً طيباً نحو جئتك السحر وسحر يوم الخميس وسحراً طيباً السحر آخر الليل فإن تجرد من أل والإضافة مع قصْد التعيين منع من الصرف للعلمية والعدل نحو جئتك سحرا
١١ أبدا نحو لا أجيئك أبد الأبد أبد الآبدين نحو لا أكلمك الأبد أو أبد الآبدين الأبد الزمان المستقبل الذي لا نهاية له فلا يكون في الحقيقة مختصا
١٢ أمدا نحو غاب زيد أمدا الأمد أمد غياب زيد وأمدا طويلاً نحو لا أصحبك الأمد أمد غياب زيد وأمدا طويلاً

وقس على ذلك ما أشبهه مثل حين وزمن وَوَقت وسَاعة

وأمّا القسم الثانى وهو ظرف المكان فهو اسم المكان المنصوب بتقدير في نحو أمام من قولك جلسْت أمامك وعند من قولك جلست عندك ومجلس من قولك جلسُت مجلسَ زيد وهو أيْضاً نوعان أحدهما مبهم وثانيهما مختص فالمبهم ما ليس له أقطار تحيط به ولا حد يحصره كأسماءِ الجهات الست التي هي أمام وخلف وفوق وتحت ويمين وشمال ووجه الإبهام في هذه الجهات أنك إذا قلت جلسْت خلف المسجد مثلا فإنه مبهم يتناوَل ما كان خلف المسجد إلى انقطاع الأرض وهكذا باقى الجهات ومما يشبه أسماء الجهات في الإبهام نحو عند ولدى وهما بمعنى التقريب نحو جلست عندك ولديك أى مكانا قريباً منك ووجه الإبهام فيهما أنهما يتناولان جميع الأمكنة التى حواليك ومما يشبه الجهات الست في الإبهام مَع وهو اسم لموضع الاجتماع لازم للظرفية تقول جلست مع زيد أى جلست في موضع مصَاحبا لموضع زيد ووجه الابهام تعدد المواضع المصاحبة لذلك الموضع ومما يشبه تلك الجهات أيضاً في الإبهام إزاءَ وتلقاء وَحذاء ومعناها واحد تقريباً وهو الجهة المقابلة وهنا وثم تقول جلست هنا أى في هذا المكان القريب وجلست ثم أى في هَذا المـكان البعيد قال تعـالى ﴿ وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا ﴾ وقس على ذلك ما أشبهه كأسماءِ القادير نحو ميل وفرسخ وبريد

وأمّا ظرف المكان المختص فلا يكون منصُوباً قياسياً إلا إذا كان مصدراً ميمياً أريد منه المكان وكان عَامِله من لفظه وكان مضافا نحو جَلسْت مجلس زيد وقعدت مقعد عمرو أى جلست مكان جلوسه وقعدت مكان قعوده فإن كان عامله من غير لفظه تعين جره بفي نحو جلست في مرمى زيد وكذلك إذا لم يكن مضافاً كان مبهما لا مختصا نحو جلست مجلساً أى مكاناً ولا مانع أن يكون لفظ وسَط من قولك جلست وسط دار زيد من الظروف المختصّة لتعيين المكان

وأما اسم المكان المختص الذي له أقطار تحويه كالمسجد والدار والسوق فلا يطرد انتصابه دائماً لأنه لا يطرد تضمنه معنى في الظرفية مع جميع الأفعال بل تارة يحسن انتصابه مع بعض اللازم من الأفعال كأن تقول دخلت المسجد وسكنت الدار وجئت السوق فيكون منصوباً على التشبيه بالمفعول به أى على التوسع بنزع الخافض أو على المفعول به حقيقة وتارة لا يحسُن انتصابه مع بعض الأفعال كقولك صَليت فلا يحسُن أن تقول صليت المسجد بل يجب التصريح بفي فتقول صليت في المسجد وجلست في الدار وقعدت في السّوق فتكون الظرفية المعنوية بذكر في

ثم إن الأسماء التي تنصب على المفعول فيه زمانية أو مكانِيّة منها ما يجوز أن يخرج عن الظرفية فيستعمل مرفوعاً ومنصوباً ومجروراً كأسماءِ الأيام ويسَمى ظرفا متصَرفا كلفظ اليوم والليلة والشهر والسنة وقدام وأمام ونحو ذلك فتقول في الرفع هذا يوم مبارك وهذه ليلة ليلاء وهذا قدامك وهذا أمامك وتقول في النصب احترمت هذا اليوم المبارك نصباً على المفعول به قال تعالى ﴿ إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا ﴾ وتقول في حالة الجر لم أرَ مثل هذا اليوم ولا مثل هذه الليلة ومنها ما لا يستعمل إلا ظرفا ويسمى غير متصَرّف نحِو عند ولدى وقبل وبعد وما أشبه ذلك من قولك خرجنا ذا صَباح وسرْنا ذات ليلة ولقيته ذات مرة فمثل هذه لا تخرج عن الظرفية أصلاً فلا تقول خرجت في ذات مرة ولا في ذى صباحٍ ولا جئت إلى عند زيْدِ وإنما بعض تلك الظروف المتقدمَة يخرج عن الظرفية إلى الجر بمن كعند وقبل وبعد نحو من عند الله ولا لله الأمر من قبل ومن بعد ولنذكر ذلك في هذا الجدول مشتملاً على الأمثلة

جدول ظروف المكان
عدد ظروف أمثلة ملحُوظات
١ أمام قدام جلست أمام المسجد قدام الباب الجهات الست وما في معناها أحق بالظرفية من التصرف فهي في الغالب منصوبة على الظرفية أو مجرورة بحرف الجر على معنى الظرفية أو بمن وقد ترفع على الخبرية مثلاً وتنصب على المفعولية فتقول هذا قدامه وذلك خلفه واستحسن أمامه وخلفه إلا أن هذا الاستعمال قليل.
٢ خلف وراء ﴿ لَّا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ ﴾

﴿ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلً ﴾

٣ فوق أعلى جلسْت فوق البيت جلست أعلى البيت
٤ تحت أسْفل جلست تحت السقف والركب أسفل منكم
٥ يمينا ذات اليمين صليت يمين المنبر

﴿ تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ ﴾

٦ شمالا ذات الشمال جلست شمال زيد

﴿ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ ﴾

٧ عند لدى جلست عندك ولديك بمعنى المكان الحـسّى أو المعنـوى نحو

﴿ وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهًا ﴾ ولدينا كتاب مبين

٨ قبْل بعد جئت قبل زيد وبعده وقبلا وبعدا

وقبل وبعد بالضم بدون تنوين

وقبل وبعد بالنصب بدون تنوين

إذا قطعت عن الإضافة لفظاً ومعنى نوّنتا أو نوى معنى المضاف إليه بنيتا على الضم في محل نصب أو نوى لفظه نصبنا بغير تنوين وإن ذكر المضاف إليه فالأمر ظاهر وهذه الأحوال الأربعة تكون في قبل وبعد إذا جرتا بمن
٩ مع جلست مع زيد أى مصاحبا لموضع زيدء وقد تكون المعية معنوية نحو ﴿ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ ﴾
١٠ تلقاء إزاء حذاء جلست تلقاء زيد وإزاءه حذاءه ألفاظ مترادفة تفيد المقابلة والقرب
١١ هنا ثم جلست هنا جلست ثم ثم بمعنى هنالك للمكان البعيد كما أن هنا للقريب
١٢ ميلا فرسخا بريدا سرت ميلا - سرت فرسخا - سرت بريدا هي ظروف لأسماء القادير
١٣ مجلساً جلست مجلس مجلساً وكذا كل المصَادر الميمية التي بمعنى المكان
١٤ مجلس زيد جلسْت مجلس زيد هذه هي الظروف المكانية المختصة
١٥ وسط دار زيد قعدت وسَط دار زيد

الخامس من المنصوبات الحال

الحال هو الاسْم المنصُوب المفسّر لما انبهَمَ من الهيئات أى الصفات فهو لبيان هيئة الفاعل في حال وقوع الفعل منه أو هيئة المفعُول في حال وقوع الفعل به فلا يفسر إلا ما هو فاعل أو مفعول به في اللفظ أو المعنى وهو ما يقع في جواب كيف

فالذي يفسر هيئة الفاعل في اللفظ نحو جاء زيد راكباً فراكباً بيان لهيئة زيد في حال وقوع المجيء منه وقبل التلفظ براكباً كانت هيئة مجيء زيد مبْهمة لاحتمال أنه جاء راكبا وأنه جاء ماشيا فارتفع بذكره الإبهام

ومن مجيء الحال من الفاعل قوله تعالى ﴿ فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ ﴾ والذي يفسّرُ هيئة المفعُول في اللفظ نحو ركبت الفرس مسرجا فمسرجا حال واقعة من المفعُول به وهو الفرس مفسّرة لهيئته ولولا ذكر لفظ مسرجا لكانت هيئة ركوب الفرس مبهمة لاحتمال كون الفرس مسرجا وغير مسرج فبذكره ارتفع الإبهام ومثله ضربت زيدا مجرداً من ثيابه فقولك مجرداً بيان لهيئة المضروب في حال وقوع الضرب به

ومن ذلك قوله تعالى ﴿ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً ﴾ وقوله تعالى أيضا لو ﴿ كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ﴾ وقد يحتمل الحال أن يكون مفسّرا لهيئة الفاعل أو المفعول نحو لقيت عبدالله رَاكبا وضربت زيدا قائما فتجعَل راكبا حال من أيّهما شئت ما لم تقم قرينة على أنه حال من أحدهما دون غيره

وقد يكون اللفظ حالا من الفاعل والمفعول جميعا نحو لقيت عبدالله راكبين وقد يكون اللفظان حالين من الفاعل والمفعول بالتوزيع كما إذا قلت لقيت زيدا مصعدا منحدرا فتجعل مصعدا حالا من الثاني ومنحدرا حالا من الأول ما لم تكن هناك قرينة يعرف بها صاحب كل منهما نحو لقيت هندا مصعدا منحدرة فهذا كله فيما يبين من الأحوال هيئة الفاعل والمفعول في اللفظ أى ما يكون عامل الحال فيه لفظيا وأمّا ما يبين هيئة الفاعل أو المفعول في المعنى بأن يكون العامل معنويا فنحو قولك زيد في الدار قائما فقائما مبين لمعنى الجار والمجرور وهو الاستقرار والمعنى زيد مستقر أو استقر في الدار قائما ومنه قوله تعالى ﴿ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا ﴾ ونحو هذا زيد منطلقا فقولك هذا هو العامل في قولك منطلقا كأنك تقول أشير إليه منطلقا ومن قوله تعالى ﴿ وَهَٰذَا بَعْلِي شَيْخًا ﴾ وقوله تعالى ﴿ هَٰذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً ﴾ ومن هذا القبيل نحو ما شأنك قائما وَمَالك واقفا وقوله تعالى فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ وقد ينصب الحال بعامل مضمر نحو قولهم للمسافر راشدا مَهْديّا أى سَافر راشداً مَهْدياً وللقادم من الحج مَبْروراً مأجوراً أى قدمت مبرورا مأجورا وقد يقع المصدر حالا نحو قتلته صَبرا يعنى مصبُوراأى محبُوساً وكلمته مشافهة أى مشافها ومنه قوله تعالى ﴿ يَأْتِينَكَ سَعْيًا ﴾ أي ساعيات

وقد يكون الحال جملة اسمية أو فعلية نحو جَاءَنى زيد وهوَ ضاحك وَلقيت عمراً يتبسّم قال تعالى ﴿ أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَىٰ أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ ﴾ ﴿ أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَىٰ أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ ﴾ ﴿ وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ ﴾ فقد وقعت الجملة الأسمية والجملة الفعلية المضارعية حالاً

وكذلك جملة الفعل الماضى تقع حالا بشرط أن تقترن بقد ظاهرة أو مقدرة تقول رأيت زيدا قد ركب فرسه قال تعالى ﴿ وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَقَد دَّخَلُوا بِالْكُفْرِ ﴾ وقال تعالى ﴿ اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ ﴾ أى وقد كانوا

وتنقسم الحال إلى مؤسسَة ومؤكدة فالمؤسّسَة مَعْلومَة والمؤكدة نحو فَتَّبَسَّمَ ضاحكاً وتنقسم بالنظر إلى وصفها إلى منتقلة كجاء زيد راكبا وإلى لازمة أى لا تفارق صَاحبها نحْو دعوت الله سميعاً وخلق الله الزرَافة يَدْيها أطول من رجليها وخلق اليربوع يديه أقصَر من رجليه فأطول وأقصَر حَال لازمة لصاحبها

وحق الحال أن يكون نكرة محْضة أو مختصّة نحو جّاء زيد راكباً وجاء زيد راكب فرس فإذا جاء الحال على صورة المعرّف بأل أو بالإضافة أوّل بالنكرة كقولهم أدخلوا الأول فالأول أى مرتبين وجلس زيد وحده منفرداً

وحق صَاحب الحال أن يكون معْرفة فلا يكون نكرة إلا بمسوغ لمجيء الحال من هذه النكرة كتقدم الحال نحو في الدار جالساً رجل وكالوصف كقوله تعالى ﴿ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أَمْرًا مِّنْ عِندِنَا ﴾ وكالإضافة كقوله تعالى ﴿ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِّلسَّائِلِينَ ﴾ وكتقدم النفي على صَاحب الحال نحو مَا أتانى أحد إلاّ راكبا أو تقدم الاستفهام نحو أحـال رجل راكباً هذا أو تقدم النفي نحو لا يبغ امرؤ على امرىءٍ مسْتسهلاً

وَلما كان الحال مشبـهاً بالمفعول به الذي يأتى بعْد الفاعل لكونه فضـلة لم يجز تقديم الحال على صَاحبها ولا على عامِله وإذا قدمت على صَاحبها أو على عاملها نحو مخلصا زيد دَعَا ودعا مخلصاً زيد كان الحال متقدما في اللفظ متأخرا في النية كما أن المفعول به كذلك

جدول أمثلة الحال المختلفة باختلاف أنواعها
عدد أنواع أمثلة ملحُوظات
١ حال من الفاعل عامله لفظي ﴿ فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ ﴾ فخائفاً حال من الضمير فاعل خرج العائد على موسى عليه السلام
٢ حال من المفعول وعامله لفظي ﴿ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً ﴾
٣ حال محتمل لأن يكون من الفاعل أو المفعول لقيت عبدالله رَاكبا لا يصح أن يكون حالا منهما معا وإلا لقيل راكبين
٤ حال من الفاعل والمفعول جميعا والعامل لفظى لقيت عبدالله راكبين
٥ حال متعددة يرجع الأول للمفعول والثانى للفاعل والعامل لفظى لقيت زيدا مصعدا منحدرا فمصعدا حال من المفعول ومنحدرا حال من الفاعل ومثل هذا التركيب ضعيف وإذا وجدت قرينة كان الحال الأول للفاعل والثانى للمفعول نحو لقيت هند مصعدا منحدرة
٦ حال مضمرة العامل اللفظى والفاعل راشدا مهديا - مبرورا امأجورا المثال الأول يقال للمسافر أي سر راشدا مهديا والمثال الثانى يقال للقادم من حجه أي قدمت مبرورا مأجورا
٧ حال عامله معنوى زيد الدار قائماً العامل ما في الجارو المجرور من معنى الاستقرار ومنه قولهم مالك واقفاً وما شأنك قائماً ﴿ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا ﴾
٨ حال عامله معنوى في قوة ﴿ وَهَٰذَا بَعْلِي شَيْخًا ﴾ أى انظروا بعلي شيخاً واعتبروا ناقة الله حالة كونها آية لكم
أن يكون من المفعول ﴿ هَٰذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً ﴾
٩ وقوع المصدر حالا كلمت زيدا شفاها أي مشافها ومثله فلان قتل صبرا أي مصبورا والمصبور بمعنى المحبوس
١٠ وقوع الحال جملة لقيت عمرا وهو ضاحك

﴿ وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ ﴾

﴿ وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَقَد دَّخَلُوا بِالْكُفْرِ ﴾

يشترط في وقوع الجملة الماضوية حالا أن تقترن بقد ولو تقدير كقوله تعالى ﴿ اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ ﴾ على تقدير قد
١١ حال ملازمة دعوت الله سميعا ومنه خلق الله الزرافة يديها أطول من رجليها
١٢ حال من النكرة لتقدمه عليها لميّةَ موحشا طللُ الأصل في صاحب الحال ان يكون معرفة لأنه في قوة الحكوم عليه ولا يحكم إلا على العرفة ولكنه يأتى نكرة بالمسوغات المذكورة
١٣ حال من النكرة الموصوفة ﴿ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أَمْرًا مِّنْ عِندِنَا ﴾
١٤ حال من النكر ة المضافة ﴿ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِّلسَّائِلِينَ ﴾
١٥ حال من النكرة المسبوقة بالنفي ما اتانى أحد راكبا
١٦ حال من النكرة المسبوقة بالنهي لا يبغ امرؤ على امرىءٍ مسْتسهلا
١٧ حال من النكرة المسبوقة بالاستفهام أحـال رجل راكباً هذا

ومع أن الحال فضلة فقد يسد مسَد العمْدة أى يسد مسَد الخبر مع المبتدأ نحو ضربى العبد مسيئا وأتم تبيينى الحق منوطا بالحِكِم وقد يكون لابدّ منه في الجملة المتمم لها وبدونه يختل المعنى نحو ﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ ﴾ فالحال في هذه الآية زيادة على ما فيها من التأسيس لازمة للمعنى المزاد

السادس من المنصوبات التمييز

وهو الاسم المنصوب المفسّر لما انبهمَ من الذوات فهوَ يرفع الإبهام عما يحتمل وجوها فيبين المقصود

التمييز قسْمَان الأول الفسرُ لذات مقدرة وهو مَا يجيء بعد تمام الكلام كطاب زيد نفساً والثانى مَا يكون مفسّراً لذات مذكورة وهو ما يجيء بعد تمام الاسْم كعشرين غلاما وفائدَته أن التفسير بعد الإبهام أوقع في النفس لأنه تفصيل بعد إجمال لأن الحكيم إذا أراد التعليم لابدّ أن يجمل بعض إجمال تتشوق النفس إلى تفصيله بعد ذلك

فالقسم الأول ويسَمّى بالتمييز المحوّل قد يكون محولاً عن الفاعل نحو تصبب زيد عَرقا وتفقأ بَكر شحما وطابَ محمد نفساً الأصْل تصبب عرق زيد وتفقأ شحْم بكر أي امتلأ وَطابت نفس محمّدٍ فإذا قلت تصبب زيد كأنك قلت تصَبب أمْر من أمور زيد فيحتمل هذا الأمر الذي هو الذات المقدرة المبهمة أن تكون عرقا أو غير عَرق فإذا قلت عَرقا فقد رَفعت الإبهام بالتمييز وقدْ يكون محولا عن المفعول نحو قوله تعالى ﴿ وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا ﴾ أصله وفجرنا عيون الأرض وقد يكون محولا عن المبتد أنحو زيد أكرم منك أبا ومحمد أجمل منك وجهاً ومعناه أبو زيد أكرم من أبيك ووجه محمد أجمل من وجهك وهذا بالنظر للمعنى فهو محوّل عن المبتدأ وأما بالنّظر للتركيب فأصْله أمر من أمور زيد أكرم منك وأمر من أمور محمد أجمل منك فاحْتمل وجوها كثيرة فلما قلنا أبا ووجهاً ارتفع الإبهام عن الذات المقدرة التى هي أمر من أمور زيد والناصبُ للتمييز في هذا القسْم المسْند من فعل أو شبهه


والقسْم الثانى المفسّر لذات مَذكورة ويسَمى بالتمييز الغير المحوّل نحو امتلأ الإناء ماء والغالبُ أن يكون مفسراً لما دل عليه مقدار من معدود أو موزون أو مكيل أو مذروع

فمثال المعدود اشتريت عشرين غلاماً فعشرين هي الذات المبهمة المذكورة فيحتمل أن تكون عشرين غلاماً وغير غلام فبقولك غلاما ارتفع الإبهام عن هذه الذات

ومثال الموزون عندى رطل زيتا ومثال المكيل عندى قفيز برّا ومثال المذروع عندى ذراع خزا ومن هذا القسم تمييزكم الاستفهامية فتنصبه مفرداً نحوكم درهماً عندك

وقد يكون مفسّر الغير ما دل على مقدار نحو عندى خاتم حديدا والأكثر جره بالإضافة والناصب للتمييز في هذا القسم الثانى الاسم المبهم تشبيها له بالمشتق لأن رطلا زيتا أشبه ضاربا زيدا وهكذا الباقى ثم إن هذا القسم الثانى الذي يذكر بعد تمام الاسْم يشترط فيه أن يكون على حالة يمتنع معَها إضافته بأن يكون فيه تنوين نحو رطل زيتا أو نون تثنية نحو منوان سمنا أو نون جمع نحو عشرون درهماً أو يكون مضافا إلى شيءٍ نحو لى ملء الإناءِ عسلا وما في السماء موضع كف سحاباً

ثم إن التمييز سواء كان محوّلا أوغير محوّل يجيء مجموعاً كما يجيء مفردا كقوله تعالى ﴿ وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا ﴾ ﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا ﴾

والتمييز كالحال مشبه بالمفعُول به يعنى أن التمييز يقع في جميع أمثلته موقع المفعول به فقولك امتلأ الإناء ماء كقولك ضرب زيد عمرا وقولك رطل زيتا كضارب زيدا وقولك رطلان سمنا كضاربان زيدا وقولك عشرون درهما كضاربون زيداً وقولك ملء الإناءِ عسلاً بالاضافة كضرب زيدا عمرا بالإضافة أيضاً والأصل في التمييز الجمود وقد يجيء مشتقا نحو لله دره فارسا أي من جهة فروسيته ولا يجوز تقديم التمييز على المميز وما ورد من نحو وما كاد نفسا بالفراق تطيب فغير مقيس ولا يكون التمييز إلا نكرة وجوّز بعضهم تعريفه نحو وطبت النفس يا قيس بن عمرو ولنذكر هنا أنواع التمييز وأمثلتها في هذا الجدول الآتى

جدول أنواع التمييز وأمثلتها
عدد أنواع التمييز أمثلتها ملحُوظات
١ تمييز محول عن الفاعل تصبب الفرس عرقا
٢ تمييز محول عن المفعول ﴿ وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا ﴾
٣ تمييز محول عن المبتدأ زيد أجمل منك وجها
٤ تمييز محول عن المضاف نحو لله دره فارسا ومنه ﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا ﴾
٥ تمييز غير محول امتلأ الإناء ماء تمييز الخمسة المتقدمة تمييز معنى الجملة
٦ تمييز الموزون اشتريت رطلا زيتاً تمييز الستة المذكورة تمييز مفرد وإذا حذف منها تمييز المفرد ونون التثنية أو الجمع جرت بالإضافة والأغلب الإضافة في الأخير منها نتقول عندي خاتم حديد فيكون افصح من قولك عندى خاتم حديدا
٧ تمييز العدد ملكت عشرين غلاما
٨ تمييز المكيل عندى مد قمحا
٩ تميز المذروع ويسمى تمييز المقاس عندى ذراع خزا وفدان أرضا
١٠ تمييز كم الاستفهامية كم درهماً عندك
١١ تمييز غير دال على مقدارهما ذكر عندي خاتم حديداً

السابع من المنصوبات المستثنى الاستثناء

هوالإخراج بإلا أو إحدى أخواتها الشيء من حكم دَخل فيه وغيره نحو جاءني القوم إلا زيداً فقد أخرجت زيدا مِن حكم المجيء ولولا الاستثناء لكان داخلا فيه

وأدوات الاستثناء إحْدى عشرة أداة ولنذكرها بأمثلتها في الجدول الآتى في حالة النصب لما ينصب منها

جدول أدوات الاستثناء وأمثلتها
عدد أدوات حكم موقع مثال ملحُوظات
١ إلا في الكلام الموجب تنصب المستثنى قام القوم إلا زيدا الموجب ما ليس نفيا ولا نهيا ولا استفهاما
إلا منفي مع تقدم المستثنى ينصب المستثنى ما جاءني إلا أخاك أحد ومنه ومالي إلا آل أحمد شيعة
إلا تكرير المستثنى مرتين مع النفي ينصب المستثنى ما أكل أحد إلا الخبز إلا زيدا وجه نصب زيدا أن النفي قد انتقض بإلا فصار الكلام موجبا فكأنه قيل كل الناس أكلوا الخبر إلا زيدا
إلا غير موجب والكلام تام النصب أو البدلية ما جاءنى أحد إلا زيدا وإلا زيد وما رأيت أحدا إلا زيدا نصبا بإلا أو على البدلية وما مررت بأحد إلا زيدا وإلا زيد نصبا بإلا أو جرا على البدلية
إلا استثناء قبل تمام الكلام العمل للفعل لا لإ لا ما جاءني إلا زيد وما رأيت إلا زيدا وما مررت إلا بزيد قال تعالى

﴿ لَّا يَعْلَمُ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ﴾

﴿ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَّسْحُورًا ﴾

﴿ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ﴾

إلا استثناء منقطع النصب مختار ما جاءني إلا حمارا ﴿ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ ﴾ وغير المختار القول بالبدلية ومنه قول الشاعر وكل أخ مفارقه أخوه * لعمر أبيك إلا الفرقدان أى كل أخ غير الفرقدين ومنه حديث «الناس كلهم موتى إلا العالمون ... إلى آخره»
إلا اسم بمعنى يقع صفة لمَا قبله يظهر إعرابه على ما بعده ﴿ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ﴾ أي غير الله
إلا استثشاء مفرغ بعد ما النافية يبطل عمل إلا ما زيد إلا شيء لا يعبأ به لم يجز إلا الرفع لانتقاض عمل إلا
٢ غير في الكلام الموجب يجب النصب على الاستثناء قام القوم غير زيد المستثنى بعد غير دائما مخفوض بالإضافة

غير في الكلام التام المنفي يجوز البدل والنصْب على الاستثناءِ ما قام أحد غير زيد بالرفع على البدلية والنصب على الاستثناءِ الرفع على البدلية هو المختار
غير منفي ناقص بحسب العوامل ما جاءني غير زيد

ما رأيت غير زيد

ما مررت بغير زيد

أدوات الاستشاء الأربع التي هي غير وسوى بكسر السين وسوى بضمها وسواء بفتحها مع المد كلها أسماء
٣ سِوى في الكلام الموجب يجب النصب على الاستثناء قام القوم سوى زيد هي بكسر السين وما بعدها مخفوض بالإضافة دائماً فهو المستثنى حقيقة وحكمها في هذه الأحوال كحكم المستثنى الذي بعد إلا وإنما يقدر الإعراب على آخرها لكونها مقصورة
سوى في الكلام التام المنفي يجوز البدل والنصب على الاستثناء ما قام أحد سوى زيد بالرفع على البدلية والنصب على الاستثناء
سوى منفي ناقص بحسب العوامل ما جاءني سوى زيد

ما رأيت سوى زيد

ما مررت بسوى زيد

٤ سُوَى هي مثل ما قبلها في جميع الأحكام
٥ سَواء هي مثل إلا أنها ممدودة فالإعراب ظاهر عليها
٦ ليس للنفي النصب قام القوم ليس زيداً هاتان الأداتان فعلان من أخوات كان لكن تضمنتا معنى الاستثناء والمستثنى منه البعض المفهوم من الكل وهو اسمها والمستثنى خبرها أي ليس البعض القانم زيدا
٧ لا يكون للنفي النصب قام القوم لا يكون زيداً
٨ خلا إذا تقدمتها ما المصدرية وجب النصب ألا كل شيء ما خلا الله باطل والمعنى تجاوز القيام زيدا كما قيل في ليس ولا يكون فخلا فعل ماض وفاعلها مصدر متصيد وزيدا منصوب على النصب الاستثناء
خلا بدون تقدم عليها النصب مع جواز جر المستثنى قام القوم خلا زيدا خلا زيد وفي حالة الجر هي حرف جر
٩ عدا قام القدم حاشا زيد عدا حكمها حكم خلا سواء بسواء
١٠ حَاشا لا تتقدمها ما الصدرية قد تنصب المستثنى والأكثر جره قام القوم حاشا زيد وزيدا فإذا جرت فهي حرف وإذا نصبت فهي فعل ماض وفاعلها مصدر متصيد
١١ لاسِيَّما هي مركبة من وسي وما الزائدة لا المستثنى بعدها يجر ويرفع لاسيما يوم بدارة جلجل ورد برفع يوم وجره
وبيان ما في هذا الجدول أن المستثنى بإلاّ ينصب في الكلام التام الموجَب وهو ما ليس بنفي ولا نهي ولا استفهام وكذا إذا تقدم المستثنى على المستثنى منه أو انقطع عنه أو تكرر المستثنى نحو ما جاءني القوم إلا زيداً وما جاءني إلا زيداً أحد ومَا جاءني أحد إلاّ حماراً وما أكل أحد إلا الخبز إلا زيداً فيجب النصب في هذه المواقع

وفي غير الموجب التام يجوز النصب والبدل ولكن البدل هو الفصيح وفي الناقص يكون إلاّ لغواً تقول ما جاءني إلا زيد وما رأيت إلا زيداً وما مَررت إلا زيد ومثل ذلك الاستثناء المفرغ نحو ما زيد إلا شيء لا يعْبأ به فلا يجوز إلا الرفع لانتقاض عَمل إلاّ بما النافية

وفي جميع هذه المواقع تكون إلا حرفا وقد تكون اسماً بمعنى غير فتقع موْقع الصفة قبلها ويظهر إعرابها فيَما بَعْدَهَا لمجيئها على صورة الحرف كما في قوله تعالى ﴿ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ﴾ أي غير الله

وحكم غير كحكم الاسم الواقع بَعْد إلاّ فتقول جاءني القوم غير زيد ومَا جاءني غير زيد أحد وما جاءني أحد غير حمار وما جاءني أحد غير زيد بالرفع والنصب وما جاءني غيْر زيد ومارأيت غير زيد وما مررت بغير زيد وما غير زيد إلا شيء لا يعبأ به بالرفع

ومثل غير سِوًى وَسُوًى وسَواء في جميع أحكامها المذكورة وهذه الأدوات الأربعة مضافة إلى المستثنى وهو مخفوض والمستثنى بلا يكون وليسَ وعدا وخلا منصوب أبداً تقول جاءني القوم لا يكون زيداً وليس زيداً فالتقدير ليسَ بعضهم زيدا ولا يكون بعضهم زيداً وأتانى الناس خلا زيدا وعدا زيداً ففاعل خلا وعدا ضمير مستتر يعود على مصدر الفعل المتقدم عليهما أي تجاوز القيام زيداً أو على البعض المفهوم من الاسْم العام أي تجاوز بعض القائم زيدا أي لم يكن من القائمين وبعضهم يجرّ المستثنى بخلا وعدا فيقول جاءني القوم خلا زيد وعدا عمرو فإذا تقدمت ما المصدرية على خلا وعدا فليس فيهما إلا النصب على المفعولية تقول قام القوم ما خلا زيدا وما عدا عمرا قال لبيد

أَلاَ كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلاَ اللَّهَ بَاطِلٌ
وَكُلُّ نَعِيمٍ لاَ مَحَالَة َ زَائِلُ

ولا تسبك ما بعدها بمصدر لأنه جامد لا ينسبك وأما المستثنى بحاشا فيجوز جره بها على أنها حرف جر ونصْبه بها على المفعولية لأنها فعل ماض والفاعل مستتر مثل ما قيل في خلا وعدا تقول هلك الناس حاشا زيد وزيدا ويقل دخول ماعلى حاشا ومنه قوله

رَأَيْتُ النَّاسَ ما حاشَا قريشاً
فَإِنَّا نَحْنُ أَفْضَلُهُمْ فَعَالاَ

والمستثنى بلاسيما يجوز فيه الجرّ والرفع نحو لاسيّما زيد ولاسيما زيد قال امرؤ القيس ( ولاسيما يوم بدارة جلجل )

يروى مجروراً ومرفوعاً فالجر عَلى إضافة سيّ إليه وزيادة مَا والرفع على أنه خبر صدرالصلة المحذوف أي لا مثل اليوم الذي هو يوم دارة جلجل

فهذا حاصل الكلام على أدوات الاستثناء الإحدى عشر

الثامن المنصوبات اسم لا النافية للجنس

ولو أن هذا القسم الثامن معدود من أخوات إن إلا أنه مخصوص بأحكام انفرد بها

وتفصيل القول على لا النافية أن حقها أن لا تعمل في الأسماءِ لعدم اختصاصها بها إلا أنها خرجت عن هذا الأصل فعملت في النكرات عمل ليس تارة وعمل إن تارة أخرى

والقاعدة في عمل لا أنه إذا لمْ يقصد بالنكرة بعدها استغراق الجنس صح فيها أن تحمل على ليس في العمل بأن ترفع الاسم وتنصب الخبر لأنها مثلها في المعنى وإذا قصد بالنكرة بعدها استغراق الجنس صح فيهاأن تحمل على إن في العمل ويكون استغراق الجنس وعدمه في لا بحسب استغراق الذي وقعت جوابا له

فمن سَأل بمن فقال هل من رجل في الدار فقد سأل بمن المستغرقة للجنس فتجيبه بلا النافية للجنس فتقول لا رجل في الدار أي لا أحد من جنس الرجال في الدارِ فبهذا صار الجواب مطابقا للسّؤال ولهذا بنى اسمها معَها لتضمنه معني من الجنسية وتركيبه مع لا تركيب خمسة عشر التي بنيت لتضمنها واو العطف ويقال في توكيده أصلا أو من الرجال أو نحو ذلك ومن سأل بغير من فقال هل رجل في الدار صح أن تجيبه بلا التي لا يسْتغرق بها الجنس وهي أخت ليس فتقول لا رجل في الدار برفع رجل ولهذا صح أن يقال في توكيده لا رجل في الدار بل رجلان أو رجال لأنها ليست لاستغراق الجنس بل لنفي الوحدة

ويجوز في العاملة عمل ليس أن تكون أيضا لنفي الجنس وتعمل عمل ليس نحو ( تعزَّ فلا شيءٌ علىٰ الأرضِ باقيَا ) فإن لا هنا ليست نصا في نفي الوحدة

وتسمى لا التي لنفي الجنس لا التبرئة لأنها برأت ونزهَت الاسْمَ الداخلة عليه من اندراجه في الخبر فإذا قلت لا رجل في الدار فقد نزهْت جنس الرجال وجميع أفرادهم عن الاستقرار في الدار

ثم إن اسم لا له ثلاث حالات الحالة الأولى أن يكون مفردا أي غير مضاف ولا شبيها بالمضاف وحكمه حينئذ أن يبني على ما ينصب به لو كان معربا نحو لا رجل خير منك ونحو ﴿ ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ﴾ ﴿ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ ﴾ ولا إله غير الله وهو دائماً نكرة وشرط بنائه على الفتح أن لا يتكرر وإلا جاز رفعُه نحو قوله تعالى ﴿ لَّا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ ﴾ وشرط بنائه أيضاً على الفتح أن يباشر لا فإن فصَل بينهما فاصل نحو لا في الدار رجل ولا امرأة وجب الرفع على الابتداء والخبر وبطل عمَل لا لضعفه بالفصل ووجب تكرار لا كما في المثال لأنه مبنى في الحقيقة على سؤال سائل كأنه سأل أفي الدار رجل أم امرأة فوجب التكرار في الجواب ليكون طبق السؤال

الحالة الثانية أن يكون اسم لا نكرة مضافاً إلى نكرة نحو لا طالب علم محروم ولا حليف صدق مذموم فينصب الاسم

الحالة الثالثة أن يكون اسم لا نكرة شبيها بالمضاف وهُو ما اتصل به شيء من تمام معناه نحو لا حافظا للقرآن ممقوت ولا عشرين درهما عند زيد فينصب أيضاً كحالة الإضافة السابقة فأحوال اسم لا ثلاثة بحسَب إفراد اسمها وعدم إفراده وهي حالة بناء في الإفراد وحالتا إعراب في حالة غير الإفراد ما إذا كان مضافا أو شبيها بالمضاف فإذا اتبعت اسمها في الحالتين الأخيرتين بوصف أو معطوف نصب الوصف أو المعطوف فتقول لا طالب علم متخلقاً بأخلاق العلماء محروم وكذلك لا طالب علم وراغباً في صلاح ملوم مثله لا حافظاً للقرآن تالياً له ممقوت ولا طالعا جبلا ومعتقلا رمحا جبان ففي هذه الأمثلة تكون الصفات والمعطوفات منصوبة كاسم لا

وأما إذا وصفت اسم لا المُفرد بصفة واحدة كظريف مثلاً وكانت مفردة أيضاً جاز في تلك الصفة ثلاثة أوجه

أحدهما أن تفتح الصفة كالاسم فتقول لا رجل ظريف في الدار فتكون حركة الفتح في ظريف حركة اتباع

ثانيها أن ينصب حملا على محل الاسم إذ محله نصب فتقول لا رجل ظريفا في الدار

ثالثها أن يرفع حملا على محل لا مع اسمها إذ المحل للابتداءِ فتقول لا رجل ظريف في الدار برفع ظريف فإذا تكررت الصّفة لم يجز في الثانية إلا النصب والرفع فتقول لا رجل ظريف كريماً أو كريم في الدار وكذلك إذا توحدت الصفة وفصل بين الاسم وبينها بفاصل لم يجز في الصفة إلا النصْب والرفع ولا يجوز البناء على الفتح فيها تقول لا رجل في الدار ظريفاً أو ظريف وإذا عطفت على اسم لا جاز العطف على محل الاسم فينصَبُ أو على محل لا مع اسمها وهو الرفع فيرفع ولا يجوز بناؤه كما في قوله

فلا أَبَ وابناً مِثلُ مَروانَ وابنِهِ
إِذاهُوَ بِالمَجدِ ارتدَى وَتَأَزّرا

فقد نصبه حملا على محل الاسم وكما في قول الآخر

هذا لعمركم الصغار بعينه
لا أم لي إن كان ذاك ولا أب

فقد رفع أب بنيّة عطفه على محل لا مع اسمها

ثم إن خبر لا يجوز حَذفه لدليل كقولهم لا بأس أي عليك وكقوله تعالى ﴿ قَالُوا لَا ضَيْرَ ﴾ ومنه حديث « لا صلاة إلا بفاتحة » الكتاب التقدير كاملة ومنه أيضاً لا إله إلا الله أي لا إله في الوجود إلا الله ومنه لا حول ولا قوة إلا بالله فإن خبر لا فيهما محذوف تقديره لمخلوق وقد جوزوا في مثل هذا تركيب خمسة أوجه أحدها بناؤهما على الفتح على أن كلا منهما اسم لا ونكرة مفردة وبنى لتركيبه مع لا تركيب خمسة عشر لتضمنه معنى من الجنسية كما تضمنت خمسة عشر واو العطف وهو في محل نصب فالكلام على هذا جملتان ثانيها بناء الأول على الفتح ونصب الثانى على أنه معطوف على محل اسم لا فيكون منونا ثالثها بناء الأول على الفتح ورفع الثانى على أنه معطوف على محل لا مع اسمها فإن محلها رفع بالابتداء فالكلام على هذا ومَا قبله جملة واحدة ويجوز في هذا الوجه الثالث وهو رفع الثانى جعْل لا الثانية عاملة عمل ليس أي ترفع الاسم وتنصب الخبر فعَلى هذا يكون الكلام جملتين رابعها رفع الأول والثانى فرفع الأول على وجهين إما على الابتداءِ ولا ملغاة أو على إعمالها عمل ليس وَرفع الثانى على وجهين أيضاً إمّا على إعمال لا عمل ليس فعَلى هذا يكون الكلام جملتين أو عطفه على الأول وتكون لا زائدة للتأكيد وعلى هذا يكون الكلام جمْلة واحدة خامسها رفُع الأول وبناء الثانى على الفتح فرفع الأول على الوجهين المتقدمين وفتح الثانى على إعمال لا الثانية عمل إنّ وبقى من القسمة وجه سَادس ممتنع وهو نصب الثانى إذا رفع الأول إذ لا وجه له ولنذكر هنا جدولا لبيان مواقع اسم لا وما يتعلق بها من الأمثلة والملحُوظات

جدول أحكام عمل لا التي لنفي الجنس مع الأمثلة والملحوظات
عدد مثال نوع الإسم حكم ملحُوظات
١ لا رجل في الدار

لا رجال في الدار

مفردان يبنى كل منهما الفتح في محل نصب فقد بني كل منهما على ما ينصب به لو كان معربا وما بنى على غير الفتح مما سيأتى فبالنيابة عن على الفتح
٢ لا رجلين ولا مؤمنين في الدار مفردان كل منهما يبنى على الياء في محل نصب لأن المثنى وجمع المذكر السالم ينصبان بالياء ومنه (تعز فلا إلفين بالعيش متعا)
٣ لا مسلمات متبرجات مفرد مبنى على الكسر في محل نصب لأن جمع المؤنث السالم ينصب بالكسرة ومنه (ولا لذات للشيب) وبناؤها على الفتح جائز أيضاً
٤ لا غلام سفر حاضر ولا غلمان سفر حاضرون مضاف كل منهما منصوب بالفتحة إنما أعرب المضاف لأن لإضافة أضعفت جانب الياء ومنه (قضية ولا أبا حسن لها)
٥ لا شاهدى زور ناجيان مضاف منصوب بالياء لأنه مثنى
٦ لا شاهدى زور ناجون مضاف منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم
٧ لا طالبات طلاق في راحة مضاف منصوب بالكسرة لأنه جمع مؤنث سالم
٨ لا طالعا جبلا حاضر شبيه بالمضاف منصوب بالفتحة هو ما تعلق به شيء من تمام معناه
٩ لا مانع لما أعطيت ولا معطى لما منعت ولا رادّ لما قضيت شبيها بالمضاف مثل لا مارا بزيد منصوب بدون تنوين إجراء له مجرى المضاف قصدا للتخفيف هو حديث سمع هكذا وجعل بعضهم الجار والمجرور متعلق بخبر لا والتقدير لا مانع يمنع لما أعطيت فيكون من قبيل المفرد مبنياً على الفتح
١٠ لا طالعين جبلا ولا طالعين جبلا عندنا شبيه بالمضاف منصوب كل منهما بالياء الأول مثنى والثانى مجموع وكل منهما عامل النصب في جبلا على المفعولية
١١ لا متبرجات بزينة عندنا شبيه بالمضاف منصوب بالكسرة لأنه جمع مؤنث سالم وإنما أشبه بالمضاف لتعلق الجار والمجرور به وهو من تمام معناه

فمبْنى هذا الباب على معرفة أن المفرد فيه كما في باب المنادى ما ليس مضافا ولا شبيها بالمضاف وأنه يبنى على ما ينصب به وأن المضاف والشبيه بالمضاف ينصبان بما ذكر في باب الإعراب وقد يكون البناء على الفتح مقدرا نحو لا فتى إلا على فإن فتى مبنى على فتح مقدر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين منع من ظهورها التعذر وكذلك إذا قلت لا سيبويه عندنا فهو مبنى على فتح مقدر منع من ظهوره حركة البناء الأصلى في محل نصْب

التاسع من المنصوبات المنادى

المنادى هو المطلوب إقباله بحرف نائب مناب أدعو لفظا نحو يا رجل أقبل ويا جبال أوّبى ويا رسول الله ويا حسرة على العباد أو تقديرا نحو يوسف أعرض عن هذا تقديره يا يوسف

وحروف النداءِ خمسَة يا لنداءِ القريب والبعيد والمتوسط وأيا وهيا لنداءِ البعيد وأى لنداء القريب والهَمْزة لنداء الأقرب وأنوع المنادى خمسة أحدها المفرد المعرف بالعلمية وهو ما ليس مضافا ولا شبيها بالمضاف ثانيها النكرة المقصودة وهي الاسم المفرد النكرة المعرف بالنداء نحو يا رجل إذا قصَدت رجلا بعينه ثالثها النكرة غير المقصودة وهي الاسم المفرد النكرة غير المعينة نحو يا رجلا خذ بيدى لمن لم يقصد رجلا معينا رابعها المضاف نحو يا عبد الله ويا رسول الله ويا نساء النبى خامسها الشبيه بالمضاف نحو يا راحماً عَبْده ويا لطيفا بالعباد ويا ثلاثة وثلاثين اسم رجل

فأما النوع الأول وهو المفرد المعرف بالعلمية أي الذي ليس مضافاً ولا شبيهاً به فإنه يبني على ما يرفع به لو كان معربا نحو يا زيد ويا زيود ويا زيدان ويا زيدون ويا هند ويا هنود ويا هندات ويا هندان فكل من هذه مبنى على الضم أو الألف أو الواو في محل نصب وإذا قلت يا موسى ويا قاضى ويا سيبويه كانت هذه الثلاثة مبنية على ضم مقدر على آخرها في محل نصب أيضاً ومثله يا هذا ويا هؤلاءِ

وإنما بنى المنادى المفرد العلم لأنه بمنزلة كاف الخطاب من أدعوك ثم لا ينون إلا للضرورة نحو

سَلامُ اللَهِ يا مَطَرٌ عَلَيها
وَلَيسَ عَلَيكَ يا مَطَرُ السَلامُ

فتنوينه لضرورة الشعر فلا يقاس عليه

ثم إن المفرد العلم المنادى المبنى على الضم إذا وصف بصفة تَارة تكون مفردة مثله وتارة تكون مضافة فإن كانت مفردة جاز فيها وجهان أن تضم ضمة اتباع حملا على لفظ المنادى وأن تنصب حملا على الموضع فتقول يا زيد الظريف بالضم وَيا زيد الظريف بالنصب وإن كانت الصفة مضافة لم يجز فيها إلا النصب نحو يا زيد ذا المال

وكذلك إذا عطف على المفرد العلم المبنى على الضم اسم فإن كان مفردا جاز في المعطوف الضم والنصب تقول يا زيد والحارث بالضم وَيا زيْد والحارث بالنصب قال الله تعالى ﴿ يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ ﴾ بالضم والنصب وإن كان المعطوف مضافاً كان حكمه حكم الصفة فلا يجوز إلا النصب نحو يا زيد ويا عبدالله ويا عمرو وغلامه وإذا كان المعطوف على المنادى من الأعلام فحكمه حكم المنادى نحو يا زيد وعمرو بالضم ويجوز في تأكيد المنادى العلم إذا كان مفردا مراعاة اللفظ ومراعاة المحل نحو يا تميم أجمعون وأجمعين فأجمعون مبنى على الواو تبعا لضم تميم وأجمعين منصوب بالياءِ نظرا لمحلّها فإذا كان التأكيد مضافاً نحو يا تميم كلكم لم يجز فيه إلا النصب وعطف البيان إذا كان مفردا يجوز الضم والنصب نحو يا غلام ويا غلام بشرا فإن كان مضافا لم يجز إلا النصب نحو يا عمر أبا حفص وأما البدل إذا كان مفردا فلا يجوز فيه إلا الضم نحو يا زيد زيد فحكمه حكم المنادى وكذلك إذا كان مضافا لم يجز فيه إلا النصب نحو يا زيد أخا عمر ولأنه على نية تكرارا العامل

وأما النوع الثانى فهو النكرة المقصودة بالنداءِ الجارية مجرى العلم في إفادة التعيين فلهذا تبنى مثل المفرد العلم على الضم من غير تنوين وتكون معَرفة بالنداءِ أي بالإقبال عليها وتخصيصها بالنداءِ فهي بمنزلة ما لو قلت الرجل بلام التعْريف قاصدا واحدا بعينه من جنس الرجال ولهذا امتنع قولهم يا الرجل لأن فيه اجتماع تعريفين على معرف واحدا وإذا أريد ذلك قيل يا أيها الرجل فأىّ هو المنادى وهو مفرد معرفة كزيد وعمرو إلا أنه مبهم لا بدّ له من صفة حتى يكون له معنى فالرجل صفته وها التنبيه مقحَمة بينهما لإفادة التنبيه ومثل يَا أيها الرجل يا أيتها المرأة قال تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ ﴾ ﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ﴾ فلا تدخل حروف النداءِ على ما فيه الألف واللام إلا في لفظ الله فقط فيقال يا ألله بقطع الهمزة وهو من قبيل المفرد العلم وقد تعوض الميم عن حرف النداء فيقال اللهم أي يا الله

وأما النوع الثالث وهو النكرة غير المقصودة نحو قول الأعمى يا رجلا خذ بيدى وقول الواعظ يا غافلا والموت يطلبه فإنه ينصب بالفتحة أو بما ينوب عنها نحو يا مسلمين أغيثونى إذا لم تقصد جماعة من المسلمين بعينهم

وأما النوع الرابع وهو المضاف فإنه ينصب بالفتحة أو ما ينوب عنها نحو يا عبدالله و ﴿ يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ ﴾ ويا صَادِقِي الوعد

وأما النوع الخامس وهو الشبيه بالمضاف فإنه ينصب أيضاً بالفتحة أو ما ينوب عنها نحو يا حَسنا وجهُه ويا طالعا جبلا ويا طالعين جَبلا ويَا رفيقا بالعباد ويلحق به النكرة الموصوفة نحو يا عظيما يرجى لكل عظيم ومن جعل جملة يرجى لكل عظيم حالية من ضمير المنادى وهو عظيما جعل هذا المنادى من قبيل الشبيه بالمضاف

ويجوز حذف حرف النداء إذا كان المنادى علما قال تعالى ﴿ يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَٰذَا ﴾ أو مضافا نحو ﴿ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ﴾ وكذلك في أى وأية نحو يا أيها الرجل وأيتها المرأة قال تعالى ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ وقد التزم حذف حرف النداء في اللهم لأن الميم عوض عنه ولا يجمع بين العوض والمعّوض

وقد يحذف المنادى فيقال يا بؤس لزيد والأصل يا قوم بؤس لزيد ومنه ألا يا اسجدوا في قراءة من قرأ بالتخفيف أى ألا يا قوم اسجدوا

قال الشاعر

يا لَعْنَةُ اللهِ والأقْوامِ كُلِّهِمِ
والصالِحِينَ على سَمْعانَ

فلعنة بالرفع مبتدأ ومدخول يا محذوف تقديره يا قوم أو نحوه ولا بأس بذكر جدول يشتمل على أمثلة أنواع المنادى الخمسَة

جدول أنواع المنادى الخمسة وأحوالها وأمثلتها
عدد أنواع حكم أمثلة ملحُوظات
١ مفرد معرفة ينبى على ما يرفع به لوكان معربا يا زيد يا موسى

يا قاضى يا سيبويه

يا هذا يا الله

لا فرق بين أن يكون البناء على الضم ظاهرا أو مقدرا فالمنادى في محل نصب
اللهم يا زيدان

يا زيدون يا هندات

يوسف أعرض عن هذا

يا ليت قومى يعلمون

اللهم منادى مبنى على الضم في محل نصب والميم عوض عن ياء النداء

يوسف منادى مبنى على الضم في محل نصب حذف منه ياء النداء

المنادى محذوف تقدير يا هؤلاء وبعضهم جعل يا حرف تنبيه لا حرف نداء

٢ نكرة مقصودة يبنى على ما يرفع به لو كان معربا يا رجل يا رجال

يا مسلمات يا رجلان

يا امرأة يا أيها الرجل

يا أيتها المرأة يا أيهذا

يتوصل بنداء أى مبهمة لنداء المعرف بالألف واللام فيعرب المعرف نعتا لأى أو بدلا أو عطف بيان وضمه ضم اتباع ومنه قول الواعظ يا غافلا والموت يطلبه ومثله يا غافلين والموت لا يغفل عنهم
٣ نكرة غير مقصودة منصوبة بالفتحة أو ما ينوب عنها يارجلا خذ بيدى

يا رجالا خذوا بيدى

يا مسلمين أغيثونى

٤ المضاف ينصب بالفتحة أو ما ينوب عنها يا عبدالله يا عبادى يا صاحبى السجن يا صادقى الوعد المضاف إلى ياء المتكلم قد تحذف ياؤه تخفيفاً نحو يا رب كما تحذف منه ياء النداء أيضاً فيقال رب
٥ الشبيه بالمضاف ينصب بالفتحة أو ما ينوب عنها يا حسنا وجهه

يا طالعا جبلا

يا رفيقا بالعباد

يا ضاربين زيدا

يا طالعين جبلا

يا ضاربين زيدا مثال للمثنى ويا طالعين جبلا مثال للجمع وكل منهما نصب مفعولا يتم به معناه

العاشر والحادى عشر من المنصُوبات خبر كان وأخواتها وما الحق بَها واسم إن وأخواتها

قد تقدم ذكرهما تفصيلاً في المرفوعات بما فيه الكفاية وكمال الإفادة فلا حاجة إلى التكرار والإعادة

الثانى عشر مِن المنصُوبات المفعول من أجله ويسمى المفعُول له

المفعول من أجله هو الاسم المنصوب الذي يذكر بيانا لعلة وقوع الفعل فهُو الغرض الذي لأجله يكون الإقدام على الفعل نحو قولك ضربت ابني تأديبا له وفعلت ذلك مخافة الشر ونحو قوله تعالى ﴿ يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ ﴾ وقوله ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ ﴾ وقول الشاعر قال الشاعر

وأَغْفِرُ عَوراءَ الكَرِيمِ ادّخارَهُ
وأُعْرِضُ عن شَتْمِ اللئيمِ تَكَرُّمَا

فكل من قوله ادخاره وتكرما مفعول لأجله وضابطه أنه يصح وقوعه في جواب لِمَ

ويشترط لنصب المفعول لأجله ثلاثة شروط الأول أن يكون مصْدرا من غير جنس العامل فيه الثانى أن يكون فعلا للفاعل الذي علل فعلَه الثالث أن يكون مقارنا لفعله في الوجود فقولك ضربت ابني تأديباً استوفى هذه الشروط لأن تأديباً اسم وقع بيانا لسبب وقوع الضرب وهو مصْدر من غير جنس العامل إذ التأديب ليس من جنس الضرب وقد اتحد أيضاً بالفاعل فإن فاعل الضرب هو فاعل التأديب فإذا فقد شرْط من هذه الشروط وجَبَ الجر بالحرف الدال على التعليل وهو اللام أو ما يقوم مقامها وهو من وفي

مثال ما فقد فيه الشرط الأول جئتك للسمن واللبن فقد جر باللام لأن السّمن ليس بمصْدر ومثال ماإذا لم يكن فعلاً للفاعل الذي علل فعله قولك جنتك لإكرامك إياى وجئتك لإكرامك الزائر لأن الإكرام ليسَ بفعْلك ومثله قولك أحسنت إليك لإحسانك لي لاختلاف الفاعل لأن فاعل الإحسان الثاني غير الأول ومثال فقد الشرط الثالث جئت اليوم لإكرامك لي غدا وخرجت اليوم لمخاصمتى زيداً أمس لأن الاكرام لم يقارن المجيء في الوجود وكذلك المخاصمة لم تقارن الخروج في الوجود ففي جميع هذه الأحوال لا يجوز نصْبه وزاد بعضهم شرطا رابعاً وهو أن يكون المصدر قلبيا فلا يجوز جئتك قراءة للعلم ولا قتلا للكافر بل لقراءة العلم وقتل الكافر

ولكن مع استيفاءِ جميع الشروط المذكورة يجوز جر المفعول لأجله وإنما إذا كان مجرداً من أل والإضافة فالأكثر نصْبه فقمت إجلالا لك أكثر من قمت لإجلال لك وإن كان مصاحباً للألف واللام فالأكثر جره فقمت للإجلال لك أكثر من قمت الإجلال لك ومنه قوله

لاَ أَقْعُدُ الْجُبْنَ عَنِ الْهَيْجَاءِ
ولَوْ تَوالَتْ زُمَرُ الأَعْدَاءِ

وإن كان مضافا استوى فيه الأمران فتقول قصَدتك ابتغاء معروفك وقصَدتك لابتغاءِ معروفك فالنصْب والجر بالحرف على حد سواء فمن النصب قوله تعالى ﴿ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ ﴾ ومن الجر قوله تعالى ﴿ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ﴾ ولنذكر هنا جدولا يتعلق بأحوال المفعول لأجله وبيان مواقع أرجحيّة النصب أو الخفض بالحروف الدالة على العلة

جدول مواقع المفعول لأجله وأحوال جواز النصب والخفض وتعين الخفض بحرف العلة
عدد نوع الفعول لاجله أمثلة النصب أمثلة الخفض ملحُوظات
١ مجرد من أل والإضافة قمت إجلالا للأمير من أمكم لرغبة فيكم جواز الخفض بقلة والأكثر النصب
٢ مقترن بأل ضربت ابني التأديب ضربت ابني للتأديب الخفض أكثر وجواز النصب على قلة
٣ مضاف قصدتك ابتغاء معروفك قصدتك لابتغاءِ معروفك يستوي الخفض والنصب
٤ فاقد المصدرية ﴿ وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ ﴾ يجب الخفض ويمتنع النصب ومنه حديث «دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ في هِرَّةٍ»
٥ فاقد القلبية ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ ﴾ الإملاق وهو الفقر علة للقتل لكنه مصدر غير قلبي ولذلك نصب في قوله تعالى ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ ﴾
٦ فاقد الاتحاد في الفاعل وإنى لتعرونى لذكراك هزة أي ينزل بي لتذكري إياك نشاط فاعل العر وهو الهزة وفاعل الذكري هو المتكلم والذكري علة لعرو الهزة
٧ فاقد الاتحاد في الزمان فجئت وقد نضت لنوم ثيابها أي خلعت ثيابها لأجل النوم الذي هو علة للخلع فتعين الخفض
٨ متحد في الفاعل بالتأويل أو بالتقدير ﴿ هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا ﴾ للخوف والطمع

( في غير القرآن )

يؤول الخسوف والطمع فالإضافة والإطمّاع أو يقدر مضاف أي إرادة الخوف والطمع فيصح النصْب

فقد اشتمل هذا الجدول على المفعول لأجله المسْتوفي للشروط وغير المستوفي لها وعلم منه أن المستوفي لها لا يجب نصبه بل قد يخفض بأحد حروف التعليل الأربعة وهي اللام والباء وفي ومن وأن غير المستوفي في يجب خفضه بأحد تلك الحروف وأن ما ورد منصوبا مما يوهم عدم الاستيفاءِ يسْلك به سبيل التأويل والتقدير كآية ﴿ هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا ﴾ فإن فاعل إراءة البرق هو الله سبحانه وتعالى والخوف والطمع من صفات المخلوقين القائمة بهم فاختلف المفعول لأجله مع عامله في الفاعل فيؤولُ الخوف والطمع بالإخافة والإطماع وهما صادران من الله تعالى أو أن الكلام على تقدير مضاف أي يريكم البرق إرادة الخوف والطمع والإرادة من صفات الله تعالى فبهذا التقدير أو التأويل يتجه الاتحاد في الفاعل

الثالث عشر من المنصوبات المفعول معه

وهو الاسم الفضلة الواقع بعد واو المعيّة المسبوقة بفعل ظاهر نحو سرت والنيل أو مقدر نحو كيف أنت وزيدا أي كيف تصنع أنت وزيدا أو المسبوقة باسم فيه معنى الفعل وحروفه نحوأنا سَائر والنيل وأنا ماش والطريق والأصح أن الناصب للمفعول معَه الفعل أو الاسم الذي فيه معنى الفعل لكن بواسطة الواو لأنه قاصر وليسَت الواو ناصبة وإنما هي أشبه بأداة التعدية وينقسم المفعول معه إلى قسْمين قسم لا يمتنع معه العطف لكن يعرض عن العطف لقصد النص على المعية فينصب على أنه مفعول معه نحو قولك جاء الأمير والجيش أي جاء الأمير مع الجيش فهوَ بالنصب لقصد المعية فلا يمتنع العطف فيه بل يجوز أن يقال جاء الأمير والجيش بالرفع عطفا على الأمير فيكون المعنى جاء الأمير وجاء الجيش بدون تعرض للمعية وعدمها وقسم يمتنع فيه العطف نحو استوى الماء والخشبة فيمتنع أن ترفعه ليكون معطوفا على الماء لأن الخشبة لا تستوي وإنما يستوي الماءأن يصل إليها بعد أن كان منخفضا فارتفع والخشبة مازالت بحالتها فمن هذا يفهم أن معنى كونه مفعولا معه أنه صاحب الفاعل عند الفعل سواء ثبت له الفعل أيضاً أولا فحينئذ يحسن العطف كجاء الأمير والجيش أو ثبت الفعل للفاعل فقط نحو سرت والنيل واستوي الماء والخشبة ومنه قوله تعالى ﴿ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ﴾ ومنه قولهم ما شأنك وزيدا أي ما كان شأنك مع زيد ومالك وعمراً والمعنى ما تصنع معه ومنه حسبك وزيد درهم أي يكفيك معه درهم

فمدار المفعول معه على أن يكون الكلام قد تضمن فعلا أو ما فيه معنى الفعل وحروفه ظاهراً ذلك أو مقدرا مع دلالة الواو على المصاحبة له في الزمن فليس منه كل رجل وضيعته أي صنعته بل ضيعته بالرفع عطفا على كل الذي هو مبتدأ والخبر محذوف أي مقترنان لأن كل لم يتضمن معْنى الفعل ولا يصح أن يكون منه أيضاً هذا لك وأباك بنصب أبا بل يجر فيقال هذا لك ولأبيك أي هذا لك مع أبيك عطفاً على الكاف في لك لأنه وإن تقدم عليه اسم فيه معنى الفعل لكن ليس فيه حروف ذلك الفعل إلا أن يلاحظ متعلق الجار والمجرور وهو اسْتقر فيكون من باب المفعول لأجله كما ارتضاه بعضهم

الرابع عشر من المنصوبات التابع للمنصوبات

وهو أربعة النعت والعطف والتوكيد والبدل ويعدها بعضهم خمسة بالنظر لتقسيم العطف إلى عطف بيان وعطف نسق ومع أنه قد سبق ذكر التوابع في المرفوعات مفصلة فلا بأس بذكر شيء هنا مما لا يخلو عن فائدة

وذلك أن النعت يسمى وصفا وصفة وهو الاسم الدال على بعض أحوال الذات سواء كان دالاً على فعل من أفعال الذات كالقائم والقاعد من قولك رأيت زيداً القائم أو القاعد أو على حلية في الذات كالطويل والأسود أو على غزيرة كالكريم والعاقل أو على نسبة كالهاشمى والبصرى

وأما الوصف بأسماء الأجناس كالمال والذهب فلا يتأتى إلا بوسيلة ذو ونحوه فتقول جاءني رجل ذو مال ورأيت رجلا ذا مال ومررت برجل ذى مال وجاءتني امرأة ذات جمال ورأيت امرأة ذات جمال ومررت بامرأة ذات جمال

وكل من ذو وذات يثنى ويجمع فيقال جاءني رجلان ذوا مال ورأيت رجلين ذوَيْ مال ومررت برجلين ذوي مال وجاءني رجال ذوو مال ورأيت رجالا ذوي مال ومررت برجال ذوي مال وجاءتني امرأة ذاتُ مال ورأيت امرأة ذات مال ومررت بامرأة ذات مال وجاءني امرأتان ذواتا مال ورأيت امرأتين ذواتى مال ومررت بامرأتين ذواتى مال وجاءني نسوة ذواتُ مال ورأيت نسْوة ذوات مال ومررت بنسوة ذوات مال بالكسر في النصب والجر لكونه ملحقا بجمع المؤنث السالم هذا ما يتعلق بالنعت

وأما عطف النسق فهو المسَمّى العطف بالحرف فقد سبق بيان حروف العطف وأن منها حتى التي بمعنى الغاية نحو ضرب القوم حتى زيدا ويشترط أن يكون ما بعدها مما يصح دخوله فيما قبلها فلا يقال رأيت القوم حتى حمارا كما لا يقال رأيت الحمير حتى أحد القوم لأن الحمار ليس من القوم

وأما التوكيد فهو قسمان أحدهما لفظى ولا يختص بالاسم بل يكون بتكرير اللفظ اسم اكان أو فعلا أو حرفا نحو جاءني زيد زيد وجاء جاء زيد ولا لا ونعم نعم وثانيهما معنوي ويختص بالمعرفة نحو رأيت زيدا نفسه ورأيت الرجلين كليهما والمرأتين كلتيهما ورأيت القوم كلهم أجمعين

وأما البدل فقد تقدم أنه ينقسم إلى بدل كل من كل نحو رأيت زيدا أخاك وبدل بعض من كل نحو ضربت زيدا رأسه وبدل اشتمال نحو سَلبت زيدا ثوبَه وبدل غلط نحو ركبت زيدا الفرس

وأما عطف البيان الذي هو القسم الثاني من العطف فهو ما يجْري مجري التفسير نحو رأيت أبا عبدالله زيدا أو زيدا أبا عبدالله ومدحت أبا حفص عمر ومدحت عمر أبا حفص إذا كان الثاني أشهر من الأول وقد يكون عطف البيان بأي التفسيرية نحو اشتريت برا أي قمحاً

ثم إذا اجتمعت التوابع يقدم النعت ثم عطف البيان ثم التأكيد ثم البدل ثم عطف النسَق فتقول جاء عَلى العاقل أخوك نفسه أبو الحسَن وخالد ورأيت عليا العاقل إلى آخره ومررت بعلى العاقل إلى آخره كما رتب ذلك بعضهم فقال

نعت بيان مؤكد بَدل نسَق
هذا هو الترتيب في القول الأحق

الخامس عشر من المنصوبات الفعل المضارع إذا دخل عليه أحد النواصب

حُكم الفعل المضارع الرفع دائما متى تجرد عن الناصب والجازم فمتى دخل عليه ناصب من النواصب الآتى ذكرها نصبه فتقول ينصر زيد عمرا برفع ينصر لتجرده فإذا قلت اشتهى أن ينصر زيد عمراً نصَبت ينصر بأن الناصبة

والنواصبُ في الظاهر تسعة أربعة منها تنصب بنفسها وهي أن ولن وإذن وكى المصْدرية وخمسة منها تنصب بأن مضمرة بعدها وهي اللام وحتى وفاء السّببية وواو المعية وأو التي بمعنى إلى أو إلا وبعضهم يجعل هذه الأدوات الخمسَة ناصبة بنفسها لا بغيرها وإن كان المعنى على إضمار أن المصْدرية وعلى كل حال فلا يكون نصب المضارع إلا بعد إحدى هذه التسعة المذكورة المفصّلة فيما بعد وهي أدوات النصب لخصُوص المضارع

الأداة الأولى أن المفتوحة الهمزة الساكنة النون وهي أم الباب لأنها تعمل ظاهرة ومقدرة وهي مصْدرية تسبك مع الفعل بعدهَا بمصدر نحو ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ ﴾ أي يريد الله التخفيف عنكم ونحو يريد الله أن يتوب عليكم أي يريد الله التوبة عليكم ويشترط في عملها النصب أن لا تسبق بعلم وإلا كانت مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن فإن سبقت بظن جاز فيها الوجهان النصب والرفع نحو وحسبوا أن لاتكون فتنة

الثانية لن وهي حرف لنفي المستقبل كقوله تعالى ﴿ قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا ﴾ فكل من يجيرنى وأجد منصوب بلن

الثالثة إذن وهي حرف جواب وجزاء وتنصب المضارع بشروط ثلاثة عنصر قائمة منقطة الأول أن تكون مصدرة في أول الكلام نحو إذن اكرمك جوابا لمن قال أريد أن أزورك فإذا قلت وأنا إذن أكرمك وجب الرفع لأنها حشو الثانى أن يكون الفعْل بعدها مستقبلا فلو قال لك إنسان أحبك فقلت له إذن تصدق رفعْت الفعل لأنه يفيد الحال والقصد الاستقبال الثالث أن يكون الفعل بعدها متصلا بها كالمثال السّابق وهو إذن اكرمك ويغتفر الفصْل بعدة أشياء الأول الفصل بالقسم لأنه جيء به للتأكيد فلا يمنع النصب نحو إذن والله نرميهم بحرب والثانى الفصل بلا النافية نحو إذن لا أهينك جواباً لمن قال أريد أن أزورك لأن النافي كالجزء من المنفي الثالث الفصل بالنداء نحو إذن يا زيد أكرمك الرابع الفصْل بالظرف والجار والمجرور على رأى ابن عصفور نحو إذن عندى أكرمك وإذن في الدار أكرمك وقد نظم ذلك بعضهم فقال :

أعمـلْ إذن إذا أتتـك أولا
وسُقْتَ فعلا بعدها مستقبلا
واحذر إذا أعملتها أن تفصلا
إلا بِحَلْفٍ أو نداءٍ أو بلا
وافصلْ بظرفٍ أو بمجرورٍ على
رأيِ ابن عصفورٍ رئيس النبلا

ومَدار هذا أنه متى كان الفعل بعدها معتمدا على شيء قبلها لم تعمل وتكون لغوا ومعنى الاعتماد أن يكون ما قبل إذن مقتضيا للرفع أو الجزم في الفعل الذي بعدها كما إذا قلت إن تأتني إذن أكرمك فتجزم الفعل بعدها لوقوعه جزاء للشرط وتقول أنا إذن أكرمك بالرفع لوقوع الفعل مع فاعله خبر المبتدأ

وقد لا تكون إذن للجزاءِ بل تتمحّض للجواب كقولك لمن قال أحبك إذن أظنك صادقا إذ لا مجازاة فيه فيرتفع الفعل بعدها لأنه للحال والجزاء إنما يكون في المستقبل وترسم في جميع الأحوال بالنون إلا إن أهملت فيجوز أن ترسم بالألف

الرابعة كي المصدرية لا التعليلية وعلامَة مصْدريتها تقدم لا التعليل عليها لفظا أو تقديرا نحو لكيلا تأسوا على ما فاتكم أي لعدم الأسى أي الحزن ونحو ﴿ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ ﴾ فاللام مقدر ة قبلها

الخامسة اللام وهي ثلاثة أقسام لام التعليل المسماة لامُ كي كقوله تعالى ﴿ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ﴾ ولام الجحود أي النفي وهي اللام المؤكدة بعد كوْن ماض ناقص منفي بلا أو بلم كقوله تعالى ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ﴾ وكقوله تعالى ﴿ لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ ﴾ واللام الزائدة المسَماة المؤكدة كقوله تعالى ﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ ﴾ وكقوله تعالى ﴿ يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ ﴾ وكقوله ﴿ وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ ولام العاقبة المسَمّاة لام الصيرورة نحو ﴿ فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا ﴾ فإنهم التقطوه ليكون لهم قرة عين فكانت عاقبته أن صار لهْم عدوا وحزنا فقد انتصب المضارع بعد لام الجرّ بأقسامها بأن مضمَرة فلهذا كان الفعل مؤولا بمصدر مجرور باللام

السادسة حتى الجارة التي بمعنى إلى وينصب الفعل المضارع بعدها بأن مقدرة وجوبا إذا كان الفعل مسْتقبلا بالنظر إلى ما قبلها ويكون أن حينئذ مع الفعل في تأويل مصْدر مجرور بحتى كقوله تعالى ﴿ لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّىٰ يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَىٰ ﴾ يعنى لن نبرح عليه عاكفين إلى رجوع موسى فإذا قلت قبل الدخول سرت حتى أدخلها نصَبت لأن المعنى سرْت لأدخلها فإذا قلت ذلك حال الدخول رفعت لأن الفعل يفيد الحال مثل قولهم مرض حتى لا يرجونه

السابعة والثامن فاء السببية وواو المعية العاطفتين في جواب الأشياءِ التسعة المنظومَة في قول بعضهم

مُرْ وَادْعُ وَانْهَ وَسَلْ وَاعْرِضْ لِحَضِّهِمُ
تَمَنَّ وَارْجُ كذاك النفْيُ قد كَملا

أي في جواب الأمر والنهي والدعاء والسؤال أي الاستفهام والعرض والتحضيض والتمنى والترجى والنفي

فمثال وقوع الفعل المضارع منصوبا بعد الفاءِ والواو في جواب الأمر زرنى فأكرمك أو وأكرمك فأكرمك أو وأكرمك منصوب بأن مضمرة في تأويل مصْدر معطوف بالفاءِ أو بالواو على مصدر منسبك من الفعل الذي قبل الفاءِأو الواو معمول لكون محذوف تقديره ليكن منك زيارة فإكرام أو إكرام منى وهكذا يقال في جواب الثمانية الآتية ومنه بعد الفاءِ قول الشاعر
يا ناقُ سيري عَنَقاً فَسيحاً
إِلى سُلَيمانَ فَنَستَريحا

ومثال النصب بعد الفاءِ والواو في جواب النهي قوله تعالى ﴿ لَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ ﴾ وقول الشاعر ( لا تَنْهَ عن خُلُقٍ وتأتيَ مثلَهُ ) فيحلّ وتأتى منصوبان بأن مضمرة بعد الفاءِ والواو في جواب النهي

ومثال ذلك فى جواب الدعاء قوله تعالى ﴿ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّىٰ يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ ﴾ وقول الشاعر

رَبِّ وَفِّقْنِي فَلاَ أَعْدِلَ عنْ
سَنَنِ السَّاعِينَ فِي خَيْرِ سَنَنْ

فقوله تعالى ﴿ فَلَا يُؤْمِنُوا ﴾ وقول الشاعر فلا أعدل منصوبان بأن مضمرة بعد فاءِ السببية في جواب الدعاءِ الذي هو طلب الأدنى من الأعلى وإذا قلت اللهم وفقني لإنفاق مال وأخلصَ فيه فأخلص منصوب بأن مضمرة وجوبا بعد واو المعية

ومثال ذلك في الاستفهامِ هل أسألك فتجيبني أو وتجيبني فتجيبني منصوب بأن مضمرة بعد فاءِ السببية أو واو المعية ومنه بعد الفاءِ قوله تعالى ﴿ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا ﴾ ومنه أيضاً الحديث القدسي «من يدعونى فأستجيب من يسألنى فأعطيه من يستغفرنى فأغفر له» بنصب كل من أستجيب وأعطى وأغفر بعد فاء السببية في جواب الاستفهام

ومثال النصب في جواب العرض وهو الطلب برفق ولين قول امْرأة إسماعيل ألا تنزل فتطعم وتشرب وقولهم ألا تنزل عندنا فتصيب خيرا فتطعم منصوب بأن مضمرة وجوبا بعد فاءِ السببية وتشرب بالنصب عطف عليه وتصيب منصوب بأن مضمرة وجوبا بعد واو المعية في جواب العرض ومن العرض بعد فاءِ السّببية

يَا ابْنَ الكِرَامِ ألاَ تَدْنُو فَتُبْصِرَ مَا
قَدْ حَدَّثُوكَ فَمَا رَاء كَمَنْ سَمِعَا

فتبصر منصُوب بأن مضمرة وجوبا بعد فاءِ السّببية

ومثال النصب في جواب التحضيض الذي هو طلب بحث وإزعَاج هلا اتقيت الله فيغفر لك أو ويغفر لك فيغفر أو ويغفر منصوب بأن مضمرة بعد الفاءِ والواو في جواب التحضيض وقوله تعالى ﴿ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ ﴾ هو من النصب في جواب الدعاء لأنه في معنى أخرني ولكن استعير لفظ التحضيض للدعاء أو هو من باب العرض مجازا

ومثال النصب في جواب التمنى قوله تعالى ﴿ يَا لَيْتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ وقولك ليت لي مالا فأحج منه فأفوز وأحج منصوبان بأن مضمرة وجوباً في جواب التمني الأول بعد الفاء والثاني بعد الواو ومنه بعد الفاءِ قول الشاعر

ألا ليتَ الشبابَ يعودُ يوماً
فأخُبره بما فعلَ المشيبُ

فأخبر منصوب بأن مضمرة وجوبا بعد فاء السببية في جواب التمني

مثال النصب في جواب الترجي قوله تعالى ﴿ أَبْلُغُ الأسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ ﴾ وقوله تعالى ﴿ لَعَلَّهُ يَزَّكَّىٰ أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَىٰ ﴾ بنصب اطلع وتنفع ونحو قولك لعلى أراجع الشيخ فيفهمنى أو ويفهمنى المسألة فكل هذه الأفعال منصوبة في جواب الترجي بعد الفاءِ والواو

ومثال النصب في جواب النفي قوله تعالى ﴿ لَا يُقْضَىٰ عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا ﴾ وقولك لا أخدمك وتجفوني فيموتوا وتجفوني منصوبان الأول بعد فاء السببية والثاني بعد واو المعية


وأما قوله تعالى ﴿ وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ ﴾ فليس بجواب النفي إذ لوْ كان كذلك لحذفت النون منه بل الفاء عاطفة مجردة من معنى السّببيّة عطفت يعتذرون على يؤذن فهوَ داخِل في حيز النفي السّابق أي لا يؤذن لهم في العذر فلا يعتذرون

التاسعة من النواصب أو العاطفة وينتصب الفعل المضارع بعْدها بأن مضمرة وجوبا إذا صَلح في مَوْضعها إلى أو إلا فمثال النصب بأو التي بمعنى إلى قول الشاعر

لأستسْهلنّ الصّعب أو أدْرك المنى
فما انقادَت الآمال إلاّ لصَابر

أي إلى أن أدرك المنى فأدرك منصوب بأن مضمرة وجوباً لصلاحية إلى موضعها والمعْنى ليكن منى استسْهال للصّعب وإدراك للمنى فى انتهاءِ الأمر

ومثال النصب بأو التي بمعنى إلا نحو لأقتلن الكافر أو يسْلم أي إلا أن يسْلم فيسلم منصوب بأن مضمرة وجوباً بعد أو لصَلاحية إلا في موضعها وهي عاطفة للمصدر المؤول على مصدر مأخوذ من الفعل قبلها

فإضمار أن بعد فاءِ السببية وواو المعية وأو وهي العواطف الثلاثة واجب وقد تأتى الفاء لمجرد العطف فينتصب الفعل المضارع بعدها جوازا إذا عطف بها على اسم صريح نحو قوله ( لولا تَوَقُّعُ مُعْتَرٍّ فأُرْضِيَهُ ) بنصب أرضيه عطفا على توقع وكذلك تضمران جوازا بعد واو المعية إذا عطفت بها على اسم صريح كقول ميسون زوجة معاوية

للبس عباءة وتقرّ عيني
أحبّ إليّ من لبس الشّفوف

التقدير للبس عباءة وإقرار عيني

ويضاف إلى الأحرف الثلاثة العاطفة في نصب المضارع بأن مضمرة جوازا من حروف العطف ثم العاطفة بالعطف بها على اسم صريح كقوله

إني وقتلي سُلَيْكاً ثم أَعقلَه
كالثور يضربُ لما عافت البقر

ولم يسمع نصْب المضارع بأن مضمرة بعد شيء من أحرف العطف إلا بعد هذه الأربعة التي هي الفاء والواو وأو وثم

ومن هذا يفهم أن أنْ تضمر بين اثنين من حروف الجر وهما اللاّم وحتى وبعد ثلاثة من حروف العطف وهي الفاء والواو وأو ويضاف إليها ثم فهذا بيان النواصب للفعل المضارع وقد تحذف نون الأفعال الخمسة للتخفيف لغير ناصب ولا جازم وهي لغة فصيحة كقوله «وَلاَ تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا» فإنها قد حذفت بعد لا النافية في «وَلاَ تُؤْمِنُوا» وليست مجزومة بلا النافية فإن الجزم بها إنما سمع عن العرب فيما إذا صلح قبلها كي نحو جئته لا يكن له على حجة كما يعلم من جدول الجَوازم فى الباب الثالث عشر ولنذكر هنا جَدولا لمزيد الوضوح

جدول النواصب للمضارع وبيان ما ينصب بنفسه وما ينصب بأن مضمرة وما يهمل
عدد نواصب مضارع منصُوب مضارع مرفوع مضارع يستوي فيه الرفع والنصب ملحُوظات
١ أن أرجو أن يغفر الله لي ﴿ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَىٰ ﴾ وحسبوا أن لا تكون فتنة المثال الأول مستوف للشروط والثانى أن فيه مسبوقة بعلم وفي الثالث مسبوقة بما يفيد الظن
٢ لن ﴿ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّىٰ يَأْذَنَ لِي أَبِي ﴾ نفي الاستقبال في هذه الآية محدود وقد يكون غير محدود نحو قوله تعالى ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا ﴾
٣ إذن إذن أكرمك لمن قال أريد أن أزورك أنا إذن أكرمك جوابا له ومثله إذن تصدق لمن قال أنا أحبك إذن في الدار أكرمك وإذن عندي أكرمك النصب على رأى ابن عصفور والرفع على رأى الجمهور وإذا وقعت بعد الواو والفاءِ جاز إعمالهَا وإلغاؤها وهو الأكثر نحو ﴿ وَإِذًا لَّا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ ﴿ فَإِذًا لَّا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا ﴾
٤ كي المصدرية ﴿ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا ﴾ تسبقها اللام لفظا أو تقديرا والخالية من اللام يجوز أن تكون تعليلية بمعنى لام العلة فالفعل منصوب بأن مضمرة بعدها نحو ﴿ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ ﴾
٥ لام الجر بإضمار أن بعدها جئت لتكرمنى ما كنت لأضربك

﴿ يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ ﴾

الأولى لام الجر والثانية لام الجحود والثالثة لام التأكيد فأن مضمرة جوازا بعد الأولى ووجوبا بعد الأخريين
٦ حتى ﴿ حَتَّىٰ يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَىٰ ﴾ مرض حتى لا يرجونه ﴿ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ ﴾ قرىء بالرفع والنصب نظرا إلى حكاية الحال وإلى أن قول الرسول والمؤمنين مستقبل بالنظر إلى الزلزال والنصب بحتى التي بمعنى إلى بأن مضمرة وجوبا وكذلك تضمر أن وجوبا بعد الحروف الآتية
٧ فاء السببية العاطفة لَا يُقْضَىٰ عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا ﴾ ﴿ وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ ﴾

ما أنت إلا تأتينا فتحدثنا

ما تأتينا فتحدثنا الفاء في الثاني لمجرد العطف وفي الثالث إذا كانت للعطف مع السببية انتصب الفعل أو لمجردالعطف ارتفع
٨ واو المعية العاطفة أأخدمك وتجفونى هل أخوك زيد فأكرمه وجب الرفع لأنه ولى الاداة جملة اسمية خبرها جامد أتأكل السمك وتشرب اللبن إن قصدت الجمع نصبت وإن قصدت تشريك الأول مع الثاني رفعت
٩ أو العاطفة التي بمعنى إلى أو إلا أو لام التعليل لألزمنك أو تقضينى حقى أي إلى أن تقضينى حقى لأقتلن الكافر أو يسلم

أي إلا أن يسلم لأطيعن الله أو يغفر لى أى ليغفر لي

تقاتلونهم أو يسلمون قرىء بالرفع والنصب فالرفع على التخيير بين المقاتلة والإسلام أو على تقدير مبتداً والنصب على معنى تقاتلونهم إلى أن يسلموا ومئله نموت فى قول امرئ القيس

فَقُلتُ لَهُ لا تَبْكِ عَيْنُكَ إنّمَا

نحاوِلُ مُلْكاً أوْ نُموت فَنُعْذَرَا

نصبه فعطف عليه فنعذر قال سيبويه ولو رفعه لكان عربيا جائزا عطفا على نحاول أو على تقدير مبتدأ أى نحن نموت

جدول نصب المُضارع بأن مضمرة جوازاً بعد الفاء والواو وأو وثم إذا كان العطف بها على اسم خالص
مثاله مثاله مثاله مثاله ملحُوظات
بعد الفاء ولولا توقع مُعْتَر فأرضيه بعد الواو لَلُبْسُ عَبَاءةٍ وتَقَرَ عَيْني بعد أو ﴿ مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا ﴾ بعد ثم إِنِّي وقَتْلي سُلَيْكاً ثُمَّ أَعْقِلَهُ هذه الحروف الأربعة مخصُوصَة من بين حروف العطف بأن تعطف المضارع على اسم خالص فينصب بأن ضمرة جوازا بعدها
جدول مبين للأشياء التسعة التي ينصب الفعل الضارع بعدها بأن مضمرة وجوبا بعد الفاء والواو بيان الأشياء التسعة التي نسبق المضارع المعطوف بفاء السببية أو واو المعية فينصب بأن مضمرة وجوبا
عدد نصب الضارع بأن مضمرة وجوبا بعد الفاء أمثلة عدد نصب الضارع كذلك بعد الواو أمثلة ملحُوظات
١ جواب الأمر تعال فأحسن إليك ١ جواب الأمر تعال وأحسِن إليك بصيغة فعل الأمر بالمضارع المسبوق بلام الأمر لا باسم فعل الأمر
٢ جواب النهي لا تخاصم زيدا فيغضب ٢ جواب النهي لا تخاصم زيدا ويغضب
٣ جواب الدعاء رب وفقنى فأطيعك ٣ جواب الدعاء رب وفقنى وأطيعك فعل الدعاء في الحقيقة هو فعل أمر ولهذا جعل بعضهم الأجوبة ثمانية
٤ جواب الاستفهام هل لزيد صديق فينصره ٤ جواب الاستفهام هل لزيد صديق وينصره جواب الاستفهام يسمى أيضا جواب السؤال
٥ جواب العرض ألا تنزل عندنا فتصيب خيرا ٥ جواب العرض ألا تنزل عندنا وتصيب خيرا هو الطلب برفق ولين بأداة بالعرض
٦ جواب التحضيض هل أحسنت إلى زيد فيشكرك ٦ جواب التحضيض هل أحسنت إلى زيد ويشكرك هوالطلب بحث وإزعاج بأداة التحضيض
٧ جواب التمني ليت الشباب يعود يوماً فأخبره بما فعل المشيب ٧ جواب التمني ليت الشباب يعود يوماً وأخبره بما فعل المشيب التمني طلب مالا طمع فيه أو ما فيه عسر كعود الشباب كسب المال
٨ جواب الترجى ﴿ أَبْلُغُ الأسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ ﴾ ٨ جواب الترجى لعلى أراجع الشيخ ويفهمني المسألة الترجى هو طلب الأمر المحبوب
٩ جواب النفي لا يقضى على زيد فيموت ٩ جواب النفي لا يقضى على زيد ويموت يشترط في النفي أن يكون نفياً محضاً أي لم ينتقض بإلا ونحوها

ثم إن الفعل المضارع المنصوب بالنواصب المتقدمة يكون نصبه ظاهرا نحو أن يقوم ولن يرمى ولن يدعو زيد ونحو الزيدان لن يقوما والزيدون لن يقوموا ويا هند لن تقومى أو مقدرا نحو لن يخشى زيدا و محليا نحو لن يقومنّ زيد والنسْوة لن يقمن وهذا المضارع المنصوب هو تمام المنصُوبات الخمسَة عشر وكلها من نوع الأسماءِ ما عداه

وقد استفيد مما تقدم أن المرفوعات والمنصُوبات من جنس الأسماء والأفعال لاشتراك الأسماء والأفعال في الرفِع والنصب وأن المرفوع من الأفعال هو الفعل المضارع المجرد من الناصب والجازم كما أن المنصوب منها هو الفعل المضارع الذي دخل عليه أحد النواصب التسعة وَقد سَبَق لنا أن الخفض مختص بالأسماءِ كما أن الجزم مختص بالأفعال فلنشرع الآن فى بيان مخفوضات الأسماءِ