التحفة المكتبية لتقريب اللغة العربية/الباب الخامس في العلامات المميزة لكل من الاسم والفعل والحرف عن الآخر

التحفة المكتبية لتقريب اللغة العربية المؤلف رفاعة رافع الطهطاوي

الباب الخامس في العلامات المميزة لكل من الاسم والفعل والحرف عن الآخر



الباب الخامس في العلامات المميزة لكل من الاسم والفعل والحرف عن الآخر


من علامات الاسم المميزة له عن الفعل والحرف الخفض بحرف من حروف الجر نحو مررت بزيد وذهبت إلى زيد وتباعدت عن زيد فزيد اسم لوجود الخفض بالحرف الخافض في آخره وكذلك يعرف بالخفض بالإضافة في كل تركيب إضافي نحو غلام زيد وخاتم فضة فزيد وفضة اسمان لوجود الخفض بالإضافة في آخر كل منهما

ومن علامات الاسم المميزة له التنوين الذي هو نون ساكنة تلحق آخر الاسم لفظًا لا خطا نحو زيد ورجل وصهٍ ومسلمات وكل وبعض وحينئذ وجوار وما أشبه ذلك فهذه كلها اسماء لوجود التنوين في اخرها

ومن علامات الاسم الداخلة عليه في أوله الألف واللام للتعريف نحو الرجل والغلام

ومن تلك العلامات أيضاً حروف الخفض وهي من وإلى وعَن وعلى وفي ورب والباء والكاف واللام نحو ركبت على الفرس والماء في المكوز وربّ رجل كريم لقيته وزيد كالبدر والملك لله

ومن حروف الجر المميزة للاسم حروف القسم وهي الواو والباء والتاء نحو والله وبالله وتالله

وقد يجتمع في الاسم عدة علامات نحو مررت برجل وبالرجل وبغلام زيد فان هذه الأسماء فيها علامة واحدة في أولها وهي الخافض وعلامتان في آخرها وهي الخفض والتنوين

ثمّ ان حروف الخفض هي انفع علامات الاسم في تمييزه فإنها تدخل على اقسام الاسم الثلاثة المظهر والمضمر والمبهم نحو مررت بزيد وبك وبه إلى آخره ومررت بهذا وبالذي قام

ومن علامات الاسم الأكثر تمييزا له من غيره الحديث عنه يعني الاسناد إليه نحو قمت وقعدت وضربت فاسناد القيام والقعود والضرب إلى تاء المتكلم في هذه الأفعال علامة على اسميتها ولولا هذه العلامة لما تميزت عن غيرها ولا عرف اسميتها

ومن علامات الاسم المميزة له النداء نحو يا زيد ويا رجل ويا هذا ويا هؤلاء

وللاسم علامات غير ما ذكر وهي كثيرة فمنها أن وأخواتها وسيأتي ذكرها نحو أن زيدا قائم وليت عمراً حاضر

ومنها ياء النسبة المشددة نحوها شمة وقرشي وشافعي ومالكي ومصري ورومي فهاشم وقريش وشافع ومالك ومصر وروم كلها اسماء لدخول ياء النسب عليها وهذه العلامات لا يشترط في دلالتها على الاسم دخولها عليه بالفعل بل يكفي قبوله لها وصحة دخولها عليه

مثلًا إذا أردنا أن نعرف كلمة هل هي اسم أو غير اسم فانا نعرض عليها علامات الاسم فمتى قبلت ولو علامة واحدة منها علمنا انها اسم فلفظ كم لا يقبل دخول الألف واللام ولا التنوين ولا النداء وإنما يقبل باء الجر نحو بكَم درهم اشتريت هذا الفرس فبقبوله للباء عرفنا أنه اسم وقسْ على ذلك من وما وغيرْها

ومن علامات الفعل المميزة له عن الاسم والحرف قد وتدخل على الماضي وتكون للتحقيق نحو لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق وتكون للتقريب نحو قد قامت الصلاة وتدخل على المضارع وتكون للتحقيق نحو قد يعلم الله وللتقليل نحو قد يصدق الكذوب وقدْ يجود البخيل

ومن علامات الفعل الماضي تاء التأنيث الساكنة اصالة نحو قامت هند وقالت امرأة العزيز وتحريكها في المثال الاخير لالتقاء الساكنين وإذا اسند الفعل الماضي إلى ألف تثنية تحركت هذه التاء بالفتح نحو قالتا وقامتا ونحو ذلك فهي ساكنة بحسب الاصل

ومن العلامات الخاصة بالمضارع السين التي للتنفيس أي الزمن القريب نحو سيقوم زيد يعنى قريباً وقد تدل السّين على الدوام والاستمرار نحو سأحمد ربي طاعة وتعبدا

ومن علامات المضارع أيضاً سوف ومعناها التسويف أي الزمن البعيد نحو سوف يقوم زيد أي يقوم زيد بَعد زمن بعيد

ومن علامات المضارع أيضاً المميزة له عن غيره حروف المضارعة الأربعة وهي الألف والنون والياء والتاء ويجمعها قولك (أنيت) فالمضارع المبدوء بألف المضارعة نحو اقوم يدل على المتكلم وحده والمضارع المبدوء بنون المضارعة يكون للمتكلم ومعه غيره أو المعظم نفسه نحو نقدم والمبدوء بياء المضارعة يدل على الغائب نحو يقوم زيد والمبدوء بالتاء يدل على المخاطب نحو انت تقوم ويدل أيضاً على المؤنثة الغائبة نحو هند تقوم فهٰذه كلهٰا افعال مضارعَة لِابتدائها بأحرف المضارعة الدالة على مَا ذكر

وعلامة الامر المميزة له عما عداه هي دلالته على الطلب وقبوله ياء المؤنثة المخاطبة نحو قم وكل فأنه يصح أن تقول فيه قومي وكلي قال تعالى فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا

فإن دلت الكلمة على الطلب ولم تقبل ياء المؤنثة المخاطبة كانت من أسماء الأفعال نحو صه بمعنى اسكت ومه بمعنى اكفف فان صَه ومَه ليسَا فِعلی أمر لأنهما وإن دلا على الطلب فليسا من الأفعال بل هما من أسماء الأفعال لقبولهما علامة الأسماء وهو التنوين فانه يصح أن تقول فيهما صَهٍ ومَهٍ والتنوين

وأما علامَة الحرف فهي عدم قبوله شيئاً من علامات الأسماء ولا علامات الأفعال فعدم قبوله للعلامة هي العلامة على حرفيته.

فقد علمنا من ذلك كيفية تمييز الاسم والفعل والحرف بالعلامات المميزة لكل منها عن غيره لصحة استعمالها في الكلام العربي التي هي أجزاؤه وقد اشترطنا في الكلام أن يكون تركيبه مفيدا ولا يفيد الكلام الشامع إلا إذا كان صحيح التركيب ولا يكون صحيح التركيب إلا برفع ما حقه الرفع ونصب ما حقه النصب وجر ما حقه الجر وجزم ما حقه الجزم وهذا ما يسَمّى اعراباً