الروح/المسألة الحادية والعشرون/فصل الفرق بين تجريد التوحيد وبين هضم أرباب المراتب

ملاحظات: فصل الفرق بين تجريد التوحيد وبين هضم أرباب المراتب


والفرق بين تجريد التوحيد وبين هضم أرباب المراتب: أن تجريد التوحيد أن لا يعطي المخلوق شيئا من حق الخالق وخصائصه فلا يعبد ولا يصلي له ولا يسجد ولا يحلف باسمه ولا ينذر له ولا يتوكل عليه ولا يؤله ولا يقسم به على اللّه ولا يعبد ليقرب إلى اللّه زلفى ولا يساوي برب العالمين في قول القائل ما شاء اللّه وشئت وهذا منك ومن اللّه وأنا باللّه وبك وأنا متوكل على اللّه عليك واللّه لي في السماء وأنت في الأرض وهذا من صدقاتك وصدقات اللّه وأنا تائب إلى اللّه وإليك، وأنا في حسب اللّه وحسبك فيسجد للمخلوق كما يسجد المشركون لشيوخهم، ويحلق رأسه له، ويحلف باسمه، وينذر له، ويسجد لقبره بعد موته، ويستغيث به في حوائجه ومهماته ويرضيه بسخط اللّه ولا يسخطه في رضا اللّه ويتقرب إليه أعظم مما يتقرب إلى اللّه ويحبه ويخافه ويرجوه أكثر مما يحب اللّه ويخافه ويرجوه أو يساويه فإذا هضم المخلوق خصائص الربوبية وأنزله منزلة العبد المحض الذي لا يملك لنفسه فضلا عن غيره ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشور أ لم يكن هذا تنقصا له ولا حطا من مرتبته ولو رغم المشركون وقد صح عن سيد ولد آدم صلوات اللّه وسلامه عليه أنه قال: «لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم فإنما أنا عبد فقولوا عبد اللّه ورسوله» 1.
وقال: أيها الناس ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي، وقال: لا تتخذوا قبري عيدا، وقال: اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد، وقال: لا تقولوا ما شاء اللّه وشاء محمد وقال له رجل ما شاء وشئت فقال: أ جعلت للّه ندا؟ وقال له رجل أذنب:
اللهم إني أتوب إليك ولا أتوب إلى محمد، فقال: عرف الحق لأهله، وقد قال تعالى له: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ [آل عمران:128] وقال: ﴿قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ [آل عمران:154] وقال:
﴿قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ [الأعراف:188] وقال: ﴿قُلۡ إِنِّی لَاۤ أَمۡلِكُ لَكُمۡ ضَرࣰّا وَلَا رَشَدࣰا ۝٢١ قُلۡ إِنِّی لَن يُجِيرَنِی مِنَ ٱللَّهِ أَحَدࣱ وَلَنۡ أَجِدَ مِن دُونِهِۦ مُلۡتَحَدًا ۝٢٢ [الجن:21–22] أي لن أجد من دونه من ألتجئ عليه وأعتمد عليه وقال لابنته فاطمة وعمه العباس وعمته صفية: لا أملك لكم من اللّه شيئا 2.
و في لفظ في الصحيح لا أغني عنكم من اللّه شيئا 3، فعظم ذلك على المشركين بشيوخهم وآلهتهم وأبوا ذلك كله وادعوا لشيوخهم ومعبوديهم خلاف هذا كله وزعموا أن من سلبهم ذلك فقد هضمهم مراتبهم وتنقصهم، وقد هضموا جانب الإلهية غاية الهضم وتنقصوه فلهم نصيب وافر من قوله تعالى ﴿وَإِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَحۡدَهُ ٱشۡمَأَزَّتۡ قُلُوبُ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡءَاخِرَةِۖ وَإِذَا ذُكِرَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِۦۤ إِذَا هُمۡ يَسۡتَبۡشِرُونَ ۝٤٥ [الزمر:45].


هامش

  1. أخرجه البخاري والإمام أحمد والدارمي.
  2. أخرجه البخاري ومسلم والإمام أحمد.
  3. أخرجه البخاري والإمام أحمد والدارمي.


المسألة العشرون
هل النفس واحدة أم ثلاث | فصل الطمأنينة | فصل | فصل | فصل | فصل النفس اللوامة | فصل النفس الأمّارة | فصل | فصل | فصل | فصل | فصل الفرق بين خشوع الإيمان وخشوع النفاق | فصل شرف النفس | فصل الفرق بين الحمية والجفاء | فصل الفرق بين التواضع والمهانة | فصل | فصل الفرق بين الجواد والمسرف | فصل الفرق بين المهابة والكبر | فصل الفرق بين الصيانة والتبكر | فصل الفرق بين الشجاعة والجرأة | فصل الفرق بين الحزم والجبن | فصل الفرق بين الاقتصاد والشح | فصل الفرق بين الاحتراز وسوء الظن | فصل الفرق بين الفراسة والظن | فصل الفرق بين النصيحة والغيبة | فصل الفرق بين الهدية والرشوة | فصل الفرق بين الصبر والقسوة | فصل الفرق بين العفو والذل | فصل الفرق بين سلامة القلب والبله والغفل | فصل الفرق بين الثقة والغرّة | فصل الفرق بين الرجاء والتمني | فصل الفرق بين التحدث بنعم اللّه والفخر بها | فصل الفرق بين فرح القلب وفرح النفس | فصل فرحة المؤمن عند مفارقته الدنيا إلى اللّه | فصل الفرق بين رقة القلب والجزع | فصل الفرق بين الموجدة والحقد | فصل الفرق بين المنافسة والحسد | فصل الفرق بين حب الرئاسة وحب الإمارة | فصل الفرق بين الحب في اللّه والحب مع اللّه | فصل الفرق بين التوكل والعجز | فصل الفرق بين الاحتياط والوسوسة | فصل الفرق بين إلهام الملك وإلقاء الشيطان | فصل الفرق بين الاقتصاد والتقصير | فصل الفرق بين النصيحة والتأنيب | فصل الفرق بين المبادرة والعجلة | فصل الفرق بين الأخبار بالحال وبين الشكوى | فصل الفروق الطول | فصل الفروق بين الأمور | فصل الفرق بين تنزيه الرسل وتنزيه المعطلة | فصل الفرق بين إثبات حقائق الأسماء والصفات وبين التشبيه والتمثيل | فصل الفرق بين تجريد التوحيد وبين هضم أرباب المراتب | فصل الفرق بين تجريد متابعة المعصوم صلى اللّه عليه وآله وسلم وإهدار أقوال العلماء وإلغائها | فصل الفرق بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان | فصل الفرق بين الحال الإيماني والحال الشيطاني | فصل الفرق بين الحكم المنزل والحكم المؤول


الروح
المقدمة | المسألة الأولى | المسألة الثانية | المسألة الثالثة | المسألة الرابعة | المسألة الخامسة | المسألة السادسة | المسألة السابعة | المسألة الثامنة | المسألة التاسعة | المسألة العاشرة | المسألة الحادية عشرة | المسألة الثانية عشرة | المسألة الثالثة عشرة | المسألة الرابعة عشرة | المسألة الخامسة عشرة | المسألة السادسة عشرة | المسألة السابعة عشرة | المسألة الثامنة عشرة | المسألة التاسعة عشرة | المسألة العشرون | المسألة الحادية والعشرون