السيرة الحلبية/باب سلام الحجر والشجر عليه قبل مبعثه



باب سلام الحجر والشجر عليه قبل مبعثه


عن سمرة قال: قال رسول الله: «إني لأعرف حجرا بمكة كان يسلم عليّ قبلَ أن أبعث، إني لأعرفه الآن» قال جاء في بعض الروايات أن هذا الحجر هو الحجر الأسود: أي وقيل غيره، وأنه هو الذي في زقاق بمكة يعرف بزقاق الحجر: أي ولعله غير الحجر الذي به أثر المرفق، ذكر أنه اتكأ عليه بمرفقه، وهو الذي يقال له زقاق المرفق وغير الحجر الذي به أثر الأصابع.

وروي «أن رسول الله حين أراد الله تعالى كرامته بالنبوّة، كان إذا خرج لحاجة أي لحاجة الإنسان أبعد حتى لا يرى ببناء، ويفضي إلى الشعاب وبطون الأودية، فلا يمر بحجر ولا شجر إلا قال: الصلاة والسلام عليك يا رسول الله، وكان يلتفت عن يمينه وشماله وخلفه فلا يرى أحدا» اهـ وإلى ذلك يشير صاحب الأصل بقوله:

لم يبق من حجر صلب ولا شجر ** إلا وسلم بل هناه ما وهبا

وإلى ذلك يشير أيضا صاحب الهمزية بقوله:

والجمادات أفصحت بالذي أخـ ** ـرس عنه لأحمد الفصحاء

أي والجمادات التي لا روح فيها نطقت بكلام فصيح لا تلعثم فيه: أي بالشهادة له بالرسالة، ولم تنطق به أهل الفصاحة والبلاغة وهم الكفار من قريش وغيرهم.

وعن عليّ رضي الله تعالى عنه قال: «كنت مع النبي بمكة، فخرجنا في بعض نواحيها، فما استقبله جبل ولا شجر إلا وهو يقول: السلام عليك يا رسول الله».

أقول: وإلى تسليم الحجر قبل البعثة يشير الإمام السبكي رحمه الله تعالى في تائيته بقوله:

وما جزت بالأحجار إلا وسلمت ** عليك بنطق شاهد قبل بعثة

وأما حديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: قال رسول الله: «لما أوحي إليّ جعلت لا أمرّ بحجر ولا شجر إلا قال السلام عليك يا رسول الله» وما ذكره بعضهم أن الجن قالوا له بمكة: من يشهد أنك رسول الله؟ قال تلك الشجرة، ثم قال لها من أنا؟ فقالت: رسول الله» فليس من المترجم له.

وفي الخصائص الصغرى: وخصى بتسليم الحجر، وبكلام الشجر، وبشهادتهما له بالنبوة، وإجابتهما دعوته.

وفي كلام السهيلي: يحتمل أن يكون نطق الحجر والشجر كلاما مقرونا بحياة وعلم. ويحتمل أن يكون صوتا مجردا غير مقترن بحياة وعلم. وعلى كل هو علم من أعلام النبوة.

وفي كلام الشيخ محيي الدين بن العربي: أكثر العقلاء، بل كلهم يقولون عن الجمادات لا تعقل، فوقفوا عند بصرهم. والأمر عندنا ليس كذلك؟ فإذا جاءهم عن نبيّ أو وليّ أن حجرا كلمه مثلا يقولون خلق الله فيه العلم والحياة في ذلك الوقت. والأمر عندنا ليس كذلك بل سر الحياة سار في جميع العالم.

وقد ورد «أن كل شيء سمع صوت المؤذن من رطب ويابس يشهد له، ولا يشهد إلا من علم وأطال في ذلك» وقال قد أخذ الله بأبصار الإنس والجن عن إدراك حياة الجماد إلا من شاء الله كنحن وأضرابنا، فإنا لا نحتاج إلى دليل في ذلك، لكون الحق تعالى قد كشف لنا عن حياتها عينا وأسمعنا تسبيحها ونطقها، وكذلك اندكاك الجبل لما وقع التجلي إنما كان ذلك منه لمعرفته بعظمة الله عز وجل، ولولا ما عنده من العظمة لما تدكدك، والله أعلم.

السيرة الحلبية
مقدمة | نسبه الشريف | تزويج عبد الله أبي النبي آمنة أمه وحفر زمزم | حمل أمه به | وفاة والده | مولده | تسميته محمدا وأحمد | رضاعه | وفاة أمه وحضانة أم أيمن له وكفالة جده عبد المطلب إياه | وفاة عبد المطلب وكفالة عمه أبي طالب له | سفره مع عمه إلى الشام | ما حفظه الله به في صغره | رعيته الغنم | حضوره حرب الفجار | شهوده حلف الفضول | سفره إلى الشام ثانيا | تزوجه خديجة بنت خويلد | بنيان قريش الكعبة | ما جاء من أمر رسول الله عن أحبار اليهود ورهبان النصارى والكهان والجان | سلام الحجر والشجر عليه قبل مبعثه | المبعث وعموم بعثته | بدء الوحي | وضوؤه وصلاته أول البعثة | أول الناس إيمانا به | استخفائه وأصحابه في دار الأرقم ودعائه إلى الإسلام جهرة وكلام قريش لأبي طالب في أن يخلي بينهم وبينه | عرض قريش عليه أشياء من خوارق العادات وغير العادات ليكف عنهم لما رأوا المسلمين يزيدون وسؤالهم له أشياء من خوارق العادات وبعثهم إلى أحبار يهود بالمدينة يسألونهم عن صفة النبي | الهجرة الأولى إلى أرض الحبشة وإسلام عمر بن الخطاب | اجتماع المشركين على منابذة بني هاشم وبني المطلب وكتابة الصحيفة | الهجرة الثانية إلى الحبشة | وفد نجران | وفاة عمه أبي طالب وزوجته خديجة | خروج النبي إلى الطائف | الطفيل بن عمرو الدوسي وإسلامه | الإسراء والمعراج وفرض الصلوات الخمس | عرض رسول الله نفسه على القبائل أن يحموه ويناصروه | الهجرة إلى المدينة | بدء الأذان والإقامة | مغازيه: غزوة بواط | غزوة العشيرة | غزوة سفوان ويقال لها غزوة بدر الأولى | تحويل القبلة | غزوة بدر الكبرى | غزوة بني سليم | غزوة بني قينقاع | غزوة السويق | غزوة قرقرة الكدر | غزوة ذي أمر | غزوة بحران | غزوة أحد | غزوة حمراء الأسد | غزوة بني النضير | غزوة ذات الرقاع | غزوة بدر الآخرة | غزوة دومة الجندل | غزوة بني المصطلق | غزوة الخندق | غزوة بني قريظة | غزوة بن لحيان | غزوة ذي قرد | غزوة الحديبية | غزوة خيبر | غزوة وادي القرى | عمرة القضاء | غزوة مؤتة | فتح مكة | غزوة حنين | غزوة الطائف | غزوة تبوك | سراياه وبعوثه: سرية حمزة بن عبد المطلب | سرية عبيدة بن الحارث | سرية سعد بن أبي وقاص | سرية عبد الله بن جحش | سرية عمير بن عدي الخطمي | سرية سالم بن عمير إلى أبي عفك | سرية عبد الله بن مسلمة إلى كعب بن الأشرف الأوسي | سرية عبد الله بن عتيك لقتل أبي رافع | سرية زيد بن حارثة إلى القردة | سرية أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد | سرية الرجيع | سرية القراء إلى بئر معونة | سرية محمد بن سلمة إلى القرطاء | سرية عكاشة بن محصن إلى الغمر | سرية محمد بن مسلمة لذي القصة | سرية أبي عبيدة بن الجراح إلى ذي القصة أيضا | سرية زيد بن حارثة إلى بني سليم | سرية زيد بن حارثة إلى العيص | سرية زيد بن حارثة إلى بني ثعلبة | سرية زيد بن حارثة إلى جذام | سرية أمير المؤمنين أبي بكر الصديق لبني فزارة | سرية عبد الرحمن بن عوف إلى دومة الجندل | سرية زيد بن حارثة إلى مدين | سرية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب إلى بني سعد بن بكر بفدك | سرية عبد الله بن رواحة إلى أُسَير | سرية عمرو بن أمية الضمري وسلمة بن أسلم | سرية سعيد بن زيد | سرية أمير المؤمنين عمر بن الخطاب إلى طائفة من هوازن | سرية أبي بكر إلى بني كلاب | سرية بشير بن سعد الأنصاري إلى بني مرة بفدك | سرية غالب بن عبد الله الليثي | سرية بشير بن سعد الأنصاري إلى يمن | سرية ابن أبي العوجاء السلمي إلى بني سليم | سرية غالب بن عبد الله الليثي إلى بني الملوح | سرية غالب بن عبد الله الليثي إلى مصاب أصحاب بشير بن سعد | سرية شجاع بن وهب الأسدي إلى بني عامر | سرية كعب بن عمير الغفاري | سرية عمرو بن العاص إلى ذات السلاسل | سرية الخبط | سرية أبي قتادة إلى غطفان | سرية عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي إلى الغابة | سرية أبي قتادة إلى بطن أضم | سرية خالد بن الوليد إلى العزى | سرية عمرو بن العاص إلى سواع | سرية سعد بن زيد الأشهلي إلى مناة | سرية خالد بن الوليد إلى بني جذيمة | سرية أبي عامر الأشعري إلى أوطاس | سرية الطفيل بن عمرو الدوسي إلى ذي الكفين الصنم ليهدمه | سرية عيينة بن حصن الفزاري إلى بني تميم | سرية قطبة بن عامر إلى خثعم | سرية الضحاك الكلابي | سرية علقمة بن مجزز | سرية علي بن أبي طالب | سرية علي بن أبي طالب إلى بلاد مذحج | سرية خالد بن الوليد إلى أكيدر بن عبد الملك بدومة الجندل | سرية أسامة بن زيد بن حارثة إلى أبنى | الوفود التي وفدت عليه | كتبه التي أرسلها إلى الملوك يدعوهم إلى الإسلام | كتابه إلى قيصر | كتابه إلى كسرى | كتابه للنجاشي | كتابه للمقوقس ملك القبط | كتابه للمنذر بالبحرين | كتابه إلى جيفر وعبد ابني الجلندي ملكي عمان | كتابه إلى هوذة | كتابه إلى الحارث الغساني | حجة الوداع | عمَره | معجزاته | خصائصه | أولاده | أعمامه وعماته | أزواجه وسراريه | خدمه الأحرار | الذين أعتقهم | كتّابه | حراسه | من ولي السوق في زمنه | من كان يضحكه | أمناء الرسول | شعراؤه | من كان يضرب الأعناق بين يديه | مؤذنوه | العشرة المبشرون بالجنة | حواريوه | سلاحه | خيله وبغاله وحمره | صفته الظاهرة | صفته الباطنة | مرضه ووفاته | بيان ما وقع من عام ولادته إلى زمان وفاته على سبيل الإجمال