السيرة الحلبية/ذكر كتابه للمنذر بن ساوي العبدي بالبحرين على يد العلاء بن الحضرمي
بعث رسول الله ﷺ العلاء بن الحضرمي إلى المنذر بن ساوي، وبعث معه كتابا فيه: «بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى المنذر بن ساوي، سلام عليك، فإني أحمد الله إليك الذي لا إله إلا هو، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله. أما بعد: فإني أذكرك الله عز وجل، فإنه من ينصح فإنما ينصح لنفسه، وإنه من يطع رسلي ويتبع أمرهم فقد أطاعني، ومن نصح لهم فقد نصح لي، وإن رسلي قد أثنوا عليك خيرا، وإني قد شفعتك في قومك، فاترك للمسلمين ما أسلموا عليه، وعفوت عن أهل الذنوب فاقبل منهم، وإنك مهما تصلح فلن نعزلك عن عملك، ومن أقام على يهوديته أو مجوسيته فعليه الجزية» أي وهذا جواب كتاب أرسله المنذر جوابا لكتاب أرسله له قبل ذلك يدعوه إلى الإسلام، فأسلم وحسن إسلامه.
أقول: ولم أقف على ذلك الكتاب ولا على حامله. والظاهر أنه العلاء المذكور، فقد ذكر السهيلي أن العلاء قدم على المنذر بن ساوي، فقال له: يا منذر إنك عظيم العقل في الدنيا فلا تصغرنّ عن الآخرة، إن هذه المجوسية شر دين، ينكح فيها ما يُستحيا من نكاحه، ويأكلون ما يتكره من أكله، وتعبدون في الدنيا نارا تأكلكم يوم القيامة، ولست بعديم عقل ولا رأي، فانظر هل ينبغي لمن لا يكذب في الدنيا أن لا نصدقه، ولمن لا يخون أن لا نأتمنه، ولمن لا يخلف أن لا نثق به، فإن كان هذا هكذا فهذا هو النبيّ الأمي الذي والله لا يستطيع ذو عقل أن يقول ليت ما أمر به نهى عنه أو ما نهى عنه أمر به. فقال المنذر: قد نظرت في هذا الذي في يديّ فوجدته للدنيا دون الآخرة، ونظرت في دينكم فرأيته للآخرة والدنيا فما يمنعني من قبول دين فيه أمنية الحياة وراحة الموت؟ ولقد عجبت أمس ممن يقبله، وعجبت اليوم ممن يرده. وإن من إعظام من جاء به أن يعظم رسوله، وسأنظر والله أعلم.
ومن جملة كتاب المنذر، أي الذي هذا الكتاب جوابه «أما بعد يا رسول الله، فإني قرأت كتابك على أهل البحرين، فمنهم من أحبّ الإسلام وأعجبه ودخل فيه، ومنهم من كرهه، وبأرضي مجوس ويهود فأحدث لي في ذلك أمرك».
وذكر ابن قانع أن المنذر المذكور وفد على النبي ﷺ فهو من الصحابة. قال أبو الربيع: ولا يصح ذلك.