بجمل حدا الغيران بزل جمائله

بجِملٍ حَدا الغيران بُزلَ جمائله

​بجِملٍ حَدا الغيران بُزلَ جمائله​ المؤلف عبد الجبار بن حمديس


بجِملٍ حَدا الغيران بُزلَ جمائله
وأرْقصَ قاماتِ القَنَا في قَنَايِلِهْ
فلا عصفت ريحُ الفراقِ التي جرت
بها في خضم الجيش سُفنُ رواحله
ودونَ مهاةِ الخدر إقدامُ خادرٍ
مبيد الشذا أظفارُهُ من معاقله
حماليقُهُ حُمْرٌ كأنَّ جُفونُها
حُشِينَ بكحلٍ من نجيعِ عوَامِلِهِ
يقلّبُ أجفاناً وِراداً كأنما
تَوارَدَ يومَ الطعن مُشْرَعُ عامله
وقالوا: قفوا كيْ تسمعوا عيسهم
بعاجلِ ما يُرْدي النفوسَ وآجله
وَقَفْنَا نُرَامي بالهَوى مَقْتَلَ الهوَى
ونقرأ في الألحاظ وحيَ رسائله
ونرقب سِرْباً في الخدور، عقولُنا
مبددةٌ للبين بين عقائله
أنيسُ الهوى للموتِ حوْلَيْه وَحشةٌ
فأُسْدُ الشّرَى مخذولةٌ عن خواذله
ويومَ صلِينا فيه نارَ صبابةٍ
فلا لفَحَتْ إلا وجوه أصائله
عشيَّةَ أبكى البين من رحمةٍ لنا
بكاءَ قتيل الشوق في إثر قاتله
وفي صدفِ الأحداجِ مكنونُ لؤلؤٍ
تُكفّ بأطرافِ الظُّبا كفّ باذله
طَمَى بالمنايا الحُمْرِ لجُّ سرابِهِ
فكم غائصٍ لهفان من دونِ ساحله
فمَن لقتيلٍ بالقَتولِ وقد غدتْ
وسائلُهُ مصرومةً من وَسَائلِه
ووقفةِ رودٍ بضّةِ الجسم غَضّةٍ
لتوديع صَبٍّ شاحبِ الجسمِ ناحله
شجٍ كانَ من قبل التفرّق يشتكي
نميمةَ واشيه وتأنيبَ عاذله
وفي بُرقعِ الحسناء مقلةُ جؤذَرٍ
بها رُدّ كيدُ السحرِ في نحر بابله
ولو شامَ هاروتٌ وماروتُ طَرْفَهُ
لما أصبحا إلاّ قنيصيْ حبائله
جنى غيرَ مستبقٍ ثمارَ قلوبنا
فعنّابهن الرطب ملءُ أنامله
وأغلبُ ظنّي أنَّ ما في وشاحهِ
كساه نحولاً حبُّ ما في خلاخله
طوى ما طوى ذاك النجاءُ من الهوى
فيا مَنْ لقلبٍ من نجيِّ بلابله
فجاد عليهم كلُّ باكٍ ربابُه
ضحوكُ المغاني عن أقاحي خمائله
إذا انهلّ فيه الوَدقُ عاينت منهما
عطاءَ ابن عبّاد وراحةَ سائله
همامٌ يموجُ البرّ كالبحر حوله
إذا رفعَ الراياتِ فوقَ جحافله
وقَلّبَ فيها الموْتُ في لَحْظِهِ العدى
عيونَ ذبالٍ في لدان ذوابله
تحملقُ أبصارُ الوَرَى عن ذكرِهِ
لكيما تَرَى بدر العُلى في منازله
إذا جارَ دهرٌ كان منه ملاذُنا
بُحِقْويْ أبيّ قيّمِ الملكِ عادله
يصونُ الهدى منه إذا خاف ضَيْمَهُ
بحاميه من كيدِ الضّلالِ وكافله
أخو عَزَماتٍ للهجوع مهاجرٌ
إذا هجَعَتْ عينُ العُلى عن مواصله
رقيقُ الحواشي أقعسُ العزّ ماجدٌ
كأن شمولاً رقرقت في شمائله
شديدُ عراكِ البأس يَعْقِرُ قِرْنَهُ
إذا استطعم السرحانُ ما في جمائله
وفي غيضةِ الخطيّ ليثٌ كأنما
عليه من الماذيّ لينُ غلائله
تورّدُ في الأجياد صفحةُ سيفه
وتنهشُ في الأكباد حيّةُ عامله
مقيمٌ بأرضِ الروعِ حيثُ سماؤها
تمور عليه من مثار قساطله
كأنَّ مقامَ الحربِ أشهى ربوعه
إليه، وبيضُ الهند أدنى قبائله
ومخضلّ أوراقِ الصفائح ضُرّجتْ
بكلّ دمٍ أندى نباتِ غوائله
لُهامٌ عليه للعجاج غلائلٌ
لها طرازٌ من بارقات مناصله
وتحسبه بحراً تلفّ عواصفاً
أواخرَه، أرواحُهُ، بأوائله
يظلّلُهُ سِرْبٌ من الطير ملحمٌ
يروحُ بأرواحِ العدى في حواصله
إذا ما رمى قُطْرا به عَزْمُهُ اغْتدَتْ
أعاليهِ بالتدمير تحت أسافله
إليك زجرنا الفلكَ في كلّ زاخرٍ
معالمنا مفقودةٌ في مجاهله
مدافعةُ الأهوالِ مدفوعةٌ إلى
جنائبه تجري بها أو شمائله
إلى مَلِكٍ في سَيفِهِ وَبَنَانِهِ
جهنّمُ شانيه، وجنّةُ آملِهِ
ومعجزِ آيات الندى ذي سماحةٍ
مجانسِ نظم المكرمات مقابله
كريمٌ إذا هبّت رياحُ ارتياحه
جرتْ سفنُ الآمال في بحر سائله
رفعْنا عقيراتِ القوافي بِمَدْحِهِ
فأطْرَبْنَ أسْماعَ العُلى في محافله
سلوني عنه، واسمعوا الصدق، إنني
أحدّثُ عن همّاتهِ وفواضله
ولا تسألوني عن فرائض طَوْله
إذا غَمَرَ الدنيا ببعضِ نوافله
فأنْدِي بني ماءِ السماءِ محمّدٌ
وهل طلُّ معروفِ السماء كوابله