بكرت تغازله الدمى الأبكار

بكرتْ تُغازلهُ الدُّمى الأبكار

​بكرتْ تُغازلهُ الدُّمى الأبكار​ المؤلف عبد الجبار بن حمديس



بكرتْ تُغازلهُ الدُّمى الأبكار
 
فهفا له حلمٌ وطاشَ وقارُ
وأظنّهُ مترنّحاً من نَشْوَة ٍ
 
كاساتها بهوى العيون تُدارُ
يا لُوّمي، ومتى بُليت بلوّم
 
إلا وهمْ بيليّتي أغمارُ
فُكوا الغضنفر من إشار غزالة ٍ
 
قَيْداهُ خَلْخَالٌ لها وسوار
ما أحْرَقَتْ خَدّي سواكبُ أدمعي
 
إلاّ بماءٍ في حشاه نارُ
والماءُ منفجرٌ من النار التي
 
في القلب منها يستطير شرار
عجبي لأضدادٍ عليّ تناصَرتْ
 
جوراً عليّ وليس لي أنصار
فخذوا الهوى عني بنقل ملاحة ٍ
 
عن أعينٍ يرنو بهنّ صُوَار
ومباسماً تجلو شقائقَ روضة ٍ
 
للأقْحُوانة ِ بينها نوّار
إن المها تُمْهي سيوفَ جفونها
 
فَحَذارِ منها لو يُطاقُ حِذار
من كل مشربة ٍ بجريال الصبا
 
لوناً كما لمسَ اللجين نضارُ
في خلقها الإنسيّ من وحشية
 
كُحْلٌ وحُسْنُ تلفّتٍ وَنِفار
طرفي برجعته إليّ أذاقتي
 
منها الردى لا طرفها السحّارُ
 
غَرَضاً له، فالجُرْحُ من جبار
طَرَقَتْ تَهادى في اختياله شبيبة ٍ
 
تٌخطي مطيلَ الوجد وهي قصار
سفرتْ فما درتِ الظنون ضميرها
 
أسفورها من صبحها إسفار
حَتَّى إذا خافتْ مُراقِبَها، عَلا
 
منها على الوجه المنير عِجَار
وكأنَّما زُهْرُ النجوم حمائمٌ
 
بيضٌ، مغاربها لها أوكار
وكأنما تذكي ذُكاءُ توهجاً
 
فيه يذوب من الدجنة قار
يا هذه لا تسألي عن عبرتي
 
عيني على عيني عليك تغار
هل كان نهدكِ صنو قلبكِ تتقي
 
عن لمسه في صدرك الأزرار
ما كنتُ أحسبُ غصنَ بانٍ في نقا
 
تشكو أليمَ القطفِ منه ثمارُ
نصَّلتِ سهمي مقلتيك ليصميا
 
بنصالِ سحرِ الطرف فهي حرار
وهما المعلّى والرقيبُ وإنَّما
 
فربُوعهُ بالمعتقين أوَاهِلٌ
لا ثأر يدركَ منك في المهج التي
 
أرديتها أوَ منكَ يُدرك ثارُ
هلاَّ التفتِّ كما تلفّتُ مغزلٌ
 
لترى مكان الخشفِ وهي نوار
وبَرَدْتِ حرّ الشّوْقِ بالبرد الذي
 
شهدٌ ومسكٌ دونه وعقار
إني دفعتُ إلى هواك وغربة ٍ
 
هَتَفَتْ بها العَزَمَاتُ والأسفار
وغرستُ عمري في الزَّماع فمرّرتْ
 
لفمي جنّاه نجائب وقفار
وجعلتُ داري في النوى فمؤانسي
 
وحشُ الفلا ومَجَالسي الأكوار
لولا ذُرَى الحسن الهمامِ وَفَضْلُهُ
 
ما قرّ بي في الخافقين قرار
هذا الذي بذلتْ أنامله الندى
 
وهُدِيْ الكرامُ إليه لمَّا حاروا
هذا الذي سلّ السيوف مجاهداً
 
فبِضَرْبِها للمُشْرِكِينَ دَمَار
هذا الذي جرّ الرماح لحربهم
 
سَعْي الأساود، جيشُهُ الجرّار
قَهَرَتْ ظُبَا توحيده تثليثَهمْ
 
وقضى بذاك الواحد القهار
غَضَباً على الأعلاج منه فَرَبّهُ
 
يَرْضَى به ونَبِيّهُ المختار
فلوجهه البادي عليه سنا الهدى
 
ضربتْ وجوهَ عداته الأقدار
أمّا عُلا حسنٍ فبين مصامها
 
شَرَفاً وبين الفرقدين جوار
خَلُصَتْ خلائقه ولم يَعْلَقْ بها
 
جَبْرِيّة ٌ لم يَرْضَها الجبّار
وسما له حلمٌ وجلّ تنفضلٌ
 
وزكا له فَرْعٌ وطابَ نجار
يَنْدى بلا وَعْدٍ وكم من عارضٍ
 
من غير بَرْقٍ صوبه مدرار
 
وبَنَاتُهُ بالمَكرُمات بحار
وإذا عفا صفحاً عفا عن قُدرة ٍ
 
والحلمُ في الملك القدير فخار
سُلّتْ صوارمه الحداد ففلّقتْ
 
هاماً عليها للجياد عثار
في جحفلٍ كالبحر ماج بضمرٍ
 
فَتَكَتْ على صَهوَاتِها الأذْمار
لا يجزعونَ من المنون كأنما
 
آجالهمْ لنفوسهمْ أعمار
فصعيدُ وجهِ الأرض منه مبعثرٌ
 
وذَرُورُ عين الشمس منه غبار
إنّ الحروب وأنتم آسادها
 
فتكاتكم في عُربها أبكار
أضحتْ لصونكم الثغور كأعين
 
وشفاركمْ من حولها أشفار
زانت سيادتكم كرامة َ برِّكم
 
خيرُ الملوكُ السادة ُ الأبرار
يا من عِتَاقُ الخَيْلِ تُوسَمُ باسمِهِ
 
والدرهمُ المضروب والدينار
وبكلّ أرضٍ تَستنيرُ بذكره
 
خطَبٌ من الفصحاءِ أو أشعار
خدمتْ رئاستَكَ السعودُ وأصْبَحتْ
 
للفضل تَحْسُدُ عصرَكَ الأعصار
ورجالُ دولتكَ الذين لقدرهم
 
بك في الورى الإجلال والإكبار
فمن المقدّم والزمام كفاية ٌ
 
نُجْحٌ بها الإيراد والإصدار
فهما وزيراك اللذان عليهما
 
لنفوذ أمركَف السداد مدار
جبلان يقترنانِ للرأي الذي
 
لِعِداكَ منه مذلّة ٌ وصَغار
فالملك بينهما حديثٌ حُسْنُهُ
 
قَطَعَتْ لياليَها به السُّمّار
وكأن ذا سمعٌ وذا بصرٌ له
 
حَسَدتْهُما الأسْماعُ والأبصار
والليثُ إبراهيمُ قائدُك الّذي
 
تدمى بصولته له أظفار
يرمي شداد المعضلات بنفسه
 
بَطَلُ الكفاحِ وذِمْرُها المغوار
وإذا تفجّرَ جدولٌ من غمده
 
شرقتْ بماءِ غمامهِ الفجّارُ
وعبيدكَ الغلمان إن ناديتهم
 
نهضوا، مواثبة َ الأسود، وثاروا
وَمَشَوْا مع التّأييدِ قاماتٍ إلى
 
هيجاءَ مَشْيُ حُماتِهَا أشبار
سبحوا إلى الأعلاج إذ لم ينزلوا
 
من فلكهم فحجالها تيار
وَرَمَوْهُمُ بجنادلٍ فكأنّها
 
لأجورها عند الإله جمار
وبكلّ سهمٍ واقعٍ لكنه
 
بثلاثِ أجنحة ٍ له طيّار
وحموا حمى الأسوار وهي وراءهم
 
حتى كأنهم لها الأسوار
وكأنّما حَرّ المنايا عندهم
 
بردٌ إذا ما اشتدّ منه أوارُ
لا يتقي في الضرب سَيْفُكَ مِغْفَراً
 
فله من القَدَرِ المُطاعِ غِرَار
لو أن أعْرَاضاً تُجَوْهَرُ أصْبَحَتْ
 
في كفّكَ العزماتُ وهي شفار
أو أنّ للأرض الجماد تنقلاً
 
حَجّتْ إلى أمْصارِكَ الأمْصار
فليهنِك الشهرُ المعظَّمُ إنّهُ
 
ضيفٌ قراه البرّ والإيثارُ
أصبحتَ فيه لوجهِ ربّك صائماً
 
لكن لكفكَ بالندى إفطار
ضيفٌ أتاك به لتعرف حقّهُ
 
فَلَكٌ بقدرة ِ ربّهِ دَوّار
لا زالتِ الأيامُ وافدة ٍ على
 
ما تشتهي منها وما تختارُ