تاب الزمان من الذنوب فوات

تابَ الزمانُ من الذنوبِ فواتِ

​تابَ الزمانُ من الذنوبِ فواتِ​ المؤلف صفي الدين الحلي



تابَ الزمانُ من الذنوبِ فواتِ،
 
واغنم لذيذَ العيشِ قبلَ فواتِ
تمّ السرورُ بنا، فقم يا صاحبي
 
نستدركِ الماضي بنهبِ الآتي
تاقَتْ إلى شُربِ المُدامِ نُفوسُنا،
 
لا تذهبنّ بطالة ُ الأوقاتِ
تَوّجْ بكاساتِ الطَّلى هامَ الرُّبَى،
 
في رَوضَة ٍ مَطلولة ِ الزّهَراتِ
تغدو سلافُ القطرِ دائرة ً بها،
 
والكأسُ دائرَة ً بكَفّ سُقاة ِ
 
من ذا أحقّ بها من الكاساتِ
تبتْ يدا من تابَ عن رشفِ الطلى،
 
والكأسُ مُتّقِدٌ كخَدّ فَتاة ِ
تِبرِيّة ٌ لولا مُلازَمَتي لها
 
أصبحتُ معصوماً من الزلاتِ
تابعْ إلى أوقاتها داعي الصبا،
 
واعجبْ لما فيها من الآياتِ
تَمّمْ بها نَقصَ السّرورِ، فإنّها
 
عندَ الكِرامِ، تميمة ُ اللّذاتِ
تَركي لأكياسِ النُّضارِ جَهالَة ً،
 
خدُّ الغلامِ منمقٌ بنباتِ
تَبدو، وقد يَبدو النّدى بمتونِها
 
صدأً، فتلقطهُ يدُ النسماتِ
تَسري على صَفحاتِها رِيحُ الصَّبا،
 
بسَحائبٍ منهَلّة ِ العَبَراتِ
تَستَلّ فيها للبُروقِ صَوارِماً،
 
كَصَوارِمِ المَنصورِ في الغاراتِ
تعبٌ لتحصيلِ الثناءِ مجردٌ
 
للمجدِ عزماً صادقَ اللحظاتِ
تبعَ الهوى قومٌ، فكانَ هواه في
 
طلبِ العُلى وتجنبِ الشهواتِ
تَركَ الكَتائبَ في السبّاسبِ شُرَّداً،
 
فتَرى الزّمانَ مُقَيَّدَ الخُطَواتِ
تَمّتْ مَحاسِنُهُ بحُسنِ خَلاقِهِ،
 
وسنا، فزادَ الحسنُ بالحسناتِ
تاهتُ بهِ الدنيا، ولولا جوده،
 
كانَ الأنامُ هَباً بغَيرِ هِباتِ
تبكي خزائنهُ على أموالهِ،
 
من حرّ قلبٍ دائم الحسراتِ
تَتبَسّمُ الأيّامُ عندَ بُكائِها،
 
فكأنهنّ بها منَ الشماتِ
تسمو بهمتكَ ابنَ أرتقَ همة ٌ
 
حَفّتْ بألويَة ٍ من العَزَماتِ
تردي صروفَ الدهرِ وهيَ سواكنٌ،
 
إنّ السّكونَ لها من الحَركاتِ
تاقَتْ إلَيكَ قلوبُ قومٍ أصبَحَتْ
 
تلقي إليك معارقَ الفلواتِ
تركوا على شاطي الفُراتِ ديارَهم
 
وسعوا إليكَ، فأحدقوا بفراتِ
يُهدي إليكَ المادِحونَ جَواهراً،
 
منظومة ً كقلائدِ اللباتِ
تَحلُو صِفاتُكَ في القلوبِ، كأنّها
 
جاءَتْ لَمعنًى عارِضٍ في الذّاتِ
ته في الأنامِ، فلا برحتَ مؤملاً،
 
تجلو الجفونَ وتملأُ الجفناتِ