تبلج صبح الحق من مطلع الهمم

تبلج صبح الحق من مطلع الهمم

​تبلج صبح الحق من مطلع الهمم​ المؤلف ابن شيخان السالمي


تبلج صبح الحق من مطلع الهمم
فسبحان من أفنى به حلة الظلْم
وفاحت رياح النصر تنشر للورى
غواليها كادت تقوم لها الرممْ
إذا رزق الله السَّعادة عبدَهُ
أقام إلى إسعاده السيفَ والقلمْ
ومن كان ميسور المساعي ولم يقم
بأشرفها أهدى له العجزُ كل ذمْ
وإن صدَّ صادٍ والموارد حوله
تكرع في حوض التأسف والندمْ
ومن بذل النفس النفيسَة في العلا
ولم يدرك المطلوب يُعذرْ ولم يُلَمْ
ومن يُحْيِ مرعى آمناً للعدا رعَوا
ومهما أصَابُوا غِرّة منه يُختَرمْ
عدوكَ داء في الحشا وعلاجه
شراب الدِّما منه فعالج به الألمْ
وأشهد أن المجد شَهْدٌ ودونَه
مَكارهُ فاشهدهنَ والسمُّ في الدسمْ
وإنَّ العُلا مستحسن حيثما أتى
ولا سيمّا إن جاء في طاعة الحكمْ
أرى الناس أشباهاً ولكن تباينوا
صفاتٍ وفعلاً في المساعي وفي الشيمْ
وكل أقام الغرس في أرض فعله
وتختلف الأثمار في اللؤم والكرمْ
فهذا جنى الزهر الكريم وذا جنى
سواه وكل عند ربَك لم يُضَمّ
ومن يَجْنِ زهر العدل يحمد وإنَّ من
جنى ضِلَّةً يخْمد وقد خاب من ظلمْ
وهل ظالم أرخى بذا العصر مفسد
ونور بدا من صالح يكشف الظلمْ
هو الغيث في الدهما هو الليث في الوغى
هو البدر في الظلما هو الدهر في الهممْ
فتى شبَّ في مهد المكارم لم يقل
نَعم أبداً إلا وتتبعها نِعَمْ
تلوح بروق الجود في سحب كفه
فما استُسقيت إلا وتنسكب الدِيمْ
وفيه خصال ليس يدرك كنهها
تعالى بها والدر يمتاز بالقيمْ
ففي تاجه العليا وفي وجهه التقى
وفي كفه النُعمى وفي سيفه النِقَمْ
وأيده المولى بأشباله فهم
كرام المساعي أبطن الجود والكرمْ
فعيسو ربيع الممحلات وبهجة ال
حياة وبحر المكرمات وبدر تِمّ
ولله عبد الله إن جاد أو سطا
أغاث الورى واستأسر البُهم كالبهمْ
وأحمد ذياك الخطيب بمنبر ال
مفاخر محمود المكارم والشيمْ
وأما علي فهو في ذروة العُلا
عليٌ غدا في منصب الفضل كالعلمْ
همَ الماطروا اللأوا هم الناصرو اللوا
هم القاصفو الأغوى هم الكاشفو الأَهمّ
بهم قد غدا في النائبات مؤيداً
وإن كان أمر الدين قِدْماً به التزمْ
أقام لواء الحق في كل موطن
وألَّف بين الذئب في العدل والغنمْ
ومن يأب إلا العدل في فصل حكمه
تساوى له المخدوم في الفضل والخدم
أتاهُ رجال يلتجون بظلّه
فأمنهم من كل مستكبر غَشَمْ
وكم رام قوم ختله فتعاكست
أمورهم فيهم فألقوا له السلَمْ
وأعقد محض النصح ديناً إلى بني
شهيم فعادوه وحلوا له الذممْ
أتاهم بجيش كالفرات تدافعاً
وكالليل مسوداً وكالسّيل إذ سجمْ
ومرَّ عصيراً كالغمام عليهم
فصبَّ على هاماتهم حصب النِقمْ
ودانت له بالطوع عوف وحاجر
متى شاهد تلك الرواجف والعظمْ
وعوف وما عوف ديار ترفعت
سماءٌ رمى بنيانَها البغيُ فانهدمْ
وسار متى استولى وفاض على دما
ودُون دُما فتك الحياة وسفك ذمّ
ديار رست فوق المجرّة واختفت
بحافاتها سبل تزل بها القدمْ
وفيها ليوث من شهيم أغرَّة
مجاهيل لا يدرون ما الحِلُّ والحَرمْ
فكرَّ عليهم ذو الجناحين جيشُه
وقطّعهم في الأرض لحماً على وضَمْ
وغيّمت الأرجا وأبرقت الظُبا
وأرعدت الصمعا وأورقت القِمَمْ
غدوا بين مأسور وجرحى وهارب
وقتلى ولم يبرح بدارهم أدمْ
وللغبرة الخضراء حصن متى سخت
به كوفئت بالصّفح عن أهلها الحشمْ
وهدَّم ذاك الحصن صرماً لكيدهم
كذلكم بالماء قد يُخْمَد الضَرَمْ
وخبتهم قد أذعنت بجباهها
له وقضى في هدم بنيانها الأشمّ
وعفَّ عن اسماعيَّة يوم سالمت
وصفّد مقدام الفلاحات إذ جرمْ
وعفوك مذموم إلى غير راجع
وعفوك محمود لمن آب بالندمْ
ومذ فتح الوادي جيوشُك أرخوا
بلا تعب القتل دُما نحوها السَلَمْ
فَمُلِّكتَ يا غوثَ البلاد ديارَهم
وأُبْتَ إلينا بالجلالة والعِظَمْ
وأصبحت مجبور الجناح مُبَرَّءاً
من الذل يرقى طيرُك الشرفَ الأتم