تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار/الجزء الأول/فصل:حكاية أبي يعقوب يوسف المذكور

ملاحظات: حكاية أبي يعقوب يوسف المذكور - صفحة 27


يحكي أنه دخل مدينة دمشق، فمرض بها مرضا شديدا، وأقام مطروحا بالأسواق. فلما برئ من مرضه، خرج إلى ظاهر دمشق ليلتمس بستانا يكون حارسا له. فاستؤجر لحراسة بستان للملك نور الدين، واقام في حراسته ستة أشهر فلما كان في أوان الفاكهة أتى السلطان إلى ذلك البستان، وأمر وكيل البستان أبا يعقوب أن يأتي برمان يأكل منه السلطان، فأتاه برمان. فوجده حامضا، فأمره أن يأتي بغيره، ففعل ذلك. فوجده أيضا حامضا. فقال له الوكيل: أتكون حراسة هذا البستان منذ ستة أشهر ولا تعرف حلو من الحامض ? فقال: إنما أستأجرتني على الحراسة لا على الكل، فأتى الوكيل إلى الملك فأعلمه بذلك بعث إليه الملك، وكان قد رأى في المنام أنه يجمع مع أبي يعقوب، وتحصل له منه فائدة، فتفرس أنه هو. فقال له: أنت أبو يعقوب ? قال: نعم. فقام إليه، وعانقه، وأجلسه إلى جانبه، ثم احتمله إلى مجلسه، فأضافه بضيافة من الحلال المكتسب بكد يمينه، وأقام عنده أياما. ثم خرج من دمشق فارا بنفسه في أوان البرد الشديد، فأتى قرية من قراها. وكان بها رجل من الضعفاء فعرض عليه النزول عنده ففعل. وصنع له مرقة، وذبح دجاجة فأتاه بها، وبخبز شعير فأكل من ذلك، ودعا الرجل، وكان عنده جملة أولاد، منهم بنت قد آن بناء زوجها عليها.

ومن عوائدهم في تلك البلاد أن البنت يجهزها أبوها، ويكون معظم الجهاز أواني النحاس، وبه يتفاخرون، وبه يتبايعون. فقال أبو يعقوب للرجل: هل عندك شيء من النحاس. قال: نعم. قد اشتريت منه لتجهيز هذه البنت، قال ائتني به أتاه به. فقال له: استعر من جيرانك ما أمكنك منه، ففعل، وأحضر ذلك بين يديه فأوقد عليه النيران. وأخرج صرة كانت عنده فيها الإكسير . فطرح منه على النحاس فعاد كله ذهبا، وتركه في بيت مقفل وكتب كتابا إلى نور الدين ملك دمشق يعلمه بذلك. وينبهه على بناء مارستان للمرضى من الغرباء، ويوقف عليه الأوقاف، ويبني الزوايا بالطرق، ويرضي أصحاب النحاس، ويعطي صاحب البيت كفايته، وقال له في آخر الكتاب: وإن كان إبراهيم بن أدهم قد خرج عن ملك خراسان فأنا قد خرجت من ملك المغرب، وعن هذه الصنعة والسلام، وفر من حينه، وذهب صاحب البيت بالكتاب إلى الملك نور الدين، فوصل الملك إلى تلك القرية واحتمل الذهب، بعد أن أرضى أصحاب النحاس، وصاحب البيت.

وطلب أبا يعقوب فلم يجد له أثرا ولا وقع له على خبر. فعاد إلى دمشق وبنى المارستان المعروف باسمه الذي ليس له في المعمور مثله. ثم وصلت إلى مدينة طرابلس، وهي إحدى قواعد الشام، وبلدانها الضخام. تخترقها الأنهار، وتحفها البساتين والأشجار، ويكنفها البحر بمرافقه العميمة، والبر بخييراته المقيمة. ولها الأسواق العجيبة، والمسارح الخصيبة. والبحر ميلين منها. وهي حديثة البناء. وأما طرابلس القديمة فكانت على ضفة البحر وتملكها الروم زمانا فلما استرجعها الملك الظاهر خربت، واتخذت هذه الحديثة وبهذه المدينة نحو أربعين من أرماء الأتراك. وأميرها طيلان الحاجب المعروف بملك الأمراء. ومسكنه بالدار المعروفة بدار السعادة. ومن عوائده أن يركب في كل يوم اثنين وخميس ويركب معه الأمراء والعساكر. ويخرج إلى ظاهر المدينة. فإذا عاد إليها. وقارب الوصول إلى منزله، ترجل الأمراء، ونزلوا عن دوابهم، ومشوا بين يده، حتى يدخل منزله، وينصرفون وتضرب الطبلخانة عند دار كل أمير منهم بعد صلاة المغرب من كل يوم، وتوقد المشاعل.

وممن كان بها من الأعلام كاتب السر بهاء الدين بن غانم أحد الفضلاء الحسباء معروف بالسخاء والكرم، وأخوه حسام الدين هو شيخ القدس الشريف، وقد ذكرناه، وأخوهما علاء الدين كاتب السلر بدمشق. ومنهم وكيل بيت المال قوام الدين بن مكين من أكابر الرجال. ومنهم قاضي قضاتها شمس الدين بن النقيب من أعلام علماء الشام. وبهذه المدينة حمامات حسان منها حمام القاضي القرمي. وحمام سندمور. وكان سندمور أمير هذه المدينة. ويذكر عنه أخبار كثيرة في الشدة على أهل الجنايات. منها امرأة شكت إليه بان أحد مماليكه الخواص تعدى عليها في لبن كانت تبيعه فشربه، ولم تكن لها بينة. فأمر به فوسط فخرج اللبن من مصرنه. وقد اتفق مثل هذه الحكاية للعتريس أحد أمراء الملك الناصر أيام إمارته على عيذاب. واتفق مثلها للملك كبك سلطان تركستان.

ثم سافرت من طرابلس إلى حصن الأكراد، وهو بلد

رحلة ابن بطوطة - الجزء الأول
مقدمة | صفحة: 2 | بدء الرحلة والخروج من طنجة | صفحة: 4 | صفحة: 5 | ذكر سلطان تونس | صفحة : 6 | ذكر أبوابها ومرساها | ذكر المنار | ذكر عمود السواري | ذكر بعض علماء الإسكندرية | حكاية | صفحة: 8 | صفحة: 9 | صفحة: 10 | صفحة: 11 | صفحة: 12 | صفحة: 13 | حكاية | صفحة: 14 | صفحة: 15 | ذكر مسجد عمرو بن العاص | ذكر قرافة مصر ومزاراتها | ذكر نيل مصر | ذكر الأهرام والبرابي | ذكر سلطان مصر | ذكر بعض أمراء مصر | ذكر القضاة بمصر في عهد دخولي إليها | حكاية | ذكر بعض علماء مصر وأعيانها | ذكر يوم المحمل | حكاية خصيب | حكاية | صفحة: 22 | صفحة: 23 | صفحة: 24 | ذكر المسجد المقدس | ذكر قبة الصخرة | ذكر بعض المشاهد المباركة بالقدس الشريف | ذكر بعض فضلاء القدس | صفحة: 26 | حكاية أبي يعقوب يوسف المذكور | صفحة: 28 | صفحة: 29 | صفحة: 30 | صفحة: 31 | حكاية | حكاية | حكاية أدهم | حكاية | حكاية | حكاية | صفحة: 38 | صفحة: 39 | ذكر جامع دمشق المعروف بجامع بني امية | صفحة: 40 | صفحة: 41 | صفحة: 42 | ذكر الأئمة بهذا المسجد | ذكر المدرسين والمعلمين به | ذكر قضاة دمشق | حكاية | ذكر مدارس دمشق | حكاية | ذكر أبواب دمشق | ذكر بعض المشاهد والمزارات بها | حكاية في سبب تسميته بذلك | حكاية | ذكر أرباض دمشق | ذكر قاسيون ومشاهده المباركة | ذكر الربوة والقرى التي تواليها | ذكر الأوقاف بدمشق وبعض فضائل أهلها وعوائدهم | صفحة: 48 • حكاية | صفحة: 49 | صفحة: 50 • ذكر سماعي بدمشق ومن أجازني من أهلها | صفحة: 51 | صفحة: 52 | صفحة: 53 • طيبة مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وشرف وكرم • ذكر مسجد رسول الله وروضته الشريفة| صفحة: 54 | صفحة: 55 • حكاية | صفحة: 56 • ذكر خدام المسجد الشريف والمؤذنين به • حكاية • ذكر المجاورين بالمدينة الشريفة • حكاية | صفحة: 57 • ذكر أمير المدينة الشريفة • ذكر بعض المشاهد الكريمة بخارج المدينة الشريفة | صفحة: 58 • حكاية | صفحة: 59 | صفحة: 60 • ذكر مدينة مكة المعظمة • ذكر المسجد الحرام شرفه الله وكرمه | صفحة: 61 • ذكر الكعبة المعظمة الشريفة زادها الله تعظيما وتكريما • ذكر الميزاب المبارك | صفحة: 62 • ذكر الحجر الأسود • ذكر المقام الكريم • ذكر الحجر والمطاف | صفحة: 63 • ذكر زمزم • ذكر أبواب المسجد الحرام وما دار به من المشاهد الشريفة | صفحة: 64 • ذكر الصفا والمروة • ذكر الجبانة المباركة | صفحة: 65 • ذكر بعض المشاهد خارج مكة | صفحة: 66 • ذكر الجبال المطيفة بمكة | صفحة: 67 • حكاية • ذكر أميري مكة | صفحة: 68 • ذكر أهل مكة وفضائلهم • ذكر قاضي مكة وخطيبها | صفحة: 69 • حكاية مباركة • حكاية | صفحة: 70 • ذكر المجاورين بمكة • حكاية في فضيلة | صفحة: 71 • حكاية | صفحة: 72 | صفحة: 73 • حكاية • ذكر عادة أهل مكة في صلواتهم ومواضع أئمتهم | صفحة: 74 • ذكر عاداتهم في الخطبة وصلاة الجمعة • ذكر عاداتهم في استهلال الشهور • ذكر عادتهم في شهر رجب | صفحة: 75 • ذكر عمرة رجب | صفحة: 76 • ذكر عادتهم في ليلة النصف من شعبان • ذكر عادتهم في شهر رمضان المعظم | صفحة: 77 • ذكر عادتهم في شوال • ذكر إحرام الكعبة | صفحة: 78 • ذكر شعائر الحج وأعماله | صفحة: 79 • ذكر كسوة الكعبة • ذكر الانفصال عن مكة شرفها الله تعالى | صفحة: 80 | صفحة: 81 | صفحة: 82 • ذكر الروضة والقبور التي بها • ذكر نقيب الأشراف | صفحة: 83 • حكاية | صفحة: 84 | صفحة: 85 • مدينة واسط • حكاية | صفحة: 86 • مدينة البصرة • حكاية اعتبار | صفحة: 87 • ذكر المشاهدة المباركة بالبصرة | صفحة: 88 | صفحة: 89 • حكاية | صفحة: 90 • ذكر ملك إيذج وتستر • حكاية • حكاية | صفحة: 91 | صفحة: 92 | صفحة: 93 • كرامة لهذا الشيخ | صفحة: 94 | صفحة: 95 • حكاية | صفحة: 96 • ذكر سلطان شيراز | صفحة: 97 | صفحة: 98 • حكاية • حكاية تناسبها • حكاية تناسبها | صفحة: 99 • ذكر بعض المشاهد بشيراز | صفحة: 100 • كرامة لهذا الشيخ | صفحة: 101 • حكاية | صفحة: 102 • كرامة لبعضهم | صفحة: 103 • مدينة الكوفة | صفحة: 104 • مدينة بغداد | صفحة: 105 • ذكر الجانب الغربي من بغداد | صفحة: 106 • ذكر الجانب الشرقي منها • ذكر قبور الخلفاء ببغداد • وقبور بعض العلماء والصالحين بها | صفحة: 107 • ذكر سلطان العراقين وخراسان | صفحة: 108 | صفحة: 109 • ذكر المتغلبين على الملك بعد موت السلطان أبي سعيد |