تظن ليالينا عودا

(حولت الصفحة من تظنُّ ليالينا عودا)

تظنُّ ليالينا عودا

​تظنُّ ليالينا عودا​ المؤلف مهيار الديلمي


تظنُّ ليالينا عودا
على العهد من برقتي ثهمدا
و هل خبرُ الطيفِ من بعدهم
إذا طاب يصدقك الموعدا
و يا صاحبي أين وجهُ الصباح
و أين غدٌ صفْ لعيني غدا
أسدوا مسارحَ ليل العرا
ق أم صبغوا فجره أسودا
و خلفَ الضلوعِ وفيرٌ أبي
و قد بردَ الليلُ أن يبردا
خليليَّ لي حاجةٌ ما أخفَّ
برامةَ لو حملتْ مسعدا
أريدُ لتكتمَ وابن الأرا
ك يفضحها كلما غردا
و بالرمل سارقةُ المقلتي
ن تكحل أجفانها المرودا
إذا هصرتْ هصرتْ بانةً
و إن سئلتْ سئلتْ جلمدا
أحبّ وإن أخصبَ الحاضرون
بباديةِ الرمل أن أخلدا
و أهوى الظباءَ لأمّ البنينَ
بما تشبهُ الرشأَ الأغيدا
و عيناً يردنَ لصابَ الغوير
بأنقعَ من مائه للصدى
فليت وشيبي بحامِ العذارِ
زمانَ الغضا عاد لي أمردا
و يا قلبُ قبلك ضلَّ القلو
بُ لو كنت أملك أن تنشدا
أرى كبدي قسمتْ شقتينْ
مع الشوق غور أو أنجدا
فبالنعفِ ضائعةٌ شعبةٌ
و أخرى بميسانَ ما أبعدا
و ما خلتُ لي واسطا عقلةً
تعلم نوميَ أن يشردا
و لا أنني أستشمّ الجنو
بَ أطيبَ ريحيَ أو بردا
و أطرحُ منحدرا ناظري
لها أبتغي رفدها المصعدا
و أحمدُ من نشرها أنه
إذا هبّ مثلَ لي أحمدا
و لا كنتُ قبلكِ في حاجةٍ
لتحملَ عنقي لريح يدا
أسالكَ دجلةَ تجري به
محايدةً موجها المزبدا
صهابيةُ اللون قاريةٌ
تخالف صبغتها المولدا
تحنّ وما سمعتْ في الظلا
م غيرَ غناء النواتي حدا
لها رسنٌ في يمين الشمال
إذا ضل قائفُ أرضٍ هدى
تحملْ سلمتَ على المهلكاتِ
و ساقَ لك اللهُ أن ترشدا
رسائلَ عنيّ تقيم الجموحَ
و تستعطف العنقَ الأصيدا
أجيراننا أمس جار الفرا
قُ بيني وبينكم واعتدى
جفا المضجعَ السبطَ جنبي لكم
محافظةً ونفى المرقدا
و أوحشتمُ ربعَ أنسي فعاد
يهدم بانيهِ ما شيدا
و فاجأني بينكمْ بغتةً
و لم أك للبين مستعددا
ففي جسدي ليس في جبتي
نوافذُ ما سلَّ أو سددا
تمتنك عيني وقلبي يراك
بشوقيَ حاشاك أن تفقدا
كأنيَ سرعةَ ما فتني
عدمتك من قبلِ أن توجدا
لئن نازعتني يدُ الملك فيك
فلم أستطع بدفاعٍ يدا
فحظٌّ عساه وإن ساءني
يكون بما سرني أعودا
دعوك لتعدلَ ميلَ الزمانِ
و يصلحَ رأيك ما أفسدا
يسومون كفك سبرْ الجراح
و قد أخذتْ في العظام المدى
سيبصر مستقربا من دعا
ك موضعَ تفريطه مبعدا
و يعلم كيف انجفالُ الخطوب
إذا سلَّ منك الذي أغمدا
و إن كان منكبهُ منجبا
درى أيَّ صمصامةٍ قلدا
و قبلك لو أثلثَ الفرقدي
ن خابطُ عشوائهم ما اهتدى
و لما رأوك أمام الرعي
لِ ألقوا إلى عنقك المقودا
و أدنوا لحمل المهمات من
ك بزلاءَ عجلزةً جلعدا
إذا ثقلَ الحملُ قامت به
و إن ظلعتْ نهضتْ أجلدا
تكون لراكبها ما استقا
م دون خطار الفيافي فدى
و تضحى على الخمسْ لا تستري
بُ عجرفةً أن ترى الموردا
تطيعُ اللسانَ فإن عوسرتْ
أثاروا بها الأسدَ الملبدا
إذا ما الفتى لم تجدْ نفسه
بهمتها في العلا مصعدا
سوى غلطِ الحظَّ أو أن يع
ذَ في قومه نسبا قعددا
فلله أنت ابنُ نفسٍ سمتْ
لغايتها قبلَ أن تولدا
إذا خيرَّ اختار إحدى اثنتي
ن إما العلاء وإما الردى
كأني أراك وقد زاحموا
بك الشمسَ إذ عزلوا الفرقدا
و خاطوا النجومَ قميصا عليك
و لاثوا السحابَ مكانَ الردا
و صانوك عن خرقٍ في الحلي
فحلوا طليُ خيلك المسجدا
و إن أخلق الدهرُ ألقابهم
بما كثر منها وما رددا
رضوا باختياري أن أصطفي
لك اللقبَ الصادقَ المفردا
فكنيتُ نفسك أمَّ العلاء
و سميتُ كفك قطرَ الندى
و هل سمعوا في اختلاف اللغات
بلجة بحرٍ تسمى يدا
منىً فيك بلتْ يدي منذُ شم
تُ عارضها المبرقَ المرعدا
فتمَّ فراغُ عهودي فقد
أمنتك من قبلِ أن تعهدا
فلا ترمينَّ بحقيَّ ورا
ء ظهرِ النسيئة ملقىً سدى
و لا يشغلنكَ عزُّ الولا
ة عن حرماتي وبعدُ المدى
فليس الوفيُّ المراعى القريبَ
و لكنه من رعى الأبعدا
تحليتُ طعمةَ عيشي المري
ر يومَ لقيتك مسترغدا
و أيقنتُ أن زماني يص
ير عبديَ مذ صرتَ لي سيدا
و أصبح من كان يقوى عليَّ
و غايتهُ فيَّ أن يحسدا
و قد كنتُ أصعبَ من أن أصا
دَ رأسا وأعوزَ أن أوجدا
إذا استام وديَ أو مدحتي
فتىً رام أخنسَ مستطردا
يفالتُ قطعا حبالَ القنيص
يرى كلَّ موطنه مشردا
فآنستني بمديح الرجال
و ذللتني لقبول الجدا
و لو راض خلقك لؤمَ الزمان
لعلمه المجدَ والسؤددا
فما أمكنَ القولُ فاسمع أزرك
قوافيَ بادئةً عودا
قواضيَ حقَّ الندى والودا
دمثنيً تؤمك أو موحدا
إذا أكلَ الدهرُ أعواضها
من المال عمرها سرمدا
لو اسطاع سامعُ أبياتها
إذا قام راوٍ بها منشدا
لصيرَّ أبياتها سبحةً
و مثلَ قرطاسها مسجدا
مهنئةً أبدا من علاك
بما استأنفَ الحظُّ أو جددا
و بالصوم والعيدِ حتى تكو
نَ آخرَ من صام أو عيدا
و حتى ترى واحدا باقيا
كما كنتَ في دهرنا أوحدا