تنهد لما عن سرب النواهد

تَنَهّدَ لما عن سِرْبُ النواهدِ

​تَنَهّدَ لما عن سِرْبُ النواهدِ​ المؤلف عبد الجبار بن حمديس


تَنَهّدَ لما عن سِرْبُ النواهدِ
على بعدِ عهدٍ بالصبا والمعاهد
وعطفُ قلوبٍ من دُماها بمنطقٍ
كفيلٌ بتأنيسِ الظباءِ الشوارد
ذكرتُ الصبا والحانيات على الصبا
وهنّ لأجساد الصبا كالمجاسد
فبرّح بي شوقٌ إليها معاوِدٌ
وناهيك من تبريحِ شوقٍ معاود
على حينِ لم أركبْ عتاقَ صبابتِي
ولا ذُعِرْتُ في سِربْهنّ طرائدي
متى تصدرُ الأحلامُ من غير فتنة
ومن غرضِ الأحداق بيض الخرائد
لقد رادني روضاً من الحسن ناظري
فلي محلُ جسمٍ جرهُ خِصبُ رائدي
وأصبحتُ من مسك الذوائب ذائباً
أما يقتلُ الآساد سمُّ الأساود
وإني لذو قلب أبيٍّ حملته
ليحمل عني مثقلات الشدائد
فلا غرو إن لانت لظبيٍ عريكتي
أنا صائدُ الضرغام والظبي صائدي
أيا هذه استبقي على الجسم، إنَّني
كثيرٌ سقامي حيث قلَّت عوائدي
مُسَاءٌ ببينٍ فرَّقتنا صروفه
عباديد إلاَّ في علوَّ المقاصد
ظلمنا المطايا ظلم أيامنا لنا
لكلّ على الساري به صدر حاقد
تكلفنا الهمَّات نيل مرادها
ومن للمطايا باتصال الفراقد
مقاودها تفني قواها كأنها
مكاحل يفنى كحلها بالمراود
وليلة أعطينا الحشاشات فضلة
من النوم صرعى بين غُبر الفدافد
وقد وردت ماءَ الصباح بأعينٍ
نوائم في رأي العيون، سواهد
فقلت لأصحابي ارفعوا من صدورها
فقد رفع الإصباح رايةَ عاقد
إذا نظمت شمل المنى بمحمدٍ
نثرنا على علياه درّ المحامد
وأضحت لديه معتقاتٍ ومتعت
بخضر المراعي بين زرق الموارد
همامٌ يهز الملكُ عطفيه كلما
علا الناس منه كعبُ أروعَ ماجد
وأكبرُ يأوي من ذؤابةِ يعربٍ
إلى ذروة البيت الرّفيع القواعد
تلاقى الملوك الغرّ حول سريره
فمن راكع مضغيْ الجفون وساجدِ
يكفُّون أبصاراً عن سميدع
تديمُ إليه الشمس نظرة حاسد
إذا اقتادَ جيشاً ساطعَ النقع أنذرتْ
طلائعُهُ جيشَ العدو المكابد
ومن يكُ بالنصرِ العزيزِ مؤيَّدا
مِنَ الله لا ينصبْ حبالَ المكايد