جعل الرقاد لكي يواصل موعدا

جعلَ الرقادَ لكيْ يواصلَ موعدا

​جعلَ الرقادَ لكيْ يواصلَ موعدا​ المؤلف بهاء الدين زهير


جعلَ الرقادَ لكيْ يواصلَ موعدا
من أينَ لي في حبهِ أنْ أرقدا
وَهوَ الحَبيبُ فكيفَ أصْبَحَ قاتِلي
وَالله لوْ كانَ العدوُّ لَمَا عَدَا
كم راحَ نَحوي لائِمٌ وَغَدا وما
راحَ الملامُ بمسمعيّ ولا غدا
في كلّ معتدلِ القوامِ مهفهفٍ
حلوِ التثني والثنايا أغيدا
يحكي الغزالَةَ بَهجَةً وَتَباعُداً
ويقولُ قومٌ مقلةً ومقلدا
وكذاكَ قالوا الغُصنُ يشبهُ قدَّهُ
يا قدَّهُ كلُّ الغُصُونِ لكَ الفِدَا
يا رامياً قلبي بأسهمِ لحظهِ
أحسبتَ قلبي مثلَ قلبكَ جلمدا
وهَوَاكَ لوْلا جورُ أحكامِ الهوَى
ما باتَ طَرْفي في هَواكَ مُسَهَّدَا
وَإلَيكَ عاذِلُ عن مَلامةِ مُغرَمٍ
ما أتهمَ العذالُ إلاّ أنجدا
أو ما ترى ثغرَ الأزاهرِ باسماً
فرحاً وعريانَ الغصونِ قد ارتدى
وَقَفَ السّحابُ على الرُّبى مُتَحَيّراً
ومشى النسيمُ على الرياض مقيدا
ويَشُوقُني وَجهُ النّهارِ مُلَثَّماً
وَيَرُوقُني خَدُّ الأصيلِ مُوَرَّدَا
وكأنّ أنفاسَ النسيمِ إذا سرتْ
شكرتْ لمجدِ الدينِ مولانا يدا
مولىً لهُ في الناسِ ذكرٌ مرسلٌ
ونَدًى رَوَتْهُ السُّحبُ عنهُ مُسنَدَا
ألِفَ النّدى وَالسيفَ راحةُ كَفّهِ
فهما هُناكَ مُعرَّباً وَمُهَنّدَا
وإذا استَقَلّ على الجوادِ كأنّهُ
ظامٍ وقد ظَنّ المَجَرَّةَ مَوْرِدَا
جعلَ العنانَ لهُ هنالكَ سبحةً
وغدا لهُ سرجُ المطهمِ مسجدا
مولىً بدا من غيرِ مسألةٍ بما
حازَ المُنى كرَماً وعادَ كَما بَدَا
وأنالَ جوداً لا السحابُ ينيلهُ
يوماً وإن كانَ السحابُ الأجودا
يُعزَى لقَوْمٍ سادَةٍ يَمَنيّةٍ
أعلى الوَرَى قَدْراً وأزْكى مَحتِدَا
الحالبينَ البدنَ من أوداجها
وَالمُوقِدينَ لهَا القَنَا المُتَقَصِّدَا
والغالبينَ على القلوبِ مهابةً
والواصِلينَ إلى القُلوبِ تَوَدُّداً
وَإذا الصّريخُ دَعاهُمُ لُملِمّةٍ
جعلوا صَليلَ المُرْهَفاتِ له صَدَى
يا سَيّداً للمَكرُماتِ مُشَيِّداً
لا فلّ غربكَ سيداً ومشيدا
لكَ في المعالي حجةٌ لا تدعى
لمُعانِدٍ وَمحَجّةٌ لا تُهتَدَى
وافاكَ شهرُ الصومِ يا من قدرهُ
فينا كليلةِ قدرهِ لن يجحدا
وَبَقيتَ حَيّاً ألفَ عامٍ مثلَهُ
متضاعفاً لكَ أجرهُ متعددا
والدهرُ عندكَ كلهُ رمضانُ يا
مَن لَيس يَبرَحُ صائِماً مُتَهجّدَا