الفرق بين المراجعتين لصفحة: «تفسير ابن كثير/سورة المسد»

تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
لا ملخص تعديل
طلا ملخص تعديل
سطر 10:
 
 
== تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2) سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5) ==
تفسير سورة تبت وهي مكية.
 
وهي مكية.
بسم الله الرحمن الرحيم
 
=== { تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2) سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5) } ===
قال البخاري : حدثنا محمد بن سلام ، حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش ، عن عمرو بن مُرّة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى البطحاء ، فصعد الجبل فنادى : "يا صباحاه". فاجتمعت إليه قريش ، فقال : "أرأيتم إن حَدثتكم أن العدوّ مُصبحكم أو مُمْسيكم ، أكنتم تصدقوني ؟ ". قالوا : نعم. قال : "فإني نذيرٌ لكم بين يدي عذاب شديد". فقال أبو لهب : ألهذا جمعتنا ؟ تبا لك. فأنزل الله : { تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ } إلى آخرها (1).
وفي رواية : فقام ينفض يديه ، وهو يقول : تبا لك سائر اليوم. ألهذا جمعتنا ؟ فأنزل الله : { تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ } (2).
السطر 21 ⟵ 22:
ثم رواه عن سُرَيج ، عن ابن أبي الزناد ، عن أبيه ، فذكره - قال أبو الزناد : قلت لربيعة : كنت يومئذ صغيرًا ؟ قال : لا والله إني يومئذ لأعقل أني أزفر القربة. تفرد به أحمد (5).
وقال محمد بن إسحاق : حدثني حُسَين بن عبد الله بن عُبيد الله بن عباس قال : سمعت ربيعة بن عباد الديلي يقول : إني لمع أبي رجل شاب ، أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبع القبائل - ووراءه
 
__________
 
(1) صحيح البخاري برقم (4972).
* (21) صحيح البخاري برقم (1394 ، 4801 ، 35254972).
* (12) صحيح البخاري برقم (49721394 ، 4801 ، 3525).
* (3) في م : "أعمام النبي".
(4) المسند (4/341).
* (54) المسند (4/341).
* (45) المسند (4/341).
(8/514)
 
________________________________________
 
رجل أحول وضيء ، ذو جُمَّة - يَقِفُ رسول الله صلى الله عليه وسلم على القبيلة فيقول : "يا بني فلان ، إني رسول الله إليكم ، آمركم أن تعبدوا الله لا تشركوا به شيئا ، وأن تصدقوني وتمنعوني حتى أنفِّذَ عن الله ما بعثني به". وإذا فرغ من مقالته قال الآخر من خلفه : يا بني فلان ، هذا يريد منكم أن تسلُخوا اللات والعزى ، وحلفاءكم من الجن من بني مالك بن أُقَيْش ، إلى ما جاء به من البدعة والضلالة ، فلا تسمعوا له ولا تتبعوه. فقلت لأبي : من هذا ؟ قال : عمه أبو لهب (1).
رواه أحمد أيضا ، والطبراني بهذا اللفظ (2).
السطر 42 ⟵ 47:
كذا حكاه ، ولم يعزه إلى أحد. والصحيح الأول ، والله أعلم.
قال سعيد بن المسيب : كانت لها قلادة فاخرة فقالت : لأنفقنها في عداوة محمد ، يعني : فأعقبها الله بها حبلا في جيدها من مسد النار.
 
__________
 
* (1) انظر : السيرة النبوية لابن هشام (1/423).
* (2) المسند (3/492) والمعجم الكبير (5/63).
* (3) زيادة من م.
(8/515)
 
________________________________________
 
وقال ابن جرير : حدثنا أبو كُرَيْب ، حدثنا وكيع ، عن سليم (1) مولى الشعبي ، عن الشعبي قال : المسد : الليف.
وقال عروة بن الزبير : المسد : سلسلة ذرعها سبعون ذراعًا.
السطر 57 ⟵ 66:
ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد ومعه أبو بكر ، فلما رآها أبو بكر قال : يا رسول الله ، قد أقبلت وأنا أخاف عليك أن تراك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إنها لن تراني". وقرأ قرآنا اعتصم به ، كما قال تعالى : { وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا } [ الإسراء : 45 ]. فأقبلت حتى وقفت على أبي بكر ولم تر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا أبا بكر ، إني أخبرت أن صاحبك هجاني ؟ قال : لا ورب هذا البيت ما هجاك. فولت وهي تقول : قد علمت قريش أني ابنة سيدها. قال : وقال الوليد في حديثه أو غيره : فعثَرَت أم جميل في مِرْطها وهي تطوف بالبيت ، فقالت : تَعس مُذَمَّم. فقالت أم حكيم بنت عبد المطلب : إني لحصانُ فما أكلَّم ، وثَقَافُ فما أعلَّم ، وكلنا من بني العم ، وقريش بعد أعلم (3).
وقال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا إبراهيم بن سعيد وأحمد بن إسحاق قالا حدثنا أبو أحمد ، حدثنا عبد السلام بن حرب ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جُبَير ، عن ابن عباس قال : لما نزلت : { تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ } جاءت امرأة أبي لهب ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس ، ومعه أبو بكر. فقال له أبو بكر : لو تَنَحَّيت لا تُؤذيك بشيء. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إنه سَيُحال بيني وبينها". فأقبلت حتى وقفت على أبي بكر فقالت : يا أبا بكر ، هجانا صاحبك. فقال أبو بكر : لا ورب هذه البنية ما نَطَق بالشعر ولا يتفوه به. فقالت : إنك لمصدق ، فلما ولت قال أبو بكر ، رضي الله عنه : ما رأتك ؟ قال : "لا ما زال ملك يسترني حتى ولت".
 
__________
 
(1) في أ : "سليمان".
* (1) في أ : "سليمان".
* (2) الصحاح للجوهري ، مادة "مسد" (1/535).
* (3) مسند الحميدي (1/153) ورواه أبو يعلى في مسنده (1/53) من طريق سفيان به ، وسبق تخريجه عند تفسير الآية : 45 من سورة الإسراء.
(8/516)
 
________________________________________
 
ثم قال البزار : لا نعلمه يُروَى بأحسنَ من هذا الإسناد ، عن أبي بكر ، رضي الله عنه (1).
وقد قال بعض أهل العلم في قوله تعالى : { فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ } أي : في عنقها حبل في نار [جهنم] (2) تُرفَع به إلى شفيرها ، ثم يرمى بها إلى أسفلها ، ثم كذلك دائما.
السطر 73 ⟵ 86:
قال العلماء : وفي هذه السورة معجزة ظاهرة ودليل واضح على النبوة ، فإنه منذ نزل قوله تعالى : { سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ } فأخبر عنهما بالشقاء وعدم الإيمان ، لم يقيض لهما أن يؤمنا ، ولا واحد منهما لا ظاهرًا ولا باطنًا ، لا مسرًا ولا معلنًا ، فكان هذا من أقوى الأدلة الباهرة على النبوة الظاهرة.
[آخر تفسير "تبت" ولله الحمد والمنة] (4)
 
__________
 
* (1) مسند البزار برقم (2294) "كشف الأستار" ، ورواه أبو يعلى في مسنده (1/33) من طريق عبد السلام بن حرب به ، وقال الهيثمي في المجمع (7/144) : "فيه عطاء بن السائب وقد اختلط".
* (2) زيادة من م ، أ.
* (3) التنوير في مولد السراج المنير لابن دحية الكلبي ، عمله لملك إربل. انظر : وفيات الأعيان (3/122).
* (4) زيادة من م ، أ.