الفرق بين المراجعتين لصفحة: «مجموع الفتاوى/المجلد الخامس/زعم ابن حزم أن العود لم يروه إلا زاذان عن البراء»

تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
Obaydb (نقاش | مساهمات)
استيراد تلقائي للمقالات - كتابة على الأعلى
ط تصليح
سطر 37:
ففي هذه الأحاديث من صعود الروح إلى السماء، وعودها إلى البدن، ما بين أن صعودها نوع آخر، ليس مثل صعود البدن ونزوله.
 
وروينا عن الحافظ أبي عبد الله محمد بن منده في كتابالروح والنفس: حدثنا أحمد بن محمد بن إبراهيم، ثنا عبد الله بن الحسن الحراني، ثنا أحمد بن شعيب، ثنا موسى بن أيمن، عن مطرف، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير هذه الآية: {الله يَتَوَفي الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا} <ref name="الزمر: 42">[الزمر: 42]</ref>. قال: تلتقي أرواح الأحياء في المنام بأرواح الموتى ويتساءلون بينهم، فيمسك الله أرواح الموتى، ويرسل أرواح الأحياء إلى أجسادها.
 
وروى الحافظ أبو محمد بن أبي حاتم في تفسيره: حدثنا عبد الله بن سليمان، ثنا الحسن، ثنا عامر، عن الفُرَات، ثنا أسباط عن السدى: {وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا} قال: يتوفاها في منامها. قال: فتلتقي روح الحي وروح الميت فيتذاكران ويتعارفان. قال: فترجع روح الحي إلى جسده في الدنيا إلى بقية أجله في الدنيا. قال: وتريد روح الميت أن ترجع إلى جسده فتحبس.
 
وهذا أحد القولين وهو أن قوله: {فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ} <ref>[ name="الزمر: 42]<"/ref> أريد بها أن من مات قبل ذلك لقي روح الحي.
 
والقول الثاني وعليه الأكثرون أن كلا من النفسين الممسكة والمرسلة توفيتا وفاة النوم، وأما التي توفيت وفاة الموت فتلك قسم ثالث؛ وهي التي قدمها بقوله: {الله يَتَوَفي الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا}، وعلى هذا يدل الكتاب والسنة؛ فإن الله قال: {الله يَتَوَفي الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى}، فذكر إمساك التي قضى عليها الموت من هذه الأنفس التي توفاها بالنوم، وأما التي توفاها حين موتها فتلك لم يصفها بإمساك ولا إرسال، ولا ذكر في الآية التقاء الموتى بالنيام.
سطر 49:
ومعلوم أنه يمسك كل ميتة، سواء ماتت في النوم أو قبل ذلك، ويرسل من لم تمت. وقوله: {الله يَتَوَفي الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} يتناول ما ماتت في اليقظة وما ماتت في النوم، فلما ذكر التوفيتين ذكر أنه يمسكها في أحد التوفيتين ويرسلها في الأخرى، وهذا ظاهر اللفظ ومدلوله بلا تكلف. وما ذكر من التقاء أرواح النيام والموتي لا ينافي ما في الآية، وليس في لفظها دلالة عليه، لكن قوله: {فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ} يقتضي أنه يمسكها لا يرسلها كما يرسل النائمة، سواء توفاها في اليقظة أو في النوم، ولذلك قال النبي {{صل}}: «اللهم أنت خلقت نفسي، وأنت تتوفاها، لك مماتها ومحياها، فإن أمسكتها فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين» فوصفها بأنها في حال توفي النوم إما ممسكة وإما مرسلة.
 
وقال [[ابن أبي حاتم]]: ثنا أبي، ثنا عمر بن عثمان، ثنا بَقيَّة؛ ثنا صفوان بن عمرو، حدثني سليم بن عامر الحضرمي؛ أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: أعجب من رؤيا الرجل أنه يبيت فيرى الشيء لم يخطر له على بال ! فتكون رؤياه كأخذ باليد، ويرى الرجل الشيء؛ فلا تكون رؤياه شيئا، فقال علي بن أبي طالب: أفلا أخبرك بذلك يا أمير المؤمنين؟ إن الله يقول: {الله يَتَوَفي الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} <ref name="الزمر: 42">[الزمر: 42]</ref>، فالله يتوفي الأنفس كلها، فما رأت وهي عنده في السماء فهو الرؤيا الصادقة. وما رأت إذا أرسلت إلى أجسادها تلقتها الشياطين في الهواء فكذبتها، فأخبرتها بالأباطيل وكذبت فيها، فعجب عمر من قوله.
 
وذكر هذا أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن منده في كتاب الروح والنفس وقال: هذا خبر مشهور عن صفوان بن عمرو وغيره، ولفظه: قال علي بن أبي طالب: يا أمير المؤمنين، يقول الله تعالى: {الله يَتَوَفي الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} والأرواح يعرج بها في منامها، فما رأت وهي في السماء فهو الحق، فإذا ردت إلى أجسادها تلقتها الشياطين في الهواء فكذبتها، فما رأت من ذلك فهو الباطل.
سطر 57:
وروى ابن منده حديث على وعمر رضي الله عنهما مرفوعًا، حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد، ثنا محمد بن شعيب، ثنا ابن عياش بن أبي إسماعيل، وأنا الحسن بن علي، أنا عبد الرحمن بن محمد، ثنا قتيبة والرازي، ثنا محمد بن حميد، ثنا أبو زهير عبد الرحمن بن مغراء الدوسي، ثنا الأزهر بن عبد الله الأزدي، عن محمد بن عجلان، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه قال: لقي عمر بن الخطاب علي بن أبي طالب فقال: يا أبا الحسن، ربما شهدت وغبنا، وربما شهدنا وغبت، ثلاثة أشياء أسألك عنهن، فهل عندك منهن علم؟ فقال علي بن أبي طالب: وما هن؟ قال: الرجل يحب الرجل ولم ير منه خيرًا، والرجل يبغض الرجل ولم ير منه شرًا. فقال: نعم، سمعت رسول الله {{صل}} يقول: «إن الأرواح جنود مُجَنَّدَة، تلتقي في الهواء، فَتَشَامُّ، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف» قال عمر: واحدة. قال عمر: والرجل يحدث الحديث إذ نسيه، فبينما هو قد نسيه إذ ذكره. فقال: نعم، سمعتُ رسول الله {{صل}} يقول: «ما من القلوب قلب إلا وله سَحَابة كسحابة القمر، فبينما القمر يضىء إذ تجللته سحابة فأظلم، إذ تجلت عنه فأضاء، وبينما القلب يتحدث إذ تجللته فنسي، إذ تجلت عنه فذكر». قال عمر: اثنتان. قال: والرجل يرى الرؤيا: فمنها ما يصدق، ومنها ما يكذب. فقال: نعم، سمعت رسول الله {{صل}} يقول: «ما من عبد ينام فيمتلئ نومًا إلا عُرِج بروحه إلى العرش، فالذي لا يستيقظ دون العرش فتلك الرؤيا التي تصدق، والذي يستيقظ دون العرش فهي الرؤيا التي تكذب». فقال عمر: ثلاث كنت في طلبهن؛ فالحمد لله الذي أصبتهن قبل الموت.
 
ورواه من وجه ثالث: أن ابن عباس سأل عنه عمر، فقال: حدثنا أحمد بن سليمان بن أيوب، ثنا يزيد بن محمد بن عبد الصمد، ثنا آدم بن أبي إياس، ثنا إسماعيل بن عَيَّاش، عن ثعلبة بن مسلم الخَثْعَمِي، عن ابن أبي طلحة القرشي؛ أن ابن عباس رضي الله عنه قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه يا أمير المؤمنين، أشياء أسألك عنها؟ قال: سل عما شئت؛ فقال: يا أمير المؤمنين، مم يذكر الرجل، ومم ينسى؟ ومم تصدق الرؤيا، ومم تكذب؟ فقال له: عمر أما قولك: مم يذكر الرجل ومم ينسى؟ فإن على القلب طَخَاء <ref> [الطَّخَاء: ثِقَلٌ وغَشْى، وأصله: الظُّلْمة والغَيْم]</ref> مثل طخاء القمر، فإذا تغشت القلب نسي ابن آدم، فإذا تجلت عن القلب ذكر ما كان ينسى، وأما مم تصدق الرؤيا ومم تكذب؟ فإن الله يقول: {الله يَتَوَفي الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا} <ref>[ name="الزمر: 42]<"/ref> فمن دخل منها في ملكوت السماء فهي التي تصدق، وما كان منها دون ملكوت السماء فهي التي تكذب.
 
قلت: وفي هذين الطريقين ذكر أن التي تكذب ما لم يكمل وصولها إلى العلو. وفي الأول ذكر أن ذلك يكون مما يحصل بعد رجوعها. وكلا الأمرين ممكن؛ فإن الحكم يختلف لفوات شرطه، أو وجود مانعه عن ذلك، قال عكرمة ومجاهد: إذا نام الإنسان فإن له سببا تجري فيه الروح، وأصله في الجسد، فتبلغ حيث شاء الله، فما دام ذاهبًا فإن الإنسان نائم، فإذا رجع إلى البدن انتبه الإنسان، فكان بمنزلة شعاع هو ساقط بالأرض وأصله متصل بالشمس.
سطر 71:
ومن قال: إن الجواهر المفردة تنتقل، فقوله غلط، كما هو مبسوط في موضعه. وكذلك الأجسام تنتقل ألوانها وطعومها وروائحها، فيسود الجسم بعد ابيضاضه، ويحلو بعد مرارته، بعد أن لم يكن كذلك. وهذه حركات واستحالات وانتقالات، وإن لم يكن في ذلك انتقال جسم من حيز إلى حيز. وكذلك الجسم الدائر في موضع واحد كالدولاب والفلك هو بجملته لا يخرج من حيزه، وإن لم يزل متحركا. وهذه الحركات كلها في الأجسام، وأما في الأرواح فالنفس تنتقل من بغض إلى حب، ومن سخط إلى رضا. ومن كراهة إلى إرادة، ومن جهل إلى علم، ويجد الإنسان من حركات نفسه وانتقالاتها وصعودها ونزولها ما يجده. وذلك من جنس آخر غير جنس حركات بدنه.
 
وإذا عرف هذا؛ فإن للملائكة من ذلك ما يليق بهم، وإن ما يوصف به الرب تبارك وتعالى هو أكمل وأعلى وأتم من هذا كله، وحينئذ فإذا قال السلف والأئمة كحماد بن زيد، و[[سحاقإسحاق بن راهويه]]، وغيرهما من أئمة أهل السنة أنه ينزل ولا يخلو منه العرش، لم يجز أن يقال: إن ذلك ممتنع، بل إذا كان المخلوق يوصف من ذلك بما يستحيل من مخلوق آخر، فالروح توصف من ذلك بما يستحيل اتصاف البدن به، كان جواز ذلك في حق الرب تبارك وتعالى أولى من جوازه من المخلوق كأرواح الآدميين والملائكة.
 
ومن ظن أن ما يوصف به الرب عز وجل لا يكون إلا مثل ما توصف به أبدان بني آدم، فغلطه أعظم من غلط من ظن أن ما توصف به الروح مثل ما توصف به الأبدان.
سطر 77:
وأصل هذا: أن قربه سبحانه ودنوه من بعض مخلوقاته، لا يستلزم أن تخلو ذاته من فوق العرش، بل هو فوق العرش، ويقرب من خلقه كيف شاء، كما قال ذلك من قاله من السلف، وهذا كقربه إلى موسى لما كلمه من الشجرة، قال تعالى: {إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَارًا سَآتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُم بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ فَلَمَّا جَاءهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ الله رَبِّ الْعَالَمِينَ يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا الله الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ إِلَّا مَن ظَلَمَ} <ref>[النمل: 711]</ref> وقال في السورة الأخرى: {فَلَمَّا قَضَى مُوسَىالْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِن شَاطِئِ الْوَادِي الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا الله رَبُّ الْعَالَمِينَ} <ref>[القصص: 29، 30]</ref> وقال تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا} <ref>[مريم: 51، 52]</ref> فأخبر أنه ناداه من جانب الطور، وأنه قربه نجيا، وقال تعالى: {وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ فَلَمَّا جَاءهُم مُّوسَى بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّفْتَرًى وَمَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ وَقَالَ مُوسَى رَبِّي أَعْلَمُ بِمَن جَاء بِالْهُدَى مِنْ عِندِهِ وَمَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحًا لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنصَرُونَ وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُم مِّنَ الْمَقْبُوحِينَ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِن بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ وَلَكِنَّا أَنشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَمَا كُنتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِن رَّحْمَةً مِّن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} <ref>[القصص: 3446]</ref> وقال تعالى: {هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَى أَن تَزَكَّى وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى} <ref>[النازعات: 1520]</ref>.
 
وقال [[ابن أبي حاتم]] في تفسيره: حدثنا علي بن الحسين، حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا معاوية بن هشام، حدثنا شريك، عن عطاء، عن سعيد بن جُبَيْر، عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال في قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا} <ref name="النمل: 8">[النمل: 8]</ref> قال: كان ذلك النار، قال الله: من في النور، ونودي أن بورك من في النور.
 
حدثنا علي بن الحسين، ثنا محمد بن حمزة، ثنا علي بن الحسين بن واقد، عن أبيه، عن يزيد النحوي؛ أن عكرمة حدثني عن ابن عباس: {أَن بُورِكَ مَن فِي النَّار} قال: كان ذلك النار نوره {وَمَنْ حَوْلَهَا} أي: بورك من في النور ومن حول النور. وكذلك روى بإسناده من تفسير عطية عن ابن عباس: {فَلَمَّا جَاءهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ} <ref>[ name="النمل: 8]<"/ref> يعني نفسه، قال: كان نور رب العالمين في الشجرة ومن حولها.
 
حدثنا أبي، ثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري <ref>[هو أبو إسحاق إبراهيم بن سعيد الجوهري، الطبري الأصل، البغدادي، الحافظ، ولد بعد السبعين ومائة، وثقه النسائي والخطيب، ومات سنة 249ه وقيل غير ذلك]</ref> ثنا أبو معاوية، عن شيبان، عن عكرمة: {أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ} <ref name="النمل: 8">[النمل: 8]</ref> قال: كان الله في نوره.
 
حدثنا أبو زُرْعَة، ثنا بن أبي شيبة، ثنا علي بن جعفر المدائني، عن وَرْقَاء، عن عطاء ابن السائب عن سعيد بن جبير: {أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ} <ref>[ name="النمل: 8]<"/ref> قال: ناداه وهو في النور.
 
حدثنا علي بن الحسين المنْجَاني، ثنا سعيد بن أبي مريم، ثنا مُفَضَّل بن أبي فَضَالة حدثني ابن ضَمْرَة: {فَلَمَّا جَاءهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا}، قال: إن موسى كان على شاطئ الوادي إلى أن قال فلما قام أبصر النار فسار إليها، فلما أتاها {نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ}، قال: إنها لم تكن نارًا، ولكن كان نور الله وهو الذي كان في ذلك النور، وإنما كان ذلك النور منه، وموسى حوله.
سطر 196:
 
{{مجموع الفتاوى/5}}
 
[[تصنيف:مجموع الفتاوى|{{SUBPAGENAME}}]]