الفرق بين المراجعتين لصفحة: «مجموع الفتاوى/المجلد الخامس/فصل في نزاع الناس في معنى حديث النزول»

تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
Obaydb (نقاش | مساهمات)
استيراد تلقائي للمقالات - كتابة على الأعلى
ط تصليح
سطر 113:
قالوا: وهذا لا يمكن معرفته إلا بهذه الطريقة، فإنه لا سبيل إلى معرفة الصانع فيما زعموا إلا بمعرفة مخلوقاته، ولا سبيل إلى معرفة حدوث المخلوقات إلا بهذه الطريق فيما زعموا، ويقول أكثرهم: أول ما يجب على الإنسان معرفة الله، ولا يمكن معرفته إلا بهذا الطريق.
 
ويقول كثير منهم: إن هذه طريقة إبراهيم الخليل عليه السلام المذكورة في قوله: {لا أُحِبُّ الآفِلِينَ} <ref name="الأنعام: 76">[الأنعام: 76]</ref> قالوا: فإن إبراهيم استدل بالأفول وهو الحركة والانتقال على أن المتحرك لا يكون إلهًا.
 
قالوا: ولهذا يجب تأويل ما ورد عن الرسول {{صل}} مخالفًا لذلك من وصف الرب بالإتيان والمجيء والنزول وغير ذلك؛ فإن كونه نبيًا لم يعرف إلا بهذا الدليل العقل، فلو قدح في ذلك لزم القدح في دليل نبوته فلم يعرف أنه رسول الله، وهذا ونحوه هو الدليل العقلي الذي يقولون: إنه عارض السمع والعقل. ونقول: إذا تعارض السمع والعقل امتنع تصديقهما وتكذيبهما وتصديق السمع دون العقل؛ لأن العقل هو أصل السمع، فلو جرح أصل الشرع كان جرحًا له.
سطر 125:
حزب ظنوا أنها صحيحة في نفسها، لكن أعرض السلف عنها لطول مقدماتها وغموضها، وما يخاف على سالكها من الشك والتطويل. وهذا قول جماعة كالأشعري في رسالته إلى الثغر، والخطابي والحليمي، والقاضي أبي يعلى، وابن عقيل، وأبي بكر [[البيهقي]] وغير هؤلاء.
 
والثاني : قول من يقول: بل هذه الطريقة باطلة في نفسها؛ ولهذا ذمها السلف، وعدلوا عنها. وهذا قول أئمة السلف كابن المبارك، والشافعي، و[[أحمد بن حنبل]]، و[[سحاقإسحاق بن راهويه]]، وأبي يوسف، و[[مالك بن أنس]]، وابن الماجشون عبد العزيز، وغير هؤلاء من السلف.
 
وحفص الفرد لما ناظر الشافعي في مسألة القرآن وقال: القرآن مخلوق، وكفَّره الشافعي كان قد ناظره بهذه الطريقة.
سطر 153:
والمقصود هنا: أن هؤلاء المتكلمين الذين زعموا أنهم ردوا عليهم، لم يكن الأمر كما قالوه، بل هم فتحوا لهم دهليز الزندقة؛ ولهذا يوجد كثير ممن دخل في هؤلاء الملاحدة إنما دخل من باب أولئك المتكلمين، كابن عربي وابن سبعين وغيرهما. وإذا قام من يرد على هؤلاء الملاحدة فإنهم يستنصرون ويستعينون بأولئك المتكلمين المبتدعين، ويعينهم أولئك على من ينصر الله ورسوله، فهم جندهم على محاربة الله ورسوله كما قد وجد ذلك عيانًا.
 
ودعواهم أن هذه طريقة إبراهيم الخليل في قوله: {لا أُحِبُّ الآفِلِينَ} <ref>[ name="الأنعام: 76]<"/ref> كذب ظاهر على إبراهيم؛ فإن الأفول هو التغيب والاحتجاب باتفاق أهل اللغة والتفسير، وهو من الأمور الظاهرة في اللغة، وسواء أريد بالأفول ذهاب ضوء القمر والكواكب بطلوع الشمس، أو أريد به سقوطه من جانب المغرب؛ فإنه إذا طلعت الشمس يقال: إنما غابت الكواكب واحتجبت، وإن كانت موجودة في السماء، ولكن طمس ضوء الشمس نورها.
 
وهذا مما ينحل به الإشكال الوارد على الآية في طلوع الشمس بعد أفول القمر، وإبراهيم عليه السلام لم يقل: {لا أُحِبُّ الآفِلِينَ} <ref>[ name="الأنعام: 76]<"/ref> لما رأى الكوكب يتحرك، والقمر والشمس، بل إنما قال ذلك حين غاب واحتجب. فإن كان إبراهيم قصد بقوله الاحتجاج بالأفول على نفي كون الآفل رب العالمين - كما ادعوه - كانت قصة إبراهيم حجة عليهم، فإنه لم يجعل بزوغه وحركته في السماء إلى حين المغيب دليلًا على نفي ذلك، بل إنما جعل الدليل مغيبه، فإن كان ما ادعوه من مقصوده من الاستدلال صحيحًا، فإنه حجة على نقيض مطلوبهم، وعلى بطلان كون الحركة دليل الحدوث.
 
لكن الحق أن إبراهيم لم يقصد هذا، ولا كان قوله: {هَذَا رَبِّي} <ref>[الأنعام: 77]</ref> إنه رب العالمين، ولا اعتقد أحد من بني آدم أن كوكبًا من الكواكب خلق السموات والأرض، وكذلك الشمس والقمر، ولا كان المشركون قوم إبراهيم يعتقدون ذلك، بل كانوا مشركين بالله يعبدون الكواكب، ويدعونها، ويبنون لها الهياكل، ويعبدون فيها أصنامهم، وهو دين الكلدانيين والكشدانيين والصابئين المشركين، لا الصابئين الحنفاء، وهم الذين صنف صاحب السر المكتوم في السحر ومخاطبة النجوم كتابه على دينهم.
سطر 250:
 
{{مجموع الفتاوى/5}}
 
[[تصنيف:مجموع الفتاوى|{{SUBPAGENAME}}]]