الفرق بين المراجعتين لصفحة: «مقدمة ابن خلدون/الباب الثالث من الكتاب الأول (الدول العامة و الملك و الخلافة و المراتب السلطانية)»

تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
ط مقدمة ابن خلدون/الباب الثالث من الكتاب الأول تم نقلها إلى مقدمة ابن خلدون/الباب الثالث من الكتاب الأول (الدول العامة و الملك و الخلافة و المر
OKBOT (نقاش | مساهمات)
ط تدقيق إملائي. 37 كلمة مستهدفة حالياً.
سطر 150:
لما كانت حقيقة الملك أنه الاجتماع الضروري للبشر و مقتضاه التغلب و القهر اللذان هما من آثار الغضب و الحيوانية كانت أحكام صاحبه في الغالب جائزة عن الحق مجحفة بمن تحت يده من الخلق في أحوال دنياهم لحمله إياهم في الغالب على ما ليس في طوقهم من أغراضه و شهواته و يختلف في ذلك باختلاف المقاصد من الخلف و السلف منهم متعسر طاعته لذلك و تجيء العصبية المفضية إلى الهرج و القتل فوجب أن يرجع في ذلك إلى قوانين سياسية مفروضة يسلمها الكافة و ينقادون إلى أحكامها كما كان ذلك للفرس و غيرهم من الأمم و إذا خلت الدولة من مثل هذه السياسة لم يستتب أمرها و لم يتم استيلاؤها سنة الله في الذين خلوا من قبل فإذا كانت هذه القوانين مفروضة من العقلاء و أكابر الدولة و بصرائها كانت سياسة عقلية و إذا كانت مفروضة من الله بشارع يقررها و يشرعها كانت سياسة دينية نافعة في الحياة الدنيا و في الآخرة و ذلك أن الخلق ليس المقصود بهم دنياهم فقط فإنها كلها عبث و باطل إذ غايتها الموت و الفناء، و الله يقول أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا فالمقصود بهم إنما هو دينهم المفضي بهم إلى السعادة في آخرتهم صراط الله الذي له ما في السموات و ما في الأرض فجاءت الشرائع بحملهم على ذلك في جميع أحوالهم من عبادة و معاملة حتى في الملك الذي هو طبيعي للاجتماع الإنساني فأجرته على منهاج الدين ليكون الكل محوطاً بنظر الشارع. فما كان منه بمقتضى القهر و التغلب و إهمال القوة العصبية في مرعاها فجور و عدوان و مذموم عنده كما هو مقتضى الحكمة السياسية و ما كان منه بمقتضى السياسة و أحكامها فمذموم أيضاً لأنه نظر بغير نور الله و من لم يجعل الله له نوراً فما له من نور لأن الشارع أعلم بمصالح الكافة فيما هو مغيب عنهم من أمور آخرتهم و أعمال البشر كلها عائدة عليهم في معادهم من ملك أو غيره قال صلى الله عليه و سلم: إنما هي أعمالكم ترد عليكم. و أحكام السياسة إنما تطلع على مصالح الدنيا فقط يعلمون ظاهراً من حياة الدنيا و مقصود الشارع بالناس صلاح آخرتهم فوجب بمقتضى الشرائع حمل الكافة على الأحكام الشرعية في أحوال دنياهم و آخرتهم و كان هذا الحكم لأهل الشريعة و هم الأنبياء و من قام فيه مقامهم و هم الخلفاء فقد تبين لك من ذلك معنى الخلافة و أن الملك الطبيعي هو حمل الكافة على مقتضى النظر العقلي في جلب المصالح الدنيوية و دفع المضار و الخلافة هي حمل الكافة على مقتضى النظر الشرعي في مصالحهم الأخروية و الدنيوية الراجعة إليها إذ أحوال الدنيا ترجع كلها عند الشارع إلى اعتبارها بمصالح الآخرة فهي في الحقيقة خلافة عن صاحب الشرع في حراسة الدين و سياسة الدنيا به فأفهم ذلك و اعتبره فيما نورده عليك من بعد و الله الحكيم العليم.
 
== الفصل السادس و العشرون فىفي اختلاف الأمة في حكم هذا المنصب و شروطه ==
و إذ قد بينا حقيقة هذا المنصب و أنه نيابة عن صاحب الشريعة في حفظ الدين و سياسة الدنيا به تسمى خلافة و إمامة و القائم به خليفة و إماماً فأما تسميته إماماً فتشبيهاً بإمام الصلاة في أتباعه و الإقتداء به و لهذا يقال الإمامة الكبرى و أما تسميته خليفة فلكونه يخلف النبي في أمته فيقال خليفة بإطلاق و خليفة رسول الله و اختلف في تسميته خليفة الله فأجازه بعضهم اقتباساً من الخلافة العامة التي للآدمين في قوله تعالى إني جاعل في الأرض خليفة و قوله جعلكم خلائف الأرض.