الفرق بين المراجعتين لصفحة: «إحياء علوم الدين/كتاب العلم/الباب الأول»

تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
سطر 23:
|ففز بعلم تعش حياً بـه أبـداً|الناس موتى وأهل العلم أحياء}}
 
وقال أبو الأسود: ليس شيء أعز من العلم، الملوك حكام على الناس والعلماء حكام على الملوك وقال ابن عباس رضي الله عنهما: خير سليمان بن داود عليهما السلام بين العلم والمال والملك فاختار العلم فأعطي المال والملك معه، وسئل ابن المبارك: من الناس? فقال: العلماء. قيل: فمن الملوك? قال: الزهاد. قيل: فمن السفلة? قال: الذين يأكلون الدنيا بالدين ولم يجعل غير العالم من الناس لأن الخاصية التي يتميز بها الناس عن سائر البهائم هو العلم؛ فالإنسان إنسان بما هو شريف لأجله، وليس ذلك بقوة شخصه، فإن الجمل أقوى منه، ولا بعظمه فإن الفيل أعظم منه، ولا بشجاعته فإن السبع أشجع منه، ولا بأكله فإن الثور أوسع بطناً منه، ولا ليجامع فإن أخس العصافير أقوى على السفاد منه، بل لم يخلق إلا للعلم. وقال بعض العلماء: ليت شعري أي شيء أدرك من فاته العلم، وأي شيء فاته من أدرك العلم. وقال عليه الصلاة والسلام "من أوتي القرآن فرأى أن أحداً أوتي خيراً منه فقد حقر ما عظم الله تعالى" وقال فتح الموصلي رحمه الله: أليس المريض إذا منع الطعام والشراب والدواء يموت? قالوا: بلى قال: كذلك القلب إذا منع عنه الحكمة والعلم ثلاثة أيام يموت. ولقد صدق فإن غذاء القلب العلم والحكمة وبهما حياته، كما أن غذاء الجسم الطعام، ومن فقد العلم فقلبه مريض وموته لازم ولكنه لا يشعر به؛ إذ حب الدنيا وشغله بها أبطل إحساسه؛ كما أن غلبة الخوف قد تبطل ألم الجراح في الحال وإن كان واقعاً؛ فإذا حط الموت عنه أعباء الدنيا أحس بهلاكه وتحسر تحسراً عظيماً ثم لا ينفعه وذلك كإحساس الآمن خوفه والمفيق من سكره بما أصابه من الجراحات في حالة السكر أو الخوف، فنعوذ بالله من يوم كشف الغطاء فإن الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا. وقال الحسن رحمه الله: يوزن مداد العلماء بدم الشهداء فيرجح مداد العلماء بدم الشهداء. وقال ابن مسعود رضي الله عنه: عليكم بالعلم قبل أن يرفع، ورفعه موت رواته، فوالذي نفسي بيده ليودن رجال قتلوا في سبيل الله شهداء أن يبعثهم الله علماء لما يرون من كرامتهم، فإن أحداً لم يولد عالماً وإنما العلم بالتعلم. وقال ابن عباس رضي الله عنهاعنه: تذاكر العلم بعض ليلة أحب إلي من إحيائها، وكذلك عن أبي هريرة رضي الله عنه وأحمد بن حنبل رحمه الله. وقال الحسن في قوله تعالى "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة" إن الحسنة في الدنيا هي العلم والعبادة، وفي الآخرة هي الجنة. وقيل لبعض الحكماء: إن الأشياء تقتنى? قال: الأشياء التي إذا غرقت سفينتك سبحت معك، يعني العلم وقيل. أراد بغرف السفينة هلاك بدنه بالموت. وقال بعضهم: من اتخذ الحكمة لجاماً اتخذه الناس إماماً، ومن عرف بالحكمة لاحظته العيون بالوقار. وقال الشافعي رحمة الله عليه: من شرف للعلم أن كل من نسب إليه ولو في شيء حقير فرح، ومن رفع عنه حزن. وقال عمر رضي الله عنه: يا أيها الناس عليكم بالعلم فإن لله سبحانه رداء يحبه، فمن طلب باباً من العلم رداه الله عز وجل بردائه، فإن أذنب ذنباً استعتبه ثلاث مرات لئلا يسلبه رداءه ذلك وإن تطاول يهبه ذلك الذنب حتى يموت. وقال الأحنف رحمه الله: كاد العلماء أن يكونوا أرباباً وكل عز لم يوطد بعلم فإلى ذل مصيره.
 
وقال سالم بن أبي الجعد: اشتراني مولاي بثلثمائة درهم وأعتقني، فقلت بأي شيء أحترف? فاحترفت بالعلم فما تمت لي سنة حتى أتاني أمير المدينة زائراً فلم آذن له. وقال الزبير بن أبي بكر: كتب إلي أبي بالعراق: عليك بالعلم فإنك إن افتقرت كان لك مالاً، وإن استغنيت كان لك جمالاً. وحكى ذلك في وصايا لقمان لابنه قال: يا بني جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك فإن الله سبحانه يحيي القلوب بنور الحكمة كما يحيي الأرض بوابل السماء. وقال بعض الحكماء: إذا مات العالم بكاه الحوت في الماء والطير في الهواء ويفقد وجهه ولا ينسى ذكره. وقال الزهري رحمه الله: العلم ذكر ولا تحبه إلا ذكران الرجال.