الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الزير سالم»

تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
OKBOT (نقاش | مساهمات)
ط تدقيق إملائي. 64 كلمة مستهدفة حالياً.
سطر 79:
وثاني بيت أقول الملك لله بسط الآرض ورفع السماء
وثالث بيت وصي باليتامى واحفظ العهد ولاتنسى سواه
ورابع بيت أقول الله اكبرأكبر على الغدار لاتنسى أذاه
وخامس بيت جساس غدرني شوف الجرح يعطيك النباه
وسادس بيت قلت الزير أخي شديد البأس قهار العداه
سطر 410:
==الجزء السادس==
 
( قال الراوي ) فلما فرغ الزير من كلامه امر الملك الخزندار ان يعطيه الف دينار فعند ذلك سل سيفه الابتر اسرع من لمح البصر وضرب الرعيني على عاتقه خرج من علائقه ثم مال على الطواشيه والخدام بضرب الحسام وبعد ذلك هجم على الخيام كسبع الاجام فقتل الرجال ومدد الابطال ووقع في السودان الضجيج والصياح والعويل والنواح فخرجت الابطال من المضارب وركبوا ظهور الجنائب فتقلدوا بالسيوف وهجموا على بني مرة صفوف صفوف وهم لم يعلموا سبب ذلك الويل من شدة سواد الليل غير انهم ظنوا بني مرة قد خدعوهم حتى اتوا معهم إلى بلادهم فقتلوا ملكهم وغدروهم فلما رأى جساس ماحل بقومه من السودان استعظم ذلك الشأن فركب جواده وتبعه اجناده واظطر ان يدافع عن نفسه ويحامي عن ابناءأبناء نفسه فقاتل تلك الليله حتى استقتل وفعلت رجاله مثلما فعل وكانت ليله مهوله وحادثه غير مأموله كثر فيها القتل والجراح إلى وقت الصباح وكان المهلهل لم بلغ القصد والامل بذلك العمل ارسل عبده في الحال إلى الاطلاع في طلب الفرسان والابطال وحضروا عند طلوع النهار واحاطوا بالاعادي من اليمين واليسار وحكموا فيهم ضرب السيف البتار واستمر الحرب والصدام بين القوم ثلاثة أيام حتى ابلاهم المهلهل بالويل والدمار وقتل منهم كل بطل مغوار واسد كرار وكان من جملة المقتولين الامير غطاس قائد جيش السودان فلما رأت الجيش ماحل به من الهوان ولت الادبار وأوسعت في جوانب القفار وكذلك انهزم جساس ومن تبعه من الناس وتفرقوا بالفلاة وهم يقصدون النجاة ورجع الزير مع قومه غالبين غانمين ظافرين ودخل القصر بالعز والنصر وصحبته اكابرالقواد الذين عليهم الاعتماد وهم يثنون على المهلهل ويقولون لا عدمنا طلعتك ايها البطل فبسيفك نلن المراد وقهرنا الاعادي والحساد فلا زالت ايامك في سعود وعدوك مقهور ومكمود ثم انه اكلوا الطعام وشربوا المدام وباتوا تلك الليله في سرور وافراح على ذلك الانتصار واما الامير جساس فأنه بات في قلق ووسواس وندم على مافعل وقطع من سلامته الامل ولا سيما لما بلغته الاخبار بأن الاختلاف والانكسار الذي جرى عليهم في الليل والنهار كان بحيلة المهلهل الاسد الكرار فزاد همه وعظم حزنه وغمه فكانت قبائل العرب يطلب منها المساعده على قتال بني تغلب وانظمت عدة قبائل برسم المساعده وصاروا يدا واحده وكذلك انظم مع الزير جملة قبائل مشاهير فحتى لم يبق في بلاد العرب قبيله الا وانضمت مع بني تغلب .
( قال الراوي ) من غريب الاتفاق المستحق التسطير في الاوراق بأن الامير مهلهل حرج ذات يوم في عشرة الاف بطل ومعه الامير كتيف وكان من أشراف تغلب وفرسانه الغضاريف وتبطن في جوانب القفر ليجس أحوال بني بكر فمر في قبيلة من قبائل العرب يقال لهم بنو تميم وهم من فرع تغلب وكانت هذه القبيله ذات خيرات جزيله واجتمع المهلهل بفرسانها وسيدها الامير عمر وقال لهم اركبوا معنا يا نبي تميم لقتال بني بكر فا أبوا وقالوا عن فرد لسان لا نحارب من لم يحاربنا من العربان فقال المهلهل اما شملتكم الحرب لحد الان فقالوا الا يافارس الميدان فقال فوحق الاله الخالق ماكنت اظن انها شملت كل من في المغارب والمشارق ومادام الامر كذلك يوجوه العرب تنحوا عن منازلكم خوفا من حلول الحرب واقصدوا غير هذه الديار مرادنا ان نقاتلهم تحت ستور الاعتكار فأن حاربناهم لا تأمنون على انفسكم من شرهم وأذاهم لانكم فرع من قبيلة بني تغلب فأن تقيمون منكم لهذا السبب فقالوا ما علينا من بئس فانهم يحاربون من يعترض لهم من الناس اغتاض المهلهل من هذا الكلام وكان عليه اشد من ضرب الحسام فتركهم وسار من الاثر بمن معه من العسكر وجد في قطع القفار والتقى بقوم من بني بكر في ذلك الجوار فكبسهم تحت ظلام الليل وابلاهم بالذل والويل فسلبى اموالهم وقتل رجالهم وأخذ رؤوس ساداتهم العظام ورجع في الظلام وطرح الرؤوس بين خيام القوم المعتزلين من بني تميم المذكورين الذين كانوا راقدين ثم تركهم وارتحل وسار على عجل فلما استيقظت بنو تميم من المنام ورأت الرؤوس بين اطناب الخيام فاأيقنوا انها مكيده من المهلهل فزاد بهم الخوف والوجل وعلموا انهم لابد ان العدو يتهمهم في ذلك العمل فنهضوا وارتحلوا من اطلالهم بموشيهم واموالهم وانظموا إلى قبيلة تغلب والتجواء بالمهلهل فارس العجم والعرب فلم يبق قبيله من قبائل العربان في ذلك الزمان الا شملتها الحرب والهوان .
( قال الراوي ) ولما عظم الامر على جساس وضاقت به الانفاس فصمد إلى العابد نعمان الذي تقدم ذكره قبل الان فوقع عليه وشكا حاله اليه وبكى بين يديه وطلب منه ان يسير بالعجل ويقصد الامير مهلهل ويطلب منه كف الحرب والطعان من الزمان لحينما ترتاح النفوس والقلوب من هول تلك الحرب التي اهلكت الرجال ورملت النساءويتمت الاطفال فلما سمع قوله رق له فسار إلى عند المهلهل في الحال وطلب منه ان يكف القتال ولوبرهه قصيره ومده يسيره وذلك لراحه القبيلتين وحير الفريقين فاجابه إلى ذلك المرام لانه كان يحبه دون باقي الانام وامر بتوقيف الحرب عن القوم من ذلك اليوم واشتغل المهلهل في تلك الايام بالملاهي وشرب المدام واكل الطعام وسماع الاصوات والانغام ومغازلة النساء في الصباح والمساء وكان جساس يترقب على المهلهل الفرص ليقتله ويزيل ما بقلبه من الغصص فبلغه في بعض الايام ان الزير طريح الفراش في الخيام من كثرة شري المدام وان اخواته قد خرجوا للصيد ولايرجعون الا بعد ثلاثه ايام فجمع اخوته واعلمهم بذلك الخبر واتفق رايهم انه بعد غروب الشمس يركب اخوهم سلطان في جماعه من الفرسان ويكبس سالم الزير على حين غفله ولما كان الليل ركب سلطان في ثلاثه الاف بطل وقصد حي المهلهل ولما صار هناك هجم عليه وهو راقد في الخيمه سكران فاحاطت به الفرسان وقبضوا عليه واوثقوه كتافا ثم نزلوا عليه بالسيوف إلى ان اثخنوة بالجراح واتلفوه حتى صار عبره لمن اعتبر وكان دمه يسيل كالمطر فزادت افرحهم وزالت اتراحهم وقالوا لقد بلغنا الارب ورفعنا الحرب عن العرب .
سطر 649:
فلاقوه على خيل ضوامر واني سوف اهجم من وراكم
 
( قال الراوي ) فلما فرغ الزير من كلامه طابت قلوبهم وانشرحت صدورهم وزالت عنهم الاتراح وايقنوا بالنصر والنجاح ومازال بنو قيس يجتمعون إلى الزير ويتواردون حتى صاروا في جمع غفير وعدد كثير فاستعدوا للقتال والنزال فأطمعوا الجوعان واكسوا العريان وأوقدوا النيران ورجع الحي كما كان هذا ماكان من الزير وقومه وأما بنو مرة فلما بلغهم الخبر وكيف ان بنو قيس قد التموا بعد التفريق والشتات من جميع الجهات وهم في أفراح ومسرات أجتمعوا بجساس وقصوا عليه الخبر وقالوا له لو لم يكن الزير قد ظهر لما كانوا بنو قيس اجتمعت على بعض هذه الايام وخالفت أوامرك ومراسيمك العظام فقال لهم كفوا عن هذا المقال ولا يخطر لكم الزير على بال فاستعدوا للحرب والقتال فعند ذلك استعدت الفرسان الفحول وركبوا ظهور الخيول وتقلدوا بالسيوف والنصول ولقد أملوا بالنجاح وبلوغ المأمول وركب جساس حصان الزير الاخرج وسار بذلك الجمع الغفير ولما أقتربوا من حي بني قيس سمعت أبطال الزري دق طبولهم وصهيل خيولهم فهاجوا وماجوا فأمرهم الزير أن يتأهبوا للقتال ويلاقوهم إلى ساحة المجال فتبادروا في المجال وتقدمت الفرسان والابطال وركب الزير على مهره ابو حجلان وسبقهم إلى الميدان وكمن في بعض الروابي والتلال مع جماعة من الرجال ولما اقترب جساس من رجال بني قيس قال لهم لقد خالفتم أوامري وغركم الطمع وهجم عليهم بالرجال وأحاط بهم من اليمين والشمال فالتقوه بقلوب كالجبال واشتد القتال بينهم وعظمت الاهوال وجرى الدم وسال فلما راى المهلهل تلك الاحوال لكز الحصان وتقدم إلى ساحة الميدان فشق الصفوف والكتائب ومرق المواكب وهو يهدر ويصيح من قلب فريح ابشروا يا بني بكر ياأنذال ميحل بكم من الوبال على ماعلمتونا به من سوء الفعال فقد اقسمت برب الانام الذي لايغفل ولاينام أني لا أترك منكم شيخ ولا غلام ثم انه مال وجال وضرب بالسيف العال وتبعه الفرسان والابطال من اليمين والشمال فلما سمع جساس صوت المهلهل انقطع قلبه من الخوف والوجل ولكنه ثبت في ساحة الميدان خوفا من الهلاك والقلعان وأخذ ينخي الابطال والفرسان على القتال والثبات والهجوم على لقاء الاعادي قبل الممات فثبتوا ثبات الجبابرة وقاتلوا قتال الاسود الكاسرة ولكنهم لم يقدروا ان يثبتوا اكثرأكثر من ثلاث ساعات حتى انصبت عليهم النكبات وبلوا ببلايا لا تطاق من سيف المهلهل فارس الافاق فولوا الادبار واركنوا إلى الهزيمه والفرار بعد ان قتل منهم عشرة آلاف فارس كرار وتبعهم الامير جساس وهو في قلق ووسواس وغنم بنو قيس منهم غنائم عظيمه ومكاسب جسيمه ورجعت إلى الديار بالعز والانتصار والبطش والاقتدار وفي مقدمتهم الامير المهلهل الجبار وهو مثل شقيقه الارجوان مما سال عليه من أدميه الفرسان ولما وصل إلى المضارب بقواد المواكب لاقته بنات أخيه وجماعته من أقاربه وأهاليه فشكروه على تلك الفعال وقالوا مثلك تكون الابطال والفرسان ثم انه جلس في الخيام وجلست حوله السادات العظام وجبابرة الصدام فتحادثوا في الكلام وشكروا رب الانام على بلوغ القصد والمرام وبعد ان اكلوا الطعام وشربوا المدام التفت بعض القواد إلى المهلهل فارس الطراد وقالوا بالله عليك أن تنشدنا شيئا من اشعارك لان قلوبنا مشتاقه على الوقوف على أخبارك وماجرى لك في أسفارك فعند ذلك أنشد يقول وعمر السامعين يطول :
 
يقول الزير ابو ليلى المهلهل فكل مقدر لابد يأتي
سطر 807:
( قال الراوي ) فلما فرغ الزير من كلامه وانطرح على فراشه من شدة حزنه على ابن اخته ولما بلغ قتل شيبون ابوه همام وامه ضباع احترق قلبها عليه لانه كان ابنها الوحيد بعد اخيه شيبان وكانت الفرسان قد اتت بجثته اليهما فبكياء بكاء شديدا ومزقا عليه الثياب وبعد ذلك دفنوه في التراب وفي اليوم الثاني ركب الامير لقتال الزير وتبعه جساس وباقي الابطال والفرسان وبلغ المهلهل الخبر فركب في ابطاله وفرسانه ولما التقى الفريقان وتقاتل الجمعان برز الامير همام إلى معركة الصدام وطلب براز الزير المهلهل وكان قد غير صفاته ووضع لثاما على وجهه حتى لا يعرفه احد فبرز اليه وهو لايعلم بأنه الامير همام فاقتتلا ساعة من الزمان وكان همام قد ضرب الزير بالحسام قاصدا ان يسقيه كأس الحمام فخلى الزير منها فراحت خائبه فهجم عليه وطعنه بالرمح في صدره خرج يلمع من ظهره فوقع عن ظهر الجواد كأنه طود من الاطواد فالتقت على الزير وقال له وهو على آخر رمق آه يا مهلهل لقد قتلت ابن اختك نهار امس واليوم تقتل صهرك همام قال نعم قال ماعاهدتني انك لاتقاتلني ابدا واننا نكون اصحاب على طول المدى فلماذا خاطرت بنفسك وطلبت قتالي وانت تعلم بأنك لست من رجالي فقال لقد جرى القلم بما حكم فانقضت حياتي ودنت وفاتي وهذا الامر مقدر بأمر رب البشر ومادام الامر كذلك يا فارس المعارك فكف اذاك ودواهيك واجعلني فدى اخيك فقال والله يعز على فقدك ولاعاد يطيب لي عيش من بعدك لكنني لا أكف الحرب والصدام حتى لايبقى من بني بكر شيخ ولا غلام ثم انه من بعد هذا الكلام هجم على المواكب ففرقها وطعن في أبطالها فمزقها فتأخرت عنه الفرسان ورجعت إلى الاوطان وهي في حالة الذل والهوان ولما بلغ ضباع قتل بعلها غابت عن عقلها وقد عظم مصابها وسارت إلى بني تغلب ودخلت على أخيها الزير وقلبها يلتهب وقالت له بكلام الغضب هكذا تفعل ياأخبث العرب تقتل اولادي وبعلي وتحرمني أهلي وتتركني حزينه طول الدهر أقاسي الذل والقهر هكذا تكون الاخوان الذين يدعون الفضل والاحسان فوحق الاله القادر الفاحص القلوب والضمائر ان موتى الذ عندي من الحياة وافضل فانت نسيت الجميل والمعروف وقابلتني بالغدر والمتلوف بعد ان اخلصتك من الحريق وكشفت عنك ذلك الضيق فلما سمع الزير منها ذلك الخطاب اظهر الحزن والاكتئاب وتلقاها بالاكرام والترحاب ثم اعتذر لها بالغلط واخذ يطيب خاطرها ويعزيها عما فرط وامرها بأن تسكن عنده بخدمها وحواشيها فامتثلت كلامه وقامت في بيت أخيها .
 
( قال الراوي ) فلما عظم الامر على جساس وبني بكر وكثرت فيها السبي والقتل ارسلوا يستنجدون اهل اليمامه فأمدوهم برجل منهم يقال له الفند بن سهل ( الحارث ابن عباد ) وكان من جبابرة الزمان وفرسان الاوان لايبالي بالاهوال ولايخاف كثرة الرجال وكان يلقي نفسه على المخاطر ويصيد الكواسر فسار إلى مساعدة القوم من ذلك اليوم وقد انتخب من الشجعان سبعون فارسا مثل العقبان يقاربون في الشجاعة والفروسيه والهمه العليا وكانت اهله قد كتبت اليهم تقول قد امددناكم بعشرة آلاف فارس من الفحول وبهم تنالوا من أعداءكم القصد والمأمول فلما قدموا إلى تلك الاوطان وراهم جساس وباقي الابطال فاعتراهم الانذهال لانهم لم يروا اكثرأكثر من سبعين تحت رايه الفند الاسد العربند فقالوا اين جماعتك الباقين فقال الفند انا بسبعة آلاف فارس واصحابي ثلاثة الاف مداعس فتبسموا من هذا الكلام والتقوهم بالاكرام والاحترام فذبحوا النوق والاغنام ونصبوا لهم المضارب والخيام ثم استعدوا للحرب وسمع بهم المهلهل وتزيد في الخيل والرجال وزحف من يومه في فرسان قومه فالتقته بني بكر في مكان يدعي عقبة الريحان فلما اقترب العسكران قال الحارس بن عباد وكان من الفرسان الاجواد إلى جساس قائد القواد هل تطيعني ايها الامير فيما اقول واشير فقال قل مابدا لك فاني لاأخاف مقالك قال أعلم ان القوم مستخفين بقتالنا وذلك لضعفنا وقلة عدد رجالنا فقاتلهم بالنساء مع الرجال فتبلغ منهم القصد والامال فقال جساس وقد اعتراه الانذهال مامعنى وكيف قتال النساء مع الرجال قال انك تحلق رؤوس الفرسان وتجمع النسوان اللواتي اتصفن بالشجاعه وقوة الجنان فتحملهن الماء بالقرب وتعطي كل منهن مطرقه من خشب وتصفهن خلف الرجال وقت الحرب والقتال فان هذا المجال يزيد الابطال نشاطا في ساحة المجال فإذا خرج منكم احد الناس يعرفنه من حلق رأسه فتسقيه الماء فينعشه واذا مررن بعدوكم عرفته فتقتله فاستصوب جساس هذا الراي واستحسنه وفي عاجل الحال جمع النساء والرجال وعرض عليهم هذا الحال فاجابوا امره بالامتثال ولم يبق يومئذ من بكر احد الاحلق واستعد الا رجلا من الفرسان اسمه ربيعه بن مروان كان زميما قصيرا فارسا حطيرا فقال ياقوم زميم قصير واذا حلقت راسي اصير معير عند الكبي والصغير فدعوني من هذا ياسيدات العرب فانا ابلغكم الارب واقتل خمسه فوارس من تغلب فاجابوة إلى ما طلب .
 
(قال الراوي )ولما التقت العساكر بالعساكر وتضاربت السيوف والخناجر ونقللبت تغلب على بكر كليوث الاجام والهبوهم بضرب السيوف على الهام فارتدت بنو بكر طالبه الانهزام فاشهر جساس في يده الحسام وصاح فيهم بصوت كالرعد والغمام وقال يا ويلكم ارجعوا وقاتلوا بقوه وعزيمه فاجتمعت بنو بكر بعد الانقلاب إلى الحرب والقتال وضموا خيولهم في كتيبه واحده وطلبوا المكافحه والمجادله وصاح الفند بن سهل والقى نفسه على القتال وهو ينخي الابطال ويصيح على الرجال ففرق الواكب واظهر بقتاله العجائب .
سطر 813:
) قال الراوي ) وكان ربيعه لم يلحق راسه من ضرب السيوف وطعن الرماح فوقع طريحا بين القتلى على وجه الفلا فمرت عليه نساء بني بكر فوجدته ذات لمه طويله فحسبته من بني تغلب فضربته بالمطارق حتى اوردته موارد العطب فضربت به الامثال وتحدثت به السنه الرجال .
( قال الراوي ) ولما اصبح الصباح واشرق بنوره ولاح وركبت الفوارس ظهور الخيول واعتقلوا بالسيوف والنصول وتقدموا إلى ساحه الميدان بالضرب والطعان وكان المهلهل في الجحفل كانه قله من قلل او قطعه فصلت من ذيل جبل فصاح وحمل على جيوش الاعداء كليث الاجام وضرب فيهم بالحسام وتبعه امرؤ القيس بن اياد وكان صنديد واشتد بين الفريقين القتال وكثر القيل والقال وتقطعت الاوصال وجرى الدم وسال وكان يوما شديد الاهوال لم يسمع بمثله في الاجيال كثر فيه القتال والجراح وتمددت على وجه البطاح وارتجت تلارض من قعقعة السلاح وصهيل الحيل وهول الكفاح وكان الفند قد حمل مواكب المهلهل وقاتل حتى استقتل وفعلت فرسانه مثلما فعل وبذل جساس في ذلبك اليوم غايه الجهود وهجم بقومه على الريات والبنود هجوم كواسر الاسود واشتد على المهلهل القتال واحاطت به الاعداء من اليمن والشمال وهو يقاتل ويمانع وينصح رجاله على الثبات ويدافع حتى جرح في ثلاثه مواضع .فلما زادت عليه الحال وازدحمت حوله الرجال تاحر عن ساحه المجال خوفا من الهلاك والوبال وانكسرت بنو تغلب في ذلك النهار اشد انكسار وتفرقت في البراري والقفار واستظهرت بنو بكر غايه الاستظهار وقتلت الشجعان امرؤ القيس بن اياد وكان من الاعيان صيته محمود مشكور وهو غير امرؤ القيس الشاعر المشهور فبكى المهلهل عليه وكان يحبه ويميل اليه ورجعت بنو بكر الي الديار وهي بغايه الفرح والاستبشار على ذلك الفعال .
( قال الراوي ) اما المهلهل فقد زاد حنقه على بني بكر وبات تلك الليله على مقالي الجمر ثم جمع الفرسان والابطال وتجهز للحرب والقتال فالتقه بنو بكر بقلوب كالجبال وجرت بينهم وقائع واهوال لم يسمع بمثلها في سالف الاجيال واستمر الحال على هذا المنوال مده عشرايام وكان المهلهل قد انتصر في اكثرأكثر الوقائع جماعه كثيره من الفرسان المعامع ولما كثر بين الفريقينالقتل واتفقوا على توقيف الحرب مده شهرين فافترقبت الفوارس عن بعضها ونزلت كل فرقه بارضها (قال الراوي ) ولما قتل كليب كما تقدم الكلام كانت زوجته الجليله حامله بهذا الغلام فلما طردها الزير الي بيت ابيها وسكنت عند جساس اخيها فولدت غلاما فسمته الهجرس ولقبوه الناس بالجرو فكانت مع اخواله بني مره واولادهم وكان خاله يحسن ويشفق عليه وكان الغلام قد احب حاله الامير جساس دون باقي الناس فلا يدعوه الا ابا ونشا الغلام ذا عقل وادب وهو محبوب من جميع العرب لفصاحته وبرتعته وقوته وشجاعته فكان يركب ظهور الحيل ويتعلم عليها الفروسيه في النهار والليل فبرع واشتهر على شباب القبيله افتخر فلما بلغ عمره حمسه عشره عاما زاد شهره وارتفع مقاما فراه جساس في بعض الايام وهو كانه ليث الاجام والشر طائر من عينيه ولا يقدر احد عليه فانذهل واندهش وخاف منه
 
وارتعش وكان كثيرا ما يتامل في امره ويخاف من سطوته وشره لانه قتل اباه بالامس وتركه يتيما طول الدهر .
سطر 1٬006:
فقبل ظهوره كنا حزانا نقضي الليل في قلق ونسهر
على فقد الفتى الماجد كليبا ثوى غدرا له جساس فنظر
وفي دمه كتب بالبلاطة وصايا عشر ابيات او اكثرأكثر
يوصيني بقوله لا تصالح فسالم انت ان صالحت تخسر
واطرد الجليلة من حمانا عدوة كعبها ما كان اخضر
سطر 1٬019:
 
(قال الراوي) فلما فرغ الزير من الشعر والنظام قال الجرو اطال الله بقاك ونصرك على جميع حسادك واعداك وبلغت قصدك ومناك انني والله يا عم في قلق وغم فلا تزول احزاني وانال اربي حتى آخذ بثار ابي واقطع راس جساس واجعله مثل بين الناس فشكره جميع اهله واعمامه وبعد ذلك قال له الزير ما هو الراي عندنا يا ابن اخي قال الراي عندي اني اغير عليكم نهار غد واخذ نوقكم وجمالكم إلى جساس واقول له باني اتيت اليوم باموالهم ومواشيهم وغدا اتي اليك براس الزير ثم احاربك وتكون انت واضع قربه من الدم تحت جانبك فاطعنك بالرمح فخذه تحت ابطك والقي نفسك على الارض فتنشق القربة ويهرق الدم وانا اصيح على جساس واقول له قد قتلت عدوك يا خال انزل اليه واقطع راسه لقد زال الكدر وبلغنا اليوم الوطر وعندما ياتي اليك فتقوم اليه بالعجل وتعدمه الحياة لانه لم يعلم بقدومي عليكم وبهذه الوسيلة تتم الحيلة وتتخلص من هذه الورطة الوبيلة فاستصوب الزير رايه ثم انه ودعهم وسار وحده الي الديار بني مره وعند الصباح ركب الجرو في جماعه من الفرسان وساق مواشي بني قيس من الرعيان با تفاق الامير مهلهل ليت الميدان فخرج الامير جساس وسادات من بني مره وشكروا الجرو على هذه الغنيمه
( قال الراوي ) فاتقف في تلك الليله بان جساس راى حلما غريبا وهو انه ابصر ذاته بانه كان قد ربى عنده جرو وذهب واكان يوده ويحبه فلما انتهى وترعرع وتصاحب مع سبع كاسر على فالفه إلى ان كان في بعض الايام اغار السبع على مواشي بني مره وهجم على نسائهم واولادهم وجعل يفترس كبارهم وصغارهم وكان الذئب يساعده يساعده عليهم فاغتاظ جساس من فعال الاسد فسلالسيف وهجم عليه يريد قتله واعدامه فوثب عليه الذئب من ورائه ونهشه فالقاه صريعا على الارض ففاق جساس مرعوبا من هذا الحلم فنهض في الحال وسار إلى الديوان وجمع اخوته وباقي السادات والاعيان واعلمهم بذلك المنام فقالوا هذه اضغاث احلام وما زاالوا يهرنون عليه حتى راق وزال عنه القلق والكدر ولما اصبح الصباح ركب الزير يطلب الحرب والكفاح وركب الامير جساس وهو في قلقل ووسواس وكان الجرو قد اوعد بهلاك القوم وقتل المهلهل في ذلك اليوم ولما التقى الفريقان برز الجرو إلى ساحه الميدانفبرز اليه المهلهل فالتقاه الجرو وصال وجال وطعنه بالرمح طعنه كاذبه فسحبها المهلهل من تحت ابطه فراحت خائبه والقى نفسه على الارض من فوق ظهر الحصان خديعه على عيون الفرسان ليظهر لهم انه قد مات وحلت به الافاق فعند ذلك صاح الجرو الله اكبرأكبر على من طغى وتجبر فقد ظنا المراد بقتل الزير الذى اهلك العباد ثم صاح على جساس وقال له انزل يا خال واقطع راس عدوك فقد قتلته وكفيتك شره فلما راه يختبط بدمه نزل عن ظهر القميره وهو يظن انه قد بلغ غايه مراده ولما اقترب منه نهض الزير على قدميه وقبضه من لحيته وهجم الجرو ايضا عليه ووضع الرمح بين كتفيه فعند ذلك علم جساس انها حيله قد تمت عليه وتاكد عنده صحه المنام فاخذ يخاطب الجرو بهذا الشعر والنظام
 
قال جساس الذي شاهد وفاه ياسياج البيض في طعن القنا
سطر 1٬129:
 
( قال الراوي ) فلما فرغ سعد من شعره ونظامه وفهم الصنديد فحوى كلامه قال له فارس واحد قال نعم ايها السيد الماجد فشتمه خاله وقال ارجع وخذ من بين جنبيه فأنه لايليق بي ان اركب لقتال صعلوك من صعاليك العرب فخرج سعد من عند خاله وقصد الاوس .
فلما اجتمع به وصاح فيه وحمل عليه فالتقاه كالاسد وضربه بالحسام المهند فألقاه على الارض قتيلا فأخذ عدته وسلبه ثيابه ولما بلغ خاله الخبر طار من عينيه الشرر فركب ظهر جواده واعتد بعدة جلادة وقصد الاوس حتى التقى به وانطبق عليه كليث الاجام وأخذ معه في القتال والكفاح ولم تكن الا ساعة حتى اثخنه بالجرح فولا وطلب لنفسه الهرب فتبعه مثل السرحان حتى وصل الصيوان واحتما عند النسوان فلما دخل على الحريم قالت له زوجته سعد علامك دخلت وانت مرعوب كل هذا لاجل الابنه التي خطفتها وما نالت المرغوب فقالت انك تستحق اكثرأكثر من ذلك وبخته بالكلام وقالت له انت تدعي الفروسيه على كل واحد وتهرب من امام امرد هذا والاوس يصيح عليه ويقول اخرج يالئيم من بين الحريم حتى اجازيك على تلك الفعله ياغدار يا محتال فخاف الصنديد وقال لزوجته سعده اعطيه ابنة عمه وكافينا همنا وهمه وخرجت زوجته اليه وقبلته وطلبت منه العفو والسماح فأعطاهما الامان فجاءوا له بإبنة عمه مي بعد ان لبسوه الثياب الفاخره وذبحوا له الذبائح وقدموا له الاطعمه المتكاثره ولما اجتمع به زال عن قلبه الكدر من كثرة فرحته اخذ يسكب العبر وهكذا فعلت مي وكان ذلك النهار عنده كيوم العيد حيث التقت بحبيبها الوحيد .
( قال الراوي ) فباتا تلك الليله في الحله وعند الصباح اركب مي في هودج وسار معه جماعة من العبيد وتوجهوا قاصدين دياره ولما اقترب من بلاده ارسل يبشر عمه الامير مالك بقدومه وشاع الخير في الحي وخرجت النساء والبنات واكابر السادات ولما اجتمعوا ببعضهم البعض نزل الامير مالك فسلم على الاوس وابنته وشكر ابن اخيه على افعاله وعند وصوله إلى الخيام حدثهم بحديث عنتر وما سمع عنه من الخير فقال عمه والله سمعنا بذ كره وأنه من أ فرس فرسان عصره وبعد ذلك ذبحواالذ بائح والموا الولا ئم ثم زفو ا الاوس على ابنة عمه فكانت اليلة من أعظم حضرها جمهور من السادات والموالى فزادت أفراح الاوس بتلك العروس وحظى بدلك الحسن والجمال وعاش معهما بأ رغد عيش وأحسن حال وبعد ذلك وضعت له غلا ما سماه ما لك وله حد يث طو يل فا تفق بعد عشرة ايام أن ابن الاوس ضعف ضعفا شديدا فمات فحزن الاوس عليه ودفنه بالاحترام والوقار بكت عليه الكبار والصغار وكان موصوفا باللطف والايناس ومحبوبا من جميع الناس وأرسل الاوس وأعلم جده بذلك الخبر فحزن وتكدر فقالت أختك اليمامه أرسل ياأخي وأحضر أبن عمك الاوس مع أهله ليجمع شملنا بشمله أجابها إلى ذلك وفي الحال أرسل رجلا من بني عمه ليحكم مكانه فجاء الاوس مع أهله وسكن عند الجرو جده وراق لهما الزمان واما ماكان للبطل الهمام صاحب الذكر الشهير المدعو بسالم الزير فأنه كان قد أخناه الدهر وضعفت قواه وهو مع ذلك مواظب على أكل الطعام وشرب المدام وكان لا ينام الا وهولابس عدة الحرب والصدام وما زالوا على تلك الحال حتى برز له أسنان جدد وصار عقله مثل عقل الولد وكانت بنات أخيه تخدمه وتداويه فاجتمع يوما بالجرو وقال له ياابن أخي قد ضاقت أخلاقي من الوحده والانفراد فأريد منك أن ترسلني مع بعض الاتباع لتنزه في البلاد فأجابه إلى ماطلب وأركبه في هودج وأعطاه عبدان برسم الخدمه وجميع ما يحتاج اليه من لوازم السفر فودعه المهلهل وما زال يجول حتى أقترب من بلاد الصعيد وكان العبدان قد تعبا من مشقة الطريق وهما يلاقيان من التعب أشد الضيق فصمما على قتله وأعدامه بالكليه وانما يقولان لاهله قد ادركته المنيه فعرف الزير منهما فقال قد دنى همامي وليس الا القبر امامي فإذا ادركتني منيتي اريد منكما ان تبلغا اهلي وصيتي قالا وماهي وصيتك فعاهدهما على حفظها وتأييدها فحلفا له بأعظم الاقسام بأنهما يبلغونها بالكمال والتمام فقال اذا وصلتم الحي فاقريا أهلي من السلام وانشدوهم هذا البيت وقولا لهم اني في القبر قد أختبيت .