الفرق بين المراجعتين لصفحة: «مبسوط السرخسي - الجزء الثالث»

تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
ط استرجاع المقال حتى أخر تعديل من قبل Chaos
OKBOT (نقاش | مساهمات)
ط تدقيق إملائي. 64 كلمة مستهدفة حالياً.
سطر 174:
[ 58 ]
من كان مباحا له الافطار في أول اليوم ظاهرا وباطنا لا يلزمه الامساك فيه في بقية اليوم لان وجوب الامساك في يوم واحد لا يتجزى كوجوب الصوم وعلى هذا الصبي إذا بلغ والكافر إذا أسلم والمريض إذا برئ والمسافر إذا قدم مصره والمجنون إذا أفاق في بعض النهار لا يلزمهم الامساك عنده بخلاف يوم الشك إذا تبين أنه من رمضان والمتسحر بعد طلوع الفجر وهو لا يعلم به لان الاكل كان مباحا له باطنا والاصل عندنا أن من صار في بعض النهار على صفة لو كان عليها في أول النهار يلزمه الصوم فعليه الامساك في بقية النهار لان الامساك مشروع خلفا عن الصوم عند فواته لقضاء حق الوقت ولانه لو أكل ولا عذر به اتهمه الناس والتحرز عن مواضع التهمة واجب قال صلى الله عليه وسلم من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقفن مواقف التهم. وقال على رضى الله تعالى عنه إياك وما يقع عند الناس انكاره وفى رواية ما يسبق إلى القلوب انكاره وان كان عندك اعتذاره فليس كل سامع نكرا يطيق أن يوسعه عذرا وان أكلت لم يلزمها شئ لان الامساك لحق الوقت وقد فات على وجه لا يمكن تداركه وعليها قضاء هذا اليوم مع سائر أيام الحيض لما روى أن امرأة قالت لعائشة رضى الله عنها ما بال احدانا تقضى صيام أيام الحيض ولا تقضى الصلاة فقالت احرورية أنت كنا على عهد رسول صلى الله عليه وسلم نقضى صيام أيام الحيض ولا نقضى الصلاة ولان الحرج عذر مسقط للقضاء كما أنه مسقط للاداء وفى قضاء خمسين صلاة في كل عشرين يوما حرج بين وليس في قضاء صوم عشرة أيام في احدى عشر شهرا كبير حرج (قال) ويقبل الصائم ويباشر إذا كان يأمن على نفسه ما سوى ذلك لحديث عائشة رضى الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل وهو صائم وفي رواية كان يصيب من وجهها وهو صائم قالت وكان أملككم لادبه أو لاربه فالادب العضو والارب الحاجة وجاء عمر رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أذنبت ذنبا فاستغفر لى قال وما ذنبك قال هششت إلى امرأتي وأنا صائم فقبلتها فقال أرأيت لو تمضمضت بماء ثم مججته أكان يضرك فقال لا قال فقم أذن وفيه اشارةإشارة إلى معنى بقاء ركن الصوم وانعدام اقتضاء الشهوة بنفس التقبيل فان كان لا يأمن على نفسه فالتحرز أولى لما روى أن شابا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القبلة للصائم فمنعه وسأل شيخ عن ذلك فأذن له فيه فنظر القوم بعضهم إلى بعض فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد علمت لم نظر بعضكم
[ 59 ]
إلى بعض إن الشيخ يملك نفسه وهكذا روى عن ابن عباس رضى الله عنه وفي حديثه أن الشاب قال له ان دينى ودينه واحد قال نعم ولكن الشيخ يملك نفسه وهو اشارةإشارة إلى معنى تعريض الصوم للفساد والتجاوز عن القبلة إلى غيرها. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان لكل ملك حمى وان حمى الله محارمه فمن رتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه وعلى هذا روى الحسن عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى أنه كره المباشرة الفاحشة للصائم وكذلك بأن يعانقها وهما متجردان ويمس ظاهر فرجه ظاهر فرجها (قال) وان اشتبه شهر رمضان على الاسير تحرى وصام شهرا بالتحرى لانه مأمور بصوم رمضان وطريق الوصول إليه التحرى عند انقطاع سائر الادلة كأمر القبلة فان تبين أنه أصاب شهر رمضان أجزأه لانه أدرك ما هو المقصود بالتحرى وان تبين أنه صام شهرا قبله لم يجزه لانه أدى العبادة قبل وجود سبب وجوبها فلم تجزه كمن صلى قبل الوقت وذكر الشافعي رحمه الله تعالى في كتاب الام أنه ان علم به قبل مضي شهر رمضان جاز صومه وان تبين أنه صام شهرا بعده جاز بشرطين اكمال العدة وتبييت النية لشهر رمضان لانه قاض لما وجب عليه بشهود الشهر وفي القضاء يعتبر هذان الشرطان. فان قيل كيف يجوز ولم ينو القضاء. قلنا لانه نوى ما هو واجب عليه من الصوم في هذه السنة وهذا ونية القضاء سواء فان تبين أنه صام شوال فعليه قضاء يوم الفطر لان الصوم فيه لا يجوز عن القضاء وان تبين أنه صام ذى الحجة فعليه قضاء يوم النحر وأيام التشريق وان تبين أنه صام شهرا آخر فليس عليه قضاء شئ الا أن يكون رمضان كاملا وذلك الشهر ناقصا فحينئذ يقضى يوما لاكمال العدة (قال) وان صام شهر رمضان تطوعا وهو يعلم به أو لا يعلم فصومه عن شهر رمضان والكلام في هذه المسألة على فصول أحدها ان أصل النية شرط لاداء صوم رمضان الا على قول زفر رحمه الله تعالى وحجته ان المشروع في زمان رمضان صوم واحد لان الزمان معيار للصوم ولا يتصور في يوم واحد الا صوم واحد ومن ضرورة استحقاق الفرض فيه انتفاء غيره فما يتصور منه من الامساك في هذا اليوم مستحق عليه لصوم الفرض فعلى أي وجه أتى به يقع من الوجه المستحق وهو نظير من وهب النصاب الذى وجبت فيه الزكاة من فقير جاز عن الزكاة وان لم ينو (ولنا) حرفان أحدهما ان المستحق عليه فعل هو عبادة والعبادة لا تكون الا بالاخلاص والعزيمة قال صلى الله عليه وسلم الاعمال
[ 60 ]
سطر 186:
[ 62 ]
تلك النية كالقائمة حكما فأما النية بعد طلوع الفجر لصوم رمضان تجوز في قول علمائنا رحمهم الله تعالى وعلى قول الشافعي رحمه الله تعالى لا تجوز وفى الكتاب لفظان أحدهما إذا نوى قبل الزوال والثانى إذا نوى قبل انتصاف النهار وهو الاصح فالشرط عندنا وجود النية في أكثر وقت الاداء ليقام مقام الكل وإذا نوى قبل الزوال لم يوجد هذا المعنى لان ساعة الزوال نصف النهار من طلوع الشمس ووقت أداء الصوم من طلوع الفجر فالشافعى رحمه الله تعالى استدل بقوله صلى الله عليه وسلم لا صيام لمن لم يعزم الصيام من الليل والعزم عقد القلب على الشئ فإذا لم ينعقد قلبه على الصوم من الليل لا يجزئه والمعنى فيه أن القصد والعزيمة عند أول جزء من العبادة شرط ليكون قربة كالصلاة وسائر العبادات فإذا انعدم ذلك لم يكن ذلك الجزء قربة وما بقى لا يكفى للفريضة لان المستحق عليه صوم يوم كامل بخلاف النفل فانه غير مقدر شرعا فيمكن أن يجعل صائما من حين نوى مع أن مبنى النفل على المسامحة والفرض على الضيق ألا ترى أن صلاة النفل تجوز قاعدا مع القدرة على القيام وراكبا مع القدرة على النزول بخلاف الفرض (ولنا) حديث عكرمة عن ابن عباس رضى عنهما أن الناس أصبحوا يوم الشك على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقدم اعرابي وشهد برؤية الهلال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتشهد أن لا إله الا الله وأنى رسول الله فقال نعم فقال صلى الله عليه وسلم الله اكبرأكبر يكفى المسلمين أحدهم فصام وأمر الناس بالصيام وأمر مناديا فنادى ألا من كان أكل فلا يأكلن بقية يومه ومن لم يأكل فليصم وتأويل حديثه أن المراد هو النهي عن تقديم النية على الليل ثم هو عام دخله الخصوص بالاتفاق وهو صوم النفل فنحمله على سائر الصيامات بالقياس وهو ان هذا يوم صوم فالامساك في أول النهار يتوقف على أن يصير صوما بالنية قبل الزوال كالنفل وهذا لان الصوم ركن واحد وهو الامساك من أول النهار إلى آخره فإذا اقترنت النية بأكثره ترجح جانب الوجود على جانب العدم فيجعل كاقتران النية بجميعه ثم اقتران النية بحالة الشروع ليس بشرط في باب الصوم بدليل جواز التقديم فصارت حالة الشروع هنا كحالة البقاء في سائر العبادات وإذا جاز نيته متقدمة دفعات للحرج جاز نيته متأخرة عن حالة الشروع بطريق الاولى لانه ان لم تقترن بالشروع هنا فقد اقترنت بالاداء ومعنى الحرج في جنس الصائمين لا يندفع بجواز التقديم ففي الصائمين صبى يبلغ نصف الليل وحائض
[ 63 ]
سطر 210:
[ 70 ]
فيصير بالافطار جانيا فيلزمه القضاء وعند الشافعي رحمه الله تعالى يباح له الافطار من غير عذر واختلفت الروايات في الضيافة هل تكون عذرا فروى هشام عن محمد رحمهما الله تعالى انه عذر مبيح للفطر وروى الحسن عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى انه لا يكون عذرا وروى ابن مالك عن أبى يوسف عن أبى حنيفة رحمهما الله تعالى انه يكون عذرا وهو الاظهر لما روى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في ضيافة رجل من الانصار الأنصار فامتنع رجل من الاكل فقال اني صائم فقال صلى الله عليه وسلم انما دعاك أخوك لتكرمه فافطر واقض يوما مكانه ووجه الرواية الاخرى ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال إذا دعى أحدكم إلى طعام فليجب فان كان مفطرا فليأكل وان كان صائما فليصل أي فليدع لهم وقال صلى الله عليه وسلم ان أخوف ما أخاف على أمتى الشرك والشهوة الخفية فقيل أو تشرك أمتك بعدك فقال لا ولكنهم يراؤن بأعمالهم فقيل وما الشهوة الخفية فقال ان يصبح أحدهم صائما ثم يفطر على طعام يشتهيه وسواء كان الفطر بعذر أو بغير عذر فالقضاء واجب وكذلك سواء حصل الفطر بصنعه أو بغير صنعه حتى إذا حاضت الصائمة تطوعا فعليها القضاء في أصح الروايتين وفى كتاب الصلاة إذا افتتح التطوع بالتيمم ثم أبصر الماء فعليه القضاء والخروج هنا ما كان بصنعه فتبين ان الصحيح ان الشروع ملزم للاتمام كالنذر موجب للاداء وانه متى تعذر الاتمام بعد صحة الشروع فعليه القضاء (قال) رجل أغمى عليه في شهر رمضان حين غربت الشمس فلم يفق الا بعد الغد فليس عليه قضاء اليوم الاول لانه لما غربت الشمس وهو مفيق فقد صح منه نية صوم الغد وركن الصوم هو الامساك والاغماء لا ينافيه فتأدى صومه في اليوم الاول لوجود ركنه وشرطه وعليه قضاء اليوم الثاني لان النية في اليوم الثاني لم توجد وقد بينا ان صوم كل يوم يستدعى نية على حدة وبمجرد الركن بدون الشرط لا تتأدى العبادة (قال) وإذا نظر إلى فرج امرأته فأنزل فصومه تام ما لم يمسها وقال مالك رحمه الله تعالى ان نظر مرة فكذلك وان نظر مرتين فسد صومه لما روى ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلى لا تتبع النظرة النظرة فانما الاولى لك والاخرى عليك ولان النظر الاول يقع بغتة فلا ينعدم به الامساك فإذا تعمد النظر بعد ذلك حتى أنزل فقد فوت ركن الصوم (ولنا) ان النظر كالتفكر على معنى أنه مقصور عليه غير متصل بها ولو تفكر في جمال امرأة فأنزل لم يفسد ثومه فكذلك إذا نظر إلى فرجها ولو كان هذا مفسدا للصوم لم يشترط فيه
[ 71 ]