الفرق بين المراجعتين لصفحة: «موافقات الشاطبي - الجزء الأول2»

تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
OKBOT (نقاش | مساهمات)
ط تدقيق إملائي. 37 كلمة مستهدفة حالياً.
OKBOT (نقاش | مساهمات)
ط تدقيق إملائي. 64 كلمة مستهدفة حالياً.
سطر 6:
170 يتوهم فيه ولا مؤآخذة تلزمه بحكم الظاهر فلا موقع للعفو فيه وإنما قيل وإن قوى معارضه لأنه إن لم يقو معارضه لم يكن من هذا النوع بل من النوع الذي يليه على أثر هذا فإنه ترك لدليل وهنا وإن كان أعمالا لدليل أيضا فأعماله من حيث هو أقوى عند الناظر أو في نفس الأمر كأعمال الدليل غير المعارض فلا عفو فيه وأما النوع الثانى وهو الخروج عن مقتضى الدليل عن غير قصد أو عن قصد لكن بالتأويل فمنه الرجل يعمل عملا على اعتقاد إباحته لأنه لم يبلغه دليل تحريمه أو كراهيته أو يتركه معتقدا إباحته إذا لم يبلغه دليل وجوبه أو ندبه كقريب العهد بالإسلام لا يعلم أن الخمر محرمة فيشربها أو لا يعلم أن غسل الجنابة واجب فيتركه وكما اتفق في الزمان الأول حين لم تعلم الأنصار طلب الغسل من التقاء الختانين ومثل هذا كثير يتبين للمجتهدين وقد روى عن مالك أنه كان لا يرى تخليل أصابع الرجلين في الوضوء ويراه من التعمق حتى بلغه أن النبى كان يخلل فرجع إلى القول به وكما اتفق لأبى يوسف مع مالك في المد والصاع حتى رجع إلى القول بذلك ومن ذلك العمل على المخالفة خطأ أونسيانا ومما يروى من الحديث رفع أمتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه فإن صح فذلك وإلا فالمعنى متفق عليه ومما يجرى مجرى الخطأ والنسيان في أنه من غير قصد وإن وجد القصد الا كراه المضمن في الحديث وأبين
171 من هذا العفو عن عثرات ذوى الهيآت فإنه ثتب في الشرع اقالتهم في الزلات وأن لا يعاملوا بسببها معاملة غيرهم جاء في الحديث أقيلوا ذوى الهيآت عثراتهم وفى حديث آخر تجافوا عن عقوبة ذوى المروءة والصلاح وروى العمل بذلك عن محمد بن أبى بكر بن عمرو بن حزم فإنه قضى به في رجل من آل عمر بن الخطاب شج رجلا وضربه فأرسله وقال أنت من ذوى الهيآت وفى خبر آخر عن عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب أنه قال استادى على مولى لى جرحته يقال له سلام البربرى إلى ابن حزم فأتانى فقال جرحته قلت نعم قال سمعت خالتى عمرة تقول قالت عائشة قال رسول الله أقيلوا ذوى الهيئات عثراتهم فخلى سبيله ولم يعاقبه وهذا أيضا من شئون رب العزة سبحانه فإنه قال ويجزى الذين أحسنوا بالحسنى الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش لا اللمم الآية لكنها أحكام آخروية وكلامنا في الأحكام الدنيوية ويقرب
172 من هذا المعنى درء الحدود بالشبهات فإن الدليل يقوم هنالك مفيدا للظن في إقامة الحد ومع ذلك فإذا عارضه شبهة وإن ضعفت غلب حكمها ودخل صاحبها في حكم العفو وقد يعد هذا المجال مما خولف فيه الدليل بالتأويل وهو من هذا النوع أيضا ومثال مخالفته بالتأويل مع المعرفة بالدليل ما وقع في الحديث في تفسير قوله تعالى ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا الآية عن قدامة بن مظعون حين قال لعمر بن الخطاب إن كنت شربتها فليس لك أن تجلدي قال عمر ولم قال لأن الله يقول ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا الآية فقال عمر إنك أخطأت التأويل يا قدامة إذا اتقيت اجتنبت ما حرم الله قال القاضي إسماعيل وكأنه أراد أن هذه الحالة تكفر ما كان من شربه لأنه كان ممن اتقى وآمن وعمل الصالحات وأخطأ في التأويل بخلاف من استحلها كما في حديث علي رضي الله عنه ولم يأت في حديث قدامة أنه حد ومما وقع في المذهب في المستحاضة تترك الصلاة زمانا جاهلة بالعمل أنه لا قضاء عليها فيما تركت قال في مختصر ما ليس في المختصر لو طال بالمستحاضة والنفساء الدم فلم تصل النفساء ثلاثة اشهرأشهر ولا المستحاضة شهرا لم يقضيا ما مضى إذا تأولنا في ترك الصلاة دوام ما بهما من الدم وقيل في المستحاضة إذا تركت بعد أيام أقرائها يسيرا اعادته وإن كان كثيرا
173 فليس عليها قضاؤه بالواجب وفي سماع أبي زيد عن مالك أنها إذا تركت الصلاة بعد الإستظهار جاهلة لا تقضي صلاة تلك الأيام واستحب ابن القاسم لها القضاء فهذا كله مخالفة للدليل مع الجهل والتأويل فجعلوه من قبيل العفو ومن ذلك أيضا المسافر يقدم قبل الفجر فيظن أن من لم يدخل قبل غروب الشمس فلا صوم له أو تطهر الحائض قبل طلوع الفجر فتظن أنه لا يصح صومها حتى تطهر قبل الغروب فلا كفارة هنا وإن خالف الدليل لأنه متأول وإسقاط الكفارة هو معنى العفو وأما النوع الثالث وهو العمل بما هو مسكوت عن حكمه ففيه نظر فإن خلوا بعض الوقائع عن حكم لله مما اختلف فيه فأما على القول بصحة الخلو فيتوجه النظر وهو مقتضى الحديث وما سكت عنه فهو عفو وأشباهه مما تقدم وأما علي القول الآخر فيشكل الحديث إذ ليس ثم مسكوت عنه بحال بل هو إما منصوص وإما مقيس على منصوص والقياس من جملة الأدلة الشرعية فلا نازلة إلا ولها في الشريعة محل حكم فانتفى المسكوت عنه إذا ويمكن أن يصرف السكوت على هذا القول إلى ترك الإستفصال مع وجود مظنته وإلى السكوت عن مجارى العادات مع استصحابها في الوقائع وإلى السكوت عن أعمال أخذت قبل من شريعة إبراهيم عليه السلام فالأول كما في قوله تعالى وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم فإن هذا العموم يتناول بظاهره ما ذبحوا لأعيادهم وكنائسهم وإذا نظر إلى المعنى اشكل لأن في ذبائح الأعياد زيادة تنافي أحكام الإسلام فكان للنظر هنا مجال ولكن مكحولا سئل عن المسألة فقال كله
174 قد علم الله ما يقولون وأحل ذبائحهم يريد والله أعلم أن الآية لم يخص عمومها وإن وجد هذا الخاص المنافي وعلم الله مقتضاه ودخوله تحت عموم اللفظ ومع ذلك فأحل ما ليس فيه عارض وما هو فيه لكن بحكم العفو عن وجه المنافاة وإلى نحو هذا يشير قوله عليه السلام وعفا عن أشياء رحمة بكم لا عن نسيان فلا تبحثوا عنها وحديث الحج أيضا مثل هذا حين قال أحجنا هذا لعامنا أو للأبد لأن اعتبار اللفظ يعطى أنه للأبد فكره عليه السلام سؤاله وبين له علة ترك السؤال عن مثله وكذلك حديث أن أعظم المسلمين في المسلمين جرما الخ يشير إلى هذا المعنى فإن السؤال عما لم يحرم ثم يحرم لأجل المسألة إنما يأتي في الغالب من جهة إبداء وجه فيه يقتضي التحريم مع أن له أصلا يرجع إليه في الحلية وإن اختلفت فروعه في أنفسها أو دخلها معنى يخيل الخروج عن حكم ذلك الأصل ونحو حديث ذروني ما تركتكم وأشباه ذلك والثاني كما في الأشياء التي كانت في أول الإسلام على حكم الإقرار ثم حرمت بعد ذلك بتدريج كالخمر فإنها كانت معتادة الإستعمال في الجاهلية ثم جاء الإسلام فتركت على حالها قبل الهجرة وزمانا بعد ذلك ولم يتعرض في الشرع للنص على حكمها حتى نزل يسألونك عن الخمر والميسر فبين ما فيها من المنافع والمضار وأن الأضرار فيها أكبر من المنافع وترك الحكم الذي اقتضته المصلحة وهو التحريم لأن القاعدة الشرعية أن المفسدة إذا أربت على المصلحة فالحكم للمفسدة والمفاسد ممنوعة فبان وجه المنع فيهما غير أنه لما لم ينص على المنع وإن ظهر وجهه تمسكوا بالبقاء مع الأصل الثابت لهم بمجارى العادات ودخل لهم تحت العفو إلى أن نزل ما في سورة المائدة من قوله تعالى فاجتنبوه فحينئذ استقر حكم التحريم وارتفع العفو وقد دل على ذلك قوله تعالى ليس