الفرق بين المراجعتين لصفحة: «مبسوط السرخسي - الجزء الثاني عشر»

تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
OKBOT (نقاش | مساهمات)
ط تدقيق إملائي. 64 كلمة مستهدفة حالياً.
OKBOT (نقاش | مساهمات)
ط تدقيق إملائي. 88 كلمة مستهدفة حاليًا.
سطر 18:
[ 6 ]
بطنها جنين ميت لم يؤكل الجنين) في قول أبى حنيفة وزفر وهو قول ابراهيمإبراهيم وحكم ابن عبينة رحمهم الله وقال أبو يوسف ومحمد والشافعي رحمهم الله يؤكل الا أنه روى عن محمد رحمه الله انه قال انما يؤكل الجنين إذا أشعر وتمت خلقته فأما قبل ذلك فهو بمنزلة المضغة فلا يؤكل واحتجوا بقول الله تعالي ومن الانعام حمولة وفرشا قيل الفرش الصغار من الاجنة والحمولة الكبار فقد من الله تعالى على عباده بأكل ذلك لهم وفى المشهور أن النبي عليه الصلاة والسلام قال ذكاة الجنين ذكاة أمه معناه ذكاة الام نائبة عن ذكاة الجنين كما يقال لسان الوزير لسان الامير وبيع الوصي بيع اليتيم * وروى ذكاة أمه بالنصب ومعناه بذكاة أمه الا أنه صار منصوبا بنزع حرف الخفض عنه كقوله تعالى ما هذا بشرا أي ببشر وعن أبى سعيد الخدرى رضي الله عنه أن قوما سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا انا لننحر الجزور فيخرج من بطنها جنين ميت أفنلقية أم نأكله فقال صلوات الله وسلامه عليه كلوه فان ذكاة الجنين ذكاة أمه والمعنى فيه ان الذكاة تنبنى على التوسع حتى يكون في الاهل بالذبح في المذبح فإذا ند فبالجرح في أي موضع أصابه لان ذلك وسع مثله والذى في وسعه في الجنين ذبح الام لانه مادام مخبيا في البطن لا يتأتى فيه فعل الذبح مقصودا وبعد الاخراج لا يبقى حيا فتجعل ذكاة الام ذكاة له لان تأثير الذبح في الام في زهوق الحياة عن الجنين فوق تأثير الجرح بحل رجل الصيد فالغالب هناك السلامة وهنا الهلاك ثم اكتفى بذلك الفعل لانه وسع مثله فهنا أولي ولان الجنين في حكم جزء من اجزاء الام حتى يتغذى بغذائها وينمو بنمائها ويقطع عنها بالمقراض كما في بيان الجزء من الجملة ويتبعها في الاحكام تبعية الاجزاء حتى لا يجوز استثناء في عنقها وبيعها كاستثناء يدها ورجلها ثبوت الحل في البيع لوجود فعل الذكاة في الاصل والدليل عليه انه يحل ذبح الشاة الحامل ولو لم يحل الجنين بذبح الام لما حل ذبحها حاملا لما فيه من اتلاف للحيوان لا للمأكلة ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك. وأبو حنيفة رحمه الله استدل بقوله تعالي والمنخنقة فان أحسن أحواله أن يكون حيا عند ذبح الام فيموت باحتباس نفسه وهذا هو المنخنقة وقال عليه الصلاة والسلام لعدى بن حاتم رضى الله عنه إذا وقعت رميتك في الماء فلا تأكل فانك لا تدرى أن الماء قتله أم سهمك. فقد حرم الاكل عند وقوع الشك في سبب زهوق الحياة وذلك موجود في الجنين فانه لا يدرى أنه مات بذبح الام أو باحتباس نفسه وقد
[ 7 ]
يتأتى الاحتراز عنه في الجملة لانه قد يتوهم انفصالة حيا ليذبح * وعلل ابراهيمإبراهيم فقال ذكاة نفس لا تكون ذكاة نفسين ومعنى هذا ان الجنين في حكم الحياة نفس على حدة مودعة في الام حتى ينفصل حيا فيبقى ولا يتوهم بقاء الجزء حيا بعد الانفصال وكذلك بعد موت الام يتوهم انفصال الجنين حيا ولا يتوهم بقاء حياة الجزء بعد موت الاصل والذكاة تصرف في الحياة فإذا كان في حكم الحياة نفسا على حدة فيشترط فيه ذكاة على حدة ولا نقول يتغذى بغذاء الام بل يبقية الله تعالى في بطن الام من غير غذاء أو يوصل الله إليه الغذاء كيف شاء ثم بعد الانفصال قد يتغذى أيضا بغذاء الام بواسطة اللبن ولم يكن في حكم الجزء ولما جعل في سائر الاحكام تبعا لم يتصور تقرر ذلك الحكم في الام دونه حتى لا يتصور انفصاله حيا بعد موت الام ولو انفصل حيا ثم مات لم يحل عندهم فعرفنا انه ليس يتبع في هذا الحكم وحقيقة المعنى فيه ما بينا ان المطلوب بالذكاة تسييل الدم لتمييز الطاهر من النجس وبذبح الام لا يحصل هذا المقصود في الجنين أو المقصود تطييب اللحم بالنضج الذى يحصل بالتوقد والتلهيب ولا يحصل ذلك في الجنين بذبح. وهذا الجواب عما قالوا ان الذكاة تنبنى علي التوسع. قلنا نعم ولكن لا يسقط بالعذر وكما لو قتل الكلب الصيد غما أو اختفاء وهذا لان المقصود لا يحصل بدون الجرح واباحة ذبح الحامل لانه يتوهم ان ينفصل الجنين حيا فيذبح ولان المقصود لحم الام وذبح الحيوان لغرض صحيح حلال كما لو ذبح ما ليس بمأكول لمقصود الجلد والمراد بالحديث التنبيه لا النيابة أي ذكاة الجنين كذكاة أمه ألا ترى أنه ذكر الجنين أولا ولو كان المراد النيابة لذكر النائب أولا دون المنوب عنه كما قيل في الالفاظ التى استشهد بها ومثل هذا يذكر للتشبيه يقال فلان شبه أبيه وحظ فلان حظ أبيه وقال القائل وعيناك عيناها وجيدك جيدها * سوى أن عظم الساق منك دقيق والمراد التشبيه ويصح هذا التأويل في الرواية بالنصب فان المنزوع حرف الكاف قال الله تعالى وهى تمر مر السحاب أي كمر السحاب ويحتمل الباء أيضا ولكن ان جعلنا المنزوع حرف الكاف لم يحل الجنين وان جعلناه حرف الباء يحل ومتى اجتمع الموجب للحل والموجب للحرمة يغلب الموجب للحرمة والحديث مع القصة لا يكاد يصح ولو ثبت فالمراد من قولهم فيخرج من بطنها جنين ميت أي مشرف على الموت قال الله تعالي انك ميت وانهم
[ 8 ]
ميتون ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم كلوه أي اذبحوه وكلوه والمراد بالفرش الصغار فلا يتناول الجنين ولئن كان المراد به الجنس ففيه بيان أن الجنين مأكول وبه نقول ولكن عند وجود الشرط فيه وهو ان ينفصل حيا فيذبح فيحل به والله سبحانه وتعالى أعلم (باب الاضيحة) قال رحمه الله تعالى اعلم بأن القرب المالية نوعان نوع بطريق التمليك كالصدقات ونوع بطريق الاتلاف كالعتق ويجتمع في الاضحية معنيان فانه تقرب باراقه الدم وهو اتلاف ثم بالتصدق باللحم وهو تمليك. قال (وهى واجبة على المياسير والمقيمين عندنا) وذكر في الجامع عن أبى يوسف أنها سنة وهو قول الشافعي لقوله عليه الصلاة والسلام كتبت علي الاضحية ولم تكتب عليكم وقال عليه الصلاة والسلام خصصت بثلاث وهى لكم سنة الاضحية وصلاة الضحى والوتر. وقال صلى الله عليه وسلم ضحوا فانها سنة أبيكم ابراهيمإبراهيم عليه السلام وعن أبى بكر وعمر رضي الله عنهما انهما كانا لا يضحيان السنة والسنتين مخافة أن يراها الناس واجبة وقال أبو مسعود الانصاري رضى الله عنه انه ليغدو على الف شاة ويراح فلا أضحي مخافة أن يراها الناس واجبة ولانها لا تجب على المسافر وكل دم لا يجب على المسافر لا يجب على المقيم كالعنبرة وهذا لانه لا يفرق بين المسافر والمقيم في العبادات المالية كالزكاة وصدقة الفطر لانهما لا يستويان في ملك المال وانما الفرق بينهما في البدن لان المسافر يلحقه المشقة بالاداء بالبدن والدليل عليه ان يحل له التناول منه واطعام الغنى ولو كان واجبا لم يحل له التناول كما في جزاء الصيد ونحوه ولان التقرب بالاتلاف لا يجب ابتداء بل بسبب من العبد كالعتق في الكفارات ولهذا أوجبنا الاضحية بالنذر. وحجتنا في ذلك قوله تعالى فصل لربك وانحر أي وانحر الاضحية والامر يقتضي الوجوب وقال عليه الصلاة والسلام من وجد سعة ولم يضح فلا يقربن مصلانا والحاق الوعيد لا يكون الا بترك الواجب وقال عليه الصلاة والسلام من ضحى قبل الصلاة فليعد ومن لم يضح فليذبح على اسم الله تعالى والامر يفيد الوجوب وفى قوله عليه الصلاة والسلام ضحوا أمر وقوله فانها سنة أبيكم ابراهيمإبراهيم أي طريقته فالسنة الطريقة في الدين وذلك لا ينفى الوجوب ولا حجة في قوله عليه الصلاة والسلام ولم تكتب عليكم فانا نقول بأنها غير مكتوبة بل هي واجبة فالمكتوب ما يكون فرضا يكفر جاحده فقد كان رسول الله
[ 9 ]
سطر 33:
[ 11 ]
استحسانا) ومعنى هذا ان للامام أن يخرج بالناس إلى الجبانة ويستخلف من يصلى بالضعفة في الجامع هكذا فعله على رضى الله تعالي عنه حين قدم الكوفة. قال (وإذا ذبح بعد ما فرغ أهل المسجد قبل أن يصلي أهل الجبانة ففى القياس لاتجزئه) لان اعتبار جانب أهل الجبانة يمنع الجواز واعتبار جانب أهل المسجد يجوز ذلك وفى العبادات يؤخذ بالاحتياط ولكنا استحسنا وقلنا قد أديت صلاة العيد في المصر حتى لواكتفوا بذلك أجزأهم فتجوز التضحية بعد ذلك لان الترتيب المشروط قد وجد حين ضحى بعد صلاة العيد في هذا المصر ولم يذكر ما لو سبق أهل الجبانة بالصلاة فضحى رجل قبل أن يصلى أهل المسجد. وقيل في هذا الموضع يجوز قياسا واستحسانا لان المسنون في العيد الخروج إلى الجبانة فأهل الجبانة هم الاصل وقد صلوا وقيل للقياس والاستحسان فيهما لان أداء الصلاة في المسجد أفضل منه بالجبانة وإذا كان في الموضع الذى صلى فيه أهل المسجد قياسا واستحسانا لما ذكرنا فهنا أولى. قال (ولا بأس بأن يضحي بالجماء وبمكسور القرن) أما الجماء فلان ما فات منها غير مقصود لان الاضحية من الابل أفضل ولا قرن له وإذا ثبت جواز الجماء فمكسور القرن أولى وقد روى في ذلك عن عمار بن ياسر رضى الله تعالى عنه. وكذلك الخصى لما روى ان النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين املحين اقرنين موجوين أو موحوين احدهما عن نفسه والآخر عن أمته. والمراد خصيان وكان ابراهيمإبراهيم يقول ما يزاد في لحمه بالخصاء أنفع للمساكين مما يفوت بالانثيين إذ لا منفعة للفقراء في ذلك. قال (ولا بأس أن يضحى بالجرباء والتولاء إذا كانت سمينة) والجرباء التى بها جرب وإذا كانت سمينة فالجرب في جلدها لافي لحمها ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يضحى بالعجفاء التى لا تبقى. والتولاء هي المجنونة والجنون عيب في القضاة لا في الشاة فإذا كانت سمينة فما هو المقصود منها باق واشتراط السمن في الحديث الذى روينا ان النبي صلي الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين يرعيان في سواد وينظران في سواد ويأكلان في سواد ومقصود الراوى من هذه المبالغة بيان السمن. قال (ولا بأس أن يشترك سبعة نفر في بقرة أو بدنة) وقال مالك رحمه الله يجوز عن أهل بيت واحد بقرة واحدة وان كانوا أكثر من سبعة ولا تجوز عن أهل بيتين وان كانوا أقل من سبعة لقوله عليه الصلاة والسلام على أهل كل بيت في كل عام أضحاة وعنبرة ومذهبنا مروى عن ابن مسعود وحذيفة رضي الله عنهما والاستدلال بحديث جابر رضي الله عنه قال اشتركنا يوم الحديبية في
[ 12 ]
البقرة والبدنة فأجاز النبي عليه الصلاة والسلام البقره عن سبعة والبدنة عن سبعة والمراد بذكر أهل البيت قيم البيت لان اليسار له عادة. وقد ذكر في بعض الروايات على كل مسلم في كل عام اضحاة وعنبرة ويستوى ان كان قصدهم جميعا التضحية أو قصد بعضهم قربة أخرى عندنا وعند زفر لا يجوز الا إذا قصدوا جميعا التضحية وقال الشافعي يجوز وان كان قصد بعضهم للحم وقد بينا هذا في المناسك. فان كان الشركاء في البدنة ثمانية لم تجزهم لان نصيب كل واحد منهم دون السبع وكذلك ان كان نصيب أحدهم دون السبع حتى لو سئل عن رجل مات وترك ابنا وامرأة وبقرة وضحى بها يوم العيد هل يجوز * والجواب انه لا يجوز لان نصيب المرأة الثمن فإذا لم يجز ثمنها في نصيبها لا يجوز في نصيب الابن أيضا. فان مات أحد الشركاء في البدنة ورضى ورثته بالتضحية بها عن الميت مع الشركاء في القياس لا يجوز وهو رواية عن أبى يوسف رحمه الله لان نصيب الميت صار ميراثا والتضحية تقرب بطريق الاتلاف فلا يصح التبرع به من الوارث عن الميت كالعتق وإذا لم يجز في نصيبه لم يجز في نصيب الشركاء وفى الاستحسان يجوز لان معنى القربة حصل في اراقة الدم فان التبرع من الوارث عن مورثه بالقرب المالية صحيح كالتصدق وانما لا يجوز العتق لما فيه من الزام الولاء وذلك غير موجود في الاضحية وعلى هذا إذا كان أحد الشركاء أم ولد ضحى عنها مولاه أو صغير ضحى عنه أبوه ولا خلف انه ليس علي المولى ان يضحى عن احدأحد من مماليكة فان تبرع بذلك جاز وإذا جعله شريكا في البدنة ففيه قياس واستحسان لما بينا وأما الاب ليس عليه أن يضحى عن ولده الصغار في ظاهر الرواية وورى الحسن عن أبى حنيفة رحمهما الله أن ذلك عليه كصدقة الفطر لانه جزء منه فكما يلزمه أن يضحى عن نفسه عند يساره فكذلك عن جزئه. وجه ظاهر الرواية ان مالا يلزمه عن مملوكه لا يلزمه عن ولده كسائر القرب بخلاف صدقة الفطر وهذا لان كل واحد منهما كسبه ولو كانت التضحية عن أولاده واجبة لامر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ونقل ذلك كما أمر بصدقة الفطر وان كان للصبي مال فقال بعض مشايخنا رحمهم الله تعالى على الاب والوصي أن يضحى من ماله عند أبى حنيفة رضى الله عنه على قياس صدقة الفطر الاصح أنه لا يجب ذلك وليس له أن يفعله من ماله لانه ان كان المقصود الاتلاف فالاب لا يملكه في مال الولد كالعتق وان كان المقصود التصدق باللحم بعد اراقه الدم فذاك تطوع غير واجب ومال الصبى
[ 13 ]
سطر 54:
[ 18 ]
بالتضحية بها في أيام النحر لان ذلك يفوته بمضي الوقت وربما يعرض له عارض في أيام النحر والاذن دلالة كالاذن إفصاحا كما في شرب ماء في السقاية ونظائرها. وقال الشافعي رحمه الله يجزئه من الاضحية ولكن الذابح ضامن لقيمتها وهذا بعيد فالجواز لا يكون الا بعد وجود الاذن دلالة ولو وجد الاذن افصاحا لم يضمن فكذلك إذا وجد الاذن دلالة وعلى هذا لو أن رجلين غلطا فذبح كل واحد منهما أضحية صاحبه على نفسه أجزأ كل واحد منهما استحسانا ويأخذ كل واحد منهما مسلوخه من صاحبه فان كانا قد أكلا ثم علما فليحلل كل واحد منهما صاحبه ويجزئهما لانه لو أطعم كل واحد منهما صاحبه لحم أضحيته جاز ذلك غنيا كان أو فقيرا. قال أبو يوسف رحمه الله ان تشاحا فلكل واحد منهما تضمين صاحبه قيمة لحمه ثم يتصدق بتلك القيمة كما لو باع لحم أضحيته فعليه أن يتصدق بالثمن. قال (ولو أمر مجوسيا فذبح أضحيته لم تجزه) لان هذا افساد لا تقرب فان ذبيحة المجوسى لاتؤكل ولو أمر يهوديا أو نصرانيا بذلك أجزأه لانهما من أهل الذبح ولكنه مكروه لان هذا من عمل القربة وفعله ليس بقربة. قال (فان ذبح أضحيته بنفسه فهو أفضل) لان النبي عليه الصلاة والسلام لما ساق مائة بدنة نحر منها ثلاثا وستين بنفسه ثم ولى الباقي عليا رضى الله عنه وحين ضحى بالشاتين ذبحهما بنفسه ولكن هذا إذا كان يحسن ذلك فان كان يخاف أن يعجز عن ذلك فالافضل أن يستعين بغيره ولكنه ينبغى له أن يشهدها بنفسه لما روي ان النبي عليه الصلاة والسلام قال لفاطمة رضي الله تعالى عنها قومي فاشهدي أضحيتك فانه يغفر لك بأول قطرة من دمها كل ذنب اما أنه يجاء بلحمها ودمها يوم القيامة فيوضع في ميزانك سبعين ضعفا قال أبو سعيد الخدرى رضى الله تعالى عنه أهذا لآل محمد عليه الصلاة والسلام فهم أهل لما خصوا به من الخير أم للمسلمين عامة قال عليه الصلاة والسلام لآل محمد خاصة وللمسلمين عامة. قال (والاضحية تجب على أهل السواد كما تجب على أهل الامصار) لانهم مقيمون مياسير وانما لم تجب على المسافرين لما يلحقهم من المشقة في تحصيلها وذلك غير موجود في حق أهل القرى وفى الاصل ذكر عن ابراهيمإبراهيم قال هي واجبة على أهل الامصار ماخلا الحاج وأراد بأهل الامصار المقيمين وبالحاج المسافرين فاما أهل مكة فعليهم الا ضحية وان حجوا. قال (ولا بأس لاهل القرى أن يذبحوا الا ضاحى بعد انشقاق الفجر) لما بينا أن دخول الوقت بانشقاق الفجر من يوم النحر الا ان أهل الامصار عليهم الصلاة فيلزمهم مراعاة الترتيب ولا صلاة على
[ 19 ]
سطر 78:
[ 26 ]
بأس بأكله في القياس) لانه حين أخذه حيا فقد بطل حكم ارسالإرسال الكلب حتى لا يحل الا بذكاة الاختيار فانما بقى المعتبر أخذه وذبحه وقد حصل في صيد الحل فلا بأس بأكله وانما كره له هذا الصنع لتمكنه من أخذه بذلك الارسال السابق وقد كان حراما بكون الصيد في الحرم عند ذلك. قال (ظبي بعض قوائمه في الحل وبعضها في الحرم رماه حلال في الحرم فقتله فانه يكره أكله لوجوب الجزاء عليه) وهذا لان قوام الصيد بقوائمه واعتبار مافى الحرم من قوائمه يجعله صيد الحرم وهذا الجانب يترجح لانه جانب الحظر وجانب الحرمة لحق الشرع وان كانت قوائمه في الحل ورأسه في الحرم فلا بأس بأكله لانه صيد الحل فان قوام الصيد بقوائمه. وقيل هذا إذا كان قائما فان كان نائما فهذا والاول سواء لان استمساكه على الارض في حال نومه باعتبار جميع بدنه فإذا كان جانب منه في الحرم فهو صيد الحرم وقد بينا في المناسك في الشجرة ان المعتبر موضع أصلها لا موضع أغصانها وفي الصيد الواقع على بعض اغصانها يعتبر موضع ذلك الغصن لان قوام الصيد ليس بغصن الشجرة قال الله تعالى ما يمسكهن الا الله فأما قوام عصن الشجرة فبأصلها ففى حق ضمان المحصن يعتبر موضع أصل الشجرة وفى حتى ضمان الصيد يعتبر الموضع الذى فيه الصيد فان كان في هواء الحرم فهذا الصيد صيد الحرم. قال (وان اشترك الحلال والمحرم في رمى الصيد لم يحل أكله) لان اعتبار فعل المحرم محرم والموجب للحرمة يغلب على الموجب للحل كما لو اشترك مسلم ومجوسى في قتل الصيد. قال (رجل أرسل بازيا على صيد في الحرم فتبعه حتى أخرجه إلى الحل فقتله كرهت أكله) لان أصل السبب ارسالإرسال البازى وقد كان محظورا فان أرسله على صيد في الحرم فاعتباره يثبت الكراهة. قال (حلال أخرج ظبية من الحرم فولدت أولادا ثم ذبحها وأولادها فليس أكلها وأكل أولادها بحرام) لان الحل بالذبح وقد حصل من حلال في صيد في الحل. ولكن لا يعجبني هذا الفعل لانه لو أذن في ذلك تطرق الناس إليه ولانه تمكن من الذبح بالاخذ السابق وقد كان ذلك الاخذ حراما عليه وعليه الجزاء فيها وفى أولادها لان الارسال والاعادة إلى الماء من مستحق عليه فيها وفى أولادها فإذا فوت ذلك بالذبح كان عليه الجزاء ولانه انما يضمن جزاء الام لاتلاقه معنى الصيدية فيها باثبات اليد عليها وهذا المعنى موجود في ولدها وكذلك ان أدى عنها ثم ذبحها فهذا والاول سواء لانه مطالب بارسالها واعادتها
[ 27 ]
سطر 84:
[ 28 ]
يكون تمليكا كالعتق كانه يجعله موقوفا على ما يظهر عند موته والصحيح أن ما باشره في المرض بمنزلة مالو باشره في الصحة في انه لا يتعلق به اللزوم ولا يمتنع الارث بمنزلة العارية الا أن يقول في حياتي وبعد موتى فحينئذ يلزم إذا كان مؤبدا وصار الابد فيه كعمر الموصى له بالخدمة في لزوم الوصية بعد الموت فأما أبو يوسف ومحمد رحمهما الله قالا الوقف يزيل ملكه وانما يحبس العين عن الدخول في ملك غيره وليس من ضرورة ذلك امتناع زوال ملكه فلزوال الملك في حقه يلزم حتى لا يورث عنه بعد وفاته لان الوارث يخلف المورث في ملكه وكان أبو يوسف رحمه الله يقول أولا يقول بقول أبى حنيفة رحمه الله ولكنه لما حج مع الرشيد رحمه الله فرأى وقوف الصحابة رضوان الله عليهم بالمدينة ونواحيها رجع فافتى بلزوم الوقف فقد رجع عند ذلك عن ثلاث مسائل (احداها) هذه (والثانية) تقدير الصاع بثمانية أرطال (والثالثة) أذان الفجر قبل طلوع الفجر. وحجتهم في ذلك الآثار المشهورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة رضوان الله عليهم أجميعن منهم عمر وعثمان وعلى وطلحة والزبير وعائشة وحفصة رضى الله تعالى عنهم فانهم باشروا الوقف وهو باق إلى يومنا هذا وكذلك وقف ابراهيمإبراهيم الخليل صلوات الله وسلامه عليه باق إلى يومنا هذا وقد أمرنا باتباعه قال الله تعالى واتبعوا ملة ابراهيمإبراهيم حنيفا والناس تعاملوا به من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا يعنى اتخاذ الرباطات والخانات وتعامل الناس من غير نكير حجة وقد استبعد محمد رحمه الله قول أبى حنيفة في الكتاب لهذا وسماه تحكما علي الناس من غير حجة فقال ما أخذ الناس بقول أبى حنيفة وأصحابه الا بتركهم التحكم على الناس فإذا كانوا هم الذين يتحكمون على الناس بغير أثر ولا قياس لم يقلدوا هذه الاشياء ولو جاز التقليد كان من مضي من قبل أبى حنيفة مثل الحسن البصري وابراهيم النخعي رحمهما الله أحرى أن يقلدوا ولم يحمد على ما قال. وقيل بسبب ذلك انقطع خاطره فلم يتمكن من تفريغ مسائل الوقف حتى خاض في الصكوك واستكثر أصحابه من بعده من تفريغ مسائل الوقف كالخصاف وهلال رحمهما الله ولو كان أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه في الاحياء حين قال ما قال لدمر عليه فانه كما قال مالك رضى الله تعالى عنه رأيت رجلا لو قال هذه الاسطوانة من ذهب لدل عليه ولكن كل مجرى بالجلاء يسر * ثم استدل بالمسجد فقال اتخاذ المسجد يلزم بالاتفاق وهو اخراج لتلك البقعة عن ملكه من غير أن يدخل في ملك أحد ولكنها تصير محبوسة بنوع قربة قصدها فكذلك
[ 29 ]
سطر 141:
[ 47 ]
وان لم يحتج من بقى منهن كان ذلك ميراثا على فرائض الله تعالى) ولكن هذا الشرط يجوز عند أبى يوسف رحمه الله في الحياة والموت لما بينا أنه يتوسع في أمر الوقف فلا يشترط التأبيد واشتراط العود إلى الورثة عند زوال حاجة الموقوف عليه لا يفوت موجب العقد عنده فأما عند محمد رحمه الله التأبيد شرط للزوم الوقف في الحياة فاشتراط العود إلى الورثة يعدم هذا الشرط فيكون مبطلا للوقف الا أن يجعل ذلك وصية من ثلثه بعد موته فحينئذ يجوز ذلك بمنزلة الوصية المعلوم بسكنى داره بعد موته مدة معلومة فان ذلك جائز من ثلثه ويعود إلى الورثة إذا سقط حق الموصى له فكذلك في حق أمهات الاولاد إذا سماهن وان كتب انه جعل لهن في حياته وأوصى لهن من بعد وفاته لكل واحد منهن بخدمها ومتاعها وحليها وثيابها وجوهرها وسمي ما جعل لكل واحدة منهن من ذلك وبين قيمته ووزنه وأنه قد جعل لها في حياته وصحته ذلك ودفعه إليها وأوصى لها بعد وفاته فانه تجوز الوصية من الثلث ولا تجوز في الحياة عندهم جميعا وأما عند محمد رحمه الله لا يشكل وعند أبى يوسف رحمه الله لانه يملكهن الاعيان هنا والمملوكة ليست من أهل التمليك فلا يصح التمليك منهن الا باعتبار حريتهن وذلك بعد وفاته فعرفنا أنه تمليك مضاف الي ما بعد الموت فيكون وصية من الثلث وفيما سبق لا يملك بالوقف احدأحد شيئا ولكن يخرج العين عن ملكه فيجعله موقوفا عليهن لحاجتهن إلى السكنى وذلك يتم منه في الحال فإذا كان صحيحا حين أخرج الوقف من ملكه تم ذلك معتبرا من جميع ماله ومحمد رحمه الله هكذا يقول فيما لا يعود إليه والى ورثته بعد ذلك بحال بأن جعل آخر وقفه على جهة لا تنقطع فان كان بحيث يعود إليه والى ورثته بعد وفاته لايتم زواله عن ملكه فانما يبقى تمليكه منهن وذلك لا يجوز في حياته وانما يجوز بعد وفاته فيكون بمنزلة الوصية بالسكنى تعتبر بالثلث من ماله والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب كتاب الهبة قال الشيخ الامام الاجل الزاهد شمس الائمة وفخر الاسلام أبو بكر محمد بن أبى سهل السرخسى رحمه الله تعالى املاء: اعلم بأن الهبة عقد جائز ثبت جوازه بالكتاب والسنة أما الكتاب فقوله تعالى وإذا حبيتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها والمراد بالتحية العطية وقيل المراد بالتحية السلام والاول أظهر فان قوله أو ردوها يتناول ردها بعينها وانما يتحقق (4 ثانى عشر مبسوط)
[ 48 ]
سطر 147:
[ 49 ]
الامضاء في الصدقة وذلك بالقبض يكون وقد بينا هذا في كتاب الوقف * ثم الهبة والصدقة قد تكون من الاجانب وقد تكون من القرابات وذلك أفضل لما فيه من صلة الرحم واليه أشار النبي صلى الله عليه وسلم فقال أفضل الصدقة على ذى الرحم الكاسح ولهذا بدأ الكتاب بحديث رواه عن ابراهيمإبراهيم عن عمر رضى الله عنه قال من وهب لذى رحم محرم هبة فقبضها فليس له أن يرجع فيها. وذكر بعد هذا عن عطاء ومجاهد عن عمر رضي الله عنه قال من وهب هبة لذى رحم محرم فقبضها فليس له أن يرجع فيها ومن وهب هبة لغير ذى رحم فله أن يرجع فيها ما لم يثب منها. والمراد بقوله ذى رحم محرم قد ذكر ذلك في بعض الروايات وهذا لانه يفترض صلة القرابة المتأبدة بالحرمية دون القرابة المتحرزة عن الحرمية وهو كما يتلى في القرآن في قوله سبحانه وتعالى واتقوا الله الذى تساءلون به والارحام أي اتقوا الارحام أن تقطعوها وقال الله تعالى وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم فأصمهم وأعمى أبصارهم والمراد الرحم المتأبد بالحرمية * ثم ان الحديث دليل أن الهبة لا تتم الا بالقبض لانه اعتبر القبض للمنع عن الرجوع وهو دليل لنا أن الوالد إذا وهب لولده هبة ليس له أن يرجع فيها كالولد إذا وهب لوالده وهذا لان المنع من الرجوع لحصول المقصود وهو صلة الرحم أو لما في الرجوع والخصومة فيه من قطعية الرحم والولاد في ذلك أقوي من القرابة المتأبدة بالحرمية. وفيه دليل على أن من وهب لاجنبي هبة فلم أن يرجع فيها ما لم يعوض منها لقوله عليه الصلاة والسلام ما لم يثب والمراد بالثواب العوض فعمر رضى الله عنه إمامنا في المسئلتين يحتج بقوله رضى الله عنه على الخصم وقد قال عليه الصلاة والسلام اينما دار الحق فعمر معه وان ملكا ينطق على لسان عمر (وعن) عائشة رضى الله عنها قالت نحلنى أبو بكر رضي الله عنه جذاذ عشرين وسقا من ماله بالعالية فلما حضره الموت حمد الله تعالى واثنى عليه ثم قال يا بنية ان أحب الناس إلى غنى أنت وأعزهم على فقرا أنت وانى كنت نحلتك جذاذ عشرين وسقا من مالى بالعالية وانك لم تكوني قبضتيه ولا حزتيه وانما هو مال الورثة وانما هما اخواك واختاك قالت فقلت فانما هي أم عبد الله يعنى اسماء قال انه ألقى في نفسي أن في بطن بنت خارجة جارية. ثم ذكر عن الشعبى عن عائشة رضى الله عنها ان اباأبا بكر رضى الله عنه نحلها أرضا له. وفى هذا دليل ان الهبة لا تتم الا بالقبض وانه يستوى في ذلك الاجنبي والولد إذا كانا بالغين. وفيه دليل على أن الهبة لا تتم الا بالقسمة فيما يحتمل القسمة لان أبا بكر رضي الله عنه أبطل لعدم القبض
[ 50 ]
سطر 153:
[ 51 ]
رضى الله عنه قال ذلك بفراسته ولم يكن ذلك منه رجما بالغيب فان مافى الرحم لا يعلم حقيته الا الله تعالى كما قال الله تعالى ويعلم ما في الارحام * ولهذا قيل أفرس الناس أبو بكر رضى الله عنه حيث تفرس في حبل امرته أنها جارية فكان كما تفرس وتفرس في عمر رضى الله عنه حين استخلفه بعده (وعن) عمر وعثمان رضى الله عنهما قالا إذا وهب الرجل لابنه الصغير هبة فأعلمها فهو جائز وبه نأخذ فان حق القبض فيما يوهب لهذا الصغير إلى الاب لو كان الواهب اجنبيا فكذلك إذا كان الواهب يصير قابضا له من نفسه فتتم الهبة بالقبض ولابد من الاعلام ليحصل المقصود به فالولد لا يتمكن من المطالبة به ما لم يكن معلوما له وهو معنى ما روى شريح انه سئل ما يجوز للصبى من نحل ابيه قال المشهود عليه والمراد الاعلام فالاشهاد في الهبة ليس بشرط للاتمام وانما ذكر ذلك للتوثق حتى يتمكن الولد من اثبات ملكه بالحجة بعد موته على سائر الورثة (وعن) ابراهيمإبراهيم قال الرجل والمرأة بمنزلة ذى الرحم المحرم إذا وهب احدهما لصاحبه هبة لم يكن له ان يرجع فيها وبه نأخذ فان ما بينهما من الزوجية نظير القرابة القريبة ولهذا يتعلق بها التوارث من الجانبين بغير حجب ويمتنع قبول شهادة كل واحد منهما لصاحبه وهذا لان المقصود حصل بالهبة وهو تحقيق ما بينهما من معنى السكن والازدواج وفى الرجوع ايقاع العدواة فيما بينهما والنفرة. والزوجية بمعنى الالفة والمودة فلا يجوز لاحدهما الاقدام على ما يضاده وهذا كان مانعا من الرجوع فيما بين القرابات (وقال) في الرجل يهب لامرأته أو لبعض ولده وقد أدرك وهو في عياله ان ذلك جائز إذا أعلمه وان لم يقبض ذلك الموهوب له. وبه يأخذ ابن أبى ليلى فيقول إذا كان الموهوب له في عياله فيده في قبض الهبة كيده كما في الصغار. ولسنا نأخذ بذلك لانه لابد من نوع ولاية له ليجعل قبضه بذلك كقبض الموهوب له ولا ولاية له عليهم بعد البلوغ وان كان يعولهم ألا ترى أن الغنى يعول بعض المساكين فينفق عليهم ثم لو تصدق عليهم لا يتم ذلك الا بالاعلام ما لم يسلمه إليه (وعن) عطاء بن السائب عن شريح رحمهما الله انه سأله عن الحبيس فقال انما أقضي ولست أفتى فأعدت عليه المسألة فقال لاحبيس عن فرائض الله تعالى. وبه يأخذ من يقول لا ينبغى للقاضى ان يفتى وهذا فصل تكلم فيه العلماء رحمهم الله. فمنهم من يقول في العبادات لا بأس بأن يفتى وفي المعاملات لا يفتى لكيلا يقف الخصم على مذهبه فيشتغلوا بالحيل على مذهبه. ومنهم من يقول لا يفتى في مجلس القضاء وله أن يفتى في غير مجلس القضاء
[ 52 ]
سطر 186:
[ 62 ]
قرابته القريبة يثبت هذا القدر من الولاية كقرابة العم لقرابة الاخ ثم تأيدت قرابة العم بكون اليتيم في عياله فتتم الهبة له بقبضه * قال وكذلك ان كان له وصى فوهب له هبة وهو في عياله وأشهد على ذلك وأعلمه جاز وقبل مراده وصى الام أو الاخ فأما وصي الاب والجد فله أن يقبض ما يوهب له سواء كان في عياله أولم يكن لانه قائم مقام الوصي في الولاية في ماله مطلقا سواء كان هو الواهب له أو غيره. قال (فان كان رجل اجنبي يعول يتيما وليس بوصى له ولا بينهما قرابة وليس لهذا الوصي أحد سواه جاز له ان يقبض ما يوهب له استحسانا) وفى القياس لا يجوز لانه لا ولاية له عليه وهو متبرع في تربيته والانفاق عليه فكان كسائر الاجانب فيما ينبنى على الولاية ولكنه استحسن فقال فيما يتمحض منفعة لليتيم فمن يعوله خلف عن وليه ألا ترى انه أحق بحفظه وتربيته لو أراد اجنبي آخر ان ينتزعه من يده لم يكن له ذلك وأن يسلمه في تعليم الاعمال فيكون في ذلك بمنزلة وليه والخلف يعمل عمل الاصل عند عدم الاصل. وانما أثبتنا هذه الخلافة توفيرا للمنفعة على الصغير لانه يقرب إلى المنافع ويبعد عن المضار وفى قبض الهبة محض منفعة له فإذا ثبت أن له أن يقبض هبة الغير له فكذلك إذا كان هو الواهب فاعلمها وأبانها فهو جائز وقبضه له قبض ويستوى ان كان الصبي يعقل أو لا يعقل. وفيه نوع اشكال لانه إذا كان يعقل فهو من اهل ان يقبض بنفسه فلا حاجة إلى اعتبار الخلف هاهنا * ولكن الجواب ان يقول يقبض لا باعتبار الولاية على نفسه فالصغير تبقى ولايته عن نفسه ولكن لتوفير المنفعة عليه وفى اعتبار قبض من يعوله مع ذلك معنى توفير المنفعة اظهر لانه ينفتح عليه بابان لتحصيل هذه المنفعة بخلاف الولد الكبير لانه يقبض هناك بولايته على نفسه وولاية الغير خلف فلا يظهر عند ظهور الاصل. قال (وكل يتيم في حجراخ أو ابن أخ أو عم يعوله فوهب له رجل هبة فانما يقبضها الذى يعوله إذا كان هو صغيرا لا يحسن القبض) وكذلك ان كان عاقلا يحسن القبض قبض له من يعوله جاز لما بينا وان قبض الصغير بنفسه ففى القياس لا يجوز قبضه وهو قول الشافعي لانه لا معتبر بقبضه قبل البلوغ خصوصا فيما يمكن تحصيله له بغيره فان اعتبار عقله للضرورة وذلك فيما لا يمكن تحصيله له بغيره فأما فيما يمكن تحصيله له بغيره فلا تتحقق الضرورة ولهذا لم يعتبر الشافعي رحمه الله عقله في صحة اسلامه واعتبره في وصيته واختياره احدأحد الابوين لان ذلك لا يمكن تحصيله له بغيره. وجه الاستحسان انه انما لا يعتبر عقله لدفع الضرر عنه
[ 63 ]