الفرق بين المراجعتين لصفحة: «إقامة الدليل على إبطال التحليل/7»

تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
Obayd (نقاش | مساهمات)
لا ملخص تعديل
ط استبدال باستعمال AWB, Replaced: ابن تيمية → ابن تيمية
سطر 1:
{{ترويسة
|عنوان= [[إقامة الدليل على إبطال التحليل]]
|مؤلف= [[ابن تيمية]]
|سابق= → [[إقامة الدليل على إبطال التحليل/6]]
|تالي=[[إقامة الدليل على إبطال التحليل/8]] ←
|ملاحظات=
}}
 
 
وكذلك اتفق الفقهاء على أن من توضأ وضوءا كاملا، ثم لبس الخفين، جاز له المسح بلا نزاع، ولو غسل إحدى رجليه وأدخلها الخف، ثم فعل بالأخرى مثل ذلك ففيه قولان، هما روايتان عن أحمد: إحداهما: يجوز المسح وهو مذهب أبي حنيفة، والثانية: لا يجوز، وهو مذهب مالك، والشافعي، قال هؤلاء: لأن الواجب ابتداء اللبس على الطهارة، فلو لبسهما وتوضأ وغسل رجليه فيهما لم يجز له المسح، حتى يخلع ما لبس قبل تمام طهرهما، فيلبسه بعده، وكذلك في تلك الصورة ; قالوا: يخلع الرجل الأولى، ثم يدخلها في الخف، واحتجوا بقوله {{صل}}: { إني أدخلت القدمين الخفين وهما طاهرتان }، قالوا: وهذا أدخلهما وليستا طاهرتين، والقول الأول هو الصواب بلا شك، وإذا جاز المسح لمن توضأ خارجا، ثم لبسهما، فلأن يجوز لمن توضأ فيهما بطريق الأولى، فإن هذا فعل الطهارة فيهما واستدامها فيهما، وذلك فعل الطهارة خارجا عنهما، وإدخال هذا قدميه الخف مع الحدث وجوده كعدمه لا ينفعه ولا يضره، وإنما الاعتبار بالطهارة الموجودة بعد ذلك، فإن هذا ليس بفعل محرم كمس المصحف مع الحدث، وقول النبي {{صل}}: { إني أدخلتهما الخف، وهما طاهرتان } حق، فإنه بين أن هذا علة لجواز المسح، فكل من أدخلهما طاهرتين فله المسح، وهو لم يقل: إن من لم يفعل ذلك لم يمسح، لكن دلالة اللفظ عليه بطريق المفهوم والتعليل، فينبغي أن ينظر حكمة التخصيص هل بعض المسكوت أولى بالحكم ؟ ومعلوم أن ذكر إدخالهما طاهرتين ; لأن هذا هو المعتاد، وليس غسلهما في الخفين معتادا، وإلا فإذا غسلهما في الخف فهو أبلغ، وإلا فأي فائدة في نزع الخف ثم لبسه من غير إحداث شيء فيه منفعة ؟ وهل هذا إلا عبث محض ينزه الشارع عن الأمر به ؟ ولو قال الرجل لغيره: أدخل مالي وأهلي إلى بيتي، وكان في بيته بعض أهله وماله، هل يؤمر بأن يخرجه ثم يدخله ؟، ويوسف لما قال لأهله { ادخلوا مصر إن شاء الله }، وقال موسى: { يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة }، وقال الله تعالى: { لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين }، فإذا قدر أنه كان بمصر بعضهم، أو كان بالأرض المقدسة بعض، أو كان بعض الصحابة قد دخل الحرم قبل ذلك، هل كان هؤلاء يؤمرون بالخروج ثم الدخول ؟ فإذا قيل: هذا لم يقع، قيل: وكذلك غسل الرجل قدميه في الخف ليس واقعا في
السطر 176 ⟵ 175:
الذين ذكروا هذه الأمور من أصحاب أحمد كأبي الخطاب ومتبعيه، ذكروا أنها تبطل، إذا أبان حرفين، ولم يذكروا خلافا، ثم منهم من ذكر نصه في النحنحة، ومنهم من ذكر الرواية الأخرى عنه في النفخ، فصار ذلك موهما أن النزاع في ذلك فقط، وليس كذلك، بل لا يجوز أن يقال: إن هذه تبطل، والنفخ لا يبطل، وأبو يوسف يقول في التأوه والأنين: لا يبطل مطلقا على أصله، وهو أصح الأقوال في هذه المسألة، ومالك مع الاختلاف عنه في النحنحة والنفخ قال: الأنين لا يقطع صلاة المريض، وأكرهه للصحيح، ولا ريب أن الأنين من غير حاجة مكروه، ولكنه لم يره مبطلا، وأما الشافعي: فجرى على أصله الذي وافقه عليه كثير من متأخري أصحاب أحمد، وهو أن ما أبان حرفين من هذه الأصوات كان كلاما مبطلا، وهو أشد الأقوال في هذه المسألة، وأبعدها عن الحجة، فإن الإبطال إن أثبتوه بدخولها في مسمى الكلام في لفظ رسول الله {{صل}} فمن المعلوم الضروري أن هذه لا تدخل في مسمى الكلام وإن كان بالقياس لم يصح ذلك، فإن في الكلام يقصد المتكلم معاني يعبر عنها بلفظ، وذلك يشغل المصلي، كما قال النبي {{صل}} { إن في الصلاة لشغلا } وأما هذه الأصوات فهي طبيعية كالتنفس، ومعلوم أنه لو زاد في التنفس على قدر الحاجة لم تبطل صلاته، وإنما تفارق التنفس بأن فيها صوتا، وإبطال الصلاة بمجرد الصوت إثبات حكم بلا أصل، ولا نظير، وأيضا فقد جاءت أحاديث بالنحنحة والنفخ كما تقدم، وأيضا فالصلاة صحيحة بيقين، فلا يجوز إبطالها بالشك، ونحن لا نعلم أن العلة في تحريم الكلام، هو ما يدعى من القدر المشترك، بل هذا إثبات حكم بالشك الذي لا دليل معه، وهذا النزاع إذا فعل ذلك لغير خشية الله، فإن فعل ذلك لخشية الله فمذهب أحمد وأبي حنيفة أن صلاته لا تبطل، ومذهب الشافعي أنها تبطل ; لأنه كلام، والأول أصح، فإن هذا إذا كان من خشية الله كان من جنس ذكر الله ودعائه، فإنه كلام يقتضي الرهبة من الله والرغبة إليه، وهذا خوف الله في الصلاة، وقد مدح الله إبراهيم بأنه أواه، وقد فسر بالذي يتأوه من خشية الله، ولو صرح بمعنى ذلك بأن استجار من النار أو سأل الجنة لم تبطل صلاته بخلاف الأنين والتأوه في المرض والمصيبة، فإنه لو صرح بمعناه كان كلاما مبطلا، وفي الصحيحين أن { عائشة قالت للنبي {{صل}}: إن أبا بكر رجل رقيق، إذا قرأ غلبه البكاء، قال: مروه فليصل، إنكن لأنتن صواحب يوسف } وكان عمر يسمع نشيجه من وراء الصفوف لما قرأ: { إنما أشكوا بثي وحزني إلى الله }، والنشيج: رفع الصوت بالبكاء، كما فسره أبو عبيد، وهذا محفوظ عن عمر، ذكره مالك وأحمد، وغيرهما، وهذا النزاع فيما إذا لم يكن مغلوبا، فأما ما يغلب عليه المصلي من عطاس وبكاء وتثاؤب، فالصحيح عند الجمهور أنه لا يبطل، وهو منصوص أحمد وغيره، وقد قال بعض أصحابه: إنه يبطل، وإن كان معذورا: كالناسي، وكلام الناسي فيه روايتان عن أحمد: أحدهما: وهو مذهب أبي حنيفة أنه يبطل، والثاني: وهو مذهب مالك والشافعي أنه لا يبطل، وهذا أظهر، وهذا أولى من الناسي، لأن هذه أمور معتادة لا يمكنه دفعها، وقد ثبت أن النبي {{صل}} قال: { التثاؤب من الشيطان، فإذا تثاءب أحدكم فليكظم ما استطاع }، وأيضا فقد ثبت حديث { الذي عطس في الصلاة وشمته معاوية بن الحكم السلمي، فنهى النبي {{صل}} معاوية عن الكلام في الصلاة } ; ولم يقل للعاطس شيئا، والقول بأن العطاس يبطل تكليف من الأقوال
المحدثة التي لا أصل لها عن السلف رضي الله عنهم، وقد تبين أن هذه الأصوات الحلقية التي لا تدل بالوضع فيها نزاع في مذهب أبي حنيفة ومالك وأحمد، وأن الأظهر فيها جميعا أنها لا تبطل فإن الأصوات من جنس الحركات، وكما أن العمل اليسير، لا يبطل فالصوت اليسير لا يبطل، بخلاف صوت القهقهة فإنه بمنزلة العمل اليسير وذلك ينافي الصلاة، بل القهقهة تنافي مقصود الصلاة أكثر ; ولهذا لا تجوز فيها بحال، بخلاف العمل الكثير، فإنه يرخص فيه للضرورة، والله أعلم .
 
 
[[تصنيف:إقامة الدليل على إبطال التحليل]]