الفرق بين المراجعتين لصفحة: «مجموعة الرسائل والمسائل/الهجر الجميل والصفح الجميل والصبر الجميل»

تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
Obaydb (نقاش | مساهمات)
استيراد تلقائي للمقالات
 
Obayd (نقاش | مساهمات)
لا ملخص تعديل
سطر 16:
ولا بد للإنسان من شيئين: طاعته بفعل المأمور، وترك المحظور، وصبره على ما يصيبه من القضاء المقدور، فالأول هو التقوى والثاني هو الصبر، قال تعالى: " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا " إلى قوله: " وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا إن الله بما يعملون محيط "،<ref> يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآَيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ * هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ </ref> وقال تعالى: " بلى إن تصبروا وتتقوا يأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين "، وقال تعالى: " لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا، وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور ". وقد قال يوسف: " أنا يوسف وهذا أخي قد من الله علينا إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين ".
 
ولهذا كان الشيخ عبد القادر ونحوه من المشايخ المستقيمين يوصون في عامة كلامهم بهذين الأصلين - المسارعة إلى فعل المأمور، والتقاعد عن فعل المحظور، والصبر والرضا بالأمر المقدور، وذلك أن هذا الموضع غلط فيه كثير من العامة بل ومن السالكين، فمنهم من يشهد القدر فقط ويشهد الحقيقة الكونية، دون الدينية، فيرى أن الله خالق كل شيء وربه ولا يفرق بين ما يحبه الله ويرضاه، وبين ما يسخطه ويبغضه وإن قدره وقضاه، ولا يميز بين توحيد الإلوهية، وبين توحيد الربوبية، فيشهد الجمع الذي يشترك فيه جميع المخلوقات - سعيدها وشقيها - مشهد الجمع الذي يشترك فيه المؤمن والكافر، والبر والفاجر، والنبي الصادق والمتنبي الكاذب، وأهل الجنة وأهل النار، وأولياء الله وأعداؤه، والملائكة المقربون والمردة الشياطين، فإن هؤلاء كلهم يشتركون في هذا الجمع وهذه الحقيقة الكونية، وهو إن الله ربهم وخالقهم ومليكهم لا رب لهم غيره، ولا يشهد الفرق الذي فرق الله بين أوليائه وأعدائه، وبين المؤمنين والكافرين، والأبرار والفجار، وأهل الجنة والنار، وهو توحيد الألوهية، وهو عبادته وحده لا شريك له، وطاعته وطاعة رسوله، وفعل ما يحبه ويرضاه، وهو ما أمر الله به ورسوله أمر إيجاب أو أمر استحباب، وترك ما نهى الله عنه ورسوله، وموالاة أوليائه، ومعاداة أعدائه، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجهاد الكفار والمنافقين بالقلب واليد واللسان. فمن لم يشهد هذه الحقيقة الدينية الفارقة بين هؤلاء وهؤلاء ويكون مع أهل الحقيقة الدينية وإلا فهو من جنس المشركين وهو شر من اليهود والنصارى، فإن المشركين يقرون بالحقيقة الكونية إذ هم يقرون بأن الله رب كل شيء كما قال تعالى: {ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله}، وقال تعالى: {قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون * سيقولون لله قل أفلا تذكرون * قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم * سيقولون الله<ref name=1أ> هذه قراءة أبي عمرو ويعقوب في الآية وما بعدها، وقرأ الباقون: {لله}، وهي المشهورة عندنا.</ref> قل أفلا تتقون * قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون * سيقولون الله<ref name=1>السابق</ref> قل فأنى تسحرون}، ولهذا قال سبحانه: {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون}. قال بعض السلف: تسألهم من خلق السماوات والأرض؟ فيقولون الله وهم مع هذا يعبدون غيره.
 
====الإقرار بالقضاء والقدر وبالأمر والنهي====