الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الآلهة الأخرى»
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
لا ملخص تعديل وسم: تعديل مصدر 2017 |
لا ملخص تعديل |
||
سطر 6:
}}
على أعلى قمم الأرض تسكن آلهة الأرض، ولم يحدث أن صعدها إنسان ليتحدث عمّا رآه عليها. سكنت الآلهة القمم
لكن تلك الآلهة انزوت الآن في جبل كاداث المجهول في القفار الباردة التي لا تطأها أقدام البشر، إذ لم تكن هناك قمة أعلى منها تؤويهم من زحف الإنسان. أصبحوا الآن أشداء، وبعد أن كانوا في يوم ما يعانون من زحف الإنسان على أرضهم، فهم الآن يحرّمون قدوم الإنسان إليهم، ومن يأتيهم لا يرجع. ومن الأفضل لهم ألا يعلم الإنسان بشأن جبل كاداث في القفار الباردة، وإلا ثابر على صعوده بجنون وطيش.
قد يحدث أن تحنّ آلهة الأرض إلى تلك القمم التي سكنتها في الماضي، وتزورها في ظلمة الليل وتبكي وهي تسترجع أيامها القديمة على تلك المنحدرات. أحس البشر بدموع الآلهة على جبل ثوراي المكلّل
في مدينة أولثار، التي تقع وراء نهر سكاي، عاش رجل عجوز كان يتوق لرؤية آلهة الأرض؛ رجل تعمّق بدراسة كتب الأرض السبعة الخفية، وكان يقرأ المخطوطات البناكوتية من مدينة لومار البعيدة والباردة. كان اسمه بارزاي الحكيم، وروى القرويون كيف أنه صعد إلى جبل في ليلة خسوف غريب.
كان بارزاي يعرف الكثير من أسرار الآلهة حتى أنه عرف مواعيد قدومهم ورحيلهم، وكان يعرف من أسرارهم ما جعل الناس يعتبرونه نصف إله. كان هو من قدّم النصح لمواطني أولثار عندما أقروا ذاك القانون العجيب الذي يحرّم قتل القطط، وهو من أخبر أتال الكاهن الشاب بمكان رحيل القطط السوداء في عيد القديس يوحنا. درس بارزاي علوم آلهة الأرض، وكان يرغب برؤية وجوههم. آمن بارزاي أن معرفته بأسرار الآلهة ستحميه من غضبهم، وعزم على صعود قمة جبل هاثيغ
يقع جبل هاثيغ
انطلق بارزاي وأتال من هاثيغ إلى الصحراء الصخرية رغم استجداء القرويين لهم بالعودة، وتسامروا على النار بأحاديث عن آلهة الأرض. استمر مسيرهم لأيام عديدة، ورأوا جبل هاثيغ كلا من بعيد، تحيط به هالة الضباب الكئيب. وفي اليوم الثالث عشر وصلوا قاعدة الجبل الذي انتصب وحيدا في هذه الصحراء. تحدث أتال عن مخاوفه، لكن بارزاي كان عجوزا ومتعلما ولم يكن خائفا، فتقدّم أولا في المنحدر الذي لم يصعده أحد منذ زمن سانسو، الذي تحدثت عنه المخطوطات البناكوتية العفنة برهبة وخوف.
سطر 22:
كان طريق الجبل صخريا، وزاد من خطورته الهوّات والجروف والأحجار المتساقطة. بدأ البرد يحل والثلج يتساقط؛ وكثيرا ما زلّت أقدامهما وهما يشقان طريقهما للأعلى بالعصي والفؤوس. بدأ سمك الهواء يخفّ، وتغيّر لون السماء، وأحس الرجلان بصعوبة في التنفس؛ لكنهما جاهدا بالمسير، وأذهلتهما غرابة المشهد وتاقا لما ينتظرهما في الأعلى عندما يرتفع القمر وينتشر البخار الأبيض في المكان. واصل الاثنان سيرهما إلى قمة العالم لثلاثة أيام متواصلة؛ ثم خيّما بانتظار القمر والغيوم.
انتظرا لأربعة أيام دون قدوم الغيوم، وأشرق نور القمر البارد على الضباب حول الجبل الوحيد. وفي الليلة الخامسة اكتمل
كان الغبار كثيفا والطريق شاقا، وظل أتال يتبع معلمه، وإن شقّ عليه رؤيته وهو يصعد المنحدر تحت نور القمر والغيوم الكثيفة. أسرع بارزاي خطاه بعيدا، وكان يتسلق الجبل أسرع من أتال رغم سنه؛ لم يخش تلك المنحدرات التي لا يجتازها إلا رجل شجاع قوي، ولم توقفه تلك الجروف المظلمة التي
اختفى بارزاي فجأة عن نظر أتال، وهو يصعد الجروف التي بدا أنها تغلق الطريق على كل قادم. كان أتال لا يزال بعيدا في الأسفل، وكان يفكّر بما يجب فعله عندما يصل المكان، ثم لاحظ أن النور بدأ يشتد، وكأن القمة التي سيلتقي عليها الآلهة أصبحت قريبة. تسلق أتال نحو الجرف العالي والسماء المنيرة وأحس بخوف لم يحسّ بمثيل له من قبل. ثم سمع صوت بارزاي وسط الضباب الكثيف وهو يهتف ببهجة وسرور:
"سمعت الآلهة. سمعت آلهة الأرض وهي تغنّي بمرح على جبل هاثيغ
لم يسمع أتال تلك الأصوات التي سمعها بارزاي، ولكنه اقترب الآن من الجرف وبحث عن موطئ لقدمه. ثم سمع صوت بارزاي وهو يحتدّ ويعلو:
سطر 44:
أغلق أتال عينيه وأذنيه وتحامل على نفسه أن ينزل للأسفل ويقاوم قوة الجذب من المترفعات، ودوّى على الجبل قصف الرعد العنيف الذي أيقظ القرويين في السهول وأيقظ مواطني هاثيغ ونير وأولثار، فشاهدوا خسوف القمر الغريب الذي لم يتنبأ به أي كتاب. وعندما طلع القمر مجددا، وجد أتال نفسه بأمان على الثلج في سفوح الجبل دون أي أثر لآلهة الأرض أو الآلهة الأخرى.
تروي المخطوطات البناكوتية العفنة أن سانسو صعد هاثيغ
لم يُعثر على بارزاي الحكيم أبدا، ولم يتمكن أحد من إقناع أتال بالصلاة على روحه. والأكثر من هذا، فإن أهل أولثار ونير وهاثيغ يخافون الخسوف، ويصلّون بالليل عندما يأتي الضباب الأبيض ويُخفي القمر وقمة الجبل.
▲لم يُعثر على بارزاي الحكيم أبدا، ولم يتمكن أحد من إقناع أتال بالصلاة على روحه. والأكثر من هذا، فإن أهل أولثار ونير وهاثيغ يخافون الخسوف، ويصلّون بالليل عندما يأتي الضباب الأبيض ويُخفي القمر وقمة الجبل. وعلى قمة جبل هاثيغ كلا، ترقص آلهة الأرض وتتذكر أيامها هناك؛ فهم يعرفون أنهم بأمان، وهم يحبون القدوم من جبل كاداث المجهول في سحب الغيوم ويلعبون كما كانوا يفعلون عندما كانت الأرض يافعة ولم يصعد البشر تلك الأماكن المنيعة.
[[تصنيف:ترجمات ويكي مصدر]]
|