الفرق بين المراجعتين لصفحة: «ألف ليلة وليلة/الجزء الثالث»

تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
وسمان: تحرير من المحمول تعديل ويب محمول
ط استرجاع إلى آخر تعديل من قبل 196.86.170.104
وسم: استرجاع
سطر 574:
== وفي الليلة السادسة والسبعين ==
قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن نزهة الزمان كتبت الكتاب وناولته للتاجر أخذه وقرأه وعلم ما فيه فقال: سبحان من صورك وزاد في إكرامها وصار يلاطفها نهاره كله فلما أقبل الليل خرج إلى السوق وأتى بشيء فأطعمها إياه ثم أدخلها الحمام وأتى لها ببلانة وقال لها: إذا فرغت من غسل رأسها فألبسيها ثيابها ثم أرسلي أعلميني بذلك فقال: سمعا ًسمعاً وطاعة، ثم أحضر لها طعاما ًطعاماً وفاكهة وشمعا ًوشمعاً وجعل ذلك على مصطبة الحمام فلما فرغت البلانة من تنظيفها ألبستها ثيابها، ولما خرجت من الحمام وجلست على مصطبة الحمام وجدت المائدة حاضرة فأكلت هي والبلانة من الطعام والفاكهة وتركت الباقي لحارسة الحمام ثم باتت إلى الصباح وبات التاجر منعزلا ًمنعزلاً عنها في مكان آخر.
ألف ليلة وليلة مؤلف ألف ليلة وليلة الصفحة : 157
 
فلما استيقظ من نومه أيقظ نزهة الزمان وأحضر لها قميصاقميصاً ً رفيعا ًرفيعاً وكوفية بألف دينار وبدلة تركية مزركشة بالذهب، وخفاوخفاً ً مزركشا ًمزركشاً بالذهب الأحمر مرصعا ًمرصعاً بالدرر والجوهر وجعل في أذنيها حلقا ًحلقاً من اللؤلؤ بألف دينار وفوق صرتها وتلك القلادة فيها عشر أكر وتسعة أهلة كل هلال في وسطه فص من الياقوت وكل أكرة فيها فص البلخش وثمن تلك القلادة ثلاثة آلاف دينار فصارت الكسوة التي كساها إياها بجملة بليغة من المال، ثم أمرها التاجر بأن تتزين بأحسن الزينة ومشت ومشى التاجر قدامها فلما عاينها الناس بهتوا في حسنها وقالوا: تبارك الله أحسن الخالقين هنيئا ًهنيئاً لمن كانت هذه عنده ومازال التاجر يمشي وهي تمشي خلفه حتى دخل على الملك شركان فلما دخل على الملك قبل الأرض بين يديه وقال: أيها الملك السعيد أتيت لك بهدية غريبة الأوصاف، عديمة النظر في هذا الزمان قد جمعت بين الحسن والإحسان، فقال له الملك: قصدي أن أراها عيانا ًعياناً فخرج التاجر وأتى بها حتى أوقفها قدامه فلما رآها الملك شركان حن الدم إلى الدم وكانت قد فارقته وهي صغيرة، ولم ينظرها لنه بعد مدة من ولادتها،سمع أن له أختا ًأختاً تسمى نزهة الزمان وأخا ًوأخاً يسمى ضوء المكان فاغتاظ من أبيه غيظا ً شديداغيظاً ًشديداً غيرة على المملكة كما تقدم ولما قدمها إليه التاجر، قال له: يا ملك الزمان إنها مع كونها بديعة الحسن والجمال، بحيث لا نظير لها في عصرها تعرف جميع العلوم الدينية والدنيوية والسياسية والرياضية فقال له الملك: خذ ثمنها مثل ما اشتريتها ودعها وتوجه إلى حال سبيلك.
فقال له التاجر: سمعا ًسمعاً وطاعة ولكن اكتب لي مرقوما ًمرقوماً لأني لا أدفع عشرا ً أبداعشراً ًأبداً على تجارتي فقال الملك: إني أفعل لك ذلك ولكن أخبرني كم وزنت ثمنها؟ فقال: وزنت ثمنها ألف دينار وكسوتها بمائة ألف دينار فلما سمع ذلك قال: أنا أعطيك في ثمنها أكثر من ذلك ثم دعا بخازنداره وقال له: أعط هذا التاجر ثلثمائة ألف وعشرين ألف دينار، ثم إن شركان أحضر القضاة الأربعة وقال لهم: أشهدكم أني أعتقت جاريتي هذه وأريد أن أتزوجها فكتب القضاة حجة بأعناقها، ثم اكتبوا كتابي عليها ونثر المسك على رؤوس الحاضرين ذهباذهباً ً كثيرا ًكثيراً وصار الغلمان والخدم يلتقطون ما نثره عليهم الملك من الذهب، ثم إن الملك أمر بكتابة منشور إلى التاجر على طبق مراده من أنه لا يدفع على تجارته عشرا ًعشراً ولا يتعرض له أحد بسوء في سائر مملكته وبعد ذلك أمر له بخلعة سنية. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
 
وفي الليلة السابعة والسبعين
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الملك صرف جميع من عنده غير القضاة والتاجر وقال للقضاة: أريد أن تسمعوا من ألفاظ هذه الجارية ما يدل على علمها وأدبها من كل ما ادعاه التاجر لنتحقق صدق كلامه فقالوا: لا بأس من ذلك فأمر بإرخاء ستارة بينه هو ومن معه وبين الجارية ومن معها وصار جميع النساء اللاتي مع الجارية خلف الستارة يقبلن يديها ورجلها لما علموا أنها صارت زوجة الملك، ثم درن حولها وقمن بخدمتها وخففن ما عليها من الثياب وصرن ينظرن حسنها وجمالها وسمعت نساء الأمراء والوزراء أن الملك شركان اشترى جارية لا مثيل لها في الجمال والعلم والأدب وأنها حوت جميع العلوم وقد وزن ثمنها ثلثمائة وعشرين ألف دينار وأعتقها وكتب كتابه عليها وأحضر القضاة الأربعة لأجل امتحانها حتى ينظر كيف تجاوبهم عن أسئلتهم، فطلب النساء الإذن من أزواجهن ومضين إلى القصر الذي فيه نزهة الزمان.
فلما دخلن عليها وجدن الخدم وقوفا ًوقوفاً بين يديها وحين رأت نساء الأمراء والوزراء داخلة عليها قامت إليهن وقابلتهن وقامت الجواري خلفها وتلقت النساء بالترحيب وصارت تتبسم في وجوههن فأخذت قلوبهن وأنزلتهن في مراتبهن كأنها تربت معهن فتعجبن من حسنها وجمالها وعقلها وأدبها وقلن لبعضهن، ما هذه جارية بل هي ملكة بنت ملك وصرن يعظمن قدرها وقلن لها: يا سيدتنا أضاءت بك بلدتنا وشرفت بلادنا ومملكتنا فالمملكة مملكتك، والقصر قصرك وكلنا جواريك فبالله لا تخلينا من إحسانك والنظر إلى حسنك فشكرتهن على ذلك هذا كله والستارة مرخاة بين نزهة الزمان ومن عندها من النساء وبين الملك شركان هو والقضاة الأربعة والتاجر ثم بعد ذلك ناداها الملك شركان، وقال لها: أيتها الجارية العزيزة في زمانها إن هذا التاجر قد وصفك بالعلم والأدب وادعى أنك تعرفين في جميع العلوم، حتى علم النحو فأسمعينا من كل باب طرقا ًطرقاً يسير.
فلما سمعت كلامه قالت: سمعا ًسمعاً وطاعة أيها الملك الباب الأول في السياسات الملكية وما ينبغي لولاة الأمور الشرعية وما يلزمهم من قبل الأخلاق المرضية اعلم أيها الملك أن مقاصد الخلق منتهية إلى الدين والدنيا لأنه لا يتوصل أحد إلى الدين إلا بالدنيا فإن الدنيا نعم الطريق إلى الآخرة لأن الله تعالى جعل الدنيا للعباد كزاد المسافر إلى تحصيل المراد فينبغي لكل إنسان أن يتناول منها بقدر ما يوصله إلى الله ولا يتبع في ذلك نفسه وهواه، ولو تتناولها الناس بالعدل لانقطعت الخصومات ولكنهم تناولونها بالجور ومتابعة الهوى فتسبب عن انهماكهم عليها الخصومات فاحتاجوا إلى سلطان لأجل أينصف بينهم ويضبط أمورهم ولولا ردع الملك الناس عن بعضهم لغلب قويهم على ضعيفهم وقد اقل إزدشير: إن الدين والملك توأمان فالدين كنز والملك حارس وقد جلت الشرائع والعقول، على أنه يجب على الناس أن يتخذوا سلطانا ًسلطاناً يدفع الظالم عن المظلوم، وينصف الضعيف من القوي ويكف بأس العاتي والباغي واعلم أيها الملك أنه على قدر حسن أخلاق السلطان يكون الزمان فإنه قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئان في الناس: إن صلحا صلح الناس وإن فسدا فسد الناس العلماء والأمراء.
وقد قال بعض الحكماء الملوك الثلاثة: ملك ودين وملك محافظة على الحرمات وملك هوى فأما ملك الدين فإنه يلزم رعيته باتباع دينهم وينبغي أن يكون أدينهم لنه هو الذي يقتدي به في أمور الدين ويلزم الناس طاعته فيما أمر به موافقا ًموافقاً للأحكام الشرعية ولكنه ينزل السخط منزلة الراضي بسبب التسليم إلى الأقدار. وأما ملك المحافظة على الحرمات فإنه يقوم بأمور الدين والدنيا يلزم الناس باتباع الشرع والمحافظة على المروءة ويكون جامعا ًجامعاً بين العلم والسيف فمن ذاع عما سطر القلم زلت به القدم فيقوم اعوجاجه بحد الحسام وينشر العدل في جميع الأنام. وأما ملك الهوى فلا يدين له إلا اتباع هواه ولم يخش سطوة مولاه الذي ولاه فمآل ملكه إلى لدمار ونهاية عنوه إلى دار البوار. وقالت الحكماء: الملك يحتاج إلى كثير من الناس وهم محتاجون إلى واحد ولأجل ذلك وجب أن يكون عارفا ًعارفاً باختلافهم، ليرد اختلافهم إلى أوقاتهم ويعمهم بعدله وبغمرهم بفضله واعلم أيها الملك أن إزدشير وهو الثالث من ملوك الفرس قد ملك الأقاليم جميعا ًجميعاً وقسمها على أربعة أقسام وجعل له من أجل ذلك أربعة خواتم لكل قسم خاتم، الأول خاتم البحر والشرطة والمحاماة وكتب عليه بالنيابات، الثاني خاتم الخراج وجباية الأموال وكتب عليه العمارة الثالث وكتب عليه الرخاء، الرابع خاتم المظالم وكتب عليه العدل واستمرت هذه الرسوم في الفرس إلى أن ظهر الإسلام وكتب كسرى لابنه وهو في جيشه: بل توسعن على جيشك فيستغنوا عنك، وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
 
 
== وفي الليلة الثامنة والسبعين ==