الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الخصائص/باب في الاستغناء بالشيء عن الشيء»

تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
لا ملخص تعديل
سطر 10:
<center>'''باب في الاستغناء بالشيء عن الشيء'''</center>
 
قال [[سيبويه]]: واعلم أن العرب قد تستغني بالشيء عن الشيء حتى يصير المستغنى عنه مسقطاً من كلامهم البتة‏البتة. فمن ذلك استغناؤهم بترك عن "‏ودع‏ودع" و‏و"‏وذر‏وذر"‏‏. فأما قراءة بعضهم "‏ماما ودَعك ربك وما قلى‏قلى" وقول أبي الأسود "‏حتىحتى وَدَعه‏وَدَعه" فلغة شاذة وقد تقدم القول عليها‏عليها. ومن ذلك استغناؤهم بلمحة عن ملمحة وعليها كسرت ملامح وبشبه عن مشبه وعليه جاء مشابه وبليلة عن ليلاة وعليها جاءت ليال وعلى أن [[ابن الأعرابي]] قد أنشد‏أنشد: في كل يوم ما وكل ليلاه حتى يقول كل راء إذ راه يا ويحه من جمل ما أشقاه‏أشقاه! وهذا شاذ لم يسمع إلا من هذه الجهة‏الجهة.
 
وكذلك استغنوا بذكر عن مذكار أو مذكير وعليه جاء مذاكير‏مذاكير. وكذلك استغنوا ب "‏أينق‏أينق" عن أن يأتوا به والعين في موضعها فألزموه القلب أو الإبدال فلم يقولوا "‏أنوق‏أنوق" إلا في شيء شاذ حكاه الفراء‏الفراء. وكذلك استغنوا بقسي عن قووس فلم يأت إلا مقلوباً‏مقلوباً. ومن ذلك استغناؤهم بجمع القلة عن جمع الكثرة نحو قولهم أرجل لم يأتوا فيه بجمع الكثرة‏الكثرة. وكذلك شسوع‏شسوع: لم يأتوا فيه بجمع القلة‏القلة. وكذلك أيام‏أيام: لم يستعملوا فيه جمع الكثرة‏الكثرة. فأما جيران فقد أتوا فيه بمثال القلة، أنشد الأصمعي‏الأصمعي: "مذمة الأجوار والحقوق"، وذكره أيضاً ابن الأعرابي فيما أحسب‏أحسب. فأما دراهم ودنانير ونحو ذلك -من الرباعي وما ألحق به- فلا سبيل فيه إلى جمع القلة‏القلة. وكذلك اليد التي هي العضو قالوا فيها أيد البتة‏البتة. فأما أياد فتكسير أيد لا تكسير يد وعلى أن "‏أياد‏أياد" أكثر ما تستعمل في النعم لا في الأعضاء‏الأعضاء. وقد جاءت أيضاً فيها، أنشد أبو الخطاب‏الخطاب:
{{ق|ساءها ما تأملت في أياديـ|نا وإشناقُها إلى الأعناق}}
 
وأنشد أبو زيد‏زيد:
{{ق|أما واحداً فكفاك مثلي|فمن ليد تطاوحها الأيادي}}
 
ومن أبيات المعاني في ذلك قوله‏قوله:
{{ق|ومستامة تستام وهي رخيصة|تباع بساحات الأيادي وتمسح}}
 
"‏مستامة‏مستامة" يعني أرضاً تسوم فيها الإبل من السير لا من السوم الذي هو البيع و‏و"‏تباعتباع" أي تمد فيها الإبل أبواعها وأيديها و" تمسح‏تمسح" من المسح وهو القطع من قول الله تبارك وتعالى "‏فطفقفطفق مسحاً بالسوق والأعناق‏والأعناق" وقال العجاج‏العجاج: وخطرت فيه الأيادي وخطر رايٌ إذا أورده الطعن صدر، وقال الراجز‏الراجز:
{{ق|كأنه بالصحصحان الأنجل|قطنٌ سخامٌ بأيادي غُزَّل}}
 
ومن ذلك استغناؤهم بقولهم‏بقولهم: ما أجود جوابه عن "‏هوهو أفعل منك‏منك" من الجواب‏الجواب. فأما قولهم‏قولهم: ما أشد سواده وبياضه وعوره وحوله فما لا بد منه‏منه. ومنه أيضاً استغناؤهم باشتد وافتقر عن قولهم‏قولهم: فقر وشد‏وشد. وعليه جاء فقير‏فقير. فأما شد فحكاها أبو زيد في المصادر ولم يحكها سيبويه‏سيبويه. ومن ذلك استغناؤهم عن الأصل مجرداً من الزيادة بما استعمل منه حاملاً للزيادة وهو صدر صالح من اللغة‏اللغة. وذلك قولهم "‏حوشبحوشب" هذا لم يستعمل منه "‏حشب‏حشب" عارية من الواو الزائدة ومثله "‏كوكب‏كوكب" ألا ترى أنك لا تعرف في الكلام "‏حشب‏حشب" عارياً من الزيادة ولا "‏ككب‏ككب" ومنه قولهم "‏دَودَرَّي‏دَودَرَّي" لأنا لا نعرف "‏ددر‏ددر" ومثله كثير في ذوات الأربعة‏الأربعة. وهو في الخمسة أكثر منه في الأربعة‏الأربعة. فمن الأربعة فلنقس وصرنفح وسميدع وعميثل وسرومط وجحجبي وقسقبّ وقسحبّ وهرشفّ ومن ذوات الخمسة جعفليق وحنبريت ودردبيس وعضرفوط وقرطبوس وقرعبلانة وفنجليس‏وفنجليس. فأما عرطليل -وهو رباعي- فقد استعمل بغير زيادة قال أبو النجم‏النجم: في سرطم هادٍ وعنقٍ عرطل وكذلك خنشليل، ألا ترى إلى قولهم‏قولهم: خنشلت المرأة والفرس إذا أسنت وكذلك عنتريس ألا ترى أنه من العترسة وهي الشدة‏الشدة.
 
فأما قِنفَخر فإن النون فيه زائدة‏زائدة. وقد حذفت -لعمري- في قولهم‏قولهم: امرأة قفاخرية إذا كانت فائقة في معناها غير أنك وإن كنت قد حذفت النون فإنك قد صرت إلى زيادة أخرى خلفتها وشغلت الأصل شغلها وهي الألف وياء الإضافة‏الإضافة. فأما تاء التأنيث فغير معتدة‏معتدة.
 
وأما حيزبون فرباعي لزمته زيادة الواو‏الواو. فإن قلت‏قلت: فهلا جعلته ثلاثياً من لفظ الحزب قيل يفسد هذا أن النون في موضع زاي عيضموز فيجب لذلك أن تكون أصلاً كجيم "‏خيسفوجخيسفوج" وأما "‏عريقصان‏عريقصان" فتناوبته زيادتان وهما الياء في عريقصان والنون في "‏عرنقصانعرنقصان " كلاهما يقال بالنون والياء‏والياء. فأما "‏عِزويت‏عِزويت" فمن لفظ "‏عزوت‏عزوت" لأنه "‏فِعليت‏فِعليت" والواو لام‏لام. وأما "‏قنديلقنديل" فكذلك أيضاً ألا ترى إلى قول العجلي‏العجلي: رُكب في ضخم الذفاري قندل وأما عَلَندى فتناهبته الزوائد‏الزوائد. وذلك أنهم قد قالوا فيه‏فيه: عِلوَدٌ وعُلادى وعُلَندًى وعَلَندًى ألا ولزوم الزيادة لما لزمته من الأصول يضعف تحقير الترخيم لأن فيه حذفاً للزوائد‏للزوائد. وبإزاء ذلك ما حذف من الأصول كلام يد ودم وأب وأخ وعين سهٍ ومذ وفاء عدة وزنة وناس والله في أقوى قولي سيبويه‏سيبويه.
 
فإذا جاز حذف الأصول فيما أرينا وغيره كان حذف الزوائد التي ليست لها حرمة الأصول أحجى وأحرى‏وأحرى. وأجاز أبو الحسن أظننت زيداً عمراً عاقلاً ونحو ذلك وامتنع منه أبو عثمان وقال‏وقال: استغنت العرب عن ذلك بقولهم‏بقولهم: جعلته يظنه عاقلاً‏عاقلاً. ومن ذلك استغناؤهم بواحد عن اثنٍ وباثنين عن واحدين وبستة عن ثلاثتين وبعشرة عن خمستين وبعشرين عن عشرتين ونحو ذلك‏ذلك.
[[تصنيف:الخصائص]]