الفرق بين المراجعتين لصفحة: «العقد الفريد/الجزء الثالث/18»

تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
ط تصنيف وقالب
 
سطر 1:
عليّ بن عبد العزيز عن محمد بن الضحّاك بن عثمان الخُزاعي عن أبيه قال‏قال:
خرج الحسين إلى الكوفة ساخطاً لولاية يزيدَ بن معاوية‏معاوية.
فكتب يزيدُ إلى عُبيد اللهّ بن زياد وهو
واليه بالعراق‏بالعراق: إنه بلغني أن حُسيناً سار إلى الكوفة وقد ابتُلي به زمانُك بين الأزمان وبلدُك بين
البلدان وابتليت به من بين العُمال وعنده تُعتق أو تعود عبدا‏عبدا.
فقتله عبيدُ الله وبعث برأسه
وثَقَله إلى يزيد‏يزيد.
فلما وُضع الرأسُ بين يديه تمثّل بقول حُصين بن الحُمام المُرِّي‏المُرِّي:
نُفلِّق هامًا من رجال أعزّةٍ علينا وهم كانوا أعق وأظْلمَا
فقال له عليّ بن الحُسين وكان في السبْي‏السبْي: كتابُ الله أولى بك من الشِّعر يقول الله‏الله: " ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نَبرأها إن ذلك علىِ الله يسير‏يسير. لكي لا تَأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كُل مختال فخور "‏‏.
فغضب
يزيدُ وجعل يَعبث بلِحْيته ثم قال‏قال: غيرُ هذا من كتاب الله أولى بك وبأبيك قال اللهّ‏اللهّ: " وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير "‏‏.
ما ترون يا أهل الشام في هؤلاء
فقال له رجل منهم‏منهم: لا تَتخذ من كَلْب سَوْء جَرْوا‏جَرْوا.
قال النعمان بن بَشير الأنصاريّ‏الأنصاريّ: انظُر ما
كان يَصنعه رسولُ الله {{صل}} بهم لو رآهم في هذه الحالة فاصْنعه بهم‏بهم.
قال:
قال‏:‏
صدقت خَلّوا عنهم واضربوا عليهم القِباب‏القِباب.
وأمال عليهمِ المَطبخ وكساهم وأخرج إليهم جوائزَ
كثيرة.
كثيرة‏.‏
وقال‏وقال: لو كان بين ابن مَرجانة وبينهم نسب ما قَتلهم‏قَتلهم.
ثم رَدّهم إلى المدينة‏المدينة.
الرٍّياشي قال‏قال:
أخبرني محمّد بن أبي رَجاء قال‏قال: أخبرني أبو مَعشر عن يزيدَ ابن زياد عن محمد بن الحُسين بن
عليّ بن أبي طالب قال‏قال: أتي بنا يزيدُ بن معاوية بعدما قُتل الحسين ونحن اثنا عشر غُلاما
وكان أكبَرنا يومئذ عليُّ ابن الحُسين فأدْخِلْنا عليه وكان كل واحد منا مَغلولةً يدُه إلى عُنقه
فقال لنا‏لنا: أحرزتْ أنفسَكم عَبيدُ أهل العراق‏العراق! وما علمتُ بخروج أبي عبد الله ولا بقَتْله‏بقَتْله.
أبو
الحسن المدائني عن إسحاق عن إسماعيل بن سُفيان عن أبي موسى عن الحَسن البصري قال‏قال:
قتِل مع الحسين ستةَ عشرَ من أهل بيته‏بيته.
والله ما كان على الأرض يومئذ أهلُ بيت يُشبّهون بهم‏بهم.
وحَمل أهلُ الشام بناتِ رسول الله {{صل}} سبايَا على أحقاب الإبل‏الإبل.
فلما أدخلن
على يزيد قالت فاطمةُ بنت الحُسين‏الحُسين: يا يزيد أبناتُ رسول الله {{صل}} سبايا‏سبايا!
قال‏قال: بلى حرائر كرام ادخُلي على بنات عمك تجديهنّ قد فَعلن ما فعلتِ‏فعلتِ.
قالت فاطمة‏فاطمة:
فدخلتُ إليهن فما وجدت فيهن سِفيانيّة إلا مُلْتدمة تبكي‏تبكي.
وقالت بنت عقيل بن أبي طالب
تَرثِي الحُسين ومن أصيب معه‏معه:
عَيْني ابكي بعَبْرةٍ وعَويل واندُبي إن ندبتِ آل الرَّسولِ
ستة كُلّهم لصُلْبِ علّي قد أصيبوا وخَمسة لعَقيل
ومن حديث أم سَلمة زوج {{صل}} قالت‏قالت: كان عندي النبيّ على ومعي الحُسين
فدنا من النبيّ {{صل}} فأخذتُه فبكى فتركتُه فدنا منه فأخذتُه فبكى فتركتُه‏فتركتُه.
فقال له جبريل‏جبريل: أتحبه يا محمد قال‏قال: نعم‏نعم.
قال‏قال: أمَا إن أمتك ستَقتله وإن شئت أريتُك من تُربة
الأرض التي يُقتل بها‏بها.
فبسط جناحَه فأراه منها‏منها.
فبكى النبي {{صل}}.
محمدُ بن
خالد قال‏قال: قال إبراهيم النَخَعي‏النَخَعي: لو كنتُ فيمن قَتل الحسينَ ودخلتُ الجنة لاستحييتُ أن أنظُر إلى
وجه رسول الله {{صل}}.
ابن لَهيعة عن أبي الأسود قال‏قال: لقيتُ رأسَ الجالوت
فقال‏فقال: إن بيني وبين داود سبعين أبا وإن اليهود إذا رأوني عظَموني وعَرفوا حقَي وأوجبوا
حِفْظي وإنه ليس بينكم وبين نبيّكم إلا أبٌ واحد قتلتم ابنه‏ابنه.
ابن عبد الوهاب عن يَسار بن
عبد الحكم قال‏قال: انتُهب عسكَرُ الحسين فوُجد فيه طِيب فما تطيّبت به امرأة إلا بَرِصت‏بَرِصت.
جعفر
بن محمد عن أبيه قال‏قال: بايع رسولَ الله {{صل}} الحسنُ والحسين وعبد اللهّ بن جعفر
وهم صغار ولم يُبايع قطُّ صغيرٌ إلا هم‏هم.
عليُ بن عبد العزيزِ عن الزُّبير عن مُصعب بن عبد الله
قال‏قال: حَجِّ الحُسين خمسةً وعشرين حِجَّة مُلبِّياً ماشياً‏ماشياً.
وقيل لعلّي بن الحسين‏الحسين: ما كان أقلً ولدِ
أبيك‏أبيك! قال‏قال: العَجب كيف وُلدتُ له كان يصلِّي في اليوم والليلة ألْفَ ركعة فمتى كان يتفرّغ
للنساء.
للنساء‏.‏
يحيى بن إسماعيل عن الشَعبي أنّ سالما قال‏قال: قيل لأبي‏لأبي: عبدِ الله بن عمر‏عمر: إن الحُسين
توجه إلى العراق فلحقه على ثلاث مراحل من المدينة وكان غائباً عند خروجه فقال أين
تريد فقال‏فقال: أريد العراق وأخرج إليه كُتب القوم ثم قال‏قال: هذه بيعتهم وكُتبهم‏وكُتبهم.
فناشده الله أن
يرجع فأبى‏فأبى.
فقال‏فقال: أحدثك بحديث ما حَدَّثتُ به أحداً قبلك‏قبلك: إنّ جبريل أتى النبيّ صلى الله
عليه وسلم يُخيّره بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة وإنكم بِضعة منه فوالله لا يليها أحد من
أهل بيته أبداً وما صَرفها الله عنكم إلا لما هو خيرٌ لكم فارجع فأنت تَعرف غدر أهل
العراق وما كان يَلقى أبوك منهم‏منهم.
فأبى فاعتنقه وقال‏وقال: استودعتك الله من قَتيل‏قَتيل.
وقالت
الفرزذق‏الفرزذق: خرجتُ أريد مكةَ فإذا بقِباب مضروبة وفَساطيط فقلت‏فقلت: لمن هذه قالوا‏قالوا:
للحُسين فعدلتُ إليه فسلّمت عليه فقالت‏فقالت: من أين أقبلتَ قلت‏قلت: من العراق‏العراق.
قال‏قال: كيف
تركت الناس قلتُ‏قلتُ: القلوب معك والسيوف عليك والنَصر من السماء‏السماء.
تسمية من قتل مع الحسين بن علي
رضي الله عنهما من أهل بيته ومن أسر منهم قال أبو عبيد‏عبيد: حدَّثنا حجاج عن أبي مَعشر قال‏قال:
قتل الحُسين بن عليِّ وقتل معه عثمان بن عليّ وأبو بكر بن عليّ وجعفر بن عليّ والعباس بن
علي وكانت أمهم أمٌ البنين بنت حَرام الكِلابيّة وإبراهيم بن عليّ لأم ولد له وعبدُ الله بن
حسن وخمسةٌ من بني عَقِيل بن أبي طالب وعَوْن ومحمد ابنا عبد الله بن جعفر بن أبي طالب
وثلاثة من بني هاشم‏هاشم.
فجميعهم سبعةَ عشر رجلاً‏رجلاً.
وأسر اثنا عشر غُلاماً من بنى هاشم
فيهم‏فيهم: محمدُ بن الحُسين وعلي بن الحُسين وفاطمةُ بنت الحسين‏الحسين.
فلم تَقم لبني حَرب قائمة حتى
سَلَبهم الله مُلكَهم‏مُلكَهم.
وكَتب عبدُ الملك بن مروان إلى الحجَّاج بن يوسف‏يوسف: جنِّبْني دماء أهل هذا
البيت فإني رأيت بني حَرب سُلبوا مُلْكهم لما قتلوا الحُسين‏الحُسين.
حديث الزهري في قتل الحسين
رضي الله عنه حدَّثنا أبو محمد عبد الله بن مَيسرة قال‏قال: حدَثنا محمد بن مُوسى الحَرَشيّ قال‏قال:
حدَّثنا حمَاد بن عيسى الجُهني عن عمر بن قيس قال‏قال: سمعتُ ابن شهاب الزُهري يُحدِّث عن
سعيد بن المُسَيِّب عن أبي هُريرة عن النبيّ {{صل}}.
قال حمَاد بن عيسى‏عيسى: وحدَّثني
به عبّاد بن بِشرْ عن عَقيل عن الزُّهري عن سَعيد بن المسيّب عن أبي هُريرة عن النبيّ صلى الله
عليه وسلم قال‏قال: لا يُلدغ المؤمن من جُحر مرّتين‏مرّتين.
وقالا‏وقالا: قال الزهري‏الزهري: خرجتُ مع قُتيبة أريد
المَصيصة فقَدِمنا على أمير المُؤمنين عبد الملك بن مروان وإذا هو قاعد في إيوان له وإذا
سماطان من الناس على باب الإيوان فإذا أراد حاجةً قالها للذي يَليه حتى تَبْلغ المسألة بابَ
الإيوان ولا يمشي أحدٌ بين السماطين‏السماطين.
قال الزُّهري‏الزُّهري: فجئنا فقمنا على باب الإيوان فقال عبدُ
الملك للذي عن يمينه‏يمينه: هل بَلغكم أي شيء أصبحَ في بيت المقدس ليلة قُتل الحسين بن عليّ
قال‏قال: فسأل كل واحد منهما صاحبَه حتى بلغت المسألةُ البابَ فلم يَردّ أحدٌ فيها شيئاً‏شيئاً.
قال
الزًهري‏الزًهري: فقلت‏فقلت: عندي في هذا عِلْم‏عِلْم.
قال‏قال: فرجعت المسألةُ رجلاً عن رجل حتى انتهت إلى
عبد الملك‏الملك.
قال‏قال: فدُعيتُ فمشيتُ بين السماطين فلما انتهيتُ إلى عبد الملك سَلّمت عليه‏عليه.
فقال لي‏لي: من أنت قلت‏قلت: أنا محمد بن مسلمٍ بن عُبيد الله بن شهاب الزُّهري‏الزُّهري.
قال‏قال: فعرِّفني
بالنَّسب وكان عبدُ الملك طلّابة للحديث فعرّفتُه‏فعرّفتُه.
فقال‏فقال: ما أصبح ببيت المَقدس يوم قُتل
الحُسين بن عليّ بن أبي طالب - وفي رواية عليّ بن عبد العزيز عن إبراهيم بن عبد الله عن
أبي مَعشر عن محمد بن عبد الله ابن سعيد بن العاص عن الزُّهري أنه قال‏قال: الليلةَ التي قُتل في
صبيحتها الحُسين بن عليّ قال الزُّهري‏الزُّهري: نعم حدَّثني فلان - ولم يُسَمِّه لنا - أنه لم يُرفع تلك
الليلة التي صبيحتها قُتل الحسين بن علي بن أبي طالب حجرٌ في بيت المقدس إلا وُجد تحته دمٌ
عَبيط.
عَبيط‏.‏
قال عبدُ الملك‏الملك: صدقتَ حدَّثني الذي حدَّثك وإني وإياك في هذا الحديث لَغريبان‏لَغريبان.
ثم قال لي‏لي: ما جاء بك قلت‏قلت: جئتُ مُرابطاً‏مُرابطاً.
قال‏قال: الزم الباب فأقمتُ عنده فأعطاني مالاً
كثيراً.
كثيراً‏.‏
قال‏قال: فاستأذنتُه في الخروج إلى المدينة فأذِن لي ومعي غلامٌ لي ومعي مالٌ كثير في عَيبة
ففقدتُ العَيبة فاتهمتُ الغلام فوعدتُه وتواعدتُه فلم يُقر لي بشيء‏بشيء.
قال‏قال: فصرعتُه وقعدتُ
عَلَى صَدْره ووضعتُ مِرْفقي على وجهه وغمزتُه غمزةً وأنا لا أريد قتلَه فمات تحتي وسُقط
في يدي‏يدي.
وقَدِمتُ المدينة فسألت سعيدَ بن المُسيّب وأبا عبد الرحمن وعُروة بن الزُّبير والقاسمَ
بن محمد وسالِم بن عبد الله فكلُّهم قال‏قال: لا نعلم لك توبةً‏توبةً.
فبلغ ذلك عليَّ بن الحُسين فقال‏فقال:
عليَ به‏به.
فأتيتُه فقصصتُ عليه القِصة‏القِصة.
فقال‏فقال: إن لذنبك توبةَ صُمْ شهرين مُتتابعين وأعتق رَقبة
مُؤْمنة وأطعم ستين مسكيناً ففعلتُ‏ففعلتُ.
ثم خرجتُ أريد عبد الملك وقد بلغه أني أتلفتُ المال
فأقمتُ ببابه أياماً لا يُؤذن لي بالدُّخول فجلستُ إلى مُعلِّم لولده وقد حَذِق ابنَ لعبد الملك
عنده وهو يُعلمه ما
يتكلّم به بين يدي أمير المؤمنين إذا دخل عليه فقلت لمؤدّبه‏لمؤدّبه: ما تأمُل من أمير المؤمنين أن يَصلك
به فلك عندي ذلك على أن تُكلِّم الصبيّ إذا دخل عَلَى أمير المؤمنين فإذا قالَ له‏له: سَل
حاجتكَ يقول له‏له: حاجتي أن تَرضى عن الزهري‏الزهري.
ففَعل فضحك عبدُ الملك وقال‏وقال: أين هو
قال: بالباب.
قال‏:‏ بالباب‏.‏
فأذن لي فدخلت حتى إذا صرتُ بين يديه قلت‏قلت: يا أمير المؤمنين حَدَّثني سعيدُ
بن المسيّب عن أبي هريرة عن النبيّ {{صل}} أنه قال‏قال: لا يُلدغ المؤمن من جُحر
مرتين.
مرتين‏.‏
وقعة الحرة
أبو اليقظان قال‏قال: لما حضرة معاويةَ الوفاةُ دعا يزيدَ فقال له‏له: إن لك من أهل المدينة يوماً فإذا
فعلوا فارمهم بمُسلم بن عُقبة فإنه رجل قد عرَفْنا نصيحتَه‏نصيحتَه.
فلما كانت سنة ثلاث وستين قدم
عثمانُ بن محمد بن أبي سُفيان المدينةَ عاملاً عليها ليزيدَ بن معاوية وأوفد على يزيد وفداً من
رجال المدينة فيهم عبدُ الله بن حَنْظلة غَسيل الملائكة معه ثمانيةُ بنين له فأعطاه مائةَ ألف
درهم وأعطى بنيه كل رجل منهم عشرةَ آلاف سوى كُسوتهم وحُملانهم‏وحُملانهم.
فلما قدم عبدُ الله
بن حنظلة المدينة أتاه الناس فقالوا‏فقالوا: ما وراءك قال‏قال: أتيتكم من عند رجل والله لو لم أجد إلا
بنيّ هؤلاء لجاهدته بهم‏بهم.
قالوا‏قالوا: فإنه قد بلغنا أنه أكرمك وأجازك وأعطاك‏وأعطاك.
قال‏قال: قد فَعل وما
قبلتُ ذلك منه إلا أن أتقوّى به عليه أي عَلَى قتال يزيد - وحضَّ الناسَ عَلَى يزيدَ فأجابوه‏فأجابوه.
فكتب عثمانُ بن محمد إلى يزيد بما أجمع عليه أهلُ المدينة من الخلاف‏الخلاف.
فكتب إليهم يزيد بن
معاوية‏معاوية: بسم اللهّ الرحمن الرحيمٍ أما بعد‏بعد.
فإن الله لا يُغيرُ ما بقوم حتى يُغيروا ما بأنفسهم وإذا
أراد الله بقوم سوءاً فلا مرد له وما لهم من دونه من وال‏وال.
وإني قد لَبستكم فأخلفتُكم
ورفعتكمِ عَلَى رأسي ثم عَلَى عَيني ثم على فَمي ثم عَلَى بطني والله لئن وضعتكم تحت
قدمي لأطانكم وطأة أقِلّ بها عددَكم وأترككم بها أحاديث تنتسخ أخبارُكم مع أخبار عاد
وثمود.
وثمود‏.‏
فلما أتاهم كتابُه حَمِي القوم فقدَّمت الأنصار عبدَ الله بن حنظلة عَلَى أنفسهم
وقدَّمت قُريش عبدَ اللهّ بن مُطيع ثم أخرجوا عثمانَ بن محمد بن أبي سفيان من المدينة
ومروانَ بن الحكم وكُل من كان بها من بني أمية‏أمية.
وكان عبدُ الله بن عباس بالطائف فسأل
عنهم فقيل له‏له: استعملوا عبدَ الله بن مُطيع عَلَى قريش وعبد الله بن حَنظلة عَلَى الأنصار‏الأنصار.
فقال‏فقال: أميران‏أميران! هَلك القوم‏القوم.
ولما بلغ يزيد ما فعلوا أمر بقُبة فضُربت له خارجاً عن قَصره وقَطع
البُعوث عَلَى أهل الشام فلم تمْض ثالثةٌ حتى توافت الحشود‏الحشود.
فقَدِم عليهم مُسلم بن عُقبة المُرِّي
فتوجّه إليهم‏إليهم.
وقد عَمد أهلُ المدينة فأخرجوا إلى كل ماء لهم بينهم وبين الشام فصبّوا فيه زِقّاً
من قَطران وغَوّروه فأرسل الله عليهم المطر فلم يَسْتقوا شيئاً حتى وردوا المدينة‏المدينة.
قال أبو
اليقظان وغيره‏وغيره: إنّ يزيدَ بن مُعاوية ولّى مسلمَ بن عُقبة وهو قد اشتكى فقال له‏له: إن حَدث بك
حَدَث فاستعمل حُصين بن نمير‏نمير.
فخرج حتى قدم المدينةَ فخرج إليه أهلُها في عُدة وهيئة
وجُموع كثيرة لم يُرَ مثلها‏مثلها.
فلما رآهم أهلُ الشام هابوهم وكرهوا قتالَهم‏قتالَهم.
فأمر مُسلم بن عقبة
بسَريره فوُضع بين الصَّفين وهو عليه مريض وأمر مُنادياً ينادي‏ينادي: قاتِلوا عن أميركم أو دَعوه‏دَعوه.
فجدّ
الناس في القتال فَسمعوا التكبيرَ من خلفهم في جوف المدينة فإذا هم قد أقْحَم عليهم بنو
حارثة أهلَ الشام وهم عَلَى الجُدر فانهزم الناس‏الناس.
وعبد الله بن حَنظلة متساند إلى بعض بَنيه
يَغُطُّ نوماً فلما فتحِ عينيه فرأى ما صَنعوا أمر أكبر بنيه فتقدَم حتى قُتل فلم يزل يقدِّم واحداً
وأحدا حتى أتي عَلَى آخرهم ثم كسر غِمْد سيفه وقاتل حتى قُتِل‏قُتِل.
ودخل مسلمُ بن عقبة
المدينة وتغلّب عَلَى أهلها ثم دعاهم إلى البيعة على أنهم خوَلٌ ليزيد ابن معاوية يَحكم في
دمائهم وأموالهم وأهليهم فبايعوا حتى أتي بعبد الله ابن زَمعة فقال له‏له: عَلَى أنك خَوَل لأمير
المؤمنين يحكم في مالك ودمك وأهلك‏وأهلك.
قال‏قال: لن أبايع على أني بزعم أمير المؤمنين يحكم في دمي
ومالي وأهلي‏وأهلي.
فقال مسلم بن عقبة‏عقبة: اضربوا عنقَه فوثب مروان بن الحكم فضمّه إِليه وقال‏وقال:
نُبايعك على ما أحببت‏أحببت.
فقال‏فقال: لا والله لا أقيلها إياه أبداً إن تَنح وإلا فاقتلوهما جميعاً‏جميعاً.
فتركه
مروان وضُرب عنقه‏عنقه.
وهَرب عبدُ الله بن مطيع حتى لحق بمكة فكان بها حتى قُتل مع عبد
الله بن الزبير في أيام عبد الملك بن مروان وجعل يُقاتل أهلَ الشام وهو يقول‏يقول:
أنا الذي فررتُ يوم الحَرّه والشيخُ لا يَفرُّ إلا مَرة
فاليومَ أجْزى كَرّة بقَرّة لا بأس بالكَرة بعد الفَرّة
أبو عَقيل الدوْرقيّ قال‏قال: سمعتُ أبا نَضرة يحدّث قال‏قال: دخل أبو سعيد الخدريّ يوم الحَرّة في
غار فدخل عليه رجل من أهل الشام وفي عُنق أبي سعيد السّيف فوضع أبو سَعيد السيفَ
وقال‏وقال: بُؤ بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين‏الظالمين.
فقال‏فقال: أبو سعيدٍ الخدري
أنت قال‏قال: نعم‏نعم.
قال‏قال: فاستغفر لي قال‏قال: غَفر الله لك‏لك.
وأمر مُسلم بن عُقبة بقتل مَعقلِ بن
سِنان الأشجَعي صبراً ومحمد بن أبي الجهم بن حُذيقة العَدوي صبراً وكان جميعُ من قتل يوم
الحرة من قريش والأنصار ثلثَمائة رجل وستة رجال‏رجال.
ومن الموالي وغيرهم أضعافُ هؤلاء‏هؤلاء.
وبعث مًسلم بن عُقبة برؤوس أهل المدينة إلى يزيد فلما ألقيت بين يديه جَعل يتمثل بقول ابن
الزِّبْعري يوم أحد‏أحد:
ليت أشياخِي ببدرٍ شَهِدُوا جَزَع الخَزْرج من وَقْع الأسَل
لأهلّوا واستهلوا فرحاً ولقالوا ليزيدَ‏ليزيدَ: لا فَشَل
فقال له رجل من أصحاب رسول الله {{صل}}: ارتددتَ عن الإسلام يا أمير
المؤمنين‏المؤمنين! قال‏قال: بلى نَستغفر الله‏الله.
قال‏قال: والله لا ساكنتُك أرضاً أبداً وخرج عنه‏عنه.
ولما انقضى
أمرُ الحَرّة توجه مُسلم بن عُقبة بمن معه من أهل الشام إلى مكة يُريد ابنَ الزُبير وهو ثقيل فلما كان
بالأبواء حَضره أجلُه فدعا حُصين ابن نمير فقال له‏له: إني أرسلتُ إليك فلا أدري أقدَمك على
هذا الجيش أم أقدَمك فأضرب عنقك قال‏قال: أصلحك الله أنا سهمُك فارم بي حيثُ شئت‏شئت.
قال‏قال: إنك أعرابي جلْف جافٍ وإنّ هذا الحي من قريش لم يمكنهَم أحد قط من أذنه إلا غَلبوه
على رأيه فسِر بهذا الجيش فإذا لقيتَ القومَ فإياك أن تُمكنهم من أذنك لا يكن إلا على
الوِقاف ثم الثقاف ثم الانصراف‏الانصراف.
ومات مُسلم بن عُقبة وليصل بالناس الضحّاك بن قيس حتى يختار الناس لأنفسهم فلمّا مات
صلى عليه الوليد بن عقبة لا رحمه الله‏الله.
ومضى حُصين بن نُمير بجَيشه ذلك‏ذلك.
فلم يزل محاصرًا
لأهل مكة حتى مات يزيدُ لا رحمه الله وذلك خمسون يوماً‏يوماً.
ونَصب المجانيق على الكعبة
وحَرَقها يوم الثلاثاء لخمس خلون من ربيع الأول سنة أربع وستين وفيها مات يزيد بن معاوية
بِحوارين.
بِحوارين‏.‏
وفاة يزيد بن معاوية
مات يزيد بن معاوية بحُوارين من بلاد حِمْص وصلى عليه ابنُه معاوية ابن يزيد بن مُعاوية ليلة
البدرِ في شهر ربيع الأول‏الأول.
وأم يزيد ميسون بنت بَحْدل الكَلْبي ومات وهو ابنُ ثمانٍ وثلاثين
سنة وكانت ولايتُه ثلاثَ سنين وتسعة أشهر واثنين وعشرين يوماً‏يوماً.
خلافة معاوية بن يزيد بن معاوية
واستُخلف معاويةُ بن يزيد بن معاوية في شهر ربيع الأول سنة أربع وستين وهو ابنُ إحدى
وعشرين سنة ومات بعد أبيه بأربعين يوماً ولم يزل مريضاً طولَ ولايته لا يَخرج من بيته فلما
حضرتْه الوفاةُ قيل له‏له: لو عهدتْ إلى رجل من أهل بيتك واستَخلفت خليفةً قال‏قال: لم أنتفع بها
حيا فلا أقلدها ميتا لا يذهب بنو أمية بحلاوتها وأتجرّع مرارتها ولكن إذا مِت فَلْيصل عليّ
الوليدُ بن عُقبة وليصلِّ بالناس الضحاك بن قيس حتى يختار الناس لأنفسهم‏لأنفسهم.
فلما مات صلّى
عليه الوليد بن عقبة وصلّى بالناس الضَحاك بن قيس بدمشق حيث قامت دولة بني مروان‏مروان.
فتنة ابن الزبير
قال عليّ بن عبد العزيز‏العزيز: حدّثنا أبو عُبيد عن حجَّاج عن أبي معشر قال‏قال: لما مات مُسلم بن
عُقبة سار حُصين بن نُمير حتى أتى مكة وابنُ الزبير بها فدعاهم إلى الطاعة فلم يُجيبوه
فقاتلهم وقاتله ابن الزبير‏الزبير.
فقُتل المُنذرُ بن الزُبير يومئذ ورجلاًن من إخوته ومُصعب بن عبد
الرحمن بن عوف والمسور بن مخرمة‏مخرمة.
وكان حُصين بن نُمير قد نَصب المجانيق على أبي قُبيس
وعلى قُعيْقعان فلم يكن أحدٌ يقدر أن يطوف بالبيت‏بالبيت.
فأسند ابنُ الزبير ألواحاً من ساجٍ على
البيت وألقى عليها الفُرشَ والقطائف فكان إذا وَقع عليها الحجر نبا عن البيت‏البيت.
فكانوا يطوفون
تحت الألواح فإذا سمعوا صوتَ الحَجر حين يقع على الفرش والقطائف كَبَروا وكان ابن الزبير قد
سطر 269:
من أهل الشام بنار في طرف سنانه فأشعلها في الفُسطاط وكان يوماً شديد الحر فتمزّق
الفُسطاط فوقعت النار على الكَعبة فاحترق الخشب والسقف وانصدعِ الرُّكن واحترقت
الأستار وتساقطت إلى الأرض‏الأرض.
قال‏قال: ثم اقتتلوا مع أهل الشام أياماً بعد حريق الكعبة‏الكعبة.
قال أبو
عبيد‏عبيد: احترقت الكعبة يوم السبت لست خَلون من ربيع الأول سنة أربع وستين فجلس أهلُ
مكة في جانب الحِجْر ومعهم ابنُ الزبير وأهل الشام يَرمونهم بالنَّبل والحجارة فوقعت نَبلة بين
يدي ابن الزبير فقال‏فقال: في هذه خبر‏خبر.
فأخذها فوجد فيها مكتوباً‏مكتوباً: مات يزيدُ بن معاوية يوم
الخميس لأربعَ عشرةَ خلت من ربيع الأول‏الأول.
فلما قرأ ذلك قال‏قال: يا أهل الشام يا أعداء الله
ومُحرِّقي بيت الله علامَ تُقاتلون وقد مات طاغيتُكم‏طاغيتُكم! فقالت حُصين بن نمير‏نمير: موعدُك البطحاء
الليلة أبا بكر‏بكر.
فلما كان الليل خَرج ابنُ الزًّبير بأصحابه وخَرج حُصين بأصحابه إلى البطحاء‏البطحاء.
ثم
ترك كُلّ واحد منهما أصحابه وانفردا فنزلا‏فنزلا.
فقال حُصين‏حُصين: يا أبا بكر أنا سيّد أهل الشام لا
أدافَع وأرى أهلَ الحجاز قد رَضُوا بك فتعالَ أُبايعْك الساعةَ ويهدر كل شيء أصبناه يومَ
الحَرّة وتَخرج معي إلى الشام فإني لا أحب أن يكون المُلك بالحجاز‏بالحجاز.
فقال‏فقال: لا والله لا أفعل ولا
أمنُ مَن أخافَ الناسَ وأحرق بيتَ الله وانتهك حُرمته‏حُرمته.
قال‏قال: بل فافعل على أن لا يَختلف عليك
اثنان.
اثنان‏.‏
فأبي ابنُ الزبير‏الزبير.
فقال له حُصين‏حُصين: لَعنك الله ولَعن مَن زعم أنك سيّد‏سيّد! واللهّ لا تُفلح أبداً‏أبداً!
اركبوا يا أهل الشام‏الشام.
فركبوا واْنصرفوا‏واْنصرفوا.
أبو عُبيد عن الحجّاج عن أبي مَعشر قال‏قال: حَدّثنا بعضُ
المَشيخة الذين حَضروا قِتَالَ ابن الزبير قال‏قال: غَلب حُصين بن نُمير على مكّة كُلها إلا الحِجْر‏الحِجْر.
قال‏قال: فوالله إني لجالس عنده معه نفر من القُرشيين‏القُرشيين: عبدُ الله بن مطيع والمختار بن أبي عُبيد
والمِسْور بن مَخْرمة والمُنذر بن الزُبير‏الزُبير: إذ هَبّت رُويحة فقال المختار‏المختار: والله إني لأرى في هذه
الرُّويحة النَّصر فاحملوا عليهم‏عليهم.
فحملوا عليهم حتى أَخرجوهم من مكة وقَتل المختارُ رجلاً
وقَتل ابنُ مطيع رجلاً ثم جاءنا على إثر ذلك موتُ يزيدَ بعد حريق الكعبة بإحدى عشرةَ ليلة
وانصرف حُصين بن نُمير وأصحابه إلى الشام فوجدوا مُعاويةَ بن يزيد قد مات ولم يَستخلف
وقال‏وقال: لا أتحمّلها حيّا وميتا‏وميتا.
فلما مات معاوية بن يزيد بايع أهلَ الشام كلّهم ابنَ الزبير إلا أهلَ
الأرْدُنّ وبايع أهلُ مصر أيضاً ابنَ الزبير‏الزبير.
واستخلف ابنُ الزبير الضحّاكَ بن قيس الفِهريِّ على
أهل الشام‏الشام.
فلما رأى ذلك رجالُ بني أمية وناسٌ من أشراف أهل الشام ووجوههم منهم رَوحُ
بن زِنْباع وغيره قال بعضهم لبعض‏لبعض: إنّ المُلك كان فينا أهلَ الشام فانتقل عنّا إلى الحجاز لا
نرضى بذلك هل لكم أنْ تأخذوا رجلاً منّا فينظرَ في هذا الأمر فقال‏فقال: استخيروا الله‏الله.
قال:
قال‏:‏
فرأى القومُ أنه غلامٌ حَدث السن فخرجوا من عنده وقالوا‏وقالوا: هذا حَدث‏حَدث.
فأتوا عمرَو بنَ سعيد
بن العاص فقالوا له‏له: ارفع رأسك لهذا الأمر فرأوه حَدثاً فجاءوا إلى خالد بن يزيد بن معاوية
فقالوا له‏له: ارفع رأسَك لهذا الأمر فرأوه حَدثا حريصاً على هذا الأمر‏الأمر.
فلما خرجوا من عنده
قالوا‏قالوا: هذا حدث‏حدث.
فأتوا مروانَ ابن الحكم فإذا عنده مصباح وإذا هم يَسمعون صوته بالقُرآن
فاستأذنوا ودخلوا عليه قالوا‏قالوا: يا أبا عبد اْلملك ارفع رأسَك لهذا الأمر‏الأمر.
فقال‏فقال: استخيروا اللهّ
واسألوا أن يختار لأمة محمد {{صل}} خيرها وأعدلها‏وأعدلها.
فقال له روحُ ابن زِنباع‏زِنباع: إنّ
معي أربعَمائة من جُذام فأنا أمرهم أن يتقدّموا في المسجد غداً ومُر أنت ابنك عبدَ العزيز أن
يخطب الناسَ ويَدْعوهم إليه فإذا فعل ذلك تنادَوْا من جانب المسجد‏المسجد: صدقتَ صدقتَ
فيظنّ الناسُ أن أمرَهم واحد‏واحد.
فلما اجتمع الناسُ قام عبدُ العزيز فحَمِد الله وأثنى عليه ثم قال‏قال:
ما أحدٌ أولى بهذا الأمر من مَروان كبير قُريش وسيّدها والذي نفسي بيده لقد شابت ذراعاه
من الكِبَر‏الكِبَر.
فقال الجُذاميون‏الجُذاميون: صدقتَ صدقتَ‏صدقتَ.
فقال خالدُ بن يزيد‏يزيد: أمر دبِّر بليل‏بليل.
فبايعوا مروانَ
بن الحكم‏الحكم.
ثم كان من أمره مع الضّحاك بن قيس بمَرْج راهط ما سيأتي ذكرُه بعد هذا في دولة
بني مروان‏مروان.
أبو الحسن قال‏قال: لما مات معاوية بن يزيد اختلف الناسُ بالشام فكان أوّلَ من خالف من أمراء
الأجناد النعمانُ بن بَشير الأنصاري وكان على حِمْص فدعا لابن الزُبير فبلغ خبرُه زفرَ بن
الحارث الكِلابيّ وهو بقِنَسْرين فدعا إلى ابن الزبير أيضاًً بدمشق سراً ولم يُظهر ذلك لمن بها
من بني أمية وكلب‏وكلب.
وبلغ ذلك حسان بن مالك بن بَحْدل الكَلْبي وهو بفِلسطين فقال لرَوْح بن
زنباع‏زنباع: إني أرى أمراء الأجناد يبايعون لْابن الزبير وأبناء قيس بالأردن كثير وهم قومي فأنا
خارج إليها وأقم أنت بفلسطين فإنّ جُل أهلها قومك من لَخْم وجُذام فإن خالفك أحدٌ فقاتلْه
بهم.
بهم‏.‏
فأقام رَوْحٌ بفلسطين وخرج حسان إلى الأردُن‏الأردُن.
فقام ناتل بن قيس الْجُذاميّ فدعا إلى
ابن الزُبير وأخرج روحَ بن زِنْباع من فلسطين ولحق بحسّان بالأردن‏بالأردن.
فقال حسانُ‏حسانُ: يأهل
الأردن قد علمتم أن ابن الزبير في شِقاق ونفاق وعصيان لخلفاء الله ومفارقةٍ لجماعة المسلمين
فانظُروا رجلاً من بني حَرب فبايعوه‏فبايعوه.
فقالوِا‏فقالوِا: اختر لنا من شئتَ من بني حَرب وجَنِّبنا هذين
الرجلين الغلامين‏الغلامين: عبدَ الله وخالداً ابني يزيد بن معاوية فإنّا نكره أن يدعوَ الناسُ إلى شيخ
ونحن ندعو إلى صبيِّ‏صبيِّ.
وكان هَوَى حسّانَ في خالد بن يزيد وكان ابنَ أخته‏أخته.
فلما رَموه بهذا
الكلام أمسك وكتب إلى الضحاك بن قيس كتاباً يُعظّم فيه بني أمية وبلاءهم عنده ويذُم ابن
الزبير ويذكر خِلافَه للجماعة وقال لرسوله‏لرسوله: اقرأ الكتاب على الضحّاك بمَحضر بني أمية وجماعة
الناس.
الناس‏.‏
فلما قرأ كتابَ حسان تكلّم الناسُ فصاروا فِرْقتين فصارت اليمانية مع بني أمية
والقَيْسيةُ زُبيريّةً ثم اجتلدوا بالنّعال ومَشى بعضًهم إلى بعض بالسيوف حتى حَجز بينهم خالدُ
بن يزيد ودخل الضحاك دارَ الإمارة فلم يخرُج ثلاثةَ أيام‏أيام.
وقدِم عُبيدُ الله بن زياد فكان مع
بني أمية بدمشق‏بدمشق.
فخرج الضحاكُ بن قيس إلى المَرْج - مرج راهط - فعسكر فيه وأرسل إلى
أمراء الأجناد فأتوه إلّا ما كان من كَلْب‏كَلْب.
ودعا مروانُ إلى نفسه فبايعته بنو أمية وكَلب وغسان
والسكاسك وطَيىء فعسكر في خَمسة آلاف‏آلاف.
وأقبل عَبَّاد بن يزيد من حُوران في ألفين من
مواليه وغيرهم من بني كلب فلحق بمروان‏بمروان.
وغلب يزيدُ بن أبي أنيس على دمشق فأخرج منها
عاملَ الضحاك وأمد مروان برجاليٍ وسلاح كثير‏كثير.
وكتب الضحاك إلىِ أمراء الأجناد فقدم
عليه زفر بن الحارث من قِنَسرين وأمده النُّعمان بن بشير بشرَحبْيل بن ذي الكَلاع في أهل
حِمْص فتوافَوا عند الضحًاك بمرْج راهط فكان الضحاك في ستين ألفاً ومروان في ثلاثةَ عشر
ألفاً أكثرهم رجّالة وأكثرُ أصحاب الضحاك رُكبان‏رُكبان.
فاقتتلوا بالمَرْج عشرين يوماً وصَبر
الفريقان.
الفريقان‏.‏
وكان على مَيمنة الضحاك زيادُ بن عمرو بن معاوية العُقيلي وعلى مسيرته بَكْر بن
أبي بشير الهلالي‏الهلالي.
فقال عُبيد الله بن زياد لمروان‏لمروان: إنك على حق وابن الزبير ومن دعا إليه على
الباطل وهم أكثر منا عَدداً وعُدداً ومع الضحاك فُرسان قيس واعلم أنك لا تنال منهم ما
تريد إلا بمكيدة وإنما الحرب خدعة فادعهم إلى الموادعة فإذا أمنوا وكَفَوا عن القتال فكُرّ
عليهم.
عليهم‏.‏
فأرسل مروانُ السُّفَراء إلى الضحَاك يدعوه إلى الموادعة ووَضْع الحرب حتى يَنْظر‏يَنْظر.
فأصبح الضحَاك والقَيسية قد أمسكوا عن القتال وهم يطمعون أن يُبايع مروان لابن الزّبير وقد
أعد مروانُ أصحابَه فلم يشعر الضحاك وأصحابُه إلا والخيل قد شدَّت عليهم ففزع الناس إلى
راياتهم من غير استعداد وقد غشيتهم الخيلُ فنادى الناسُ‏الناسُ: أبا أنيس أعَجْز بعد كَيْس -
وكُنية الضحاك‏الضحاك: أبو أنيس - فاقتتل الناسُ ولزم الناسُ راياتهم فترجل مروان وقال‏وقال: قَبّح الله من
ولأهم اليومَ ظهرَه حتى يكون الأمر لإحدى الطائفتين‏الطائفتين.
فقُتل الضحاكً بن قيس وصَبرت قيسُ
عند راياتِها يقاتلون فنظر رجل من بني عُقيل إلى ما تَلْقى قيس عند راياتها من القَتل فقال‏فقال:
اللهم العنها من رايات‏رايات! واعترضَها بسيفه فجعل يَقْطعها فإذا سقطت الرايةً تفرق أهلها‏أهلها.
ثم
انهزم الناس فنادى مُنادِي مروان‏مروان: لا تَتبعوا من ولّاكم اليوم ظهره‏ظهره.
فزعموا أن رجالاً من ليس لم
يَضحكوا بعد يوم المَرج حتى ماتوا جَزعا على من أصيب من فُرسان قيس يومئذ‏يومئذ.
فقتل مِن
قَيس يومئذ ممن كان يأخذ شَرف العطاء ثمانون رجلاً وقُتل من بني سليم سِتّمائة وقُتل لمروان
ابنٌ يقال له عبدُ العزيز‏العزيز.
وشَهد مع الضحَّاك يوم مَرْج راهط عبدُ اللهّ بن معاوية بن أبي سُفيان‏سُفيان.
فلما انهزم الناسُ قال له عُبيد الله بن زياد‏زياد: ارتدف خَلْفي فارتدف فأراد عمرو بن سَعيد
أن يقتلَه‏يقتلَه.
فقال له عبيدُ الله بن زياد‏زياد: ألا تكُفّ يا لَطِيمَ الشيطان‏الشيطان! وقال زفر بن الحارث وقد
قُتل ابناه يوم المَرْج‏المَرْج:
لَعمري لقد أبقتْ وقيعة راهطٍ بمَروان صَدْعاً بيّنا مًتنائيا
فلم يُزَ مِنّي زَلةٌ قبلَ هذه فِراري وتَركي صاحبي ورائيا
سطر 408:
وقد تَنْبُت الخَضراء في دِمَن الثرى وتَبقى حَزازاتُ النفوس كما هيا
فلا صُلْع حتى نَدْعس الخَيلَ بالقَنا وتثأر من أبناء كَلْب نسائيا
فلما قتل الضحاك وانهزم الناس نادى مروانُ أن لا يُتبع أًحد‏أًحد.
ثم أقبل إلى دمشق فدخلها ونَزل
دارَ مُعاوية بن أبي سفيان دارَ الِإمارة ثم جاءته بَيعة الأجناد فقال له أصحابه‏أصحابه: إنا لا نتخوّف
عليك إلا خالدَ بن يزيد فتزوّجْ أمه فإنك تَكْسره بذلك وأمه ابنة أبي هاشم بن عُتبة بن
ربيعة.
ربيعة‏.‏
فتزوّجها مروان فلما أراد الخروجَ إلى مصر قال لخالد‏لخالد: أعرْني سلاحاً إن كان عندك
فأعاره سلاحاً وخَرج إلى مصر فقاتل أهلَها وسَبى بها ناساً كثيراً فافتدوا منه‏منه.
ثم قَدم
الشام فقال له خالدُ‏خالدُ.
بن يزيد‏يزيد: رُدّ عليّ سلاحي‏سلاحي.
فأبى عليه‏عليه.
فألحّ عليه خالد‏خالد.
فقال له
مَروان وكان فَحّاشا‏فَحّاشا: يا بن رَطْبة الإست‏الإست.
قال‏قال: فدخل إلى أمه فبكى عندها وشكا إليها ما
قاله مروانُ على رؤوس أهل الشام‏الشام.
فقالت له‏له: لا عليك فإنه لا يعود إليك بمثلها‏بمثلها.
فلبث مروان
بعد ما قال لخالد ما قال أياماً ثم جاء إلى أم خالد فرقد عندها فأمرت جواريها فطَرحْن عليه
الوسائد ثم غَطّته حتى قتلته ثم خَرجن فصِحْن وشَقَقنَ ثيابهن‏ثيابهن: يا أمير المؤمنين‏المؤمنين! يا أمير
المؤمنين‏المؤمنين! ثم قام عبدُ الملك بالأمر بعده فقال لفاخر أم خالد‏خالد: والله لولا أن يقول الناس إني قتلتُ
بأبي امرأةً لقتلتُكِ بأمير المؤمنين‏المؤمنين.
ووُلد مروانُ بن الحكم بن العاصي بن أمية بن عبد شمس بن
عبد مناف بمكة‏بمكة.
ومات بالشام لثلاث خلون من رَمضان سنة خمس وستين وهو ابن ثلاث
وستين سنة‏سنة.
وصلى عليه ابنُه عبد الملك بن مروان‏مروان.
وكانت ولايته تسعة أشهر وثمانية عشر
يوماً.
يوماً‏.‏
وكان على شرُطته يحيى بن قيس الشّيباني‏الشّيباني.
وكاتبه سَرجون بن منصور الرُّومي‏الرُّومي.
وحاجبه أبو سَهل الأسود مولاه‏مولاه.
ولاية عبد الملك بن مروان
هو عبدُ الملك بن مروان بن الحكم بن العاص بن أمية‏أمية.
ويكنى‏ويكنى: أبا الوليد‏الوليد.
ويقال له‏له: أبو
الأملاك وذلك أنه ولى الخلافةَ أربع من ولده‏ولده: الوليدُ وسليمان ويزيد وهشام‏وهشام.
وكان تَدْمى لَثته
فيقع عليها الذُّباب فكان يُلقّب‏يُلقّب: أبا الذُّباب‏الذُّباب.
أمه عائشة بنت معاوية بن المُغيرة بن أبي العاص بن
أمية.
أمية‏.‏
وله يقول ابن قيس الرقيات‏الرقيات:
أنت ابنُ عائشة التي فَضَلت أروم نسائها
لم تَلْتفت للِداتها ومَشَت على غُلَوائها
وَلدت أغر مباركاً كالشَّمْس وَسْط سمائها
وبُويع عبدُ الملك بدمشق لثلاث خلون من رمضان سنة خمس وستين ومات بدمشق للنصف
من شوال سنة ستّ وثمانين وهو ابنُ ثلاثٍ وستين سنة فصلّى عليه الوليدُ بن عبد الملك‏الملك.
ووُلد عبدُ الملك بالمدينة سنة ثلاثٍ وعشرين ويقال سنة ستٍّ وعشرين‏وعشرين.
ويقال وُلد لسَبعة
أشهر.
أشهر‏.‏
وكان على شرُطته ابنُ أبي كَبْشة السَّكْسَكي ثم أبو نائل بن رِياح بن عُبيدة الغَسِّاني ثم
عبدُ الله بن يزيد الحَكميّ‏الحَكميّ.
وعلى حَرسه الرَّيَّان‏الرَّيَّان.
وكاتبه على الخراج والجُند سرَجون ابن منصور
الرُّومي.
الرُّومي‏.‏
وكتبه على الرسائل أبو زُرعة مولاه‏مولاه.
وعلى الختم قَبيصة ابن ذُؤيب‏ذُؤيب.
وعلى بُيوت
الأموال والخزائن رَجاء بن حَيْوَة‏حَيْوَة.
وحاجبُه أبو يوسف مولاه‏مولاه.
ومات عبد الملك سنة ستٍّ
وثمانين وهو ابن ثلاثٍ وستين سنة‏سنة.
وصلّى عليه الوليد ابنُه‏ابنُه.
وكانت ولايتُه منذ اجتُمع عليه
ثلاثَ عشرةَ سنة وثلاثة أشهر ودُفن خارجَ باب المدينة‏المدينة.
وفي أيام عبد الملك حُوّلت الدواوينُ
إلى العربيّة عن الرومية والفارسية حَوّلها عن الرُّومية سليمان بن سَعْد مولى خُشين‏خُشين.
وحولها
عن الفارسية صالحُ بن عبد الرحمن مولى عتبة امرأة من بني مُرة‏مُرة.
ويقال‏ويقال: حُولت في زمن
الوليد.
الوليد‏.‏
ابنُ وَهب عن ابن لَهِيعة قال‏قال: كان معاوية فَرض للموالي خَمسة عشر فبلَّغهم عبدُ الملك
عشرين ثم بلّغهم سليمانُ خمسة وعشرين ثم قام هشام فأتم للأبناء منهم ثلاثين‏ثلاثين.
وكتب عبدُ
الله بن عمر إلى عبد الملك بن مروان بَيعتَه لما قُتل ابنُ الزبير وكان كتابه إليه يقول‏يقول: لعبد الملك بن
مروان من عبد الله بن عُمر‏عُمر: سلام عليك فإني أقررتُ لك بالسَّمع والطاعة على سُنة الله
وسُنة رسوله {{صل}}.
وبيعةُ نافع مولاي على مثل ما بايعتُك عليه‏عليه.
وكتب محمدُ بن الحنفيّة ببيعته لما قتل ابن الزبير وكان في كتابه‏كتابه: إني اعتزلتُ الأمة عند
اختلافها فقعدتُ في البلد الحرام الذي مَن دخله كان آمناً لأحْرزَ ديني وأمنعَ دمي وتركتُ
الناسَ " قل كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبِيلا "‏‏.
وقد رأيتُ الناسَ قد
اجتمعوا عليك ونحن عصابة من أمتنا لا نُفارق الجماعة وقد بعثتُ إليك منّا رسولا ليأخذ لنا
منك ميثاقا ونحن أحق بذلك منك‏منك.
فإن أبيتَ فأرضُ الله واسعة والعاقبة للمتقين‏للمتقين.
فكتب إليه
عبدُ الملك‏الملك: قد بلغني كتابُك بما سألتَه منِ المِيثاق لك وللعصابة التي معك‏معك.
فلك عهدً اللهّ
وميثاقه أن لا تُهاج في سلطاننا غائباً ولا شاهداً ولا أحد من أصحابك ما وَفَوْا ببيعتهم فإن
أحببتَ المُقام بالحجاز فأقم فلن نَدع صِلتك وبِرَّك وإن أحببتَ المُقام عندنا فاشخَص إلينا
فلن نَدع مواساتِك‏مواساتِك.
ولعمري لئن ألجأتُك إلى الذهاب في الأرض خائفاً لقد ظَلمناك وقَطعنا
رَحِمك.
رَحِمك‏.‏
فاخرُج إلى الحَجاج فبايع‏فبايع.
فإنك أنت المحمود عندنا ديناً ورأيا وخيرٌ من ابن الزبير
وأرضى وأتقى‏وأتقى.
وكتب إِلى الحجاج بن يوسف‏يوسف: لا تَعْرِض لمحمد ولا لأحد من أصحابه وكان في
كتابه‏كتابه: جنّبني دماء بني عبد المطلب فليس فيها شِفاء من الحَرَب وإني رأيتُ بني حَرْب سُلبوا
ملكهم لما قَتلوا الْحُسين بن علي‏علي.
فلم يتعرض الحجاج لأحد من الطالبيّين في أيامه‏أيامه.
أبو الحسن
المدائني قال‏قال: كان يقال‏يقال: معاوية أحلم وعبدُ الملك أحزم‏أحزم.
وخطب الناسَ عبدُ الملك فقال‏فقال: أيها
الناس ما أنا بالخليفة المُستضعف - يريد عثمان بن عفان - ولا بالخليفة المُداهن - يريد معاوية
بن أبي سفيان - ولا بالخليفة المأفون - يريد يزيدَ بن معاوية فمن قال برأسه كذا قُلنا بسيفنا
كذا ثم نزل‏نزل.
وخطب عبد الملك على المنبر فقال‏فقال: أيها الناس إن الله حدَ حُدوداً وفَرض
فروضاً فما زِلتم تَزْدادون في الذُنب ونزداد في العقوبة حتى اجتمعنا نحن وأنتم عند السيف‏السيف.
أبو الحسن المدائني قال‏قال: قَدِم عمرُ بن علي بن أبي طالب على عبد الملك فسأله أن يُصير إليه
صدقةَ علي‏علي.
فقال عبدُ اِلملك متمثلاً بأبيات ابن أبي الحقْيق‏الحقْيق:
إني إذا مالتْ دَواعي الهَوَى وأنصتَ السامعُ للقائل
لا نَجعل الباطلَ حقَّا ولا نَرْضى بدُون الحقّ للباطل
لا لعمري لا نُخرجها من ولد الحسين إليك‏إليك.
وأمر له بصلة ورجع‏ورجع.
وقال عبد الملك بن مروان
لأيْمن بن خُريم‏خُريم: إن أباك وعمك كانت لهما صحبة فخذ هذا المال فقاتل ابن الزبير‏الزبير.
فأبى فشتمه
عبد الملك‏الملك.
فخرج وهو يقول‏يقول:
فلستُ بقاتل رجلاً يُصلِّي على سلطان آخرَ من قُريش
له سلطانُه وعليً إثمِي معاذَ اللهّ من سَفَه وطَيْش
وقال أيمن بن خُريم أيضاً‏أيضاً:
إنّ للفتنة هَيْطا بينا فرُويدَ المَيلَ منها يَعْتدِلْ
فإذا كان عطاءٌ فانتهز وإذا كان قِتال فاعتزل