==كتاب اليتيمة في النسب ==
كتاب اليتيمة في النسب وفضائل العرب قال أحمدُ بنُ محمّد بن عبد ربّهربّه: قد مَضى قولُنا في النّوادب والمَراثي ونحنُ قائلون بعَوْن الله وتوفيقه في النَّسب الذي هو سبب التعارُف وسُلّم إلى التَّواصل به تتعاطف الأرحام الواشجة وعليه تحافظ الأوَاصر القَريبةالقَريبة.
قال اللهّ تبارك وتعالىوتعالى: " يا أيُّهَا النَّاسُ إنّا خَلقْنَاكُم مِنْ ذَكَرٍ وَأنْثَى وَجَعلْنَاكُم شُعُوبَاً وقَبَائِلَ لِتعَارَفُوا ".
فمن لم يَعْرف النسب لم يعرف الناسَ ومَنِ لم يَعْرف الناسَ لم يُعَدّ من الناسالناس.
وفي الحديثالحديث: تَعلَّموا من النَّسَب ما تَعْرِفون به أحسابَكم وتَصِلون به أرحامَكمأرحامَكم.
وقال عمرُ بن الخطّابالخطّاب: تَعلّموا النَّسَب ولا تَكونوا كَنبِيط السَّواد إذا سُئِل أحدُهم عن أَصْله قالقال: من قَرْية كذا وكذاوكذا.
أصل النسب معاوية بن صالِح عن يحيى عن سَعيد بن المُسيِّب قالقال: وَلَد نُوحٍ ثلاثة أولادأولاد: سام وحام ويافِثويافِث.
فوَلد سام العَرَب وفارس الرُّوم وَوَلَد حامٌ السّودان والبربر والنبط وَوَلد يافثُ التركَ والصًقَالبة ويَأجوِج ومَأجوجومَأجوج.
أصل قريش - كانت قُرَيش تُدْعى النضرَ بن كِنَانة وكانوا مُتَفرِّقين في بَنِي كِنانة فَجَمَعهم قُصيَّ بن كِلاب بن مُرّة بنِ كعْب بن لؤىّ بن غالب بن فِهْر بن مالك من كلِّ أَوْب إلى البيت فَسُمُّوا قُرَيشاًقُرَيشاً.
والتّقَرشوالتّقَرش: التّجَمُّع وسُمِّي قُصىَّ بن كِلاب مُجَمِّعاً فقال فيه الشاعرالشاعر: قُصيَّ أبوكم كان يُدْعى مُجَمِّعاً به جَمَّع الله القبائلَ من فِهْرِ وقال حبيبحبيب: غَدَوْا في نواحي نَعْشِه وكأنما قُرَيشٌ يوم مات مُجَمِّعُ يُريد بمُجَمِّع قُصيًّ بن كِلاب وهو الذي بَنى المَشْعَر الحَرَام وكان يقوم عليه أيام الحج فسمَّاه اللهّ مَشْعَراً وأمر بالوقوف عندهعنده.
وإنما جمع قًصيَّ إلى مكة بني فِهْر بن مالك فجِذْم قُرَيش كلّها فِهْر بن مالك فما دُونه قُريش وما فوقه عَرب مثل كِنانة وأسد وغيرهما من قبائل مُضر وأما قبائل قُرَيش فإنما تَنْتهي إلى فِهر بن مالك لا تُجاوزهتُجاوزه.
وكان قُريش تُسَمَّى آلَ اللهّ وجِيران الله وسكّان حرم اللهّ وفي ذلك يقول عبدُ المطلب ابن هاشمهاشم: نحن آل الله في ذِمَّتِه لم نَزَلْ فيها على عَهْدٍ قَدُمْ إنَّ للبيتِ لَرَبًّا مانِعاً مَن يُرِد فيه بإثْمٍ يُخْترَم لم تَزَلْ لله فينا حُرْمةٌ يَدْفَعُ الله بها عَنَا النِّقَم إذا اشْتَعَبَ الناسُ البيوتَ فأنتُمُ أولو الله والبيتِ العَتِيق المُحَرَّم نسب قريش - أبو المنذر هِشام بن محمد بن السائب الكَلْبيالكَلْبي: تَسمِيةُ من انتهى إليه الشرَّف من قُرَيشِ في الجاهلية فَوَصله بالإسلام عَشرة رَهْط من عشرة أبْطُنٍ وهموهم: هاشم وأمَيَّةُ ونوْفل وعبد الدار وأسد وتَيْم ومَحْزوم وعَدِيّ وجُمَح وسَهْموسَهْم.
فكان من هاشمهاشم: العبَّاس بن عبد المُطلب يَسْقِي الحَجِيج في الجاهليَّة وبقى له ذلك في الإسلام ومن بني أميةأمية: أبو سُفيان بن حَرْب كانت عنده العُقاب رايةُ قُرَيش وإذا كانت عند رَجُل أخرجها إذا حَمِيَت الحرب فإذا اجتمعت قُريشِ على أحد أعْطَوْه العُقَاب وإن لم يَجْتمعوا على أحد راَسوا صاحبَها فقَدَّموه ومن بني نوْفَلنوْفَل: الحارثُ بن عامر وكانت إليه الرِّفادة وهي ما كانت تُخْرجه من أموالها وتَرْفُد به مُنْقَطِع الحاج ومن بني عبد الدارالدار: عثمان ابن طَلْحة كان إليه اللِّواء والسِّدانة مع الحِجابة ويقالويقال: والنَّدْوة أيضاً في بَني عبد الدَّار ومن بَني أَسَدأَسَد: يزيدُ بن زَمْعة بن الأسود وكان إليه المَشُورة وذلك أن رُؤَساء قُريش كانوا لا يجتمعون على أمر حتى يَعْرِضُوه عليه فإن وافَقه والاهم عليه وإلا تَخَيَّر وكانوا له أعواناً واستُشهد مع رسول الله {{صل}} بالطَّائف ومن بني تَيْمتَيْم: أبو بكر الصِّديق وكانت إليه في الجاهليّة الأشْناق وهي الدِّيات والمَغْرَم فكان إذا احتمل شيئاً فسأل فيه قُريشاً صدَقوه وأمْضوا حمالة مَنْ نَهض معه وإن احتملها غيرُه خَذَلوه ومن بني مَخْزوممَخْزوم: خالدُ ابن الوليد كانت إليه القُبَّة والأعِنَّة فأما القُبة فإنهم كانوا يضرْبونها ثم يجمعون إليها ما يُجَهِّزون به الجَيش وأما الأعِنَّة فإنه كان على خَيْل قُرَيش في الحَرْب ومن بَني عَدِيّعَدِيّ: عمر بن الخطاب وكانت إليه السِّفارة في الجاهليَّة وذلك أنهم كانوا إذا وقعت بينهم وبين غيرهم حَرْب بعَثوه سفيراً وإن نافرهم حي لمُفاخرة جَعَلوه مُنَافِراً ورَضُوا به ومن بني جمحجمح: صَفْوان بن أمية وكانت إليه الأيسار وهي الأزْلام فكان لا يُسْبَق بأمْر عام حتى يكون هو الذي تَسْييره على يَدَيْه ومن بني سَهْمسَهْم: الحارث بن قَيس وكانت إليه الحكومة والأموال المُحَجَّرة التي سمَوها لآلهتهملآلهتهم.
فهذه مكارم قُريش التي كانت في الجاهليَّة وهي السِّقاية والعِمارة والعُقاب والرِّفادة والسِّدانة والحِجابة والنَّدوة واللِّواء والمَشُورة والأشناق والقُبَّة والأعِنَة والسِّفارة والأيسار والحكومة والأموال المحجَّرة إلى هؤلاء العَشَرة من هذه البُطون العَشرة على حال ما كانت في أولِيتهم يتوارثوِن ذلك كابراً عن كابر وجاء الإسلامُ فوَصَل ذلك لهم وكذلك كلُّ شرف من شرف الجاهليَّة أدْركَه الإسلام وَصله فكانت سِقاية الحاجّ وعِمارة المَسْجِد الحَرَام وحلْوان النَّفْر في بَني هاشمهاشم.
فأما السِّقاية فمَعْروفة وأما العِمارة فهو أن لا يتكلم أحد في المَسْجد الحَرَام بهُجْر ولا رَفَث ولا يرفعٍ فيه صوتَه كان العبَّاس ينْهاهم عن ذلكذلك.
وأما حُلْوان النَّفْر فإن العَرب لم تَكُن تملك عليها في الجاهليَّة أحداً فإن كان حَرب أَقْرعوا بين أهل الرِّياسة فمَنْ خَرَجت عليه القُرْعة أَحْضروه صَغيراً كان أو كبيراً فلما كان يوم الفِجار أقرَعوا بين بني هاشم فخَرَج سَهْم العبّاس وهو صَغير فأجلسوه على المِجَنالمِجَن.
أبو الطاهر أحمدُ بن كَثير بن عبد الوهّاب قالقال: حدَّثني أبو ذَكْوان عن أحمد بن يَزِيد الأنطاكيّ أنّه سَمع المأمون يقول لأبي الطّاهر الذي كان على البَحْرينالبَحْرين: من أيّ قُرَيش أنت قالقال: من بَني سامَة بن لُؤَيّ فقال المأمونالمأمون: ما سَمِعنا بسامةَ بن لُؤَي نَسَباً في بُطوننا العَشرة لو عَلِمنا به على بعْدِه لكُنَّا به بَررَةبَررَة.
===فضل بني هاشم وبني أمية ===
قيل لعليّ بن أبي طالبطالب: أَخبرْنا عنكم وعن بني أمية فقالفقال: بنو أمية أَنْكَر وأمْكَر وأَفْجَر ونحنُ أصْبَح وأنصح وأَسْمحوأَسْمح.
وسأل رجلٌ الشَّعْبي عن بني هاشم وبني أمية فقالفقال: إن شِئْت أخبَرْتُك ما قال عليّ بن أبى طالب فيهم قالقال: أما بنو هاشم فأطْعَمها للطَّعام وأضْرَبُها للهَام وأما بنو أمية فأسدّها حِجْراً وأَطْلبها للأمر الذي لا يُنال فَيَنالونهفَيَنالونه.
قيل لمُعاويةلمُعاوية: أخْبرْنا عنكم وعن بني هاشم قالقال: بنو هاشم أشْرَف واحداً ونحن أشرف عدداً فما كان إلا كَلا وَبَلى حتى جاءوا بواحدةٍ بَذَّت الأوَّلين والآخرين يريد النبي {{صل}}.
وبقوله " أشْرَف واحداً ": عبدَ المطلب بن هاشمهاشم.
الرِّياشي عن الأصمعي قالقال: تَصَدّى رجلٌ من بني أمية لهارون الرّشيد فأنشدهفأنشده: يا أمينَ الله إني قائلٌ قَول ذِي فَهْم وعِلْمٍ وأَدَبْ عَبْدُ شَمْس كان يَتْلُو هاشماً وهُما بعدُ لأُمٍّ ولأبْ فاحْفظِ الأرحام فينا إنما عبدُ شَمْسٍ جَدُّ عَبْد المُطَّلِب لكُم الفَضْلِ علينا ولنا بكُمُ الفَضْلُ علَى كلِّ العَرَبْ فأَحسن جائزنه وَوَصلَهوَوَصلَه.
سُفْيان الثَّوْريّ يرفَعه إلى النبي {{صل}} قالقال: إنّ الله خَلق الخَلْقَ فجَعَلنِي في خَيْر خَلْقه وجَعلهم أفْراقاً فَجَعلني في خيْر فِرْقة وجَعلهم قبائل فَجَعلني في خيْر قَبِيلة وجَعَلهمِ بيُوتاً فَجَعلني في خَيْر بَيْت فأَنَا خَيْرُكم بَيتاً وخَيْرُكم نَسَباًنَسَباً.
وقال {{صل}}: كلُّ سَبب ونسَب مُنْقَطع يومَ القيامة إلا سَبَبي ونسبيونسبي.
جماعة بني هاشم بن عبد مناف وجماعة قريش - عبدُ المُطّلب بن هاشم ولدُه عَشرْ بَنين وهموهم: عبد الله أبو محمّد {{صل}} وأبو طالب والزُّبير أُمهم فاطمة بنت عمر المَخْزومية والعبّاس وضِرَار أمهما نُتَيلة النَّمريّة وحَمزَة والمُقَوَّم أمّهما هالةُ بنت وَهْب وأبو لَهَب أُمّه لُبْنى خُزَاعيَّة والحارث أمه صَفِيّة من بني عامر بن صَعْصعة والغَيْداق أمه خُزَاعيةخُزَاعية.
===جماعة بني أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ===
- وهو أمية الأكبرالأكبر: حَرْب بن أمية وأبو حَرْب وسُفْيان وأبو سُفيان وعَمْرو وأبو عَمْرو وهؤلاء يقال لهم العَنابس لعاصي وأبو العاصي والعِيص وأبو العيص وهؤلاء يقال لهم الأعْياص ومِنهم مُعاوية بن أبي سُفيان وعثمان بن عَفَّان بن أبي العاص بن أمية وسعيد بن العاص بن أميَّة ومَروان بن الحكم بن أبي العاص بن أميةأمية.
===جماعة بني نوفلنوفل===
- الحارث بن عامر صاحب الرِّفادة ومُطعم بنِ نَوْفل ومنهم عَدِيّ بن الخِيَار بن نوْفل ومنهم نافع بن ظُريب بن عمرو بن نوْفل وهو كاتب المصاحف لعمر بن الخطّاب ومُسلم بن قَرَظَة قُتِلَ يوم الجَمَلالجَمَل.
جماعة بني عبد الدار - عثمان بن طَلْحَة صاحب الحِجابة وشَيْبة بن أبي طَلْحَة والحارث بن عَلْقمَة بن كَلَدَة كان رَهِينة قريش عند أبي يَكْسوم والنَّضْر بن الحارث بن عَلْقمة بن كَلَدة بن عبد مَناف بن عبد الدارالدار.
قَتَله النبي {{صل}} صَبْراً أمر عليّ بن أبي طالب فَقَتله يوم الأثَيلالأثَيل.
جماعة بني أسد بن عبد العزى - منهممنهم: الزُّبير بن العَوَّام بن خوَيْلد بن أسَد وأمّه صَفية بنت عبدُ المطلب ويزيد بن زَمْعَة بن الأسود صاحب المَشُورة وأبو البَخْتري واسمه العاصي بن هِشام بن الحارث بن أسَد وَوَرقَة ابن نوفل بن أسد وهو الذي أدرك الإيمان بعقله وبَشر خديجة بالنبي {{صل}}.
جماهير بني تيم بن مرة - منهممنهم: أبو بكر الصِّديق وطَلْحَة بن عُبيد اللهّ وعمر بن عبيد اللهّ بن مَعْمر وعبد الله بن جُدْعان وعليّ بن يَزيد ابن عبد الله بن أبي مُلَيكة والمُهاجر بن قنْفُذ بن عُمير بن جُدْعان ومحمد بن المنكدر بن عبد اللهّ بن الهَديرالهَدير.
جماهير مخزوم بن مرة - منهممنهم: المغيرة بن عبد اللهّ بن عُمَر بن مخزوم وخالدُ بن الوليد بن المُغيرة وعبد الرَّحمن بن الحارث وعَمرو بن حُرَيث وأبو جَهْل بن هِشام بن المُغيرة وعياش بن أبي رَبيعة الشاعر وعبدُ اللهّ بن المهاجر وعُمارة بن الوليد بن المُغيرة وإسماعيلِ بن هِشام بن المُغيرة ولي ابنه هشامُ ابن إسماعيل بن هشام بن المغيرة المدينة وضرَب سَعيد بن المُسَيِّب بن أبي وَهْب الفَقيهالفَقيه.
===جماهير عدي بن كعب ===
- منهممنهم: عمر بن الخطَّاب وسعيدُ بن زَيْد ابن عَمْرُو بن نُفَيْل وهو من أصحاب حِرَاء وعبد الحميد بن عبد الرحمن بن زَيْد بن الخطّاب وَلي الكوفة لِعمر بن عبد العزيز وسُرَاقة بن المُعْتمر والنحام بن عبد الله بن أسِيد والنُّعمان بن عَدِيّ بن نَضْلةنَضْلة.
استعمله عُمَر على مَيْسان وعبد اللهّ بن مُطيع وأبو جَهْم بن حُذَيفة وخارجةُ بن حُذافة وكان قاضياً لِعَمرو بن العاصي بمصر فقَتَله الخارجي وهو يظُنّه عمرو بن العاصي وقال فيهفيه: أردتُ عَمْراً وأراد الله خارجةخارجة.
جماهير جمح - منهممنهم: صَفْوان بن أًمية من المُؤَلَّفة قلوبهُم وأمية بن خَلَف قُتِل يومَ بَدْر وأبيّ بن خلَف ومحمد بن حاطب وجَميل بن مَعْمر بن حُذافة وأبو عَزَّة وهو عَمرو بن عبد الله وأبو مَحْذُورة مؤَذّن النبي {{صل}}.
جماهير بني سهم - منهممنهم: الحارث بن قَيْس صاحبُ حكومة قرَيش وعَمرو بن العاصي وقَيْس بن عَدِيّ وخُنَيْس بن حُذَافة ومُنَبِّه ونُبَيه ابنا الحَجّاج ومنهم العاصي بن مُنَبِّه قُتِل مع أبيه قَتله عليّ يوم بَدْر وأخذ سَيفَه ذا الفقَار فصار إلى النبي عليه الصلاة والسلاموالسلام.
جماهير عامر بن لؤى - ومنهمومنهم: سُهيل بن عَمْرو من المُؤلَّفة قلوبهُم ومنهم ابن أبي ذِئْب الفَقِيه واسمُه محمد بن عبد الرَّحمن وحُوَيطب بن عبد العُزَّى من المُؤلفة قلوبهُم وعبدُ اللهّ بن مَخْرَمة بَدْرِي ونَوْفل بن مُسَاحق وأبو بكر بن عبد الله بن أبي سَبْرة الفَقيهالفَقيه.
وعبد الله بن أبي سَرْح بدريّبدريّ.
ومنهمومنهم: ابن أمِّ مَكتوم مُؤذِّن النبي عليه الصلاة والسلاموالسلام.
جماهير بني محارب بن فهد بن مالك - منهممنهم: الضحّاك بن قَيْس الفِهْري وحَبيب بن مَسْلمةمَسْلمة.
جماهير بني الحارث بن فهد بن مالك - منهممنهم: أبو عُبيدة بن الجَرَّاح أمن هذ الأمةالأمة.
وسُهيل وصفْوان ابنا وَهْب وعِياض بنُ غَنْم بن زُهَير وأبو جَهْم بن خالدخالد.
وبنو الحارث هؤلاء من المُطَيَّبن الذي تحالفوا وغَمَسوا أيديَهم في جَفْنة فيها طيبطيب.
قريش الظواهر وغيرها من بطون قريش - بنو الحارث وبنو مُحارب ابنا فِهْر بن مالك وهم قُرَيش الظواهر لأنهم نزلوا حول مكة وما والاهاوالاها.
فمن بنى الحارث بن فِهْرفِهْر: أبو عُبيدة بن الجَرَّاح واسمه عامر بن عبد الله بن الجَرّاح من المُهاجرين الأوّلينالأوّلين.
ومن بني مًحَارب بن فِهْرفِهْر: الضَّحَّاك بن قَيْس الفِهْريّ صاحِب مَرْج راهِطراهِط.
وما سوى هؤلاء من بُطون قُرَيش يقال لهم قُرَيش البِطَاح لأنهم سَكَنُوا بَطْحَاء مكة وهم البُطون العشرًة التي ذَكَرناها قبل هذا البابالباب.
ومن بطون قريشقريش: بنو زُهْرة بن كِلاب بن كَعْب بن لُؤَيّلُؤَيّ.
منهممنهم: عبد الرَّحمن بن عوف خال النبي عليه الصلاة والسلام ومنهمِ بنو حَبيب ابن عبد شَمْسشَمْس.
ومنهم عبدُ الله بن عامر بن كُرَيز بن حَبِيب بن عبد شمْس صاحِب العِرَاق ومنهم بنو أمية الاصغر بنِ عبد شمْس بن عبد مَناف وأمه عَبْلة فيقال لهم العَبَلاتالعَبَلات.
وبنو عبد العُزَّى بن عَبْد شَمْس منهم أبو العاصي بن الرَّبيع صهْر رسول الله {{صل}} تَزَوَّج ابنته التي قال النبي {{صل}} فيهفيه: ولكنَّ أبا العاصي لم يَذْمُم صِهْرهصِهْره.
ومنهمومنهم: بنو المُطّلب بن عبد مَناف ومنهم محمد بن إدريس الشافعيّالشافعيّ.
ومن بني نَوْفل بن عبد منافمناف: المُطعِم بن عَدِيّعَدِيّ.
ولعبد شَمْس بن عبد مَناف ونَوْفَل بن عبد مناف يقول أبو طالبطالب: فيا أَخَوَيْنَا عبد شَمْسٍ ونَوْفَلا أًعِيذُ كما أن تَبْعثا بيننا حَرْبَا وَوَلَد أُميةُ الأكبْر العاصيَ وأبا العاصي والعيص وأبا العيص فهؤلاء يقال لهم الأعياص وحرباً وأبا حَرْبحَرْب.
وهذه البُطون التي ذَكرْناها كلّها من قرَيش ليست من البطون العَشَرَة التي ذكَرْناها أولا وذَكَرْنا جماهيرهاجماهيرها.
===فضل قريشقريش===
قال النبي عليه الصلاة والسلاموالسلام: الأئمة من قُريشقُريش.
وقالوقال: وقَدِّموا قُريشاً ولا تَقْدًموهاتَقْدًموها.
ولما قتل النضر بن الحارث بن كَلَدة بن عَبْد مناف قالقال: لا يُقْتَل قُرَشيٌّ صَبْرًا بعد اليوماليوم.
يُرِيد أنه لا يُكَفّرُ قرَشي فَيُقْتَل صبْراً بعد هذا اليوماليوم.
الأصمعيّ قالقال: قال مُعاويةمُعاوية: أي الناس أفْصَح فقال رجل من السِّماطالسِّماط: يا أمير المؤمِنين قوم ارتفعوا عن رُتَة العِرَاق وتياسرُوا عن كَشكَشَة بَكْرِ وتيامنوا عن شَنشَنة تغلب ليست فيهم غَمْغَمَة قُضَاعَة ولا طمطمانِيّة حِمْير قالقال: مَنْ هُم قالقال: قَوْمُك يا أمير المُؤمنين قالقال: صدَقْتَ قالقال: فمِمّن أنت قالقال: من جَرْمجَرْم.
قال الأصمعيّالأصمعيّ: وجَرْم فُصْحى العَرَبالعَرَب.
قدم محمد بن عُمَير بن عُطارد في نَيِّف وسَبعين راكباً فاستزارهم عَمْرو بن عُتْبَةعُتْبَة.
قالقال: فسمعتُه يقوليقول: يا أبا سُفْيَان ما بالُ العَرب تُطِيل كلامَها وأنتُمْ تَقْصرُونه مَعاشرَ قُريش فقال عمرٍ و بن عُتْبةعُتْبة: بالجَنْدَل يُرْمى الجَنْدَل إن كلامَنَا كلام يَقِلّ لَفْظُهُ وَيَكثر مَعْناه ويُكتَفي بأولاه ويُسْتَشْفي بأخْراه يَتَحَحِّر تَحَدُر الزُلال على الكَبِد الحَرَّى ولقد نَقَصُوا وأطال غيرُهم فما أخلُوا ولله أقوامٌ أدرَكْتُهم كأنّما خُلِقوا لتَحْسين ما قَبحت الدنيا سهُلَت ألفاظُهم كما سهُلت عليهم أنفاسُهم فآبتذلوا أموالَهم وصانوا أعراضَهم حتى ما يجد الطاعنُ فيهم مَطعنا ولا المادحُ مَزِيدا ولقد كان آل أبي سُفْيان معِ قلّتهم كثيراً منه نِصِيبُهم وللّه درُّ مَوْلاهم حيث يقوليقول: وَضعَ الدهرُفيهمُ شَفْرتيه فَمَضى سالماً وأمْسَوْا شًعُوِبَا شَفْرتَان والله أفْنَتا أبدانَهم وأبقتا أخبارَهم فَتَركتَاهم حديثاً حسناً في الدنيا ثوابُه في الآخرة احسنُ وحديثاً سيّئاً في الدُّنيا عقابُه في الآخرة أسوأ فيَا مَوعوظاً بمَنْ قَبْلَه مَوْعُوظاً به من بعده ارْبَحْ نَفْسَك إذا خَسرَها غيرُكغيرُك.
قالقال: فظننتُ أنه أَرَاد أن يُعْلمه أنّ قُريشاً إذا شاءت أن تتكلّم تكلّمَتتكلّمَت.
العُتبيّ قالقال: شَهِدْتُ مجلس عمرو بن عُتْبَة وفيه ناسٌ من القُرَشييّن فتشاحُّوا في مَواريث وتجاحدوا فلما قاموا من عنده أقبل علينا فقالفقال: إن لِقُرَيش دَرَجاً تَزْلَقُ عنها أقدامُ الرجال وأفعالاً تَخْضَع لها رقاب الأقوال وغاياتٍ تَقْصرٌ عنها الجِيَاد المَنْسوبة وألسنةً تَكِلُّ عنها الشَفار المَشْحُوذة ولو آحتفلت الدنيا ما تَزَيَّنَت إلا بهم ولو كانت لهم ضاقت عن سَعة أحلامهمأحلامهم.
ثم إنّ قوماً منهم تَخَلَّقُوا بأخلاق العَوَام فصار لهم رٍفق باللْؤم وخُرْق في الحِرْص ولو أمكنهم لقاسَمُوا الطيرَ أرزاقها وإن خافُوا مَكْرُوهاَ تَعًجّلوا له الفَقْر وإن عجلت لهم النِّعم أخروا عليها الشُّكر أولئك " أنْضَاء " فكرة الفَقْر وعَجَزَة حَمَلَة الشُّكرالشُّكر.
قال أبو العَيْناء الهاشميّالهاشميّ: جَرى بين محمد بن الفَضل وبين قَوْم من أهل الأهْوَاز كلام فلما أَصبح رَجع عنهعنه.
قالوا لهله: ألم تَقُل أمس كذا وكذا قالقال: تَخْتلف الاقوالُ إذا اختلفت الأحوالالأحوال.
ودخَل محمد بن الفَضْل على وَالي الأهْوَاز فَسَمِعَه يقوليقول: إذا كان الحقُّ استوى عندي الهاشِمِيُّ والنَّبَطِيِّوالنَّبَطِيِّ.
فقال محمد بن الفضلالفضل: لئن استوت حالتاهما عندك فما ذلك بزائد النّبطيَّ زينةَ ليست له ولا ناقص الهاشميَّ قَدْراً هو له وإنما يَلْحَقُ النقصُ المُسَوِّيَ بينهمابينهما.
العُتبي قالقال: قال عمرو بن عُتبةعُتبة: اْختصم قوْمٌ من قُرَيش عند مُعاوية فمنعوا الحقَّالحقَّ.
فقال مُعاويةمُعاوية: يا معشرَ قُرَيش ما بال القَوْم لِأمّ يَصلون بينهم ما انقطع وأنتم لعَلاَّت تَقْطعون بينكم ما وَصَلَ الله وتُباعدون ما قرب بلِ كيف تَرْجُون لغيركم وقد عَجَزتم عن أنفسكمأنفسكم! تقولونتقولون: كَفانا الشَّرَفَ من قَبْلنا فعِنْدَها لَزِمَتْكم الحُجة فآكفوه مَن بعدكم كما كفاكم مَن قبلكمقبلكم.
أَوَ تعلمون أنكم كنتم رِقاعاً في جُنوب العَرَب وقد أُخْرجتم من حَرَم ربكم ومُنِعتبِم ميراث أبيكم وبَلَدِكم فأخَذَ لَكم الله ما أُخِذَ مِنكمِ وسمّاكم باجتماعكم اسماً به أبانَكم من جميع العرَب وردَّ به كيد العَجَم فقال جل ثناؤُهثناؤُه: " لإيلاَفِ قُرَيش إيلاَفهِمْ " فآرْغَبُوا في الائتلاف أَكْرَمَكم اللهّ به فقد حَذرَتْكم الفُرْقَةُ نَفْسَهَا وكفي بالتَّجْربة وَاعِظاًوَاعِظاً.
===مكان العرب من قريش ===
يحيى بن عبد العزيز عن أبي الحجَّاج رِياح بن ثابت عن أبكر بن خُنَيس عن أبي الأحوص عن أبي الحَصِن عن عبد الله بن مَسْعود أن النبي {{صل}} قالقال: قُرَيش الجُؤْجُؤ والعرب الجناحان والجؤجؤ لا يَنْهض إلا بالجنَاحَنْبالجنَاحَنْ.
قال عمرو بن عُتبةعُتبة: ما آستدَرّ لعمّي كلامٌ قطّ فَقَطَعه حتى يَذكر العرَب بفضل أو يُوصى فيهم بخيربخير.
ولقد أنْشَده مروَان ذات يوم بيتاً للنابغة حيث يقوليقول: فهم درْعي التي آسْتلأمْتُ فيها إلى يوم النِّسَار وهُمْ مِجنى فقال معاوبةمعاوبة: أَلا إن دُرُوع هذا الحيّ من قُرَيش إخوانُهم من العرَب المُتَشَابِكة أرْحَامُهم تَشَابُك حَلَقِ الدِّرْع التي إن ذَهَبت حَلْقة منه فرقت بين أربع ولا تَزَال السيوفُ تَكْره مَذاق لُحُوم قُرَيش ما بَقِيَت دُرُوعها معها وشَدَّتْ نُطُقَها عليها ولم تَفُكَّ حَلَقها منها فإذا خَلَعتْها من رِقابها كانت للسُيُوف جَزَرًاجَزَرًا.
العُتبي عن أبيه عن عَمْرو بن عُتْبة قالقال: عَقُمت النِّساءُ أن يَلِدْن مثلَ عَمِّي شَهدْتُه يوماً وقد قَدِمَتْ عليه وفودُ العَرب فقضى حوائجَهُم وأحسن جوائزَهم فلما دخلوا عليه ليَشْكروه سَبَقَهم إلى الشُّكْر فقال لهملهم: جَزاكم الله يا مَعْشرَ العرَب عن قُرَيش أفضل الجَزاء بتَقَدُّمِكم إياهم في الحَرْب وتَقْدِيمكم لهم في السَّلْم وحَقْنِكم دِماءَهم بِسَفْكِهَا منكم أمَا واللهّ لا يُؤثِركم على غيركم منهم إِلا حازمٌ كريم ولا يرْغَب عنكم منهم إلا عاجزٌ لئيم شجرة قامت على ساقٍ فتفرَّعِ أعلاها وآجتمع أصلُها عضَّدَ اللهّ من عَضَّدَهاعَضَّدَها.
فيا لها كلمةً لو آجتمعت وأيدياَ لو آئتلفت ولكن كيف بإصلاح ما يُرِيد الله إفسادَهإفسادَه.
===فضل العرب ===
يحيى بن عبد العزيز قال حدَّثنا أبو الحجّاج رِياح - بن ثابت قال حدَّثنا بكرُ بن خُنَيس عن أبي الأحْوص عن أبي الحَصِين عن عبد الله بن مَسعود قالقال: قال رسول الله {{صل}}: إذا سألتم الحوائج فاسألوا العرَب فإنها تُعْطى لِثَلاَث خِصالخِصال: كَرَم أحسَابها واستحياء بَعْضها من بعض والمُواساة للّهللّه.
ثم قالقال: من أَبْغَض العرَب أبغضه اللهّاللهّ.
ابن الكَلْبي قالقال: كانت في العرب خاصةً عَشْرُ خِصَال لم تكن في أُمَّةٍ من الأمم خمْسٌ منها في الرأس وخمس في الجَسَدالجَسَد.
فأما التي في الرأسالرأس: فالفَرْق والسِّوَاك والمضْمَضة والاستِنْثار وقَصُّ الشاربالشارب.
وأما التي في الجَسدالجَسد: فتَقليم الأظفار ونَتْفُ الإبط وحَلْق العانَة والخِتَان والاسْتِنْجاءوالاسْتِنْجاء.
وكانت في العرب خاصةً القِيَافة لم يَكُن في جميع الأمم أحدٌ ينْظُر إلى رجُلَين أحدُهما قَصِير والآخر طويل أو أحدهما أسْود والآخر أبيَض فيقولفيقول: هذا القَصِير ابن هذا الطويل وهذا الأسود ابن هذا الأبيض إلا في العَربالعَرب.
أبو العَيْناء الهاشميّ عن القَحْذَميّ عن شَبِيب بن شَيبة قالقال: كنّا وُقوفاً بالمِرْبد - وكان المِرْبد مَأْلف الأشرَاف - إذْ أَقْبلِ ابن المًقَفَّع فَبشَشْنا به وبَدَأناه بالسلام فرَدَّ علينا السلامَ ثم قالقال: لو مِلتم إلى دار نيْرُوز وظلها الظَّليل وسُورها المديد ونَسِيمها العَجيب فَعَوَّدْتم أبدانَكم تَمْهِيد الأرْض وأَرَحتُم دَوابَّكم من جَهْد الثِّقل فإنّ الذي تَطْلًبونه لن تُفَاتوه ومهما قضى الله لكم من شيء تَنالوهتَنالوه.
فَقَبِلْنا ومِلنا فلما اسْتَقرّ بنا المكانُ قال لنالنا: أيّ الأمم أَعْقَل فنظرَ بعضُنا إلى بَعْض فقُلْنافقُلْنا: لعلَّه أَرَاد أصلَه من فارسِ قُلناقُلنا: فارس فقال ليسوا بذلك إنهم مَلكوا كثيراً من الأرض ووجَدُوا عظيماَ من المُلْك وغَلَبُوا على كَثِير من الخَلق ولَبِثَ فيهم عَقْد الأمر فما استَنْبَطوا شيئاً بعقولهم ولا ابتدعوا باقي حِكَم بنفُوسهم قلناقلنا: فالروم قالقال: أصحابُ صَنعة قلناقلنا: فالصِّين قالقال: أصحابُ طُرْفة قلناقلنا: الهند قالقال: أصحابُ فَلسفة قُلناقُلنا: السُّودان قالقال: شرُّ خَلْق الله قُلناقُلنا: التُّرْك قالقال: كلاب ضالّة قُلناقُلنا: الخزَرُ قالقال: بقر سائمة قلناقلنا: فقُل قالقال: العرَبالعرَب.
قال فَضَحِكنافَضَحِكنا.
قالقال: أما إنِّي ما أردت مُوافَقَتكم ولكنْ إذا فاتَنى حظِّي من النِّسْبة فلا يَفُوتني حظِّي منِ المَعْرفةالمَعْرفة.
إنّ العرَب حَكمت على غير مِثال مُثَل لها ولا آثارٍ أثِرَت أصحاب إِبل وغنَم وسًكان شَعَر وأَدَم يَجودُ أحدُهم بقُوته ويتَفضَّل بمَجْهوده ويُشَارِك في مَيْسوره ومَعْسوره ويَصِف الشيء بعَقْله فيكون قُدْوَة ويَفْعَله فَيَصِيرحُجّة ويُحَسِّن ما شاءَ فَيَحْسُن ويُقَبِّح ما شاء فَيَقْبُح أَدَّبَتْهُمْ أنْفُسُهم ورَفعتهم هِممهم وأعْلتهم قُلوبُهم وأَلْسِنتهم فلم يزل حِبَاء اللهّ فيهم وحِبَاؤهم في أنْفُسُهم حتى رَفع " الله " لهم الفَخرِ وبلغ بهم أشرف الذكر خَتم لهم بمُلكهم الدُنيا على الدَّهر وافتتحِ دينَه وخلافته بهم إلى الحَشرْ على الخَيْر فيهم ولهمولهم.
فقال " تعالى ": " إنَّ الأرْض لله يُورِثًهَا مَن يَشَاء مِنْ عِبَاده والعَاقبَةُ للمُتَّقِين ".
فمن وَضَع حَقَّهم خَسِر ومَنْ أنْكَر فضلَهم خصِم ودَفع الحقِّ باللَسَان أَكْبَتُ للجَنانللجَنان.
ذَكر الأصمعي عن ذي الرُّمة قالقال: رأيتُ عبْداً أسودَ لبني أسد قَدِم علينا من شِق اليمامة وكان وَحْشِيًّا لطُول تَعزُّبِه في الإبل وربما كان لَقِي الأكَرة فلا يَفْهمٍ عنهم ولا يَسْتَطيع إفهامَهم فلما رآني سَكن إليَّ ثم قال ليلي: يا غَيْلان لعن الله بلاداً ليس فيها قَريب وقاتل الله الشاعرَ حيثُ يقوليقول: حُرُّ الثرى مُسْتَغْرَب التُراب وما رأيتُ هذِه العرَب في جميع الناس إلا مِقْدار القَرْحة في جِلْد الفَرَس ولولا أنَ الله رَقَّ عليهم فَجعَلهم في حَشاه لطمَست هذه العجْمان آثارَهمآثارَهم.
والله ما أمر الله نَبِيًه بقَتْلِهم إلا لضنّه بهم ولا ترَك قَبُول الجزْية " منهم " لا لِتَرْكِها لهملهم.
الأكَرَةالأكَرَة: جمع أكار وهم الحُرَّاثالحُرَّاث.
وقولهوقوله: جعلهم في حَشَاه أي آستَبْطَنهم يقول الرجل للعربيّ إذا آستَبْطنهآستَبْطنه: خَبَأْتُك في حَشَايحَشَاي.
وقال الراجزالراجز: وصاحبٍ كالدُمَّل المُمِدِّ جَعَلْتُه في رُقْعَةٍ من جِلْدي وقال آخرآخر: يَوَدونَ لو خاطُوا عليك جُلودهم ولا يدفع الموتَ النفوسُ الشَّحَائح علماء النسب كان أبو بكر رضي الله عنه نَسَّابة وكان سَعيد بن المُسيِّب نَسابة وقال رجلرجل: أريد أن تعلِّمني النسبَ قالقال: إنما تُريد أن تُسَابَّ الناسالناس.
عِكْرمة عن ابن عبّاس عن عليّ بن أبي طالب قالقال: لما أمر رسول الله {{صل}} أنْ يَعْرض نفسَه على القبائل خَرج مرًة وأنا معه وأبو بكر حتى رُفِعنا إلى مجلس من مجالسِ العرب فتقدَّم أبو بكر فسلّم - قال عليّعليّ: وكان أبو بكر مُقَدَّماً في كل خبر وكان رجلاَ نسَّابة - فقالفقال: ممَّن القوم قالواقالوا: من رَبيعة قالقال: وأيّ ربيعة أنتم أمن هامَتها قالواقالوا: من هامتها العُظمى قالقال: وأي هامَتها العُظمى أنتم قالواقالوا: ذهل الأكبر قال أبو بكربكر: فمِنْكم عَوْف بن محلِّم الذي يقال فيهفيه: لا حُرَّ بوادِي عَوْف قالواقالوا: لا قالقال: فمنكم جَسّاس بن مرة الحامي الذِّمار والمانعُ الجار قالواقالوا: لا قالقال: فمنكم أخوالُ المُلوك من كِنْدة قالواقالوا: لا قالقال: فمنِكم أصْهار المُلوك من لَخْم قالواقالوا: لا قال أبو بكر فلستم ذُهلاً الأكبر أنتم ذهل الأصْغرالأصْغر.
فقام إليه غلام من شَيْبان حين بَقَل وَجْهه يُقال له دَغفل فقالفقال: إِنّ على سائلنا أن نَسْالَه والعِبْوالعِبْ! لا تَعْرِفه أو تَحْمِلَه يا هذا إنّك قد سألتَنا فأخْبرناك ولم نكْتُمْكَ شيئاً فممَّن الرجل قال أبو بكربكر: من قُريش قالقال: بَخٍ بَخٍ أهل الشَرف والرياسة فمن أيّ قُريش أنت قالقال: من ولدَ تَيْم بنِ مُرَّة قالقال: أمكنتَ والله الرامي من سَوَاء الثُّغرة أفمنكم قُصىَّ ابن كلاب الذي جمع القبائل فسمي مجمعاً قالقال: لا قالقال: أفمنكم هاشم الذي هشم الثريد لقومه ورجال مكة مسنتون عجاف قالقال: لا أفمنكم شَيْبة الحَمْدِ وعبدُ المطلب مُطعم طَيْر السماء الذي وَجْهه كالقَمر في الليلة الظَّلماء قالقال: لا قالقال: فمن أهل الإفاضة بالنَّاس أنت قالقال: لا قالقال: فمن أهل السقاية أنت قالقال: لالا.
فاجتذب أبو بكر زِمام الناقة ورَجع إلى رسول الله {{صل}} فقال الغلامالغلام: صادف دَرُّ السيل دراً يدفعه يَهيضُه حيناً وحِيناً يَصْدَعه قالقال: فتبسَّم النبي عليه الصلاة والسلاموالسلام.
قال عليّعليّ: فقلتُ لهله: وقعتَ يا أبا بكر من الأعرابيّ على بائقة قالقال: أجل ما من طامَّة إلا وفوقها أخرى والبلاء مُوَكَّل بالمَنْطق والحديث ذو شجونشجون.
قال ابن الأعرابيالأعرابي: بَلغني أنَّ جماعةً من الأنصار وَقفوا على دَغْفَل النسابة بعدما كَفً فسلموا عليه فقالفقال: مَن القوم قالواقالوا: سادةُ اليَمن فقالفقال: أمن أهل مَجْدها القديم وشَرفها العَمِيم كِندة قالواقالوا: لا قالقال: فأنتم الطِّوال " أقَصَباً " المُمَحصَّون نَسباً بنو عبدالمَدَان قالواقالوا: لا قالقال: فأنتم أقودُها للزُّحوف وأخْرقُها للصفوف وأضرَبُها بالسُّيوف رهطُ عمرو بن مَعْد يكرب قالواقالوا: لا قالقال: فأنتم أحضرها قَراء وأطيبُها فِنَاء وأشدُّها لِقاءً " رَهْط " حاتم ابن عبد الله قالواقالوا: لا قالقال: فأنتم الغارسون للنّخْل والمُطْعِمُون في اْلمَحْل والقائلون بالعَدْل الأنصار قالواقالوا: نعمنعم.
مَسلَمة بن شَبِيب عن المِنقريّ قالقال: ذَكروا أنّ يزيدَ بن شَيبان بن عَلْقمة ابن زُرارة بن عُدَسِ قالقال: خرجتُ حاجاً حتى إذا كنتُ بالمحصَّب من مِنًى إذا رجل على راحلة معه عَشرة من الشباب مع كل رجل منهم مِحْجَن يُنَحُّون الناس عنه وُيوسعون له فلما رأيتُه دنوتُ منه فقلتفقلت: ممّن الرجلُ قالقال: رجلٌ من مَهْرَة ممن يَسْكن الشَحْرالشَحْر.
قالقال: فكرهتُه ووَلَّيتُ عنه فناداني من ورائيورائي: مالَك فقلتُفقلتُ: لستَ من قومي ولستَ تعرفني ولا أعرفك قالقال: إن كنتَ من كِرام العرب فسأعرفك قالقال: فكَرِرْتُ عليه راحلتي فقلتفقلت: إني من كِرام العرب قالقال: فممن أنت قلتقلت: مِنِ مضر قالقال: فمن الفُرْسان أنتَ لم من الأرْحاء فعلمتُ أن أراد بالفُرْسان قَيْساَ وبالأرحاء خِنْدفاً فقلتفقلت: بل من الأرحاء قالقال: أنت آمرءٌ من خِنْدف قلتقلت: نعم قالقال: من الأرنبة " أنت " أم من الجُمْجمة فعلمتُ أنه أراد بالأرنبة مُدْركة وبالجُمْجمة بَني أدّ بن طابِخة قلتُقلتُ: بل من الجُمجمة قالقال: فأنت آمرؤ من بني أد بن طابخة قلتقلت: أجل قالقال: فمن الدَّوَاني أنت أم من الصَّمِيم قالقال: فعلِمتُ أنه أراد بالدَواني الرَّباب وبالصَّميم بَني تميم قلتُقلتُ: من الصَّميم فأنت إِذاً من بني تَمِيم قلتقلت: أجل قالقال: فمن الأكثريَنَ أنت أم الأقلّيِن أو من إخوانهم الآخرين فعلمتُ أنه أراد بالأكثرين وَلَد زَيْد " مَناة " وبالأقلِّين ولد الحارث وبإخوانهم الآخرِين بَني عمرو بن تَمِيم قلتُقلتُ: من الأَكْثرين قالقال: فأنت إذاً من وَلد زَيْد قلتُقلتُ: أجل قالقال: فمن البُحور أنت أم من الجُدود أم من الثِّماد فعلمت أَنه أراد بالبُحور بني سعد وبالجُدود بني مالك بن حَنْظلة وبالثَماد بني امرئ القَيْس ابن زيد قلتقلت: بل من الجُدود قالقال: فأنت من مالك بن حنظلة قلتُقلتُ: أجل قالقال: فمن اللهاب أنت أم من الشِّعاب أم من اللِّصاب فعلمتُفعلمتُ: أنه أراد باللهاب مُجاشعاً وبالشِّعاب نَهْشَلاً وباللِّصاب بني عبد الله بن دارم فقلتُ لهله: من اللِّصاب قالقال: فأنت من بني عبد الله بن دارم قلتُقلتُ: أجل قالقال: فمن البُيوت أنت أم من الزِّوافر فَعَلِمْتُ أنه أراد بالبُيوت ولدَ زُرَارة وبالزَّوافر الأحْلاف قلتقلت: من البُيوت قالقال: فأنت يزيدُ بن شَيْبان ابن عَلْقمة بن زُرَارة بن عُدَس وقد كان لأبيك امرأتان فأَيتهما أمّكأمّك.
قول دغفل في قبائل العرب - الهَيثم بن عَدِيّ عن عوَانة قالقال: سأل زِيادٌ دَغْفلاً عن العَرَب فقالفقال: الجاهليّة لليَمن والإسلامُ لِمُضر والْفَينة " بينهما " لرَبيعة قالقال: فأخْبرْني عن مُضر قالقال: فاخِرْ بِكنانة وكاثر بتَميم وحارِبْ بِقَيْس ففيها الفُرسان والأنجاد وأما أَسَد ففيها دَلٌّ وكِبْروكِبْر.
وسأل مُعاوية بن أبي سُفيان دَغْفلاً فقال لهله: ما تقولُ في بني عامر بن صَعْصعة قالقال: أعْناق ظِبَاء وأعجاز نِساء قالقال: فما تقول في بني أسد قالقال: عافَة قَافَة فُصحاء كافَة قالقال: فما تقول في بني تميم قالقال: حَجَر أَخْشَن إن صادفْتَه آذاك وإن تركتَه أَعْفاك قالقال: فما تقول في خُزاعة قالقال: جُوع وأحاديث قالقال: فما تقول في اليَمن قالقال: شِدَّة وإباءوإباء.
قال نَصرْ بن سيّارسيّار: إنّا وهذا الحيَّ من يَمَن لَنا عِنْد الفَخَار أَعِزَّةٌ أَكْفَاءُ قومٌ لهم فينا دماءٌ جَمَّةٌ ولنا لديهم إِحْنَةٌ ودِمَاء وَربيعة الأذْنابِ فيما بَيْننا لا هُم لنا سَلْمٌ ولا أعْداء إن يَنْصرٌونا لا نَعِزُّ بنَصرْهم أو يَخْذُلونا فالسَّماء سَماء مفاخرة يمن ومضر - قال الأبرش الكَلْبي لخالد بن صَفْوانصَفْوان: هَلُمّ أفاخرك وهما عند هشام بن عبد الملك فقال له خالدخالد: قُل فقال الأبْرشالأبْرش: لنا رُبْع البَيْت - يُريد الرّكْن اليماني - ومنّا حاتمُ طَيِّىء ومنا المُهلَب بن أبي صُفْرةصُفْرة.
قال خالدُ بن صَفْوانصَفْوان: منّا النبي المُرْسَل وفينا الكِتَاب المنَزَل ولنا الخليفةُ المُؤَمَّل قال الأبْرشالأبْرش: لا فاخرتُ مُضرياً بعدكبعدك.
ونزل بأبي العبّاس قَوْمٌ من اليمن مِن أخواله مِن كَعْب فَفَخروا عنده بقدِيمهم وحَدِيثهم فقال أبو العبّاس لخالد بن صَفْوانصَفْوان: أجب القومَ فقالفقال: أخوالُ أمير المُؤمنين قالقال: لا بُدَ أنْ تقول قالقال: وما أَقول لقوم يا أميرَ المؤمنين هم بين حائك بُرْد وسائس قِرْد ودابغ جِلْد دَلَ عليهم هُدْهد ومَلَكَتْهم امرأة وغَرَّقتهم فَأرة فلم مفاخرة الأوس والخزرج - الخُشنى يَرْفعه إلى أنس قالقال: تفَاخرت الأوسُ والخَزْرج فقالت الأوْسالأوْس: منا غَسِيلُ المَلائكة حَنْظلةُ بن الرَّاهب ومنَّا عاصم بن " ثابت بن أبي " الأقْلح الذي حَمَت لَحْمَه الدَبْر ومنا ذو الشَّهادتين خُزَيمة بن ثابت ومنّا الذي اْهتز لمَوْته العرشُ سعدُ بن مُعاذمُعاذ.
قالت الخزرجُالخزرجُ: منّا أَرْبعة قرأوا القُرآن على عَهْد رسول الله {{صل}} لم يقرأه غيرُهمغيرُهم: زيدُ بن ثابت وأبو زَيد ومُعاذ بن جَبل وأبيّ بن كَعْب سيّد القُرّاء ومنّا الذي أيَّده الله برُوح القُدس في شِعْره حَسَّان بنُ ثابتثابت.
{{العقد الفريد/الجزء الثاني}}
|