قال سهلسهل: فكم أسير فكَّت ومُبْهم عنده فَتحت ومُستغلق منه فَرَّجتفَرَّجت.
واحتجب الرشيدُ بعد قدومهقدومه.
فطلبت الإذن عليه من دار الباتوقة ومَتَّت بوسائلها إليه فلم يأْذن لها ولا أَمر بشيء فيهافيها.
فلما طال ذلك بها خَرجت كاشفةً وجهها واضعةً لثامها مُحْتفيةً في مَشيها حتى صارت بباب قصر الرشيدالرشيد.
فدخل عبدُ الملك بن الفضل الحاجب فقالفقال: ظِئْر أمير المؤمنين بالباب في حالة تَقْلب شماتةَ الحاسد إلى شَفقة أمَّ الواحدِالواحدِ.
فقال الرشيدُالرشيدُ: ويحك يا عبدَ الملك أوَ ساعية قالقال: يا أمير المؤمنين حافيةحافية.
قالقال: أدخلها يا عَبد الملك فرُب كَبد غَذتها وكُربة فَرَّجتها وعَوْرة سترتهاسترتها.
قال سهلسهل: فما شككت يومئذ في النجاة بطلبتها وإسعافها بحاجتهابحاجتها.
فدخلت فلما نظر الرشيدُ إليها داخلةً مُحتفية قام مُحتفياً حتى تلقاها بين عَمد المجلس وأكبَّ على تَقبيل رأسها ومواضعِ ثَدْييهاثَدْييها.
ثم أجلسها معهمعه.
فقالتفقالت: يا أمير المؤمنين أَيعدو علينا الزمان ويجفونا خوْفاً لك الأعوان ويَحردك عنا البهتان وقد ربيّتك في حِجري وأخذت برَضاعك الأمان من عدوي ودَهري فقال لهالها: وما ذلك يا أم الرشيد قال سهلسهل: فآيسنى من رأفته بتَركة كُنيتهْا أخر ما كان أطمعني من برّه بها أولاًأولاً.
قالتقالت: ظِئْرك يحيى وأبوك بعد أبيك ولا أصفه بأكثر مما عَرفه به أميرُ المؤمنين من نَصيحته وإشفاقه عليه وتعرضه للحَتف في شأن مُوسى أخيهأخيه.
قال لهالها: يا أم الرشيد أمر سبق وقَضاء حُم وغَضب من الله نَفذنَفذ.
قالتقالت: يا أمير المؤمنين يَمحو الله ما يشاء ويُثبت وعنده أم الكتابالكتاب.
قالقال: صدقتِ فهذا مما لم يَمْحه اللهالله.
فقالتفقالت: الغيب محجوب عن النبيين فكيف عنك يا أمير المؤمنين قال سهل ابن وإذا المَنيّة أنشبت أظفارَها ألفيتَ كل تميمة لا تَنفعُ فقالت بغير روّيةروّية: ما أنا ليحيى بتَميمة يا أميرَ المؤمنين وقد قال الأولالأول: وإذا افتقرت إلى الذخائر لم تَجد ذخراً يكون كصالح الأعمال هذا بعد قول عزّ وجلّوجلّ: " والكاظمين الغَيْظ والعافينَ عن النّاس والله يُحبُّ المُحسنين " فأَطرق هارون مليّاً ثم قالقال: يا أم الرشيد أقولأقول: إذا انصرفتْ نفسي عن الشيء لم تَكَد إليه بوَجْهٍ آخرَ الدَّهر تُقْبلُ فقالتفقالت: يا أمير المؤمنين وأقولوأقول: ستَقطع في الدّنيا إذا ما قَطعتَني يَمينك فانْظر أي كف تبدَّلُ قال هارونهارون: رضيتُرضيتُ.
قالتقالت: فهَبْه لي يا أمير المؤمنين فقد قال رسول الله {{صل}}.
من ترك شيئاً لله لم يُوجده الله فَقْدَهفَقْدَه.
فأكبّ هارون ملياً ثم رَفع رأسه يقوليقول: لله الأمرُ من قبلُ ومن بعدُبعدُ.
قالتقالت: يا أمير المؤمنين " وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ الله يَنصُرُ مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ".
وأذكُر يا أمير المؤمنين أليّتكأليّتك: ما استشفعتُ إلا شفَعتنيشفَعتني.
قالقال: واذكري يا أم الرشيد أليَّتَك أن لا شَفعت لمُقترف ذنباًذنباً.
قال سهل بن هارونهارون: فلما رأتْه صَرَّح بمَنعها ولاذ عن مَطلبها أخرجت حُقًّا من زَبَرْجدة خَضراء فوضعتْه بين يديه فقال الرشيدالرشيد: ما هذا ففَتحت عنه قفلاً من ذهب فأخرجت منه قَميصه وذؤابته وثَناياه قد غَمست جميع ذلك في المسك فقالتفقالت: يا أمير المؤمنين أستشفع إليك وأَستعين بالله عليك وبما صار معي من كريم جَسدك وطَيَّب جوارحك ليحيى عبدِكعبدِك.
فأخذ هارون ذلك فلَثمه ثم أستعبرَ وبكى بُكاء شديداً وبكى أهْل المجلسالمجلس.
ومرّ البشيرُ إلى يحيى وهو لا يَظن إلا أ نّ البكاء رحمةَ له ورجوعٌ عنه فلما أفاقَ رَمى جميع ذلك في الحقالحق.
وقال لهالها: لحسناً ما حفظتِ الوديعةالوديعة.
فقالتفقالت: وأهل للمكافأة أنتَ يا أمير المؤمنينالمؤمنين.
فسكتَ وقَفل الحق ودَفعه إليها وقالوقال: " إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلهاأهلها".
قالتقالت: والله يقوليقول: " وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ".
ويقولويقول: " وأَوفُوا بعَهد الله إذا عاهدتُم ".
قالقال: وما ذلك يا أم الرشيد قالتقالت: ما أقسمتَ لي به أن لا تَحجبني ولا تَجبهنيتَجبهني.
قالقال: أ حب يا أم الرشيد أن تشتريه محكّمة فيهفيه.
قالتقالت: أنصفتَ يا أمير المؤمنينالمؤمنين.
وقد فعلتُ غيرَ مُستقيلة لك ولا راجعة عنكعنك.
قالقال: بكم قالتقالت: برضاك عمَّن لم يُسخطكيُسخطك.
قالقال: يا أم الرشيد أما لي عليك من الحق مثلُ الذي لهم قالتقالت: بلى يا أمير المؤمنين أعزُّ عليّ وهم أحبُّ إليّإليّ.
قالقال: فتحكّمي في ثمنه بغيرهم قالتقالت: بلى قد وَهبتكه وجعلتُك في حِلّ منه وقامت عنهعنه.
وبَقي مبهوتاً ما يُحير لفظةلفظة.
قال سهلسهل: وخرجتْ فلم تَعُد ولا والله ما رأيتُ ها عَبرة ولا سمعتُ لها أنهأنه.
قال سهلسهل: وكان الأمين محمدُ بن زبيدة رضيعَ يحيى بن جعفر فمتَّ إليه يحيى بنُ خالد بذلك فوعد استيهاب أمه إياهم وتكلّمها لهم ثم شَغله اللهوُ عنهمعنهم.
فكتب إليه يحيى ويقال إنها لسليمان الأعمى أخي مُسلم بن الوليد وكان مُنقطعاً إلى البرامكة يقوليقول: يا مَلاذي وعِصْمتي وَعِمَادي ومُجيري من الخُطوب الشدادِ بكَ قام الرجاءُ في كلَّ قلب زاه فيه البلاءُ كل مَزاد إنما أنت نِعمة أعْقبتها نِعَم نفعُها لكلِّ العِباد وَعْدَ مولاك أتممنه فأبهى ال در ما زين حسنه بانعقاد ما أظلت سحائب اليأس إلا كان في كَشْفها عليك اعتمادي إن تراختْ يداك عنّي فُوَاقاً أكَلَتني الأيامُ أكلَ الجَراد وبعث بها إلى الأمين محمد فبعث بها الأمينُ إلى أمه زُبيدة فأعطتها هارون وهو في موضع لَذَته وعندَ إقبال أريحيته وتهيأت للاستشفاع لهم وعبّأت جواريها ومُغنياتها وأمرتهنَ بالقيام معها إذا قامتقامت.
فلما فَرغ الرشيدُ من قراءتها لم يَنقض حَبوته حتى وقَّع في أسفلهاأسفلها: عِظَم ذَنبك أمات خواطرَ العفو عنك ورَمى بها إلى زُبيدةزُبيدة.
فلما رأت توقيعَه علمت أنه لا يرجع عنهعنه.
وقال بعض الهاشميِّينالهاشميِّين: أخبرني إسحاق بن عليّ بن عبد الله بن العباس قالقال: كنتُ أساير الرشيدَ يوماً والأمينُ عن يمينه والمأمون عن شماله فأستْداني وقدَّمهما أمامه فسايرتُه فجعل يُحدَثني ثم بدأ يُشاورني في أمر البرامكة وأخبرني بما أَضمر عليه لهم وأنهم اْستوحشوه من أنفسهم وأنني عنده بالوضع الذي لا يَكْتمني شيئاً من أمرهمأمرهم.
فقلتفقلت: يا أمير المؤمنين لا تَنْقلني من السعة إلى الضيقالضيق.
فقال الرشيدالرشيد: إلا أن تقول فإني لا أتهمك في نَصيحة ولا أِّخافُك على رأي ولا مَشورةمَشورة.
فقلتفقلت: يا أميرَ المؤمنين إني أرى نفاسَتك عليهم بما صاروا إليه من النَعمة والسِّعة ولك أن تأمر وتَنهى وهم عبيدٌ لك بإنباتك إياهم فهل يَصنعون ذلك كُلَه إلا بك قال - وكنتُ أحطِب في حبال البرامكة - فقال ليلي: فضياعُهم ليس لولدِي مثلُها وتَطيب نفسي بذلك لهم فقلتفقلت: يا أمير المؤمنين إنّ الملك لا يَحسد ولا يَحْقد ولا يُنعم نِعمة ثم يُفسد نِعمتهنِعمته.
قالقال: فرأيته قد كره قولي وزوى وجهه عني قال إسحاق فعلمت أنه سيوقع بهم ثم انصرفتُ فكتمت الخبرَ فلم يسمع به أحدٌأحدٌ.
وتجنّبت لقاءَ يحيى والبرامكة خوفاً أن يُظن أنّي أُفضي إليهم بسرّه حتى قتلهم وكان أشدَّ ما كان إكراماً لهملهم.
وكان قتلُهم بعد ست سنين من تاريخ ذلك اليوماليوم.
وكان يحيى بن خالد بن برمك قد اعْتلّ قبل النازلة التي نزلت بهم فبعث إلى منكة الهِنديالهِندي.
فقال له ماذا ترى في هذه العِلة فقال منكةمنكة: داءٌ كبير دواؤه يسير والصبر أيسرأيسر.
وكان مُتفنّناًمُتفنّناً.
فقال له يحيىيحيى: ربما ثَقُل على السّمْع خَطْرة الحق بهبه.
وإذا كان ذلك كذلك كان الهجرُ له ألزمَ من المُفاوضة فيهفيه.
قال منكةمنكة: لكنني أَرى في الطالع أثراً والأمرُ فيه قريب وأنت قسيم في المَعرفة وربما كانت صورة النجم عقيمةً لا نتاج لها ولكنّ الأخذَ بالحزم أوفى لحظّ الطالبينالطالبين.
قال يحيىيحيى: الأمور مُنصرفة إلى العواقب وما حُتم فلا بدّ أن يَقع والمَنعة بمُسالمة الأيام نُهزة فاقْصِد لما دعوتُك له من هذا الأمر المَوجود بالمِزاجبالمِزاج.
قال منكةمنكة: هي الصفواءُ مازجتْها مائيةُ البلغم فحدَث لذلك ما يَحدث من اللهب عند مُماسّة رطوبة الماء من الأشْتغالالأشْتغال.
فخُذ ماء الرمان فدُف فيه إهْلِيلَجة سوداء تُنهضك مجلساً أو مجلسين ويَسْكن ذلكَ التوقدّ إن شاء اللهالله.
فلما كان من أمرهم ما كان تلطّف منكَة حتى دخل الحبس فوجد يحيى قاعداً على لبْد والفضلُ بين يديه يَخْدمه فاسْتعبر منكة باكياً وقالوقال: كنتُ ناديتُ لو أسرعتَ الإجابةالإجابة.
قال له يحيىيحيى: تراك كنتَ قد علمتَ من ذلك شيئاً جهلته قالقال: كلا ولكن كان الرجاء للسلامة بالبراءةَ من الذنب أغلبَ من الشّفق وكان مُزايلة القَدْر الخَطير عنَّا أقلَّ ما تُنقَض به التُّهمَة فقد كانت نِقْمة أرجو أن يكون أولها صَبراً وأخرها أجراًأجراً.
قالقال: فما تقول في هذا الداء قال منكةمنكة: ما أرى له دواء أنفعَ من الصبر ولو كان يُفدى بملْك أو بمُفارقة عضو كان ذلك مما يَجب لكلك.
قال يحيىيحيى: قد شكرتُ لك ما ذكرت فَإِن أمكنك تَعاهُدَنا فافْعلفافْعل.
قال منكةمنكة: لو أمكنني تخليفُ الرُّوح عندك ما بَخِلْتُ به إذ كانت الأيام تَحْسن بسلامتكبسلامتك.
وكتب يحيى بن خالد في الحبس إلى هارون الرشيدالرشيد: لأمير المؤمنين وخليفة المهديين وإمام المُسلمين وخليفة ربّ العالمينالعالمين.
من عبْد أسلمتْه ذنوبُه وأوْبقته عيوبه وخَذله شقيقُه ورَفضه صديقهُ وما به الزمان ونَزل به الحِدْثان فعالج البُؤس بعد الدَّعة وأفترش السُّخط بعد الرضا وأكتحل بالسًّهاد بعد الهُجود ساعته شهر وليلته دهر قد عاين الموتَ وشارف الفَوْت جزعاً لموجدتك يا أمير المؤمنين وأسفاً على ما فات من قُربك لا على شيء من المَواهب لأن الأهل والمالَ إنما كانا لك وبك وكان في يديَّ عارية والعارية مردودةمردودة.
وأما ما أصبت به من ولدي فبذَنبه ولا أَخشى عليك الخطأ في أمره ولا أن تكون تجازت به فوق خدِّهخدِّه.
تفكر في أمري جعلني الله فداك ولْيَمل هواك بالعفو عن ذَنب إن كان فمِن مثِلي الزَّلل ومِن مثلك الإقالة وإنما اعتذر إليك بإقراري بما يجب به الإقرار حتى تَرضى فإذا رضيت رجوتُ إن شاء الله أن يتبينّ لك من أمري وبراءة ساحتي ما لا يتعاظمك بعدَه ذنبٌ أن تَفْغرهتَفْغره.
مدَّ الله في عمرك وجعل يومي قبل يومكيومك.
وكتب إليه بهذه الأبياتالأبيات: قل للخَليفة ذي الصَّني عة والعَطايا الفاشِيَة وابنِ الخلائِف من قُري ش والمُلوك العالية إنّ البَرامكة الّذي ن رمُوا لدَيْك بداهية فكأنهم ممّا بهم أعجاز ُنَخْل خاوية عَمَّتهم لك سَخطة لم تبق منهم باقية بعد الإمارة والوزا رة والأُمور الساميه ومنازل كانت لهم فوق المَنازل عالِيه
أضحَوْا وجُلَّ مُناهم منك الرِّضا والعافيه يا من يودُّ لي الرَّدى يَكْفيك منيَ ما بيه يكفيك ما أبصرتَ من ذلِّي وذُل مَكانِيه وبُكاء فاطمةَ الكئي بة والمَدامع جاريه ومَقالها بتوجّعٍ يا سَوْأتي وشَقائيه مَن لي وقد غَضب الزما نُ على جَميع رِجاليه يا لهفَ نفسي لهفها ما للزّمانِ وماليه يا عطفة المَلك الرِّضا عُودي علينا ثانيه فلم يكن له جواب من الرشيدالرشيد.
وأنت على الأثر والله حَكم عَدْل وستقدم فتعلِمفتعلِم.
فلما ثَقُلَ قال للسجانللسجان: هذا عهدي توصله إلى أمير المؤمنين فإنه وليّ نعمتي وأحقُّ من نفّذ وصيّتيوصيّتي.
فلما مات يحيى أوصل السجانُ عهدَه إلى الرشيدالرشيد.
قال سهل بن هارونهارون: وأنا عند الرشيد إذ وصلتْ الرقعةُ إليهإليه.
فلما قرأها جعل يكتب في أسفلها ولا أَدري لمن الرُّقعة فقلت لهله: يا أمير المؤمنين ألا أَكْفيك قالقال: كلا إني أخافُ عادةَ الرّاحة أن تُقوِّي سلطان العجز فيحكم بالغَفلة ويقضي بالبلادة ووقّع فيهافيها: الحَكم الذي رضيتَ به في الآخرة لك هو أعدى الخُصوم عليك وهو مَن لا يُنقض حُكمه ولا يُردّ قضاؤهقضاؤه.
قالقال: ثم رَمى بالصكّ إليّ فلما رأيتُه علمت أنه ليحي وأنّ الرشيدَ أراد أن يُؤثر الجوابَ عنهعنه.
وقال دِعبل يَرثي بنيِ برمكبرمك: ولما رأيتُ السيفَ جَلَل جعفرا ونادَى مُنادٍ للخليفة في يَحيى بكيتُ على الدُّنيا وأيقنت أنما قُصارى الفتى يوماً مُفارقةُ الدنيا وقال سليمان الأعمى يرثي بني برمكبرمك: هَدَا الخالُون عن شَجوِي ونامُوا وعَيْنيَ لا يُلائمها المنامُ وما سَهري بأنّي مستهام إذا سهر المُحِب المُستهام أصبت بسادةٍ كانوا عُيوناً بهم نُسقى إذا انقطع الغَمام فقلتُ وفي الفؤاد ضرامُ نار وللعَبرات من عَينيِ انسجام على المَعروف والدُّنيا جميعاً ودَوْلةِ آل بَرمك السلام جَزعتُ عليك يا فضل بنَ يحيى ومَن يجزع عليك فلا يُلام هَوَت بك أنجُم المَعروف فينا وعَزّ بفَقدك القومُ اللئام وما ظَلم الإله أخاك لكنْ قضاء كان سبّبه اجترام عِقابُ خليفة الرَّحمن فَخْر لمن بالسيف صَبّحه الحِمام عَجبتُ لما دها فضلَ بنَ يحيى وما عَجَبِي وقد غَضِب الإمام جَرى في اللّيل طائرُهم بنَحْس وصَبَّح جعفراً منه اصطلام ولم أرَ قبل قَتلك يابن يَحيى حُساماً قَدّه السيفُ الحُسام بُرين الحادثات له سِهامًا فغالتْه الحوادثُ والسِّهام لِيَهْن الحاسدين بأنّ يحيى أسيرٌ لا يَضيم ويستضام أبا العبَّاس إنّ لكُل هَمًّ وإنْ طال انقراض وانصرام أرى سَبب الرضا وله قَبول على الله الزيادةُ والتَّمام وقد آليتُ فيه بصَوم شهر فإن تَمّ الرِّضا وَجب الصيام وقد آليتُ مُعتزما بنَذْرٍ ولى فيما نذرتُ به اعتزامُ بأنْ لا ذُقتُ بعدكُم مُداما ومَوتي أن يُفارقني المُدام أألهو بعدكم واقرّ عَيناً عليَ اللَهوُ بعدكم حَرام وكيف يَطيب لي عيش وفَضل أسيرٌ دونه البَلد الشآم وجَعفرُ ثاوياً بالجسر أبلت محاسنَه السمائمُ والقَتام أمُرُّ به فيَغْلبني بكائي ولكنّ البُكاء له اكتتام أقول وقُمت مُنتصباً لديه إلى أن كاد يَفْضَحني القِيام أمَا والله لولا خوفُ واشٍ وعينِ للخليفة لا تنام لَثَمْنا رُكن جِذْعك واستَلمنا كما لَلناس بالحَجَر استلام ما برْمكيٌّ بعده تَقِف الظُّنون على وَفائه أنى وقَصْر البرمك يّ إلى انتكاثِ من شَقائه فلقد رفعتَ لجعفرٍ ذِكْرين قَلاَ في جَزائه فارفع ليَحيى مثلَه ما العُود إلا مِن لِحائه وأخضِب بصَدْر مُهنَّد عُثنون يَحيىِ مِن دِمائه إبراهيم بن المهديّ قالقال: قال لي جعفرُ بن يحي يوماً إنني استأذنتُ أميرَ المؤمنين في الحِجامة وأردتُ أن أخلو بنفسي وأفِرَّ من أشغال الناس وأتوحَّد فهل أنت مُساعدي قلتُقلتُ: جعلني الله فِداك أنا أسعد بمُساعدتك وأنسُ بمُخالاتكبمُخالاتك: فقالفقال: بَكِّر إلى بكور الغُرابالغُراب.
قالقال: فأتيتُ عند الفَجر الثانيالثاني: فوجد تُ الشَّمعة بين يديه وهو قاعدٌ ينتظرني للمِيعادللمِيعاد.
قالقال: فصلّينا ثم أفضنا في الحديث حتى أتى وقت الحِجامة فأتى الحجَّام فَحجمنا في ساعة واحدةواحدة.
ثم قُدِّم إلينا الطعام فَطعِمنافَطعِمنا.
فلما غَسلنا أيدينا خُلع علينا ثياب المنادمة وضمِّخنا بالخَلوق وظَلِلنا بأسرَ يوم مَرّ بنابنا.
ثم إنه تذكَّر حاجة فدعا الحاجبالحاجب.
فقال لهله: إذا جاء عبدُ الملك القَهْرمان فَأذن له فنسي الحاجب وجاء عبدُ الملك ابن صالح الهاشمي على جَلالته وسنّه وقدره وأدبه فأذِن له الحاجبالحاجب.
فما راعنا إلا طَلعة عبدُ الملك بن صالح فتغيّر لذلك وجهُ جعفر بن يحيى وتَنغّصِ عليه ما كان فيهفيه.
فلما نَظر إليه عبدُ الملك على تلك الحالة دعا غلامَه فدَفع إليه سيفه وسَواده وعِمامته ثم جاء فوَقف على باب المجلس فقالفقال: اصنعوا بنا ما صَنعتم بأنفسكمبأنفسكم.
قالقال: فجاء الغلامُ فطَرح عليه ثيابَ المُنادمة ودعا بطَعام فطَعم ثم دعا بالشَّراب فشرب ثلاثاً ثم قالقال: ليخفِّف عنّي فإنه شيء ما شربتُه قطُّقطُّ.
فتهلَّل وجهُ جعفر فرحاًفرحاً.
وقد كان الرشيد حاور عبدَ الملك على المُنادمة فأَبى ذلك وتنزه عنهعنه.
ثم قال له جعفر بن يحيىيحيى: جَعلني الله فداك قد تفضَّلت وتطوّلت وأسعدتَ فهل من حاجة تَبْلغها مقدرتي وتُحِيط بها نعمتي فأقضِيَها لك مكافأة لما صنعت قالقال: بلى إنَّ قلبَ أمير المؤمنين عاتب عليّ فتسأله الرِّضا عنّيعنّي.
قالقال: قد رَضي عنك أميرُ المؤمنينالمؤمنين.
ثم قالقال: وعليّ أربعةُ آلاف ديناردينار.
قالقال: هي حاضرة ولكن من مال أمير المؤمنين أحبُّ إليَ من ماليمالي.
قالقال: وابني إبراهيم أحبُّ أن أ شُد ظهره بمصاهرة أمير المؤمنينالمؤمنين.
قالقال: قد زَوَّجه أميرُ المؤمنين ابنَتَه عائشة الغالِيةالغالِية.
قالقال: وأحبُ أن تَخْفِق الألويةُ على رأسه بولايةبولاية.
قالقال: قد ولاَه أميرُ المؤمنين مِصرمِصر.
قالقال: فانصرَف عبدُ الملك ونحن نَعجب من إقدام جعفر على الرَّشيد من غير اسْتئذاناسْتئذان.
فلما كان الغد وقفنا على باب أمير المؤمنين ودَخل جعفر فلم يَلبث أن دعا بأبي يوسف القاضي ومحمد ابن الحسن وإبراهيم بن عبد الملك فعقد له النِّكاح وحُملت البِدَر إلى عبد الملك وكُتب سِجلّ إبراهيم على مِصرمِصر.
وخرج جعفر فأشار إلينا فلما صار إلى منزله ونحن خلفَه نَزل ونزلنا بنزولهبنزوله.
فالتّفت إلينا فقالفقال: تعلَّقت قلوبُكم بأوَّل أمر عبد الملك فأحببتُم أن تعرفوا آخره وإني لما دخلتُ على أمير المُؤْمنين ومَثلت بين يديه سألني عن أمْسي فابتدأتُ أحدثه بالقِصَّة من أولها إلى آخرها فجعل يقوليقول: أحسنَ واللهوالله! أحسن والله ثم قالقال: فما أجبتُه فجَعلت أخبره وهو يقول في كل شيءشيء: أحسنتأحسنت.
وخرج إبراهيم والياً على مصرمصر.
من أخبار الطالبيين حدّث عبدُ العزيز بن عبد الله البَصريّ عن عثمان بن سَعيد بن سَعد المدَنيّ قالقال: لما وَلى الخلافةَ أبو العبَّاس السفّاح قَدِم عليه بنو الحَسن بن عليّ ابن أبي طالب فأعطاهم الأموال وقَطع لهم القطائع ثم قال لعبد الله بن الحَسنالحَسن: احتكمْ عليّ قالقال: يا أميرَ المؤمنين بألف ألف دِرْهم فإني لم أرها قَطُّقَطُّ.
فاْستَقْرضها أبو العبَّاس من ابن مُقَرِّن الصَّيرفيّ وأَمر له بها - قال عبدُ العزيزالعزيز: لم يكن يومئذ بيتُ مال - ثم إ نّ أبا العباس أتى بجَوهر مَروان فجعل يُقلِّبه وعبد الله بن الحَسن عنده فَبَكى عبدُ اللهالله.
فقال لهله: ما يُبكيك يا أبا محمد قالقال: هذا عند بنات مَروان وما رأت بناتُ عمك مثلَه قطّقطّ.
قالقال: فحبَاه بهبه.
ثم أمر بنَ مُقرِّن الصّيرفيّ أن يَصل إليه ويَبتاعه منهمنه.
فاشْتراه منه بثمانين ألف ديناردينار.
ثم حَضر خروجُ بني حسن فأرسل معهم رجلاً من ثِقاته وقال لهله: قُم بإنزالهم ولا تَأن في إلطافهمإلطافهم.
وكلما خلوتَ معهم فأَظْهر الميل إليهم والتحاملَ علينا وعلى ناحيتنا وأنهم أحقُّ بالأمر منّا وأحْص لي ما يقولون وما يكون منهم في مَسيرهم ومَقْدَمهمومَقْدَمهم.
ومما كان خَشَّن قلب أبي العبّاس حتى أساء بهم الظن أنه لما بَنى مدينةَ الأنبار دخلَها مع أبي جعفر أخيه وعبد الله بن الحسن وهو يسير بينهما ويُريهما بُنيانه وِما أقام فيها من المَصانع والقُصور فظهرت من عبد الله بن الحسن فَلْتة فجَعل يتمثَل بهذه الأبياتالأبيات: ألم ترجَوْ شناً قد صار يَبْني قصوراً نَفْعُها لبني نُفَيْلَهْ يُؤَمِّل أن يُعِمِّر عُمْر َنُوح وأَمرُ الله يَحْدث كلّ لَيله قالقال: فتغيَر وجهُ أبي العبَّاسالعبَّاس.
فقال له أبو جعفرجعفر: أتراهما ابنيك أبا محمد والأمر إليهما صائر لا محالة قالقال: لا والله ما ذهبتُ هذا المذهب ولا أردتُه ولا كانت إلا كلمة جرتْ على لساني لم ألقِ لها بالاًبالاً.
فأوحشتْ تلك الكلمة أبا العباسالعباس.
فلما قَدِم المدينةَ عبد الله بن حسَن اجتمع إليه الفاطميون فجعل يُفرَق فيهم الأموالَ التي بَعث بها أبو العباس فعظُم بها سرورُهمسرورُهم.
فقال لهم عبد الله بن الحسنالحسن: أفرحتم قالواقالوا: وما لنا لا نَفرح بما كان مَحجوباً عنَا بأيدي بني مَروان حتى أتى الله بقَرابتنا وبني عَمِّنا فأصاروه إليناإلينا.
قال لهملهم: أفَرَضيتُم أن تنالوا هذا من تحت أيدي قومٍ آخرين فخرج الرجلُ الذي كان وكَّله أبو العباس بأخبارهم فأخبره بما سمع من قولهم وقولِه فأخبر أبو العبّاس أبا جعفر بذلك فزادت الأمور شرّاًشرّاً.
ثم مات أبو العباس وقام أبو جعفر بالأمر بعده فبعث بعطاء أهل المدينة وكتب إلى عاملهعامله: أن أعط الناسَ في أيديهم ولا تَبعث إلى أحدٍ بعطائه وتَفقّد بني هاشم ومَن تخلَف منهم ممّن حضر وتحفّظ بمحمد وإبراهيم ابني عبد الله بن الحسنالحسن.
ففعل وكتبوكتب: إنه لم يتخلف أحدٌ عن العطاء إلا محمد وإبراهيم ابنا عبد الله بن الحسن فإنهما لم يَحضرُايَحضرُا.
فكتب أبو جعفر إلى عبد الله بن الحسن وذلك مبتدأ سنة تِسْع وثلاثين ومائة يسأله عنهما ويأمره بإظهارهما ويُخبره أنه غير عاذرهعاذره.
فكتب إليه عبدُ اللهّاللهّ: إنه لا يَدري أين هما ولا أين توَجها وإن غيبَتهما غيرُ معروفةمعروفة.
فلم يلبث أبو جعفر وكان قد أذكى العُيون ووَضع الأرصاد حتى جاءه كتابٌ من بعض ثقاته يُخبره أنّ رسولاً لعبد الله ومحمد وإبراهيم خرج بكتب إلى رجال بخُراسان يَسْتدعيهم إليهمإليهم.
فأمر أبو جعفر برِسولهم فأتي به وبكُتبه فردها إلى عبد الله بن الحسن بطَوابعها لم يَفتح منها كتاباً وردّ إليه رسولَه وكتب إليهإليه: إني أتيت برسولك والكُتب التي معه فرددتُها إليك بطوابعها كراهيةَ أن أطلع منها على ما يُغَيِّر لك قلبي فلا تَدْعُ إلى التقاطع بعد التواصل ولا إلى الفُرقة بعد الاجتماع وأظْهِر لي ابنيك فإنهما سيصيران بحيثُ تحب من الولاية والقرابة وتَعظيم الشرفالشرف.
فكتب إليه عبد الله بن الحسن يعتذر إليه ويتنصَّل في كتابه ويُعلمه أن ذلك من عدوّ أراد تشتيت ما بينهم بعد الْتئامهالْتئامه.
ثم جاءه كتابُ ثقة من ثقاته يذكر أنَ الرسول بعينه خَرج بالكُتب بأعيانها على طريق البصرة وأنه نازل على فلان المُهلبي فإن أراده أميرُ المؤمنين فَلْيضع عليه رَصَدهرَصَده.
فوضع عليه أبو جعفر رَصدهرَصده.
فأتي به إليه ومعه الكُتب فحَبس الرسولَ وأمضى الكُتبَ إلى خُراسان مع رسول من عنده من أهل ثقاتهثقاته.
فقدمتْ عليه الجواباتُ بما كره واسْتبان له الأمرُالأمرُ.
فكتب إلى عبد الله بن الحسن يقوليقول: أريد حياتَه ويُريد قتلي عذيرَك مِن خليلك من مُرادِ أما بعد فقد قرأتُ كُتبك وكُتب ابْنيك وأنفذتُها إلى خُراسان وجاءتني جواباتُها بتَصديقها وقد استقرّ عندي أنك مُغَيبٌ لابنيك تعرف مكانَهما فاظْهِرهما إليّ فإن لك في أن أعظم صِلتهما وجوائزهما وأضعهما بحيث وضعتْهما قرابتُهما فتدارك الأمورَ قبل تفاقُمهاتفاقُمها.
فكتب إليه عبد الله بن الحسنالحسن: وكيف أريد ذاك وأنت منى وزَنْدُك حين تُقْدح من زِنادِي وكيف أريد ذاك وأنت منِّي بمَنزلة النياط من الفُؤاد وكتب إليهإليه: إنه لا يدري أين توجها من بلاد الله ولا يَدري أين صارا وإنَّه لا يعرف الكُتب ولا يشك أنها مُفتعلةمُفتعلة.
فلما اخْتَلفت الأمور على أبي جعفر بَعث سَلْم بنبن.
قُتيبة الباهليّ وبَعث معه بماله وأمره بأمره وقال لهله: إنّي إنما أدخلك بين جلدي وعظمي فلا توطئني عَشْواء ولا تُخْف عني أمراً تَعلمهتَعلمه.
فخرج سَلْم بن قُتيبة حتى قَدِم المدينةَ وكان عبد الله يُبسط له في رُخام المنبر في الروضة وكان مَجلسه فيهفيه.
فجَلس إليه وأظهر له المَحبة والمَيل إلى ناحيته ثمِ قال له حين أنس إليهإليه: إنَ نفراً من أهل خُراسان وهم فلان وفلان - وسمّى له رجالاً يعرفهم ممن كان يُكاتب ممن استقرّ عند أبي جعفر أمرُهم - قد بَعثوا إليك معي مالاً وكتبوا إليك كتاباًكتاباً.
فقَبل الكتاب والمال وكان المالُ عشرةَ آلاف دينار ثم أقام معه ما شاء الله حتى أزداد به أنساً وإليه استنامة ثم قال لهله: إني قد بُعِثتُ بكتابين إلى أمير المؤمنين محمد وإلى ولي عهده إبراهيم وأمرتُ أن لا أوصل ذلك إلا في أيديهما فإن أوصلتَني إليهما وأدخلتَني عليهما أوصلتُ إليهما الكتابين والمال ورحلتُ إلى القوم بما يُثلج صدورَهم وتَقبله قلوبهم فأنا عندهم بموضع الصدق والأمانة وإنْ كان أمرهما مظلماً ولِم تكن تعرف مكانهما لم نخاطر بدينهم وأموالهم ومُهجهمومُهجهم.
فلما رأى عبد الله أنّ الأمور تَفْسد عليه من حيث يرجو صلاحها إلا بإِيصاله إليهما وأظهارهما له أوْصله فدفعَ الكتابين مع أربعين ألف درهم ثم قالقال: هذا محمد وهذا إبراهيمإبراهيم.
فقال لهملهم: إنَ من ورائي لم يَبعثوني ولهم ورائي غاية وليس مثلي ينصرَف إلى قوم إلا بجُملة ما يحتاجون إليه ومحمد إنما صار إلى هذه الخُطة ووجبت له هذه الدَّعوة لقرابته من رسول الله {{صل}} وها هنا من هو أقربُ من رسول الله رَحماً وأوجبُ حقّاً منهمنه.
قالقال: ومن هو قالقال: أنت إلا أن يكون عندك ابنك محمد أثرٌ ليس عندك في نفسكنفسك.
قالقال: فكذلك الأمرُ عنديعندي.
قال لهله: فإنَّ القومَ يَقتدون بك في جميع أمورهم ولا يُريدون أن يبذلوا دينَهم وأموالهم وأنفسهم إلا بحُجة يرجون بها لمن قَتل منهم الشهادة فإن أنت خلعتَ أبا جعفر وبايعتَ محمداً اقتَدَوْا بك وإنْ أبيْتَ اقتَدَوا بك أيضاً في تَركك ذلك ثقةً بك لقرابتك من رسول الله {{صل}} ومَوْضعك الذي وَضعك الله فيهفيه.
قالقال: فإنّي أفعلأفعل.
فبايَعَ محمداً وخلع أبا جعفرجعفر.
وبايعه سَلْم من بعده وأخذ كُتبَه وكتبَ إبراهيم ومحمد وخرجوخرج.
فقدم على أبي جعفر وقد حضر الموسمُ فأخبره حقيقة الأمر ويقينهويقينه.
فلما دخل أبو جعفر المدينةَ أرسل إلى بني الحسن فجَمَعهم وقال لسَلْملسَلْم: إذا رأيتَ عبد الله عندي فقُم على رأسي وأشِرْ إليَ بالسلاح ففعلففعل.
فلما رآه عبد الله سُقط في يده وتغيَّر وجههوجهه.
فقال له أبو جعفرجعفر: مالك أبا محمد أتعرفه قالقال: نعم يا أمير المؤمنين فاقِلْني وصلْتك رحمرحم.
فقال له أبو جعفرجعفر: هل علمتَ أنك تعرف موضع وَلَديك وأنه لا عُذر لك وقد باح السرُّ فأظهرهما لي ولك أن أصلَ رحمك ورَحمهما وأن أعظم ولايتهما وأعطيَ كلّ واحد منهما ألف ألفِ درهمدرهم.
فتراجعٍ عبد الله حتى انكفأ على ظهره وبنو حسن اثنا عشر رجلاً فأمر بِحبسهم جميعاًجميعاً.
وخرج أبو جعفر فعسكر من ليلته على ثلاثة أميال من المدينة وعَبّأ على القتال ولم يَشك أنَّ أهل المدينة سيُقاتلونه في بني حَسن فعبّأ ميمنة وميسرة وقَلْباً وتهيأَ للحرب وأجلس في مسجد النبي {{صل}} عشرين مُعطياً يُعطون العطاياالعطايا.
فلم يتحرك عليه منهم أحد ثم مَضى بهم إلى مكَةمكَة.
فلما انصرف أبو جعفر إلى العراق خرج محمدُ بن عبد الله بالمدينة فكتب إليه أبو جعفرجعفر: مِن عبد الله أمير المؤمنين إلى محمد بن عبد الله " إِنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيمعظيم.
إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم ".
ولك علي عهدُ الله وميثاقه وذمَّة الله وذمة نبيّه إن أنتُما أتيتُما وتُبتما ورَجعتما من قبل أن أقدرَ عليكما وأن يقع بيني وبينكما سَفك الدماء أن أؤمنكما وجميعَ ولدكماولدكما.
ومن شايعكما وتَابَعكما على دِمائكم وأموالكم وأوسعكم ما أصبتم من دم أو مال وأعطيكما ألفَ ألفِ درهم لكلِّ واحد منكما وما سألتما من الحوائج وأبوئكما من البلاد حيث شئتُما وأطْلِق من الحبس جميعَ ولد أبيكما ثم لا أتعقب واحداً منكما بذَنب سَلف منه أبداًأبداً.
فلا تُشمت بنَا وبك عدوّنا من قريش فإن أحببْتَ أن تتوثق من نفسك بما - عرضتُ عليك فوَجَّه إليَّ مَن أحببْتَ ليأخذ لك من الأمان والعهود والمواثيق ما تأمن وتطمئن إليه إن شاء الله والسلاموالسلام.
فأجابه محمدُ بن عبد اللهّاللهّ: من محمد بن عبد الله أمير المؤمنين إلى عبد الله بن محمد " طَسِمطَسِم.
تلك آياتُ الكِتَاب المُبِينالمُبِين.
نَتْلو عليكَ مِن نبأ مُوسى وفِرْعوْن بالحقِّ لقوم يُؤْمنون " إلى قوله " وما كانَوا يَحْذَرون ".
وأنا أعرض عليك من الأمان ما عرضتَه فإنَّ الحقَّ معنا وإنما ادعيتم هذا الأمر بنا وخَرجتم إليه بشِيعتنا وحَظيتم بفضلنا وإن أبانا عليا رحمه الله كان الإمام فكيف ورثتم ولايةَ ولده وقد علِمتُم أنه لم يطلب هذا الأمر أحدٌ بمثل نَسَبنا ولا شرفنا وأنا لسنا من أبناء الظِّئار ولا من أبناء الطُّلقاء وأنه ليس يَمُتُّ أحدٌ بمثل ما نَمُتّ به من القرابة والسابقة والفضل وأنا بنو أم أبي رسول اللهّ {{صل}} فاطمة بنت عمرو في الجاهلية وبنو فاطمة ابنته في الإسلام دونكم وأنّ الله اختارنا واخْتار لنا فولدنا من النبيّين أفضلُهم ومن الألف أوّلهم إسلاماً علي بن أبي طالب ومن النّساء أفضلُهن خديجة بنت خُويلد وأول مَن صلّى إلى القبلة منهن ومن البنات فاطمة سيِّدة نساء أهل الجنة ولدت الحَسن والحُسين سيدَي شباب أهل الجنة صلواتُ الله عليهما وأنَ هاشماً وَلد عليا مرتين وأنَّ عبد المطلب وَلد حسناً مرتين وأنّ النبي {{صل}} ولدني مرتين وأني من أوسط بني هاشم نَسباً وأشرفهم أباً وأمّاً لم تُعْرِق فيّ العجم ولم تُنازع فيّ أمهاتُ الأولادالأولاد.
فما زال الله بمنّه وفضله يختار لي الأمهات في الجاهليّة والإسلام حتى أختار لي في النار فأَنا ابنُ أرفع الناس درجةً في الجنّة وأهونهم عذاباً في النار وأبي خيرُ أهل الجنة وأبي خيرُ أهل النار فأنا ابن خير الأخيار وأبن خير الأشرار فلك الله إن دَخلتَ في طاعتي وأوجبتَ دَعْوتي أن أؤمِّنك على نَفسك ومالك ودَمك وكلِّ أمرٍ أحدثتَه إلا حداً من حُدود الله أو حقَّ امرئ مُسلم أو مُعاهد فقد علمتَ ما يلزمك من ذلك وأنا أولى بالأمر منك وأوفى بالعَهد لأنك لا تُعطي من العهد أكثرَ مما أعطيتَ رجالاً قبليقبلي.
فأيَ الأمانات تُعطينيتُعطيني: أمانَ ابن هبيرة أو أمانَ عمك عبد الله بن عليّ أو أمانَ أبي مُسلممُسلم.
والسلام.
والسلام.
فكتب إليه أبو جعفر المنصورالمنصور: من عبد الله أمير المُؤمنين إلى محمد بن عبد الله بن حَسن أما بعدبعد.
فقد بلغني كتابُك وفهمتُ كلامَك فإذا جُل فخرك بقَرابة النِّساء لتضل به الغوغاءالغوغاء.
ولم يَجعل الله النساءَ كالعُمومة والآباء ولا كالعَصبة الأولياء لأن الله جعل العمَّ أباً وبدأ به في القرآن على الوالد الأدنىالأدنى.
ولو كان اختيارُ الله لهنّ علىِ قدر قَرابتهن لكانت آمنة أقربَهن رَحِماً وأعظمَهن حقًا وأولَ مَن يدخل الجنة غداً ولكنّ اختيارَ الله لخَلقه على قدر عِلْمه الماضيِ لهملهم.
فأما ما ذكرتَ من فاطمة جدَّة النبيِّ {{صل}} وولادتها لك فإنَ الله لم يَرزق أحداً من وَلدها دينَ الإسلام ولو أنَّ أحداً من ولدها رُزق الإسلام بالقرابة لكان عبد الله بن عبد المطلب أولاهم بكُل خَيْر في الدُّنيا والآخر ولكنّ الأمرَ لله يَختار لدِينه مَن يشاءيشاء.
وقد قال جل ثناؤهثناؤه: " إنكَ لا تَهْدِيِ مَن أحْبَبْتَ ولكنَّ الله يَهْدِي مَن يَشاء وهُو أعلمُ بالمُهتَدِين ".
وقد بعثَ الله محمد {{صل}} وله عُمومة أربعة فأنزل الله عليهعليه: " وأنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقرَبين ".
فَدعاهم فأنذرهم فأجابه اثنان أحدُهما أبِي وأبي عليه اثنان أحدُهما أبوك فقطع الله ولايتَهما منه ولم يَجعل بينهما إلا ولا ذمَة ولا مِيراثاًمِيراثاً.
وقد زعمتَ أنك ابنُ أخفِّ أهل النار عذاباً وابنُ خير الأشرار وليس في الشرِّ خِيارٌ ولا فَخرَ في النار وسترد فتَعلم " وسَيعلم الذيِ ظَلمُوا أيَّ مُنقَلَب يَنْقَلبون ".
وأما ما فَخرتَ به من فاطمةَ أمّ عليّ وأنّ هاشماً ولد عليَّا مرتين وأنِّ عبد المطلب ولد الحسن مرتين وأن النبي {{صل}} وَلدك مرَّتين فَخيرُ الأولين الآخِرين رسوِلُ الله {{صل}} لم يَدله هاشمٌ إلا مرَّة واحدة ولا عبدُ المطلب إلاَ مرة واحدةواحدة.
وزعمت أنّك أوسطُ بني هاشم نَسَباً وأكرمُهم أباً وأمّاً وأنك لم تَلِدْك العَجم ولمِ تُعْرِق فيك أمَّهاتُ الأولاد فقد رأيتُك فَخرتَ على بني هاشم طُرًّا فانظُر أين أنت ويحك من الله غداًغداً! فإنك قد تعدّيت طَوْرك وفَخرت على مَن هو خيرٌ منك نفساً وأبا وأوّلاً وآخِراًوآخِراً: فَخرتَ على إبراهيم ولد النبيّ {{صل}} وهل خيار ولدِ أبيك خاصة وأهلُ الفَضل منهم إلا بنو أمهات أولاد وما وُلد منكم بعد وفاة رسول الله {{صل}} أفضلُ من عليّ بن الحُسين وهو لأم ولد وهو خَيرٌ من جَدِّك حَسن بن حسنحسن.
وما كان فيكم بعدَه مثلُ ابنه محمد بن عليّ وجدته أم ولد وهو خيرٌ من أبيك ولا مثلُ ابنه جَعفر وهو خيرٌ منك وجدّته أم ولدولد.
وأما قولُكقولُك: إنا بنو رسول الله {{صل}} فإن الله يقوليقول: " ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين " ولكنكم بنو ابنتِه وهي امرأة لا تُحرز ميراثَاً ولا تَرث الوَلاء ولا يَحل لها أن تَؤُم فكيف توَرت بها إمامة ولقد ظَلمها أبوك بكُل وجه فأَخرجها نهاراً مرَّضها سِرّاً ودَفنها ليلاًليلاً.
فأبي الناس إلا تقديم الشيخين وتفضيلَهماوتفضيلَهما.
ولقد كانت السُّنة التي لا اختلاف فيها أن الجدَّ أبا الأم والخال والخالةَ لا يرثونيرثون.
وأما ما فَخرتَ به من عليِّ وسابقتهوسابقته.
فقد حضرتْ النبيَّ {{صل}} الوفاةُ فأمر غيرَه بالصلاةبالصلاة.
ثم أخذ الناسُ رجلاً بعد رجل فما أخذه وكان في الستّة من أصحاب الشُّورى فتركوه كُلهمكُلهم: رفضه عبدُ الرحمن بن عوف وقاتله طَلحة والزبير وأبى سعدٌ بيعتَه وأغلق بابَه دونه وبايع معاويةَ بعدهبعده.
ثم طلبها بكلِّ وجه فقاتل عليها ثم حَكّم الحَكَمين ورضي بهما وأعطاهما عهدَ الله وميثاقَه فاجْتمعا على خَلْعه واخْتلفا في مُعاويةمُعاوية.
ثم قال جدُّكَ الحسن فباعها بِخرَق ودراهم ولحق بالحجاز وأسلم شيعتَه بيد مُعاوية ودَفع الأموالَ إلى غير أهلها وأخذَ مالاً من غير ولائهولائه.
فإن كان لكم فيها حقّ فقد بِعْتموه وأَخذتُم ثمنَهثمنَه.
ثم خرج عمُّك الحُسيَن على ابن مَرْجانة فكان الناس معه عليه حتى قَتلوه وأتوا برأْسِه إليهإليه.
ثم خرجتُم على بني أُمية فقتّلوكم وصَلّبكم على جُذوع النخل وأحرقوكم بالنِّيرانِ ونَفوكم من البُلدان حتى قُتل يحيى بن زيد بأرض خُراسان وقَتلوا رجالَكم وأسروا الصِّبْية والنِّساء وحَملوهم كالسَّبي المجلوب إلى الشامالشام.
حتى خرجنا عليهم فَطلبنا بثأرِكم وأدْركنا بدمائكم وأورثناكم أرضَهم وديارَهم وأَموالَهم وأردنا إشراككم في مُلكنا فأبيتم إلا الخروجَ عليناعلينا.
وظننتَ ما رأيتَ من ذكرنا أباكَ وتَفصيلنا إياه أنّا نُقدمه على العبَّاس وحمزة وجَعفر وليس كما ظننْتَ ولكنّ هؤلاء سالمون مُسلّم منهم مُجتمع بالفضل عليهمعليهم.
وابتُلى بالحرب أبوكَ فكانت بنو أمية تَلعنه على المنابر كما تَلعن أهلَ الكفر في الصلاة المكتوبة فاحتججنا له وذكرنا فَضلة وعنَّفناهم وظَلِّمناهم فيما نالوا منهمنه.
وقد علمت أنَّ المكْرمة في الجاهلية سقايةُ الحاج الأعظم وولاية بئر زمزم وكانت للعبَّاس من بين إخوته وقد نازعَنا فيها أبوك فقضى لنا بها رسولُ الله {{صل}} فلم نَزل نَليها في الجاهليّة والإسلاموالإسلام.
فقد علمتَ أنه لم يَبْق أحد مِن بعد النبيِّ {{صل}} من بني عبد المطلب غيرَ العبَّاس وحدَه فكان وارثَه من بين إخوتهإخوته.
ثم طلب هذا الأمرَ غيرُ واحد من بني هاشم فلم يَنله إلا ولدُه فالسقاية سقايتُنا وميراث النبيِّ {{صل}} ميراثُنا والخلافة بأيدينا فلم يبق فَضل ولا شَرف في الجاهليَّة والإسلام إلاَ والعبَّاس وارثه ومُورِّثه والسلاموالسلام.
فلما خرج محمدُ بن عبد الله بن الحَسن بالمدينة بايعه أهلُ المدينة وأهل مكّةمكّة.
وخرج أخوه إبراهيم بن عبد الله بن الحسن بالبصرة في شهر رمضان فاجتمع الناسُ إليه فنَهض إلى دار الإمارة وبها سفيان بن محمد بن المهلّب فسلّم إليه البَصرة بغير قتالقتال.
وأَرسل إبراهيمُ بن عبد الله بن الحسن إلى الأهواز جيْشاً فأخذها بعد قتال شديد وأرسلِ جيشاً إلى واسط فأَخذهافأَخذها.
ثم إن أبا جَعفر المَنصور جَهَّز إليهم عيسى بنَ موسى فَخرج إلى المدينة فلقيه محمدُ بن عبد الله فانهزم بأَصحابه وقُتلوقُتل.
ثم مضى عيسى بنُ موسى إلى البصرة فلقى إبراهيمَ بن الحسن فقتله وبَعث برأْسه إلى أبي جعفرجعفر.
وقال رجل من أَهل مكّةمكّة: كُنَّا جلوساً مع عمرو بن عُبيد بالمَسجد فأتناه رجلٌ بكتاب المَنصور على لسان مُحمد بن عبد الله بن الحَسن يَدعوه إلى بيعته فقرَأه ثم وَضعهوَضعه.
فقال له الرسولالرسول: الجوابالجواب.
فقالفقال: ليس له جواب قُل لصاحبك يَدعْنا نَجلس في الظلِّ ونَشرب من هذا الماء البارد حتى تأتيَنا آجالُناآجالُنا.
مروان بن شجاع مولى بني أميَّة قالقال: كنتُ مع إسماعيل بن عليّ بفارس أؤدب ولَده فلما لَقِيته المُبيِّضة وظفر بهم أتى منهم بأربعمائة أسير فقال له أخوه عبدُ الصمد وكان على شُرطتهشُرطته: أضرب أعناقهمأعناقهم.
فقال ما تقول يا مروان قلتقلت: أصلح الله الأمير إنه أوَل مَن سَنِّ قِتال أهل القِبْلة عليُ بن أبي طالب فَرأى أن لا يُقتل أسير ولا يُجهز على جريح ولا يُتبع مولىمولى.
قالقال: خُذ بيعتَهم وخلّ سبيلَهمسبيلَهم.
قيل لمحمد بن علي بن الحسينالحسين: ما أقَل ولدَ أبيك قالقال: إني لأعجبُ كيف وُلدُت لهله! قيل له وكيف ذلك قالقال: إنه كان يُصلي في اليوم والليلة ألف ركعة فمتى كان يَتفرَّغ للنساء ولما وَجَّه المَنصورُ عيسى بنَ موسى في مُحاربة بني عبد الله بن الحسن قالقال: يا أبا موسى إذا صرتَ إلى المدينة فادْع محمدَ بن عبد الله بن الحسن إلى الطاعة والدُخول في الجماعة فإن أجابك فاقْبل منه وإن هَرب منك فلا تَتبعه وإن أبي إلا الحربَ فناجزْه واسْتعن بالله عليه فإذا ظفرتَ به فلا تُخيفنَّ أهلَ المدينة وعُمَهم بالعفو فإنهم الأصلُ والعشيرة وذُرَية المهاجرين والأنصار وجيران قَبر النبي {{صل}} فهذه وصيَّتي إياكَ لا كما أوصىَ به يزيدُ بن فعاوية مُسلمَ بن أبي عُقبة حين وجه إلى المدينة وأمرَه أن يَقتل مَن ظَهر له إلى ثنية الوَداع وأن يُبيحها ثلاثة أيام ففَعلففَعل.
فلما بلغ يزيدَ ما فعله تمثّل بقول ابن الزَبَعْري في يوم أحد حيث قالقال: ليت أشياخِي ببَدرِ شَهِدُوا جَزَع الخَزْرج مِن وَقْع الأسَلْ ثم اكتُب إلى أهل مكة بالعَفو عنهم والصفح فإنهم آلُ الله وجيرانُه وسُكّان حَرمه وأمْنه ومَنبت القوم والعشيرة وعظّم البيتَ والحَرم لا تُلحِد فيه بظُلم فإنه حَرم الله الذي بَعث منه نبيّه محمداً {{صل}} وشرّف به آباءنا لتَشريف الله إياناإيانا.
فهذه وصيتي لا كما أوصى به الذي وجه الحجاجَ إلى مكّة فأمره أن يَضع المَجانيق على الكَعبة وأن يُلحد في الحرم ألا لا يَجْهلنْ أحدٌ علينا فنجهَلَ فوِقَ جَهلاً لجاهلينا لنا الدُّنيا ومن أضحى عليها ونَبْطِش حين نَبْطش قادِرينا الرياشي قالقال: قال عيسى بنُ موسىموسى: لما وجهني المنصور إلى المدينة حَرْب بني عبد الله بن الحسن جعل يُوصيني ويكثرويكثر.
|