الفرق بين المراجعتين لصفحة: «المغني - كتاب الحوالة والضمان»

تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
تصنيف using AWB
 
سطر 8:
o فصل: من شرط الحوالة تساوي الدينين
o فصل: الشرط الرابع أن يحيل برضائه
o فصل: إن شرط ملاءة المحال عليه‏‏عليه فبان معسرًا رجع على المحيل
o فصل: لو لم يرض المحتال بالحوالة ثم بان المحال عليه مفلسا أو ميتا
o مسألة: من أحيل بحقه على مليء‏‏مليء فواجب عليه أن يحتال
o فصل: إذا أحال رجلاً على زيد بألف فأحاله زيد بها على عمر فالحوالة صحيحة
o فصل: إذا اشترى عبدا‏‏عبدا فأحال المشتري البائع بالثمن
o فصل: إن اشترى عبدا فأحال المشتري البائع بالثمن على آخر
o فصل: إذا كان لرجل على آخر دين‏‏دين فأذن لآخر في قبضه
o فصل: إذا قال‏قال: أحلتك بدينك فقال‏فقال: بل وكلتني
o فصل: إذا كان لرجل دين على آخر فطالبه به
o فصل: إن كان عليه ألف ضمنه رجل فأحال الضامن صاحب الدين به
سطر 21:
o فصل: فيما يصح ضمانه
o فصل: فيمن يصح ضمانه ومن لا يصح
o فصل: صحة ضمان الدين الحال مؤجلا‏ً‏مؤجلاً
o فصل: إذا ضمن دينًا مؤجلاً عن إنسان فمات أحدهما
o مسألة: لا يبرأ المضمون عنه إلا بأداء الضامن
سطر 41:
o فصل: لا تجوز الكفالة بالمكاتب
o فصل: صحة الكفالة حالة ومؤجلة
o فصل: إذا عين في الكفالة تسليمه في مكان‏‏مكان فأحضره في غيره لم يبرأ من الكفالة
o فصل: لا تصح الكفالة إلى أجل مجهول
o فصل: إذا تكفل برجل إلى أجل‏‏أجل
o فصل: إن قال: كفلت ببدن فلان على أن يبرأ فلان الكفيل
o فصل: لو تكفل اثنان بواحد صح
o فصل: لو تكفل واحد لاثنين‏‏لاثنين فأبرأه أحدهما
o فصل: إذا قال رجل لآخر‏لآخر: اضمن عن فلان أو اكفل بفلان
o مسألة: إذا مات المكفول به‏به سقطت الكفالة ولم يلزم الكفيل شيء
o فصل: إذا قال الكفيل‏الكفيل: قد برئ المكفول به من الدين
o فصل: إذا قال المكفول له للكفيل‏للكفيل: أبرأتك من الكفالة
o فصل: فإذا قال‏قال: أعط فلانا ألفًا ففعل لم يرجع على الآمر
o فصل: إلقاء الأمتعة من السفينة التي يخشى عليها الغرق
o فصل: رجل له على رجل ألف درهم
كتاب الحوالة والضمان
الحوالة ثابتة بالسنة والإجماع أما السنة فما روى أبو هريرة‏هريرة, أن النبي ـ {{صل}} ـ قال‏قال: (‏مطلمطل الغنى ظلم وإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع‏فليتبع) متفق عليه وفي لفظ (‏منمن أحيل بحقه على مليء فليحتل‏فليحتل) وأجمع أهل العلم على جواز الحوالة في الجملة واشتقاقها من تحويل الحق من ذمة إلى ذمة‏ذمة, وقد قيل‏قيل: إنها بيع فإن المحيل يشتري ما في ذمته بماله في ذمة المحال عليه وجاز تأخير القبض رخصة لأنه موضوع على الرفق‏الرفق, فيدخلها خيار المجلس لذلك والصحيح أنها عقد إرفاق منفرد بنفسه ليس بمحمول على غيره لأنها لو كانت بيعا لما جازت لكونها بيع دين بدين ولما جاز التفرق قبل القبض لأنه بيع مال الربا بجنسه ولجازت بلفظ البيع‏البيع, ولجازت بين جنسين كالبيع كله ولأن لفظها يشعر بالتحول لا بالبيع فعلى هذا لا يدخلها خيار‏خيار, وتلزم بمجرد العقد وهذا أشبه بكلام أحمد وأصوله ولا بد فيها من محيل ومحتال ومحال عليه ويشترط في صحتها رضي المحيل بلا خلاف فإن الحق عليه‏عليه, ولا يتعين عليه جهة قضائه وأما المحتال والمحال عليه فلا يعتبر رضاهما على ما سنذكره ـ إن شاء الله تعالى ـ‏ـ.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: [‏ومنومن أحيل بحقه على من عليه مثل ذلك الحق‏الحق, فرضي فقد برئ المحيل أبدا‏أبدا] من شرط صحة الحوالة شروط أربعة‏أربعة: أحدها تماثل الحقين لأنها تحويل للحق ونقل له‏له, فينقل على صفته ويعتبر تماثلهما في أمور ثلاثة‏ثلاثة: أحدها الجنس فيحيل من عليه ذهب بذهب‏بذهب, ومن عليه فضة بفضة ولو أحال من عليه ذهب بفضة أو من عليه فضة بذهب لم يصح الثاني‏الثاني, الصفة فلو أحال من عليه صحاح بمكسرة أو من عليه مصرية بأميرية لم يصح الثالث‏الثالث, الحلول والتأجيل ويعتبر اتفاق أجل المؤجلين فإن كان أحدهما حالا والآخر مؤجلا أو أجل أحدهما إلى شهر والآخر إلى شهرين‏شهرين, لم تصح الحوالة ولو كان الحقان حالين فشرط على المحتال أن يقبض حقه أو بعضه بعد شهر لم تصح الحوالة لأن الحال لا يتأجل ولأنه شرط ما لو كان ثابتا في نفس الأمر لم تصح الحوالة فكذلك إذا شرطه وإذا اجتمعت هذه الأمور‏الأمور, وصحت الحوالة وتراضيا بأن يدفع المحال عليه خيرا من حقه أو رضي المحتال بدون الصفة‏الصفة, أو رضي من عليه المؤجل بتعجيله أو رضي من له الحال بإنظاره جاز لأن ذلك يجوز في القرض‏القرض, ففي الحوالة أولى وإن مات المحيل أو المحال فالأجل بحاله وإن مات المحال عليه‏عليه, ففي حلول الحق روايتان مضى ذكرهما الشرط الثاني أن تكون على دين مستقر ولا يعتبر أن يحيل بدين [ غير ] مستقر‏مستقر, إلا أن السلم لا تصح الحوالة به ولا عليه لأن دين السلم ليس بمستقر لكونه بعرض الفسخ لانقطاع المسلم فيه ولا تصح الحوالة به لأنها لم تصح إلا فيما يجوز أخذ العوض عنه‏عنه, والسلم لا يجوز أخذ العوض عنه لقول النبي ـ {{صل}} ـ‏ـ: (‏منمن أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره‏غيره) ولا تصح الحوالة على المكاتب بمال الكتابة لأنه غير مستقر فإن له أن يمتنع من أدائه‏أدائه, ويسقط بعجزه وتصح الحوالة عليه بدين غير دين الكتابة لأن حكمه حكم الأحرار في المداينات وإن أحال المكاتب سيده بنجم قد حل عليه صح وبرئت ذمة المكاتب بالحوالة‏بالحوالة, ويكون ذلك بمنزلة القبض وإن أحالت المرأة على زوجها بصداقها قبل الدخول لم يصح لأنه غير مستقر وإن أحالها الزوج به صح لأنه له تسليمه إليها‏إليها, وحوالته به تقوم مقام تسليمه وإن أحالت به بعد الدخول صح لأنه مستقر وإن أحال البائع بالثمن على المشتري في مدة الخيار لم يصح‏يصح, في قياس ما ذكرنا وإن أحاله المشتري به صح لأنه بمنزلة الوفاء وله الوفاء قبل الاستقرار وإن أحال البائع بالثمن على المشتري‏المشتري, ثم ظهر على عيب لم يتبين أن الحوالة كانت باطلة لأن الثمن كان ثابتا مستقرا والبيع كان لازما‏لازما, وإنما ثبت الجواز عند العلم بالعيب بالنسبة إلى المشتري ويحتمل أن تبطل الحوالة لأن سبب الجواز عيب المبيع وقد كان موجودا وقت الحوالة وكل موضع أحال من عليه دين غير مستقر به ثم سقط الدين‏الدين, كالزوجة ينفسخ نكاحها بسبب من جهتها أو المشتري يفسخ البيع ويرد المبيع فإن كان ذلك قبل القبض من المحال عليه‏عليه, ففيه وجهان‏وجهان: أحدهما تبطل الحوالة لعدم الفائدة في بقائها ويرجع المحيل بدينه على المحال عليه والثاني‏والثاني, لا تبطل لأن الحق انتقل عن المحيل فلم يعد إليه وثبت للمحتال فلم يزل عنه‏عنه, ولأن الحوالة بمنزلة القبض فكأن المحيل أقبض المحتال دينه فيرجع عليه به‏به, ويأخذ المحتال من المحال عليه وسواء تعذر القبض من المحال عليه أو لم يتعذر وإن كان بعد القبض لم يبطل وجها واحدا‏واحدا, ويرجع المحيل على المحتال به‏به.
فصل‏فصل:
وإن أحال من لا دين له عليه رجلا على آخر له عليه دين فليس ذلك بحوالة بل هي وكالة تثبت فيها أحكامها لأن الحوالة مأخوذة من تحول الحق وانتقاله ولا حق ها هنا ينتقل ويتحول‏ويتحول, وإنما جازت الوكالة بلفظ الحوالة لاشتراكهما في المعنى وهو استحقاق الوكيل مطالبة من عليه الدين كاستحقاق المحتال مطالبة المحال عليه‏عليه, وتحول ذلك إلى الوكيل كتحوله إلى المحيل وإن أحال من عليه دين على من لا دين عليه فليست حوالة أيضا نص عليه أحمد فلا يلزمه المحال عليه الأداء ولا المحتال قبول ذلك لأن الحوالة معاوضة‏معاوضة, ولا معاوضة ها هنا وإنما هو اقتراض فإن قبض المحتال منه الدين رجع على المحيل لأنه قرض وإن أبرأه ولم يقبض منه شيئا‏شيئا, لم تصح البراءة لأنها براءة لمن لا دين عليه وإن قبض منه الدين ثم وهبه إياه رجع المحال عليه على المحيل به لأنه قد غرم عنه‏عنه, وإنما عاد إليه المال بعقد مستأنف ويحتمل أن لا يرجع عليه لكونه ما غرم عنه شيئا وإن أحال من لا دين عليه فهي وكالة في اقتراض وليست حوالة لأن الحوالة إنما تكون بدين على دين‏دين, ولم يوجد واحد منهما‏منهما.
فصل‏فصل:
الشرط الثالث أن تكون بمال معلوم لأنها إن كانت بيعا فلا تصح في مجهول وإن كانت تحول الحق فيعتبر فيها التسليم‏التسليم, والجهالة تمنع منه فتصح بكل ما يثبت مثله في الذمة بالإتلاف من الأثمان والحبوب والأدهان ولا تصح فيما لا يصح السلم فيه لأنه لا يثبت في الذمة‏الذمة, ومن شرط الحوالة تساوي الدينين فأما ما يثبت في الذمة سلما غير المثليات كالمذروع والمعدود‏والمعدود, ففي صحة الحوالة به وجهان‏وجهان: أحدهما‏أحدهما: لا تصح لأن المثل فيه لا يتحرر ولهذا لا يضمنه بمثله في الإتلاف وهذا ظاهر مذهب الشافعي والثاني‏والثاني: تصح ذكره القاضي لأنه حق ثابت في الذمة‏الذمة, فأشبه ماله مثل ويحتمل أن يخرج هذان الوجهان على الخلاف فيما يقتضي به قرض هذه الأموال فإن كان عليه إبل من الدية وله على آخر مثلها في السن فقال القاضي‏القاضي: تصح لأنها تختص بأقل ما يقع عليه الاسم في السن والقيمة وسائر الصفات وقال أبو الخطاب‏الخطاب: لا تصح في أحد الوجهين لأنها مجهولة‏مجهولة, ولأن الإبل ليست من المثليات التي تضمن بمثلها في الإتلاف ولا تثبت في الذمة سلما في رواية وإن كان عليه إبل من دية وله على آخر مثلها قرضا‏قرضا, فأحاله عليه فإن قلنا‏قلنا: يرد في القرض قيمتها لم تصح الحوالة لاختلاف الجنس وإن قلنا‏قلنا: يرد مثلها اقتضى قول القاضي صحة الحوالة لأنه أمكن استيفاء الحق على صفته من المحال عليه ولأن الخيرة في التسليم إلى من عليه الدين‏الدين, وقد رضي بتسليم ما له في ذمة المقترض وإن كانت بالعكس فاحتال المقرض بإبل الدية لم تصح لأننا إن قلنا‏قلنا: تجب القيمة في القرض فقد اختلف الجنس وإن قلنا‏قلنا: يجب المثل فللمقرض مثل ما أقرض في صفاته وقيمته‏وقيمته, والذي عليه الدية لا يلزمه ذلك‏ذلك.
فصل‏فصل:
الشرط الرابع أن يحيل برضائه لأن الحق عليه فلا يلزمه أداؤه من جهة الدين الذي على المحال عليه‏عليه, ولا خلاف في هذا فإذا اجتمعت شروط الحوالة وصحت برئت ذمة المحيل في قول عامة الفقهاء إلا ما يروى عن الحسن‏الحسن, أنه كان لا يرى الحوالة براءة إلا أن يبرئه وعن زفر أنه قال‏قال: لا تنقل الحق وأجراها مجرى الضمان وليس بصحيح لأن الحوالة مشتقة من تحويل الحق بخلاف الضمان‏الضمان, فإنه مشتق من ضم ذمة إلى ذمة فعلق على كل واحد مقتضاه وما دل عليه لفظه إذا ثبت أن الحق انتقل فمتى رضي بها المحتال‏المحتال, ولم يشترط اليسار لم يعد الحق إلى المحيل أبدا سواء أمكن استيفاء الحق‏الحق, أو تعذر لمطل أو فلس أو موت أو غير ذلك هذا ظاهر كلام الخرقي وبه قال الليث والشافعي‏والشافعي, وأبو عبيد وابن المنذر وعن أحمد ما يدل على أنه إذا كان المحال عليه مفلسا ولم يعلم المحتال بذلك‏بذلك, فله الرجوع إلا أن يرضى بعد العلم وبه قال جماعة من أصحابنا ونحوه قول مالك لأن الفلس عيب في المحال عليه‏عليه, فكان له الرجوع كما لو اشترى سلعة فوجدها معيبة ولأن المحيل غره‏غره, فكان له الرجوع كما لو دلس المبيع وقال شريح والشعبي‏والشعبي, والنخعي‏والنخعي: متى أفلس أو مات رجع على صاحبه وقال أبو حنيفة‏حنيفة: يرجع عليه في حالين إذا مات المحال عليه مفلسا‏مفلسا, وإذا جحده وحلف عليه عند الحاكم وقال أبو يوسف ومحمد‏ومحمد: يرجع عليه في هاتين الحالتين وإذا حجر عليه لفلس لأنه روى عن عثمان‏عثمان, أنه سئل عن رجل أحيل بحقه فمات المحال عليه مفلسا فقال‏فقال: يرجع بحقه لا توى على مال امرئ مسلم ولأنه عقد معاوضة لم يسلم العوض فيه لأحد المتعاوضين‏المتعاوضين, فكان له الفسخ كما لو اعتاض بثوب فلم يسلم إليه ولنا أن حزنا جد سعيد بن المسيب‏المسيب, كان له على على رضي الله عنه دين فأحاله به فمات المحال عليه‏عليه, فأخبره فقال‏فقال: اخترت علينا أبعدك الله فأبعده بمجرد احتياله‏احتياله, ولم يخبره أن له الرجوع ولأنها براءة من دين ليس فيها قبض ممن عليه ولا ممن يدفع عنه فلم يكن فيها رجوع‏رجوع, كما لو أبرأه من الدين وحديث عثمان لم يصح يرويه خالد بن جعفر عن معاوية بن قرة عن عثمان‏عثمان, ولم يصح سماعه منه وقد روى أنه قال‏قال: في حوالة أو كفالة وهذا يوجب التوقف ولا يصح‏يصح, ولو صح كان قول على مخالفا له وقولهم‏وقولهم: إنه معاوضة لا يصح لأنه يفضي إلى بيع الدين بالدين وهو منهي عنه‏عنه, ويفارق المعاوضة بالثوب لأن في ذلك قبضا يقف استقرار العقد عليه وها هنا الحوالة بمنزلة القبض وإلا كان بيع دين بدين‏بدين.
فصل‏فصل:
فإن شرط ملاءة المحال عليه‏عليه, فبان معسرا رجع على المحيل وبه قال بعض الشافعية وقال بعضهم‏بعضهم: لا يرجع لأن الحوالة لا ترد بالإعسار إذا لم يشترط الملاءة فلا ترد به‏به, وإن شرط كما لو اشترط كونه مسلما ويفارق البيع فإن الفسخ يثبت بالإعسار فيه من غير شرط‏شرط, بخلاف الحوالة ولنا قول النبي ـ {{صل}} ـ‏ـ: (‏المسلمونالمسلمون على شروطهم‏شروطهم) ولأنه شرط ما فيه مصلحة العقد في عقد معاوضة فيثبت الفسخ بفواته كما لو شرط صفة في المبيع‏المبيع, وقد يثبت بالشرط ما لا يثبت بإطلاق العقد بدليل اشتراط صفة في المبيع‏المبيع.
فصل‏فصل:
ولو لم يرض المحتال بالحوالة ثم بان المحال عليه مفلسا أو ميتا‏ميتا, رجع على المحيل بلا خلاف فإنه لا يلزمه الاحتيال على غير مليء لما عليه فيه من الضرر وإنما (‏أمرأمر النبي ـ {{صل}} ـ بقبول الحوالة إذا أحيل على مليء‏مليء,‏‏) ولو أحاله على مليء فلم يقبل حتى أعسر فله الرجوع أيضا على ظاهر قول الخرقي لكونه اشترط في براءة المحيل إبداء رضي المحتال‏المحتال.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: [‏ومنومن أحيل بحقه على مليء‏مليء, فواجب عليه أن يحتال‏يحتال] المليء‏المليء: هو القادر على الوفاء جاء في الحديث عن النبي ـ {{صل}} ـ أنه قال‏قال: (‏إنإن الله تعالى يقول‏يقول: من يقرض المليء غير المعدم‏المعدم) وقال الشاعر‏الشاعر:
تطيلين ليانى وأنت مليئة ** وأحسن يا ذات الوشاح التقاضيا
يعني قادرة على وفائي والظاهر أن الخرقي أراد بالمليء ها هنا القادر على الوفاء غير الجاحد ولا المماطل قال أحمد في تفسير المليء كأن المليء عنده‏عنده, أن يكون مليا بماله وقوله وبدنه ونحو هذا فإذا أحيل على من هذه صفته لزم المحتال والمحال عليه القبول ولم يعتبر رضاهما وقال أبو حنيفة‏حنيفة: يعتبر رضاهما لأنها معاوضة فيعتبر الرضا من المتعاقدين وقال مالك والشافعي‏والشافعي: يعتبر رضي المحتال لأن حقه في ذمة المحيل‏المحيل, فلا يجوز نقله إلى غيرها بغير رضاه كما لا يجوز أن يجبره على أن يأخذ بالدين عرضا فأما المحال عليه فقال مالك‏مالك: لا يعتبر رضاه‏رضاه, إلا أن يكون المحتال عدوه وللشافعي في اعتبار رضائه قولان أحدهما‏أحدهما: يعتبر وهو يحكي عن الزهري لأنه أحد من تتم به الحوالة فأشبه المحيل والثاني‏والثاني: لا يعتبر لأنه أقامه في القبض مقام نفسه فلم يفتقر إلى رضا من عليه الحق كالتوكيل ولنا‏ولنا, قول النبي ـ {{صل}} ـ‏ـ: (‏إذاإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع‏فليتبع) ولأن للمحيل أن يوفي الحق الذي عليه بنفسه وبوكيله وقد أقام المحال عليه مقام نفسه في التقبيض فلزم المحال القبول كما لو وكل رجلا في إبقائه‏إبقائه, وفارق ما إذا أراد أن يعطيه عما في ذمته عرضا لأنه يعطيه غير ما وجب له فلم يلزمه قبوله‏قبوله.
فصل:
فصل‏:‏
إذا أحال رجلا على زيد بألف فأحاله زيد بها على عمر فالحوالة صحيحة لأن حق الثاني ثابت مستقر في الذمة‏الذمة, فصح أن يحيل به كالأول وهكذا لو أحال الرجل عمرا على زيد بما يثبت له في ذمته صح أيضا لما ذكرنا وتكرر المحتال والمحيل لا يضر‏يضر.
فصل‏فصل:
إذا اشترى عبدا‏عبدا, فأحال المشتري البائع بالثمن ثم ظهر العبد حرا أو مستحقا فالبيع باطل‏باطل, والحوالة باطلة لأننا تبينا أنه لا ثمن على المشتري وإنما تثبت حريته ببينة أو اتفاقهم فإن اتفق المحيل والمحال عليه على حريته‏حريته, وكذبهما المحتال ولا بينة بذلك لم يقبل قولهما عليه لأنهما يبطلان حقه‏حقه, أشبه ما لو باع المشتري العبد ثم اعترف هو وبائعه أنه كان حرا لم يقبل قولهما على المشتري الثاني‏الثاني, وإن أقاما بينة لم تسمع لأنهما كذباها بدخولهما في التبايع وإن أقام العبد بينة بحريته قبلت‏قبلت, وبطلت الحوالة وإن صدقهما المحتال وادعى أن الحوالة بغير ثمن العبد فالقول قوله مع يمينه لأن الأصل صحة الحوالة‏الحوالة, وهما يدعيان بطلانها فكانت جنبته أقوى فإن أقاما البينة أن الحوالة كانت بالثمن قبلت لأنهما لم يكذباها وإن اتفق المحيل والمحتال على حرية العبد‏العبد, وكذبهما المحال عليه لم يقبل قولهما عليه في حرية العبد لأنه إقرار على غيرهما وتبطل الحوالة لاتفاق المرجوع عليه بالدين والراجع به على استحقاق الرجوع‏الرجوع, والمحال عليه يعترف للمحتال بدين لا يصدقه فيه فلا يأخذ منه شيئا وإن اعترف المحتال والمحال عليه بحرية العبد عتق لإقرار من هو في يده بحريته وبطلت الحوالة بالنسبة إليهما‏إليهما, ولم يكن للمحتال الرجوع على المحيل لأن دخوله معه في الحوالة اعتراف ببراءته فلم يكن له الرجوع عليه‏عليه.
فصل‏فصل:
وإن اشترى عبدا فأحال المشتري البائع بالثمن على آخر‏آخر, فقبضه من المحال عليه ثم رد المشتري العبد بعيب أو مقايلة‏مقايلة, أو اختلاف في ثمن فقد برئ المحال عليه لأنه قبض منه بإذنه ويرجع المشتري على البائع وإن رده قبل القبض‏القبض, فقال القاضي‏القاضي: تبطل الحوالة ويعود المشتري إلى ذمة المحال عليه ويبرأ البائع‏البائع, فلا يبقى له دين ولا عليه لأن الحوالة بالثمن وقد سقط بالفسخ فيجب أن تبطل الحوالة لذهاب حقه من المال المحال به وقال أبو الخطاب‏الخطاب: لا تبطل الحوالة في أحد الوجهين لأن المشتري عوض البائع عما في ذمته ماله في ذمة المحال عليه‏عليه, ونقل حقه إليه نقلا صحيحا وبرئ من الثمن وبرئ المحال عليه من دين المشتري‏المشتري, فلم يبطل ذلك بفسخ العقد الأول كما لو أعطاه بالثمن ثوبا وسلمه إليه فسخ العقد‏العقد, لم يرجع بالثوب كذا ها هنا فإن قلنا ببطلان الحوالة رجع المحيل على المحال عليه بدينه‏بدينه, ولم يبق بينهما وبين البائع معاملة وإن قلنا‏قلنا: لا تبطل رجع المشتري على البائع بالثمن ويأخذه البائع من المحال عليه فإن عاد البائع فأحال المشتري بالثمن على من أحاله المشتري عليه صح وبرئ البائع‏البائع, وعاد المشتري إلى غريمه وإن كانت المسألة بحالها لكن أحال البائع أجنبيا على المشتري ثم رد العبد المبيع‏المبيع, ففي الحوالة وجهان‏وجهان: أحدهما لا تبطل لأن ذمة المشتري برئت بالحوالة من حق البائع وصار الحق عليه للأجنبي المحتال‏المحتال, فأشبه ما لو دفعه المشتري إلى المحيل فعلى هذا يرجع المشتري على البائع بالثمن ويسلم إلى المحتال ما أحاله به والثاني‏والثاني, تبطل الحوالة إن كان الرد قبل القبض لسقوط الثمن الذي كانت الحوالة به ولأنه لا فائدة في بقاء الحوالة ها هنا‏هنا, فيعود البائع بدينه ويبرأ المشتري منهما كالمسألة قبلها‏قبلها, وإذا قلنا‏قلنا: لا تبطل فأحال المشتري المحال عليه بالثمن على البائع صح وبرئ المشتري منها‏منها.
فصل‏فصل:
إذا كان لرجل على آخر دين‏دين, فأذن لآخر في قبضه ثم اختلف هو والمأذون له فقال‏فقال: وكلتك في قبض ديني بلفظ التوكيل فقال‏فقال: بل أحلتني بلفظ الحوالة أو كانت بالعكس‏بالعكس, فقال‏فقال: أحلتك بدينك فقال‏فقال: بل وكلتني فالقول قول مدعى الوكالة منهما مع يمينه لأنه يدعي بقاء الحق على ما كان وينكر انتقاله والأصل معه‏معه, فإن كان لأحدهما بينة حكم بها لأن اختلافهما في اللفظ وهو مما يمكن إقامة البينة عليه وإن اتفقا على أنه قال‏قال: أحلتك بالمال الذي لي قبل زيد ثم اختلفا فقال المحيل‏المحيل: إنما وكلتك في القبض لي وقال الآخر‏الآخر: بل أحلتني بديني عليك فالقول قول مدعي الحوالة‏الحوالة, في أحد الوجهين لأن الظاهر معه فإن اللفظ حقيقة في الحوالة دون الوكالة فيجب حمل اللفظ على ظاهره كما لو اختلفا في دار في يد أحدهما والثاني‏والثاني, القول قول المحيل لأن الأصل بقاء حق المحيل على المحال عليه والمحتال يدعي نقله والمحيل ينكره‏ينكره, والقول قول المنكر فعلى الوجه الأول يحلف المحتال ويثبت حقه في ذمة المحال عليه ويستحق مطالبته‏مطالبته, ويسقط عن المحيل وعلى الوجه الثاني يحلف المحيل ويبقى حقه في ذمة المحال عليه وعلى كلا الوجهين‏الوجهين: إن كان المحتال قد قبض الحق من المحال عليه‏عليه, وتلف في يده فقد برئ كل واحد منهما من صاحبه ولا ضمان عليه‏عليه, سواء تلف بتفريطه أو غيره لأنه إن تلف بتفريط وكان المحتال محقا فقد أتلف ماله‏ماله, وإن كان مبطلا ثبت لكل واحد منهما في ذمة الآخر مثل ما في ذمته له فيتقاصان‏فيتقاصان, ويسقطان وإن تلف بغير تفريط فالمحال قد قبض حقه وتلف في يده‏يده, وبرئ منه المحيل بالحوالة والمحال عليه بتسلمه والمحيل يقول‏يقول: قد تلف المال في يد وكيلي بغير تفريط فلا ضمان عليه وإن لم يتلف‏يتلف, احتمل أن لا يملك المحيل طلبه لأنه معترف أن له عليه من الدين مثل ما له في يده وهو مستحق لقبضه فلا فائدة في أن يقبضه منه ثم يسلمه إليه ويحتمل أن يملك أخذه منه‏منه, ويملك المحتال مطالبته بدينه وقيل‏وقيل: يملك المحيل أخذه منه ولا يملك المحتال المطالبة بدينه لاعترافه ببراءة المحيل منه بالحوالة وليس بصحيح لأن المحتال إن اعترف بذلك فهو يدعي أنه قبض هذا المال منه بغير حق‏حق, وأنه يستحق المطالبة به فعلى كلا الحالين هو مستحق للمطالبة بمثل هذا المال المقبوض منه‏منه, في قولهما جميعا فلا وجه لإسقاطه ولا موضع للبينة في هذه المسألة‏المسألة: لأنهما لا يختلفان في لفظ يسمع‏يسمع, ولا فعل يرى وإنما يدعى المحيل بينة وهذا لا تشهد به البينة نفيا ولا إثباتا‏إثباتا.
فصل‏فصل:
وإن كانت المسألة بالعكس‏بالعكس, فقال‏فقال: أحلتك بدينك فقال‏فقال: بل وكلتني ففيها الوجهان أيضا لما قدمناه فإن قلنا‏قلنا: القول قول المحيل فحلف برئ من حق المحتال وللمحتال قبض المال من المحال عليه لنفسه لأنه يجوز له ذلك بقولهما معا‏معا, فإذا قبضه كان له بحقه وإن قلنا‏قلنا: القول قول المحتال فحلف كان له مطالبة المحيل بحقه ومطالبة المحتال عليه لأنه إما وكيل وإما محتال فإن قبض منه قبل أخذه من المحيل‏المحيل, فله أخذ ما قبض لنفسه لأن المحيل يقول‏يقول: هو لك والمحتال يقول‏يقول: هو أمانة في يدي ولي مثله على صاحبه وقد أذن له في أخذه ضمنا فإذا أخذه لنفسه حصل غرضه‏غرضه, ولم يأخذ من المحيل شيئا وإن استوفى من المحيل رجع على المحال في أحد الوجهين لأنه قد تثبتت الوكالة بيمين المحتال وبقي الحق في ذمة المحال عليه للمحيل والثاني‏والثاني, لا يرجع عليه لأنه يعترف أنه قد برئ من حقه وإنما المحتال ظلمه بأخذ ما كان عليه قال القاضي‏القاضي: والأول أصح وإن كان قد قبض الحوالة فتلفت في يده بتفريط‏بتفريط, أو أتلفها سقط حقه على الوجهين لأنه إن كان محقا فقد أتلف حقه وإن كان مبطلا فقد أتلف مثل دينه‏دينه, فيثبت في ذمته ويتقاصان وإن تلفت بغير تفريطه فعلى الوجه الأول يسقط حقه أيضا لأن ماله تلف تحت يده وعلى الثاني‏الثاني, له أن يرجع على المحيل بحقه وليس للمحيل الرجوع على المحال عليه لأنه يعترف ببراءته‏ببراءته.
فصل‏فصل:
وإذا كان لرجل دين على آخر فطالبه به‏به, فقال‏فقال: قد أحلت به على فلانا الغائب وأنكر صاحب الدين فالقول قول مع يمينه وإن كان لمن عليه الدين بينة بدعواه سمعت بينته‏بينته, لإسقاط حق المحيل عليه وإن ادعى رجل أن فلانا الغائب أحالنى عليك فأنكر المدعى عليه فالقول قوله فإن أقام المدعى بينة‏بينة, ثبتت في حقه وحق الغائب لأن البينة يقضى بها على الغائب ولزم الدفع إلى المحتال وإن لم يكن له بينة فأنكر المدعى عليه‏عليه, فهل تلزمه اليمين‏؟‏اليمين؟ فيه وجهان بناء على ما لو اعترف له هل يلزمه الدفع‏؟‏الدفع؟ على وجهين أحدهما يلزمه الدفع إليه لأنه مقر بدينه عليه‏عليه, ووجوب دفعه إليه فلزمه الدفع إليه كما لو كانت بينة والثاني لا يلزمه الدفع إليه لأنه لا يأمن من إنكار المحيل ورجوعه عليه‏عليه, فكان له الاحتياط لنفسه كما لو ادعى عليه إني وكيل فلان في قبض دينه منك فصدقه‏فصدقه, وقال‏وقال: لا أدفعه إليك فإذا قلنا‏قلنا: يلزمه الدفع مع الإقرار لزمه اليمين مع الإنكار فإذا حلف برئ ولم يكن للمحتال الرجوع على المحيل لاعترافه ببراءته وكذلك إن قلنا‏قلنا: لا تلزمه اليمين فليس للمحتال الرجوع على المحيل‏المحيل, ثم ينظر في المحيل فإن صدق المدعي في أنه أحاله ثبتت الحوالة له لأن رضي المحال عليه لا يعتبر وإن أنكر الحوالة‏الحوالة, حلف وسقط حكم الحوالة وإن نكل المحال عليه عن اليمين فقضى عليه بالنكول واستوفى الحق منه‏منه, ثم إن المحيل صدق المدعي فلا كلام وإن أنكر الحوالة فالقول قوله‏قوله, وله أن يستوفي من المحال عليه لأنه معترف له بالحق ويدعي أن المحتال ظلمه ويبقى دين المحتال على المحيل وإن كان المحيل ينكر أن له عليه دينا فالقول قوله بغير يمين لأن المحتال يقر ببراءته منه‏منه, لاستيفائه من المحال عليه وإن كان المحيل يعترف به لم يكن للمحتال المطالبة به لأنه يقر بأنه قد برئ منه بالحوالة والمحيل يصدق المحال عليه في كون المحتال قد ظلمه‏ظلمه, واستوفى منه بغير حق والمحتال يزعم أن المحيل قد أخذ منه أيضا بغير حق وإنه يجب عليه أن يرد ما أخذه منه إليه‏إليه, فينبغي أن يقبضها المحتال ويسلمها إلى المحال عليه أو يأذن للمحيل في دفعها إلى المحال عليه وإن صدق المحال عليه المحتال في الحوالة‏الحوالة, ودفع إليه فأنكر المحيل الحوالة حلف‏حلف, ورجع على المحال عليه والحكم في الرجوع بما على المحيل من الدين على ما ذكرنا في التي قبلها‏قبلها.
فصل‏فصل:
فإن كان عليه ألف ضمنه رجل فأحال الضامن صاحب الدين به برئت ذمته وذمة المضمون عنه لأن الحوالة كالتسليم‏كالتسليم, ويكون الحكم ها هنا كالحكم فيما لو قضى عنه الدين فإن كان الألف على رجلين على كل واحد منهما خمسمائة وكل واحد كفيل عن الآخر بذلك‏بذلك, فأحاله أحدهما بالألف برئت ذمتهما معا كما لو قضاها وإن أحال صاحب الألف رجلا على أحدهما بعينه بالألف‏بالألف, صحت الحوالة لأن الدين على كل واحد منهما مستقر وإن أحال عليهما جميعا ليستوفي منهما أو من أيهما شاء صحت الحوالة أيضا عند القاضي لأنه لا فضل ها هنا في نوع ولا أجل ولا عدد‏عدد, وإنما هو زيادة استيثاق فلم يمنع ذلك صحة الحوالة كحوالة المعسر على المليء وقال بعض أصحاب الشافعي‏الشافعي: لا تصح الحوالة لأن الفضل قد دخلها‏دخلها, فإن المحتال ارتفق بالتخيير بالاستيفاء منهما أو من أيهما شاء فأشبه ما لو أحاله على رجلين له على كل واحد منهما ألف ليستوفي من أيهما شاء والأول أصح والفرق بين هذه المسألة‏المسألة, وبين ما إذا أحاله بألفين أنه لا فضل بينهما في العدد ها هنا وثم تفاضلا فيه‏فيه, ولأن الحوالة ها هنا بألف معين وثم الحوالة بأحدهما من غير تعيين وأنه إذا قضاه أحدهما الألف فقد قضى جميع الدين‏الدين, وثم إذا قضى أحدهما بقي ما على الآخر ولو لم يكن كل واحد من الرجلين ضامنا عن صاحبه فأحال عليهما‏عليهما, صحت الحوالة بغير إشكال لأنه لما كان له أن يستوفي الألف من واحد كان له أن يستوفي من اثنين كالوكيلين‏كالوكيلين.
فصل:
فصل‏:‏
وقد دلت مسألة الخرقي على أحكام منها‏منها, صحة ضمان المجهول لقوله‏لقوله: ما أعطيته فهو على وهذا مجهول فمتى قال‏قال: أنا ضامن لك مالك على فلان أو ما يقضى به عليه أو ما تقوم به البينة‏البينة, أو يقر به لك أو ما يخرج في روز مانحك صح الضمان وبهذا قال أبو حنيفة ومالك وقال الثوري والليث‏والليث, وابن أبي ليلى والشافعي وابن المنذر‏المنذر: لا يصح لأنه التزام مال‏مال, فلم يصح مجهولا كالثمن في المبيع ولنا قول الله تعالى‏تعالى: (‏ولمنولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم‏زعيم) وحمل البعير غير معلوم لأن حمل البعير يختلف باختلافه‏باختلافه, وعموم قوله عليه السلام‏السلام: (‏الزعيمالزعيم غارم‏غارم) ولأنه التزام حق في الذمة من غير معاوضة فصح في المجهول كالنذر والإقرار‏والإقرار, ولأنه يصح تعليقه بضرر وخطر وهو ضمان العهدة وإذا قال‏قال: ألق متاعك في البحر وعلى ضمانه أو قال‏قال: ادفع ثيابك إلى هذا الرفاء‏الرفاء, وعلى ضمانها فصح المجهول كالعتق والطلاق‏والطلاق. ومنها صحة ضمان ما لم يجب فإن معنى قوله‏قوله: " ما أعطيته "‏‏, أي ما يعطيه في المستقبل بدليل أنه عطفه على من ضمن عنه حق بعد وجوبه عليه فيدل على أنه غيره‏غيره, ولو كان " ما أعطيته " في الماضي كان معنى المسألتين سواء أو إحداهما داخلة في الأخرى والخلاف في هذه المسألة ودليل القولين‏القولين, كالتي قبلها إلا أنهم قالوا‏قالوا: الضمان ضم ذمة إلى ذمة في التزام الدين فإذا لم يكن على المضمون عنه شيء‏شيء, فلا ضم فيه فلا يكون ضمانا قلنا‏قلنا: قد ضم ذمته إلى ذمة المضمون عنه في أنه يلزمه ما يلزمه وأن ما ثبت في ذمة مضمونه يثبت في ذمته وهذا كاف وقد سلموا ضمان ما يلقيه في البحر قبل وجوبه بقوله‏بقوله: ألق متاعك في البحر‏البحر, وعلى ضمانه وسلم أصحاب الشافعي في أحد الوجهين ضمان الجعل في الجعالة قبل العمل وما وجب شيء بعد‏بعد. ومنها أن الضمان إذا صح لزم الضامن من أداء ما ضمنه‏ضمنه, وكان للمضمون له مطالبته ولا نعلم في هذا خلافا وهو فائدة الضمان وقد دل قول النبي ـ {{صل}} ـ‏ـ: (‏والزعيموالزعيم غارم‏غارم) واشتقاق اللفظ‏اللفظ. ومنها صحة الضمان عن كل وجب عليه حق حيا كان أو ميتا‏ميتا, مليئا أو مفلسا لعموم لفظه فيه وهذا قول أكثر أهل العلم وقال أبو حنيفة‏حنيفة: لا يصح ضمان دين الميت إلا أن يخلف وفاء فإن خلف بعض الوفاء‏الوفاء, صح ضمانه بقدر ما خلف لأنه دين ساقط فلم يصح ضمانه كما لو سقط بالأبراء‏بالأبراء, ولأن ذمته قد خربت خرابا لا تعمر بعده فلم يبق فيها دين والضمان‏والضمان: ضم ذمة إلى ذمة في التزامه ولنا‏ولنا, حديث أبي قتادة وعلى فإنهما ضمنا دين ميت لم يخلف وفاء والنبي ـ {{صل}} ـ حضهم على ضمانه في حديث أبي قتادة بقوله‏بقوله: (‏ألاألا قام أحدكم فضمنه‏؟‏‏فضمنه؟) وهذا صريح في المسألة‏المسألة, ولأنه دين ثابت فصح ضمانه كما لو خلف وفاء‏وفاء, ودليل ثبوته أنه لو تبرع رجل بقضاء دينه جاز لصاحب الدين اقتضاؤه ولو ضمنه حيا ثم مات‏مات, لم تبرأ ذمة الضامن ولو برئت ذمة المضمون عنه برئت ذمة الضامن وفي هذا انفصال عما ذكروه‏ذكروه. ومنها‏ومنها, صحة الضمان في كل حق أعنى من الحقوق المالية الواجبة أو التي تئول إلى الوجوب‏الوجوب, كثمن المبيع في مدة الخيار وبعده والأجرة والمهر قبل الدخول أو بعده لأن هذه الحقوق لازمة وجواز سقوطها لا يمنع ضمانها‏ضمانها, كالثمن في المبيع بعد انقضاء الخيار ويجوز أن يسقط برد بعيب أو مقايلة وبهذا كله قال الشافعي‏الشافعي.
فصل‏فصل:
فيما يصح ضمانه‏ضمانه: ويصح ضمان الجعل في الجعالة وفي المسابقة والمناضلة وقال أصحاب الشافعي‏الشافعي, في أحد الوجهين‏الوجهين: لا يصح ضمانه لأنه لا يئول إلى اللزوم فلم يصح ضمانه كما في الكتابة ولنا‏ولنا, قول الله تعالى‏تعالى: {‏ولمنولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم‏زعيم} [‏يوسف‏يوسف: 72‏72]‏‏. ولأنه يئول إلى اللزوم إذا عمل العمل وإنما الذي لا يلزم العمل والمال يلزم بوجوده‏بوجوده, والضمان للمال دون العمل ويصح ضمان أرش الجناية سواء كانت نقودا كقيم المتلفات أو حيوانا كالديات وقال أصحاب الشافعي‏الشافعي: لا يصح ضمان الحيوان الواجب فيها لأنه مجهول وقد مضى الدليل على صحة ضمان المجهول‏المجهول, ولأن الإبل الواجبة في الذمة معلومة الأسنان والعدد وجهالة اللون أو غيره من الصفات الباقية لا تضر لأنه إنما يلزمه أدنى لون أو صفة فتحصل معلومة وكذلك غيرها من الحيوان‏الحيوان, ولأن جهل ذلك لم يمنع وجوبه بالإتلاف فلم يمنع وجوبه بالالتزام ويصح ضمان نفقة الزوجة سواء كانت نفقة يومها أو مستقبلة لأن نفقة اليوم واجبة‏واجبة, والمستقبلة مآلها إلى اللزوم ويلزمه ما يلزم الزوج في قياس المذهب وقال القاضي‏القاضي: إذا ضمن نفقة المستقبل لم تلزمه إلا نفقة المعسر لأن الزيادة على ذلك تسقط بالإعسار وهذا مذهب الشافعي على القول الذي قال فيه‏فيه: يصح ضمانها ولنا‏ولنا, أنه يصح ضمان ما لم يجب واحتمال عدم وجوب الزيادة لا يمنع صحة ضمانها بدليل الجعل في الجعالة‏الجعالة, والصداق قبل الدخول والمبيع في مدة الخيار فأما النفقة في الماضي فإن كانت واجبة‏واجبة, إما بحكم الحاكم بها أو قلنا‏قلنا: بوجوبها بدون حكمه صح ضمانها‏ضمانها, وإلا فلا ويصح ضمان مال السلم في إحدى الروايتين والأخرى لا يصح لأنه يؤدي إلى استيفاء المسلم فيه من غير المسلم إليه فلم يجز‏يجز, كالحوالة به والأول أصح لأنه دين لازم فصح ضمانه كالأجرة وثمن المبيع ولا يصح ضمان مال الكتابة في إحدى الروايتين وهو قول الشافعي وأكثر أهل العلم والأخرى‏والأخرى: يصح لأنه دين على المكاتب‏المكاتب, فصح ضمانه كسائر الديون عليه والأولى أصح لأنه ليس بلازم ولا مآله إلى اللزوم فإن للمكاتب تعجيز نفسه‏نفسه, والامتناع عن أدائه فإذا لم يلزم الأصيل فالضمين أولى ويصح ضمان الأعيان المضمونة‏المضمونة, كالمغصوب والعارية وبه قال أبو حنيفة والشافعي في أحد القولين وقال في الآخر‏الآخر: لا يصح لأن الأعيان غير ثابتة في الذمة‏الذمة, وإنما يضمن ما ثبت في الذمة ووصفنا لها بالضمان إنما معناه أنه يلزمه قيمتها إن تلفت والقيمة مجهولة ولنا‏ولنا, أنها مضمونة على من هي في يده فصح ضمانها كالحقوق الثابتة في الذمة وقولهم‏وقولهم: إن الأعيان لا تثبت في الذمة قلنا‏قلنا: الضمان في الحقيقة إنما هو ضمان استنقاذها وردها‏وردها, والتزام تحصيلها أو قيمتها عند تلفها وهذا مما يصح ضمانه كعهدة المبيع فإن ضمانها يصح‏يصح, وهو في الحقيقة التزام رد الثمن أو عوضه إن ظهر بالبيع عيب أو خرج مستحقا‏مستحقا, فأما الأمانات كالوديعة والعين المؤجرة‏المؤجرة, والشركة والمضاربة والعين التي يدفعها إلى القصار والخياط‏والخياط, فهذه إن ضمنها من غير تعد فيها لم يصح ضمانها لأنها غير مضمونة على من هي في يده فكذلك على ضامنه وإن ضمنها إن تعدى فيها‏فيها, فظاهر كلام أحمد ـ رحمه الله ـ يدل على صحة الضمان فإنه قال في رواية الأثرم في رجل يتقبل من الناس الثياب‏الثياب, فقال له رجل‏رجل: ادفع إليه ثيابك وأنا ضامن فقال له‏له: هو ضامن لما دفعه إليه يعني إذا تعدى أو تلف بفعله فعلى هذا إن تلف بغير تفريط منه ولا فعله لم يلزم الضامن شيء‏شيء, لما ذكرنا وإن تلف بفعله أو تفريط لزم ضمانها ولزم ضامنه ذلك لأنها مضمونة على من هي في يده فلزم ضامنه‏ضامنه, كالغصوب والعواري وهذا في الحقيقة ضمان ما لم يجب وقد بينا جوازه ويصح ضمان عهدة المبيع عن البائع للمشتري وعن المشتري للبائع‏للبائع, فضمانه على المشتري هو أن يضمن الثمن الواجب بالبيع قبل تسليمه وإن ظهر فيه عيب أو استحق رجع بذلك على الضامن‏الضامن, وضمانه عن البائع للمشتري هو أن يضمن عن البائع الثمن متى خرج المبيع مستحقا أو رد بعيب أو أرش العيب فضمان العهدة في الموضعين هو ضمان الثمن أو جزء منه عن أحدهما للآخر وحقيقة العهدة الكتاب الذي يكتب فيه وثيقة البيع‏البيع, ويذكر فيه الثمن فعبر به عن الثمن الذي يضمنه وممن أجاز ضمان العهدة في الجملة أبو حنيفة ومالك والشافعي ومنع منه بعض الشافعية لكونه ضمان ما لم يجب وضمان مجهول‏مجهول, وضمان عين وقد بينا جواز الضمان في ذلك كله ولأن الحاجة تدعو إلى الوثيقة على البائع والوثائق ثلاثة الشهادة والرهن‏والرهن, والضمان فأما الشهادة فلا يستوفى منها الحق وأما الرهن فلا يجوز في ذلك بالإجماع لأنه يؤدي إلى أن يبقى أبدا مرهونا فلم يبق إلا الضمان ولأنه لا يضمن إلا ما كان واجبا حال العقد لأنه إنما يتعلق بالضمان حكم إذا خرج مستحقا أو معيبا حال العقد‏العقد, ومتى كان كذلك فقد ضمن ما وجب حين العقد والجهالة منتفية لأنه ضمن الجملة‏الجملة, فإذا خرج بعضه مستحقا لزمه بعض ما ضمنه إذا ثبت هذا فإنه يصح ضمان العهدة عن البائع للمشتري قبل قبض الثمن وبعده وقال الشافعي‏الشافعي: إنما يصح بعد القبض لأنه قبل القبض لو خرج مستحقا لم يجب على البائع شيء وهذا ينبني على ضمان ما لم يجب إذا كان مفضيا إلى الوجوب‏الوجوب, كالجعالة وألفاظ ضمان العهدة أن يقول‏يقول: ضمنت عهدته أو ثمنه أو دركه أو يقول للمشتري‏للمشتري: ضمنت خلاصك منه أو يقول‏يقول: متى خرج المبيع مستحقا فقد ضمنت لك الثمن وحكي عن أبي يوسف أنه قال‏قال: ضمنت عهدته أو ضمنت لك العهدة والعهدة في الحقيقة‏الحقيقة: هي الصك المكتوب فيه الابتياع هكذا فسره به أهل اللغة‏اللغة, فلا يصح ضمانه للمشتري لأنه ملكه وليس بصحيح لأن العهدة صارت في العرف عبارة عن الدرك وضمان الثمن والكلام المطلق يحمل على الأسماء العرفية دون اللغوية‏اللغوية, كالراوية تحمل عند إطلاقها على المزادة لا على الجمل‏الجمل, وإن كان هو الموضوع فأما إن ضمن له خلاص المبيع فقال أبو بكر‏بكر: هو باطل لأنه إذا خرج حرا أو مستحقا لا يستطيع تخليصه‏تخليصه, ولا يحل وقد قال أحمد في رجل باع عبدا أو أمة وضمن له الخلاص‏الخلاص, فقال‏فقال: كيف يستطيع الخلاص إذا خرج حرا‏؟‏حرا؟ فإن ضمن عهدة المبيع وخلاصه بطل في الخلاص وهل يصح في العهدة‏؟‏العهدة؟ على وجهين بناء على تفريق الصفقة إذا ثبت صحة ضمان العهدة‏العهدة, فالكلام فيما يلزم الضامن فنقول‏فنقول: إن استحقاق رجوع المشتري بالثمن لا يخلو إما أن يكون بسبب حادث بعد العقد‏العقد, أو مقارن له فأما الحادث فمثل تلف المبيع من المكيل والموزون في يد البائع أو بغصب من يده أو يتقايلان فإن المشتري يرجع على البائع دون الضامن لأن هذا الاستحقاق لم يكن موجودا حال العقد‏العقد, وإنما ضمن الاستحقاق الموجود حال العقد ويحتمل أن يرجع به على الضامن لأن ضمان ما لم يجب جائز وهذا منه وأما إن كان بسبب مقارن نظرنا فإن كان بسبب لا تفريط من البائع فيه‏فيه, كأخذه بالشفعة فإن المشتري يأخذ الثمن من الشفيع ولا يرجع على البائع ولا الضامن ومتى لم يجب على المضمون عنه شيء لم يجب على الضامن بطريق الأولى وأما إن زال ملكه عن المبيع بسبب مقارن لتفريط من البائع‏البائع, باستحقاق أو حرية أو رد بعيب قديم فله الرجوع إلى الضامن وهذا ضمان العهدة‏العهدة, وإن أراد أخذ أرش العيب رجع على الضامن أيضا لأنه إذا لزمه كل الثمن لزمه بعضه إذا استحق ذلك على المضمون عنه‏عنه, وسواء ظهر كل المبيع مستحقا أو بعضه لأنه إذا ظهر بعضه مستحقا بطل العقد في الجميع في إحدى الروايتين‏الروايتين, فقد خرجت العين كلها من يده بسبب الاستحقاق وعلى الرواية الأخرى‏الأخرى: لا يبطل العقد في الجميع ولكن استحق ردها‏ردها, فإن ردها كلها فالحكم كذلك وإن أمسك المملوك منها فله المطالبة بالأرش‏بالأرش, كما لو وجد بها عيبا ولو باعه عينا أو أقرضه شيئا بشرط أن يرهن عنده عينها فتكفل رجل بتسليم الرهن لم تصح الكفالة لأنه لا يلزم الراهن إقباضه وتسليمه‏وتسليمه, فلا يلزم الكفيل ما لا يلزم الأصل وإن ضمن للمشتري قيمة ما يحدث في المبيع من بناء أو غراس صح‏صح, سواء ضمنه البائع أو أجنبى فإذا بنى أو غرس واستحق المبيع رجع المشتري على الضامن بقيمة ما تلف أو نقص وبهذا قال أبو حنيفة وقال الشافعي‏الشافعي: لا يصح لأنه ضمان مجهول‏مجهول, وضمان ما لم يجب وقد بينا جواز ذلك‏ذلك.
فصل‏فصل:
في من يصح ضمانه ومن لا يصح يصح ضمان كل جائز التصرف في ماله‏ماله, سواء كان رجلا أو امرأة لأنه عقد يقصد به المال فصح من المرأة كالبيع ولا يصح من المجنون والمبرسم‏والمبرسم, ولا من صبي غير مميز بغير خلاف لأنه إيجاب مال بعقد فلم يصح منهم‏منهم, كالنذر ولا يصح من السفيه المحجور عليه ذكره أبو الخطاب وهو قول الشافعي وقال القاضي‏القاضي: يصح ويتبع به بعد فك الحجر عنه لأن من أصلنا أن إقراره صحيح يتبع به من بعد فك الحجر عنه‏عنه, صح فكذلك ضمانه والأول أولى لأنه إيجاب مال بعقد فلم يصح منه‏منه, كالبيع والشراء ولا يشبه الإقرار لأنه إخبار بحق سابق وأما الصبي المميز فلا يصح ضمانه‏ضمانه, في الصحيح من الوجهين وهو قول الشافعي وخرجه أصحابنا على الروايتين في صحة إقراره وتصرفاته بإذن وليه ولا يصح هذا الجمع لأن هذا التزام مال لا فائدة له فيه فلم يصح منه‏منه, كالتبرع والنذر بخلاف البيع وإن اختلفا في وقت الضمان بعد بلوغه فقال الصبي‏الصبي: قبل بلوغي وقال المضمون له‏له: بعد البلوغ فقال القاضي‏القاضي: قياس قول أحمد أن القول قول المضمون له لأن معه سلامة العقد‏العقد, فكان القول قوله كما لو اختلفا في شرط فاسد ويحتمل أن القول قول الضامن لأن الأصل عدم البلوغ وعدم وجوب الحق عليه وهذا قول الشافعي ولا يشبه هذا ما إذا اختلفا في شرط فاسد لأن المختلفين ثم متفقان على أهلية التصرف‏التصرف, والظاهر أنهما لا يتصرفان إلا تصرفا صحيحًا فكان قول مدعي الصحة هو الظاهر وهاهنا اختلفا في أهلية التصرف‏التصرف, وليس مع من يدعي الأهلية ظاهر يستند إليه ولا أصل يرجع إليه فلا ترجح دعواه والحكم في من عرف له حال جنون‏جنون, كالحكم في الصبي وإن لم يعرف له حال جنون فالقول قول المضمون له لأن الأصل عدمه‏عدمه, فأما المحجور عليه لفلس فيصح ضمانه ويتبع به بعد فك الحجر عنه لأنه من أهل التصرف‏التصرف, والحجر عليه في ماله لا في ذمته فأشبه الراهن‏الراهن, فصح تصرفه فيما عدا الرهن فهو كما لو اقترض أو أقر أو اشترى في ذمته ولا يصح ضمان العبد بغير إذن سيده سواء كان مأذونا له في التجارة أو غير مأذون له وبهذا قال ابن أبي ليلى والثوري وأبو حنيفة ويحتمل أن يصح‏يصح, ويتبع به بعد العتق وهو أحد الوجهين لأصحاب الشافعي لأنه من أهل التصرف فصح تصرفه بما لا ضرر على السيد فيه كالإقرار بالإتلاف ووجه الأول‏الأول, أنه عقد تضمن إيجاب مال فلم يصح بغير إذن كالنكاح وقال أبو ثور‏ثور: إن كان من جهة التجارة جاز‏جاز, وإن كان من غير ذلك لم يجز فإن ضمن بإذن سيده صح لأن سيده لو أذن له في التصرف صح قال القاضي‏القاضي: وقياس المذهب تعلق المال برقبته وقال ابن عقيل‏عقيل: ظاهر المذهب وقياسه أنه يتعلق بذمة السيد وقال أبو الخطاب‏الخطاب: هل يتعلق برقبته أو بذمة سيده‏؟‏سيده؟ على روايتين كاستدانته بإذن سيده وقد سبق الكلام فيها فإن أذن له سيده في الضمان ليكون القضاء من المال الذي في يده‏يده, صح ويكون ما في ذمته متعلقا بالمال الذي في يد العبد كتعلق حق الجناية برقبة الجاني‏الجاني, كما لو قال الحر‏الحر: ضمنت لك الدين على أن تأخذ من مالي هذا صح وأما المكاتب فلا يصح ضمانه بغير إذن سيده كالعبد القن لأنه تبرع بالتزام مال‏مال, فأشبه نذر الصدقة بغير مال ويحتمل أن يصح ويتبع به بعد عتقه كقولنا في العبد وإن ضمن بإذنه‏بإذنه, ففيه وجهان أحدهما لا يصح أيضا لأنه ربما أدى إلى تفويت الحرية والثاني يصح لأن الحق لهما‏لهما, لا يخرج عنهما فأما المريض فإن كان مرضه غير مخوف أو غير مرض الموت‏الموت, فحكمه حكم الصحيح وإن كان مرض الموت المخوف فحكم ضمانه حكم تبرعه يحسب من ثلثه لأنه تبرع بالتزام مال لا يلزمه‏يلزمه, ولم يأخذ عنه عوضا فأشبه الهبة وإذا فهمت إشارة الأخرس صح ضمانه لأنه يصح بيعه وإقراره وتبرعه‏وتبرعه, فصح ضمانه كالناطق ولا يثبت الضمان بكتابة منفردة عن إشارة يفهم بها أنه قصد الضمان لأنه قد يكتب عبثا أو تجربة‏تجربة, فلم يثبت الضمان به مع الاحتمال ومن لا تفهم إشارته لا يصح منه الضمان لأنه لا يدري بضمانه ولأنه لا يصح سائر تصرفاته فكذلك ضمانه‏ضمانه.
فصل:
فصل‏:‏
إذا ضمن الدين الحال مؤجلا‏مؤجلا, صح ويكون حالا على المضمون عنه مؤجلا على الضامن يملك مطالبة المضمون عنه دون الضامن وبهذا قال الشافعي قال أحمد‏أحمد, في رجل ضمن ما على فلان أن يؤديه في ثلاث سنين‏سنين: فهو عليه ويؤديه كما ضمن ووجه ذلك‏ذلك: ما روى ابن عباس (‏‏, أن رجلا لزم غريما له بعشرة دنانير على عهد رسول الله ـ {{صل}} ـ فقال‏فقال: ما عندي شيء أعطيكه فقال‏فقال: والله لا أفارقنك حتى تقضيني أو تأتيني بحميل‏بحميل, فجره إلى النبي ـ {{صل}} ـ فقال له النبي ـ {{صل}} ـ‏ـ: كم تستنظره‏؟‏تستنظره؟ قال‏قال: شهرا قال رسول الله ـ {{صل}} ـ‏ـ: فأنا أحمل فجاء به في الوقت الذي قال النبي ـ {{صل}} ـ فقال له النبي ـ {{صل}} ـ‏ـ: من أين أصبت هذا‏؟‏هذا؟ قال‏قال: من معدن قال‏قال: لا خير فيها وقضاها عنه‏عنه) رواه ابن ماجه في " سننه " ولأنه ضمن مالا بعقد مؤجل فكان مؤجلا كالبيع فإن قيل‏قيل: فعندكم الدين الحال لا يتأجل‏يتأجل, فكيف يتأجل على الضامن‏؟‏الضامن؟ أم كيف يثبت في ذمة الضامن على غير الوصف الذي يتصف به في ذمة المضمون عنه‏؟‏عنه؟ قلنا‏قلنا: الحق يتأجل في ابتداء ثبوته إذا كان بعقد وهذا ابتداء ثبوته في حق الضامن‏الضامن, فإنه لم يكن ثابتا عليه حالا ويجوز أن يخالف ما في ذمة الضامن ما في ذمة المضمون عنه بدليل ما لو مات المضمون عنه والدين مؤجل إذا ثبت هذا‏هذا, وكان الدين مؤجلا إلى شهر فضمنه إلى شهرين لم يكن له مطالبة الضامن إلى شهرين‏شهرين, فإن قضاه قبل الأجل فله الرجوع به في الحال على الرواية التي تقول‏تقول: إنه إذا قضى دينه بغير إذن رجع به لأن أكثر ما فيه ها هنا‏هنا, أنه قضى بغير إذن وعلى الرواية الأخرى لا يرجع به قبل الأجل لأنه لم يأذن له في القضاء قبل ذلك وإن كان الدين مؤجلا فضمنه حالا لم يصر حالا‏حالا, ولا يلزمه أداؤه قبل أجله لأن الضامن فرع للمضمون عنه فلا يلزمه ما لا يلزم المضمون عنه ولأن المضمون عنه لو ألزم نفسه تعجيل هذا الدين‏الدين, لم يلزمه تعجيله فبأن لا يلزم الضامن أولى ولأن الضمان التزام دين في الذمة‏الذمة, فلا يجوز أن يلتزم ما لا يلزم المضمون عنه فعلى هذا إن قضاه حالا لم يرجع به قبل أجله لأن ضمانه لم يغيره عن تأجيله والفرق بين هذه المسألة والتي قبلها‏قبلها, أن الدين الحال ثابت في الذمة مستحق القضاء في جميع الزمان فإذا ضمنه مؤجلا فقد التزم بعض ما يجب على المضمون عنه‏عنه, فصح كما لو كان الدين عشرة فضمن خمسة‏خمسة, وأما الدين المؤجل فلا يستحق قضاؤه إلا عند أجله فإذا ضمنه حالا التزم ما لم يجب على المضمون‏المضمون, فأشبه ما لو كان الدين عشرة فضمن عشرين وقيل‏وقيل: يحتمل أن يصح ضمان الدين المؤجل حالا كما يصح ضمان الحال مؤجلا قياسا لإحداهما على الأخرى وقد فرقنا بينهما بما يمنع القياس ـ إن شاء الله تعالى ـ‏ـ.
فصل‏فصل:
وإذا ضمن دينا مؤجلا عن إنسان فمات أحداهما إما الضامن وإما المضمون عنه‏عنه, فهل يحل الدين على الميت منهما‏؟‏منهما؟ على روايتين تقدم ذكرهما فإن قلنا‏قلنا: يحل على الميت لم يحل على الآخر لأن الدين لا يحل على شخص بموت غيره‏غيره, فإن كان الميت المضمون عنه لم يستحق مطالبة الضامن قبل الأجل فإن قضاه قبل الأجل‏الأجل, كان متبرعا بتعجيل القضاء وهل له مطالبة المضمون عنه قبل الأجل‏؟‏الأجل؟ يخرج على الروايتين فيمن قضى بغير إذن من هو عليه وإن كان الميت الضامن فاستوفى الغريم الدين من تركته‏تركته, لم يكن لورثته مطالبة المضمون عنه حتى يحل الحق لأنه مؤجل عليه فلا يستحق مطالبته به قبل أجله وهذا مذهب الشافعي وحكى عن زفر أن لهم مطالبته لأنه أدخله في ذلك مع علمه أنه يحل بموته ولنا أنه دين مؤجل‏مؤجل, فلا تجوز مطالبته به قبل الأجل كما لو لم يمت وقوله‏وقوله: أدخله فيه قلنا‏قلنا: إنما أدخله في المؤجل وحلوله بسبب من جهته‏جهته, فهو كما لو قضى قبل الأجل‏الأجل.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: [‏ولاولا يبرأ المضمون عنه إلا بأداء الضامن‏الضامن] يعني أن المضمون عنه لا يبرأ بنفس الضمان كما يبرأ المحيل بنفس الحوالة قبل القبض بل يثبت الحق في ذمة الضامن‏الضامن, مع بقائه في ذمة المضمون عنه ولصاحب الحق مطالبة من شاء منهما في الحياة وبعد الموت وبهذا قال الثوري والشافعي وإسحاق وأبو عبيد وأصحاب الرأي وقال أبو ثور‏ثور: الكفالة والحوالة سواء‏سواء, وكلاهما ينقل الحق عن ذمة المضمون عنه والمحيل وحكي ذلك عن ابن أبي ليلى وابن شبرمة وداود واحتجوا بما روى أبو سعيد الخدري قال‏قال: (‏كناكنا مع النبي ـ {{صل}} ـ في جنازة فلما وضعت‏وضعت, قال‏قال: هل على صاحبكم من دين‏؟‏دين؟ قالوا‏قالوا: نعم درهمان فقال‏فقال: صلوا على صاحبكم فقال على‏على: هما على يا رسول الله وأنا لهما ضامن فقام رسول الله ـ {{صل}} ـ فصلى عليه‏عليه, ثم أقبل على على‏على: فقال‏فقال: جزاك الله خيرا عن الإسلام وفك رهانك كما فككت رهان أخيك فقيل‏فقيل: يا رسول الله هذا لعلى خاصة‏خاصة, أم للناس عامة‏؟‏عامة؟ فقال‏فقال: للناس عامة‏عامة)‏‏. رواه الدارقطني فدل على أن المضمون عنه برئ بالضمان وروى الإمام أحمد في "‏المسند‏المسند" عن جابر قال‏قال: (‏توفيتوفي صاحب لنا‏لنا, فأتينا النبي ـ {{صل}} ـ ليصلي عليه فخطا خطوة ثم قال‏قال: أعليه دين‏؟‏دين؟ قلنا‏قلنا: ديناران فانصرف‏فانصرف, فتحملهما أبو قتادة فقال‏فقال: الديناران على فقال رسول الله ـ {{صل}} ـ‏ـ: وجب حق الغريم وبرئ الميت منهما‏؟‏منهما؟ قال‏قال: نعم فصلى عليه ثم قال بعد ذلك‏ذلك: ما فعل الديناران‏؟‏الديناران؟ قال‏قال: إنما مات أمس قال‏قال: فعاد إليه من الغد‏الغد, فقال‏فقال: قد قضيتهما فقال رسول الله ـ {{صل}} ـ‏ـ: الآن بردت جلدته‏جلدته) وهذا صريح في براءة المضمون عنه لقوله‏لقوله: " وبرئ الميت منهما " ولأنه دين واحد فإذا صار في ذمة ثانية برئت الأولى منه كالمحال به وذلك لأن الدين الواحد لا يحل في محلين ولنا‏ولنا, قول النبي ـ {{صل}} ـ‏ـ: (‏نفسنفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه‏عنه) وقوله في خبر أبي قتادة‏قتادة: " الآن بردت جلده " حين أخبره أنه قضى دينه ولأنها وثيقة فلا تنقل الحق‏الحق, كالشهادة وأما صلاة النبي ـ {{صل}} ـ على المضمون عنه فلأنه بالضمان صار له وفاء وإنما كان النبي ـ {{صل}} ـ يمتنع من الصلاة على مدين لم يخلف وفاء وأما قوله لعلي‏لعلي: (‏فكفك الله رهانك‏رهانك, كما فككت رهان أخيك‏أخيك) فإنه كان بحال لا يصلى عليه النبي ـ {{صل}} ـ فلما ضمنه فكه من ذلك أو مما في معناه وقوله‏وقوله: " برئ الميت منهما " أي صرت أنت المطالب بهما وهذا على سبيل التأكيد لثبوت الحق في ذمته ووجوب الأداء عليه‏عليه, بدليل قوله في سياق الحديث حين أخبره بالقضاء‏بالقضاء: " الآن بردت عليه جلده " ويفارق الضمان الحوالة فإن الضمان مشتق من الضم فيقتضي الضم بين الذمتين في تعلق الحق بهما وثبوته فيهما والحوالة من التحول‏التحول, فتقتضي تحول الحق من محله إلى ذمة المحال عليه وقولهم‏وقولهم: إن الدين الواحد لا يحل في محلين قلنا‏قلنا: يجوز تعلقه بمحلين على سبيل الاستيثاق كتعلق دين الرهن به وبذمة الراهن وقال أبو بكر عبد العزيز‏العزيز: أما الحي فلا يبرأ بمجرد الضمان رواية واحدة‏واحدة, وأما الميت ففي براءته بمجرد الضمان روايتان إحداهما يبرأ بمجرد الضمان نص عليه أحمد‏أحمد, في رواية يوسف بن موسى لما ذكرنا من الخبرين ولأن فائدة الضمان في حقه تبرئة ذمته فينبغي أن تحصل هذه الفائدة بمجرد الضمان بخلاف الحي‏الحي, فإن المقصود من الضمان في حقه الاستيثاق وثبوته في الذمتين آكد في الاستيثاق والثانية لا يبرأ إلا بالأداء لما ذكرناه‏ذكرناه, ولأنه ضمان فلا يبرأ به المضمون عنه كالحي‏كالحي.
فصل‏فصل:
ولصاحب الحق مطالبة من شاء منهما وحكي عن مالك في إحدى الروايتين عنه أنه لا يطالب الضامن إلا إذا تعذر مطالبة المضمون عنه لأنه وثيقة‏وثيقة, فلا يستوفي الحق منها إلا عند تعذر استيفائه من الأصل كالرهن ولنا أن الحق ثابت في ذمة الضامن‏الضامن, فملك مطالبته كالأصيل ولأن الحق ثابت في ذمتهما‏ذمتهما, فملك مطالبة من شاء منهما كالضامنين إذا تعذرت مطالبة المضمون عنه ولا يشبه الرهن لأنه مال من عليه الحق وليس بذي ذمة يطالب‏يطالب, إنما يطالب من عليه الدين ليقضي منه أو من غيره‏غيره.
فصل‏فصل:
وإن أبرأ صاحب الدين المضمون عنه برئت ذمة الضامن لا نعلم فيه خلافا لأنه تبع‏تبع, ولأنه وثيقة فإذا برئ الأصل زالت الوثيقة كالرهن وإن أبرأ الضامن لم تبرأ ذمة المضمون عنه لأنه أصل‏أصل, فلا يبرأ بإبراء التبع ولأنه وثيقة انحلت من غير استيفاء الدين منها فلم تبرأ ذمة الأصيل كالرهن إذا انفسخ من غير استيفائه وأيهما قضى الحق برئا جميعا من المضمون له لأنه حق واحد‏واحد, فإذا استوفى مرة زال تعلقه بهما كما لو استوفى الحق الذي به رهن وإن أحال الغريم برئا جميعا‏جميعا, لأنه حق واحد فإذا استوفى مرة زال تعلقه بهما كما لو استوفى دين الرهن وإن أحال أحدهما الغريم برئا جميعا لأن الحوالة كالقضاء‏كالقضاء.
فصل‏فصل:
وإن ضمن المضمون عنه الضامن أو تكفل المكفول عنه الكفيل‏الكفيل, لم يصح لأن الضمان يقتضي إلزامه الحق في ذمته والحق لازم له فلا يتصور إلزامه ثانيا‏ثانيا, ولأنه أصل في هذا الدين فلا يجوز أن يصير فرعا فيه وإن ضمن عنه دينا آخر أو كفل به في حق آخر‏آخر, جاز لعدم ما ذكرناه فيه "
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: [‏فمتىفمتى أدى رجع عليه سواء قال له‏له: اضمن عني أو لم يقل‏يقل] يعني إذا أدى الدين محتسبا بالرجوع على المضمون عنه‏عنه, فأما إن قضى الدين متبرعا به غير ناو للرجوع به فلا يرجع بشيء لأنه يتطوع بذلك‏بذلك, أشبه الصدقة وسواء ضمن بأمره أو بغير أمره فأما إذا أداه بنية الرجوع به لم يخل من أربعة أحوال‏أحوال: أحدها‏أحدها, أن يضمن بأمر المضمون عنه ويؤدي بأمره فإنه يرجع عليه‏عليه, سواء قال له‏له: اضمن عني أو‏أو: أد عني أو أطلق وبهذا قال مالك والشافعي وأبو يوسف وقال أبو حنيفة ومحمد‏ومحمد: إن قال‏قال: اضمن عني وانقد عني رجع عليه وإن قال‏قال: انقد هذا لم يرجع‏يرجع, إلا أن يكون مخالطا له يستقرض منه ويودع عنده لأن قوله‏قوله: اضمن عني‏عني, وانقد عني إقرار منه بالحق وإذا أطلق ذلك صار كأنه قال‏قال: هب لهذا أو تطوع عليه وإذا كان مخالطا له رجع استحسانا لأنه قد يأمر مخالطه بالنقد عنه ولنا‏ولنا, أنه ضمن ودفع بأمره فأشبه إذا كان مخالطا له أو قال‏قال: اضمن عني وما ذكراه ليس بصحيح لأنه إذا أمره بالضمان لا يكون إلا لما هو عليه‏عليه, وأمره بالنقد بعد ذلك ينصرف إلى ما ضمنه بدليل المخالط له فيجب عليه أداء ما أدى عنه‏عنه, كما لو صرح به الحال الثاني ضمن بأمره وقضى بغير أمره‏أمره, فله الرجوع أيضا وبه قال مالك والشافعي في أحد الوجوه عنه والوجه الثاني‏الثاني: لا يرجع به لأنه دفع بغير أمره أشبه ما لو تبرع به الثالث أنه إن تعذر الرجوع على المضمون عنه‏عنه, فدفع ما عليه رجع وإلا فلا لأنه تبرع بالدفع ولنا‏ولنا, أنه إذا أذن في الضمان تضمن ذلك إذنه في الأداء لأن الضمان يوجب عليه الأداء فيرجع عليه‏عليه, كما لو أذن في الأداء صريحا الحال الثالث ضمن بغير أمره وقضى بأمره‏بأمره, فله الرجوع أيضا وظاهر مذهب الشافعي أنه لا يرجع لأن أمره بالقضاء انصرف إلى ما وجب بضمانه ولنا‏ولنا: أنه أدى دينه بأمره فرجع عليه كما لو لم يكن ضامنا‏ضامنا, أو كما لو ضمن بأمره وقولهم‏وقولهم: إن إذنه في القضاء انصرف إلى ما وجب بضمانه قلنا‏قلنا: الواجب بضمانه إنما هو أداء دينه وليس هو شيئا آخر فمتى أداه عنه بإذنه لزمه إعطاؤه بدله الحال الرابع‏الرابع, ضمن بغير أمره وقضى بغير أمره ففيه روايتان إحداهما‏إحداهما, يرجع بما أدى وهو قول مالك وعبد الله بن الحسن وإسحاق والثانية لا يرجع بشيء وهو قول أبي حنيفة والشافعي‏والشافعي, وابن المنذر بدليل حديث على وأبي قتادة فإنهما لو كانا يستحقان الرجوع على الميت‏الميت, صار الدين لهما فكانت ذمة الميت مشغولة بدينهما كاشتغالها بدين المضمون عنه‏عنه, ولم يصل عليه النبي ـ {{صل}} ـ ولأنه تبرع بذلك أشبه ما لو علف دوابه وأطعم عبيده بغير أمره ووجه الأولى أنه قضاء مبرئ من دين واجب‏واجب, فكان من ضمان من هو عليه كالحاكم إذا قضاه عنه عند امتناعه فأما على وأبو قتادة فإنهما تبرعا بالقضاء والضمان‏والضمان, فإنهما قضيا دينه قصدا لتبرئة ذمته ليصلي عليه رسول الله ـ {{صل}} ـ مع علمهما بأنه لم يترك وفاء والمتبرع لا يرجع بشيء‏بشيء, وإنما الخلاف في المحتسب بالرجوع‏بالرجوع.
فصل‏فصل:
ويرجع الضامن على المضمون عنه بأقل الأمرين مما قضى أو قدر الدين لأنه إن كان الأقل الدين فالزائد لم يكن واجبا فهو متبرع بأدائه‏بأدائه, وإن كان المقضي أقل فإنما يرجع بما غرم ولهذا لو أبرأه غريمه لم يرجع بشيء وإن دفع عن الدين عرضا‏عرضا, رجع بأقل الأمرين من قيمته أو قدر الدين لذلك وإن قضى المؤجل قبل أجله لم يرجع به قبل أجله لأنه لا يجب له أكثر مما كان للغريم فإن أحاله‏أحاله, كانت الحوالة بمنزلة تقبيضه ويرجع بالأقل مما أحال به أو قدر الدين سواء قبض الغريم من المحال عليه أو أبرأه‏أبرأه, أو تعذر عليه الاستيفاء لفلس أو مطل لأن نفس الحوالة كالإقباض‏كالإقباض.
فصل:
فصل‏:‏
ولو كان على رجلين مائة على كل منهما نصفها‏نصفها, وكل واحد ضامن عن صاحبه ما عليه فضمن آخر عن أحدهما المائة بأمره وقضاها سقط الحق عن الجميع‏الجميع, وله الرجوع بها على الذي ضمن عنه ولم يكن له أن يرجع على الآخر بشيء في إحدى الروايتين لأنه لم يضمن عنه‏عنه, ولا أذن له في القضاء فإذا رجع على الذي ضمن عنه رجع على الآخر بنصفها‏بنصفها, إن كان ضمن عنه بإذنه لأنه ضمنها عنه بإذنه وقضاها ضامنه والرواية الثانية له الرجوع على الآخر بالمائة لأنها وجبت له على من أداها عنه‏عنه, فملك الرجوع بها عليه كالأصل "
فصل‏فصل:
إذا ضمن عن رجل بإذنه فطولب الضامن فله مطالبة المضمون عنه بتخليصه لأنه لزمه الأداء عنه بأمره‏بأمره, فكانت له المطالبة بتبرئة ذمته وإن لم يطالب الضامن لم يملك مطالبة المضمون عنه لأنه لما لم يكن له الرجوع بالدين قبل غرامته لم يكن له المطالبة به قبل طلبه منه وفيه وجه آخر‏آخر, أن له المطالبة لأنه شغل ذمته بإذنه فكانت له المطالبة بتفريغها كما لو استعار عبدا فرهنه‏فرهنه, كان للسيد مطالبته بفكاكه وتفريغه من الرهن والأول أولى ويفارق الضمان العارية لأن السيد يتضرر بتعويق منافع عبده المستعار فملك المطالبة بما يزيل الضرر عنه والضامن لا يبطل بالضمان شيء من منافعه فأما إن ضمن عنه بغير أمره‏أمره, لم يملك مطالبة المضمون عنه قبل الأداء بحال لأنه لا حق له يطالب به ولا شغل ذمته بأمره فأشبه الأجنبي وقيل‏وقيل: إن هذا ينبني على الروايتين في رجوعه على المضمون عنه بما أدى عنه‏عنه, فإن قلنا‏قلنا: لا يرجع فلا مطالبة له بحال وإن قلنا‏قلنا: يرجع فحكمه حكم من ضمن عنه بأمره على ما مضى تفصيله‏تفصيله.
فصل‏فصل:
فإن ضمن الضامن ضامن آخر فقضى أحدهم الدين‏الدين, برئوا جميعا فإن قضاه المضمون عنه لم يرجع على أحد وإن قضاه الضامن الأول رجع على المضمون عنه دون الضامن عنه وإن قضاه الثاني رجع على الأول‏الأول, ثم رجع الأول على المضمون عنه إذا كان كل واحد منهما قد أذن لصاحبه فإن لم يكن أذن له‏له, ففي الرجوع روايتان وإن أذن الأول للثاني ولم يأذن المضمون عنه أو أذن المضمون عنه لضامنه‏لضامنه, ولم يأذن الضامن لضامنه رجع المأذون له على من أذن له ولم يرجع الآخر على إحدى الروايتين‏الروايتين, فإن أذن المضمون عنه للضامن الثاني في الضمان ولم يأذن له الضامن الأول رجع على المضمون عنه‏عنه, ولم يرجع على الضامن لأنه إنما يرجع على من أذن له دون غيره‏غيره.
فصل‏فصل:
إذا كان له ألف على رجلين على كل واحد منهما نصفه وكل واحد منهما ضامن عن صاحبه‏صاحبه, فأبرأ الغريم أحدهما من الألف برئ منه وبرئ صاحبه من ضمانه‏ضمانه, وبقي عليه خمسمائة وإن قضاه أحدهما خمسمائة أو أبرأه الغريم منها وعين القضاء بلفظه أو ببينة عن الأصل والضمان‏والضمان, انصرف إليه وإن أطلق احتمل أن له صرفها إلى ما شاء منهما كمن أخرج زكاة نصاب وله نصابان غائب وحاضر‏وحاضر, كان له صرفها إلى ما شاء منهما واحتمل أن يكون نصفها عن الأصل ونصفها عن الضمان لأن إطلاق القضاء والإبراء ينصرف إلى جملة ما في ذمته‏ذمته, فيكون بينهما والمعتبر في القضاء لفظ القاضي ونيته وفي الإبراء لفظ المبرئ ونيته‏ونيته, ومتى اختلفوا في ذلك فالقول قول من المعتبر لفظه ونيته‏ونيته.
فصل‏فصل:
ولو ادعى ألفا على حاضر وغائب وأن كل واحد منهما ضامن عن صاحبه‏صاحبه, فاعترف الحاضر بذلك فله أخذ الألف منه فإذا قدم الغائب فاعترف‏فاعترف, رجع عليه صاحبه بنصفه وإن أنكر فالقول قوله مع يمينه‏يمينه, وإن أنكر الحاضر فالقول قوله مع يمينه فإن قامت عليه بينة فاستوفى الألف منه‏منه, لم يرجع على الغائب بشيء لأنه بإنكاره معترف أنه لا حق له عليه وإنما المدعي ظلمه وإن اعترف الغائب وعاد الحاضر عن إنكاره فله أن يستوفي منه لأنه يدعي عليه حقا يعترف له به‏به, فكان له أخذه منه وإن لم يقم على الحاضر بينة حلف وبرئ فإذا قدم الغائب فأنكر أيضا وحلف‏وحلف, برئ وإن اعترف لزمه دفع الألف وقال بعض أصحاب الشافعي‏الشافعي: لا يلزمه إلا خمس المائة الأصلية دون المضمونة لأنها سقطت عن المضمون عنه بيمينه‏بيمينه, فتسقط عن ضامنه ولنا أنه يعترف بها وغريمه يدعيها واليمين إنما أسقطت المطالبة عنه في الظاهر‏الظاهر, ولم تسقط عنه الحق الذي في ذمته ولهذا لو قامت عليه بينة بعد يمينه لزمه‏لزمه, ولزم الضامن‏الضامن.
فصل‏فصل:
ولا يدخل الضمان والكفالة خيار لأن الخيار جعل ليعرف ما فيه الحظ والضمين والكفيل على بصيرة أنه لا حظ لهما ولأنه عقد لا يفتقر إلى القبول‏القبول, فلم يدخله خيار كالنذر وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي ولا نعلم عن أحد خلافهم فإن شرط الخيار فيهما فقال القاضي‏القاضي: عندي أن الكفالة تبطل‏تبطل, وهو مذهب الشافعي لأنه شرط ما ينافي مقتضاها ففسدت كما لو شرط أن لا يؤدى ما على المكفول به‏به, وذلك لأن مقتضى الضمان والكفالة لزوم ما ضمنه أو كفل به والخيار ينافي ذلك ويحتمل أن يبطل الشرط وتصح الكفالة كما قلنا في الشروط الفاسدة في البيع ولو أقر بأنه كفل بشرط الخيار‏الخيار, لزمته الكفالة وبطل الشرط لأنه وصل بإقراره ما يبطله فأشبه استثناء الكل‏الكل.
فصل‏فصل:
وإذا ضمن رجلان عن رجل ألفا‏ألفا, ضمان اشتراط فقالا‏فقالا: ضمنا لك الألف الذي على زيد فكل واحد منهما ضامن لنصفه وإن كانوا ثلاثة فكل واحد منهم ضامن ثلثه فإن قال واحد منهم‏منهم: أنا وهذان ضامنون لك الألف فسكت الآخران فعليه ثلث الألف‏الألف, ولا شيء عليهما وإن قال كل واحد منهم‏منهم: كل واحد منا ضامن لك الألف فهذا ضمان اشتراك وانفراد وله مطالبة كل واحد منهم بالألف كله إن شاء وإن أدى أحدهم الألف كله أو حصته لم يرجع إلا على المضمون عنه لأن كل واحد منهم ضامن أصلي‏أصلي, وليس بضامن عن الضامن الآخر‏الآخر.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال [‏ومنومن كفل بنفس لزمه ما عليها إن لم يسلمها‏يسلمها] وجملة ذلك أن الكفالة بالنفس صحيحة في قول أكثر أهل العلم هذا مذهب شريح ومالك والثوري والليث وأبي حنيفة وقال الشافعي في بعض أقواله‏أقواله: الكفالة بالبدن ضعيفة واختلف أصحابه فمنهم من قال‏قال: هي صحيحة قولا واحدا وإنما أراد أنها ضعيفة في القياس‏القياس, وإن كانت ثابتة بالإجماع والأثر ومنهم من قال‏قال: فيها قولان أحدهما أنها غير صحيحة لأنها كفالة بعين فلم تصح‏تصح, كالكفالة بالوجه وبدن الشاهدين ولنا قول الله تعالى‏تعالى: {‏قالقال لن أرسله معكم حتى تؤتون موثقا من الله لتأتنني به إلا أن يحاط بكم‏بكم} [‏يوسف‏يوسف: 66‏66]‏‏. ولأن ما وجب تسليمه بعقد وجب تسليمه بعقد الكفالة كالمال إذا ثبت هذا‏هذا, فإنه متى تعذر على الكفيل إحضار المكفول به مع حياته أو امتنع من إحضاره لزمه ما عليه وقال أكثرهم‏أكثرهم: لا يغرم ولنا عموم قوله عليه السلام‏السلام: (‏الزعيمالزعيم غارم‏غارم) ولأنها أحد نوعى الكفالة‏الكفالة, فوجب بها الغرم كالكفالة بالمال‏بالمال.
فصل‏فصل:
وتصح الكفالة ببدن كل من يلزم حضوره في مجلس الحكم بدين لازم سواء كان الدين معلوما أو مجهولا وقال بعض أصحاب الشافعية‏الشافعية: لا تصح بمن عليه دين مجهول لأنه قد يتعذر إحضار المكفول به‏به, فيلزمه الدين ولا يمكن طلبه منه لجهله ولنا أن الكفالة بالبدن لا بالدين‏بالدين, والبدن معلوم فلا تبطل الكفالة لاحتمال عارض ولأنا قد تبينا أن ضمان المجهول يصح‏يصح, وهو التزام المال ابتداء فالكفالة التي لا تتعلق بالمال ابتداء أولى وتصح الكفالة بالصبي والمجنون لأنهما قد يجب إحضارهما مجلس الحكم للشهادة عليهما بالإتلاف وإذن وليهما يقوم مقام إذنهما وتصح الكفالة ببدن المحبوس والغائب وقال أبو حنيفة‏حنيفة: لا تصح ولنا‏ولنا, أن كل وثيقة صحت مع الحضور صحت مع الغيبة والحبس كالرهن والضمان ولأن الحبس لا يمنع من التسليم‏التسليم, لكون المحبوس يمكن تسليمه بأمر الحاكم أو أمر من حبسه ثم يعيده إلى الحبس بالحقين جميعا‏جميعا, والغائب يمضي إليه فيحضره إن كانت الغيبة غير منقطعة وهو أن يعلم خبره وإن لم يعلم خبره‏خبره, لزمه ما عليه‏عليه: قاله القاضي وقال في موضع آخر‏آخر: لا يلزمه ما عليه حتى تمضي مدة يمكنه الرد فيها فلا يفعل‏يفعل.
فصل‏فصل:
ولا تصح الكفالة ببدن من عليه حد سواء كان حقا لله تعالى‏تعالى, كحد الزنى والسرقة أو لآدمي كحد القذف والقصاص وهذا قول أكثر أهل العلم منهم شريح والحسن وبه قال إسحاق وأبو عبيد وأبو ثور وأصحاب الرأي وبه قال الشافعي في حدود الله تعالى‏تعالى, واختلف قوله في حدود الآدمي فقال في موضع‏موضع: لا كفالة في حدود الآدمي ولا لعان وقال في موضع‏موضع: تجوز الكفالة بمن عليه حق أو حد لأنه حق لآدمي فصحت الكفالة به‏به, كسائر حقوق الآدميين ولنا ما روي عن عمرو بن شعيب عن أبيه‏أبيه, عن جده عن النبي ـ {{صل}} ـ أنه قال (‏لالا كفالة في حد‏حد) ولأنه حد فلم تصح الكفالة فيه كحدود الله تعالى‏تعالى, ولأن الكفالة استيثاق والحدود مبناها على الإسقاط والدرء بالشبهات فلا يدخل فيها الاستيثاق‏الاستيثاق, ولأنه حق لا يجوز استيفاؤه من الكفيل إذا تعذر عليه إحضار المكفول به فلم تصح الكفالة بمن هو عليه‏عليه, كحد الزنى‏الزنى.
فصل‏فصل:
ولا تجوز الكفالة بالمكاتب من أجل دين الكتابة لأن الحضور لا يلزمه فلا تجوز الكفالة به كدين الكتابة‏الكتابة.
فصل‏فصل:
وتصح الكفالة حالة ومؤجلة كما يصح الضمان حالا ومؤجلا‏ومؤجلا, وإذا أطلق كانت حالة لأن كل عقد يدخله الحلول اقتضى إطلاقه الحلول كالثمن والضمان فإذا تكفل حالا كان له مطالبته بإحضاره‏بإحضاره, فإن أحضره وهناك يد حائلة ظالمة لم يبرأ منه ولم يلزم المكفول له تسلمه لأنه لا يحصل له غرضه وإن لم يكن يد حائلة لزمه قبوله‏قبوله, فإن قبله برئ من الكفالة وقال ابن أبي موسى‏موسى: لا يبرأ حتى يقول‏يقول: قد برئت إليك منه أو قد سلمته إليك أو قد أخرجت نفسي من كفالته والصحيح الأول لأنه عقد على عمل فبرئ منه بالعمل المعقود عليه كالإجارة‏كالإجارة, فإن امتنع من تسلمه برئ لأنه أحضر ما يجب تسليمه عند غريمه وطلب منه تسلمه على وجه لا ضرر في قبضه فبرئ منه كالمسلم فيه وقال بعض أصحابنا‏أصحابنا: إذا امتنع من تسلمه‏تسلمه, أشهد على امتناعه رجلين وبرئ لأنه فعل ما وقع العقد على فعله فبرئ منه وقال القاضي‏القاضي: يرفعه إلى الحاكم فيسلمه إليه فإن لم يجد حاكما أشهد شاهدين على إحضاره وامتناع المكفول له من قبوله والأول أصح فإن مع وجود صاحب الحق لا يلزمه دفعه إلى نائبه‏نائبه, كحاكم أو غيره وإن كانت الكفالة مؤجلة لم يلزم إحضاره قبل الأجل كالدين المؤجل‏المؤجل, فإذا حل الأجل فأحضره وسلمه برئ وإن كان غائبا أو مرتدا لحق بدار الحرب لم يؤخذ بالحق حتى يمضي زمن يمكن المضي إليه وإعادته وقال ابن شبرمة‏شبرمة: يحبس في الحال لأن الحق قد توجه عليه ولنا أن الحق يعتبر في وجوب أدائه إمكان التسليم وإن كان حالا كالدين‏كالدين, فإذا مضت مدة يمكن إحضاره فيها ولم يحضره أو كانت الغيبة منقطعة لا يعلم خبره أو امتنع من إحضاره مع إمكانه‏إمكانه, أخذ بما عليه وقال أصحاب الشافعي‏الشافعي: إن كانت الغيبة منقطعة لا يعلم مكانه لم يطالب الكفيل بإحضاره ولم يلزمه شيء‏شيء, وإن امتنع من إحضاره مع إمكانه حبس وقد دللنا على وجوب الغرم فيما مضى وإن أحضر المكفول به قبل الأجل ولا ضرر في تسليمه لزمه وإن كان فيه ضرر‏ضرر, مثل أن تكون حجة الغريم غائبة أو لم يكن يوم مجلس الحاكم أو الدين مؤجل عليه لا يمكن اقتضاؤه منه‏منه, أو قد وعده بالإنظار في تلك المدة لم يلزمه قبوله كما نقول في من دفع الدين المؤجل قبل حلوله‏حلوله.
فصل‏فصل:
وإذا عين في الكفالة تسليمه في مكان‏مكان, فأحضره في غيره لم يبرأ من الكفالة وبه قال أبو يوسف ومحمد وقال القاضي‏القاضي: إن أحضره بمكان آخر من البلد وسلمه برئ من الكفالة وقال بعض أصحابنا‏أصحابنا: متى أحضره في أي مكان كان‏كان, وفي ذلك الموضع سلطان برئ من الكفالة لكونه لا يمكنه الامتناع من مجلس الحاكم ويمكن إثبات الحجة فيه وقيل‏وقيل: إن كان عليه ضرر في إحضاره بمكان آخر‏آخر, لم يبرأ الكفيل بإحضاره فيه وإلا برئ كقولنا فيما إذا أحضره قبل الأجل ولأصحاب الشافعي اختلاف على نحو ما ذكرنا ولنا‏ولنا, أنه سلم ما شرط تسليمه في مكان في غيره فلم يبرأ كما لو أحضر المسلم فيه في غير هذا الموضع الذي شرطه‏شرطه, ولأنه قد سلم في موضع لا يقدر على إثبات الحجة فيه لغيبة شهوده أو غير ذلك‏ذلك, وقد يهرب منه ولا يقدر على إمساكه يفارق ما إذا أحضره قبل الأجل‏الأجل, فإنه عجل الحق قبل أجله فزاده خيرا فإذا لم يكن فيه ضرر وجب قبوله وإن وقعت الكفالة مطلقة‏مطلقة, وجب تسليمه في مكان العقد كالسلم فإن سلمه في غيره فهو كتسليمه في غير المكان الذي عينه وإن كان المكفول به محبوسا عند غير الحاكم‏الحاكم, لم يلزمه تسليمه محبوسا لأن ذلك الحبس يمنعه استيفاء حقه وإن كان محبوسا عند الحاكم فسلمه إليه محبوسا لزمه تسليمه لأن حبس الحاكم لا يمنعه استيفاء حقه وإذا طالب الحاكم بإحضاره أحضره مجلسه‏مجلسه, وحكم بينهما ثم يرده إلى الحبس فإن توجه عليه حق للمكفول له حبسه بالحق الأول أو حق المكفول له‏له.
فصل:
فصل‏:‏
وإن كفل إلى أجل مجهول‏مجهول, لم تصح الكفالة وبهذا قال الشافعي لأنه ليس له وقت يستحق مطالبته فيه وهكذا الضمان وإن جعله إلى الحصاد والجزاز والعطاء خرج على الوجهين‏الوجهين, كالأجل في البيع والأولى صحتها هنا لأنه تبرع من غير عوض جعل له أجلا لا يمنع من حصول المقصود منه‏منه, فصح كالنذر وهكذا كل مجهول لا يمنع مقصود الكفالة وقد روي مهنا عن أحمد في رجل كفل رجلا آخر‏آخر, فقال‏فقال: إن جئت به في وقت كذا وإلا فما عليه على فقال‏فقال: لا أدري ولكن إن قال‏قال: ساعة كذا لزمه فنص على تعيين الساعة وتوقف عن تعيين الوقت‏الوقت, ولعله أراد وقتا متسعا أو وقت شيء يحدث مثل وقت الحصاد ونحوه فأما إن قال‏قال: وقت طلوع الشمس‏الشمس, ونحو ذلك صح وإن قال‏قال: إلى الغد أو شهر كذا تعلق بأوله على ما ذكرنا في السلم‏السلم.
فصل‏فصل:
وإذا تكفل برجل إلى أجل‏أجل, إن جاء به فيه وإلا لزمه ما عليه صح وبه قال أبو حنيفة وأبو يوسف‏يوسف: وقال محمد بن الحسن والشافعي‏والشافعي: لا تصح الكفالة‏الكفالة, ولا يلزمه ما عليه لأن هذا تعليق الضمان بخطر فلم يصح كما لو علقه بقدوم زيد ولنا أن هذا موجب الكفالة ومقتضاها‏ومقتضاها, فصح اشتراطه كما لو قال‏قال: إن جئت به في وقت كذا وإلا فلك حبسي ومبنى الخلاف ها هنا على الخلاف في أن هذا مقتضي الكفالة‏الكفالة, وقد دللنا عليه وأما إن قال‏قال: إن جئت به في وقت كذا وإلا فأنا كفيل ببدن فلان أو فأنا ضامن لك مالك على فلان أو قال‏قال: إذا جاء زيد فأنا ضامن لك ما عليه أو إذا قدم الحاج فأنا كفيل بفلان أو قال‏قال: أنا كفيل بفلان شهرا فقال القاضي‏القاضي: لا تصح الكفالة وهو مذهب الشافعي ومحمد بن الحسن لأن ذلك خطر فلم يجز تعليق الضمان والكفالة به‏به, كمجيء المطر وهبوب الريح ولأنه إثبات حق لآدمي معين فلم يجز تعليقه على شرط‏شرط, ولا توقيته كالهبة وقال الشريف أبو جعفر وأبو الخطاب‏الخطاب: تصح‏تصح, وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف لأنه أضاف الضمان إلى سبب الوجود فيجب أن يصح كضمان الدرك والأول أقيس فإن قال‏قال: كفلت بفلان إن جئت به في وقت كذا وإلا فأنا كفيل بفلان‏بفلان, أو ضامن المال الذي على فلان لم يصح فيهما عند القاضي لأن الأول مؤقت والثاني معلق على شرط وقال أبو الخطاب‏الخطاب: يصح فيهما فأما إن قال‏قال: كفلت بأحد هذين الرجلين لم يصح في قولهم جميعا لأنه غير معلوم في الحال ولا في المآل‏المآل.
فصل‏فصل:
فإن قال‏قال: كفلت ببدن فلان على أن يبرأ فلان الكفيل أو على أن تبرئه من الكفالة لم يصح لأنه شرط شرطا لا يلزم الوفاء به‏به, فيكون فاسدا وتفسد الكفالة به ويحتمل أن تصح الكفالة لأنه شرط تحويل الوثيقة التي على الكفيل إليه فعلى هذا لا تلزمه الكفالة إلا أن يبرئ المكفول له الكفيل الأول لأنه إنما كفل بهذا الشرط فلا تثبت كفالته بدون شرطه وإن قال‏قال: كفلت لك بهذا الغريم‏الغريم, على أن تبرئني من الكفالة بفلان أو ضمنت لك هذا الدين بشرط أن تبرئني من ضمان الدين الآخر أو على أن تبرئني من الكفالة بفلان خرج فيه الوجهان‏الوجهان, والأولى أنه لا يصح لأنه شرط فسخ عقد في عقد فلم يصح كالبيع بشرط فسخ بيع آخر وكذلك لو شرط في الكفالة أو الضمان أن يتكفل المكفول له أو المكفول به بآخر‏بآخر, أو يضمن دينا عليه أو يبيعه شيئا عينه أو يؤجره داره‏داره, لم يصح لما ذكرنا‏ذكرنا.
فصل‏فصل:
ولو تكفل اثنان بواحد صح وأيهم قضى الدين برئ الآخران لما ذكرنا في الضمان وإن سلم المكفول به نفسه برئ كفيلاه لأنه أتى بما يلزم الكفيلين‏الكفيلين, وهو إحضار نفسه فبرئت ذمتهما كما لو قضى الدين وإن أحضر أحد الكفيلين‏الكفيلين, لم يبرأ الآخر لأن إحدى الوثيقتين انحلت من غير استيفاء فلم تنحل الأخرى كما لو أبرأ أحدهما‏أحدهما, أو انفك أحد الرهنين من قضاء الحق وفارق ما إذا سلم المكفول به نفسه لأنه أصل لهما فإذا برئ الأصل مما تكفل به عنه برئ فرعاه‏فرعاه, وكل واحد من الكفيلين ليس بفرع للآخر فلم يبرأ ببراءته ولذلك لو أبرأ المكفول به برئ كفيلاه ولو أبرئ أحد الكفيلين برئ وحده دون صاحبه‏صاحبه.
فصل‏فصل:
ولو تكفل واحد لاثنين‏لاثنين, فأبرأه أحدهما أو أحضره عند أحدهما لم يبرأ من الآخر لأن عقد الواحد مع الاثنين بمنزلة العقدين‏العقدين, فقد التزم إحضاره عند كل واحد منهما فإذا أحضره عند واحد برئ منه‏منه, وبقي حق الآخر كما لو كان في عقدين وكما لو ضمن دينا لرجلين‏لرجلين, فوفى أحدهما حقه "
فصل‏فصل:
وإذا قال رجل لآخر‏لآخر: اضمن عن فلان أو اكفل بفلان ففعل كان الضمان والكفالة لازمين للمباشر دون الآمر لأنه كفل باختيار نفسه‏نفسه, وإنما الأمر إرشاد وحث على فعل خير فلم يلزمه به بشيء‏بشيء.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: [‏فإنفإن مات برئ المتكفل‏المتكفل] وجملته أنه إذا مات المكفول به‏به, سقطت الكفالة ولم يلزم الكفيل شيء وبهذا قال شريح والشعبي وحماد بن أبي سليمان وأبو حنيفة‏حنيفة, والشافعي وقال الحكم ومالك والليث‏والليث: يجب على الكفيل غرم ما عليه وحكى ذلك عن ابن شريح لأن الكفيل وثيقة بحق فإذا تعذرت من جهة من عليه الدين استوفى من الوثيقة كالرهن ولأنه تعذر إحضاره‏إحضاره, فلزم كفيله ما عليه كما لو غاب ولنا أن الحضور سقط عن المكفول به‏به, فبرئ الكفيل كما لو برئ من الدين ولأن ما التزمه من أجله سقط عن الأصل فبرئ الفرع‏الفرع, كالضامن إذا قضى المضمون عنه الدين أو أبرئ منه وفارق ما إذا غاب‏غاب, فإن الحضور لم يسقط عنه ويفارق الرهن فإنه علق به المال فاستوفى منه‏منه.
فصل‏فصل:
إذا قال الكفيل‏الكفيل: قد برئ المكفول به من الدين‏الدين, وسقطت الكفالة أو قال‏قال: لم يكن عليه دين حين كفلته فأنكر المكفول له فالقول قوله لأن الأصل صحة الكفالة وبقاء الدين وعليه اليمين‏اليمين, فإن نكل قضى عليه ويحتمل أن لا يستحلف فيما إذا ادعى الكفيل أنه تكفل بمن لا دين عليه لأن الكفيل مكذب لنفسه فيما ادعاه فإن من كفل بشخص معترف بدينه في الظاهر والأول أولى لأن ما ادعاه محتمل‏محتمل.
فصل‏فصل:
وإذا قال المكفول له للكفيل‏للكفيل: أبرأتك من الكفالة برئ لأنه حقه‏حقه, فيسقط بإسقاطه كالدين وإن قال‏قال: قد برئت إلى منه أو قد رددته إلى برئ أيضا لأنه معترف بوفاء الحق فهو كما لو اعترف بذلك في الضمان وكذلك إذا قال‏قال: برئت من الدين الذي كفلت به يبرأ الكفيل في هذه المواضع دون المكفول به ولا يكون إقرارا بقبض الحق وهذا قول محمد بن الحسن وقيل‏وقيل: يكون إقرارا بقبض الحق‏الحق, فيما إذا قال‏قال: برئت من الدين الذي كفلت به والأول أصح لأنه يمكن براءته بدون قبض الحق بإبراء المستحق أو موت المكفول به فأما إن قال للمكفول به‏به: أبرأتك عما لي قبلك من الحق أو برئت من الدين الذي قبلك فإنه يبرأ من الحق‏الحق, وتزول الكفالة لأنه لفظ يقتضي العموم في كل ما قبله وإن قال‏قال: برئت من الدين الذي كفل به فلان برئ وبرئ كفيله‏كفيله.
فصل‏فصل:
فإذا قال‏قال: أعط فلانا ألفا ففعل لم يرجع على الآمر‏الآمر, ولم يكن له ذلك كفالة ولا ضمانا إلا أن يقول‏يقول: أعطه عني وقال أبو حنيفة‏حنيفة: يرجع عليه إذا كان خليطا له لأن العادة أن يستقرض من خليطه ولنا أنه لم يقل‏يقل: أعطه عني فلم يلزمه الضمان‏الضمان, كما لو لم يكن خليطا ولا يلزم إذا كان له عليه مال فقال‏فقال: أعطه فلانا حيث يلزمه لأنه لا يلزمه لأجل هذا القول بل لأن عليه حقا يلزمه أداؤه‏أداؤه.
فصل‏فصل:
إذا كانت السفينة في البحر‏البحر, وفيها متاع فخيف غرقها فألقي بعض من فيها متاعه في البحر لتخف‏لتخف, لم يرجع به على أحد سواء ألقاه محتسبا بالرجوع أو متبرعا لأنه أتلف مال نفسه باختياره من غير ضمان فإن قال له بعضهم‏بعضهم: ألق متاعك فألقاه فكذلك لأنه لا يكرهه على إلقائه ولا ضمن له وإن قال‏قال: ألقه‏ألقه, وعلى ضمانه فألقاه فعلى القائل ضمانه ذكره أبو بكر لأن ضمان ما لم يجب صحيح وإن قال‏قال: ألقه وأنا وركبان السفينة ضمناء له ففعل فقال أبو بكر يضمنه القائل وحده‏وحده, إلا أن يتطوع بقيتهم قال القاضي‏القاضي: إن كان ضمان اشتراك فليس عليه إلا ضمان حصته لأنه لم يضمن الجميع إنما يضمن حصته‏حصته, وأخبر عن سائر ركبان السفينة بضمان سائره فلزمته حصته ولم يقبل قوله في حق الباقين‏الباقين, وإن كان ضمان اشتراك وانفراد بأن يقول‏يقول: كل واحد منا ضامن لك متاعك أو قيمته لزم القائل ضمان الجميع وسواء قال هذا والباقون يسمعون فسكتوا‏فسكتوا, أو قالوا‏قالوا: لا نفعل أو لم يسمعوا لأن سكوتهم لا يلزمهم به حق‏حق.
فصل‏فصل:
قال مهنا‏مهنا: سألت أحمد عن رجل له على رجل ألف درهم فأقام بها كفيلين‏كفيلين, كل واحد منهما كفيل ضامن فأيهما شاء أخذه بحقه فأحال رب المال عليه رجلا بحقه‏؟‏بحقه؟ فقال‏فقال: يبرأ الكفيلان قلت‏قلت: فإن مات الذي أحاله عليه بالحق ولم يترك شيئا‏؟‏شيئا؟ قال‏قال: لا شيء له‏له, ويذهب الألف‏الألف.
 
[[تصنيف:المغني]]