الفرق بين المراجعتين لصفحة: «المغني - كتاب الزكاة»

تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
ط تصنيف using AWB
سطر 28:
o مسألة: الجواميس كغيرها من البقر
o فصل: اختلاف الرواية في بقر الوحش
o فصل‏فصل: وجوب الزكاة في المتولد بين الوحشي والأهلي
• باب صدقة الغنم
o مسألة: ليس فيما دون أربعين من الغنم سائمة صدقة
سطر 201:
o مسألة: الخمس في الركاز
o فصل: وجوب الخمس في الجميع
o الفصل الأول‏الأول: الركاز
o الفصل الثاني: وجود الركاز في أرض موات
o فصل: الركاز لواجده في الدار المكتراة
سطر 209:
o الفصل الثاني: في قدر الواجب وصفته
o الفصل الثالث: في نصاب المعادن
o الفصل الرابع‏الرابع: في وقت الوجوب
o فصل: زكاة المستخرج من البحر كاللؤلؤ والمرجان
o فصل: المعادن الجامدة تملك بملك الأرض التي هي فيها
سطر 282:
o مسألة: المكاتب تلزمه زكاة فطره
o فصل: المكاتب تلزمه زكاة فطره وزكاة فطر من يمونه
o مسألة‏مسألة: إذا ملك جماعة عبدًا أخرج كل واحد منهم صاعًا
o فصل: العبد المشترك زكاة فطره عليه وعلى سيده
o فصل: زكاة فطر الملحوق بالقافة كزكاة العبد المشترك
سطر 297:
 
كتاب الزكاة
قال أبو محمد بن قتيبة‏قتيبة: الزكاة من الزكاء والنماء والزيادة سميت بذلك لأنها تثمر المال وتنميه يقال‏يقال: زكا الزرع‏الزرع, إذا كثر ريعه وزكت النفقة إذا بورك فيها وهي في الشريعة حق يجب في المال فعند إطلاق لفظها في موارد الشريعة ينصرف إلى ذلك والزكاة أحد أركان الإسلام الخمسة‏الخمسة, وهي واجبة بكتاب الله تعالى وسنة رسوله وإجماع أمته أما الكتاب‏الكتاب, فقول الله تعالى‏تعالى: {‏وآتواوآتوا الزكاة‏الزكاة} [‏البقرة‏البقرة: 43‏43]‏‏. وأما السنة (‏فإنفإن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعث معاذا إلى اليمن فقال‏فقال: أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم‏فقرائهم) متفق عليه في أي وأخبار سوى هذين كثيرة وأجمع المسلمون في جميع الأعصار على وجوبها‏وجوبها, واتفق الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ على قتال مانعيها فروى البخاري بإسناده عن أبي هريرة قال‏قال: لما توفي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وكان أبو بكر‏بكر, وكفر من كفر من العرب فقال عمر‏عمر: كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (‏أمرتأمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله‏الله, فمن قالها فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله‏؟‏‏الله؟) فقال‏فقال: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لقاتلتهم على منعها قال عمر‏عمر: فوالله ما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال‏للقتال, فعرفت أنه الحق ورواه أبو داود وقال‏وقال: " لو منعوني عقالا " قال أبو عبيد‏عبيد: العقال صدقة العام قال الشاعر‏الشاعر: سعى عقالا فلم يترك لنا سبدا ** فكيف لو قد سعى عمرو عقالين
وقيل‏وقيل: كانوا إذا أخذوا الفريضة أخذوا معها عقالها ومن رواه "‏عناقاعناقا " ففي روايته دليل على أخذ الصغيرة من الصغار‏الصغار.
فصل:
فصل‏:‏
فمن أنكر وجوبها جهلا به‏به, وكان ممن يجهل ذلك إما لحداثة عهده بالإسلام أو لأنه نشأ ببادية نائية عن الأمصار عرف وجوبها‏وجوبها, ولا يحكم بكفره لأنه معذور وإن كان مسلما ناشئا ببلاد الإسلام بين أهل العلم فهو مرتد تجري عليه أحكام المرتدين ويستتاب ثلاثا‏ثلاثا, فإن تاب وإلا قتل لأن أدلة وجوب الزكاة ظاهرة في الكتاب والسنة وإجماع الأمة فلا تكاد تخفى على أحد ممن هذه حاله فإذا جحدها لا يكون إلا لتكذيبه الكتاب والسنة‏والسنة, وكفره بهما‏بهما.
فصل:
فصل‏:‏
وإن منعها معتقدا وجوبها وقدر الإمام على أخذها منه أخذها وعزره‏وعزره, ولم يأخذ زيادة عليها في قول أكثر أهل العلم منهم أبو حنيفة‏حنيفة, ومالك والشافعي وأصحابهم وكذلك إن غل ماله فكتمه حتى لا يأخذ الإمام زكاته‏زكاته, فظهر عليه وقال إسحاق بن راهويه وأبو بكر عبد العزيز‏العزيز: يأخذها وشطر ماله لما روى بهز بن حكيم عن أبيه عن جده‏جده, عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه كان يقول‏يقول: (‏فيفي كل سائمة الإبل في كل أربعين بنت لبون لا تفرق عن حسابها‏حسابها, من أعطاها مؤتجرا فله أجرها ومن أباها فإني آخذها وشطر ماله عزمة من عزمات ربنا‏ربنا, لا يحل لآل محمد منها شيء‏شيء) وذكر هذا الحديث لأحمد فقال‏فقال: ما أدري ما وجهه‏؟‏وجهه؟ وسئل عن إسناده فقال‏فقال: هو عندي صالح الإسناد رواه أبو داود والنسائي‏والنسائي, في " سننهما " ووجه الأول قول النبي - صلى الله عليه وسلم- : (‏ليسليس في المال حق سوى الزكاة‏الزكاة) ولأن منع الزكاة كان في زمن أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ بموت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- مع توفر الصحابة ـ رضي الله عنه ـم ـ فلم ينقل أحد عنهم زيادة‏زيادة, ولا قولا بذلك واختلف أهل العلم في العذر عن هذا الخبر فقيل‏فقيل: كان في بدء الإسلام حيث كانت العقوبات في المال ثم نسخ بالحديث الذي رويناه وحكى الخطابي‏الخطابي, عن إبراهيم الحربي أنه يؤخذ منه السن الواجبة عليه من خيار ماله من غير زيادة في سن ولا عدد لكن ينتقي من خير ماله ما تزيد به صدقته في القيمة بقدر شطر قيمة الواجب عليه فيكون المراد ب " ما له " ها هنا الواجب عليه من ماله‏ماله, فيزاد عليه في القيمة بقدر شطره والله أعلم فأما إن كان مانع الزكاة خارجا عن قبضة الإمام قاتله لأن الصحابة ـ رضي الله عنه ـم ـ قاتلوا مانعيها وقال أبو بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ‏ـ: لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لقاتلتهم عليه فإن ظفر به وبماله‏وبماله, أخذها من غير زيادة أيضا ولم تسب ذريته لأن الجناية من غيرهم ولأن المانع لا يسبى‏يسبى, فذريته أولى وإن ظفر به دون ماله دعاه إلى أدائها واستتابه ثلاثا‏ثلاثا, فإن تاب وأدى وإلا قتل ولم يحكم بكفره وعن أحمد ما يدل على أنه يكفر بقتاله عليها‏عليها, فروى الميموني عنه‏عنه: إذا منعوا الزكاة كما منعوا أبا بكر وقاتلوا عليها لم يورثوا‏يورثوا, ولم يصل عليهم قال عبد الله بن مسعود‏مسعود: ما تارك الزكاة بمسلم ووجه ذلك ما روي أن أبا بكر ـ رضي الله عنه ـ لما قاتلهم وعضتهم الحرب‏الحرب, قالوا‏قالوا: نؤديها قال‏قال: لا أقبلها حتى تشهدوا أن قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار ولم ينقل إنكار ذلك عن أحد من الصحابة فدل على كفرهم ووجه الأول أن عمر وغيره من الصحابة امتنعوا من القتال في بدء الأمر‏الأمر, ولو اعتقدوا كفرهم لما توقفوا عنه ثم اتفقوا على القتال وبقي الكفر على أصل النفي‏النفي, ولأن الزكاة فرع من فروع الدين فلم يكفر تاركه بمجرد تركه كالحج وإذا لم يكفر بتركه‏بتركه, لم يكفر بالقتال عليه كأهل البغي وأما الذين قال لهم أبو بكر هذا القول فيحتمل أنهم جحدوا وجوبها فإنه نقل عنهم أنهم قالوا‏قالوا: إنما كنا نؤدي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لأن صلاته سكن لنا‏لنا, وليس صلاة أبي بكر سكنا لنا فلا نؤدي إليه وهذا يدل على أنهم جحدوا وجوب الأداء إلى أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ ولأن هذه قضية في عين ولا يتحقق من الذين قال لهم أبو بكر هذا القول‏القول, فيحتمل أنهم كانوا مرتدين ويحتمل أنهم جحدوا وجوب الزكاة ويحتمل غير ذلك‏ذلك, فلا يجوز الحكم به في محل النزاع ويحتمل أن أبا بكر قال ذلك لأنهم ارتكبوا كبائر وماتوا من غير توبة‏توبة, فحكم لهم بالنار ظاهرا كما حكم لقتلى المجاهدين بالجنة ظاهرا والأمر إلى الله تعالى في الجميع‏الجميع, ولم يحكم عليهم بالتخليد ولا يلزم من الحكم بالنار الحكم بالتخليد بعد أن أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم- أن قوما من أمته يدخلون النار‏النار, ثم يخرجهم الله تعالى منها ويدخلهم الجنة‏الجنة.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال أبو القاسم - رحمه الله- تعالى‏تعالى: ( وليس فيما دون خمس من الإبل سائمة صدقة ) بدأ الخرقي - رحمه الله- بذكر صدقة الإبل لأنها أهم‏أهم, فإنها أعظم النعم قيمة وأجساما وأكثر أموال العرب فالاهتمام بها أولى‏أولى, ووجوب زكاتها مما أجمع عليه علماء الإسلام وصحت فيه السنة عن النبي - صلى الله عليه وسلم- ومن أحسن ما روي في ذلك ما رواه البخاري في " صحيحه "‏‏, قال‏قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن المثنى الأنصاري قال‏قال: حدثني أبي قال‏قال: حدثنا ثمامة بن عبد الله بن أنس‏أنس, أن أنسا حدثه أن أبا بكر الصديق كتب له هذا الكتاب‏الكتاب, لما وجه إلى البحرين‏البحرين: بسم الله الرحمن الرحيم هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم- على المسلمين والتي أمر الله بها رسوله - صلى الله عليه وسلم- فمن سئلها على وجهها من المسلمين فليعطها ومن سئل فوقها فلا يعط‏يعط: " في أربع وعشرين فما دونها من الإبل في كل خمس شاة‏شاة, فإذا بلغت خمسا وعشرين إلى خمس وثلاثين ففيها بنت مخاض أنثى فإذا بلغت ستا وثلاثين إلى خمس وأربعين‏وأربعين, ففيها بنت لبون أنثى فإذا بلغت ستا وأربعين إلى ستين ففيها حقة طروقة الجمل‏الجمل, فإذا بلغت واحدة وستين إلى خمس وسبعين ففيها جذعة فإذا بلغت ستا وسبعين إلى تسعين‏تسعين, ففيها ابنتا لبون فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومائة ففيها حقتان طروقتا الفحل‏الفحل, فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة‏حقة, ومن لم يكن معه إلا أربع من الإبل فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها فإذا بلغت خمسا من الإبل‏الإبل, ففيها شاة " وذكر تمام الحديث نذكره - إن شاء الله تعالى- في أبوابه ورواه أبو داود في " سننه "‏‏, وزاد‏وزاد: " وإذا بلغت خمسا وعشرين ففيها بنت مخاض إلى أن تبلغ خمسا وثلاثين‏وثلاثين, فإن لم يكن فيها ابنة مخاض ففيها ابن لبون ذكر " وهذا كله مجمع عليه إلى أن يبلغ عشرين ومائة ذكره ابن المنذر قال‏قال: ولا يصح عن على ـ رضي الله عنه ـ ما روي عنه في خمس وعشرين يعني ما حكي عنه في خمس وعشرين خمس شياه وقول الصديق ـ رضي الله عنه ـ‏ـ: التي فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يعنى قدر‏قدر, والتقدير يسمى فرضا ومنه فرض الحاكم للمرأة فرضا وقوله‏وقوله: ومن سئل فوقها فلا يعط يعني لا يعطي فوق الفرض وأجمع المسلمون على أن ما دون خمس من الإبل لا زكاة فيه وقال النبي - صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث‏الحديث: (‏ومنومن لم يكن معه إلا أربع من الإبل فليس عليه فيها صدقة إلا أن يشاء ربها‏ربها) وقال‏وقال: (‏ليسليس فيما دون خمس ذود صدقة‏صدقة) متفق عليه والسائمة‏والسائمة: الراعية‏الراعية, وقد سامت تسوم سوما‏سوما: إذا رعت وأسمتها إذا رعيتها وسومتها‏وسومتها: إذا جعلتها سائمة‏سائمة, ومنه قول الله تعالى‏تعالى: {‏ومنهومنه شجر فيه تسيمون‏تسيمون} [النحل: 10]. أي ترعون وفي ذكر السائمة احتراز من المعلوفة والعوامل فإنه لا زكاة فيها عند أكثر أهل العلم وحكي عن مالك أن في الإبل النواضح والمعلوفة الزكاة لعموم قوله عليه السلام‏السلام: (‏فيفي كل خمس شياه‏شياه) قال أحمد‏أحمد: ليس في العوامل زكاة وأهل المدينة يرون فيها الزكاة وليس عندهم في هذا أصل ولنا قول النبي - صلى الله عليه وسلم- : (‏فيفي كل سائمة في كل أربعين بنت لبون‏لبون) في حديث بهز بن حكيم‏حكيم, فقيده بالسائمة فدل على أنه لا زكاة في غيرها وحديثهم مطلق‏مطلق, فيحمل على المقيد ولأن وصف النماء معتبر في الزكاة والمعلوفة يستغرق علفها نماءها‏نماءها, إلا أن يعدها للتجارة فيكون فيها زكاة التجارة‏التجارة.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: ( فإذا ملك خمسا من الإبل فأسامها أكثر السنة‏السنة, ففيها شاة وفي العشر شاتان وفي الخمس عشرة ثلاث شياه‏شياه, وفي العشرين أربع شياه ) وهذا كله مجمع عليه وثابت بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بما رويناه وغيره إلا قوله‏قوله: " فأسامها أكثر السنة " فإن مذهب إمامنا ومذهب أبي حنيفة أنها إذا كانت سائمة أكثر السنة ففيها الزكاة وقال الشافعي‏الشافعي: إن لم تكن سائمة في جميع الحول فلا زكاة فيها لأن السوم شرط في الزكاة‏الزكاة, فاعتبر في جميع الحول كالملك وكمال النصاب ولأن العلف يسقط والسوم يوجب‏يوجب, فإذا اجتمعا غلب الإسقاط كما لو ملك نصابا بعضه سائمة وبعضه معلوفة ولنا عموم النصوص الدالة على وجوب الزكاة في نصب الماشية واسم السوم لا يزول بالعلف اليسير‏اليسير, فلا يمنع دخولها في الخبر ولأنه لا يمنع حقه للمؤنة فأشبهت السائمة في جميع الحول‏الحول, ولأن العلف اليسير لا يمكن التحرز منه فاعتباره في جميع الحول يسقط الزكاة بالكلية سيما عند من يسوغ له الفرار من الزكاة فإنه إذا أراد إسقاط الزكاة علفها يوما فأسقطها‏فأسقطها, ولأن هذا وصف معتبر في رفع الكلفة فاعتبر فيه الأكثر كالسقي بما لا كلفة في الزرع والثمار وقولهم " السوم شرط " يحتمل أن يمنع ونقول‏ونقول: بل العلف إذا وجد في نصف الحول فما زاد مانع كما أن السقي بكلفة مانع من وجوب العشر‏العشر, ولا يكون مانعا حتى يوجد في النصف فصاعدا كذا في مسألتنا وإن سلمنا كونه شرطا فيجوز أن يكون شرط وجوده في أكثر الحول‏الحول, كالسقي بما لا كلفة فيه شرط في وجوب العشر ويكتفى بوجوده في الأكثر ويفارق ما إذا كان في بعض النصاب معلوف لأن النصاب سبب للوجوب‏للوجوب, فلا بد من وجود الشرط في جميعه وأما الحول فإنه شرط الوجوب فجاز أن يعتبر الشرط في أكثره‏أكثره.
فصل:
فصل‏:‏
ولا يجزئ في الغنم المخرجة في الزكاة إلا الجذع من الضأن‏الضأن, والثني من المعز وكذلك شاة الجبران وأيهما أخرج أجزأه ولا يعتبر كونها من جنس غنمه‏غنمه, ولا جنس غنم البلد لأن الشاة مطلقة في الخبر الذي ثبت به وجوبها وليس غنمه ولا غنم البلد سببا لوجوبها فلم يتقيد بذلك‏بذلك, كالشاة الواجبة في الفدية وتكون أنثى فإن أخرج ذكرا لم يجزئه لأن الغنم الواجبة في نصبها إناث‏إناث, ويحتمل أن يجزئه لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- أطلق لفظ الشاة فدخل فيه الذكر والأنثى ولأن الشاة إذا تعلقت بالذمة دون العين أجزأ فيها الذكر كالأضحية‏كالأضحية, فإن لم يكن له غنم لزمه شراء شاة وقال أبو بكر‏بكر: يخرج عشرة دراهم قياسا على شاة الجبران ولنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم- نص على الشاة‏الشاة, فيجب العمل بنصه ولأن هذا إخراج قيمة فلم يجز كما لو كانت الشاة واجبة في نصابها‏نصابها, وشاة الجبران مختصة بالبدل بعشرة دراهم بدليل أنها لا تجوز بدلا عن الشاة الواجبة في سائمة الغنم‏الغنم.
فصل:
فصل‏:‏
فإن أخرج عن الشاة بعيرا لم يجزئه سواء كانت قيمته أكثر من قيمة الشاة أو لم يكن‏يكن, وحكي ذلك عن مالك وداود وقال الشافعي وأصحاب الرأي‏الرأي: يجزئه البعير عن العشرين فما دونها ويتخرج لنا مثل ذلك إذا كان المخرج مما يجزئ عن خمس وعشرين لأنه يجزئ عن خمس وعشرين والعشرون داخلة فيها‏فيها, ولأن ما أجزأ عن الكثير أجزأ عما دونه كابنتي لبون عما دون ستة وسبعين ولنا أنه أخرج غير المنصوص عليه من غير جنسه‏جنسه, فلم يجزه كما لو أخرج بعيرا عن أربعين شاة ولأن النص ورد بالشاة‏بالشاة, فلم يجزئ البعير كالأصل أو كشاة الجبران ولأنها فريضة وجبت فيها شاة فلم يجزئ عنها البعير‏البعير, كنصاب الغنم ويفارق ابنتي لبون عن الجذعة لأنها من الجنس‏الجنس.
فصل:
فصل‏:‏
وتكون الشاة المخرجة كحال الإبل في الجودة والرداءة فيخرج عن الإبل السمان سمينة‏سمينة, وعن الهزال هزيلة وعن الكرائم كريمة وعن اللئام لئيمة‏لئيمة, فإن كانت مراضا أخرج شاة صحيحة على قدر المال فيقال له‏له: لو كانت الإبل صحاحا كم كانت قيمتها وقيمة الشاة‏؟‏الشاة؟ فيقال‏فيقال: قيمة الإبل مائة وقيمة الشاة خمسة فينقص من قيمتها قدر ما نقصت الإبل‏الإبل, فإذا نقصت الإبل خمس قيمتها وجب شاة قيمتها أربعة وقيل‏وقيل: تجزئه شاة تجزئ في الأضحية من غير نظر إلى القيمة وعلى القولين لا تجزئه مريضة لأن المخرج من غير جنسها وليس كله مراضا‏مراضا, فينزل منزلة اجتماع الصحاح والمراض لا تجزئ فيه إلا الصحيحة‏الصحيحة.
مسألة:
مسألة‏:‏
( قال‏قال: فإذا صارت خمسًا وعشرين ففيها بنت مخاض‏مخاض, إلى خمس وثلاثين ) فإن لم يكن فيها بنت مخاض وابن لبون ذكر فإذا بلغت ستا وثلاثين ففيها ابنة لبون إلى خمس وأربعين‏وأربعين, فإذا بلغت ستا وأربعين ففيها حقة طروقة الفحل إلى ستين فإذا بلغت إحدى وستين ففيها جذعة إلى خمس وسبعين‏وسبعين, فإذا بلغت ستا وسبعين ففيها ابنتا لبون إلى تسعين فإذا بلغت إحدى وتسعين ففيها حقتان طروقتا الفحل إلى عشرين ومائة وهذا كله مجمع عليه والخبر الذي رويناه متناول له وابنة المخاض‏المخاض: التي لها سنة وقد دخلت في الثانية‏الثانية, سميت بذلك لأن أمها قد حملت غيرها والماخض الحامل وليس كون أمها ماخضا شرطا فيها‏فيها, وإنما ذكر تعريفا لها بغالب حالها كتعريفه الربيبة بالحجر وكذلك بنت لبون وبنت المخاض أدنى سن يوجد في الزكاة‏الزكاة, ولا تجب إلا في خمس وعشرين إلى خمس وثلاثين خاصة وبنت اللبون‏اللبون: التي تمت لها سنتان ودخلت في الثالثة سميت بذلك لأن أمها قد وضعت حملها ولها لبن والحقة‏والحقة: التي لها ثلاث سنين ودخلت في الرابعة لأنها قد استحقت أن يطرقها الفحل ولهذا قال‏قال: طروقة الفحل واستحقت أن يحمل عليها وتركب والجذعة‏والجذعة: التي لها أربع سنين ودخلت في الخامسة‏الخامسة, وقيل لها ذلك لأنها تجذع إذا سقطت سنها وهي أعلى سن تجب في الزكاة ولا تجب إلا في إحدى وستين إلى خمس وسبعين وإن رضي رب المال أن يخرج مكانها ثنية جاز‏جاز, وهي التي لها خمس سنين ودخلت في السادسة وسميت ثنية لأنها قد ألقت ثنيتيها وهذا الذي ذكرناه في الأسنان ذكره أبو عبيد وحكاه عن الأصمعي‏الأصمعي, وأبي زيد الأنصاري وأبي زياد الكلابي وغيرهم وقول الخرقي‏الخرقي: " فإن لم يكن ابنة مخاض " أراد إن لم يكن في إبله ابنة مخاض أجزأه ابن لبون ولا يجزئه مع وجود ابنة مخاض لقوله عليه السلام‏السلام: (‏فإنفإن لم يكن فيها ابنة مخاض فابن لبون ذكر‏ذكر) في الحديث الذي رويناه شرط في إخراجه عدمها فإن اشتراها وأخرجها جاز‏جاز, وإن أراد إخراج ابن لبون بعد شرائها لم تجز لأنه صار في إبله بنت مخاض فإن لم يكن في إبله ابن لبون وأراد الشراء‏الشراء, لزمه شراء بنت مخاض وهذا قول مالك وقال الشافعي‏الشافعي: يجزئه شراء ابن لبون لظاهر الخبر وعمومه ولنا أنهما استويا في العدم فلزمته ابنة مخاض‏مخاض, كما لو استويا في الوجود والحديث محمول على وجوده لأن ذلك للرفق به إغناء له عن الشراء‏الشراء, ومع عدمه لا يستغني عن الشراء فكان شراء الأصل أولى على أن في بعض ألفاظ الحديث‏الحديث: " فمن لم يكن عنده ابنة مخاض على وجهها وعنده ابن لبون‏لبون, فإنه يقبل منه وليس معه شيء " فشرط في قبوله وجوده وعدمها وهذا في حديث أبي بكر‏بكر, وفي بعض الألفاظ‏الألفاظ: " ومن بلغت عنده صدقة بنت مخاض وليس عنده إلا ابن لبون " وهذا يفسد بتعين حمل المطلق عليه وإن لم يجد إلا ابنة مخاض معينة‏معينة, فله الانتقال إلى ابن لبون لقوله في الخبر‏الخبر: " فإن لم يكن عنده بنت مخاض على وجهها " ولأن وجودها كعدمها لكونها لا يجوز إخراجها‏إخراجها, فأشبه الذي لا يجد إلا ما لا يجوز الوضوء به في انتقاله إلى التيمم وإن وجد ابنة مخاض أعلى من صفة الواجب لم يجزه ابن لبون لوجود بنت مخاض على وجهها ويخير بين إخراجها وبين شراء بنت مخاض على صفة الواجب‏الواجب, ولا يخير بعض الذكورية بزيادة سن في غير هذا الموضع ولا يجزئه أن يخرج عن ابن لبون حقا ولا عن الحقة جذعا‏جذعا, لعدمهما ولا وجودهما وقال القاضي وابن عقيل‏عقيل: يجوز ذلك مع عدمهما لأنهما أعلى وأفضل فيثبت الحكم فيهما بطريق التنبيه ولنا‏ولنا, أنه لا نص فيهما ولا يصح قياسهما على ابن لبون مكان بنت مخاض لأن زيادة سن ابن لبون على بنت مخاض يمتنع بها من صغار السباع ويرعى الشجر بنفسه‏بنفسه, ويرد الماء ولا يوجد هذا في الحق مع بنت لبون لأنهما يشتركان في هذا‏هذا, فلم يبق إلا مجرد السن فلم يقابل إلا بتوجيه وقولهما‏وقولهما: إنه يدل على ثبوت الحكم فيهما بطريق التنبيه قلنا‏قلنا: بل يدل على انتفاء الحكم فيهما بدليل خطابه فإن تخصيصه بالذكر دونهما دليل على اختصاصه بالحكم دونهما‏دونهما.
فصل:
فصل‏:‏
وإن أخرج عن الواجب سنا أعلى من جنسه مثل أن يخرج بنت لبون عن بنت مخاض‏مخاض, وحقة عن بنت لبون أو بنت مخاض أو أخرج عن الجذعة ابنتي لبون أو حقتين جاز لا نعلم فيه خلافا لأنه زاد على الواجب من جنسه ما يجزئ عنه مع غيره‏غيره, فكان مجزيا عنه على انفراده كما لو كانت الزيادة في العدد وقد روى الإمام أحمد في " مسنده " وأبو داود‏داود, في " سننه " بإسنادهما عن أبي بن كعب قال‏قال: (‏بعثنيبعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم- مصدقا فمررت برجل‏برجل, فلما جمع لي ماله لم أجد عليه فيه إلا بنت مخاض فقلت له‏له: أد بنت مخاض فإنها صدقتك فقال‏فقال: ذاك ما لا لبن فيه ولا ظهر ولكن هذه ناقة فتية عظيمة سمينة‏سمينة, فخذها فقلت‏فقلت: ما أنا بآخذ ما لم أؤمر به وهذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- منك قريب فإن أحببت أن تأتيه فتعرض عليه ما عرضت على فافعل‏فافعل, فإن قبله منك قبلته وإن رده عليك رددته قال‏قال: فإني فاعل فخرج معي وخرج بالناقة التي عرض على حتى قدمنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقال له‏له: يا نبي الله‏الله, أتاني رسولك ليأخذ مني صدقة مالي وأيم الله ما قام في مالي رسول الله ولا رسوله قط قبله‏قبله, فجمعت له مالي فزعم أن ما على فيه بنت مخاض وذاك ما لا لبن فيه ولا ظهر‏ظهر, وقد عرضت عليه ناقة فتية سمينة عظيمة ليأخذها فأبى وها هي ذه قد جئتك بها يا رسول الله‏الله, خذها فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : ذاك الذي وجب عليك فإن تطوعت بخير أجزل الله فيه وقبلناه منك فقال‏فقال: فها هي ذه يا رسول الله‏الله, قد جئتك بها قال‏قال: فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بقبضها ودعا له في ماله بالبركة‏بالبركة) وهكذا الحكم إذا أخرج أعلى من الواجب في الصفة مثل أن يخرج السمينة مكان الهزيلة والصحيحة مكان المريضة‏المريضة, والكريمة مكان اللئيمة والحامل عن الحوائل فإنها تقبل منه وتجزئه‏وتجزئه, وله أجر الزيادة‏الزيادة.
فصل:
فصل‏:‏
ويخرج عن ماشيته من جنسها على صفتها فيخرج عن البخاتي بختية وعن العراب عربية‏عربية, وعن الكرام كريمة وعن السمان سمينة وعن اللئام والهزال لئيمة هزيلة فإن أخرج عن البخاتي عربية بقيمة البختية‏البختية, أو أخرج عن السمان هزيلة بقيمة السمينة جاز لأن القيمة مع اتحاد الجنس هي المقصود أجاز هذا أبو بكر وحكي عن القاضي وجه آخر‏آخر: أنه لا يجوز لأن فيه تفويت صفة مقصودة فلم يجز‏يجز, كما لو أخرج من جنس آخر والصحيح الأول لما ذكرنا وفارق خلاف الجنس فإن الجنس مرعي في الزكاة ولهذا لو أخرج البعير عن الشاة لم يجز‏يجز, ومع الجنس يجوز إخراج الجيد عن الرديء بغير خلاف‏خلاف.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: ( فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين بنت لبون‏لبون, وفي كل خمسين حقة ) ظاهر هذا أنها إذا زادت على العشرين والمائة واحدة ففيها ثلاث بنات لبون وهو إحدى الروايتين عن أحمد ومذهب الأوزاعي‏الأوزاعي, والشافعي وإسحاق والرواية الثانية لا يتعدى الفرض إلى ثلاثين ومائة‏ومائة, فيكون فيها حقة وبنتا لبون وهذا مذهب محمد بن إسحاق بن يسار وأبي عبيد ولمالك روايتان لأن الفرض لا يتغير بزيادة الواحدة بدليل سائر الفروض ولنا قول النبي - صلى الله عليه وسلم- : (‏فإذافإذا زادت على عشرين ومائة‏ومائة, ففي كل أربعين بنت لبون‏لبون) والواحدة زيادة وقد جاء مصرحا به في حديث الصدقات الذي كتبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وكان عند ال عمر بن الخطاب رواه أبو داود والترمذي‏والترمذي, وقال‏وقال: هو حديث حسن وقال ابن عبد البر‏البر: هو أحسن شيء روي في أحاديث الصدقات وفيه‏وفيه: (‏فإذافإذا كانت إحدى وعشرين ومائة ففيها ثلاث بنات لبون‏لبون) وفي لفظ‏لفظ: (‏إلىإلى عشرين ومائة فإذا زادت واحدة ففي كل أربعين بنت لبون‏لبون, وفي كل خمسين حقة‏حقة) أخرجه الدارقطني وأخرج حديث أنس من رواية إسحاق بن راهويه عن النضر بن إسماعيل‏إسماعيل, عن حماد بن سلمة قال‏قال: أخذنا هذا الكتاب من ثمامة يحدث به عن أنس وفيه‏وفيه: (‏فإذافإذا بلغت إحدى وعشرين ومائة ففي كل أربعين بنت لبون‏لبون, وفي كل خمسين حقة‏حقة) ولأن سائر ما جعله النبي - صلى الله عليه وسلم- غاية للفرض إذا زاد عليه واحدة تغير الفرض كذا هذا وقولهم‏وقولهم: إن الفرض لا يتغير بزيادة الواحدة قلنا‏قلنا: وهذا ما تغير بالواحدة وحدها‏وحدها, وإنما تغير بها مع ما قبلها فأشبهت الواحدة الزائدة عن التسعين والستين وغيرهما وقال ابن مسعود والنخعي‏والنخعي, والثوري وأبو حنيفة‏حنيفة: إذا زادت الإبل على عشرين ومائة استؤنفت الفريضة‏الفريضة, في كل خمس شاة إلى خمس وأربعين ومائة فيكون فيها حقتان وبنت مخاض إلى خمسين ومائة‏ومائة, ففيها ثلاث حقاق وتستأنف الفريضة في كل خمس شاة لما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم- كتب لعمرو بن حزم كتابا ذكر فيه الصدقات والديات وذكر فيه مثل هذا ولنا‏ولنا, أن في حديثي الصدقات الذي كتبه أبو بكر لأنس والذي كان عند آل عمر بن الخطاب مثل مذهبنا وهما صحيحان‏صحيحان, وقد رواه أبو بكر عن النبي - صلى الله عليه وسلم- بقوله‏بقوله: (‏هذههذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم- على المسلمين‏المسلمين) وأما كتاب عمرو بن حزم فقد اختلف في صفته فرواه الأثرم في " سننه " مثل مذهبنا والأخذ بذلك أولى‏أولى, لموافقته الأحاديث الصحاح وموافقته القياس فإن المال إذا وجب فيه من جنسه لم يجب من غير جنسه‏جنسه, كسائر بهيمة الأنعام ولأنه مال احتمل المواساة من جنسه فلم يجب من غير جنسه‏جنسه, كالبقر والغنم وإنما وجب في الابتداء من غير جنسه لأنه ما احتمل المواساة من جنسه فلم يجب من غير جنسه‏جنسه, فعدلنا إلى غير الجنس ضرورة وقد زال ذلك بزيادة المال وكثرته ولأنه عندهم ينقل من بنت مخاض إلى حقة‏حقة, بزيادة خمس من الإبل وهي زيادة يسيرة لا تقتضي الانتقال إلى حقة فإنا لم ننقل في محل الوفاق من بنت مخاض إلى حقة‏حقة, إلا بزيادة إحدى وعشرين وإن زادت على مائة وعشرين جزءا من بعير لم يتغير الفرض عند أحد من الناس لأن في بعض الروايات‏الروايات: " فإذا زادت واحدة " وهذا يقيد مطلق الزيادة في الرواية الأخرى‏الأخرى, ولأن سائر الفروض لا تتغير بزيادة جزء وعلى كلتا الروايتين متى بلغت الإبل مائة وثلاثين ففيها حقة وبنتا لبون وفي مائة وأربعين حقتان وبنتا لبون وفي مائة وخمسين ثلاث حقاق‏حقاق, وفي مائة وستين أربع بنات لبون ثم كلما زادت عشرا أبدلت مكان بنت لبون حقة ففي مائة وسبعين حقة وثلاث بنات لبون وفي مائة وثمانين حقتان وابنتا لبون‏لبون, وفي مائة وتسعين ثلاث حقاق وبنت لبون فإذا بلغت مائتين اجتمع الفرضان لأن فيهما خمسين أربع مرات وأربعين خمس مرات فيجب عليه أربع حقاق أو خمس بنات لبون‏لبون, أي الفرضين شاء أخرج وإن كان الآخر أفضل منه وقد روي عن أحمد أن عليه أربع حقاق وهذا محمول على أن عليه أربع حقاق بصيغة التخيير اللهم إلا أن يكون المخرج وليا ليتيم أو مجنون‏مجنون, فليس له أن يخرج من ماله إلا أدنى الفرضين وقال الشافعي‏الشافعي: الخيرة إلى الساعي ومقتضى قوله أن رب المال إذا أخرج لزمه إخراج أعلى الفرضين واحتج بقول الله تعالى‏تعالى: {‏ولاولا تيمموا الخبيث منه تنفقون} [البقرة: 267]. ولأنه وجد سبب الفرضين فكانت الخيرة إلى مستحقه أو نائبه‏نائبه, كقتل العمد الموجب للقصاص أو الدية ولنا قول النبي - صلى الله عليه وسلم- في كتاب الصدقات الذي كتبه‏كتبه, وكان عند ال عمر بن الخطاب‏الخطاب: (‏فإذافإذا كانت مائتين ففيها أربع حقاق أو خمس بنات لبون‏لبون, أي البنتين وجدت أخذت‏أخذت) وهذا نص لا يعرج معه على شيء يخالفه وقوله عليه السلام (‏لمعاذ‏لمعاذ: إياك وكرائم أموالهم‏أموالهم) ولأنها زكاة ثبت فيها الخيار فكان ذلك لرب المال‏المال, كالخيرة في الجبران بين مائتين أو عشرين درهما وبين النزول والصعود وتعيين المخرج‏المخرج, ولا تتناول الآية ما نحن فيه لأنه إنما يأخذ الفرض بصفة المال فيأخذ من الكرام كرائم ومن غيرها من وسطها‏وسطها, فلا يكون خبيثا لأن الأدنى ليس بخبيث وكذلك لو لم يوجد إلا سبب وجوبه وجب إخراجه‏إخراجه, وقياسهم يبطل بشاة الجبران وقياسنا أولى منه لأن قياس الزكاة على الزكاة أولى من قياسها على الديات إذا ثبت هذا فكان أحد الفرضين في ماله دون الآخر فهو مخير بين إخراجه أو شراء الآخر‏الآخر, ولا يتعين عليه سوى إخراج الموجود لأن الزكاة لا تجب في عين المال وقال القاضي‏القاضي: يتعين عليه إخراج الموجود لأن الزكاة لا تجب في عين المال ولعله أراد إذا لم يقدر على شراء الآخر‏الآخر.
فصل:
فصل‏:‏
فإن أراد إخراج الفرض من النوعين نظرنا فإن لم يحتج إلى تشقيص كرجل عنده أربعمائة يخرج منها أربع حقاق وخمس بنات لبون‏لبون, جاز وإن احتاج إلى تشقيص كزكاة المائتين‏المائتين, لم يجز لأنه لا يمكنه ذلك إلا بالتشقيص وقيل‏وقيل: يحتمل أن يجوز على قياس قول أصحابنا‏أصحابنا: ويجوز أن يعتق نصفي عبدين في الكفارة وهذا غير صحيح فإن الشرع لم يرد بالتشقيص في زكاة السائمة إلا من حاجة ولذلك جعل لها أوقاصا‏أوقاصا, دفعا للتشقيص عن الواجب فيها وعدل فيها دون خمس وعشرين من الإبل عن إيجاب الإبل إلى إيجاب الغنم فلا يجوز القول بتجويزه مع إمكان العدول عنه إلى إيجاب فريضة كاملة وإن وجد أحد الفرضين كاملا والآخر ناقصا‏ناقصا, لا يمكنه إخراجه إلا بجبران معه مثل أن يجد في المائتين خمس بنات لبون وثلاث حقاق تعين أخذ الفريضة الكاملة لأن الجبران بدل يشترط له عدم المبدل وإن كانت كل واحدة تحتاج إلى جبران‏جبران, مثل أن يجد أربع بنات لبون وثلاث حقاق فهو مخير أيهما شاء أخرج مع الجبران إن شاء أخرج بنات اللبون وحقة وأخذ بالجبران‏بالجبران, وإن شاء أخرج الحقاق وبنت اللبون مع جبرانها فإن قال‏قال: خذوا مني حقة وثلاث بنات لبون مع الجبران لم يجز لأنه يعدل عن الفرض مع وجوده إلى الجبران ويحتمل الجواز لأنه لا بد من الجبران وإن لم يوجد إلا حقة وأربع بنات لبون أداها وأخذ الجبران ولم يكن له دفع ثلاث بنات لبون مع الجبران‏الجبران, في أصح الوجهين وإن كان الفرضان معدومين أو معيبين فله العدول عنهما مع الجبران‏الجبران, فإن شاء أخرج أربع جذعات وأخذ ثماني شياه أو ثمانين درهما وإن شاء دفع خمس بنات مخاض ومعها عشر شياه أو مائة درهم وإن أحب أن ينقل عن الحقاق إلى بنات المخاض أو عن بنات اللبون إلى الجذاع‏الجذاع, لم يجز لأن الحقاق وبنات اللبون منصوص عليهن في هذا المال فلا يصعد إلى الحقاق بجبران ولا ينزل إلى بنات اللبون بجبران‏بجبران.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: [‏ومنومن وجبت عليه حقة وليست عنده‏عنده, وعنده ابنة لبون أخذت منه ومعها شاتان أو عشرون درهما ومن وجبت عليه ابنة لبون‏لبون, وليست عنده وعنده حقة أخذت منه وأعطى الجبران شاتين أو عشرين درهما‏درهما] المذهب في هذا أنه متى وجبت عليه سن وليست عنده‏عنده, فله أن يخرج سنا أعلى منها ويأخذ شاتين أو عشرين درهما أو سنا أنزل منها ومعها شاتين أو عشرين درهما‏درهما, إلا ابنة مخاض ليس له أن يخرج أنزل منها لأنها أدنى سن تجب في الزكاة أو جذعة فلا يخرج أعلى منها إلا أن يرضى رب المال بإخراجها لا جبران معها‏معها, فتقبل منه والاختيار في الصعود والنزول والشياه والدراهم إلى رب المال وبهذا قال النخعي‏النخعي, والشافعي وابن المنذر واختلف فيه عن إسحاق وقال الثوري‏الثوري: يخرج شاتين أو عشرة دراهم لأن الشاة في الشرع متقومة بخمسة دراهم بدليل أن نصابها أربعون‏أربعون, ونصاب الدراهم مائتان وقال أصحاب الرأي‏الرأي: يدفع قيمة ما وجب عليه أو دون السن الواجبة وفضل ما بينهما دراهم ولنا قوله عليه السلام‏السلام, في الحديث الذي رويناه من طريق البخاري‏البخاري: (‏ومنومن بلغت عنده من الإبل صدقة الجذعة وليست عنده جذعة وعنده حقة‏حقة, فإنها تقبل منه الحقة ويجعل معها شاتين إن استيسرتا له‏له, أو عشرين درهما ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده‏عنده, وعنده الجذعة فإنها تقبل منه الجذعة ويعطيه المصدق عشرين درهما أو شاتين ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده إلا بنت لبون‏لبون, فإنها تقبل منه بنت لبون ويعطى شاتين أو عشرين درهما‏درهما, ومن بلغت صدقته بنت لبون وعنده حقة فإنها تقبل منه الحقة‏الحقة, ويعطيه المصدق عشرين درهما أو شاتين ومن بلغت صدقته بنت لبون وليست عنده‏عنده, وعنده ابنة مخاض فإنها تقبل منه ابنة مخاض ويعطى معها عشرين درهمًا أو شاتين‏شاتين) وهذا نص ثابت صحيح لم يلتفت إلى ما سواه إذا ثبت هذا فإنه لا يجوز العدول إلى هذا الجبران مع وجود الأصل لأنه مشروط في الخبر بعدم الأصل‏الأصل, وإن أراد أن يخرج في الجبران شاة وعشرة دراهم فقال القاضي‏القاضي: لا يمنع هذا كما قلنا في الكفارة‏الكفارة, فله إخراجها من جنسين لأن الشاة مقام عشرة دراهم فإذا اختار إخراجها وعشرة جاز ويحتمل المنع لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- خير بين شاتين وعشرين درهما وهذا قسم ثالث‏ثالث, فتجويزه يخالف الخبر والله أعلم بالصواب‏بالصواب.
فصل‏فصل:
فإن عدم السن الواجبة والتي تليها كمن وجبت عليه جذعة فعدمها وعدم الحقة أو وجبت عليه حقة فعدمها وعدم الجذعة وابنة اللبون‏اللبون, فقال القاضي‏القاضي: يجوز أن ينتقل إلى السن الثالث مع الجبران فيخرج ابنة اللبون في الصورة الأولى ويخرج معها أربع شياه وأربعين درهما‏درهما, ويخرج ابنة مخاض في الثانية ويخرج معها مثل ذلك وذكر أن أحمد أومأ إليه وهذا قول الشافعي وقال أبو الخطاب‏الخطاب: لا ينتقل إلى سن تلي الواجب فأما إن انتقل من حقة إلى بنت مخاض‏مخاض, أو من جذعة إلى بنت لبون لم يجز لأن النص ورد بالعدول إلى سن واحدة فيجب الاقتصار عليها‏عليها, كما اقتصرنا في أخذ الشياه عن الإبل على الموضع الذي ورد به النص هذا قول ابن المنذر ووجه الأول أنه قد جوز الانتقال إلى السن الذي تليه مع الجبران وجوز العدول عن ذلك أيضا إذا عدم مع الجبران إذا كان هو الفرض وهاهنا لو كان موجودا أجزأ‏أجزأ, فإن عدم جاز العدول إلى ما يليه مع الجبران والنص إذا عقله عدي وعمل بمعناه وعلى مقتضى هذا القول يجوز العدول عن الجذعة إلى بنت المخاض مع ست شياه‏شياه, أو ستين درهما ويعدل عن ابنة المخاض إلى الجذعة ويأخذ ست شياه‏شياه, أو ستين درهما وإن أراد أن يخرج عن الأربع شياه شاتين وعشرين درهما جاز لأنهما جبرانان فهما كالكفارتين وكذلك في الجبران الذي يخرجه عن فرض المائتين من الإبل‏الإبل, إذا أخرج عن خمس بنات لبون خمس بنات مخاض أو مكان أربع حقاق أربع جذعات جاز أن يخرج بعض الجبران دراهم‏دراهم, وبعضه شياها ومتى وجد سنا تلى الواجب لا يجوز العدول إلى سن لا تليه لأن الانتقال عن السن التي تليه إلى السن الأخرى بدل فلا يجوز مع إمكان الأصل فإن عدم الحقة وابنة اللبون ووجد الجذعة وابنة المخاض‏المخاض, وكان الواجب الحقة لم يجز العدول إلى بنت المخاض وإن كان الواجب ابنة لبون‏لبون, لم يجز إخراج الجذعة والله أعلم‏أعلم.
فصل‏فصل:
فإن كان النصاب كله مراضا وفريضته معدومة فله أن يعدل إلى السن السفلى مع دفع الجبران‏الجبران, وليس له أن يصعد مع أخذ الجبران لأن الجبران أكثر من الفضل الذي بين الفرضين وقد يكون الجبران جبرا من الأصل‏الأصل, فإن قيمة الصحيحتين أكثر من قيمة المريضتين فكذلك قيمة ما بينهما فإذا كان كذلك لم يجز في الصعود‏الصعود, وجاز في النزول لأنه متطوع بشيء من ماله ورب المال يقبل منه الفضل ولا يجوز للساعي أن يعطي الفضل من المساكين فإن كان المخرج ولي اليتيم‏اليتيم, لم يجز له أيضا النزول لأنه لا يجوز أن يعطي الفضل من مال اليتيم فيتعين شراء الفرض من غير المال‏المال.
فصل‏فصل:
ولا يدخل الجبران في غير الإبل لأن النص فيها ورد وليس غيرها في معناها‏معناها, لأنها أكثر قيمة ولأن الغنم لا تختلف فريضتها باختلاف سنها وما بين الفريضتين في البقر يخالف ما بين الفريضتين في الإبل فامتنع القياس فمن عدم فريضة البقر أو الغنم‏الغنم, ووجد دونها لم يجز له إخراجها فإن وجد أعلى منها‏منها, فأحب أن يدفعها متطوعا بغير جبران قبلت منه وإن لم يفعل كلف شراءها من غير ماله‏ماله.
فصل‏فصل:
قال الأثرم‏الأثرم: قلت لأبي عبد الله - رحمه الله- : تفسير الأوقاص قال‏قال: الأوقاص ما بين الفريضتين قلت له‏له: كأنه ما بين الثلاثين إلى الأربعين في البقر وما أشبه هذا‏؟‏هذا؟ قال‏قال: نعم‏نعم, والسبق ما دون الفريضة قلت له‏له: كأنه ما دون الثلاثين من البقر وما دون الفريضة‏؟‏الفريضة؟ فقال‏فقال: نعم وقال الشعبي‏الشعبي: السبق ما بين الفريضتين أيضا قال أصحابنا‏أصحابنا: الزكاة تتعلق بالنصاب دون الوقص ومعناه‏ومعناه: أنه إذا كان عنده أكثر من الفريضة مثل أن يكون عنده ثلاثون من الإبل‏الإبل, فالزكاة تتعلق بخمسة وعشرين دون الخمسة الزائدة عليها فعلى هذا لو وجبت الزكاة فيها وتلفت الخمس الزائدة قبل التمكن من أدائها‏أدائها, وقلنا‏وقلنا: إن تلف النصاب قبل التمكن يسقط الزكاة لم يسقط ها هنا منها شيء لأن التالف لم تتعلق الزكاة به وإن تلف منها عشر سقط من الزكاة خمسها لأن الاعتبار بتلف جزء من النصاب‏النصاب, وإنما تلف منها من النصاب خمسة وأما من قال‏قال: لا تأثير لتلف النصاب في إسقاط الزكاة فلا فائدة في الخلاف عنده في هذه المسألة فيما أعلم والله تعالى أعلم‏أعلم.
باب صدقة البقر
وهي واجبة بالسنة والإجماع أما السنة فما روى أبو ذر ـ رضي الله عنه ـ عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال‏قال: (‏ماما من صاحب إبل ولا بقر ولا غنم لا يؤدي زكاتها إلا جاءت يوم القيامة أعظم ما كانت وأسمن تنطحه بقرونها‏بقرونها, وتطؤه بأخفافها كلما نفدت أخراها عادت عليه أولاها حتى يقضى بين الناس‏الناس) متفق عليه وروى النسائي‏النسائي, والترمذي عن مسروق (‏أنأن النبي - صلى الله عليه وسلم- بعث معاذا إلى اليمن وأمره أن يأخذ من كل حالم دينارا ومن البقر من كل ثلاثين تبيعا أو تبيعة‏تبيعة, ومن كل أربعين مسنة‏مسنة) وروى الإمام أحمد بإسناده عن يحيى بن الحكم أن معاذا قال‏قال: (‏بعثنيبعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أصدق أهل اليمن‏اليمن, وأمرني أن آخذ من البقر من كل ثلاثين تبيعا ومن كل أربعين مسنة قال‏قال: فعرضوا على أن آخذ ما بين الأربعين والخمسين وما بين الستين والسبعين‏والسبعين, وما بين الثمانين والتسعين فأبيت ذلك وقلت لهم‏لهم: حتى أسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم- عن ذلك فقدمت فأخبرت النبي - صلى الله عليه وسلم- فأمرني أن آخذ من كل ثلاثين تبيعا‏تبيعا, ومن كل أربعين مسنة ومن الستين تبيعين ومن السبعين مسنة وتبيعا ومن الثمانين مسنتين‏مسنتين, ومن التسعين ثلاثة أتباع ومن المائة مسنة وتبيعين ومن العشرة ومائة مسنتين وتبيعا‏وتبيعا, ومن العشرين ومائة ثلاث مسنات أو أربعة أتباع وأمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أن لا آخذ فيها بين ذلك شيئا إلا إن بلغ مسنة أو جذعا يعني تبيعًا وزعم أن الأوقاص لا فريضة فيها‏فيها) وأما الإجماع فلا أعلم اختلافا في وجوب الزكاة في البقر وقال أبو عبيد‏عبيد: لا أعلم الناس يختلفون فيه اليوم ولأنها أحد أصناف بهيمة الأنعام فوجبت الزكاة في سائمتها‏سائمتها, كالإبل والغنم‏والغنم.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: ( وليس فيما دون ثلاثين من البقر سائمة صدقة ) وجملة ذلك أنه لا زكاة فيما دون الثلاثين من البقر في قول جمهور العلماء وحكي عن سعيد بن المسيب والزهري أنهما قالا‏قالا: في كل خمس شاة ولأنها عدلت بالإبل في الهدي والأضحية فكذلك في الزكاة ولنا‏ولنا, ما تقدم من الخبر ولأن نصب الزكاة إنما ثبتت بالنص والتوقيف وليس فيما ذكراه نص ولا توقيف‏توقيف, فلا يثبت وقياسهم فاسد فإن خمسا وثلاثين من الغنم تعدل خمسا من الإبل في الهدي‏الهدي, ولا زكاة فيها إذا ثبت هذا فإنه لا زكاة في غير السائمة من البقر في قول الجمهور وحكي عن مالك أن في العوامل والمعلوفة صدقة كقوله في الإبل وقد تقدم الكلام معه وروي عن على ـ رضي الله عنه ـ قال الراوي‏الراوي: أحسبه عن النبي - صلى الله عليه وسلم- في صدقة البقر قال‏قال: " وليس في العوامل شيء " رواه أبو داود وروي عن عمرو بن شعيب‏شعيب, عن أبيه عن جده عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال‏قال: (‏ليسليس في البقر العوامل صدقة‏صدقة) وهذا مقيد يحمل عليه المطلق وروي عن علي‏علي, ومعاذ وجابر أنهم قالوا‏قالوا: لا صدقة في البقر العوامل ولأن صفة النماء معتبرة في الزكاة‏الزكاة, ولا يوجد إلا في السائمة‏السائمة.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: ( وإذا ملك الثلاثين من البقر فأسامها أكثر السنة ففيها تبيع أو تبيعة‏تبيعة, إلى تسع وثلاثين فإذا بلغت أربعين ففيها مسنة‏مسنة, إلى تسع وخمسين فإذا بلغت ستين ففيها تبيعان‏تبيعان, إلى تسع وستين فإذا بلغت سبعين ففيها تبيع ومسنة‏ومسنة, فإذا زادت ففي كل ثلاثين تبيع وفي كل أربعين مسنة ) التبيع‏التبيع: الذي له سنة‏سنة, ودخل في الثانية وقيل له ذلك لأنه يتبع أمه والمسنة‏والمسنة: التي لها سنتان وهي الثنية ولا فرض في البقر غيرهما‏غيرهما, وبما ذكر الخرقي ها هنا قال أكثر أهل العلم منهم الشعبي والنخعي والحسن‏والحسن, ومالك والليث والثوري‏والثوري, وابن الماجشون والشافعي وإسحاق‏وإسحاق, وأبو عبيد وأبو يوسف ومحمد بن الحسن‏الحسن, وأبو ثور وقال أبو حنيفة في بعض الروايات عنه‏عنه, فيما زاد على الأربعين بحسابه في كل بقرة ربع عشر مسنة فرارا من جعل الوقص تسعة عشر وهو مخالف لجميع أوقاصها فإن جميع أوقاصها عشرة عشرة ولنا‏ولنا, حديث يحيى بن الحكم الذي رويناه وهو صريح في محل النزاع وقول النبي - صلى الله عليه وسلم- في الحديث الآخر‏الآخر: (‏فيفي كل ثلاثين تبيع وفي كل أربعين مسنة‏مسنة) يدل على أن الاعتبار بهذين العددين‏العددين, ولأن البقر أحد بهيمة الأنعام ولا يجوز في زكاتها كسر كسائر الأنواع ولا ينقل من فرض فيها إلى فرض بغير وقص‏وقص, كسائر الفروض ولأن هذه زيادة لا يتم بها أحد العددين فلا يجب فيها شيء‏شيء, كما بين الثلاثين والأربعين وما بين الستين والسبعين ومخالفة قولهم للأصول أشد من الوجوه التي ذكرناها‏ذكرناها, وعلى أن أوقاص الإبل والغنم مختلفة فجاز الاختلاف ها هنا‏هنا.
فصل‏فصل:
وإذا رضي رب المال بإعطاء المسنة عن التبيع والتبيعين عن المسنة‏المسنة, أو أخرج أكثر منها سنا عنها جاز ولا مدخل للجبران فيها‏فيها, كما قدمناه في زكاة الإبل‏الإبل.
فصل‏فصل:
ولا يخرج الذكر في الزكاة أصلا إلا في البقر فإن ابن اللبون ليس بأصل إنما هو بدل عن ابنة مخاض‏مخاض, ولهذا لا يجزئ مع وجودها وإنما يجزئ الذكر في البقر عن الثلاثين وما تكرر منها‏منها, كالستين والسبعين وما تركب من الثلاثين وغيرها كالسبعين‏كالسبعين, فيها تبيع ومسنة والمائة فيها مسنة وتبيعان وإن شاء أخرج مكان الذكور إناثا لأن النص ورد بهما جميعا فأما الأربعون وما تكرر منها كالثمانين‏كالثمانين, فلا يجزئ في فرضها إلا الإناث إلا أن يخرج عن المسنة تبيعين فيجوز وإذا بلغت البقر مائة وعشرين‏وعشرين, اتفق الفرضان جميعا فيخير رب المال بين إخراج ثلاث مسنات أو أربعة أتبعة‏أتبعة, والواجب أحدهما أيهما شاء على ما نطق به الخبر المذكور والخيرة في الإخراج إلى رب المال‏المال, كما ذكرنا في زكاة الإبل وهذا التفصيل فيما إذا كان فيها إناث فإن كانت كلها ذكورا أجزأ الذكر فيها بكل حال لأن الزكاة مواساة‏مواساة, فلا يكلف المواساة من غير ماله ويحتمل أنه لا يجزئه إلا إناث في الأربعينيات لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- نص على المسنات فيجب اتباع مورده فيكلف شراءها‏شراءها, فإذا لم تكن في ماشيته كما لو لم يجد إلا دونها في السن والأول أولى لأننا أخرنا الذكر في الغنم‏الغنم, مع أنه لا مدخل له في زكاتها مع وجود الإناث فالبقر التي للذكر فيها مدخل أولى لأن للذكر فيها مدخلا‏مدخلا.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: ( والجواميس كغيرها من البقر ) لا خلاف في هذا نعلمه وقال ابن المنذر‏المنذر: أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على هذا ولأن الجواميس من أنواع البقر‏البقر, كما أن البخاتي من أنواع الإبل فإذا اتفق في المال جواميس وصنف آخر من البقر أو بخاتي وعراب‏وعراب, أو معز وضأن كمل نصاب أحدهما بالآخر وأخذ الفرض من أحدهما على قدر المالين على ما سنذكره‏سنذكره, - إن شاء الله تعالى- .
فصل‏فصل:
واختلفت الرواية في بقر الوحش فروي أن فيها الزكاة اختاره أبو بكر لأن اسم البقر يشملها فيدخل في مطلق الخبر وعنه لا زكاة فيها وهي أصح‏أصح, وهذا قول أكثر أهل العلم لأن اسم البقر عند الإطلاق لا ينصرف إليها ولا يفهم منه إذا كانت لا تسمى بقرا بدون الإضافة‏الإضافة, فيقال‏فيقال: بقر الوحش ولأن وجود نصاب منها موصوفا بصفة السوم حولا لا وجود له ولأنها حيوان لا يجزئ نوعه في الأضحية والهدي فلا تجب فيه الزكاة‏الزكاة, كالظباء ولأنها ليست من بهيمة الأنعام فلا تجب فيها الزكاة‏الزكاة, كسائر الوحوش وسر ذلك أن الزكاة إنما وجبت في بهيمة الأنعام دون غيرها لكثرة النماء فيها من درها ونسلها‏ونسلها, وكثرة الانتفاع بها لكثرتها وخفة مئونتها وهذا المعنى يختص بها‏بها, فاختصت الزكاة بها دون غيرها ولا تجب الزكاة في الظباء رواية واحدة لعدم تناول اسم الغنم لها‏لها.
فصل‏فصل:
قال أصحابنا‏أصحابنا: تجب الزكاة في المتولد بين الوحشي والأهلي‏والأهلي, سواء كانت الوحشية الفحول أو الأمهات وقال مالك وأبو حنيفة‏حنيفة: إن كانت الأمهات أهلية وجبت الزكاة فيها وإلا فلا لأن ولد البهيمة يتبع أمه وقال الشافعي‏الشافعي: لا زكاة فيها لأنها متولدة من وحشي‏وحشي, أشبه المتولد من وحشيين واحتج أصحابنا بأنها متولدة بين ما تجب فيه الزكاة وما لا تجب فيه فوجبت فيها الزكاة‏الزكاة, كالمتولدة بين سائمة ومعلوفة وزعم بعضهم أن غنم مكة متولدة من الظباء والغنم وفيها الزكاة بالاتفاق فعلى هذا القول تضم إلى جنسها من الأهلي في وجوب الزكاة‏الزكاة, وتكمل بها نصابه وتكون كأحد أنواعه والقول بانتفاء الزكاة فيها أصح لأن الأصل انتفاء الوجوب‏الوجوب, وإنما ثبت بنص أو إجماع أو قياس ولا نص في هذه ولا إجماع إنما هو في بهيمة الأنعام من الأزواج الثمانية‏الثمانية, وليست هذه داخلة في أجناسها ولا حكمها ولا حقيقتها‏حقيقتها, ولا معناها فإن المتولد بين شيئين ينفرد باسمه وجنسه وحكمه عنهما كالبغل المتولد بين الفرس والحمار والسبع المتولد بين الذئب والضبع‏والضبع, والعسبار المتولد بين الضبعان والذئبة فكذلك المتولد بين الظباء والمعز ليس بمعز ولا ظبي ولا يتناوله نصوص الشارع‏الشارع, ولا يمكن قياسه عليها لتباعد ما بينهما واختلاف حكمهما‏حكمهما, في كونه لا يجزئ في هدي ولا أضحية ولا دية ولو أسلم في الغنم لم يتناوله العقد ولو وكل وكيلا في شراء شاة‏شاة, لم يدخل في الوكالة ولا يحصل منه ما يحصل من الشياه من الدر وكثرة النسل‏النسل, بل الظاهر أنه لا ينسل له أصلا فإن المتولد بين ثنتين لا نسل له كالبغال وما لا نسل له لا در فيه‏فيه, فامتنع القياس ولم يدخل في نص ولا إجماع فإيجاب الزكاة فيها تحكم بالرأي وإذا قيل‏قيل: تجب الزكاة احتياطا وتغليبا للإيجاب‏للإيجاب, كما أثبتنا التحريم فيها في الحرم والإحرام احتياطا لم يصح لأن الواجبات لا تثبت احتياطا بالشك ولهذا لا تجب الطهارة على من تيقنها وشك في الحدث‏الحدث, ولا غيرها من الواجبات وأما السوم والعلف فالاعتبار فيه بما تجب فيه الزكاة لا بأصله الذي تولد منه بدليل أنه لو علف المتولد من السائمة لم تجب زكاته‏زكاته, ولو أسام أولاد المعلوفة لوجبت زكاتها وقول من زعم أن غنم مكة متولدة من الغنم والظباء لا يصح لأنها لو كانت كذلك لحرمت في الحرم والإحرام ووجب فيها الجزاء‏الجزاء, كسائر المتولد بين الوحشي والأهلي ولأنها لو كانت كذلك متولدة من جنسين لما كان لها نسل كالسبع والبغال‏والبغال.
باب صدقة الغنم
وهي واجبة بالسنة والإجماع أما السنة فما روى أنس‏أنس, في كتاب أبي بكر الذي ذكرنا أوله قال‏قال: (‏وفيوفي صدقة الغنم في سائمتها‏سائمتها, إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاة فإذا زادت على عشرين ومائة إلى مائتين‏مائتين, ففيها شاتان فإذا زادت على مائتين إلى ثلاثمائة ففيها ثلاث شياه‏شياه, فإذا زادت على ثلاثمائة ففي كل مائة شاة وإذا كانت سائمة الرجل ناقصة من أربعين شاة واحدة‏واحدة, فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها ولا يخرج في الصدقة هرمة ولا ذات عوار‏عوار, ولا تيسا إلا ما شاء المصدق‏المصدق) واختار سوى هذا كثير وأجمع العلماء على وجوب الزكاة فيها‏فيها.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال أبو القاسم‏القاسم: ( وليس فيما دون أربعين من الغنم سائمة صدقة‏صدقة, فإذا ملك أربعين من الغنم فأسامها أكثر السنة ففيها شاة‏شاة, إلى عشرين ومائة فإذا زادت واحدة ففيها شاتان إلى مائتين‏مائتين, فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث شياه ) وهذا كله مجمع عليه قاله ابن المنذر‏المنذر: إلا المعلوفة في أقل من نصف الحول على ما ذكرنا من الخلاف فيه وحكي عن معاذ ـ رضي الله عنه ـ أن الفرض لا يتغير بعد المائة وإحدى وعشرين‏وعشرين, حتى تبلغ مائتين واثنين وأربعين ليكون مثلي مائة وإحدى وعشرين ولا يثبت عنه وروى سعيد عن خالد‏خالد, بن مغيرة عن الشعبي عن معاذ‏معاذ, قال‏قال: كان إذا بلغت الشياه مائتين لم يغيرها حتى تبلغ أربعين ومائتين فيأخذ منها ثلاث شياه‏شياه, فإذا بلغت ثلاثمائة لم يغيرها حتى تبلغ أربعين وثلاثمائة‏وثلاثمائة, فيأخذ منها أربعا ولفظ الحديث الذي ذكرناه دليل عليه والإجماع على خلاف هذا القول دليل على فساده والشعبي لم يلق معاذا‏معاذا.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: ( فإذا زادت ففي كل مائة شاة شاة ) ظاهر هذا القول أن الفرض لا يتغير بعد المائتين وواحدة‏وواحدة, حتى يبلغ أربعمائة فيجب في كل مائة شاة ويكون الوقص ما بين المائتين وواحدة إلى أربعمائة‏أربعمائة, وذلك مائة وتسعة وتسعون وهذا إحدى الروايتين عن أحمد وقول أكثر الفقهاء وعن أحمد رواية أخرى أنها إذا زادت على ثلاثمائة وواحدة‏وواحدة, ففيها أربع شياه ثم لا يتغير الفرض حتى تبلغ خمسمائة فيكون في كل مائة شاة‏شاة, ويكون الوقص الكبير بين ثلاثمائة وواحدة إلى خمسمائة وهو أيضا مائة وتسعة وتسعون وهذا اختيار أبي بكر وحكي عن النخعي‏النخعي, والحسن بن صالح لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- جعل الثلاثمائة حدا للوقص وغاية له‏له, فيجب أن يتعقبه تغير النصاب كالمائتين ولنا قول النبي - صلى الله عليه وسلم- : (‏فإذافإذا زادت‏زادت, ففي كل مائة شاة‏شاة) وهذا يقتضي أن لا يجب في دون المائة شيء وفي كتاب الصدقات الذي كان عند ال عمر بن الخطاب‏الخطاب: " فإذا زادت على ثلاثمائة وواحدة فليس فيها شيء‏شيء, حتى تبلغ أربعمائة شاة ففيها أربع شياه " وهذا نص لا يجوز خلافه إلا بمثله أو أقوى منه وتحديد النصاب لاستقرار الفريضة‏الفريضة, لا للغاية والله أعلم‏أعلم.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: ( ولا يؤخذ في الصدقة تيس ولا هرمة‏هرمة, ولا ذات عوار ) ذات العوار‏العوار: المعيبة وهذه الثلاث لا تؤخذ لدناءتها فإن الله تعالى قال‏قال: {‏ولاولا تيمموا الخبيث منه تنفقون‏تنفقون} [‏البقرة‏البقرة: 267‏267]‏‏. وقال النبي - صلى الله عليه وسلم- : (‏ولاولا يخرج في الصدقة هرمة ولا ذات عوار‏عوار, ولا تيس إلا ما شاء المصدق‏المصدق) وقد قيل‏قيل: لا يؤخذ تيس الغنم وهو فحلها لفضيلته وكان أبو عبيد يروي الحديث‏الحديث: " إلا ما شاء المصدق " بفتح الدال يعني صاحب المال‏المال, فعلى هذا يكون الاستثناء في الحديث راجعا إلى التيس وحده وذكر الخطابي أن جميع الرواة يخالفونه في هذا فيروونه‏فيروونه: " المصدق " بكسر الدال أي العامل وقال‏وقال: التيس لا يؤخذ لنقصه‏لنقصه, وفساد لحمه وكونه ذكرا وعلى هذا لا يأخذ المصدق‏المصدق, وهو الساعي أحد هذه الثلاثة إلا أن يرى ذلك‏ذلك, بأن يكون جميع النصاب من جنسه فيكون له أن يأخذ من جنس المال فيأخذ هرمة وهي الكبيرة من الهرمات وذات عوار من أمثالها‏أمثالها, وتيسا من التيوس وقال مالك والشافعي إن رأى المصدق أن أخذ هذه الثلاثة خير له وأنفع للفقراء فله أخذه لظاهر الاستثناء ولا يختلف المذهب أنه ليس له أخذ الذكر في شيء من الزكاة‏الزكاة, إذا كان في النصاب إناث في غير أتبعة البقر وابن اللبون بدلا عن بنت مخاض إذا عدمها وقال أبو حنيفة‏حنيفة: يجوز إخراج الذكر من الغنم الإناث لقوله - صلى الله عليه وسلم- : (‏فيفي أربعين شاة شاة‏شاة) ولفظ الشاة يقع على الذكر والأنثى‏والأنثى, ولأن الشاة إذا أمر بها مطلقا أجزأ فيها الذكر كالأضحية والهدى ولنا‏ولنا, أنه حيوان تجب الزكاة في عينه فكانت الأنوثة معتبرة في فرضه كالإبل‏كالإبل, والمطلق يتقيد بالقياس على سائر النصب والأضحية غير معتبرة بالمال بخلاف مسألتنا فإن قيل‏قيل: فما فائدة تخصيص التيس بالنهي إذا‏؟‏إذا؟ قلنا‏قلنا: لأنه لا يؤخذ عن الذكور أيضا‏أيضا, فلو ملك أربعين ذكرا وفيها تيس معد للضراب لم يجز أخذه إما لفضيلته فإنه لا يعد للضراب إلا أفضل الغنم وأعظمها‏وأعظمها, وإما لدناءته وفساد لحمه ويجوز أن يمنع من أخذه للمعنيين جميعا وإن كان النصاب كله ذكورا جاز إخراج الذكر في الغنم وجها واحدا وفي البقر في أصح الوجهين‏الوجهين, وفي الإبل وجهان والفرق بين النصب الثلاثة أن النبي - صلى الله عليه وسلم- نص على الأنثى في فرائض الإبل والبقر وأطلق الشاة الواجبة‏الواجبة, وقال في الإبل (‏منمن لم يجد بنت مخاض أخرج ابن لبون ذكرا‏ذكرا) ومن حيث المعنى أن الإبل يتغير فرضها بزيادة السن فإذا جوزنا إخراج الذكر أفضى إلى التسوية بين الفريضتين لأنه يخرج ابن لبون عن خمس وعشرين‏وعشرين, ويخرجه عن ستة وثلاثين وهذا المعنى يختص الإبل فإن قيل‏قيل: فالبقر أيضا يأخذ منها تبيعا عن ثلاثين وتبيعا عن أربعين إذا كانت أتبعة كلها‏كلها, وقلنا‏وقلنا: تؤخذ الصغيرة عن الصغار قلنا‏قلنا: هذا يلزم مثله في إخراج الأنثى فلا فرق ومن جوز إخراج الذكر في الكل‏الكل, قال‏قال: يأخذ ابن لبون من خمس وعشرين قيمته دون قيمة ابن لبون يأخذه من ستة وثلاثين ويكون بينهما في القيمة كما بينهما في العدد‏العدد, ويكون الفرض بصفة المال وإذا اعتبرنا القيمة لم يؤد إلى التسوية كما قلنا في الغنم‏الغنم.
فصل:
فصل‏:‏
ولا يجوز إخراج المعيبة عن الصحاح‏الصحاح, وإن كثرت قيمتها للنهي عن أخذها ولما فيه من الإضرار بالفقراء ولهذا يستحق ردها في البيع وإن كثرت قيمتها وإن كان في النصاب صحاح ومراض‏ومراض, أخرج صحيحة قيمتها على قدر قيمة المالين فإن كان النصاب كله مراضا إلا مقدار الفرض‏الفرض, فهو مخير بين إخراجه وبين شراء مريضة قليلة القيمة فيخرجها ولو كانت الصحيحة غير الفريضة بعدد الفريضة‏الفريضة, مثل من وجب عليه ابنتا لبون وعنده حواران صحيحان كان عليه شراء صحيحتين‏صحيحتين, فيخرجهما وإن وجبت عليه حقتان وعنده ابنتا لبون صحيحتان خير بين إخراجهما مع الجبران وبين شراء حقتين صحيحتين على قدر قيمة المال وإن كان عنده جذعتان صحيحتان‏صحيحتان, فله إخراجهما مع أخذ الجبران وإن كانت عليه حقتان ونصف ماله صحيح ونصفه مريض فقال ابن عقيل له إخراج حقة صحيحة وحقة مريضة لأن النصف الذي يجب فيه إحدى الحقتين مريض كله والصحيح في المذهب خلاف هذا لأن في ماله صحيحا ومريضا فلم يملك إخراج مريضة‏مريضة, كما لو كان نصابا واحدا ولم يتعين النصف الذي وجبت فيه الحقة في المراض وكذلك لو كان لشريكين‏لشريكين, لم يتعين حق أحدهما في المراض دون الآخر وإن كان النصاب مراضا كله فالصحيح في المذهب جواز إخراج الفرض منه ويكون وسطا في القيمة‏القيمة, ولا اعتبار بقلة العيب وكثرته لأن القيمة تأتي على ذلك وهو قول الشافعي وأبي يوسف ومحمد وقال مالك إن كانت كلها جرباء أخرج جرباء وإن كانت كلها هتماء كلف شراء صحيحة وقال أبو بكر لا تجزئ إلا صحيحة لأن أحمد قال‏قال: لا يؤخذ إلا ما يجوز في الأضاحي وللنهي عن أخذ ذات العوار‏العوار, فعلى هذا يكلف شراء صحيحة بقدر قيمة المريضة ولنا قول النبي - صلى الله عليه وسلم- : (‏إياكإياك وكرائم أموالهم‏أموالهم) وقال (‏إنإن الله تعالى لم يسألكم خيره ولم يأمركم بشره‏بشره) رواه أبو داود‏داود, ولأن مبنى الزكاة على المواساة وتكليف الصحيحة عن المراض إخلال بالمواساة ولهذا يأخذ من الرديء من الحبوب والثمار من جنسه‏جنسه, ويأخذ من اللئام والهزال من المواشي من جنسه كذا ها هنا وقد ذكرنا أن الاستثناء في الحديث يدل على جواز إخراج المعيبة في بعض الأحوال أو نحمله على ما إذا كان فيه صحيح‏صحيح, فإن الغالب الصحة وإن كان جميع النصاب مريضا إلا بعض الفريضة أخرج الصحيحة‏الصحيحة, وتمم الفريضة من المراض على قدر المال ولا فرق في هذا بين الإبل والبقر والغنم والحكم في الهرمة كالحكم في المعيبة سواء‏سواء.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: ( ولا الربى‏الربى, ولا الماخض ولا الأكولة ) قال أحمد‏أحمد: الربى التي قد وضعت وهي تربي ولدها يعنى قريبة العهد بالولادة تقول العرب‏العرب: في ربابها كما تقول‏تقول: في نفاسها قال الشاعر‏الشاعر:
حنين أم البو في ربابها **
قال أحمد‏أحمد: والماخض التي قد حان ولادها فإن كان في بطنها ولد لم يحن ولادها‏ولادها, فهي خلفة وهذه الثلاث لا تؤخذ لحق رب المال قال عمر لساعيه‏لساعيه: لا تأخذ الربى ولا الماخض ولا الأكولة ولا فحل الغنم وإن تطوع رب المال بإخراجها جاز أخذها‏أخذها, وله ثواب الفضل على ما ذكرنا في حديث أبي بن كعب وإذا ثبت هذا وأنه منع من أخذ الرديء من أجل الفقراء‏الفقراء, ومن أخذ كرائم الأموال من أجل أربابه ثبت أن الحق في الوسط من المال قال الزهري إذا جاء المصدق قسم الشياه أثلاثا‏أثلاثا: ثلث خيار وثلث أوساط وثلث شرار‏شرار, وأخذ المصدق من الوسط وروى نحو هذا عن عمر ـ رضي الله عنه ـ وقاله إمامنا وذهب إليه والأحاديث تدل على هذا‏هذا, فروى أبو داود والنسائي بإسنادهما عن سعد بن دليم (‏قال‏قال: كنت في غنم لي‏لي, فجاءني رجلان على بعير فقالا‏فقالا: إنا رسولا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إليك لتؤدي إلينا صدقة غنمك قلت‏قلت: وما على فيها‏؟‏فيها؟ قالا‏قالا: شاة فعمد إلى شاة قد عرف مكانها ممتلئة مخضا وشحما‏وشحما, فأخرجها إليهما فقالا‏فقالا: هذه شافع وقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أن نأخذ شاة شافعا‏شافعا) والشافع‏والشافع: الحامل سميت بذلك لأن ولدها قد شفعها والمخض‏والمخض: اللبن (‏وقالوقال سويد بن غفلة‏غفلة: سرت‏سرت, أو أخبرني من سار مع مصدق رسول الله فإذا في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أن لا نأخذ من راضع لبن قال‏قال: فكان يأتي المياه حين ترد الغنم فيقول‏فيقول: أدوا صدقات أموالكم قال‏قال: فعمد رجل منهم إلى ناقة كوماء وهي العظيمة السنام‏السنام, فأبى أن يقبلها‏يقبلها) رواه أبو داود والنسائي وروى أبو داود بإسناده عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال‏قال: (‏ثلاثثلاث من فعلهن فقد طعم طعم الإيمان‏الإيمان: من عبد الله وحده‏وحده, وأنه لا إله إلا هو وأعطى زكاة ماله طيبة بها نفسه رافدة عليه كل عام‏عام, ولم يعط الهرمة ولا الدرنة ولا المريضة‏المريضة, ولا الشرط اللئيمة ولكن من وسط أموالكم فإن الله لم يسألكم خيره‏خيره, ولم يأمركم بشره‏بشره) رافدة‏رافدة: يعني معيبة والدرنة‏والدرنة: الجرباء والشرط‏والشرط: رذالة المال‏المال.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: ( وتعد عليهم السخلة‏السخلة, ولا تؤخذ منهم ) السخلة بفتح السين وكسرها‏وكسرها: الصغيرة من أولاد المعز وجملته أنه متى كان عنده نصاب كامل فنتجت منه سخال في أثناء الحول وجبت الزكاة في الجميع عند تمام حول الأمهات‏الأمهات, في قول أكثر أهل العلم وحكى عن الحسن والنخعي لا زكاة في السخال حتى يحول عليها الحول ولقوله عليه السلام (‏لالا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول‏الحول) ولنا ما روى عن عمر ـ رضي الله عنه ـ أنه قال لساعيه‏لساعيه: اعتد عليهم بالسخلة يروح بها الراعي على يديه‏يديه, ولا تأخذها منهم وهو مذهب على ولا نعرف لهما في عصرهما مخالفا فكان إجماعا‏إجماعا, ولأنه نماء نصاب فيجب أن يضم إليه في الحول كأموال التجارة‏التجارة, والخبر مخصوص بمال التجارة فنقيس عليه فأما إن لم يكمل النصاب إلا بالسخال احتسب الحول من حين كمل النصاب‏النصاب, في الصحيح من المذهب وهو قول الشافعي وإسحاق وأبي ثور وأصحاب الرأي وعن أحمد رواية أخرى أنه يعتبر حول الجميع من حين ملك الأمهات وهو قول مالك لأن الاعتبار بحول الأمهات دون السخال فيما إذا كانت نصابا وكذلك إذا لم تكن نصابا ولنا‏ولنا, أنه لم يحل الحول على نصاب فلم تجب الزكاة فيها كما لو كملت بغير سخالها‏سخالها, أو كمال التجارة فإنه لا تختلف الرواية فيه وإن نتجت السخال بعد الحول ضمت إلى أمهاتها في الحول الثاني وحده والحكم في فصلان الإبل‏الإبل, وعجول البقر كالحكم في السخال إذا ثبت هذا فإن السخلة لا تؤخذ في الزكاة لما قدمنا من قول عمر‏عمر, ولما سنذكره في المسألة التي تلي هذه ولا نعلم فيه خلافا إلا أن يكون النصاب كله صغارا‏صغارا, فيجوز أخذ الصغيرة في الصحيح من المذهب وإنما يتصور ذلك بأن يبدل كبارا بصغار في أثناء الحول‏الحول, أو يكون عنده نصاب من الكبار فتوالد نصاب من الصغار ثم تموت الأمهات‏الأمهات, ويحول الحول على الصغار وقال أبو بكر لا يؤخذ أيضا إلا كبيرة تجزئ في الأضحية وهو قول مالك لقول النبي - صلى الله عليه وسلم- (‏إنماإنما حقنا في الجذعة‏الجذعة) أو الثنية ولأن زيادة السن في المال لا يزيد به الواجب كذلك نقصانه لا ينقص به ولنا قول الصديق ـ رضي الله عنه ـ والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لقاتلتهم عليها فدل على أنهم كانوا يؤدون العناق‏العناق, ولأنه مال تجب فيه الزكاة من غير اعتبار قيمته فيجب أن يأخذ من عينه كسائر الأموال‏الأموال, والحديث محمول على ما فيه كبار وأما زيادة السن فليس تمنع الرفق بالمالك في الموضعين كما أن ما دون النصاب عفو وما فوقه عفو‏عفو, وظاهر قول أصحابنا أن الحكم في الفصلان والعجول كالحكم في السخال لما ذكرنا في الغنم ويكون التعديل بالقيمة مكان زيادة السن‏السن, كما قلنا في إخراج الذكر من الذكور ويحتمل أن لا يجوز إخراج الفصلان والعجول وهو قول الشافعي كي لا يفضي إلى التسوية بين الفروض فإنه يفضي إلى إخراج ابنة المخاض عن خمس وعشرين‏وعشرين, وست وثلاثين وست وأربعين وإحدى وستين‏وستين, ويخرج ابنتي اللبون عن ست وسبعين وإحدى وتسعين ومائة وعشرين‏وعشرين, ويفضي إلى الانتقال من ابنة اللبون الواحدة من إحدى وستين إلى اثنتين في ست وسبعين مع تقارب الوقص بينهما‏بينهما, وبينهما في الأصل أربعون والخبر ورد في السخال فيمتنع قياس الفصلان والعجول عليهما لما بينهما من الفرق‏الفرق.
فصل‏فصل:
وإن ملك نصابا من الصغار‏الصغار, انعقد عليه حول الزكاة من حين ملكه وعن أحمد لا ينعقد عليه الحول حتى يبلغ سنا يجزئ مثله في الزكاة وهو قول أبي حنيفة وحكي ذلك عن الشعبي لأنه روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال‏قال: (‏ليسليس في السخال زكاة‏زكاة) وقال‏وقال: (‏لالا تأخذ من راضع لبن‏لبن) ولأن السن معنى يتغير به الفرض فكان لنقصانه تأثير في الزكاة كالعدد ولنا‏ولنا, أن السخال تعد مع غيرها فتعد منفردة كالأمهات‏كالأمهات, والخبر يرويه جابر الجعفي وهو ضعيف عن الشعبي مرسلا‏مرسلا, ثم هو محمول على أنه لا تجب فيها قبل حول الحول والعدد تزيد الزكاة بزيادته بخلاف السن‏السن, فإذا قلنا بهذه الرواية فإذا ماتت الأمهات إلا واحدة لم ينقطع الحول‏الحول, وإن ماتت كلها انقطع الحول‏الحول.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: ( ويؤخذ من المعز الثني ومن الضأن الجذع ) وجملته أنه لا يجزئ في صدقة الغنم إلا الجذع من الضأن‏الضأن, وهو ما له ستة أشهر والثني من المعز وهو ما له سنة فإن تطوع المالك بأفضل منهما في السن جاز‏جاز, فإن كان الفرض في النصاب أخذه وإن كان كله فوق الفرض خير المالك بين دفع واحدة منه وبين شراء الفرض فيخرجه وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة في إحدى الروايتين عنه‏عنه: لا يجزئ إلا الثنية منهما جميعا لأنهما نوعا جنس‏جنس, فكان الفرض منهما واحدا كأنواع الإبل والبقر وقال مالك تجزئ الجذعة منهما لذلك‏لذلك, ولقول النبي - صلى الله عليه وسلم- : (‏إنماإنما حقنا في الجذعة والثنية‏والثنية) ولنا على جواز إخراج الجذعة من الضأن مع هذا الخبر (‏قولقول سعد بن دليم‏دليم: أتاني رجلان على بعير فقالا‏فقالا: إنا رسولا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إليك لتؤدي صدقة غنمك قلت‏قلت: فأي شيء تأخذان‏؟‏تأخذان؟ قالا‏قالا: عناق جذعة أو ثنية‏ثنية) أخرجه أبو داود ولنا ما روي مالك عن سويد بن غفلة‏غفلة, قال‏قال: (‏أتاناأتانا مصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وقال‏وقال: أمرنا أن نأخذ الجذعة من الضأن والثنية من المعز‏المعز) وهذا صريح وفيه بيان المطلق في الحديثين قبله‏قبله, ولأن جذعة الضأن تجزئ في الأضحية بخلاف جذعة المعز بدليل (‏قولقول النبي - صلى الله عليه وسلم- لأبي بردة بن نيار‏نيار, في جذعة المعز‏المعز: تجزئك ولا تجزئ عن أحد بعدك‏بعدك) قال إبراهيم الحربي إنما أجزأ الجذع من الضأن لأنه يلقح‏يلقح, والمعز لا يلقح إلا إذا كان ثنيا‏ثنيا.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال ( فإن كانت عشرين ضأنا وعشرين معزا أخذ من أحدهما ما يكون قيمته نصف شاة ضأن ونصف معز ) لا نعلم خلافا بين أهل العلم في ضم أنواع الأجناس بعضها إلى بعض‏بعض, في إيجاب الزكاة وقال ابن المنذر أجمع من نحفظ عنه من أهل العلم على ضم الضأن إلى المعز إذا ثبت هذا فإنه يخرج الزكاة من أي الأنواع أحب‏أحب, سواء دعت الحاجة إلى ذلك بأن يكون الواجب واحدا أو لا يكون أحد النوعين موجبا لواحد‏لواحد, أو لم يدع بأن يكون كل واحد من النوعين يجب فيه فريضة كاملة وقال عكرمة ومالك وإسحاق يخرج من أكثر العددين فإن استويا أخرج من أيهما شاء وقال الشافعي القياس أن يأخذ من كل نوع ما يخصه اختاره ابن المنذر لأنها أنواع تجب فيها الزكاة‏الزكاة, فتجب زكاة كل نوع منه كأنواع الثمرة والحبوب ولنا أنهما نوعا جنس من الماشية‏الماشية, فجاز الإخراج من أيهما شاء كما لو استوى العددان وكالسمان والمهازيل‏والمهازيل, وما ذكره الشافعي يفضي إلى تشقيص الفرض وقد عدل إلى غير الجنس فيما دون خمس وعشرين من أجله فالعدول إلى النوع أولى فإذا ثبت هذا فإنه يخرج من أحد النوعين ما قيمته كقيمة المخرج من النوعين‏النوعين, فإذا كان النوعان سواء وقيمة المخرج من أحدهما اثنا عشر وقيمة المخرج من الآخر خمسة عشر‏عشر, أخرج من أحدهما ما قيمته ثلاثة عشر ونصف وإن كان الثلث معزا والثلثان ضأنا‏ضأنا, أخرج ما قيمته أربعة عشر وإن كان الثلث ضأنا والثلثان معزا‏معزا, أخرج ما قيمته ثلاثة عشر وهكذا لو كان في إبله عشر بخاتي وعشر مهرية وعشر عرابية‏عرابية, وقيمة ابنة المخاض البختية ثلاثون وقيمة المهرية أربعة وعشرون وقيمة العرابية اثنا عشر‏عشر, أخرج ابنة مخاض قيمتها ثلث قيمة ابنة مخاض بختية وهو عشرة وثلث قيمة مهرية ثمانية‏ثمانية, وثلث قيمة عرابية أربعة فصار الجميع اثنين وعشرين وهكذا الحكم في أنواع البقر وكذلك الحكم في السمان مع المهازيل‏المهازيل, والكرام مع اللئام فأما الصحاح مع المراض والذكور مع الإناث والكبار مع الصغار‏الصغار, فيتعين عليه صحيحة كبيرة أنثى على قدر قيمة المالين إلا أن يتطوع رب المال بالفضل‏بالفضل, وقد ذكر هذا‏هذا.
فصل‏فصل:
فإن أخرج عن النصاب من غير نوعه مما ليس في ماله منه شيء ففيه وجهان‏وجهان: أحدهما يجزئ لأنه أخرج عنه من جنسه‏جنسه, فجاز كما لو كان المال نوعين فأخرج من أحدهما عنهما والثاني‏والثاني, لا يجزئ لأنه أخرج من غير نوع ماله أشبه ما لو أخرج من غير الجنس‏الجنس, وفارق ما إذا أخرج من أحد نوعي ماله لأنه جاز فرارا من تشقيص الفرض وقد جوز الشارع الإخراج من غير الجنس في قليل الإبل وشاة الجبران لذلك بخلاف مسألتنا‏مسألتنا.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال ( وإن اختلط جماعة في خمس من الإبل‏الإبل, أو ثلاثين من البقر أو أربعين من الغنم وكان مرعاهم ومسرحهم ومبيتهم ومحلبهم وفحلهم واحدا‏واحدا, أخذت منهم الصدقة ) وجملته أن الخلطة في السائمة تجعل مال الرجلين كمال الرجل الواحد في الزكاة سواء كانت خلطة أعيان وهي أن تكون الماشية مشتركة بينهما‏بينهما, لكل واحد منهما نصيب مشاع مثل أن يرثا نصابا أو يشترياه أو يوهب لهما‏لهما, فيبقياه بحاله أو خلطة أوصاف وهي أن يكون مال كل واحد منهما مميزا‏مميزا, فخلطاه واشتركا في الأوصاف التي نذكرها وسواء تساويا في الشركة‏الشركة, أو اختلفا مثل أن يكون لرجل شاة ولآخر تسعة وثلاثون‏وثلاثون, أو يكون لأربعين رجلا أربعون شاة لكل واحد منهم شاة نص عليهما أحمد وهذا قول عطاء والأوزاعي والشافعي والليث وإسحاق وقال مالك إنما تؤثر الخلطة إذا كان لكل واحد من الشركاء نصاب وحكي ذلك عن الثوري وأبي ثور واختاره ابن المنذر وقال أبو حنيفة لا أثر لها بحال لأن ملك كل واحد دون النصاب‏النصاب, فلم يجب عليه زكاة كما لو لم يختلط بغيره ولأبي حنيفة فيما إذا اختلطا في نصابين أن كل واحد منهما يملك أربعين من الغنم‏الغنم, فوجبت عليه شاة لقوله عليه السلام‏السلام: (‏فيفي أربعين شاة شاة‏شاة) ولنا ما روى البخاري في حديث أنس الذي ذكرنا أوله‏أوله: (‏لالا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع‏مجتمع, خشية الصدقة‏الصدقة) وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية " ولا يجيء التراجع إلا على قولنا في خلطة الأوصاف وقوله‏وقوله: لا يجمع بين متفرق إنما يكون هذا إذا كان لجماعة‏لجماعة, فإن الواحد يضم ماله بعضه إلى بعض وإن كان في أماكن وهكذا لا يفرق بين مجتمع ولأن للخلطة تأثيرا في تخفيف المؤنة‏المؤنة, فجاز أن تؤثر في الزكاة كالسوم والسقي وقياسهم مع مخالفة النص غير مسموع إذا ثبت هذا فإن خلطة الأوصاف يعتبر فيها اشتراكهم في خمسة أوصاف‏أوصاف: المسرح والمبيت‏والمبيت, والمحلب والمشرب والفحل قال أحمد‏أحمد: الخليطان أن يكون راعيهما واحدا‏واحدا, ومراحهما واحدا وشربهما واحدا وقد ذكر أحمد في كلامه شرطا سادسا وهو الراعي قال الخرقي‏الخرقي: " وكان مرعاهم ومسرحهم واحدا " فيحتمل أنه أراد بالمرعى الراعي‏الراعي, ليكون موافقا لقول أحمد ولكون المرعى هو المسرح قال ابن حامد‏حامد: المرعى والمسرح شرط واحد وإنما ذكر أحمد المسرح ليكون فيه راع واحد‏واحد, والأصل في هذا ما روى الدارقطني في " سننه " بإسناده عن سعد بن أبى وقاص‏وقاص, قال‏قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول‏يقول: (‏لالا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة‏الصدقة,‏‏) والخليطان ما اجتمعا في الحوض والفحل والراعي " وروى " المرعى " وبنحو من هذا قال الشافعي وقال بعض أصحاب مالك‏مالك: لا يعتبر في الخلطة إلا شرطان‏شرطان: الراعي والمرعى لقوله عليه السلام‏السلام: " لا يفرق بين مجتمع ولا يجمع بين متفرق " والاجتماع يحصل بذلك ويسمى خلطة‏خلطة, فاكتفى به ولنا قوله - صلى الله عليه وسلم- : (‏والخليطان‏والخليطان: ما اجتمعا في الحوض والراعي والفحل‏والفحل) فإن قيل‏قيل: فلم اعتبرتم زيادة على هذا‏؟‏هذا؟ قلنا‏قلنا: هذا تنبيه على بقية الشرائط وإلغاء لما ذكروه‏ذكروه, ولأن لكل واحد من هذه الأوصاف تأثيرا فاعتبر كالمرعى إذا ثبت هذا فالمبيت معروف وهو المراح الذي تروح إليه الماشية قال الله تعالى‏تعالى: {‏حينحين تريحون وحين تسرحون} [النحل: 6]. والمسرح والمرعى واحد‏واحد, وهو الذي ترعى فيه الماشية يقال‏يقال: سرحت الغنم إذا مضت إلى المرعى‏المرعى, وسرحتها أي بالتخفيف والتثقيل ومنه قوله تعالى‏تعالى: {‏وحينوحين تسرحون} والمحلب‏والمحلب: الموضع الذي تحلب فيه الماشية‏الماشية, يشترط أن يكون واحدا ولا يفرد كل واحد منهما لحلب ماشيته موضعا وليس المراد منه خلط اللبن في إناء واحد لأن هذا ليس بمرفق‏بمرفق, بل مشقة لما فيه من الحاجة إلى قسم اللبن ومعنى كون الفحل واحدا أن لا تكون فحولة أحد المالين لا تطرق غيره وكذلك الراعي‏الراعي, هو أن لا يكون لكل مال راع ينفرد برعايته دون الآخر ويشترط أن يكون المختلطان من أهل الزكاة فإن كان أحدهما ذميا أو مكاتبا لم يعتد بخلطته‏بخلطته, ولا تشترط نية الخلطة وحكي عن القاضي أنه اشترطها ولنا قوله عليه السلام‏السلام: (‏والخليطانوالخليطان ما اجتمعا في الحوض والراعي والفحل‏والفحل) ولأن النية لا تؤثر في الخلطة‏الخلطة, فلا تؤثر في حكمها ولأن المقصود بالخلطة من الارتفاق يحصل بدونها فلم يتغير وجودها معه‏معه, كما لا تتغير نية السوم في الإسامة ولا نية السقي في الزرع والثمار ولا نية مضي الحول فيما يشترط الحول فيه‏فيه.
فصل‏فصل:
فإن كان بعض مال الرجل مختلطا‏مختلطا, وبعضه منفردا أو مختلطا مع مال لرجل آخر فقال أصحابنا‏أصحابنا: يصير ماله كله كالمختلط‏كالمختلط, بشرط أن يكون مال الخلطة نصابا فإن كان دون النصاب لم يثبت حكمها فلو كان لرجل ستون شاة‏شاة, منها عشرون مختلطة مع عشرين لرجل آخر وجب عليهما شاة واحدة ربعها على صاحب العشرين‏العشرين, وباقيها على صاحب الستين لأننا لما ضممنا ملك صاحب الستين صار صاحب العشرين كالمخالط لستين فيكون الجميع ثمانين عليها شاة بالحصص ولو كان لصاحب الستين ثلاثة خلطاء‏خلطاء, كل واحد منهم بعشرين وجب على الجميع شاة نصفها على صاحب الستين‏الستين, ونصفها على الخلطاء على كل واحد منهم سدس شاة ولو كان رجلان لكل واحد منهما ستون فخالط كل واحد منهما صاحبه بعشرين فقط‏فقط, وجب عليهما شاة واحدة بينهما نصفين فإن اختلطا في أقل من ذلك لم يثبت لهما حكم الخلطة ووجب على كل واحد منهما شاة كاملة وإن اختلطا في أربعين‏أربعين, لواحد منهما عشرة وللآخر ثلاثون ثبت لهما حكم الخلطة لوجودها في نصاب كامل‏كامل.
فصل‏فصل:
ويعتبر اختلاطهم في جميع الحول‏الحول, فإن ثبت لهم حكم الانفراد في بعضه زكوا زكاة المنفردين وبهذا قال الشافعي في الجديد وقال مالك لا يعتبر اختلاطهم في أول الحول لقول النبي - صلى الله عليه وسلم- : (‏لالا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع‏مجتمع) يعني في وقت أخذ الزكاة ولنا أن هذا مال ثبت له حكم الانفراد‏الانفراد, فكانت زكاته زكاة المنفرد كما لو انفرد في آخر الحول والحديث محمول على المجتمع في جميع الحول إذا تقرر هذا فمتى كان لرجلين ثمانون شاة بينهما نصفين‏نصفين, وكانا منفردين فاختلطا في أثناء الحول فعلى كل واحد منهما عند تمام حوله شاة‏شاة, وفيما بعد ذلك من السنين يزكيان زكاة الخلطة فإن اتفق حولاهما أخرجا شاة عند تمام كل حول على كل واحد منهما نصفها وإن اختلف حولاهما فعلى الأول منهما عند تمام حوله نصف شاة‏شاة, فإذا تم حول الثاني فإن كان الأول أخرجها من غير المال فعلى الثاني نصف شاة أيضا‏أيضا, وإن أخرجها من النصاب نظرت فإن أخرج الشاة جميعها عن ملكه فعلى الثاني أربعون جزءا‏جزءا, من تسعة وسبعين جزءا من شاة وإن أخرج نصف شاة فعلى الثاني أربعون جزءا من تسعة وسبعين ونصف جزء من شاة‏شاة.
فصل‏فصل:
وإن ثبت لأحدهما حكم الانفراد دون صاحبه‏صاحبه, ويتصور ذلك بأن يملك رجلان نصابين فيخلطاهما ثم يبيع أحدهما نصيبه أجنبيا أو يكون لأحدهما نصاب منفرد‏منفرد, فيشتري آخر نصابا ويخلطه به في الحال إذا قلنا‏قلنا: اليسير معفو عنه فإنه لا بد أن تكون عقيب ملكها منفردة في جزء‏جزء, وإن قل أو يكون لأحدهما نصاب وللآخر دون النصاب فاختلطا في أثناء الحول‏الحول, فإذا تم حول الأول فعليه شاة فإذا تم حول الثاني فعليه زكاة الخلطة على التفصيل الذي ذكرناه ويزكيان فيما بعد ذلك زكاة الخلطة‏الخلطة, كلما تم حول أحدهما فعليه من زكاة الجميع بقدر ماله منه فإذا كان المالان جميعا ثمانين شاة فأخرج الأول منها شاة‏شاة, زكاة الأربعين التي يملكها فعلى الثاني أربعون جزءا من تسعة وسبعين جزءا فإن أخرج الشاة كلها من ملكه‏ملكه, وحال الحول الثاني فعلى الأول نصف شاة زكاة خلطة فإن أخرجه وحده‏وحده, فعلى الثاني تسعة وثلاثون جزءا من سبعة وسبعين جزءا ونصف جزء من شاة وإن توالدت شيئا حسب معها‏معها.
فصل‏فصل:
وإذا كان لرجل أربعون شاة‏شاة, ومضى عليها بعض الحول فباع بعضها مشاعا في بعض الحول فقال أبو بكر ينقطع الحول ويستأنفان حولا من حين البيع لأن النصف المشترى قد انقطع الحول فيه‏فيه, فكأنه لم يجز في حول الزكاة أصلا فلزم انقطاع الحول في الآخر وقال ابن حامد لا ينقطع الحول فيما بقي للبائع لأن حدوث الخلطة لا يمنع ابتداء الحول فلا يمنع استدامته‏استدامته, ولأنه لو خالط غيره في جميع الحول وجبت الزكاة فإذا خالط في بعضه نفسه‏نفسه, وفي بعضه غيره كان أولى بالإيجاب وإنما بطل حول المبيعة لانتقال الملك فيها‏فيها, وإلا فهذه العشرون لم تزل مخالطة لمال جار في الزكاة وهكذا الحكم فيما إذا علم على بعضها وباعه مختلطا فأما إن أفرد بعضها وباعه فخلطه المشتري في الحال بغنم الأول‏الأول, فقال ابن حامد ينقطع الحول لثبوت حكم الانفراد في البعض وقال القاضي‏القاضي: يحتمل أن يكون كما لو باعها مختلطة لأن هذا زمن يسير وهكذا الحكم فيما إذا كانت الأربعون لرجلين فباع أحدهما نصيبه أجنبيا فعلى هذا إذا تم حول الأول فعليه نصف شاة‏شاة, ثم إذا تم حول الثاني نظرنا في البائع فإن كان أخرج الزكاة من غير المال فلا شيء على المشتري لأن النصاب نقص في بعض الحول إلا أن يكون الفقير مخالطا لهما بالنصف الذي صار له‏له, فلا ينقص النصاب إذا ويخرج الثاني نصف شاة وإن كان الأول أخرج الزكاة من غير المال وقلنا‏وقلنا: الزكاة تتعلق بالذمة وجب على المشتري نصف شاة وإن قلنا تتعلق بالعين فقال القاضي‏القاضي: يجب نصف شاة أيضا لأن تعلق الزكاة بالعين‏بالعين, لا بمعنى أن الفقراء ملكوا جزءا من النصاب بل بمعنى أنه تعلق حقهم به كتعلق أرش الجناية بالجاني‏بالجاني, فلم يمنع وجوب الزكاة وقال أبو الخطاب لا شيء على المشتري لأن تعلق الزكاة بالعين نقص النصاب وهذا الصحيح فإن فائدة قولنا‏قولنا: الزكاة تتعلق بالعين إنما تظهر في منع الزكاة وقد ذكره القاضي في غير هذا الموضع وعلى قياس هذا لو كان لرجلين نصاب خلطة‏خلطة, فباع أحدهما خليطه في بعض الحول فهي عكس المسألة الأولى في الصورة ومثلها في المعنى لأنه كان في الأول خليط نفسه‏نفسه, ثم صار خليط أجنبي وها هنا كان خليط أجنبي ثم صار خليط نفسه ومثله لو كان رجلان متوارثان‏متوارثان, لهما نصاب خلطة فمات أحدهما في بعض الحول فورثه صاحبه‏صاحبه, على قياس قول أبي بكر لا يجب عليه شيء حتى يتم الحول على المالين من حين ملكه لهما إلا أن يكون أحدهما بمفرده يبلغ نصابا وعلى قياس قول ابن حامد تجب الزكاة في النصف الذي كان له خاصة‏خاصة.
فصل‏فصل:
إذا استأجر أجيرا يرعي له بشاة معينة من النصاب‏النصاب, فحال الحول ولم يفردها فهما خليطان تجب عليهما زكاة الخلطة وإن أفردها قبل الحول‏الحول, فلا شيء عليهما لنقصان النصاب وإن استأجره بشاة موصوفة في الذمة صح أيضا‏أيضا, فإذا حال الحول وليس له ما يقتضيه غير النصاب انبنى على الدين‏الدين, هل يمنع الزكاة في الأموال الظاهرة‏؟‏الظاهرة؟ وسنذكره فيما بعد - إن شاء الله تعالى- .
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: ( وتراجعوا فيما بينهم بالحصص ) قد ذكرنا أن الخلطاء تؤخذ الصدقة من أموالهم كما تؤخذ من مال الواحد وظاهر كلام أحمد أن الساعي يأخذ الفرض من مال أي الخليطين شاء‏شاء, سواء دعت الحاجة إلى ذلك بأن تكون الفريضة عينا واحدة لا يمكن أخذها من المالين جميعا أو لا يجد فرضهما جميعا إلا في أحد المالين‏المالين, مثل أن يكون مال أحدهما صحاحا كبارا ومال خليطه صغارا أو مراضا فإنه تجب صحيحة كبيرة‏كبيرة, أو لم تدع الحاجة إلى ذلك بأن يجد فرض كل واحد من المالين فيه قال أحمد إنما يجيء المصدق فيجد الماشية فيصدقها‏فيصدقها, ليس يجيء فيقول‏فيقول: أي شيء لك‏؟‏لك؟ وإنما يصدق ما يجده والخليط قد ينفع وقد يضر قال الهيثم بن خارجة لأبي عبد الله أنا رأيت مسكينا كان له في غنم شاتان فجاء المصدق فأخذ إحداهما والوجه في ذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم- (‏ماما كان من خليطين‏خليطين, فإنهما يتراجعان بالسوية‏بالسوية) وقوله‏وقوله: (‏لالا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة‏الصدقة) وهما خشيتان‏خشيتان: خشية رب المال من زيادة الصدقة‏الصدقة, وخشية الساعي من نقصانها فليس لأرباب الأموال أن يجمعوا أموالهم المتفرقة التي كان الواجب في كل واحد منها شاة ليقل الواجب فيها‏فيها, ولا أن يفرقوا أموالهم المجتمعة التي كان فيها باجتماعها فرض ليسقط عنها بتفرقتها‏بتفرقتها, وليس للساعي أن يفرق بين الخلطاء لتكثر الزكاة ولا أن يجمعها إذا كانت متفرقة لتجب الزكاة‏الزكاة, ولأن المالين قد صارا كالمال الواحد في وجوب الزكاة فكذلك في إخراجها ومتى أخذ الساعى الفرض من مال أحدهما رجع على خليطه بقدر قيمة حصته من الفرض‏الفرض, فإذا كان لأحدهما ثلث المال وللآخر ثلثاه فأخذ الفرض من مال صاحب الثلث‏الثلث, رجع بثلثي قيمة المخرج على صاحبه وإن أخذه من الآخر رجع على صاحب الثلث بثلث قيمة المخرج والقول قول المرجوع عليه مع يمينه إذا اختلفا‏اختلفا, وعدمت البينة لأنه غارم فكان القول قوله كالغاصب إذا اختلفا في قيمة المغصوب بعد تلفه‏تلفه.
فصل:
فصل‏:‏
إذا أخذ الساعي أكثر من الفرض بغير تأويل‏تأويل, مثل أن يأخذ شاتين مكان شاة أو يأخذ جذعة مكان حقة لم يكن للمأخوذ منه الرجوع إلا بقدر الواجب وإن كان بتأويل سائغ‏سائغ, مثل أن يأخذ الصحيحة عن المراض والكبيرة عن الصغار فإنه يرجع بالحصة منها لأن ذلك إلى اجتهاد الإمام‏الإمام, فإذا أداه اجتهاده إلى أخذه وجب عليه دفعه إليه وصار بمنزلة الفرض الواجب وكذلك إذا أخذ القيمة‏القيمة, رجع بما يخص شريكه منها لأنه بتأويل‏بتأويل.
فصل‏فصل:
إذا ملك رجل أربعين شاة في المحرم وأربعين في صفر وأربعين في ربيع‏ربيع, فعليه في الأول عند تمام حوله شاة فإذا تم حول الثاني فعلى وجهين أحدهما‏أحدهما, لا زكاة فيه لأن الجميع ملك واحد فلم يزد فرضه على شاة واحدة كما لو اتفقت أحواله والثاني‏والثاني, فيه الزكاة لأن الأول استقل بشاة فيجب الزكاة في الثاني وهي نصف شاة لاختلاطها بالأربعين الأولى من حين ملكها وإذا تم حول الثالث فعلى وجهين أحدهما لا زكاة فيه والثاني‏والثاني, فيه الزكاة وهو ثلث شاة لأنه ملكه مختلطا بالثمانين المتقدمة وذكر أبو الخطاب فيه وجها ثالثا وهو أنه يجب في الثاني شاة كاملة‏كاملة, وفي الثالث شاة كاملة لأنه نصاب كامل وجبت الزكاة فيه بنفسه فوجبت فيه شاة كاملة كما لو انفرد وهذا ضعيف لأنه لو كان المالك للثاني والثالث أجنبيين‏أجنبيين, ملكاهما مختلطين لم يكن عليهما إلا زكاة خلطة فإذا كان لمالك الأول كان أولى‏أولى, فإن ضم بعض ماله إلى بعض أولى من ضم ملك الخليط إلى خليطه وإن ملك في الشهر الثاني ما يغير الفرض مثل أن ملك مائة شاة فعليه فيه عند تمام حوله شاة ثانية‏ثانية, على الوجه الأول وكذلك الثالث لأننا نجعل ملكه في الإيجاب كملكه للكل في حال واحدة فيصير كأنه ملك مائتين وأربعين‏وأربعين, فيجب عليه ثلاث شياه عند تمام حول كل مال شاة وعلى الوجه الثاني يجب عليه في الشهر الثاني حصته من فرض المالين معا‏معا, وهو شاة وثلاثة أسباع شاة لأنه لو ملك المالين دفعة واحدة كان عليه فيهما شاتان حصة المائة منها خمسة أسباعهما‏أسباعهما, وهو شاة وثلاثة أسباع شاة وعليه في الثالث شاة وربع لأنه لو ملك الجميع دفعة واحدة وهو مائتان وأربعون شاة‏شاة, لكان عليه ثلاث شياه حصة الثالث منهن ربعهن وسدسهن وهو شاة وربع ولو كان المالك للأموال الثلاثة ثلاثة أشخاص‏أشخاص, وملك الثاني سائمته مختلطة بسائمة الأول ثم ملك الثالث سائمته مختلطة بغنمهما لكان الواجب على الثاني والثالث كالواجب على المالك في الوجه الثاني‏الثاني, لا غير‏غير.
فصل‏فصل:
فإن ملك عشرين من الإبل في المحرم وخمسًا في صفر فعليه في العشرين عند تمام حولها‏حولها, أربع شياه وفي الخمس عند تمام حولها خمس بنت مخاض على الوجهين الأولين وعلى الوجه الثالث عليه شاة وإن ملك في المحرم خمسا وعشرين‏وعشرين, وفي صفر خمسا فعليه في الأول عند تمام حوله بنت مخاض ولا شيء عليه في الخمس في الوجه الأول وعلى الثاني‏الثاني: عليه سدس بنت مخاض وعلى الثالث عليه فيها شاة فإن ملك مع ذلك في ربيع شيئا‏شيئا, ففي الوجه الأول عليه في الأول عند تمام حوله بنت مخاض ولا شيء عليه في الخمس حتى يتم حول الست‏الست, فيجب فيهما ربع بنت لبون ونصف تسعها وفي الوجه الثاني عليه في الخمس سدس بنت مخاض إذا تم حولها وفي الست سدس بنت لبون عند تمام حولها وفي الوجه الثالث‏الثالث, عليه في الخمس الثانية شاة عند تمام حولها وفي الست شاة عند تمام حولها‏حولها.
فصل‏فصل:
فإن كانت سائمة الرجل في بلدان شتى وبينهما مسافة لا تقصر فيها الصلاة‏الصلاة, أو كانت مجتمعة ضم بعضها إلى بعض وكانت زكاتها كزكاة المختلطة‏المختلطة, بغير خلاف نعلمه وإن كان بين البلدان مسافة القصر فعن أحمد فيه روايتان إحداهما أن لكل مال حكم نفسه‏نفسه, يعتبر على حدته إن كان نصابا ففيه الزكاة وإلا فلا‏فلا, ولا يضم إلى المال الذي في البلد الآخر نص عليه قال ابن المنذر لا أعلم هذا القول عن غير أحمد واحتج بظاهر قوله عليه السلام‏السلام: (‏لالا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة‏الصدقة) وهذا مفرق فلا يجمع‏يجمع, ولأنه لما أثر اجتماع مالين لرجلين في كونهما كالمال الواحد يجب أن يؤثر افتراق مال الرجل الواحد‏الواحد, حتى يجعله كالمالين والرواية الثانية قال في من له مائة شاة في بلدان متفرقة‏متفرقة: لا يأخذ المصدق منها شيئا لأنه لا يجمع بين متفرق وصاحبها إذا ضبط ذلك وعرفه أخرج هو بنفسه‏بنفسه, يضعها في الفقراء روى هذا عن الميموني وحنبل وهذا يدل على أن زكاتها تجب مع اختلاف البلدان إلا أن الساعي لا يأخذها لكونه لا يجد نصابا كاملا مجتمعا ولا يعلم حقيقة الحال فيها‏فيها, فأما المالك العالم بملكه نصابا كاملا فعليه أداء الزكاة وهذا اختيار أبي الخطاب ومذهب سائر الفقهاء قال مالك أحسن ما سمعت في من كان له غنم على راعيين متفرقين ببلدان شتى أن ذلك يجمع على صاحبه‏صاحبه, فيؤدي صدقته وهذا هو الصحيح - إن شاء الله تعالى- لقوله عليه السلام‏السلام: " في أربعين شاة شاة " ولأنه ملك واحد أشبه ما لو كان في بلدان متقاربة أو غير السائمة ونحمل كلام أحمد‏أحمد, في الرواية الأولى على أن المصدق لا يأخذها وأما رب المال فيخرج فعلى هذا يخرج الفرض في أحد البلدين شاء‏شاء, لأنه موضع حاجة‏حاجة.
فصل‏فصل:
ولا زكاة في غير بهيمة الأنعام من الماشية في قول أكثر أهل العلم وقال أبو حنيفة في الخيل الزكاة إذا كانت ذكورا وإناثا‏وإناثا, وإن كانت ذكورا مفردة أو إناثا مفردة ففيها روايتان‏روايتان, وزكاتها دينار عن كل فرس أو ربع عشر قيمتها والخيرة في ذلك إلى صاحبها‏صاحبها, أيهما شاء أخرج لما روى جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال‏قال: (‏فيفي الخيل السائمة في كل فرس دينار‏دينار) وروى عن عمر أنه كان يأخذ من الرأس عشرة‏عشرة, ومن الفرس عشرة ومن البرذون خمسة ولأنه حيوان يطلب نماؤه من جهة السوم أشبه النعم ولنا‏ولنا, أن النبي - صلى الله عليه وسلم- (‏قال‏قال: ليس على المسلم في فرسه وغلامه صدقة‏صدقة) متفق عليه وفي لفظ‏لفظ: (‏ليسليس على الرجل في فرسه ولا في عبده صدقة‏صدقة) وعن على أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال‏قال: (‏عفوتعفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق‏والرقيق) رواه الترمذي وهذا هو الصحيح وروى أبو عبيد في " الغريب "‏‏, عن النبي - صلى الله عليه وسلم- : (‏ليسليس في الجبهة ولا في النخة ولا في الكسعة صدقة‏صدقة) وفسر الجبهة بالخيل‏بالخيل, والنخة بالرقيق والكسعة بالحمير وقال الكسائي‏الكسائي: النخة‏النخة: بضم النون‏النون: البقر العوامل ولأن ما لا زكاة في ذكوره المفردة وإناثه المفردة‏المفردة, لا زكاة فيهما إذا اجتمعا كالحمير ولأن ما لا يخرج زكاته من جنسه من السائمة لا تجب فيه كسائر الدواب‏الدواب, ولأن الخيل دواب فلا تجب الزكاة فيها كسائر الدواب‏الدواب, ولأنها ليست من بهيمة الأنعام فلم تجب زكاتها كالوحوش وحديثهم يرويه غورك السعدي‏السعدي, وهو ضعيف وأما عمر فإنما أخذ منهم شيئا تبرعوا به وسألوه أخذه وعوضهم عنه برزق عبيدهم‏عبيدهم, فروى الإمام أحمد بإسناده عن حارثة قال‏قال: جاء ناس من أهل الشام إلى عمر فقالوا‏فقالوا: إنا قد أصبنا مالا وخيلا ورقيقا‏ورقيقا, نحب أن يكون لنا فيها زكاة وطهور قال‏قال: ما فعله صاحباي قبلي فأفعله فاستشار أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وفيهم على فقال‏فقال: هو حسن إن لم يكن جزية يؤخذون بها من بعدك قال أحمد‏أحمد: فكان عمر يأخذ منهم ثم يرزق عبيدهم‏عبيدهم, فصار حديث عمر حجة عليهم من وجوه أحدها قوله‏قوله: ما فعله صاحباي يعني النبي - صلى الله عليه وسلم- وأبا بكر ولو كان واجبا لما تركا فعله الثاني‏الثاني, أن عمر امتنع من أخذها ولا يجوز له أن يمتنع من الواجب الثالث قول على‏على: هو حسن إن لم يكن جزية يؤخذون بها من بعدك فسمى جزية إن أخذوا بها‏بها, وجعل حسنه مشروطا بعدم أخذهم به فيدل على أن أخذهم بذلك غير جائز الرابع استشارة عمر أصحابه في أخذه‏أخذه, ولو كان واجبا لما احتاج إلى الاستشارة الخامس أنه لم يشر عليه بأخذه أحد سوى على بهذا الشرط الذي ذكره ولو كان واجبا لأشاروا به السادس‏السادس, أن عمر عوضهم عنه رزق عبيدهم والزكاة لا يؤخذ عنها عوض ولا يصح قياسها على النعم لأنها يكمل نماؤها وينتفع بدرها ولحمها‏ولحمها, ويضحي بجنسها وتكون هديا وفدية عن محظورات الإحرام‏الإحرام, وتجب الزكاة من عينها ويعتبر كمال نصابها ولا يعتبر قيمتها‏قيمتها, والخيل بخلاف ذلك‏ذلك.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: ( والصدقة لا تجب إلا على أحرار المسلمين ) وفي بعض النسخ‏النسخ: " إلا على الأحرار المسلمين " ومعناهما واحد وهو أن الزكاة لا تجب إلا على حر مسلم تام الملك وهو قول أكثر أهل العلم‏العلم, ولا نعلم فيه خلافا إلا عن عطاء وأبي ثور فإنهما قالا‏قالا: على العبد زكاة ماله ولنا أن العبد ليس بتام الملك فلم تلزمه زكاة‏زكاة, كالمكاتب فأما الكافر فلا خلاف في أنه لا زكاة عليه ومتى صار أحد هؤلاء من أهل الزكاة وهو مالك للنصاب‏للنصاب, استقبل به حولا ثم زكاه فأما الحر المسلم إذا ملك نصابا خاليا عن دين فعليه الزكاة عند تمام حوله‏حوله, سواء كان كبيرا أو صغيرا أو عاقلا أو مجنونا‏مجنونا.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: ( والصبي والمجنون يخرج عنهما وليهما ) وجملة ذلك أن الزكاة تجب في مال الصبي والمجنون لوجود الشرائط الثلاث فيهما روي ذلك عن عمر وعلى وابن عمر وعائشة والحسن بن على وجابر ـ رضي الله عنه ـم ـ وبه قال جابر بن زيد وابن سيرين وعطاء ومجاهد وربيعة ومالك والحسن بن صالح وابن أبي ليلى والشافعي والعنبري وابن عيينة وإسحاق وأبو عبيد وأبو ثور ويحكى عن ابن مسعود والثوري والأوزاعي أنهم قالوا‏قالوا: تجب الزكاة‏الزكاة, ولا تخرج حتى يبلغ الصبي ويفيق المعتوه قال ابن مسعود أحصى ما يجب في مال اليتيم من الزكاة فإذا بلغ أعلمه‏أعلمه, فإن شاء زكى وإن شاء لم يزك وروي نحو هذا عن إبراهيم وقال الحسن وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير وأبو وائل والنخعي وأبو حنيفة لا تجب الزكاة في أموالهما وقال أبو حنيفة يجب العشر في زروعهما وثمرتهما وتجب صدقة الفطر عليهما واحتج في نفي الزكاة بقوله عليه السلام‏السلام: (‏رفعرفع القلم عن ثلاثة‏ثلاثة: عن الصبي حتى يبلغ‏يبلغ, وعن المجنون حتى يفيق‏يفيق) وبأنها عبادة محضة فلا تجب عليهما كالصلاة والحج ولنا ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال‏قال: (‏منمن ولي يتيما له مال فليتجر له‏له, ولا يتركه حتى تأكله الصدقة‏الصدقة) أخرجه الدارقطني وفي رواته المثنى بن الصباح وفيه مقال وروي موقوفا على عمر‏عمر: " وإنما تأكله الصدقة بإخراجها " وإنما يجوز إخراجها إذا كانت واجبة لأنه ليس له أن يتبرع بمال اليتيم‏اليتيم, ولأن من وجب العشر في زرعه وجب ربع العشر في ورقه كالبالغ العاقل ويخالف الصلاة والصوم‏والصوم, فإنها مختصة بالبدن وبنية الصبي ضعيفة عنها والمجنون لا يتحقق منه نيتها‏نيتها, والزكاة حق يتعلق بالمال فأشبه نفقة الأقارب والزوجات وأروش الجنايات‏الجنايات, وقيم المتلفات والحديث أريد به رفع الإثم والعبادات البدنية بدليل وجوب العشر وصدقة الفطر والحقوق المالية‏المالية, ثم هو مخصوص بما ذكرناه والزكاة في المال في معناه فنقيسها عليه إذا تقرر هذا‏هذا, فإن الولي يخرجها عنهما من مالهما لأنها زكاة واجبة فوجب إخراجها كزكاة البالغ العاقل‏العاقل, والولى يقوم مقامه في أداء ما عليه ولأنها حق واجب على الصبي والمجنون فكان على الولى أداؤه عنهما كنفقة أقاربه‏أقاربه, وتعتبر نية الولي في الإخراج كما تعتبر النية من رب المال‏المال.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: [‏والسيدوالسيد يزكي عما في يد عبده لأنه مالكه‏مالكه] يعني أن السيد مالك لما في يد عبده وقد اختلفت الرواية عن أحمد - رحمه الله- في زكاة مال العبد الذي ملكه إياه فروي عنه‏عنه: زكاته على سيده هذا مذهب سفيان وإسحاق وأصحاب الرأي وروي عنه‏عنه: لا زكاة في ماله لا على العبد ولا على سيده قال ابن المنذر‏المنذر: وهذا قول ابن عمر وجابر والزهري وقتادة ومالك وأبي عبيد وللشافعي قولان كالمذهبين قال أبو بكر المسألة مبنية على الروايتين في ملك العبد إذا ملكه سيده إحداهما‏إحداهما, لا يملك قال أبو بكر وهو اختياري وهو ظاهر كلام الخرقي ها هنا لأنه جعل السيد مالكا لمال عبده ولو كان مملوكا للعبد لم يكن مملوكا لسيده لأنه لا يتصور اجتماع ملكين كاملين في مال واحد‏واحد, ووجهه أن العبد مال فلا يملك المال كالبهائم فعلى هذا تكون زكاته على سيد العبد‏العبد, لأنه ملك له في يد عبده فكانت زكاته عليه كالمال الذي في يد المضارب والوكيل والثانية‏والثانية, يملك لأنه آدمي يملك النكاح فملك المال كالحر‏كالحر, وذلك لأنه بالآدمية يتمهد للملك من قبل أن الله تعالى خلق المال لبني آدم ليستعينوا به على القيام بوظائف العبادات وأعباء التكاليف‏التكاليف, فإن الله تعالى‏تعالى: خلق لكم ما في الأرض جميعا فبالآدمية يتمهد للملك ويصلح له كما يتمهد للتكليف والعبادة فعلى هذا لا زكاة على السيد في مال العبد لأنه لا يملكه‏يملكه, ولا على العبد لأن ملكه ناقص والزكاة إنما تجب على تام الملك‏الملك.
فصل‏فصل:
ومن بعضه حر عليه زكاة ماله لأنه يملكه بجزئه الحر ويورث عنه‏عنه, وملكه كامل فيه فكانت زكاته عليه كالحر الكامل والمدبر وأم الولد كالقن لأنه لا حرية فيهما‏فيهما.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: [‏ولاولا زكاة على مكاتب‏مكاتب] فإن عجز استقبل سيده بما في يده من المال حولا وزكاة‏وزكاة, إن كان نصابا وإن أدى وبقي في يده نصاب للزكاة‏للزكاة, استقبل به حولا لا أعلم خلافا بين أهل العلم في أنه لا زكاة على المكاتب ولا على سيده في ماله إلا قول أبي ثور ذكر ابن المنذر نحو هذا واحتج أبو ثور بأن الحجر من السيد لا يمنع وجوب الزكاة كالحجر على الصبي والمجنون والمرهون وحكي عن أبي حنيفة أنه أوجب العشر في الخارج من أرضه بناء على أصله في أن العشر مؤنة الأرض‏الأرض, وليس بزكاة ولنا ما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال‏قال: (‏لالا زكاة في مال المكاتب‏المكاتب) رواه الفقهاء في كتبهم ولأن الزكاة تجب على طريق المواساة‏المواساة, فلم تجب في مال المكاتب كنفقة الأقارب وفارق المحجور عليه‏عليه, فإنه منع التصرف لنقص تصرفه لا لنقص ملكه والمرهون منع من التصرف فيه بعقده‏بعقده, فلم يسقط حق الله تعالى ومتى كان منع التصرف فيه لدين لا يمكن وفاؤه من غيره فلا زكاة عليه إذا ثبت هذا‏هذا, فمتى عجز ورد في الرق صار ما كان في يده ملكا لسيده فإن كانا نصابا‏نصابا, أو يبلغ بضمه إلى ما في يده نصابا استأنف له حولا من حين ملكه وزكاه‏وزكاه, كالمستفاد سواء ولا أعلم في هذا خلافا فإن أدى المكاتب نجوم كتابته وبقي في يده نصاب فقد صار حرا كامل الملك‏الملك, فيستأنف الحول من حين عتقه ويزكيه إذا تم الحول والله أعلم‏أعلم.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: ( ولا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول ) وروى أبو عبد الله بن ماجه‏ماجه, في " السنن " بإسناده عن عمرة عن عائشة قالت‏قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول‏يقول: (‏لالا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول‏الحول) وهذا اللفظ غير مبق على عمومه فإن الأموال الزكاتية خمسة‏خمسة: السائمة من بهيمة الأنعام‏الأنعام, والأثمان وهي الذهب والفضة وقيم عروض التجارة وهذه الثلاثة الحول شرط في وجوب زكاتها لا نعلم فيه خلافا‏خلافا, سوى ما سنذكره في المستفاد والرابع‏والرابع: ما يكال ويدخر من الزروع والثمار والخامس‏والخامس: المعدن وهذان لا يعتبر لهما حول والفرق بين ما اعتبر له الحول وما لم يعتبر له أن ما اعتبر له الحول مرصد للنماء‏للنماء, فالماشية مرصدة للدر والنسل وعروض التجارة مرصدة للربح وكذا الأثمان‏الأثمان, فاعتبر له الحول فإنه مظنة النماء ليكون إخراج الزكاة من الربح فإنه أسهل وأيسر‏وأيسر, ولأن الزكاة إنما وجبت مواساة ولم نعتبر حقيقة النماء لكثرة اختلافه وعدم ضبطه‏ضبطه, ولأن ما اعتبرت مظنته لم يلتفت إلى حقيقته كالحكم مع الأسباب ولأن الزكاة تتكرر في هذه الأموال‏الأموال, فلا بد لها من ضابط كي لا يفضي إلى تعاقب الوجوب في الزمن الواحد مرات فينفد مال المالك أما الزروع والثمار‏والثمار, فهي نماء في نفسها تتكامل عند إخراج الزكاة منها فتؤخذ الزكاة منها حينئذ‏حينئذ, ثم تعود في النقص لا في النماء فلا تجب فيها زكاة ثانية لعدم إرصادها للنماء والخارج من المعدن مستفاد خارج من الأرض‏الأرض, بمنزلة الزرع والثمر إلا أنه إن كان من جنس الأثمان ففيه الزكاة عند كل حول‏حول, لأنه مظنة للنماء من حيث إن الأثمان قيم الأموال ورأس مال التجارات‏التجارات, وبهذا تحصل المضاربة والشركة وهي مخلوقة لذلك فكانت بأصلها وخلقتها‏وخلقتها, كمال التجارة المعد لها‏لها.
فصل‏فصل:
فإن استفاد مالا مما يعتبر له الحول ولا مال له سواه وكان نصابا‏نصابا, أو كان له مال من جنسه لا يبلغ نصابا فبلغ بالمستفاد نصابا انعقد عليه حول الزكاة من حينئذ‏حينئذ, فإذا تم حول وجبت الزكاة فيه وإن كان عنده نصاب لم يخل المستفاد من ثلاثة أقسام‏أقسام: أحدها‏أحدها, أن يكون المستفاد من نمائه كربح مال التجارة ونتاج السائمة فهذا يجب ضمه إلى ما عنده من أصله فيعتبر حوله بحوله لا نعلم فيه خلافا لأنه تبع له من جنسه‏جنسه, فأشبه النماء المتصل وهو زيادة قيمة عروض التجارة ويشمل العبد والجارية الثاني‏الثاني, أن يكون المستفاد من غير جنس ما عنده فهذا له حكم نفسه لا يضم إلى ما عنده في حول ولا نصاب‏نصاب, بل إن كان نصابا استقبل به حولا وزكاه وإلا فلا شيء فيه وهذا قول جمهور العلماء وروي عن ابن مسعود وابن عباس ومعاوية أن الزكاة تجب فيه حين استفاده قال أحمد عن غير واحد‏واحد: يزكيه حين يستفيده وروي بإسناده عن ابن مسعود قال‏قال: كان عبد الله يعطينا ويزكيه وعن الأوزاعي في من باع عبده أو داره‏داره, أنه يزكي الثمن حين يقع في يده إلا أن يكون له شهر يعلم فيؤخره حتى يزكيه مع ماله وجمهور العلماء على خلاف هذا القول منهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلى ـ رضي الله عنه ـم ـ قال ابن عبد البر على هذا جمهور العلماء والخلاف في ذلك شذوذ‏شذوذ, ولم يعرج عليه أحد من العلماء ولا قال به أحد من أئمة الفتوى وقد روي عن أحمد في من باع داره بعشرة آلاف درهم إلى سنة إذا قبض المال يزكيه وإنما نرى أن أحمد قال ذلك لأنه ملك الدراهم في أول الحول‏الحول, وصارت دينا له على المشترى فإذا قبضه زكاه للحول الذي مر عليه في ملكه كسائر الديون وقد صرح بهذا المعنى في رواية بكر بن محمد‏محمد, عن أبيه فقال‏فقال: إذا كرى دارا أو عبدا في سنة بألف فحصلت له الدراهم وقبضها‏وقبضها, زكاها إذا حال عليها الحول من حين قبضها وإن كانت على المكتري فمن يوم وجبت له فيها الزكاة بمنزلة الدين إذا وجب له على صاحبه‏صاحبه, زكاة من يوم وجب له القسم الثالث أن يستفيد مالا من جنس نصاب عنده قد انعقد عليه حول الزكاة بسبب مستقل‏مستقل, مثل أن يكون عنده أربعون من الغنم مضى عليها بعض الحول فيشترى أو يتهب مائة‏مائة, فهذا لا تجب فيه الزكاة حتى يمضي عليه حول أيضا وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة يضمه إلى ما عنده في الحول فيزكيهما جميعا عند تمام حول المال الذي كان عنده إلا أن يكون عوضا عن مال مزكى لأنه يضم إلى جنسه في النصاب‏النصاب, فوجب ضمه إليه في الحول كالنتاج ولأنه إذا ضم في النصاب وهو سبب فضمه إليه في الحول الذي هو شرط أولي وبيان ذلك أنه لو كان عنده مائتا درهم‏درهم, مضى عليها نصف الحول فوهب له مائة أخرى فإن الزكاة تجب فيها إذا تم حولها‏حولها, بغير خلاف ولولا المائتان ما وجب فيها شيء فإذا ضمت إلى المائتين في أصل الوجوب فكذلك في وقته‏وقته, ولأن إفراده بالحول يفضي إلى تشقيص الواجب في السائمة واختلاف أوقات الواجب والحاجة إلى ضبط مواقيت التملك‏التملك, ومعرفة قدر الواجب في كل جزء ملكه ووجوب القدر اليسير الذي لا يتمكن من إخراجه ثم يتكرر ذلك في كل حول ووقت‏ووقت, وهذا حرج مدفوع بقوله تعالى‏تعالى: {‏وماوما جعل عليكم في الدين من حرج‏حرج} [‏الحج‏الحج: 78‏78]‏‏. وقد اعتبر الشرع ذلك بإيجاب غير الجنس فيما دون خمس وعشرين من الإبل وجعل الأوقاص في السائمة وضم الأرباح والنتاج إلى حول أصلها مقرونا بدفع هذه المفسدة‏المفسدة, فيدل على أنه علة لذلك فيجب تعدية الحكم إلى محل النزاع وقال مالك كقوله في السائمة دفعا للتشقيص في الواجب وكقولنا في الأثمان لعدم ذلك فيها ولنا‏ولنا, حديث عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم- : (‏لالا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول‏الحول) وروى الترمذي عن ابن عمر‏عمر, أنه قال‏قال: من استفاد مالا فلا زكاة فيه حتى يحول عليه الحول وروي مرفوعا عن النبي - صلى الله عليه وسلم- إلا أن الترمذي قال‏قال: الموقوف أصح وإنما رفعه عبد الرحمن بن يزيد بن أسلم‏أسلم, وهو ضعيف وقد روي عن أبي بكر الصديق وعلى وابن عمر وعائشة وعطاء وعمر بن عبد العزيز وسالم والنخعي أنه لا زكاة في المستفاد حتى يحول عليه الحول ولأنه مملوك أصلا فيعتبر فيه الحول شرطا كالمستفاد من غير الجنس‏الجنس, ولا تشبه هذه الأموال الزروع والثمار لأنها تتكامل ثمارها دفعة واحدة ولهذا لا تتكرر الزكاة فيها‏فيها, وهذه نماؤها بنقلها فاحتاجت إلى الحول وأما الأرباح والنتاج فإنما ضمت إلى أصلها لأنها تبع له‏له, ومتولدة منه ولم يوجد ذلك في مسألتنا وإن سلمنا أن علة ضمها‏ضمها, ما ذكروه من الحرج فلا يوجد ذلك في مسألتنا لأن الأرباح تكثر وتتكرر في الأيام والساعات ويعسر ضبطها‏ضبطها, وكذلك النتاج وقد يوجد ولا يشعر به فالمشقة فيه أتم‏أتم, لكثرة تكرره بخلاف هذه الأسباب المستقلة فإن الميراث والاغتنام والاتهاب ونحو ذلك يندر ولا يتكرر‏يتكرر, فلا يشق ذلك فيه وإن شق فهو دون المشقة في الأرباح والنتاج فيمتنع قياسه عليه واليسر فيما ذكرنا أكثر لأن الإنسان يتخير بين التأخير والتعجيل‏والتعجيل, وما ذكروه يتعين عليه التعجيل ولا شك أن التخيير بين شيئين أيسر من تعيين أحدهما لأنه مع التخيير‏التخيير, فيختار أيسرهما عليه وأحبهما إليه ومع التعيين يفوته ذلك وأما ضمه إليه في النصاب‏النصاب, فلأن النصاب معتبر لحصول الغنى وقد حصل الغنى بالنصاب الأول والحول معتبر‏معتبر, لاستنماء المال ليحصل أداء الزكاة من الربح ولا يحصل ذلك بمرور الحول على أصله فوجب أن يعتبر الحول له‏له.
فصل‏فصل:
ويعتبر وجود النصاب في جميع الحول‏الحول, فإن نقص الحول نقصا يسيرا فقال أبو بكر ثبت أن نقص الحول ساعة أو ساعتين معفو عنه وظاهر كلام القاضي‏القاضي, أن النقص اليسير في أثناء الحول يمنع لأنه قال في من له أربعون شاة فماتت منها شاة ونتجت أخرى‏أخرى: إذا كان النتاج والموت حصلا في وقت واحد لم تسقط الزكاة لأن النصاب لم ينقص وكذلك إن تقدم النتاج الموت وإن تقدم الموت النتاج سقطت الزكاة لأن حكم الحول سقط بنقصان النصاب ويحتمل أن كلام أبي بكر أراد به النقص في طرف الحول‏الحول, ويحتمل أن القاضي أراد بالوقت الواحد الزمن المتقارب فلا يكون بين القولين اختلاف وحكى عن أبي حنيفة أن النصاب إذا كمل في طرفي الحول لم يضر نقصه في وسطه ولنا‏ولنا, أن قول النبي - صلى الله عليه وسلم- : (‏لالا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول‏الحول) يقتضي مرور الحول على جميعه ولأن ما اعتبر في طرفي الحول اعتبر في وسطه كالملك والإسلام‏والإسلام.
فصل‏فصل:
وإذا ادعى رب المال أنه ما حال الحول على المال‏المال, أو لم يتم النصاب إلا منذ شهر أو أنه كان في يدي وديعة وإنما اشتريته من قريب‏قريب, أو قال‏قال: بعته في الحول ثم اشتريته أو رد على ونحو هذا مما ينفي وجوب الزكاة‏الزكاة, فالقول قوله من غير يمين قال أحمد في رواية صالح‏صالح: لا يستحلف الناس على صدقاتهم فظاهر هذا أنه لا يستحلف وجوبا ولا استحبابا وذلك لأن الزكاة عبادة فالقول قول من تجب عليه بغير يمين كالصلاة والكفارات‏والكفارات.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: ( ويجوز تقدمة الزكاة ) وجملته أنه متى وجد سبب وجوب الزكاة‏الزكاة, وهو النصاب الكامل جاز تقديم الزكاة وبهذا قال الحسن وسعيد بن جبير والزهري والأوزاعي وأبو حنيفة والشافعي وإسحاق وأبو عبيد وحكي عن الحسن أنه لا يجوز وبه قال ربيعة ومالك وداود لأنه روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم- ( أنه قال‏قال: لا تؤدى زكاة قبل حلول الحول‏الحول) ولأن الحول أحد شرطي الزكاة‏الزكاة, فلم يجز تقديم الزكاة عليه كالنصاب ولأن للزكاة وقتا فلم يجز تقديمها عليه‏عليه, كالصلاة ولنا ما روي على (‏أنأن العباس سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في تعجيل صدقته قبل أن تحل فرخص له في ذلك وفي لفظ‏لفظ: في تعجيل الزكاة‏الزكاة, فرخص له في ذلك رواه أبو داود‏داود) رواه أبو داود وقال يعقوب بن شيبة‏شيبة: هو أثبتها إسنادا وروى الترمذي عن على (‏عنعن النبي - صلى الله عليه وسلم- : أنه قال لعمر‏لعمر: إنا قد أخذنا زكاة العباس عام الأول للعام وفي لفظ قال‏قال: إنا كنا تعجلنا صدقة العباس لعامنا هذا عام أول‏أول) رواه سعيد عن عطاء وابن أبي مليكة‏مليكة, والحسن بن مسلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم- مرسلا ولأنه تعجيل لمال وجد سبب وجوبه قبل وجوبه‏وجوبه, فجاز كتعجيل قضاء الدين قبل حلول أجله وأداء كفارة اليمين بعد الحلف وقبل الحنث‏الحنث, وكفارة القتل بعد الجرح قبل الزهوق وقد سلم مالك تعجيل الكفارة وفارق تقديمها على النصاب‏النصاب, لأنه تقديم لها على سببها فأشبه تقديم الكفارة على اليمين وكفارة القتل على الجرح‏الجرح, ولأنه قد قدمها على الشرطين وهاهنا قدمها على أحدهما وقولهم‏وقولهم: إن للزكاة وقتا قلنا‏قلنا: الوقت إذا دخل في الشيء رفقا بالإنسان كان له أن يعجله ويترك الإرفاق بنفسه‏بنفسه, كالدين المؤجل وكمن أدى زكاة مال غائب وإن لم يكن على يقين من وجوبها‏وجوبها, ومن الجائز أن يكون المال تالفا في ذلك الوقت وأما الصلاة والصيام فتعبد محض والتوقيت فيهما غير معقول‏معقول, فيجب أن يقتصر عليه‏عليه.
فصل‏فصل:
وإن عجل زكاة نصاب من الماشية فتوالدت نصابا ثم ماتت الأمهات وحال الحول على النتاج‏النتاج, أجزأ المعجل عنها لأنها دخلت في حول الأمهات وقامت مقامها فأجزأت زكاتها عنها فإذا كان عنده أربعون من الغنم‏الغنم, فعجل عنها شاة ثم توالدت أربعين سخلة وماتت الأمهات‏الأمهات, وحال الحول على السخال أجزأت المعجلة عنها لأنها كانت مجزئة عنها وعن أمهاتها لو بقيت‏بقيت, فلأن تجزئ عن إحداهما أولى وإن كان عنده ثلاثون من البقر فعجل عنها تبيعا ثم توالدت ثلاثين عجلة‏عجلة, وماتت الأمهات وحال الحول على العجول احتمل أن يجزئ عنها‏عنها, لأنها تابعة لها في الحول واحتمل أن لا يجزئ عنها لأنه لو عجل عنها تبيعا مع بقاء الأمهات لم يجزئ عنها فلأن لا يجزئ عنها إذا كان التعجيل عن غيرها أولى وهكذا الحكم في مائة شاة إذا عجل عنها شاة فتوالدت مائة ثم ماتت الأمهات‏الأمهات, وحال الحول على السخال وإن توالد نصفها ومات نصف الأمهات وحال الحول على الصغار ونصف الكبار‏الكبار, فإن قلنا بالوجه الأول أجزأ المعجل عنهما جميعا وإن قلنا بالثاني فعليه في الخمسين سخلة شاة لأنها نصاب لم تؤد زكاته وليس عليه في العجول إذا كانت خمسة عشر شيء‏شيء, لأنها لم تبلغ نصابا وإنما وجبت الزكاة فيها بناء على أمهاتها التي عجلت زكاتها وإن ملك ثلاثين من البقر فعجل مسنة زكاة لها ولنتاجها‏ولنتاجها, فنتجت عشرا أجزأته عن الثلاثين دون العشر ووجب عليه في العشر ربع مسنة ويحتمل أن تجزئه المسنة المعجلة عن الجميع لأن العشر تابعة للثلاثين في الوجوب والحول فإنه لولا ملكه للثلاثين لما وجب عليه في العشر شيء فصارت الزيادة على النصاب منقسمة أربعة أقسام‏أقسام: أحدها‏أحدها, ما لا يتبع في وجوب ولا حول وهو المستفاد من غير الجنس ولا يجزئ تعجيل زكاته قبل وجوده‏وجوده, وكمال نصابه بغير خلاف الثاني ما يتبع في الوجوب دون الحال‏الحال, وهو المستفاد من الجنس بسبب مستقل فلا يجزئ تعجيل زكاته أيضا قبل وجوده مع الخلاف في ذلك الثالث‏الثالث, ما يتبع في الحول دون الوجوب كالنتاج والربح إذا بلغ نصابا فإنه يتبع أصله في الحول‏الحول, فلا يجزئ التعجيل عنه قبل وجوده كالذي قبله الرابع ما يتبع في الوجوب والحول‏والحول, وهو الربح والنتاج إذا لم يبلغ نصابا فهذا يحتمل وجهين أحدهما لا يجزئ تعجيل زكاته قبل وجوده‏وجوده, كالذي قبله والثاني‏والثاني: يجزئ لأنه تابع له في الوجوب والحول فأشبه الموجود‏الموجود.
فصل‏فصل:
إذا عجل الزكاة لأكثر من حول ففيه روايتان إحداهما‏إحداهما, لا يجوز لأن النص لم يرد بتعجيلها لأكثر من حول والثانية يجوز وروي عن الحسن أنه كان لا يرى بأسا أن يخرج الرجل زكاة ماله قبل حلها لثلاث سنين لأنه تعجيل لها بعد وجود النصاب أشبه تقديمها على الحول الواحد وما لم يرد به النص يقاس على المنصوص عليه إذا كان في معناه‏معناه, ولا نعلم له معنى سوى أنه تقديم للمال الذي وجد سبب وجوبه على شرط وجوبه وهذا متحقق في التقديم في الحولين كتحققه في الحول الواحد فعلى هذا إذا كان عنده أكثر من النصاب‏النصاب, فعجل زكاته لحولين جاز وإن كان قدر النصاب مثل من عنده أربعون شاة فعجل شاتين لحولين وكان المعجل من غيره جاز وإن أخرج شاة منه وشاة من غيره جاز عن الحول الأول ولم يجز عن الثاني لأن النصاب نقص فإن كمل بعد ذلك وصار إخراج زكاته وتعجيله لها قبل كمال نصابها وإن أخرج الشاتين جميعا من النصاب لم تجز الزكاة في الحول الأول إذا قلنا ليس له ارتجاع ما عجله لأنه كالتالف فيكون النصاب ناقصا فإن كمل بعد ذلك استؤنف الحول من حين كمل النصاب وكان ما عجله سابقا على كمال النصاب فلم يجز عنه‏عنه.
فصل‏فصل:
وإن عجل زكاة ماله فحال الحول والنصاب ناقص مقدار ما عجله أجزأت عنه ويكون حكم ما عجله حكم الموجود في ملكه يتم النصاب به فلو زاد ماله حتى بلغ النصاب أو زاد عليه وحال الحول أجزأ المعجل عن زكاته لما ذكرنا فإن نقص أكثر مما عجله فقد خرج بذلك من كونه سببا للزكاة مثل من له أربعون شاة فعجل شاة ثم تلفت أخرى فقد خرج عن كونه سببا للزكاة فإن زاد بعد ذلك إما بنتاج أو شراء ما يتم به النصاب استؤنف الحول من حين كمل النصاب ولم يجز ما عجله عنه لما ذكرنا وإن زاد بحيث يكون انضمامه إلى ما عجله يتغير به الفرض‏الفرض, مثل من له مائة وعشرون فعجل زكاتها شاة ثم حال الحول وقد أنتجت سخلة فإنه يلزمه إخراج شاة ثانية وبما ذكرناه قال الشافعي وقال أبو حنيفة ما عجله في حكم التالف فقال في المسألة الأولى لا تجب الزكاة ولا يكون المخرج زكاة وقال في هذه المسألة لا يجب عليه زيادة لأن ما عجله زال ملكه عنه فلم يحسب من ماله كما لو تصدق به تطوعا ولنا أن هذا نصاب تجب فيه الزكاة بحول الحول فجاز تعجيلها منه كما لو كان أكثر من أربعين ولأن ما عجله بمنزلة الموجود في إجزائه عن ماله فكان بمنزلة الموجود في تعلق الزكاة به ولأنها لو لم تعجل كان عليه شاتان فكذلك إذا عجلت لأن التعجيل إنما كان رفقا بالمساكين فلا يصير سببا لنقص حقوقهم والتبرع يخرج ما تبرع به عن حكم الموجود في ماله وهذا في حكم الموجود في الإجزاء عن الزكاة
فصل‏فصل:
وكل موضع قلنا لا يجزئه ما عجله عن الزكاة فإن كان دفعها إلى الفقراء مطلقا فليس له الرجوع فيها وإن كان دفعها بشرط أنها زكاة معجلة فهل له الرجوع على وجهين يأتي توجيههما‏توجيههما.
فصل‏فصل:
فأما تعجيل العشر من الزرع والثمر فظاهر كلام القاضي أنه لا يجوز لأنه قال كل ما تتعلق الزكاة فيه بسببين‏بسببين: حول ونصاب جاز تعجيل زكاته فمفهوم هذا أنه لا يجوز تعجيل زكاة غيره لأن الزكاة معلقة بسبب واحد وهو ادراك الزرع والثمرة فإذا قدمها قدمها قبل وجود سببها لكن إن أداها بعد الإدراك وقبل يبس الثمرة وتصفية الحب جاز وقال أبو الخطاب يجوز إخراجها بعد وجود الطلع والحصرم‏والحصرم, ونبات الزرع ولا يجوز قبل ذلك لأن وجود الزرع واطلاع النخيل بمنزلة النصاب والإدراك بمنزلة حلول الحول فجاز تقديمها عليه وتعلق الزكاة بالإدراك لا يمنع جواز التعجيل بدليل أن زكاة الفطر يتعلق وجوبها بهلال شوال‏شوال, وهو زمن الوجوب فإذا ثبت هذا فإنه لا يجوز تقديمها قبل ذلك لأنه يكون قبل وجود سببها‏سببها.
فصل‏فصل:
وإن عجل زكاة ماله ثم مات‏مات, فأراد الوارث الاحتساب بها عن زكاة حوله لم يجز وذكر القاضي وجها في جوازه بناء على ما لو عجل زكاة عامين ولا يصح لأنه تعجيل للزكاة قبل وجود سببها‏سببها, أشبه ما لو عجل زكاة نصاب لغيره ثم اشتراه وذلك لأن سبب الزكاة ملك النصاب‏النصاب, وملك الوارث حادث ولا يبني الوارث على حول الموروث ولأنه لم يخرج الزكاة‏الزكاة, وإنما أخرجها غيره عن نفسه وإخراج الغير عنه من غير ولاية ولا نيابة لا يجزئ ولو نوى فكيف إذا لم ينو وقد قال أصحابنا‏أصحابنا: لو أخرج زكاته وقال‏وقال: إن كان مورثي قد مات فهذه زكاة ماله‏ماله, فبان أنه قد مات لم يقع الموقع وهذا أبلغ ولا يشبه هذا تعجيل زكاة العامين لأنه عجل بعد وجود السبب‏السبب, وأخرجها بنفسه بخلاف هذا فإن قيل‏قيل: فإنه لما مات المورث قبل الحول كان للوارث ارتجاعها‏ارتجاعها, فإذا لم يرتجعها احتسب بها كالدين قلنا‏قلنا: فلو أراد أن يحتسب الدين عن زكاته لم يصح ولو كان له عند رجل شاة من غصب أو قرض فأراد أن يحسبها عن زكاته‏زكاته, لم تجزه‏تجزه.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: [‏ومنومن قدم زكاة ماله فأعطاها لمستحقها فمات المعطي قبل الحول‏الحول, أو بلغ الحول وهو غنى منها أو من غيرها أجزأت عنه‏عنه] وجملة ذلك أنه إذا دفع الزكاة المعجلة إلى مستحقها‏مستحقها, لم يخل من أربعة أقسام‏أقسام: أحدها أن لا يتغير الحال فإن المدفوع يقع موقعه‏موقعه, ويجزئ عن المزكي ولا يلزمه بدله ولا له استرجاعه‏استرجاعه, كما لو دفعها بعد وجوبها الثاني‏الثاني: أن يتغير حال الآخذ لها بأن يموت قبل الحول أو يستغني‏يستغني, أو يرتد قبل الحول فهذا في حكم القسم الذي قبله وبهذا قال أبو حنيفة وقال الشافعي لا يجزئ لأن ما كان شرطا للزكاة إذا عدم قبل الحول لم يجز كما لو تلف المال‏المال, أو مات ربه ولنا أنه أدى الزكاة إلى مستحقها فلم يمنع الإجزاء تغير حاله‏حاله, كما لو استغنى بها ولأنه حق أداه إلى مستحقه فبرئ منه‏منه, كالدين يعجله قبل أجله وما ذكروه منتقض بما إذا استغنى بها والحكم في الأصل ممنوع‏ممنوع, ثم الفرق بينهما ظاهر فإن المال إذا تلف تبين عدم الوجوب فأشبه ما لو أدى إلى غريمه دراهم يظنها عليه فتبين أنها ليست عليه‏عليه, وكما لو أدى الضامن الدين فبان أن المضمون عنه قد قضاه وفي مسألتنا الحق واجب‏واجب, وقد أخذه مستحقه القسم الثالث أن يتغير حال رب المال قبل الحول بموته أو ردته أو تلف النصاب‏النصاب, أو نقصه أو بيعه فقال أبو بكر‏بكر: لا يرجع بها على الفقير‏الفقير, سواء أعلمه أنها زكاة معجلة أو لم يعلمه وقال القاضي‏القاضي: وهو المذهب عندي لأنها وصلت إلى الفقير فلم يكن له ارتجاعها كما لو لم يعلمه ولأنها زكاة دفعت إلى مستحقها‏مستحقها, فلم يجز استرجاعها كما لو تغير حال الفقير وحده قال أبو عبد الله بن حامد‏حامد: إن كان الدافع لها الساعي استرجعها بكل حال‏حال, وإن كان الدافع رب المال وأعلمه أنها زكاة معجلة رجع بها‏بها, وإن أطلق لم يرجع بها وهذا مذهب الشافعي لأنه مال دفعه عما يستحقه القابض في الثاني فإذا طرأ ما يمنع الاستحقاق وجب رده كالأجرة إذا انهدمت الدار قبل السكنى‏السكنى, أما إذا لم يعلمه فيحتمل أن يكون تطوعا ويحتمل أن يكون هبة فلم يقبل قوله في الرجوع فعلى قول ابن حامد إن كانت العين باقية لم تتغير‏تتغير, أخذها وإن زادت زيادة متصلة أخذها بزيادتها لأنها تمنع في الفسوخ‏الفسوخ, وإن كانت منفصلة أخذها دون زيادتها لأنها حدثت في ملك الفقير وإن كانت ناقصة رجع على الفقير بالنقص لأن الفقير قد ملكها بالنقص فكان نقصها عليه‏عليه, كالمبيع إذا نقص في يد المشترى ثم علم عيبه وإن كانت تالفة أخذ قيمتها يوم القبض لأن ما زاد بعد ذلك أو نقص فإنما هو في ملك الفقير فلم يضمنه‏يضمنه, كالصداق يتلف في يد المرأة القسم الرابع أن يتغير حالهما جميعا فحكمه حكم القسم الذي قبله سواء‏سواء.
فصل‏فصل:
إذا قال رب المال‏المال: قد أعلمته أنها زكاة معجلة‏معجلة, فلي الرجوع فأنكر الآخذ فالقول قول الآخذ لأنه منكر والأصل عدم الإعلام وعليه اليمين وإن مات الآخذ واختلف المخرج ووارث الآخذ فالقول قول الوارث‏الوارث, ويحلف أنه لا يعلم أن مورثه أعلم بذلك فأما من قال بعدم الاسترجاع فلا يمين ولا غيرها‏غيرها.
فصل‏فصل:
إذا تسلف الإمام الزكاة فهلكت في يده‏يده, فلا ضمان عليه وكانت من ضمان الفقراء ولا فرق بين أن يسأله ذلك رب المال أو الفقراء أو لم يسأله أحد لأن يده كيد الفقراء وقال الشافعي‏الشافعي: إن تسلفها من غير سؤال ضمنها لأن الفقراء رشد‏رشد, لا يولي عليهم فإذا قبض بغير إذنهم ضمن كالأب إذا قبض لابنه الكبير وإن كان بسؤالهم كان من ضمانهم لأنه وكيلهم فإذا كان بسؤال أرباب الأموال‏الأموال, لم يجزئهم الدفع وكان من ضمانهم لأنه وكيلهم وإن كان بسؤالهم ففيه وجهان أصحهما‏أصحهما, أنه من ضمان الفقراء ولنا أن للإمام ولاية على الفقراء بدليل جواز قبض الصدقة لهم بغير إذنهم سلفا وغيره‏وغيره, فإذا تلفت في يده من غير تفريط لم يضمن كولي اليتيم إذا قبض له وما ذكروه يبطل بما إذا قبض الصدقة بعد وجوبها‏وجوبها, وفارق الأب في حق ولده الكبير فإنه لا يجوز له القبض له لعدم ولايته عليه ولهذا يضمن ما قبضه له من الحق بعد وجوبه‏وجوبه.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: ( ولا يجوز إخراج الزكاة إلا بنية ) إلا أن يأخذها الإمام منه قهرا مذهب عامة الفقهاء أن النية شرط في أداء الزكاة إلا ما حكي عن الأوزاعي أنه قال‏قال: لا تجب لها النية‏النية, لأنها دين فلا تجب لها النية كسائر الديون ولهذا يخرجها ولي اليتيم‏اليتيم, ويأخذها السلطان من الممتنع ولنا قول النبي - صلى الله عليه وسلم- : (‏إنماإنما الأعمال بالنيات‏بالنيات) وأداؤها عمل ولأنها عبادة تتنوع إلى فرض ونفل‏ونفل, فافتقرت إلى النية كالصلاة وتفارق قضاء الدين فإنه ليس بعبادة ولهذا يسقط بإسقاط مستحقه‏مستحقه, وولي الصبي والسلطان ينوبان عند الحاجة فإذا ثبت هذا فإن النية أن يعتقد أنها زكاته أو زكاة من يخرج عنه كالصبي والمجنون ومحلها القلب لأن محل الاعتقادات كلها القلب‏القلب.
فصل‏فصل:
ويجوز تقديم النية على الأداء بالزمن اليسير‏اليسير, كسائر العبادات ولأن هذه تجوز النيابة فيها فاعتبار مقارنة النية للإخراج يؤدي إلى التغرير بماله فإن دفع الزكاة إلى وكيله‏وكيله, ونوى هو دون الوكيل جاز إذا لم تتقدم نيته الدفع بزمن طويل وإن تقدمت بزمن طويل لم يجز إلا أن يكون قد نوى حال الدفع إلى الوكيل‏الوكيل, ونوى الوكيل عند الدفع إلى المستحق ولو نوى الوكيل ولم ينو الموكل لم يجز لأن الفرض يتعلق به والإجزاء يقع عنه وإن دفعها إلى الإمام ناويا ولم ينو الإمام حال دفعها إلى الفقراء‏الفقراء, جاز وإن طال لأنه وكيل الفقراء ولو تصدق الإنسان بجميع ماله تطوعا ولم ينو به الزكاة لم يجزئه وبهذا قال الشافعي وقال أصحاب أبي حنيفة‏حنيفة: يجزئه استحبابا ولا يصح لأنه لم ينو به الفرض‏الفرض, فلم يجزئه كما لو تصدق ببعضه وكما لو صلى مائة ركعة ولم ينو الفرض بها‏بها.
فصل:
فصل‏:‏
ولو كان له مال غائب فشك في سلامته‏سلامته, جاز له إخراج الزكاة عنه وكانت نية الإخراج صحيحة لأن الأصل بقاؤه فإن نوى إن كان مالي سالما فهذه زكاته وإن كان تالفا فهي تطوع فبان سالما‏سالما, أجزأت نيته لأنه أخلص النية للفرض ثم رتب عليها النفل وهذا حكمها كما لو لم يقله‏يقله, فإذا قاله لم يضر ولو قال‏قال: هذا زكاة مالي الغائب أو الحاضر صح لأن التعيين ليس بشرط بدليل أن من له أربعون دينارا إذا أخرج نصف دينار عنها صح‏صح, وإن كان ذلك يقع عن عشرين غير معينة وإن قال‏قال: هذا زكاة مالي الغائب أو تطوع لم يجزئه ذكره أبو بكر لأنه لم يخلص النية للفرض أشبه ما لو قال‏قال: أصلي فرضا أو تطوعا وإن قال‏قال: هذا زكاة مالي الغائب إن كان سالما وإلا فهو زكاة مالي الحاضر أجزأه عن السالم منهما وإن كانا سالمين فعن أحدهما لأن التعيين ليس بشرط وإن قال‏قال: زكاة مالي الغائب وأطلق فبان تالفا‏تالفا, لم يكن له أن يصرفه إلي زكاة غيره لأنه عينه فأشبه ما لو أعتق عبدا عن كفارة عينها فلم يقع عنها لم يكن له صرفه إلى كفارة أخرى هذا التفريع فيما إذا كانت المعينة مما لا يمنع إخراج زكاته في بلد رب المال إما لقربه‏لقربه, أو لكون البلد لا يوجد فيه أهل السهمان أو على الرواية التي تقول بإخراجها في بلد بعيد من بلد المال وإن كان له مورث غائب فقال‏فقال: إن كان مورثي قد مات فهذه زكاة ماله الذي ورثته منه‏منه, فبان ميتا لم يجزئه ما أخرج لأنه يبنى على غير أصل فهو كما لو قال ليلة الشك‏الشك: إن كان غدا من رمضان فهو فرضي‏فرضي, وإن لم يكن فهو نفل‏نفل.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: ( إلا أن يأخذها الإمام منه قهرا ) مقتضى كلام الخرقي أن الإنسان متى دفع زكاته طوعا لم تجزئه إلا بنية سواء دفعها إلى الإمام أو غيره‏غيره, وإن أخذها الإمام منه قهرا أجزأت من غير نية لأن تعذر النية في حقه أسقط وجوبها عنه كالصغير والمجنون وقال القاضي‏القاضي: متى أخذها الإمام أجزأت من غير نية سواء أخذها طوعا أو كرها وهذا قول الشافعي لأن أخذ الإمام بمنزلة القسم بين الشركاء‏الشركاء, فلم يحتج إلى نية ولأن للإمام ولاية في أخذها ولذلك يأخذها من الممتنع اتفاقا ولو لم يجزئه لما أخذها‏أخذها, أو لأخذها ثانيا وثالثا حتى ينفد ماله لأن أخذها إن كان لإجزائها فلا يحصل الإجزاء بدون النية وإن كان لوجوبها فالوجوب باق بعد أخذها واختار أبو الخطاب وابن عقيل‏عقيل: أنها لا تجزئ فيما بينه وبين الله تعالى إلا بنية رب المال لأن الإمام إما وكيله وإما وكيل الفقراء‏الفقراء, أو وكيلهما معا وأى ذلك كان فلا تجزئ نيته عن نية رب المال ولأن الزكاة عبادة تجب لها النية‏النية, فلا تجزئ عمن وجبت عليه بغير نية إن كان من أهل النية كالصلاة وإنما أخذت منه مع عدم الإجزاء حراسة للعلم الظاهر كالصلاة يجبر عليها ليأتي بصورتها‏بصورتها, ولو صلى بغير نية لم يجزئه عند الله تعالى قال ابن عقيل‏عقيل: ومعنى قول الفقهاء‏الفقهاء: يجزئ عنه أي في الظاهر بمعنى أنه لا يطالب بأدائها ثانيا كما قلنا في الإسلام‏الإسلام, فإن المرتد يطالب بالشهادة فمتى أتى بها حكم بإسلامه ظاهرا ومتى لم يكن معتقدا صحة ما يلفظ به‏به, لم يصح إسلامه باطنا قال‏قال: وقول أصحابنا‏أصحابنا: لا تقبل توبة الزنديق معناه‏معناه: لا يسقط عنه القتل الذي توجه عليه لعدم علمنا بحقيقة توبته لأن أكثر ما فيه أنه أظهر إيمانه وقد كان دهره يظهر إيمانه ويستر كفره‏كفره, فأما عند الله عز وجل فإنها تصح إذا علم منه حقيقة الإنابة وصدق التوبة واعتقاد الحق ومن نصر قول الخرقي‏الخرقي, قال‏قال: إن للإمام ولاية على الممتنع فقامت نيته مقام نيته كولي اليتيم والمجنون‏والمجنون, وفارق الصلاة فإن النيابة فيها لا تصح فلا بد من نية فاعلها وقوله‏وقوله: لا يخلو من كونه وكيلا له أو وكيلا للفقراء‏للفقراء, أو لهما قلنا‏قلنا: بل هو وال على المالك وأما إلحاق الزكاة بالقسمة فغير صحيح فإن القسمة ليست عبادة‏عبادة, ولا يعتبر لها نية بخلاف الزكاة‏الزكاة.
فصل‏فصل:
ويستحب للإنسان أن يلي تفرقة الزكاة بنفسه ليكون على يقين من وصولها إلى مستحقها سواء كانت من الأموال الظاهرة أو الباطنة قال الإمام أحمد‏أحمد: أعجب إلى أن يخرجها‏يخرجها, وإن دفعها إلى السلطان فهو جائز وقال الحسن ومكحول وسعيد بن جبير وميمون بن مهران يضعها رب المال في موضعها وقال الثوري احلف لهم وأكذبهم ولا تعطهم شيئا‏شيئا, إذا لم يضعوها مواضعها وقال لا تعطهم‏تعطهم: وقال عطاء‏عطاء: أعطهم إذا وضعوها مواضعها فمفهومه أنه لا يعطيهم إذا لم يكونوا كذلك وقال الشعبي وأبو جعفر إذا رأيت الولاة لا يعدلون فضعها في أهل الحاجة من أهلها‏أهلها: وقال إبراهيم ضعوها في مواضعها‏مواضعها, وإن أخذها السلطان أجزأك وقال سعيد‏سعيد: أنبأنا أبو عوانة عن مهاجر أبي الحسن قال‏قال: أتيت أبا وائل وأبا بردة بالزكاة وهما على بيت المال فأخذاها‏فأخذاها, ثم جئت مرة أخرى فرأيت أبا وائل وحده فقال لي‏لي: ردها فضعها مواضعها وقد روى عن أحمد أنه قال‏قال: أما صدقة الأرض فيعجبني دفعها إلى السلطان وأما زكاة الأموال كالمواشي فلا بأس أن يضعها في الفقراء والمساكين فظاهر هذا أنه استحب دفع العشر خاصة إلى الأئمة وذلك لأن العشر قد ذهب قوم إلى أنه مئونة الأرض‏الأرض, فهو كالخراج يتولاه الأئمة بخلاف سائر الزكاة والذي رأيت في " الجامع " قال‏قال: أما صدقة الفطر فيعجبني دفعها إلى السلطان ثم قال أبو عبد الله قيل لابن عمر إنهم يقلدون بها الكلاب‏الكلاب, ويشربون بها الخمور‏؟‏الخمور؟ قال‏قال: ادفعها إليهم وقال ابن أبي موسى وأبو الخطاب دفع الزكاة إلى الإمام العادل أفضل وهو قول أصحاب الشافعي وممن قال‏قال: يدفعها إلى الإمام الشعبي ومحمد بن علي وأبو رزين والأوزاعي لأن الإمام أعلم بمصارفها‏بمصارفها, ودفعها إليه يبرئه ظاهرا وباطنا ودفعها إلى الفقير لا يبرئه باطنا لاحتمال أن يكون غير مستحق لها‏لها, ولأنه يخرج من الخلاف وتزول عنه التهمة وكان ابن عمر يدفع زكاته إلى من جاءه من سعاة ابن الزبير أو نجدة الحروري وقد روي عن سهيل بن أبي صالح‏صالح, قال‏قال: أتيت سعد بن أبي وقاص فقلت‏فقلت: عندي مال وأريد أن أخرج زكاته وهؤلاء القوم على ما ترى‏ترى, فما تأمرني‏؟‏تأمرني؟ قال‏قال: ادفعها إليهم فأتيت ابن عمر فقال مثل ذلك فأتيت أبا هريرة فقال مثل ذلك‏ذلك, فأتيت أبا سعيد فقال مثل ذلك ويروى نحوه عن عائشة ـ رضي الله عنه ـا وقال مالك وأبو حنيفة وأبو عبيد‏عبيد: لا يفرق الأموال الظاهرة إلا الإمام لقول الله تعالى {‏خذخذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها‏بها} [‏التوبة‏التوبة: 103‏103]‏‏. ولأن أبا بكر طالبهم بالزكاة وقاتلهم عليها‏عليها, وقال‏وقال: لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لقاتلتهم عليها ووافقه الصحابة على هذا ولأن ما للإمام قبضه بحكم الولاية لا يجوز دفعه إلى المولى عليه‏عليه, كولي اليتيم وللشافعي قولان كالمذهبين ولنا على جواز دفعها بنفسه أنه دفع الحق إلى مستحقه الجائز تصرفه فأجزأه كما لو دفع الدين إلى غريمه‏غريمه, وكزكاة الأموال الباطنة ولأنه أحد نوعي الزكاة فأشبه النوع الآخر‏الآخر, والآية تدل على أن للإمام أخذها ولا خلاف فيه ومطالبة أبي بكر لهم بها لكونهم لم يؤدوها إلى أهلها‏أهلها, ولو أدوها إلى أهلها لم يقاتلهم عليها لأن ذلك مختلف في إجزائه فلا تجوز المقاتلة من أجله وإنما يطالب الإمام بحكم الولاية والنيابة عن مستحقيها‏مستحقيها, فإذا دفعها إليهم جاز لأنهم أهل رشد فجاز الدفع إليهم بخلاف اليتيم وأما وجه فضيلة دفعها بنفسه‏بنفسه, فلأنه إيصال الحق إلى مستحقه مع توفير أجر العمالة وصيانة حقهم‏حقهم, عن خطر الخيانة ومباشرة تفريج كربة مستحقها وإغنائه بها‏بها, مع إعطائها للأولى بها من محاويج أقاربه وذوي رحمه وصلة رحمه بها‏بها, فكان أفضل كما لو لم يكن آخذها من أهل العدل فإن قيل‏قيل: فالكلام في الإمام العادل إذ الخيانة مأمونة في حقه قلنا‏قلنا: الإمام لا يتولى ذلك بنفسه‏بنفسه, وإنما يفوضه إلى نوابه فلا تؤمن منهم الخيانة ثم ربما لا يصل إلى المستحق الذي قد علمه المالك من أهله وجيرانه شيء منها‏منها, وهم أحق الناس بصلته وصدقته ومواساته وقولهم‏وقولهم: إن أخذ الإمام يبرئه ظاهرا وباطنا قلنا‏قلنا: يبطل هذا بدفعها إلى غير العادل فإنه يبرئه أيضا وقد سلموا أنه ليس بأفضل ثم إن البراءة الظاهرة تكفي وقولهم‏وقولهم: إنه تزول به التهمة قلنا‏قلنا: متى أظهرها زالت التهمة‏التهمة, سواء أخرجها بنفسه أو دفعها إلى الإمام ولا يختلف المذهب أن دفعها إلى الإمام‏الإمام, سواء كان عادلا أو غير عادل وسواء كانت من الأموال الظاهرة أو الباطنة ويبرأ بدفعها سواء تلفت في يد الإمام أو لم تتلف‏تتلف, أو صرفها في مصارفها أو لم يصرفها لما ذكرنا عن الصحابة ـ رضي الله عنه ـم ـ ولأن الإمام نائب عنهم شرعا فبرئ بدفعها إليه كولي اليتيم إذا قبضها له‏له, ولا يختلف المذهب أيضا في أن صاحب المال يجوز أن يفرقها بنفسه‏بنفسه.
فصل‏فصل:
وإذا دفع الزكاة استحب أن يقول‏يقول: اللهم اجعلها مغنما ولا تجعلها مغرما ويحمد الله على التوفيق لأدائها فقد روي أبو هريرة قال‏قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : (‏إذاإذا أعطيتم الزكاة فلا تنسوا ثوابها أن تقولوا‏تقولوا: اللهم اجعلها مغنما ولا تجعلها مغرما‏مغرما) أخرجه ابن ماجه ويستحب للآخذ أن يدعو لصاحبها فيقول آجرك الله فيما أعطيت‏أعطيت, وبارك لك فيما أنققت وجعله لك طهورا وإن كان الدفع إلى الساعي أو الإمام شكره ودعا له‏له, قال الله تعالى‏تعالى: {‏خذخذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم‏لهم} [‏التوبة‏التوبة: 103‏103]‏‏. (‏قالقال عبد الله بن أبي أوفى‏أوفى: كان أبي من أصحاب الشجرة وكان النبي - صلى الله عليه وسلم- إذا أتاه قوم بصدقتهم قال‏قال: اللهم صل على آل فلان فأتاه أبي بصدقته‏بصدقته, فقال‏فقال: اللهم صل على آل أبي أوفى‏أوفى) متفق عليه والصلاة ها هنا الدعاء والتبريك وليس هذا بواجب لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- حين بعث معاذا إلى اليمن قال‏قال: (‏أعلمهمأعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم‏فقرائهم) متفق عليه فلم يأمره بالدعاء ولأن ذلك لا يجب على الفقير المدفوع إليه‏إليه, فالنائب أولى‏أولى.
فصل‏فصل:
ويجوز دفع الزكاة إلى الكبير والصغير سواء أكل الطعام أو لم يأكل قال أحمد يجوز أن يعطي زكاته في أجر رضاع لقيط غيره هو فقير من الفقراء وعنه‏وعنه: لا يجوز دفعها إلا إلى من أكل الطعام قال المروذي‏المروذي: كان أبو عبد الله لا يرى أن يعطى الصغير من الزكاة‏الزكاة, إلا أن يطعم الطعام والأول أصح لأنه فقير فجاز الدفع إليه كالذي طعم‏طعم, ولأنه يحتاج إلى الزكاة لأجر رضاعه وكسوته وسائر حوائجه فيدخل في عموم النصوص ويدفع الزكاة إلى وليه لأنه يقبض حقوقه‏حقوقه, وهذا من حقوقه فإن لم يكن له ولي دفعها إلى من يعني بأمره ويقوم به من أمه أو غيرها نص عليه أحمد وكذلك المجنون قال هارون الحمال‏الحمال: قلت لأحمد فكيف يصنع بالصغار‏؟‏بالصغار؟ قال‏قال: يعطى أولياؤهم فقلت‏فقلت: ليس لهم ولي‏ولي, قال‏قال: فيعطي من يعنى بأمرهم من الكبار فرخص في ذلك وقال مهنا‏مهنا: سألت أبا عبد الله يعطى من الزكاة المجنون والذاهب عقله‏؟‏عقله؟ قال‏قال: نعم قلت‏قلت: من يقبضها له‏؟‏له؟ قال‏قال: وليه قلت‏قلت: ليس له ولي‏؟‏ولي؟ قال الذي يقوم عليه وإن دفعها إلى الصبي العاقل فظاهر كلام أحمد أنه يجزئه قال المروذي قلت لأحمد يعطى غلام يتيم من الزكاة‏؟‏الزكاة؟ قال‏قال: نعم قلت‏قلت: فإني أخاف أن يضيعه قال‏قال: يدفعه إلى من يقوم بأمره وقد روى الدارقطني‏الدارقطني, بإسناده عن أبي جحيفة قال‏قال: (‏بعثبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فينا ساعيا فأخذ الصدقة من أغنيائنا فردها في فقرائنا‏فقرائنا,‏‏) وكنت غلاما يتيما لا مال لي فأعطاني قلوصا‏قلوصا.
فصل‏فصل:
وإذا دفع الزكاة إلى من يظنه فقيرا لم يحتج إلى إعلامه أنها زكاة قال الحسن أتريد أن تقرعه‏تقرعه, لا تخبره‏؟‏تخبره؟ وقال أحمد بن الحسين‏الحسين: قلت لأحمد‏لأحمد: يدفع الرجل الزكاة إلى الرجل فيقول‏فيقول: هذا من الزكاة أو يسكت‏؟‏يسكت؟ قال‏قال: ولم يبكته بهذا القول‏؟‏القول؟ يعطيه ويسكت وما حاجته إلى أن يقرعه‏؟‏‏يقرعه؟.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: ( ولا يعطى من الصدقة المفروضة للوالدين‏للوالدين, وإن علوا ولا للولد وإن سفل ) قال ابن المنذر أجمع أهل العلم على أن الزكاة لا يجوز دفعها إلى الوالدين‏الوالدين, في الحال التي يجبر الدافع إليهم على النفقة عليهم ولأن دفع زكاته إليهم تغنيهم عن نفقته وتسقطها عنه‏عنه, ويعود نفعها إليه فكأنه دفعها إلى نفسه فلم تجز‏تجز, كما لو قضى بها دينه وقول الخرقي " للوالدين " يعني الأب والأم وقوله‏وقوله: " وإن علوا " يعني آباءهما وأمهاتهما وإن ارتفعت درجتهم من الدافع‏الدافع, كأبوى الأب وأبوى الأم وأبوى كل واحد منهم‏منهم, وإن علت درجتهم من يرث منهم ومن لا يرث وقوله‏وقوله: " والولد وإن سفل " يعنى وإن نزلت درجته من أولاده البنين والبنات الوارث وغير الوارث نص عليه أحمد فقال‏فقال: لا يعطى الوالدين من الزكاة‏الزكاة, ولا الولد ولا ولد الولد ولا الجد ولا الجدة ولا ولد البنت قال النبي - صلى الله عليه وسلم- (‏إنإن ابني هذا سيد‏سيد) يعني الحسن‏الحسن, فجعله ابنه ولأنه من عمودى نسبه فأشبه الوارث ولأن بينهما قرابة جزئية وبعضية‏وبعضية, بخلاف غيرها‏غيرها.
فصل‏فصل:
فأما سائر الأقارب فمن لا يورث منهم يجوز دفع الزكاة إليه سواء كان انتفاء الإرث لانتفاء سببه‏سببه, لكونه بعيد القرابة ممن لم يسم الله تعالى ولا رسوله - صلى الله عليه وسلم- له ميراثا أو كان لمانع مثل أن يكون محجوبا عن الميراث‏الميراث, كالأخ المحجوب بالابن أو الأب والعم المحجوب بالأخ وابنه وإن نزل فيجوز دفع الزكاة إليه لأنه لا قرابة جزئية بينهما ولا ميراث‏ميراث, فأشبها الأجانب وإن كان بينهما ميراث كالأخوين اللذين يرث كل واحد منهما الآخر ففيه روايتان إحداهما‏إحداهما: يجوز لكل واحد منهما دفع زكاته إلى الآخر وهي الظاهرة عنه‏عنه, رواها عنه الجماعة قال في رواية إسحاق بن إبراهيم وإسحاق بن منصور‏منصور, وقد سأله‏سأله: يعطى الأخ والأخت والخالة من الزكاة‏؟‏الزكاة؟ قال‏قال: يعطى كل القرابة إلا الأبوين والولد وهذا قول أكثر أهل العلم قال أبو عبيد هو القول عندي لقول النبي - صلى الله عليه وسلم- : (‏الصدقةالصدقة على المسكين صدقة وهي لذي الرحم اثنان صدقة وصلة‏وصلة) فلم يشترط نافلة ولا فريضة ولم يفرق بين الوارث وغيره ولأنه ليس من عمودي نسبه‏نسبه, فأشبه الأجنبي والرواية الثانية لا يجوز دفعها إلى الموروث وهو ظاهر قول الخرقي لقوله‏لقوله: ولا لمن تلزمه مؤنته " وعلى الوارث مؤنة الموروث لأنه يلزمه مؤنته فيغنيه بزكاته عن مؤنته‏مؤنته, ويعود نفع زكاته إليه فلم يجز كدفعها إلى والده‏والده, أو قضاء دينه بها والحديث يحتمل صدقة التطوع فيحمل عليها فعلى هذا إن كان أحدهما يرث الآخر ولا يرثه الآخر‏الآخر, كالعمة مع ابن أخيها والعتيق مع معتقه فعلى الوارث منهما نفقة مورثه‏مورثه, وليس له دفع زكاته إليه وليس على الموروث منهما نفقة وارثه ولا يمنع من دفع زكاته إليه‏إليه, لانتفاء المقتضي للمنع ولو كان الأخوان لأحدهما ابن والآخر لا ولد له فعلى أبي الابن نفقة أخيه‏أخيه, وليس له دفع زكاته إليه وللذي لا ولد له له دفع زكاته إلى أخيه‏أخيه, ولا يلزمه نفقته لأنه محجوب عن ميراثه ونحو هذا قول الثوري فأما ذوو الأرحام في الحال التي يرثون فيها فيجوز دفعها إليهم في ظاهر المذهب لأن قرابتهم ضعيفة‏ضعيفة, لا يرث بها مع عصبة ولا ذي فرض غير أحد الزوجين‏الزوجين, فلم تمنع دفع الزكاة كقرابة سائر المسلمين فإن ماله يصير إليهم إذا لم يكن له وارث‏وارث.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: [‏ولاولا للزوج‏للزوج, ولا للزوجة‏للزوجة] أما الزوجة فلا يجوز دفع الزكاة إليها إجماعا قال ابن المنذر أجمع أهل العلم على أن الرجل لا يعطي زوجته من الزكاة وذلك لأن نفقتها واجبة عليه فتستغني بها عن أخذ الزكاة فلم يجز دفعها إليها‏إليها, كما لو دفعها إليها على سبيل الإنفاق عليها وأما الزوج ففيه روايتان‏روايتان: إحداهما لا يجوز دفعها إليه وهو اختيار أبي بكر ومذهب أبي حنيفة لأنه أحد الزوجين‏الزوجين, فلم يجز للآخر دفع زكاته إليه كالآخر ولأنها تنتفع بدفعها إليه لأنه إن كان عاجزا عن الإنفاق عليها تمكن بأخذ الزكاة من الإنفاق‏الإنفاق, فيلزمه وإن لم يكن عاجزا ولكنه أيسر بها‏بها, لزمته نفقة الموسرين فتنتفع بها في الحالين فلم يجز لها ذلك‏ذلك, كما لو دفعتها في أجرة دار أو نفقة رقيقها أو بهائمها فإن قيل‏قيل: فيلزم على هذا الغريم فإنه يجوز له دفع زكاته إلى غريمه ويلزم الآخذ بذلك وفاء دينه فينتفع الدافع بدفعها إليه قلنا‏قلنا: الفرق بينهما من وجهين‏وجهين: أحدهما‏أحدهما, أن حق الزوجة في النفقة آكد من حق الغريم بدليل أن نفقة المرأة مقدمة في مال المفلس على أداء دينه وأنها تملك أخذها من ماله بغير علمه‏علمه, إذا امتنع من أدائها والثاني أن المرأة تنبسط في مال زوجها بحكم العادة ويعد مال كل واحد منهما مالا للآخر‏للآخر, ولهذا قال ابن مسعود في عبد سرق مرآة امرأة سيده‏سيده: عبدكم سرق مالكم ولم يقطعه وروى ذلك عن عمر وكذلك لا تقبل شهادة كل واحد منهما لصاحبه بخلاف الغريم مع غريمه والرواية الثانية يجوز لها دفع زكاتها إلى زوجها وهو مذهب الشافعي وابن المنذر وطائفة من أهل العلم (‏لأنلأن زينب امرأة عبد الله بن مسعود قالت يا نبي الله‏الله, إنك أمرت اليوم بالصدقة وكان عندي حلى لي فأردت أن أتصدق به‏به, فزعم ابن مسعود أنه هو وولده أحق من تصدقت عليهم فقال النبي - صلى الله عليه وسلم- صدق ابن مسعود زوجك وولدك أحق من تصدقت به عليهم‏عليهم) رواه البخاري وروى (‏أنأن امرأة عبد الله سألت النبي - صلى الله عليه وسلم- عن بني أخ لها أيتام في حجرها أفتعطيهم زكاتها‏؟‏زكاتها؟ قال‏قال: نعم‏نعم) وروى الجوزجاني‏الجوزجاني, بإسناده عن عطاء قال‏قال: (‏أتتأتت النبي - صلى الله عليه وسلم- امرأة فقالت‏فقالت: يا رسول الله إن على نذرا أن أتصدق بعشرين درهما‏درهما, وإن لي زوجا فقيرا أفيجزئ عنى أن أعطيه‏؟‏أعطيه؟ قال‏قال: نعم لك كفلان من الأجر‏الأجر) ولأنه لا تجب نفقته‏نفقته, فلا يمنع دفع الزكاة إليه كالأجنبي ويفارق الزوجة‏الزوجة, فإن نفقتها واجبة عليه ولأن الأصل جواز الدفع لدخول الزوج في عموم الأصناف المسمين في الزكاة وليس في المنع نص ولا إجماع وقياسه على من ثبت المنع في حقه غير صحيح لوضوح الفرق بينهما‏بينهما, فيبقى جواز الدفع ثابتا والاستدلال بهذا أقوى من الاستدلال بالنصوص لضعف دلالتها فإن الحديث الأول في صدقة التطوع‏التطوع, لقولها‏لقولها: أردت أن أتصدق بحلى لي ولا تجب الصدقة بالحلى وقول النبي - صلى الله عليه وسلم- (‏زوجكزوجك وولدك أحق من تصدقت به عليهم‏عليهم) والولد لا تدفع إليه الزكاة والحديث الثاني ليس فيه ذكر الزوج‏الزوج, وذكر الزكاة فيه غير محفوظ قال أحمد من ذكر الزكاة فهو عندي غير محفوظ إنما ذاك صدقة من غير الزكاة كذا قال الأعمش فأما الحديث الآخر فهو مرسل‏مرسل, وهو في النذر‏النذر.
فصل:
فصل‏:‏
فإن كان في عائلته من لا يجب عليه الإنفاق عليه كيتيم أجنبي فظاهر كلام أحمد أنه لا يجوز له دفع زكاته إليه لأنه ينتفع بدفعها إليه لإغنائه بها عن مؤنته والصحيح‏والصحيح, إن شاء الله جواز دفعها إليه لأنه داخل في أصناف المستحقين للزكاة ولم يرد في منعه نص ولا إجماع ولا قياس صحيح‏صحيح, فلا يجوز إخراجه من عموم النص بغير دليل وإن توهم أنه ينتفع بدفعها إليه قلنا‏قلنا: قد لا ينتفع به‏به, فإنه يصرفها في مصالحه التي لا يقوم بها الدافع وإن قدر الانتفاع فإنه نفع لا يسقط به واجب عليه ولا يجتلب به مال إليه‏إليه, فلم يمنع ذلك الدفع كما لو كان يصله تبرعا من غير أن يكون من عائلته‏عائلته.
فصل‏فصل:
وليس لمخرج الزكاة شراؤها ممن صارت إليه وروي ذلك عن الحسن وهو قول قتادة ومالك قال أصحاب مالك‏مالك: فإن اشتراها لم ينقض البيع وقال الشافعي وغيره‏وغيره: يجوز لقول النبي‏النبي: - صلى الله عليه وسلم- (‏لالا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة رجل ابتاعها بماله‏بماله) وروى سعيد‏سعيد, في " سننه " (‏أنأن رجلا تصدق على أمه بصدقة ثم ماتت فسأل النبي - صلى الله عليه وسلم- فقال‏فقال: قد قبل الله صدقتك وردها إليك الميراث‏الميراث) وهذا في معنى شرائها ولأن ما صح أن يملك إرثا‏إرثا, صح أن يملك ابتياعا كسائر الأموال ولنا ما روى عمر (‏أنهأنه قال‏قال: حملت على فرس في سبيل الله‏الله, فأضاعه الذي كان عنده وظننت أنه بائعه برخص فأردت أن أشتريه‏أشتريه, فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقال‏فقال: لا تبتعه ولا تعد في صدقتك ولو أعطاكه بدرهم فإن العائد في صدقته كالكلب يعود في قيئه‏قيئه) متفق عليه فإن قيل‏قيل: يحتمل أنها كانت حبيسا في سبيل الله فمنعه لذلك قلنا‏قلنا: لو كانت حبيسا لما باعها الذي هي في يده ولا هم عمر بشرائها‏بشرائها, بل كان ينكر على البائع ويمنعه فإنه لم يكن يقر على منكر فكيف يفعله‏يفعله, ويعين عليه ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم- ما أنكر بيعها إنما أنكر على عمر الشراء معللا بكونه عائدا في الصدقة الثاني‏الثاني, أننا نحتج بعموم اللفظ من غير نظر إلى خصوص السبب فإن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال‏قال: (‏لالا تعد في صدقتك‏صدقتك) أي بالشراء فإن العائد في صدقته كالعائد في قيئه والأخذ بعموم اللفظ أولى من التمسك بخصوص السبب فإن قيل‏قيل: فإن اللفظ لا يتناول الشراء فإن العود في الصدقة ارتجاعها بغير عوض وفسخ للعقد‏للعقد, كالعود في الهبة والدليل على هذا قول النبي - صلى الله عليه وسلم- (‏العائدالعائد في هبته كالعائد في قيئه‏قيئه) ولو وهب إنسانا شيئا ثم اشتراه منه‏منه, جاز قلنا‏قلنا: النبي - صلى الله عليه وسلم- ذكر ذلك جوابا لعمر حين سأله عن شراء الفرس فلو لم يكن اللفظ متناولا للشراء المسئول عنه لم يكن مجيبا له ولا يجوز إخراج خصوص السبب من عموم اللفظ لئلا يخلو السؤال عن الجواب‏الجواب, وقد روى عن جابر أنه قال‏قال: إذا جاء المصدق فادفع إليه صدقتك ولا تشترها فإنهم كانوا يقولون‏يقولون: ابتعها فأقول‏فأقول: إنما هي لله وعن ابن عمر أنه قال‏قال: لا تشتر طهور مالك ولأن في شرائه لها وسيلة إلى استرجاع شيء منها لأن الفقير يستحى منه‏منه, فلا يماكسه في ثمنها وربما رخصها له طمعا في أن يدفع إليه صدقة أخرى وربما علم أنه إن لم يبعه إياها استرجعها منه أو توهم ذلك‏ذلك, وما هذا سبيله ينبغي أن يجتنب كما لو شرط عليه أن يبيعه إياها وهو أيضا ذريعة إلى إخراج القيمة وهو ممنوع من ذلك أما حديثهم فنقول به‏به, وأنها ترجع إليه بالميراث وليس هذا محل النزاع قال ابن عبد البر كل العلماء يقولون‏يقولون: إذا رجعت إليه بالميراث طابت له إلا ابن عمر والحسن بن حي وليس البيع في معنى الميراث لأن الملك ثبت بالميراث حكما بغير اختياره وليس بوسيلة إلى شيء مما ذكرنا‏ذكرنا, والحديث الآخر مرسل وهو عام وحديثنا خاص صحيح‏صحيح, فالعمل به أولى من كل وجه‏وجه.
فصل‏فصل:
فإن دعت الحاجة إلى شراء صدقته مثل أن يكون الفرض جزءا من حيوان لا يمكن الفقير الانتفاع بعينه ولا يجد من يشتريه سوى المالك لباقيه‏لباقيه, ولو اشتراه غيره لتضرر المالك بسوء المشاركة أو إذا كان الواجب في ثمرة النخل والكرم عنبا ورطبا فاحتاج الساعي إلى بيعها قبل الجذاذ‏الجذاذ, فقد ذكر القاضي أنه يجوز بيعها من رب المال في هذا الموضع وكذلك يجيء في الصورة الأولى وفي كل موضع دعت الحاجة إلى شرائه لها لأن المنع من الشراء في محل الوفاق إنما كان لدفع الضرر عن الفقير والضرر عليه في منع البيع ها هنا أعظم‏أعظم, فدفعه بجواز البيع أولى‏أولى.
فصل‏فصل:
قال مهنا‏مهنا: سألت أبا عبد الله عن رجل له على رجل دين برهن وليس عنده قضاؤه ولهذا الرجل زكاة مال يريد أن يفرقها على المساكين فيدفع إليه رهنه ويقول له‏له: الدين الذي لي عليك هو لك ويحسبه من زكاة ماله قال‏قال: لا يجزئه ذلك فقلت له‏له: فيدفع إليه من زكاته‏زكاته, فإن رده إليه قضاء مما له أخذه‏؟‏أخذه؟ فقال‏فقال: نعم وقال في موضع آخر وقيل له‏له: فإن أعطاه‏أعطاه, ثم رده إليه‏؟‏إليه؟ قال‏قال: إذا كان بحيلة فلا يعجبني قيل له‏له: فإن استقرض الذي عليه الدين دراهم فقضاه إياها ثم ردها عليه وحسبها من الزكاة‏؟‏الزكاة؟ فقال‏فقال: إذا أراد بها إحياء ماله فلا يجوز فحصل من كلامه أن دفع الزكاة إلى الغريم جائز‏جائز, سواء دفعها ابتداء أو استوفي حقه ثم دفع ما استوفاه إليه إلا أنه متى قصد بالدفع إحياء ماله‏ماله, أو استيفاء دينه لم يجز لأن الزكاة لحق الله تعالى فلا يجوز صرفها إلى نفعه‏نفعه, ولا يجوز أن يحتسب الدين الذي له من الزكاة قبل قبضه لأنه مأمور بأدائها وإيتائها وهذا إسقاط والله أعلم‏أعلم.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: [‏ولاولا لكافر‏لكافر, ولا لمملوك‏لمملوك] لا نعلم بين أهل العلم خلافا في أن زكاة الأموال لا تعطى لكافر ولا لمملوك قال ابن المنذر أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن الذمي لا يعطى من زكاة الأموال شيئا (‏ولأنولأن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال لمعاذ‏لمعاذ: أعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم‏فقرائهم) فخصهم بصرفها إلى فقرائهم كما خصهم بوجوبها على أغنيائهم وأما المملوك فلا يملكها بدفعها إليه‏إليه, وما يعطاه فهو لسيده فكأنه دفعها إلى سيده ولأن العبد يجب على سيده نفقته‏نفقته, فهو غنى بغناه‏بغناه.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: [‏إلاإلا أن يكونوا من العاملين عليها فيعطون بحق ما عملوا‏عملوا] وجملته أنه يجوز للعامل أن يأخذ عمالته من الزكاة سواء كان حرا أو عبدا وظاهر كلام الخرقي أنه يجوز أن يكون كافرا‏كافرا, وهذه إحدى الروايتين عن أحمد لأن الله تعالى قال {‏والعاملينوالعاملين عليها‏عليها} [‏التوبة‏التوبة: 60‏60]‏‏. وهذا لفظ عام يدخل فيه كل عامل على أي صفة كان ولأن ما يأخذ على العمالة أجرة عمله فلم يمنع من أخذه كسائر الإجارات والرواية الأخرى لا يجوز أن يكون العامل كافرا لأن من شرط العامل أن يكون أمينا‏أمينا, والكفر ينافي الأمانة ويجوز أن يكون غنيا وذا قرابة لرب المال وقوله‏وقوله: " بحق ما عملوا " يعني يعطيهم بقدر أجرتهم والإمام مخير إذا بعث عاملا إن شاء استأجره إجارة صحيحة ويدفع إليه ما سميى له‏له, وإن شاء بعثه بغير إجارة ويدفع إليه أجر مثله وهذا كان المعروف على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فإنه لم يبلغنا أنه قاطع أحدا من العمال على أجر وقد روى أبو داود‏داود, بإسناده عن ابن الساعدي قال‏قال: (‏استعملنياستعملني عمر على الصدقة فلما فرغت منها وأديتها إليه‏إليه, أمر لي بعمالة فقلت إنما عملت لله وأجرى على الله قال‏قال: خذ ما أعطيت فإني قد عملت على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فعملني‏فعملني, فقلت مثل قولك فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : إذا أعطيت شيئا من غير أن تسأله فكل وتصدق‏وتصدق)
فصل‏فصل:
ويعطي منها أجر الحاسب والكاتب والحاشر والخازن والحافظ والراعي ونحوهم فكلهم معدودون من العاملين ويدفع إليهم من حصة العاملين عليها‏عليها, فأما أجر الوزان والكيال ليقبض الساعي الزكاة فعلى رب المال لأنه من مؤنة دفع الزكاة‏الزكاة.
فصل‏فصل:
ولا يعطي الكافر من الزكاة إلا لكونه مؤلفًا على ما سنذكره‏سنذكره, ويجوز أن يعطى الإنسان ذا قرابته من الزكاة لكونه غازيا أو مؤلفا أو غارما في إصلاح ذات البين‏البين, أو عاملا ولا يعطى لغير ذلك وقد روى أبو داود بإسناده عن عطاء بن يسار عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال‏قال: (‏لالا تحل الصدقة لغني‏لغني, إلا لخمسة‏لخمسة: لغاز في سبيل الله أو لعامل عليها أو لغارم‏لغارم, أو رجل ابتاعها بماله أو لرجل كان له جار مسكين فتصدق على المسكين‏المسكين, فأهدى المسكين إلى الغني‏الغني) ورواه أيضا عن عطاء عن أبي سعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم- .
فصل‏فصل:
وإن اجتمع في واحد أسباب تقتضي الأخذ بها جاز أن يعطى بها‏بها, فالعامل الفقير له أن يأخذ عمالته فإن لم تغنه فله أن يأخذ ما يتم به غناه فإن كان غازيا فله أخذ ما يكفيه لغزوه‏لغزوه, وإن كان غارما أخذ ما يقضى به غرمه لأن كل واحد من هذه الأسباب يثبت حكمه بانفراده فوجود غيره لا يمنع ثبوت حكمه كما لم يمنع وجوده‏وجوده, وقد روي عن أحمد أنه قال‏قال: إذا كان له مائتان وعليه مثلها لا يعطى من الزكاة لأن المغني خمسون درهما وهذا يدل على أنه يعتبر في الدفع إلى الغارم أن يكون فقيرا فإذا أعطي لأجل الغرم وجب صرفه إلى قضاء الدين وإن أعطي للفقير جاز أن يقضي به دينه‏دينه.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: (‏ولاولا لبني هاشم‏هاشم) لا نعلم خلافًا في أن بني هاشم لا تحل لهم الصدقة المفروضة‏المفروضة, وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم- (‏إنإن الصدقة لا تنبغي لآل محمد إنما هي أوساخ الناس‏الناس) أخرجه مسلم وعن أبي هريرة قال‏قال: (‏أخذأخذ الحسن تمرة من تمر الصدقة‏الصدقة, فقال النبي - صلى الله عليه وسلم- : كخ كخ ليطرحها وقال‏وقال: أما شعرت أنا لا نأكل الصدقة‏الصدقة) متفق عليه‏عليه.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: ( ولا لمواليهم ) يعني أن موالي بني هاشم وهم من أعتقهم هاشمي‏هاشمي, لا يعطون من الزكاة وقال أكثر العلماء‏العلماء: يجوز لأنهم ليسوا بقرابة النبي - صلى الله عليه وسلم- فلم يمنعوا الصدقة كسائر الناس ولأنهم لم يعوضوا عنها بخمس الخمس فإنهم لا يعطون منه‏منه, فلم يجز أن يحرموها كسائر الناس ولنا ما روى أبو رافع (‏أنأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بعث رجلا من بني مخزوم على الصدقة فقال لأبي رافع‏رافع: اصحبني كيما تصيب منها فقال‏فقال: لا حتى آتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فأسأله فانطلق إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- فسأله فقال‏فقال: إنا لا تحل لنا الصدقة‏الصدقة, وإن موالي القوم منهم‏منهم) أخرجه أبو داود والنسائي والترمذي‏والترمذي, وقال‏وقال: حديث حسن صحيح ولأنهم ممن يرثهم بنو هاشم بالتعصيب فلم يجز دفع الصدقة إليهم كبني هاشم وقولهم‏وقولهم: إنهم ليسوا بقرابة قلنا‏قلنا: هم بمنزلة القرابة بدليل قول النبي - صلى الله عليه وسلم- : (‏الولاءالولاء لحمة كلحمة النسب‏النسب) وقوله‏وقوله: (‏مواليموالي القوم منهم‏منهم) وثبت فيهم حكم القرابة من الإرث والعقل والنفقة‏والنفقة, فلا يمتنع ثبوت حكم تحريم الصدقة فيهم‏فيهم.
فصل‏فصل:
فأما بنو المطلب فهل لهم الأخذ من الزكاة‏؟‏الزكاة؟ على روايتين‏روايتين: إحداهما ليس لهم ذلك نقلها عبد الله بن أحمد وغيره لقول النبي - صلى الله عليه وسلم- : (‏إناإنا وبنو المطلب لم نفترق في جاهلية ولا إسلام إنما نحن وهم شيء واحد‏واحد) وفي لفظ رواه الشافعي في " مسنده "‏‏:‏‏: (‏إنماإنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد‏واحد) وشبك بين أصابعه ولأنهم يستحقون من خمس الخمس فلم يكن لهم الأخذ كبني هاشم‏هاشم, وقد أكد ما روى أن النبي - صلى الله عليه وسلم- علل منعهم الصدقة باستغنائهم عنها بخمس الخمس فقال‏فقال: (‏أليسأليس في خمس الخمس ما يغنيكم‏؟‏‏يغنيكم؟) والرواية الثانية لهم الأخذ منها وهو قول أبي حنيفة لأنهم دخلوا في عموم قوله تعالى‏تعالى: {‏إنماإنما الصدقات للفقراء والمساكين‏والمساكين} [‏التوبة‏التوبة: 60‏60]‏‏. الآية لكن خرج بنو هاشم لقول النبي - صلى الله عليه وسلم- : (‏إنإن الصدقة لا تنبغي لآل محمد‏محمد) فيجب أن يختص المنع بهم‏بهم, ولا يصح قياس بني المطلب على بني هاشم لأن بني هاشم أقرب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- وأشرف وهم آل النبي - صلى الله عليه وسلم- ومشاركة بني المطلب لهم في خمس الخمس ما استحقوه بمجرد القرابة بدليل أن بني عبد شمس وبني نوفل يساوونهم في القرابة‏القرابة, ولم يعطوا شيئا وإنما شاركوهم بالنصرة أو بهما جميعا‏جميعا, والنصرة لا تقتضي منع الزكاة‏الزكاة.
فصل‏فصل:
وروى الخلال بإسناده عن ابن أبي مليكة أن خالد بن سعيد بن العاص بعث إلى عائشة سفرة من الصدقة فردتها‏فردتها, وقالت‏وقالت: إنا آل محمد - صلى الله عليه وسلم- لا تحل لنا الصدقة وهذا يدل على تحريمها على أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم- .
فصل‏فصل:
وظاهر قول الخرقي ها هنا أن ذوي القربى يمنعون الصدقة وإن كانوا عاملين‏عاملين, وذكر في باب قسم الفيء والصدقة ما يدل على إباحة الأخذ لهم عمالة وهو قول أكثر أصحابنا لأن ما يأخذونه أجر فجاز لهم أخذه كالحمال وصاحب المخزن إذا أجرهم مخزنه ولنا‏ولنا, حديث أبي رافع وقد ذكرناه وما روى مسلم بإسناده (‏أنهأنه اجتمع ربيعة بن الحارث والعباس بن عبد المطلب‏المطلب, فقالا‏فقالا: والله لو بعثنا هذين الغلامين إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فكلماه فأمرهما على هذه الصدقات فأديا ما يؤدي الناس‏الناس, وأصابا ما يصيب الناس‏؟‏الناس؟ فبينما هما في ذلك إذ جاء علي بن أبي طالب فوقف عليهما فذكرا له ذلك‏ذلك, قال علي‏علي: لا تفعلا فوالله ما هو بفاعل فانتحاه ربيعة بن الحارث فقال‏فقال: والله ما تصنع هذا إلا نفاسة منك علينا قال‏قال: فألقى على رداءه ثم اضطجع ثم قال‏قال: أنا أبو الحسن والله لا أريم مكاني حتى يرجع إليكما ابناكما بخبر ما بعثتما به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فذكر الحديث إلى أن قال‏قال: فأتيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقالا‏فقالا: يا رسول الله‏الله, أنت أبو الناس وأوصل الناس وقد بلغنا النكاح‏النكاح, فجئنا لتؤمرنا على بعض هذه الصدقات فنؤدي إليك كما يؤدي الناس ونصيب كما يصيبون فسكت طويلا ثم قال‏قال: إن هذه الصدقة لا تنبغي لآل محمد‏محمد, إنما هي أوساخ الناس وفي لفظ أنه قال‏قال: إن الصدقة إنما هي أوساخ الناس وإنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد‏محمد) .
فصل‏فصل:
ويجوز لذوي القربى الأخذ من صدقة التطوع قال أحمد في رواية ابن القاسم‏القاسم: إنما لا يعطون من الصدقة المفروضة‏المفروضة, فأما التطوع فلا وعن أحمد رواية أخرى‏أخرى: أنهم يمنعون صدقة التطوع أيضا لعموم قوله عليه السلام‏السلام: (‏إناإنا لا تحل لنا الصدقة‏الصدقة) والأول أظهر فإن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال‏قال: (‏المعروفالمعروف كله صدقة‏صدقة) متفق عليه وقال الله تعالى‏تعالى: {فمن تصدق به فهو كفارة له‏له} [المائدة: 45]. وقال تعالى‏تعالى: {‏فنظرةفنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون‏تعلمون} [البقرة: 280]. ولا خلاف في إباحة المعروف إلى الهاشمي‏الهاشمي, والعفو عنه وإنظاره وقال إخوة يوسف‏يوسف: {‏وتصدقوتصدق علينا‏علينا} والخبر أريد به صدقة الفرض لأن الطلب كان لها والألف واللام تعود إلى المعهود وروى جعفر بن محمد عن أبيه أنه كان يشرب من سقايات بين مكة والمدينة فقلت له‏له: أتشرب من الصدقة‏؟‏الصدقة؟ فقال‏فقال: إنما حرمت علينا الصدقة المفروضة ويجوز أن يأخذوا من الوصايا للفقراء‏للفقراء, ومن النذور لأنهما تطوع فأشبه ما لو وصى لهم وفي الكفارة وجهان‏وجهان: أحدهما يجوز لأنها ليست بزكاة ولا هي أوساخ الناس‏الناس, فأشبهت صدقة التطوع والثاني لا يجوز لأنها واجبة أشبهت الزكاة‏الزكاة.
فصل‏فصل:
وكل من حرم صدقة الفرض من الأغنياء وقرابة المتصدق والكافر وغيرهم يجوز دفع صدقة التطوع إليهم‏إليهم, ولهم أخذها قال الله تعالى‏تعالى: {‏ويطعمونويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا‏وأسيرا} [‏الإنسان‏الإنسان: 8‏8]‏‏. ولم يكن الأسير يومئذ إلا كافرا وعن أسماء بنت أبي بكر‏بكر, ـ رضي الله عنهـا ـ قالت‏قالت: (‏قدمتقدمت على أمي وهي مشركة فقلت‏فقلت: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إن أمي قدمت على وهي راغبة‏راغبة, أفأصلها‏؟‏أفأصلها؟ قال‏قال: نعم صلى أمك‏أمك) وكسا عمر أخا له حلة كان النبي - صلى الله عليه وسلم- أعطاه إياها وعن أبي مسعود عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال‏قال: (‏إذاإذا أنفق المسلم على أهله‏أهله, وهو يحتسبها فهي له صدقة‏صدقة) متفق عليه وقال النبي - صلى الله عليه وسلم- لسعد‏لسعد: (‏إنإن نفقتك على أهلك صدقة وإن ما تأكل امرأتك صدقة‏صدقة) متفق عليه‏عليه.
فصل‏فصل:
فأما النبي - صلى الله عليه وسلم- فالظاهر أن الصدقة جميعها كانت محرمة عليه‏عليه, فرضها ونفلها لأن اجتنابها كان من دلائل نبوته وعلاماتها فلم يكن ليخل بذلك وفي حديث إسلام سلمان الفارسي‏الفارسي, أن الذي أخبره عن النبي - صلى الله عليه وسلم- ووصفه قال‏قال: (‏إنهإنه يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة‏الصدقة) وقال أبو هريرة‏هريرة: (‏كانكان النبي - صلى الله عليه وسلم- إذا أتى بطعام سأل عنه‏؟‏عنه؟ فإن قيل صدقة قال لأصحابه‏لأصحابه: كلوا ولم يأكل‏يأكل, وإن قيل‏قيل: هدية ضرب بيده فأكل معهم‏معهم) أخرجه البخاري (‏وقالوقال النبي - صلى الله عليه وسلم- في لحم تصدق به على بريرة‏بريرة: هو عليها صدقة وهو لنا هدية‏هدية) وقال عليه السلام‏السلام: (‏إنيإني لأنقلب إلى أهلي‏أهلي, فأجد التمرة ساقطة على فراشى في بيتي فأرفعها لآكلها ثم أخشى أن تكون صدقة‏صدقة, فألقيها‏فألقيها) رواه مسلم وقال‏وقال: (‏إناإنا لا تحل لنا الصدقة‏الصدقة) ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم- كان أشرف الخلق وكان له من المغانم خمس الخمس والصفى فحرم نوعي الصدقة فرضها ونفلها‏ونفلها, وآله دونه في الشرف ولهم خمس الخمس وحده فحرموا أحد نوعيها‏نوعيها, وهو الفرض وقد روى عن أحمد أن صدقة التطوع لم تكن محرمة عليه قال الميموني‏الميموني: سمعت أحمد يقول‏يقول: الصدقة لا تحل للنبي - صلى الله عليه وسلم- وأهل بيته صدقة الفطر وزكاة الأموال والصدقة يصرفها الرجل على محتاج يريد بها وجه الله تعالى‏تعالى, فأما غير ذلك فلا أليس يقال‏يقال: كل معروف صدقة‏؟‏صدقة؟ وقد كان يهدي للنبي - صلى الله عليه وسلم- ويستقرض فليس ذلك من جنس الصدقة على وجه الحاجة والصحيح أن هذا لا يدل على إباحة الصدقة له‏له, إنما أراد أن ما ليس من صدقة الأموال على الحقيقة كالقرض والهدية وفعل المعروف غير محرم عليه‏عليه, لكن فيه دلالة على التسوية بينه وبين آله في تحريم صدقة التطوع عليهم لقوله بأن الصدقة على المحتاج يريد بها وجه الله محرمة عليهما وهذا هو صدقة التطوع فصارت الروايتان في تحريم صدقة التطوع على آله والله أعلم‏أعلم.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: ( ولا لغني‏لغني, وهو الذي يملك خمسين درهما أو قيمتها من الذهب ) يعني لا يعطى من سهم الفقراء والمساكين غنى ولا خلاف في هذا بين أهل العلم وذلك لأن الله تعالى جعلها للفقراء والمساكين‏والمساكين, والغنى غير داخل فيهم وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم- لمعاذ‏لمعاذ: (‏أعلمهمأعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم وقال‏وقال: لا حظ فيها لغني‏لغني, ولا لقوي مكتسب وقال‏وقال: لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي‏سوي) أخرجه أبو داود والترمذي‏والترمذي, وقال‏وقال: حديث حسن ولأن أخذ الغني منها يمنع وصولها إلى أهلها ويخل بحكمة وجوبها وهو إغناء الفقراء بها واختلف العلماء في الغنى المانع من أخذها ونقل عن أحمد فيه روايتان‏روايتان: أظهرهما‏أظهرهما, أنه ملك خمسين درهما أو قيمتها من الذهب أو وجود ما تحصل به الكفاية على الدوام من كسب‏كسب, أو تجارة أو عقار أو نحو ذلك ولو ملك من العروض‏العروض, أو الحبوب أو السائمة أو العقار ما لا تحصل به الكفاية‏الكفاية, لم يكن غنيا وإن ملك نصابا هذا الظاهر من مذهبه‏مذهبه, وهو قول الثوري والنخعي وابن المبارك وإسحاق وروى عن على وعبد الله أنهما قالا‏قالا: لا تحل الصدقة لمن له خمسون درهما أو عدلها‏عدلها, أو قيمتها من الذهب وذلك لما روى عبد الله بن مسعود قال‏قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : (‏منمن سأل وله ما يغنيه جاءت مسألته يوم القيامة خموشا أو خدوشا‏خدوشا, أو كدوحا في وجهه فقيل‏فقيل: يا رسول الله ما الغنى‏؟‏الغنى؟ قال خمسون درهما أو قيمتها من الذهب‏الذهب) رواه أبو داود‏داود, والترمذي وقال‏وقال: حديث حسن فإن قيل‏قيل: هذا يرويه حكيم بن جبير وكان شعبة لا يروى عنه‏عنه, وليس بقوي في الحديث قلنا‏قلنا: قد قال عبد الله بن عثمان لسفيان‏لسفيان: حفظي أن شعبة لا يروى عن حكيم بن جبير فقال سفيان‏سفيان: حدثناه زبيد عن محمد بن عبد الرحمن وقد قال على وعبد الله مثل ذلك والرواية الثانية أن الغنى ما تحصل به الكفاية فإذا لم يكن محتاجا حرمت عليه الصدقة‏الصدقة, وإن لم يملك شيئا وإن كان محتاجا حلت له الصدقة وإن ملك نصابا‏نصابا, والأثمان وغيرها في هذا سواء وهذا اختيار أبي الخطاب وابن شهاب العكبري وقول مالك والشافعي لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال لقبيصة بن المخارق (‏لالا تحل المسألة إلا لأحد ثلاثة‏ثلاثة: رجل أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجا من قومه‏قومه: قد أصابت فلانا فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش‏عيش, أو سدادا من عيش‏عيش) رواه مسلم فمد إباحة المسألة إلى وجود إصابة القوام أو السداد ولأن الحاجة هي الفقر والغنى ضدها‏ضدها, فمن كان محتاجا فهو فقير يدخل في عموم النص ومن استغنى دخل في عموم النصوص المحرمة والحديث الأول فيه ضعف‏ضعف, ثم يجوز أن تحرم المسألة ولا يحرم أخذ الصدقة إذا جاءته من غير المسألة فإن المذكور فيه تحريم المسألة فنقتصر عليه وقال الحسن وأبو عبيد‏عبيد: الغنى ملك أوقية‏أوقية, وهي أربعون درهما لما روى أبو سعيد الخدري قال‏قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : (‏منمن سأل وله قيمة أوقية فقد ألحف‏ألحف) وكانت الأوقية على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أربعين درهما رواه أبو داود وقال أصحاب الرأي‏الرأي: الغنى الموجب للزكاة هو المانع من أخذها وهو ملك نصاب تجب فيه الزكاة‏الزكاة, من الأثمان أو العروض المعدة للتجارة أو السائمة‏السائمة, أو غيرها (‏لقوللقول النبي - صلى الله عليه وسلم- لمعاذ‏لمعاذ: أعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم‏فقرائهم) فجعل الأغنياء من تجب عليهم الزكاة فيدل ذلك على أن من تجب عليه غني‏غني, ومن لا تجب عليه ليس بغنى فيكون فقيرا فتدفع الزكاة إليه لقوله‏لقوله: " فترد في فقرائهم " ولأن الموجب للزكاة غنى‏غنى, والأصل عدم الاشتراك ولأن من لا نصاب له لا تجب عليه الزكاة فلا يمنع منها كمن يملك دون الخمسين‏الخمسين, ولا له ما يكفيه فيحصل الخلاف بيننا وبينهم في أمور ثلاثة‏ثلاثة: أحدها أن الغنى المانع من الزكاة غير الموجب لها عندنا ودليل ذلك حديث ابن مسعود وهو أخص من حديثهم فيجب تقديمه‏تقديمه, ولأن حديثهم دل على الغنى الموجب وحديثنا دل على الغنى المانع ولا تعارض بينهما فيجب الجمع بينهما وقولهم‏وقولهم: الأصل عدم الاشتراك قلنا‏قلنا: قد قام دليله بما ذكرناه‏ذكرناه, فيجب الأخذ به الثاني أن من له ما يكفيه من مال غير زكائي أو من مكسبه‏مكسبه, أو أجرة عقارات أو غيره ليس له الأخذ من الزكاة وبهذا قال الشافعي وإسحاق وأبو عبيدة وابن المنذر وقال أبو يوسف‏يوسف: إن دفع الزكاة إليه فهو قبيح وأرجو أن يجزئه وقال أبو حنيفة وسائر أصحابه‏أصحابه: يجوز دفع الزكاة إليه لأنه ليس بغني‏بغني, لما ذكروه في حجتهم ولنا ما روى الإمام أحمد حدثنا يحيى بن سعيد‏سعيد, عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبيد الله بن عدي بن الخيار (‏عنعن رجلين من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم- أنهما أتيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فسألاه الصدقة‏الصدقة, فصعد فيهما البصر فرآهما جلدين فقال‏فقال: إن شئتما أعطيتكما‏أعطيتكما, ولا حظ فيها لغنى ولا لقوى مكتسب‏مكتسب) قال أحمد‏أحمد: ما أجوده من حديث وقال‏وقال: هو أحسنها إسنادا وروى عمرو بن شعيب عن أبيه‏أبيه, عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال‏قال: (‏لالا تحل الصدقة لغنى ولا لذى مرة سوي‏سوي) رواه أبو داود‏داود, والترمذي وقال‏وقال: حديث حسن إلا أن أحمد قال‏قال: لا أعلم فيه شيئا يصح قيل‏قيل: فحديث سالم بن أبي الجعد عن أبي هريرة‏؟‏هريرة؟ قال‏قال: سالم لم يسمع من أبي هريرة ولأن له ما يغنيه عن الزكاة فلم يجز الدفع إليه‏إليه, كمالك النصاب الثالث أن من ملك نصابا زكائيا لا تتم به الكفاية من غير الأثمان‏الأثمان, فله الأخذ من الزكاة قال الميموني‏الميموني: ذاكرت أبا عبد الله فقلت‏فقلت: قد يكون للرجل الإبل والغنم تجب فيها الزكاة وهو فقير ويكون له أربعون شاة وتكون لهم الضيعة لا تكفيه‏تكفيه, فيعطى من الصدقة‏؟‏الصدقة؟ قال‏قال: نعم وذكر قول عمر أعطوهم وإن راحت عليهم من الإبل كذا وكذا قلت‏قلت: فهذا قدر من العدد أو الوقت‏؟‏الوقت؟ قال‏قال: لم أسمعه وقال في رواية محمد بن الحكم‏الحكم: إذا كان له عقار يشغله أو ضيعة تساوي عشرة آلاف أو أقل أو أكثر لا تقيمه يأخذ من الزكاة وهذا قول الشافعي وقال أصحاب الرأي‏الرأي: ليس له أن يأخذ منها إذا ملك نصابا زكائيا لأنه تجب عليه الزكاة‏الزكاة, فلم تجب له للخبر ولنا أنه لا يملك ما يغنيه ولا يقدر على كسب ما يكفيه‏يكفيه, فجاز له الأخذ من الزكاة كما لو كان ما يملك لا تجب فيه الزكاة ولأن الفقر عبارة عن الحاجة قال الله تعالى‏تعالى: {‏يأيهايأيها الناس أنتم الفقراء إلى الله‏الله} [‏فاطر‏فاطر: 15‏15]‏‏. أي‏أي: المحتاجون إليه وقال الشاعر‏الشاعر:
فيا رب إني مؤمن بك عابد ** مقــر بزلاتي إليك فقيــر
وقال آخر‏آخر:
وإني إلى معروفها لفقير **
وهذا محتاج‏محتاج, فيكون فقيرا غير غنى ولأنه لو كان ما يملكه لا زكاة فيه لكان فقيرا ولا فرق في دفع الحاجة بين المالين‏المالين, وقد سمى الله تعالى الذين لهم سفينة في البحر مساكين فقال تعالى‏تعالى: {‏أماأما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر‏البحر} [‏الكهف‏الكهف: 79‏79]‏‏. وقد بينا بما ذكرناه من قبل أن الغنى يختلف مسماه فيقع على ما يوجب الزكاة‏الزكاة, وعلى ما يمنع منها فلا يلزم من وجود أحدهما وجود الآخر ولا من عدمه عدمه‏عدمه, فمن قال‏قال: إن الغنى هو الكفاية سوى بين الأثمان وغيرها وجوز الأخذ لكل من لا كفاية له وإن ملك نصبا من جميع الأموال ومن قال بالرواية الأخرى‏الأخرى, فرق بين الأثمان وغيرها لخبر ابن مسعود ولأن الأثمان آلة الإنفاق المعدة له دون غيرها فجوز الأخذ لمن لا يملك خمسين درهما‏درهما, أو قيمتها من الذهب ولا ما تحصل به الكفاية من مكسب‏مكسب, أو أجرة أو عقار أو غيره أو نماء سائمة أو غيرها وإن كان له مال معد للإنفاق من غير الأثمان‏الأثمان, فينبغي أن تعتبر الكفاية به في حول كامل لأن الحول يتكرر وجوب الزكاة بتكرره فيأخذ منها كل حول ما يكفيه إلى مثله ويعتبر وجود الكفاية له ولعائلته ومن يمونه لأن كل واحد منهم مقصود دفع حاجته‏حاجته, فيعتبر له ما يعتبر للمنفرد وإن كان له خمسون درهما جاز أن يأخذ لعائلته حتى يصير لكل واحد منهم خمسون قال أحمد في رواية أبي داود‏داود, في من يعطي الزكاة وله عيال‏عيال: يعطي كل واحد من عياله خمسين خمسين وهذا لأن الدفع إنما هو إلى العيال وهذا نائب عنهم في الأخذ‏الأخذ.
فصل‏فصل:
وإذا كان للمرأة الفقيرة زوج موسر ينفق عليها لم يجز دفع الزكاة إليها لأن الكفاية حاصلة لها بما يصلها من نفقتها الواجبة فأشبهت من له عقار يستغنى بأجرته وإن لم ينفق عليها‏عليها, وتعذر ذلك جاز الدفع إليها كما لو تعطلت منفعة العقار وقد نص أحمد على هذا‏هذا.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: ( ولا يعطي إلا في الثمانية الأصناف التي سمى الله تعالى ) يعني قول الله تعالى‏تعالى: {‏إنماإنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل‏السبيل} [‏التوبة‏التوبة: 60‏60]‏‏. وقد ذكرهم الخرقي في موضع آخر‏آخر, فنؤخر شرحهم إليه وقد روى زياد بن الحارث الصدائي قال‏قال: (‏أتيتأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم- فبايعته قال‏قال: فأتاه رجل فقال‏فقال: أعطني من الصدقة فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : إن الله لم يرض بحكم نبي ولا غيره في الصدقات حتى حكم فيها هو فجزأها ثمانية أجزاء‏أجزاء, فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك حقك‏حقك) رواه أبو داود وأحكامهم كلها باقية وبهذا قال الحسن والزهري وأبو جعفر محمد بن على وقال الشعبي ومالك والشافعي وأصحاب الرأي‏الرأي: انقطع سهم المؤلفة بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وقد أعز الله تعالى الإسلام وأغناه عن أن يتألف عليه رجال فلا يعطى مشرك تالفا بحال قالوا‏قالوا: وقد روي هذا عن عمر ولنا كتاب الله وسنة رسوله فإن الله تعالى سمى المؤلفة في الأصناف الذين سمى الصدقة لهم‏لهم, والنبي - صلى الله عليه وسلم- قال‏قال: (‏إنإن الله تعالى حكم فيها فجزأها ثمانية أجزاء وكان يعطي المؤلفة كثيرا في أخبار مشهورة‏مشهورة, ولم يزل كذلك حتى مات‏مات) ولا يجوز ترك كتاب الله وسنة رسوله إلا بنسخ والنسخ لا يثبت بالاحتمال ثم إن النسخ إنما يكون في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم- لأن النسخ إنما يكون بنص‏بنص, ولا يكون النص بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم- وانقراض زمن الوحي ثم إن القرآن لا ينسخ إلا بقرآن وليس في القرآن نسخ كذلك ولا في السنة‏السنة, فكيف يترك الكتاب والسنة بمجرد الآراء والتحكم أو بقول صحابي أو غيره على أنهم لا يرون قول الصحابي حجة يترك لها قياس‏قياس, فكيف يتركون به الكتاب والسنة قال الزهري‏الزهري: لا أعلم شيئا نسخ حكم المؤلفة على أن ما ذكروه من المعنى لا خلاف بينه وبين الكتاب والسنة فإن الغنى عنهم لا يوجب رفع حكمهم‏حكمهم, وإنما يمنع عطيتهم حال الغنى عنهم فمتى دعت الحاجة إلى إعطائهم أعطوا فكذلك جميع الأصناف‏الأصناف, إذا عدم منهم صنف في بعض الزمان سقط حكمه في ذلك الزمن خاصة فإذا وجد عاد حكمه‏حكمه, كذا هنا‏هنا.
فصل:
فصل‏:‏
ولا يجوز صرف الزكاة إلى غير من ذكر الله تعالى من بناء المساجد والقناطر والسقايات وإصلاح الطرقات وسد البثوق‏البثوق, وتكفين الموتى والتوسعة على الأضياف وأشباه ذلك من القرب التي لم يذكرها الله تعالى وقال أنس والحسن‏والحسن: ما أعطيت في الجسور والطرق فهي صدقة ماضية والأول أصح لقوله سبحانه وتعالى‏وتعالى: {‏إنماإنما الصدقات للفقراء والمساكين‏والمساكين} [‏التوبة‏التوبة: 60‏60]‏‏. " وإنما " للحصر والإثبات‏والإثبات, تثبت المذكور وتنفي ما عداه والخبر المذكور قال أبو داود‏داود: سمعت أحمد‏أحمد, وسئل‏وسئل: يكفن الميت من الزكاة‏؟‏الزكاة؟ قال‏قال: لا ولا يقضى من الزكاة دين الميت وإنما لم يجز دفعها في قضاء دين الميت لأن الغارم هو الميت ولا يمكن الدفع إليه وإن دفعها إلى غريمه صار الدفع إلى الغريم لا إلى الغارم وقال أيضا‏أيضا: يقضي من الزكاة دين الحي‏الحي, ولا يقضي منها دين الميت لأن الميت لا يكون غارما قيل‏قيل: فإنما يعطى أهله قال‏قال: إن كانت على أهله فنعم‏فنعم.
فصل‏فصل:
وإذا أعطى من يظنه فقيرا فبان غنيا فعن أحمد فيه روايتان‏روايتان: إحداهما يجزئه اختارها أبو بكر وهذا قول الحسن وأبي عبيد وأبي حنيفة (‏لأنلأن النبي - صلى الله عليه وسلم- أعطى الرجلين الجلدين وقال‏وقال: إن شئتما أعطيتكما منها‏منها, ولا حظ فيها لغنى ولا لقوى مكتسب‏مكتسب) وقال للرجل الذي سأله الصدقة (‏إنإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك حقك‏حقك) ولو اعتبر حقيقة الغنى لما اكتفى بقولهم وروى أبو هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال‏قال: (‏قالقال رجل لأتصدقن بصدقة‏بصدقة, فخرج بصدقته فوضعها في يد غني فأصبحوا يتحدثون‏يتحدثون: تصدق على غنى فأتى فقيل له‏له: أما صدقتك فقد قبلت‏قبلت, لعل الغنى أن يعتبر فينفق مما أعطاه الله‏الله) متفق عليه والرواية الثانية لا يجزئه لأنه دفع الواجب إلى غير مستحقه فلم يخرج من عهدته‏عهدته, كما لو دفعها إلى كافر أو ذي قرابته وكديون الآدميين وهذا قول الثوري والحسن بن صالح وأبي يوسف وابن المنذر وللشافعي قولان كالروايتين فأما إن بان الآخذ عبدا‏عبدا, أو كافرا أو هاشميا أو قرابة للمعطي ممن لا يجوز الدفع إليه‏إليه, لم يجزه رواية واحدة لأنه ليس بمستحق ولا تخفى حاله غالبًا‏غالبًا, فلم يجزه الدفع إليه كديون الآدميين وفارق من بان غنيا بأن الفقر والغنى مما يعسر الاطلاع عليه والمعرفة بحقيقته‏بحقيقته, قال الله تعالى‏تعالى: {‏يحسبهميحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم‏بسيماهم} [‏البقرة‏البقرة: 273‏273]‏‏. فاكتفى بظهور الفقر ودعواه بخلاف غيره‏غيره.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: [ إلا أن يتولى الرجل إخراجها بنفسه فيسقط العامل‏العامل] وجملته أن الرجل إذا تولى إخراج زكاته بنفسه‏بنفسه, سقط حق العامل منها لأنه إنما يأخذ أجرا لعمله فإذا لم يعمل فيها شيئا فلا حق له فيسقط‏فيسقط, وتبقى سبعة أصناف إن وجد جميعهم أعطاهم وإن وجد بعضهم اكتفى بعطيته‏بعطيته, وإن أعطى البعض مع إمكان عطية الجميع جاز أيضًا‏أيضًا.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: [‏وإنوإن أعطاها كلها في صنف واحد أجزأه إذا لم يخرجه إلى الغنى‏الغنى] وجملته أنه يجوز أن يقتصر على صنف واحد من الأصناف الثمانية‏الثمانية, ويجوز أن يعطيها شخصا واحدا وهو قول عمر وحذيفة وابن عباس وبه قال سعيد بن جبير والحسن والنخعي وعطاء وإليه ذهب الثوري وأبو عبيد وأصحاب الرأي وروى عن النخعي أنه قال‏قال: إن كان المال كثيرا يحتمل الأصناف‏الأصناف, قسمه عليهم وإن كان قليلا جاز وضعه في صنف واحد وقال مالك‏مالك: يتحرى موضع الحاجة منهم‏منهم, ويقدم الأولى فالأولى وقال عكرمة والشافعي‏والشافعي: يجب أن يقسم زكاة كل صنف من ماله على الموجود من الأصناف الستة الذين سهمانهم ثابتة قسمة على السواء‏السواء, ثم حصة كل صنف منهم لا تصرف إلى أقل من ثلاثة منهم إن وجد منهم ثلاثة أو أكثر فإن لم يجد إلا واحدا‏واحدا, صرف حصة ذلك الصنف إليه وروى الأثرم عن أحمد كذلك وهو اختيار أبي بكر لأن الله تعالى جعل الصدقة لجميعهم وشرك بينهم فيها فلا يجوز الاقتصار على بعضهم كأهل الخمس ولنا ( قول النبي - صلى الله عليه وسلم- لمعاذ‏لمعاذ: أعلمهم أن عليهم صدقة‏صدقة, تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم‏فقرائهم) فأخبر أنه مأمور برد جملتها في الفقراء وهم صنف واحد‏واحد, ولم يذكر سواهم ثم أتاه بعد ذلك مال فجعله في صنف ثان سوى الفقراء‏الفقراء, وهم المؤلفة الأقرع بن حابس وعيينة بن حصن وعلقمة بن علاثة وزيد الخير قسم فيهم الذهبية التي بعث بها إليه على من اليمن وإنما يؤخذ من أهل اليمن الصدقة ثم أتاه مال آخر فجعله في صنف آخر لقوله لقبيصة بن المخارق حين تحمل حمالة فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم- يسأله‏يسأله, فقال‏فقال: (‏أقمأقم يا قبيصة حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها‏بها) وفي حديث سلمة بن صخر البياضي أنه أمر له بصدقة قومه ولو وجب صرفها إلى جميع الأصناف لم يجز دفعها إلى واحد‏واحد, ولأنها لا يجب صرفها إلى جميع الأصناف إذا أخذها الساعي فلم يجب دفعها إليهم إذا فرقها المالك كما لو لم يجد إلا صنفا واحدا‏واحدا, ولأنه لا يجب عليه تعميم أهل كل صنف بها فجاز الاقتصار على واحد كما لو وصى لجماعة لا يمكن حصرهم‏حصرهم, ويخرج على هذين المعنيين الخمس فإنه يجب على الإمام تفريقه على جميع مستحقيه واستيعاب جميعهم به بخلاف الزكاة‏الزكاة, والآية أريد بها بيان الأصناف الذين يجوز الدفع إليهم دون غيرهم إذا ثبت هذا فإن المستحب صرفها إلى جميع الأصناف‏الأصناف, أو إلى من أمكن منهم لأنه يخرج بذلك عن الخلاف ويحصل الإجزاء يقينا فكان أولى‏أولى.
فصل‏فصل:
قول الخرقي‏الخرقي: "‏إذاإذا لم يخرجه إلى الغنى‏الغنى" يعنى به الغنى المانع من أخذ الزكاة وقد ذكرناه وظاهر قول الخرقي أنه لا يدفع إليه ما يحصل به الغنى‏الغنى, والمذهب أنه يجوز أن يدفع إليه ما يغنيه من غير زيادة نص عليه أحمد في مواضع وذكره أصحابه فيتعين حمل كلام الخرقي على أنه لا يدفع إليه زيادة على ما يحصل به الغنى وهذا قول الثوري ومالك والشافعي وأبي ثور وقال أصحاب الرأي‏الرأي: يعطى ألفا وأكثر إذا كان محتاجا إليها ويكره أن يزاد على المائتين ولنا‏ولنا, أن الغنى لو كان سابقا منع فيمنع إذا قارن كالجمع بين الأختين في النكاح‏النكاح.
فصل‏فصل:
وكل صنف من الأصناف يدفع إليه ما تندفع به حاجته‏حاجته, من غير زيادة فالغارم والمكاتب يعطى كل واحد منهما ما يقضى به دينه وإن كثر وابن السبيل يعطى ما يبلغه إلى بلده‏بلده, والغازي يعطى ما يكفيه لغزوه والعامل يعطى بقدر أجره قال أبو داود‏داود: سمعت أحمد قيل له‏له: يحمل في السبيل بألف من الزكاة‏؟‏الزكاة؟ قال‏قال: ما أعطى فهو جائز‏جائز, ولا يعطى أحد من هؤلاء زيادة على ما تندفع به الحاجة لأن الدفع لها فلا يزاد على ما تقتضيه .
فصل‏فصل:
وأربعة أصناف يأخذون أخذا مستقرا فلا يراعى حالهم بعد الدفع‏الدفع, وهم‏وهم: الفقراء والمساكين والعاملون‏والعاملون, والمؤلفة فمتى أخذوها ملكوها ملكا دائما مستقرا لا يجب عليهم ردها بحال‏بحال, وأربعة منهم وهم الغارمون وفي الرقاب‏الرقاب, وفي سبيل الله وابن السبيل فإنهم يأخذون أخذا مراعى فإن صرفوه في الجهة التي استحقوا الأخذ لأجلها‏لأجلها, وإلا استرجع منهم والفرق بين هذه الأصناف والتي قبلها أن هؤلاء أخذوا لمعنى لم يحصل بأخذهم للزكاة والأولون حصل المقصود بأخذهم‏بأخذهم, وهو غنى الفقراء والمساكين وتأليف المؤلفين وأداء أجر العاملين وإن قضى هؤلاء حاجتهم بها‏بها, وفضل معهم فضل ردوا الفضل إلا الغازي‏الغازي, فإن ما فضل له بعد غزوه فهو له ذكره الخرقي في غير هذا الموضع وظاهر قوله في المكاتب أنه لا يرد ما فضل في يده لأنه قال‏قال: وإذا عجز المكاتب ورد في الرق وكان قد تصدق عليه بشيء فهو لسيده ونص عليه أحمد أيضا في رواية المروذي والكوسج ونقل عنه حنبل‏حنبل: إذا عجز يرد ما في يديه في المكاتبين وقال أبو بكر عبد العزيز‏العزيز: إن كان باقيا بعينه استرجع منه لأنه إنما دفع إليه ليعتق به ولم يقع وقال القاضي‏القاضي: كلام الخرقي محمول على أن الذي بقي في يده لم يكن عين الزكاة‏الزكاة, وإنما تصرف فيها وحصل عوضها وفائدتها ولو تلف المال الذي في يد هؤلاء بغير تفريط لم يرجع عليهم بشيء‏بشيء.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: ( ولا يجوز نقل الصدقة من بلدها إلى بلد تقصر في مثله الصلاة ) المذهب على أنه لا يجوز نقل الصدقة من بلدها إلى مسافة القصر قال أبو داود‏داود: سمعت أحمد سئل عن الزكاة يبعث بها من بلد إلى بلد‏؟‏بلد؟ قال لا قيل‏قيل: وإن كان قرابته بها‏؟‏بها؟ قال‏قال: لا واستحب أكثر أهل العلم أن لا تنقل من بلدها وقال سعيد‏سعيد: حدثنا سفيان عن معمر‏معمر, عن ابن طاوس عن أبيه قال في كتاب معاذ بن جبل‏جبل: من أخرج من مخلاف إلى مخلاف‏مخلاف, فإن صدقته وعشره ترد إلى مخلافه وروى عن عمر بن عبد العزيز أنه رد زكاة أتى بها من خراسان إلى الشام إلى خراسان وروى عن الحسن والنخعي أنهما كرها نقل الزكاة من بلد إلى بلد إلا لذي قرابة وكان أبو العالية يبعث بزكاته إلى المدينة ولنا (‏قولقول النبي - صلى الله عليه وسلم- لمعاذ‏لمعاذ: أخبرهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم‏أغنيائهم, فترد في فقرائهم‏فقرائهم) وهذا يختص بفقراء بلدهم ولما بعث معاذ الصدقة من اليمن إلى عمر أنكر عليه ذلك عمر وقال‏وقال: لم أبعثك جابيا‏جابيا, ولا آخذ جزية ولكن بعثتك لتأخذ من أغنياء الناس فترد في فقرائهم فقال معاذ‏معاذ: ما بعثت إليك بشيء وأنا أجد أحدا يأخذه مني رواه أبو عبيد في الأموال وروي أيضا عن إبراهيم بن عطاء مولى عمران بن حصين‏حصين, أن زيادا أو بعض الأمراء بعث عمران على الصدقة‏الصدقة, فلما رجع قال‏قال: أين المال‏؟‏المال؟ قال‏قال: أللمال بعثتني‏؟‏بعثتني؟ أخذناها من حيث كنا نأخذها على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ووضعناها حيث كنا نضعها على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ولأن المقصود إغناء الفقراء بها فإذا أبحنا نقلها أفضى إلى بقاء فقراء ذلك البلد محتاجين‏محتاجين.
فصل‏فصل:
فإن خالف ونقلها أجزأته في قول أكثر أهل العلم قال القاضي‏القاضي: وظاهر كلام أحمد يقتضي ذلك‏ذلك, ولم أجد عنه نصا في هذه المسألة وذكر أبو الخطاب فيها روايتين‏روايتين: إحداهما يجزئه واختارها لأنه دفع الحق إلى مستحقه‏مستحقه, فبرئ منه كالدين وكما لو فرقها في بلدها والأخرى لا تجزئه اختارها ابن حامد لأنه دفع الزكاة إلى غير من أمر بدفعها إليه‏إليه, أشبه ما لو دفعها إلى غير الأصناف‏الأصناف.
فصل‏فصل:
فإن استغنى عنها فقراء أهل بلدها جاز نقلها نص عليه أحمد فقال‏فقال: قد تحمل الصدقة إلى الإمام إذا لم يكن فيها فقراء أو كان فيها فضل عن حاجتهم‏حاجتهم, وقال أيضا‏أيضا: لا تخرج صدقة قوم عنهم من بلد إلى بلد إلا أن يكون فيها فضل عنهم لأن الذي كان يجيء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وعمر من الصدقة‏الصدقة, إنما كان عن فضل منهم يعطون ما يكفيهم ويخرج الفضل عنهم وروى أبو عبيد‏عبيد, في كتاب " الأموال " بإسناده عن عمرو بن شعيب أن معاذ بن جبل لم يزل بالجند‏بالجند, إذ بعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم- حتى مات النبي - صلى الله عليه وسلم- ثم قدم على عمر فرده على ما كان عليه فبعث إليه معاذ بثلث صدقة الناس‏الناس, فأنكر ذلك عمر وقال‏وقال: لم أبعثك جابيا ولا آخذ جزية‏جزية, لكن بعثتك لتأخذ من أغنياء الناس فترد على فقرائهم فقال معاذ‏معاذ: ما بعثت إليك بشيء وأنا أجد أحدا يأخذه مني فلما كان العام الثاني بعث إليه بشطر الصدقة‏الصدقة, فتراجعا بمثل ذلك فلما كان العام الثالث بعث إليه بها كلها فراجعه عمر بمثل ما راجعه‏راجعه, فقال معاذ‏معاذ: ما وجدت أحدا يأخذ مني شيئا وكذلك إذا كان ببادية ولم يجد من يدفعها إليه فرقها على فقراء أقرب البلاد إليه‏إليه.
فصل‏فصل:
قال أحمد‏أحمد, في رواية محمد بن الحكم‏الحكم: إذا كان الرجل في بلد وماله في بلد فأحب إلى أن تؤدي حيث كان المال‏المال, فإن كان بعضه حيث هو وبعضه في مصر يؤدي زكاة كل مال حيث هو فإن كان غائبا عن مصره وأهله‏وأهله, والمال معه فأسهل أن يعطي بعضه في هذا البلد وبعضه في هذا البلد‏البلد, وبعضه في البلد الآخر فأما إذا كان المال في البلد الذي هو فيه حتى يمكث فيه حولا تاما فلا يبعث بزكاته إلى بلد آخر فإن كان المال تجارة يسافر به فقال القاضي‏القاضي: يفرق زكاته حيث حال حوله‏حوله, في أي موضع كان ومفهوم كلام أحمد في اعتباره الحول التام أنه يسهل في أن يفرقها في ذلك البلد وغيره من البلدان التي أقام بها في ذلك الحول وقال في الرجل يغيب عن أهله‏أهله, فتجب عليه الزكاة‏الزكاة: يزكيه في الموضع الذي كثر مقامه فيه فأما زكاة الفطر فإنه يفرقها في البلد الذي وجبت عليه فيه سواء كان ماله فيه أو لم يكن لأنه سبب وجوب الزكاة ففرقت في البلد الذي سببها فيه‏فيه.
فصل‏فصل:
والمستحب تفرقة الصدقة في بلدها‏بلدها, ثم الأقرب فالأقرب من القرى والبلدان قال أحمد في رواية صالح‏صالح: لا بأس أن يعطي زكاته في القرى التي حوله ما لم تقصر الصلاة في أثنائها ويبدأ بالأقرب فالأقرب وإن نقلها إلى البعيد لتحرى قرابة أو من كان أشد حاجة‏حاجة, فلا بأس ما لم يجاوز مسافة القصر‏القصر.
فصل‏فصل:
وإذا أخذ الساعي الصدقة واحتاج إلى بيعها لمصلحة من كلفه في نقلها أو مرضها أو نحوهما‏نحوهما, فله ذلك لما روى قيس بن أبي حازم (‏أنأن النبي - صلى الله عليه وسلم- رأى في إبل الصدقة ناقة كوماء فسأل عنها‏؟‏عنها؟ فقال المصدق‏المصدق: إني ارتجعتها بإبل فسكت‏فسكت) رواه أبو عبيد في " الأموال "‏‏, وقال‏وقال: الرجعة أن يبيعها ويشتري بثمنها مثلها أو غيرها فإن لم يكن حاجة إلى بيعها فقال القاضي‏القاضي: لا يجوز والبيع باطل‏باطل, وعليه الضمان ويحتمل الجواز لحديث قيس فإن النبي - صلى الله عليه وسلم- سكت حين أخبره المصدق بارتجاعها ولم يستفصل‏يستفصل.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: [‏وإذاوإذا باع ماشية قبل الحول بمثلها‏بمثلها, زكاها إذا تم حول من وقت ملكه الأول‏الأول] وجملته أنه إذا باع نصابا للزكاة مما يعتبر فيه الحول بجنسه كالإبل بالإبل‏بالإبل, أو البقر بالبقر أو الغنم بالغنم أو الذهب بالذهب‏بالذهب, أو الفضة بالفضة لم ينقطع الحول وبنى حول الثاني على حول الأول وبهذا قال مالك وقال الشافعي‏الشافعي: لا ينبني حول نصاب على حول غيره بحال لقوله‏لقوله: (‏لالا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول‏الحول) ولأنه أصل بنفسه‏بنفسه, فلم ينبن على حول غيره كما لو اختلف الجنسان ووافقنا أبو حنيفة في الأثمان ووافق الشافعي فيما سواها لأن الزكاة إنما وجبت في الأثمان لكونها ثمنا وهذا المعنى يشملها‏يشملها, بخلاف غيرها ولنا أنه نصاب يضم إليه نماؤه في الحول فبنى حول بدله من جنسه على حوله‏حوله, كالعروض والحديث مخصوص بالنماء والربح والعروض فنقيس عليه محل النزاع‏النزاع, والجنسان لا يضم أحدهما إلى الآخر مع وجودهما فأولى أن لا يبنى حول أحدهما على الآخر‏الآخر.
فصل‏فصل:
قال أحمد بن سعيد‏سعيد: سألت أحمد عن الرجل يكون عنده غنم سائمة فيبيعها بضعفها من الغنم‏الغنم, أيزكيها كلها أم يعطي زكاة الأصل‏؟‏الأصل؟ قال‏قال: بل يزكيها كلها على حديث عمر في السخلة يروح بها الراعي لأن نماءها معها قلت‏قلت: فإن كانت للتجارة‏؟‏للتجارة؟ قال‏قال: يزكيها كلها على حديث حماس‏حماس, فأما إن باع النصاب بدون النصاب انقطع الحول وإن كان عنده مائتان فباعهما بمائة فعليه زكاة مائة وحدها‏وحدها.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: [‏وكذلكوكذلك إن أبدل عشرين دينارا بمائتي درهم أو مائتي درهم بعشرين دينارا‏دينارا, لم تبطل الزكاة بانتقالها‏بانتقالها] وجملة ذلك أنه متى أبدل نصابا من غير جنسه انقطع حول الزكاة واستأنف حولا إلا الذهب بالفضة‏بالفضة, أو عروض التجارة لكون الذهب والفضة كالمال الواحد إذ هما أروش الجنايات وقيم المتلفات‏المتلفات, ويضم أحدهما إلى الآخر في الزكاة وكذلك إذا اشترى عرضا للتجارة بنصاب من الأثمان أو باع عرضا بنصاب لم ينقطع الحول لأن الزكاة تجب في قيمة العروض‏العروض, لا في نفسها والقيمة هي الأثمان فكانا جنسا واحدا وإذا قلنا‏قلنا: إن الذهب والفضة لا يضم أحدهما إلى صاحبه‏صاحبه, لم يبن حول أحدهما على حول الآخر لأنهما مالان لا يضم أحدهما إلى الآخر فلم يبن حوله على حوله كالجنسين من الماشية وأما عروض التجارة‏التجارة, فإن حولها يبنى على حول الأثمان بكل حال‏حال.
فصل‏فصل:
وإذا حال الحول أخرج الزكاة من جنس المال المبيع دون الموجود لأنه الذي وجبت الزكاة بسببه ولولاه لم تجب في هذا زكاة‏زكاة.
فصل‏فصل: جواز التصرف في النصاب الذي وجبت الزكاة فيه
ويجوز التصرف في النصاب الذي وجبت الزكاة فيه‏فيه, بالبيع والهبة وأنواع التصرفات وليس للساعي فسخ البيع وقال أبو حنيفة تصح إلا أنه إذا امتنع من أداء الزكاة نقض البيع في قدرها وقال الشافعي‏الشافعي: في صحة البيع قولان أحدهما‏أحدهما, لا يصح لأننا إن قلنا إن الزكاة تتعلق بالعين فقد باع ما لا يملكه وإن قلنا تتعلق بالذمة‏بالذمة, فقدر الزكاة مرتهن بها وبيع الرهن غير جائز ولنا (‏أنأن النبي - صلى الله عليه وسلم- : نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها‏صلاحها) متفق عليه ومفهومه صحة بيعها إذا بدا صلاحها وهو عام فيما وجبت فيه الزكاة وغيره ونهى عن بيع الحب حتى يشتد‏يشتد, وبيع العنب حتى يسود وهما مما تجب الزكاة فيه ولأن الزكاة وجبت في الذمة والمال خال عنها فصح بيعه‏بيعه, كما لو باع ماله وعليه دين آدمي أو زكاة فطر وإن تعلقت بالعين‏بالعين, فهو تعلق لا يمنع التصرف في جزء من النصاب فلم يمنع بيع جميعه كأرش الجناية وقولهم‏وقولهم: باع ما لا يملكه لا يصح فإن الملك لم يثبت للفقراء في النصاب‏النصاب, بدليل أن له أداء الزكاة من غيره ولا يتمكن الفقراء من إلزامه أداء الزكاة منه وليس برهن‏برهن, فإن أحكام الرهن غير ثابتة فيه فإذا تصرف في النصاب ثم أخرج الزكاة من غيره وإلا كلف إخراجها‏إخراجها, وإن لم يكن له كلف تحصيلها فإن عجز بقيت الزكاة في ذمته كسائر الديون‏الديون, ولا يؤخذ من النصاب ويحتمل أن يفسخ البيع في قدر الزكاة وتؤخذ منه ويرجع البائع عليه بقدرها لأن على الفقراء ضررا في إتمام البيع‏البيع, وتفويتا لحقوقهم فوجب فسخه لقول النبي - صلى الله عليه وسلم- : (‏لالا ضرر ولا ضرار‏ضرار) وهذا أصح‏أصح.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: ( والزكاة تجب في الذمة بحلول الحول وإن تلف المال فرط أو لم يفرط ) هذه المسألة تشتمل على أحكام ثلاثة‏ثلاثة: أحدها‏أحدها, أن الزكاة تجب في الذمة وهو إحدى الروايتين عن أحمد وأحد قولي الشافعي لأن إخراجها من غير النصاب جائز فلم تكن واجبة فيه‏فيه, كزكاة الفطر ولأنها لو وجبت فيه لامتنع تصرف المالك فيه‏فيه, ولتمكن المستحقون من إلزامه أداء الزكاة من عينه أو ظهر شيء من أحكام ثبوته فيه ولسقطت الزكاة بتلف النصاب من غير تفريط‏تفريط, كسقوط أرش الجناية بتلف الجاني والثانية أنها تجب في العين وهذا القول الثاني للشافعي وهذه الرواية هي الظاهرة عند بعض أصحابنا لقول النبي - صلى الله عليه وسلم- (‏فيفي أربعين شاة شاة وقوله‏وقوله: فيما سقت السماء العشر وفيما سقى بدالية أو نضح نصف العشر‏العشر) وغير ذلك من الألفاظ الواردة بحرف " في " وهي للظرفية وإنما جاز الإخراج من غير النصاب رخصة وفائدة الخلاف أنها إذا كانت في الذمة‏الذمة, فحال على ماله حولان لم يؤد زكاتهما وجب عليه أداؤها لما مضى‏مضى, ولا تنقص عنه الزكاة في الحول الثاني وكذلك إن كان أكثر من نصاب لم تنقص الزكاة‏الزكاة, وإن مضى عليه أحوال فلو كان عنده أربعون شاة مضى عليها ثلاثة أحوال لم يؤد زكاتها وجب عليه ثلاث شياه‏شياه, وإن كانت مائة دينار فعليه سبعة دنانير ونصف لأن الزكاة وجبت في ذمته فلم يؤثر في تنقيص النصاب لكن إن لم يكن له مال آخر يؤدي الزكاة منه‏منه, احتمل أن تسقط الزكاة في قدرها لأن الدين يمنع وجوب الزكاة وقال ابن عقيل‏عقيل: لا تسقط الزكاة بهذا بحال لأن الشيء لا يسقط نفسه وقد يسقط غيره بدليل أن تغير الماء بالنجاسة في محلها لا يمنع صحة طهارتها وإزالتها به‏به, ويمنع إزالة نجاسة غيرها والأول أولى لأن الزكاة الثانية غير الأولى وإن قلنا‏قلنا: الزكاة تتعلق بالعين وكان النصاب مما تجب الزكاة في عينه فحالت عليه أحوال لم تؤد زكاتها تعلقت الزكاة في الحول الأول من النصاب بقدره‏بقدره, فإن كان نصابا لا زيادة عليه فلا زكاة فيه فيما بعد الحول الأول لأن النصاب نقص فيه‏فيه, وإن كان أكثر من نصاب عزل قدر فرض الحول الأول وعليه زكاة ما بقي وهذا هو المنصوص عن أحمد في رواية جماعة وقال‏وقال, في رواية محمد بن الحكم‏الحكم: إذا كانت الغنم أربعين فلم يأته المصدق عامين فإذا أخذ المصدق شاة‏شاة, فليس عليه شيء في الباقي وفيه خلاف وقال في رواية صالح‏صالح: إذا كان عند الرجل مائتا درهم‏درهم, فلم يزكها حتى حال عليها حول آخر يزكيها للعام الأول لأن هذه تصير مائتين غير خمسة دراهم وقال في رجل له ألف درهم‏درهم, فلم يزكها سنين‏سنين: يزكى في أول سنة خمسة وعشرين ثم في كل سنة بحساب ما بقي وهذا قول مالك والشافعي‏والشافعي, وأبي عبيد فإن كان عنده أربعون من الغنم نتجت سخلة في كل حول وجب عليه في كل سنة شاة لأن النصاب كمل بالسخلة الحادثة فإن كان نتاج السخلة بعد وجوب الزكاة عليه بمدة‏بمدة, استؤنف الحول الثاني من حين نتجت لأنه حينئذ كمل‏كمل.
فصل‏فصل:
فإن ملك خمسا من الإبل فلم يؤد زكاتها أحوالا فعليه في كل سنة شاة نص عليه في رواية الأثرم قال في رواية الأثرم‏الأثرم: المال غير الإبل إذا أدى من الإبل‏الإبل, لم ينقص والخمس بحالها وكذلك ما دون خمس وعشرين من الإبل‏الإبل, لا تنقص زكاتها فيما بعد الحول الأول لأن الفرض يجب من غيرها فلا يمكن تعلقه بالعين وللشافعي قولان‏قولان: أحدهما أن زكاتها تنقص‏تنقص, كسائر الأموال فإذا كان عنده خمس من الإبل فمضى عليها أحوال‏أحوال, لم تجب عليه فيها إلا شاة واحدة لأنها نقصت بوجوب الزكاة فيها في الحول الأول عن خمس كاملة فلم يجب عليه فيها شيء كما لو ملك أربعا وجزءا من بعير ولنا‏ولنا, أن الواجب من غير النصاب فلم ينقص به النصاب كما لو أداه‏أداه, وفارق سائر المال فإن الزكاة يتعلق وجوبها بعينه فينقصه‏فينقصه, كما لو أداه من النصاب فعلى هذا لو ملك خمسا وعشرين فحالت عليها أحوال‏أحوال, فعليه في الحول الأول بنت مخاض وعليه لكل حول بعده أربع شياه وإن بلغت قيمة الشاة الواجبة أكثر من خمس من الإبل فإن قيل‏قيل: فإذا لم يكن في خمس وعشرين بنت مخاض فالواجب فيها من غير عينها‏عينها, فيجب أن لا تنقص زكاتها أيضا في الأحوال كلها قلنا‏قلنا: إذا أدى عن خمس وعشرين أكبر من بنت مخاض جاز فقد أمكن تعلق الزكاة بعينها لإمكان الأداء منها‏منها, بخلاف عشرين من الإبل فإنه لا يقبل منه واحدة منها فافترقا‏فافترقا.
فصل‏فصل:
الحكم الثاني‏الثاني, أن الزكاة تجب بحلول الحول سواء تمكن من الأداء أو لم يتمكن وبهذا قال أبو حنيفة وهو أحد قولي الشافعي وقال في الآخر‏الآخر: التمكن من الأداء شرط‏شرط, فيشترط للوجوب ثلاثة أشياء‏أشياء: الحول والنصاب والتمكن من الأداء وهذا قول مالك حتى لو أتلف الماشية بعد الحول قبل إمكان الأداء لا زكاة عليه‏عليه, إذا لم يقصد الفرار من الزكاة لأنها عبادة فيشترط لوجوبها إمكان أدائها كسائر العبادات ولنا قول النبي - صلى الله عليه وسلم- : (‏لالا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول‏الحول) فمفهومه‏فمفهومه, وجوبها عليه إذا حال الحول ولأنه لو لم يتمكن من الأداء حتى حال عليه حولان وجبت عليه زكاة الحولين‏الحولين, ولا يجوز وجوب فرضين في نصاب واحد في حال واحدة وقياسهم ينقلب عليهم فإننا نقول‏نقول: هذه عبادة‏عبادة, فلا يشترط لوجوبها إمكان أدائها كسائر العبادات فإن الصوم يجب على الحائض والمريض العاجز عن أدائه‏أدائه, والصلاة تجب على المغمى عليه والنائم ومن أدرك من أول الوقت جزءا ثم جن أو حاضت المرأة والحج يجب على من أيسر في وقت لا يتمكن من الحج فيه‏فيه, أو منعه من المضي مانع ثم الفرق بينهما أن تلك عبادات بدنية يكلف فعلها ببدنه‏ببدنه, فأسقطها تعذر فعلها وهذه عبادة مالية يمكن ثبوت الشركة للمساكين في ماله والوجوب في ذمته مع عجزه عن الأداء‏الأداء, كثبوت الديون في ذمة المفلس وتعلقها بماله بجنايته‏بجنايته.
فصل‏فصل:
الثالث أن الزكاة لا تسقط بتلف المال فرط أو لم يفرط هذا المشهور عن أحمد‏أحمد, وحكى عنه الميموني أنه إذا تلف النصاب قبل التمكن من الأداء سقطت الزكاة عنه وإن تلف بعده‏بعده, لم تسقط وحكاه ابن المنذر مذهبا لأحمد وهو قول الشافعي والحسن بن صالح وإسحاق وأبي ثور وابن المنذر وبه قال مالك‏مالك, إلا في الماشية فإنه قال‏قال: لا شيء فيها حتى يجيء المصدق فإن هلكت قبل مجيئه فلا شيء عليه وقال أبو حنيفة‏حنيفة: تسقط الزكاة بتلف النصاب على كل حال إلا أن يكون الإمام قد طالبه بها فمنعها لأنه تلف قبل محل الاستحقاق‏الاستحقاق, فسقطت الزكاة كما لو تلفت الثمرة قبل الجذاذ ولأنه حق يتعلق بالعين‏بالعين, فسقط بتلفها كأرش الجناية في العبد الجاني ومن اشترط التمكن قال‏قال: هذه عبادة يتعلق وجوبها بالمال فيسقط فرضها بتلفه قبل إمكان أدائها‏أدائها, كالحج ومن نصر الأول قال‏قال: مال وجب في الذمة فلم يسقط بتلف النصاب كالدين‏كالدين, أو لم يشترط في ضمانه إمكان الأداء كثمن المبيع والثمرة لا تجب زكاتها في الذمة حتى تحرز لأنها في حكم غير المقبوض‏المقبوض, ولهذا لو تلفت بجائحة كانت في ضمان البائع على ما دل عليه الخبر وإذا قلنا بوجوب الزكاة في العين فليس هو بمعنى استحقاق جزء منه‏منه, ولهذا لا يمنع التصرف فيه والحج لا يجب حتى يتمكن من الأداء فإذا وجب لم يسقط بتلف المال‏المال, بخلاف الزكاة فإن التمكن ليس بشرط لوجوبها على ما قدمناه والصحيح‏والصحيح, إن شاء الله أن الزكاة تسقط بتلف المال إذا لم يفرط في الأداء لأنها تجب على سبيل المواساة‏المواساة, فلا تجب على وجه يجب أداؤها مع عدم المال وفقر من تجب عليه ومعنى التفريط أن يتمكن من إخراجها فلا يخرجها‏يخرجها, وإن لم يتمكن من إخراجها فليس بمفرط سواء كان ذلك لعدم المستحق‏المستحق, أو لبعد المال عنه أو لكون الفرض لا يوجد في المال ويحتاج إلى شرائه‏شرائه, فلم يجد ما يشتريه أو كان في طلب الشراء أو نحو ذلك وإن قلنا بوجوبها بعد تلف المال‏المال, فأمكن المالك أداؤها أداها وإلا أنظر بها إلى ميسرته وتمكنه من أدائها من غير مضرة عليه لأنه إذا لزم إنظاره بدين الآدمي المتعين فبالزكاة التي هي حق الله تعالى أولى‏أولى.
فصل:
فصل‏:‏
ولا تسقط الزكاة بموت رب المال‏المال, وتخرج من ماله وإن لم يوص بها هذا قول عطاء والحسن‏والحسن, والزهري وقتادة ومالك‏ومالك, والشافعي وإسحاق وأبي ثور‏ثور, وابن المنذر وقال الأوزاعي والليث تؤخذ من الثلث‏الثلث, مقدمة على الوصايا ولا يجاوز الثلث وقال ابن سيرين والشعبي‏والشعبي, والنخعي وحماد بن أبي سليمان وداود بن أبي هند‏هند, وحميد الطويل والمثنى والثوري‏والثوري: لا تخرج إلا أن يكون أوصى بها وكذلك قال أصحاب الرأي‏الرأي, وجعلوها إذا أوصى بها وصية تخرج من الثلث ويزاحم بها أصحاب الوصايا وإذا لم يوص بها سقطت لأنها عبادة من شرطها النية‏النية, فسقطت بموت من هي عليه كالصوم ولنا أنها حق واجب تصح الوصية به‏به, فلم تسقط بالموت كدين الآدمي ولأنها حق مالي واجب فلم يسقط بموت من هو عليه‏عليه, كالدين ويفارق الصوم والصلاة فإنهما عبادتان بدنيتان لا تصح الوصية بهما‏بهما, ولا النيابة فيهما ا هـ‏هـ.
فصل‏فصل:
فإن أخرها ليدفعها إلى من هو أحق بها من ذي قرابة أو ذي حاجة شديدة‏شديدة, فإن كان شيئا يسيرا فلا بأس وإن كان كثيرا‏كثيرا, لم يجز قال أحمد‏أحمد: لا يجزئ على أقاربه من الزكاة في كل شهر يعني لا يؤخر إخراجها حتى يدفعها إليهم متفرقة في كل شهر شيئا فأما إن عجلها فدفعها إليهم‏إليهم, أو إلى غيرهم متفرقة أو مجموعة جاز لأنه لم يؤخرها عن وقتها وكذلك إن كان عنده مالان‏مالان, أو أموال زكاتها واحدة وتختلف أحوالها‏أحوالها, مثل أن يكون عنده نصاب وقد استفاد في أثناء الحول من جنسه دون النصاب لم يجز تأخير الزكاة ليجمعها كلها لأنه يمكنه جمعها بتعجيلها في أول واجب منها‏منها.
فصل‏فصل:
فإن أخر الزكاة‏الزكاة, فلم يدفعها إلى الفقير حتى ضاعت لم تسقط عنه كذلك قال الزهري والحكم‏والحكم, وحماد والثوري وأبو عبيد وبه قال الشافعي‏الشافعي, إلا أنه قال‏قال: إن لم يكن فرط في إخراج الزكاة وفي حفظ ذلك المخرج رجع إلى ماله‏ماله, فإن كان فيما بقي زكاة أخرجها وإلا فلا وقال أصحاب الرأي‏الرأي: يزكي ما بقي إلا أن ينقص عن النصاب فتسقط الزكاة‏الزكاة, فرط أو لم يفرط وقال مالك‏مالك: أراها تجزئه إذا أخرجها في محلها وإن أخرجها بعد ذلك ضمنها وقال مالك‏مالك: يزكي ما بقي بقسطه وإن بقي عشرة دراهم ولنا‏ولنا, أنه حق متعين على رب المال تلف قبل وصوله إلى مستحقه فلم يبرأ منه بذلك‏بذلك, كدين الآدمي قال أحمد‏أحمد: ولو دفع إلى أحد زكاته خمسة دراهم فقبل أن يقبضها منه قال‏قال: اشتر لي بها ثوبا أو طعاما فذهبت الدراهم‏الدراهم, أو اشترى بها ما قال فضاع منه فعليه أن يعطي مكانها لأنه لم يقبضها منه ولو قبضها منه ثم ردها إليه‏إليه, وقال‏وقال: اشتر لي بها فضاعت أو ضاع ما اشترى بها فلا ضمان عليه إذا لم يكن فرط وإنما قال ذلك لأن الزكاة لا يملكها الفقير إلا بقبضها‏بقبضها, فإذا وكله في الشراء بها كان التوكيل فاسدا لأنه وكله في الشراء بما ليس له وبقيت على ملك رب المال‏المال, فإذا تلفت كانت في ضمانه‏ضمانه.
فصل‏فصل:
ولو عزل قدر الزكاة فنوى أنه زكاة فتلف‏فتلف, فهو في ضمان رب المال ولا تسقط الزكاة عنه بذلك سواء قدر على أن يدفعها إليه أو لم يقدر‏يقدر, والحكم فيه كالمسألة التي قبلها ا هـ‏هـ.
فصل‏فصل:
ولو أسلم في دار الحرب وأقام بها سنين لم يؤد زكاة أو غلب الخوارج على بلدة‏بلدة, فأقام أهله سنين لا يؤدون الزكاة ثم غلب عليهم الإمام أدوا الماضي‏الماضي, وهذا مذهب مالك والشافعي وقال أصحاب الرأي‏الرأي: لا زكاة عليهم لما مضى في المسألتين ولنا أن الزكاة من أركان الإسلام‏الإسلام, فلم تسقط عمن هو في غير قبضة الإمام كالصلاة والصيام‏والصيام.
فصل‏فصل:
إذا تولى الرجل إخراج زكاته فالمستحب أن يبدأ بأقاربه الذين يجوز دفع الزكاة إليهم (‏فإنفإن زينب سألت النبي - صلى الله عليه وسلم- : أيجزئ عني من الصدقة النفقة على زوجي‏؟‏زوجي؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم- : لها أجران‏أجران: أجر الصدقة‏الصدقة, وأجر القرابة‏القرابة) رواه البخاري وابن ماجه وفي لفظ‏لفظ: أيسعني أن أضع صدقتي في زوجي وبني أخ لي أيتام‏؟‏أيتام؟ فقال " نعم لها أجران‏أجران: أجر الصدقة وأجر القرابة " رواه النسائي (‏ولماولما تصدق أبو طلحة بحائطه‏بحائطه, قال النبي - صلى الله عليه وسلم- : اجعله في قرابتك‏قرابتك) رواه أبو داود ويستحب أن يبدأ بالأقرب فالأقرب إلا أن يكون منهم من هو أشد حاجة فيقدمه ولو كان غير القرابة أحوج أعطاه قال أحمد‏أحمد: إن كانت القرابة محتاجة أعطاها‏أعطاها, وإن كان غيرهم أحوج أعطاهم ويعطي الجيران وقال‏وقال: إن كان قد عود قوما برا فيجعله في ماله ولا يجعله من الزكاة‏الزكاة, ولا يعطي الزكاة من يمون ولا من تجري عليه نفقته وإن أعطاهم لم يجز وهذا - والله أعلم - إذا عودهم برا من غير الزكاة‏الزكاة, وإذا أعطى من تجري عليه نفقته شيئا يصرفه في نفقته فأما إن عودهم دفع زكاته إليهم أو أعطى من تجرى عليه نفقته تطوعا شيئا من الزكاة يصرفه في غير النفقة وحوائجه‏وحوائجه, فلا بأس وقال أبو داود‏داود: قلت لأحمد‏لأحمد: يعطى أخاه وأخته من الزكاة‏؟‏الزكاة؟ قال‏قال: نعم إذا لم يق به ماله أو يدفع به مذمة قيل لأحمد‏لأحمد: فإذا استوى فقراء قراباتي والمساكين‏؟‏والمساكين؟ قال‏قال: فهم كذلك أولى فأما إن كان غيرهم أحوج‏أحوج, فإنما يريد يغنيهم ويدع غيرهم فلا قيل له‏له: فيعطي امرأة ابنه من الزكاة قال‏قال: إن كان لا يريد به كذا - شيئا ذكره - فلا بأس به كأنه أراد منفعة ابنه قال أحمد‏أحمد: كان العلماء يقولون في الزكاة‏الزكاة: لا تدفع بها مذمة ولا يحابي بها قريب‏قريب, ولا يبقي بها مالا وسئل أحمد عن رجل له قرابة يجري عليها من الزكاة‏؟‏الزكاة؟ قال‏قال: إن كان عدها من عياله فلا يعطيها قيل له‏له: إنما يجري عليها شيئا معلوما في كل شهر قال‏قال: إذا كفاها ذلك وفي الجملة‏الجملة, من لا يجب عليه الإنفاق عليه فله دفع الزكاة إليه ويقدم الأحوج فالأحوج‏فالأحوج, فإن شاءوا قدم من هو أقرب إليه ثم من كان أقرب في الجوار وأكثر دينا وكيف فرقها بعد ما يضعها في الأصناف الذين سماهم الله تعالى‏تعالى, جاز والله أعلم‏أعلم.
باب زكاة الزروع والثمار‏والثمار:
والأصل فيها الكتاب والسنة أما الكتاب فقول الله تعالى‏تعالى: {‏يايا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض‏الأرض} [‏البقرة‏البقرة: 267‏267]‏‏. والزكاة تسمى نفقة بدليل قوله تعالى‏تعالى: {‏والذينوالذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله‏الله} [‏التوبة‏التوبة: 34‏34]‏‏. وقال الله تعالى‏تعالى: {‏وآتواوآتوا حقه يوم حصاده‏حصاده} [‏الأنعام‏الأنعام: 141‏141]‏‏. قال ابن عباس‏عباس: حقه‏حقه: الزكاة المفروضة وقال مرة‏مرة: العشر‏العشر, ونصف العشر ومن السنة قول النبي - صلى الله عليه وسلم- : (‏ليسليس فيما دون خمسة أوسق صدقة‏صدقة) متفق عليه وعن ابن عمر (‏عنعن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال‏قال: فيما سقت السماء والعيون وكان عثريا العشر وفيما سقي بالنضح نصف العشر‏العشر) أخرجه البخاري وأبو داود‏داود, والترمذي وعن جابر أنه (‏سمعسمع النبي - صلى الله عليه وسلم- يقول‏يقول: فيما سقت الأنهار والغيم العشر وفيما سقي بالسانية نصف العشر‏العشر) أخرجه مسلم‏مسلم, وأبو داود وأجمع أهل العلم على أن الصدقة واجبة في الحنطة والشعير والتمر‏والتمر, والزبيب قاله ابن المنذر وابن عبد البر
فصل‏فصل:
ولا شيء فيما ينبت من المباح الذي لا يملك إلا بأخذه كالبطم‏كالبطم, والعفص والزعبل وهو شعير الجبل وبزر قطونا‏قطونا, وبزر البقلة وحب الثمام والقت وهو بزر الأشنان إذا أدرك وتناهى نضجه حصلت فيه مرورة وملوحة‏وملوحة, وأشباه هذا ذكره ابن حامد لأنه إنما يملك بحيازته وأخذ الزكاة إنما تجب فيه إذا بدا صلاحه وفي تلك الحال لم يكن مملوكا له‏له, فلا يتعلق به الوجوب كالذي يلتقطه اللقاط من السنبل فإنه لا زكاة فيه نص عليه أحمد وذكر القاضي في المباح أن فيه الزكاة إذا نبت في أرضه‏أرضه, ولعله بنى هذا على أن ما نبت في أرضه من الكلأ يكون ملكا له والصحيح خلافه فأما إن نبت في أرضه ما يزرعه الآدميون مثل أن سقط في أرض إنسان حب من الحنطة أو الشعير‏الشعير, فنبت ففيه الزكاة لأنه يملكه ولو اشترى زرعا بعد بدو الصلاح فيه أو ثمرة قد بدا صلاحها أو ملكها بجهة من جهات الملك‏الملك, لم تجب فيه الزكاة لما ذكرنا‏ذكرنا.
فصل‏فصل:
ولا تجب فيما ليس بحب ولا ثمر سواء وجد فيه الكيل والادخار أو لم يوجد فلا تجب في ورق مثل ورق السدر والخطمى والأشنان والصعتر والآس ونحوه لأنه ليس بمنصوص عليه‏عليه, ولا في معنى المنصوص ومفهوم قوله عليه السلام‏السلام: (‏لالا زكاة في حب ولا ثمر حتى يبلغ خمسة أوسق‏أوسق) أن الزكاة لا تجب في غيرهما قال ابن عقيل‏عقيل: في ثمر السدر فورقه أولى ولأن الزكاة لا تجب في الحب المباح‏المباح, ففي الورق أولى ولا زكاة في الأزهار كالزعفران والعصفر‏والعصفر, والقطن لأنه ليس بحب ولا ثمر ولا هو بمكيل فلم تجب فيه زكاة‏زكاة, كالخضراوات قال أحمد‏أحمد: ليس في القطن شيء وقال‏وقال: ليس في الزعفران زكاة وهذا ظاهر كلام الخرقي واختيار أبي بكر وروى عن على في الفاكهة والبقل والتوابل والزعفران زكاة وعن عمر أنه قال‏قال: إنما سن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- الزكاة في الحنطة والشعير والتمر والزبيب وكذلك عبد الله بن عمر وحكي عن أحمد أن في القطن والزعفران زكاة وخرج أبو الخطاب في العصفر والورس وجها‏وجها, قياسا على الزعفران والأولى ما ذكرناه وهذا مخالف لأصول أحمد قال‏قال: المروي عنه روايتان‏روايتان: إحداهما أنه لا زكاة إلا في الأربعة والثانية‏والثانية: أنها إنما تجب في الحنطة والشعير والتمر والزبيب والذرة والسلت والأرز والعدس‏والعدس, وكل شيء يقوم مقام هذه حتى يدخر ويجري فيه القفيز مثل‏مثل: اللوبيا والحمص والسماسم والقطنيات ففيه الزكاة وهذا لا يجري فيه القفيز‏القفيز, ولا هو في معنى ما سماه‏سماه.
فصل‏فصل:
واختلفت الرواية في الزيتون فقال أحمد في رواية ابنه صالح‏صالح: فيه العشر إذا بلغ - يعنى خمسة أوسق - وإن عصر قوم ثمنه لأن الزيت له بقاء وهذا قول الزهري والأوزاعي‏والأوزاعي, ومالك والليث والثوري‏والثوري, وأبي ثور وأصحاب الرأي وروى عن ابن عباس لقول الله تعالى‏تعالى: {‏وآتواوآتوا حقه يوم حصاده‏حصاده} [‏الأنعام‏الأنعام: 141‏141]‏‏. في سياق قوله‏قوله: {‏والزيتونوالزيتون والرمان‏والرمان} [‏الأنعام‏الأنعام: 141‏141]‏‏. ولأنه يمكن ادخار غلته أشبه التمر والزبيب وعن أحمد‏أحمد: لا زكاة فيه وهو اختيار أبي بكر‏بكر, وظاهر كلام الخرقي وهذا قول ابن أبي ليلى والحسن بن صالح وأبي عبيدة‏عبيدة, وأحد قولي الشافعي لأنه لا يدخر يابسا فهو كالخضراوات والآية لم يرد بها الزكاة‏الزكاة, لأنها مكية والزكاة إنما فرضت بالمدينة ولهذا ذكر الرمان ولا عشر فيه وقال مجاهد‏مجاهد: إذا حصد زرعه ألقى لهم من السنبل‏السنبل, وإذا جذ نخله ألقى لهم من الشماريخ وقال النخعي وأبو جعفر‏جعفر: هذه الآية منسوخة على أنها محمولة على ما يتأتى حصاده بدليل أن الرمان مذكور بعده‏بعده, ولا زكاة فيه ا هـ‏هـ.
فصل‏فصل:
الحكم الثاني أن الزكاة لا تجب في شيء من الزروع والثمار حتى تبلغ خمسة أوسق هذا قول أكثر أهل العلم منهم ابن عمر وجابر‏وجابر, وأبو أمامة بن سهل وعمر بن عبد العزيز وجابر بن زيد‏زيد, والحسن وعطاء ومكحول‏ومكحول, والحكم والنخعي ومالك‏ومالك, وأهل المدينة والثوري والأوزاعي‏والأوزاعي, وابن أبي ليلى والشافعي وأبو يوسف‏يوسف, ومحمد وسائر أهل العلم لا نعلم أحدا خالفهم إلا مجاهدا‏مجاهدا, وأبا حنيفة ومن تابعه قالوا‏قالوا: تجب الزكاة في قليل ذلك وكثيره لعموم قوله عليه السلام‏السلام: (‏فيمافيما سقت السماء العشر‏العشر) ولأنه لا يعتبر له حول فلا يعتبر له نصاب ولنا‏ولنا, قول النبي - صلى الله عليه وسلم- : (‏ليسليس فيما دون خمسة أوسق صدقة‏صدقة) متفق عليه وهذا خاص يجب تقديمه وتخصيص عموم ما رووه به كما خصصنا قوله‏قوله: (‏فيفي سائمة الإبل الزكاة‏الزكاة) بقوله‏بقوله: (‏ليسليس فيما دون خمس ذود صدقة‏صدقة) وقوله‏وقوله: (‏فيفي الرقة ربع العشر‏العشر) بقوله‏بقوله: (‏ليسليس فيما دون خمس أواق صدقة‏صدقة) ولأنه مال تجب فيه الصدقة‏الصدقة, فلم تجب في يسيره كسائر الأموال الزكائية وإنما لم يعتبر الحول لأنه يكمل نماؤه باستحصاده لا ببقائه واعتبر الحول في غيره لأنه مظنة لكمال النماء في سائر الأموال‏الأموال, والنصاب اعتبر ليبلغ حدا يحتمل المواساة منه فلهذا اعتبر فيه يحققه أن الصدقة إنما تجب على الأغنياء‏الأغنياء, بما قد ذكرنا فيما تقدم ولا يحصل الغنى بدون النصاب كسائر الأموال الزكائية ا هـ‏هـ.
فصل‏فصل:
وتعتبر خمسة الأوسق بعد التصفية في الحبوب‏الحبوب, والجفاف في الثمار فلو كان له عشرة أوسق عنبا لا يجيء منه خمسة أوسق زبيبا‏زبيبا, لم يجب عليه شيء لأنه حال وجوب الإخراج منه فاعتبر النصاب بحاله وروى الأثرم عنه‏عنه: أنه يعتبر نصاب النخل والكرم عنبا ورطبا‏ورطبا, ويؤخذ منه مثل عشر الرطب تمرا اختاره أبو بكر وهذا محمول على أنه أراد يؤخذ عشر ما يجيء به منه من التمر إذا بلغ رطبها خمسة أوسق لأن إيجاب قدر عشر الرطب من التمر إيجاب لأكثر من العشر وذلك يخالف النص والإجماع فلا يجوز أن يحمل عليه كلام أحمد‏أحمد, ولا قول إمام ا هـ‏هـ.
فصل‏فصل:
والعلس‏والعلس: نوع من الحنطة يدخر في قشره ويزعم أهله أنه إذا أخرج من قشره لا يبقى بقاء غيره من الحنطة ويزعمون أنه يخرج على النصف فيعتبر نصابه في قشره للضرر في إخراجه‏إخراجه, فإذا بلغ بقشره عشرة أوسق ففيه العشر لأن فيه خمسة أوسق وإن شككنا في بلوغه نصابا‏نصابا, خير صاحبه بين إخراج عشره وبين إخراجه من قشره ليقدره بخمسة أوسق كقولنا في مغشوش الذهب والفضة إذا شككنا في بلوغ ما فيهما نصابا ولا يجوز تقدير غيره من الحنطة في قشره‏قشره, ولا إخراجه قبل تصفيته لأن الحاجة لا تدعو إلى إبقائه في قشره ولا العادة جارية به ولا يعلم قدر ما يخرج منه‏منه.
فصل‏فصل:
ونصاب الزيتون خمسة أوسق نص عليه أحمد في رواية صالح ونصاب الزعفران والقطن وما ألحق بهما من الموزونات‏الموزونات, ألف وستمائة رطل بالعراقي لأنه ليس بمكيل فيقوم وزنه مقام كيله ذكره القاضي في " المجرد " وحكى عنه‏عنه: إذا بلغت قيمته نصابا من أدنى ما تخرجه الأرض مما فيه الزكاة‏الزكاة, ففيه الزكاة وهذا قول أبي يوسف في الزعفران لأنه لم يمكن اعتباره بنفسه فاعتبر بغيره كالعروض تقوم بأدنى النصابين من الأثمان وقال أصحاب الشافعي في الزعفران‏الزعفران: تجب الزكاة في قليله وكثيره ولا أعلم لهذه الأقوال دليلا ولا أصلا يعتمد عليه ويردها قول النبي - صلى الله عليه وسلم- : (‏ليسليس فيما دون خمسة أوسق صدقة‏صدقة) وإيجاب الزكاة في قليله وكثيره مخالف لجميع أموال الزكاة واعتباره بغيره مخالف لجميع ما يجب عشره‏عشره, واعتباره بأقل ما فيه الزكاة قيمة لا نظير له أصلا وقياسه على العروض لا يصح لأن العروض لا تجب الزكاة في عينها وإنما تجب في قيمتها‏قيمتها, تؤدى من القيمة التي اعتبرت بها والقيمة يرد إليها كل الأموال المتقومات فلا يلزم من الرد إليها الرد إلى ما لم يرد إليه شيء أصلا‏أصلا, ولا تخرج الزكاة منه ولأن هذا مال تخرج الزكاة من جنسه فاعتبر نصابه بنفسه‏بنفسه, كالحبوب ولأنه خارج من الأرض يجب فيه العشر أو نصفه فأشبه سائر ما يجب فيه ذلك‏ذلك, ولأنه مال تجب فيه الزكاة فلم يجب في قليله وكثيره كسائر الأموال‏الأموال, ولأنه لا نص فيما ذكروه ولا إجماع ولا هو في معناهما فوجب أن لا يقال به لعدم دليله ا هـ انتهى
فصل‏فصل:
الحكم الثالث‏الثالث, أن العشر يجب فيما سقي بغير مؤنة كالذي يشرب من السماء والأنهار وما يشرب بعروقه‏بعروقه, وهو الذي يغرس في أرض ماؤها قريب من وجهها فتصل إليه عروق الشجر فيستغنى عن سقي‏سقي, وكذلك ما كانت عروقه تصل إلى نهر أو ساقية ونصف العشر فيما سقى بالمؤن كالدوالي والنواضح لا نعلم في هذا خلافًا وهو قول مالك والثوري‏والثوري, والشافعي وأصحاب الرأي وغيرهم والأصل فيه قول النبي - صلى الله عليه وسلم- : (‏فيمافيما سقت السماء والعيون أو كان عثريا العشر‏العشر, وما سقى بالنضح نصف العشر‏العشر) رواه البخاري قال أبو عبيد العثرى‏العثرى: ما تسقيه السماء وتسميه العامة‏العامة: العذى وقال القاضي‏القاضي: هو الماء المستنقع في بركة أو نحوها‏نحوها, يصب إليه ماء المطر في سواق تشق له فإذا اجتمع سقى منه واشتقاقه من العاثور‏العاثور, وهي الساقية التي يجري فيها الماء لأنها يعثر بها من يمر بها وفي رواية مسلم‏مسلم: (‏وفيماوفيما يسقى بالسانية نصف العشر‏العشر) والسواني‏والسواني: هي النواضح وهي الإبل يستقى بها لشرب الأرض وعن معاذ‏معاذ, قال‏قال: (‏بعثنيبعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إلى اليمن فأمرني أن آخذ مما سقت السماء أو سقى بعلا‏بعلا, العشر وما سقى بدالية نصف العشر‏العشر) قال أبو عبيد‏عبيد: البعل ما شرب بعروقه من غير سقي وفي الجملة كل ما سقي بكلفة ومؤنة‏ومؤنة, من دالية أو سانية أو دولاب أو ناعورة أو غير ذلك ففيه نصف العشر وما سقي بغير مؤنة‏مؤنة, ففيه العشر لما روينا من الخبر ولأن للكلفة تأثيرا في إسقاط الزكاة جملة بدليل المعلوفة‏المعلوفة, فبأن يؤثر في تخفيفها أولى ولأن الزكاة إنما تجب في المال النامي وللكلفة تأثير في تقليل النماء‏النماء, فأثرت في تقليل الواجب فيها ولا يؤثر حفر الأنهار والسواقي في نقصان الزكاة لأن المؤنة تقل لأنها تكون من جملة إحياء الأرض ولا تتكرر كل عام وكذلك لا يؤثر احتياجها إلى ساق يسقيها‏يسقيها, ويحول الماء في نواحيها لأن ذلك لا بد منه في كل سقي بكلفة فهو زيادة على المؤنة في التنقيص‏التنقيص, يجري مجرى حرث الأرض وتحسينها وإن كان الماء يجري من النهر في ساقية إلى الأرض ويستقر في مكان قريب من وجهها لا يصعد إلا بغرف أو دولاب‏دولاب, فهو من الكلفة المسقطة لنصف الزكاة على ما مر لأن مقدار الكلفة وقرب الماء وبعده لا يعتبر والضابط لذلك هو أن يحتاج في ترقية الماء إلى الأرض بآلة من غرف أو نضح أو دالية ونحو ذلك وقد وجد ا هـ‏هـ.
فصل‏فصل:
فإن سقي نصف السنة بكلفة‏بكلفة, ونصفها بغير كلفة ففيه ثلاثة أرباع العشر وهذا قول مالك والشافعي‏والشافعي, وأصحاب الرأي ولا نعلم فيه مخالفا لأن كل واحد منهما لو وجد في جميع السنة لأوجب مقتضاه فإذا وجد في نصفها أوجب نصفه‏نصفه, وإن سقي بأحدهما أكثر من الآخر اعتبر أكثرهما فوجب مقتضاه وسقط حكم الآخر نص عليه وهو قول عطاء‏عطاء, والثوري وأبي حنيفة وأحد قولي الشافعي وقال ابن حامد‏حامد: يؤخذ بالقسط وهو القول الثاني للشافعي لأنهما لو كانا نصفين أخذ بالحصة‏بالحصة, فكذلك إذا كان أحدهما أكثر كما لو كانت الثمرة نوعين ووجه الأول أن اعتبار مقدار السقي وعدد مراته وقدر ما يشرب في كل سقية يشق ويتعذر فكان الحكم للأغلب منهما كالسوم في الماشية وإن جهل المقدار‏المقدار, غلبنا إيجاب العشر احتياطا نص عليه أحمد في رواية عبد الله لأن الأصل وجوب العشر وإنما يسقط بوجود الكلفة فما لم يتحقق المسقط يبقى على الأصل‏الأصل, ولأن الأصل عدم الكلفة في الأكثر فلا يثبت وجودها مع الشك فيه وإن اختلف الساعي ورب المال‏المال, في أيهما سقى به أكثر فالقول قول رب المال بغير يمين‏يمين, فإن الناس لا يستحلفون على صدقاتهم ا هـ‏هـ.
فصل‏فصل:
وإذا كان لرجل حائطان سقي أحدهما بمؤنة والآخر بغير مؤنة‏مؤنة, ضم غلة أحدهما إلى الآخر في تكميل النصاب أو أخرج من الذي سقي بغير مؤنة عشره ومن الآخر نصف عشره كما يضم أحد النوعين إلى الآخر‏الآخر, ويخرج من كل واحد منهما ما وجب فيه‏فيه.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: [‏والوسقوالوسق ستون صاعا والصاع خمسة أرطال وثلث بالعراقي‏بالعراقي] أما كون الوسق ستين صاعا فلا خلاف فيه قال ابن المنذر هو قول كل من يحفظ عنه من أهل العلم وقد روى الأثرم‏الأثرم, عن سلمة بن صخر عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال‏قال: (‏الوسقالوسق ستون صاعا‏صاعا) وروى أبو سعيد وجابر‏وجابر, عن النبي - صلى الله عليه وسلم- مثل ذلك رواه ابن ماجه وأما كون الصاع خمسة أرطال وثلثا ففيه اختلاف ذكرناه في باب الطهارة وبينا أنه خمسة أرطال وثلث بالعراقي‏بالعراقي, فيكون مبلغ الخمسة الأوسق ثلاثمائة صاع وهو ألف وستمائة رطل بالعراقي والرطل العراقي‏العراقي: مائة وثمانية وعشرون درهما وأربعة أسباع درهم‏درهم, ووزنه بالمثاقيل سبعون مثقالا ثم زيد في الرطل مثقال آخر وهو درهم وثلاثة أسباع فصار إحدى وتسعين مثقالا‏مثقالا, وكملت زنته بالدراهم مائة وثلاثين درهما والاعتبار بالأول قبل الزيادة فيكون الصاع بالرطل الدمشقي‏الدمشقي, الذي هو ستمائة درهم رطلا وسبعا وذلك أوقية وخمسة أسباع أوقية‏أوقية, ومبلغ الخمسة الأوسق بالرطل الدمشقي ثلاثمائة رطل واثنان وأربعون رطلا وعشر أواق وسبع أوقية وذلك ستة أسباع رطل‏رطل.
فصل‏فصل:
قال القاضي‏القاضي: وهذا النصاب معتبر تحديدا فمتى نقص شيئا‏شيئا, لم تجب الزكاة لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : (‏ليسليس فيما دون خمسة أوسق صدقة‏صدقة) والناقص عنها لم يبلغها إلا أن يكون نقصا يسيرا يدخل في المكاييل‏المكاييل, كالأوقية ونحوها فلا عبرة به لأن مثل ذلك يجوز أن يدخل في المكاييل فلا ينضبط‏ينضبط, فهو كنقص الحول ساعة أو ساعتين‏ساعتين.
فصل‏فصل:
ولا وقص في نصاب الحبوب والثمار بل مهما زاد على النصاب أخرج منه بالحساب فيخرج عشر جميع ما عنده فإنه لا ضرر في تبعيضه بخلاف الماشية‏الماشية, فإن فيها ضررا على ما تقدم‏تقدم.
فصل‏فصل:
وإذا وجب عليه عشر مرة لم يجب عليه عشر آخر‏آخر, وإن حال عنده أحوالا لأن هذه الأموال غير مرصدة للنماء في المستقبل بل هي إلى النقص أقرب والزكاة إنما تجب في الأشياء النامية‏النامية, ليخرج من النماء فيكون أسهل فإن اشترى شيئا من ذلك للتجارة صار عرضا تجب فيه زكاة التجارة إذا حال عليه الحول والله أعلم‏أعلم.
فصل‏فصل:
ووقت وجوب الزكاة في الحب إذا اشتد وفي الثمرة إذا بدا صلاحها وقال ابن أبي موسى‏موسى: تجب زكاة الحب يوم حصاده لقول الله تعالى‏تعالى: {‏وآتواوآتوا حقه يوم حصاده‏حصاده} [‏الأنعام‏الأنعام: 141‏141]‏‏. وفائدة الخلاف أنه لو تصرف في الثمرة أو الحب قبل الوجوب‏الوجوب, لا شيء عليه لأنه تصرف فيه قبل الوجوب فأشبه ما لو أكل السائمة أو باعها قبل الحول وإن تصرف فيها بعد الوجوب لم تسقط الزكاة عنه‏عنه, كما لو فعل ذلك في السائمة ولا يستقر الوجوب على كلا القولين حتى تصير الثمرة في الجريب والزرع في البيدر ولو تلف قبل ذلك بغير إتلافه أو تفريط منه فيه فلا زكاة عليه قال أحمد‏أحمد: إذا خرص وترك في رءوس النخل‏النخل, فعليهم حفظه فإن أصابته جائحة فذهبت الثمرة سقط عنهم الخرص‏الخرص, ولم يؤخذوا به ولا نعلم في هذا خلافا قال ابن المنذر‏المنذر: أجمع أهل العلم على أن الخارص إذا خرص الثمرة ثم أصابته جائحة‏جائحة, فلا شيء عليه إذا كان قبل الجذاذ ولأنه قبل الجذاذ في حكم ما لا تثبت اليد عليه بدليل أنه لو اشترى ثمرة فتلفت بجائحة رجع بها على البائع‏البائع, وإن تلف بعض الثمرة فقال القاضي‏القاضي: إن كان الباقي نصابا ففيه الزكاة وإلا فلا وهذا القول يوافق قول من قال‏قال: لا تجب الزكاة فيه إلا يوم حصاده لأن وجوب النصاب شرط في الوجوب‏الوجوب, فمتى لم يوجد وقت الوجوب لم يجب وأما من قال‏قال: إن الوجوب ثبت إذا بدا الصلاح واشتد الحب فقياس قوله‏قوله: إن تلف البعض إن كان قبل الوجوب فهو كما قال القاضي‏القاضي, وإن كان بعده وجب في الباقي بقدره سواء كان نصابا أو لم يكن نصابا لأن المسقط اختص بالبعض‏بالبعض, فاختص السقوط به كما لو تلف بعض نصاب السائمة بعد وجوب الزكاة فيها وهذا فيما إذا تلف بغير تفريطه وعدوانه فأما إن أتلفها أو تلفت بتفريطه أو عدوانه بعد الوجوب‏الوجوب, لم تسقط عنه الزكاة وإن كان قبل الوجوب سقطت‏سقطت, إلا أن يقصد بذلك الفرار من الزكاة فيضمنها ولا تسقط عنه‏عنه, ومتى ادعى رب المال تلفها بغير تفريطه قبل قوله من غير يمين سواء كان ذلك قبل الخرص أو بعده‏بعده, ويقبل قوله أيضا في قدرها بغير يمين وكذلك في سائر الدعاوى قال أحمد‏أحمد: لا يستحلف الناس على صدقاتهم وذلك لأنه حق لله تعالى‏تعالى, فلا يستحلف فيه كالصلاة والحد‏والحد.
فصل‏فصل:
وإن جذها وجعلها في الجرين أو جعل الزرع في البيدر‏البيدر, استقر وجوب الزكاة عليه عند من لم ير التمكن من الأداء شرطا في استقرار الوجوب فإن تلفت بعد ذلك لم تسقط الزكاة عنه‏عنه, وعليه ضمانها كما لو تلف نصاب السائمة أو الأثمان بعد الحول وعلى الرواية الأخرى في كون التمكن من الأداء معتبرا‏معتبرا, لا يستقر الوجوب فيها حتى تجف الثمرة ويصفي الحب ويتمكن من أداء حقه‏حقه, فلا يفعل وإن تلف قبل ذلك فلا شيء عليه‏عليه, على ما ذكرنا في غير هذا‏هذا.
فصل‏فصل:
ويصح تصرف المالك في النصاب قبل الخرص وبعده بالبيع والهبة وغيرهما فإن باعه أو وهبه بعد بدو صلاحه‏صلاحه, فصدقته على البائع والواهب وبهذا قال الحسن ومالك والثوري‏والثوري, والأوزاعي وبه قال الليث إلا أن يشترطها على المبتاع‏المبتاع, وإنما وجبت على البائع لأنها كانت واجبة عليه قبل البيع فبقي على ما كان عليه وعليه إخراج الزكاة من جنس المبيع والموهوب وعن أحمد أنه مخير بين أن يخرج ثمرا أو من الثمن قال القاضي‏القاضي: والصحيح أن عليه عشر الثمرة فإنه لا يجوز إخراج القيمة في الزكاة‏الزكاة, على صحيح المذهب ولأن عليه القيام بالثمرة حتى يؤدي الواجب منها ثمرا فلا يسقط ذلك عنه ببيعها ولا هبتها ويتخرج أن تجب الزكاة على المشتري‏المشتري, على قول من قال‏قال: إن الزكاة إنما تجب يوم حصاده لأن الوجوب إنما تعلق بها في ملك المشترى فكان عليه ولو اشترى ثمرة قبل بدو صلاحها‏صلاحها, ثم بدا صلاحها في يد المشترى على وجه صحيح مثل أن يشترى نخلة مثمرة ويشترط ثمرتها‏ثمرتها, أو وهبت له ثمرة قبل بدو صلاحها فبدا صلاحها في يد المشتري أو المتهب أو وصى له بثمرة فقبلها بعد موت الموصي‏الموصي, ثم بدا صلاحها فالصدقة عليه لأن سبب الوجوب وجد في ملكه فكان عليه‏عليه, كما لو اشترى سائمة أو اتهبها فحال الحول عليها عنده ا هـ.
فصل‏فصل:
وإذا اشترى ثمرة قبل بدو صلاحها فتركها حتى بدا صلاحها‏صلاحها, فإن لم يكن شرط القطع فالبيع باطل وهي باقية على ملك البائع‏البائع, وزكاتها عليه وإن شرط القطع فقد روى أن البيع باطل أيضا‏أيضا, ويكون الحكم فيها كما لو لم يشترط القطع وروى أن البيع صحيح ويشتركان في الزيادة فعلى هذا يكون على المشتري زكاة حصته منها إن بلغت نصابا‏نصابا, فإن لم يكن المشتري من أهل الزكاة كالمكاتب والذمي فلا زكاة فيها‏فيها, وإن عاد البائع فاشتراها بعد بدو الصلاح أو غيره فلا زكاة فيها إلا أن يكون قصد ببيعها الفرار من الزكاة‏الزكاة, فلا تسقط‏تسقط.
فصل‏فصل:
وإن تلفت الثمرة قبل بدو الصلاح أو الزرع قبل اشتداد الحب فلا زكاة فيه وكذلك إن أتلفه المالك‏المالك, إلا أن يقصد الفرار من الزكاة وسواء قطعها للأكل أو للتخفيف عن النخيل لتحسين بقية الثمرة‏الثمرة, أو حفظ الأموال إذا خاف عليها العطش أو ضعف الجمار فقطع الثمرة أو بعضها بحيث نقص النصاب‏النصاب, أو قطعها لغير غرض فلا زكاة عليه لأنها تلفت قبل وجوب الزكاة وتعلق حق الفقراء بها‏بها, فأشبه ما لو هلكت السائمة قبل الحول وإن قصد بقطعها الفرار من الزكاة لم تسقط عنه لأنه قصد قطع حق من انعقد سبب استحقاقه‏استحقاقه, فلم تسقط كما لو طلق امرأته في مرض موته‏موته.
فصل‏فصل:
وينبغي أن يبعث الإمام ساعيه إذا بدا صلاح الثمار ليخرصها‏ليخرصها, ويعرف قدر الزكاة ويعرف المالك ذلك وممن كان يرى الخرص عمر بن الخطاب وسهل بن أبي حثمة ومروان‏ومروان, والقاسم بن محمد والحسن وعطاء‏وعطاء, والزهري وعمرو بن دينار وعبد الكريم بن أبي المخارق‏المخارق, ومالك والشافعي وأبو عبيد وأبو ثور‏ثور, وأكثر أهل العلم وحكي عن الشعبي أن الخرص بدعة وقال أهل الرأي‏الرأي: الخرص ظن وتخمين لا يلزم به حكم وإنما كان الخرص تخويفا للأكرة لئلا يخونوا‏يخونوا, فأما أن يلزم به حكم فلا ولنا ما روي الزهري‏الزهري, عن سعيد بن المسيب عن عتاب بن أسيد (‏أنأن النبي - صلى الله عليه وسلم- كان يبعث على الناس من يخرص عليهم كرومهم وثمارهم‏وثمارهم) رواه أبو داود وابن ماجه‏ماجه, والترمذي وفي لفظ عن عتاب قال‏قال: (‏أمرأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أن يخرص العنب كما يخرص النخل‏النخل, وتؤخذ زكاته زبيبا كما تؤخذ زكاة النخل تمرا‏تمرا) وقد عمل به النبي - صلى الله عليه وسلم- فخرص على امرأة بوادي القرى حديقة لها ورواه الإمام أحمد في " مسنده " وعمل به أبو بكر بعده والخلفاء وقالت عائشة‏عائشة, وهي تذكر شأن خيبر‏خيبر: (‏كانكان النبي - صلى الله عليه وسلم- يبعث عبد الله بن رواحة إلى يهود فيخرص عليهم النخل حين يطيب قبل أن يؤكل منه‏منه) متفق عليه رواه أبو داود وقولهم‏وقولهم: هو ظن قلنا‏قلنا: بل هو اجتهاد في معرفة قدر الثمر وإدراكه بالخرص الذي هو نوع من المقادير والمعايير‏والمعايير, فهو كتقويم المتلفات ووقت الخرص حين يبدو صلاحه لقول عائشة ـ رضي الله عنه ـا يبعث عبد الله بن رواحة فيخرص عليهم النخل حين يطيب‏يطيب, قبل أن يؤكل منه ولأن فائدة الخرص معرفة الزكاة وإطلاق أرباب الثمار في التصرف فيها والحاجة إنما تدعو إلى ذلك حين يبدو الصلاح‏الصلاح, وتجب الزكاة
فصل‏فصل:
ويجزئ خارص واحد لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- كان يبعث ابن رواحة فيخرص ولم يذكر معه غيره‏غيره, ولأن الخارص يفعل ما يؤديه اجتهاده إليه فهو كالحاكم والقائف ويعتبر في الخارص أن يكون أمينا غير متهم‏متهم.
فصل‏فصل:
وصفة الخرص تختلف باختلاف الثمرة‏الثمرة, فإن كان نوعا واحدا فإنه يطيف بكل نخلة أو شجرة وينظر كم في الجميع رطبا أو عنبا‏عنبا, ثم يقدر ما يجيء منها تمرا وإن كان أنواعا خرص كل نوع على حدته لأن الأنواع تختلف فمنها ما يكثر رطبه ويقل تمره‏تمره, ومنها ما يكون بالعكس وهكذا العنب ولأنه يحتاج إلى معرفة قدر كل نوع‏نوع, حتى يخرج عشره فإذا خرص على المالك وعرفه قدر الزكاة‏الزكاة, خيره بين أن يضمن قدر الزكاة ويتصرف فيها بما شاء من أكل وغيره وبين حفظها إلى وقت الجداد والجفاف‏والجفاف, فإن اختار حفظها ثم أتلفها أو تلفت بتفريطه فعليه ضمان نصيب الفقراء بالخرص وإن أتلفها أجنبي‏أجنبي, فعليه قيمة ما أتلف والفرق بينهما أن رب المال وجب عليه تجفيف هذا الرطب بخلاف الأجنبي ولهذا قلنا في من أتلف أضحيته المتعينة‏المتعينة: عليه أضحية مكانها وإن أتلفها أجنبي فعليه قيمتها وإن تلفت بجائحة من السماء‏السماء, سقط عنهم الخرص نص عليه أحمد لأنها تلفت قبل استقرار زكاتها وإن ادعى تلفها بغير تفريطه فالقول قوله بغير يمين‏يمين, كما تقدم وإن حفظها إلى وقت الإخراج فعليه زكاة الموجود لا غير‏غير, سواء اختار الضمان أو حفظها على سبيل الأمانة وسواء كانت أكثر مما خرصه الخارص أو أقل وبهذا قال الشافعي وقال مالك‏مالك: يلزمه ما قال الخارص‏الخارص, زاد أو نقص إذا كانت الزكاة متقاربة لأن الحكم انتقل إلى ما قال الساعي بدليل وجوب ما قال عند تلف المال ولنا‏ولنا, أن الزكاة أمانة فلا تصير مضمونة بالشرط كالوديعة ولا نسلم أن الحكم انتقل إلى ما قال الساعي‏الساعي, وإنما يعمل بقوله إذا تصرف في الثمرة ولم يعلم قدرها لأن الظاهر إصابته قال أحمد‏أحمد: إذا خرص على الرجل فإذا فيه فضل كثير‏كثير, مثل الضعف تصدق بالفضل لأنه يخرص بالسوية وهذه الرواية تدل على مثل قول مالك وقال‏وقال: إذا تجافى السلطان عن شيء من العشر يخرجه فيؤديه وقال‏وقال: إذا حط من الخرص عن الأرض‏الأرض, يتصدق بقدر ما نقصوه من الخرص وإن أخذ منهم أكثر من الواجب عليهم فقال أحمد‏أحمد: يحتسب لهم من الزكاة لسنة أخرى ونقل عنه أبو داود لا يحتسب بالزيادة لأن هذا غاصب وقال أبو بكر‏بكر: وبهذا أقول ويحتمل أن يجمع بين الروايتين فيحتسب به إذا نوى صاحبه به التعجيل‏التعجيل, ولا يحتسب به إذا لم ينو ذلك‏ذلك.
فصل‏فصل:
وإن ادعى رب المال غلط الخارص وكان ما ادعاه محتملا قبل قوله بغير يمين وإن لم يكن محتملا‏محتملا, مثل أن يدعي غلط النصف ونحوه لم يقبل منه لأنه لا يحتمل فيعلم كذبه وإن قال‏قال: لم يحصل في يدي غير هذا قبل منه بغير يمين لأنه قد يتلف بعضها بآفة لا نعلمها‏نعلمها.
فصل‏فصل:
وعلى الخارص أن يترك في الخرص الثلث أو الربع‏الربع, توسعة على أرباب الأموال لأنهم يحتاجون إلى الأكل هم وأضيافهم ويطعمون جيرانهم وأهلهم وأصدقاءهم وسؤالهم ويكون في الثمرة السقاطة وينتابها الطير وتأكل منه المارة‏المارة, فلو استوفى الكل منهم أضر بهم وبهذا قال إسحاق ونحوه قال الليث وأبو عبيد والمرجع في تقدير المتروك إلى الساعي باجتهاده‏باجتهاده, فإن رأى الأكلة كثيرا ترك الثلث وإن كانوا قليلا ترك الربع لما روى سهل بن أبي حثمة ( أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- كان يقول‏يقول: إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع‏الربع) رواه أبو عبيد‏عبيد, وأبو داود والنسائي والترمذي وروى أبو عبيد‏عبيد, بإسناده عن مكحول قال‏قال: (‏كانكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إذا بعث الخراص قال‏قال: خففوا على الناس فإن في المال العرية والواطئة والأكلة‏والأكلة) قال أبو عبيد‏عبيد: الواطئة‏الواطئة: السابلة سموا بذلك لوطئهم بلاد الثمار مجتازين والأكلة‏والأكلة: أرباب الثمار وأهلوهم‏وأهلوهم, ومن لصق بهم ومنه حديث سهل في مال سعد بن أبي سعد حين قال‏قال: لولا إني وجدت فيه أربعين عريشا لخرصته تسعمائة وسق‏وسق, وكانت تلك العرش لهؤلاء الأكلة والعرية‏والعرية: النخلة أو النخلات يهب إنسانا ثمرتها فجاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال‏قال: (‏ليسليس في العرايا صدقة‏صدقة) وروى ابن المنذر عن عمر ـ رضي الله عنه ـ أنه قال لسهل بن أبي حثمة‏حثمة: إذا أتيت على نخل قد حضرها قوم فدع لهم ما يأكلون والحكم في العنب كالحكم في النخيل سواء‏سواء, فإن لم يترك لهم الخارص شيئا فلهم الأكل بقدر ذلك ولا يحتسب عليهم به نص عليه لأنه حق لهم‏لهم, فإن لم يخرج الإمام خارصا فاحتاج رب المال إلى التصرف في الثمرة فأخرج خارصا جاز أن يأخذ بقدر ذلك ذكره القاضي وإن خرص هو وأخذ بقدر ذلك‏ذلك, جاز ويحتاط في أن لا يأخذ أكثر مما له أخذه‏أخذه.
فصل:
فصل‏:‏
ويخرص النخل والكرم لما روينا من الأثر فيهما ولم يسمع بالخرص في غيرهما فلا يخرص الزرع في سنبله وبهذا قال عطاء‏عطاء, والزهري ومالك لأن الشرع لم يرد بالخرص فيه ولا هو في معنى المنصوص عليه‏عليه, لأن ثمرة النخل والكرم تؤكل رطبا فيخرص على أهله للتوسعة عليهم ليخلي بينهم وبين أكل الثمرة والتصرف فيها‏فيها, ثم يؤدون الزكاة منها على ما خرص ولأن ثمرة الكرم والنخل ظاهرة مجتمعة فخرصها أسهل من خرص غيرها‏غيرها, وما عداهما فلا يخرص وإنما على أهله فيه الأمانة إذا صار مصفى يابسا ولا بأس أن يأكلوا منه ما جرت العادة بأكله ولا يحتسب عليهم وسئل أحمد عما يأكل أرباب الزروع من الفريك‏؟‏الفريك؟ قال‏قال: لا بأس به أن يأكل منه صاحبه ما يحتاج إليه وذلك لأن العادة جارية به‏به, فأشبه ما يأكله أرباب الثمار من ثمارهم فإذا صفى الحب أخرج زكاة الموجود كله ولم يترك منه شيء لأنه إنما ترك لهم في الثمرة شيء لكون النفوس تتوق إلى أكلها رطبة‏رطبة, والعادة جارية به وفي الزرع إنما يؤكل شيء يسير لا وقع له‏له.
فصل‏فصل:
ولا يخرص الزيتون‏الزيتون, ولا غير النخل والكرم لأن حبه متفرق في شجره مستور بورقه ولا حاجة بأهله إلى أكله‏أكله, بخلاف النخل والكرم فإن ثمرة النخل مجتمعة في عذوقه والعنب في عناقيده‏عناقيده, فيمكن أن يأتي الخرص عليه والحاجة داعية إلى أكلهما في حال رطوبتهما وبهذا قال مالك وقال الزهري والأوزاعي‏والأوزاعي, والليث‏والليث: يخرص لأنه ثمر تجب فيه الزكاة فيخرص كالرطب والعنب ولنا‏ولنا: أنه لا نص في خرصه ولا هو في معنى المنصوص‏المنصوص, فيبقى على الأصل‏الأصل.
فصل‏فصل:
ووقت الإخراج للزكاة بعد التصفية في الحبوب والجفاف في الثمار لأنه أوان الكمال وحال الادخار والمؤنة التي تلزم الثمرة إلى حين الإخراج على رب المال لأن الثمرة كالماشية ومؤنة الماشية وحفظها ورعيها والقيام عليها إلى حين الإخراج‏الإخراج, على ربها كذا ها هنا فإن أخذ الساعي الزكاة قبل التجفيف فقد أساء‏أساء, ويرده إن كان رطبا بحاله وإن تلف رد مثله وإن جففه وكان قدر الزكاة‏الزكاة, فقد استوفى الواجب وإن كان دونه أخذ الباقي وإن كان زائدا رد الفضل وإن كان المخرج لها رب المال‏المال, لم يجزئه ولزمه إخراج الفضل بعد التجفيف لأنه أخرج غير الفرض فلم يجزئه‏يجزئه, كما لو أخرج الصغيرة من الماشية عن الكبار‏الكبار.
فصل‏فصل:
وإن احتيج إلى قطع الثمرة قبل كمالها خوفا من العطش أو لضعف الجمار‏الجمار, جاز قطعها لأن حق الفقراء إنما يجب على طريق المواساة فلا يكلف الإنسان من ذلك ما يهلك أصل ماله ولأن حفظ الأصل أحفظ للفقراء من حفظ الثمرة‏الثمرة, لأن حقهم يتكرر بحفظها في كل سنة فهم شركاء في النخل ثم إن كان يكفي تجفيف الثمرة دون قطع جميعها جففها‏جففها, وإن لم يكف إلا قطع جميعها جاز وكذلك إن أراد قطع الثمرة لتحسين الباقي منها جاز وإذا أراد ذلك فقال القاضي‏القاضي: يخير الساعي بين أن يقاسم رب المال الثمرة قبل الجداد بالخرص‏بالخرص, ويأخذ نصيبهم نخلة مفردة ويأخذ ثمرتها وبين أن يجذها‏يجذها, ويقاسمه إياها بالكيل ويقسم الثمرة في الفقراء وبين أن يبيعها من رب المال أو من غيره قبل الجداد أو بعده‏بعده, ويقسم ثمنها في الفقراء وقال أبو بكر‏بكر: عليه الزكاة فيه يابسا وذكر أن أحمد نص عليه وكذلك الحكم في العنب الذي لا يجيء منه زبيب كالخمري والرطب الذي لا يجيء منه تمر جيد‏جيد, كالبرنبا والهلياث فإن قيل‏قيل: فهلا قلتم لا زكاة فيه لأنه لا يدخر فهو كالخضراوات وطلع الفحال قلنا‏قلنا: لأنه يدخر في الجملة‏الجملة, وإنما لم يدخر ها هنا لأن أخذه رطبا أنفع فلم تسقط منه الزكاة بذلك‏بذلك, ولا تجب فيه الزكاة حتى يبلغ حدا يكون منه خمسة أوسق تمرا أو زبيبا إلا على الرواية الأخرى وإذا أتلف رب المال هذه الثمرة فقال القاضي‏القاضي: عليه قيمتها‏قيمتها, كما لو أتلفها غير رب المال وعلى قول أبي بكر‏بكر: يجب في ذمته العشر تمرا أو زبيبا كما في غير هذه الثمرة قال‏قال: فإن لم يجد التمر‏التمر, ففيه قولان‏قولان: أحدهما يؤخذ منه قيمته والثاني‏والثاني: يكون في ذمته وعليه أن يأتي به‏به.
فصل‏فصل:
فأما كيفية الإخراج‏الإخراج, فإن كان المال الذي فيه الزكاة نوعا واحدا أخذ منه جيدا كان أو رديئا لأن حق الفقراء يجب على طريق المواساة فهم بمنزلة الشركاء‏الشركاء, لا نعلم في هذا خلافا وإن كان أنواعا أخذ من كل نوع ما يخصه هذا قول أكثر أهل العلم وقال مالك والشافعي‏والشافعي: يؤخذ من الوسط وكذلك قال أبو الخطاب‏الخطاب, إذا شق عليه إخراج زكاة كل نوع منه قال ابن المنذر‏المنذر: وقال غيرهما‏غيرهما: يؤخذ عشر ذلك من كل بقدره وهو أولى لأن الفقراء بمنزلة الشركاء فينبغي أن يتساووا في كل نوع منه ولا مشقة في ذلك‏ذلك, بخلاف الماشية إذا كانت أنواعا فإن إخراج حصة كل نوع منه يفضي إلى تشقيص الواجب وفيه مشقة بخلاف الثمار‏الثمار, ولهذا وجب في الزائد بحسابه ولا يجوز إخراج الرديء لقوله تعالى‏تعالى: {‏ولاولا تيمموا الخبيث منه تنفقون‏تنفقون} [‏البقرة‏البقرة: 267‏267]‏‏. قال أبو أمامة سهل بن حنيف في هذه الآية‏الآية: هو الجعرور ولون الحبيق فنهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أن يؤخذ في الصدقة‏الصدقة) رواه النسائي‏النسائي, وأبو عبيد قال‏قال: وهما ضربان من التمر أحدهما إنما يصير قشرا على نوى والآخر إذا أثمر صار حشفا ولا يجوز أخذ الجيد عن الرديء لقول النبي - صلى الله عليه وسلم- : (‏إياكإياك وكرائم أموالهم‏أموالهم) فإن تطوع رب المال بذلك جاز‏جاز, وله ثواب الفضل على ما ذكرنا في فضل الماشية‏الماشية.
فصل‏فصل:
فأما الزيتون فإن كان مما لا زيت له‏له, فإنه يخرج منه عشره حبا إذا بلغ النصاب لأنه حال كماله وادخاره يخرج منه‏منه, كما يخرص الرطب في حال رطوبته وإن كان له زيت أخرج منه زيتا إذا بلغ الحب خمسة أوسق وهذا قول الزهري‏الزهري, والأوزاعي ومالك والليث قالوا‏قالوا: يخرص الزيتون‏الزيتون, ويؤخذ زيتا صافيا وقال مالك‏مالك: إذا بلغ خمسة أوسق أخذ العشر من زيته بعد أن يعصر وقال الثوري وأبو حنيفة‏حنيفة: يخرج من حبه كسائر الثمار ولأنه الحالة التي تعتبر فيها الأوساق‏الأوساق, فكان إخراجه فيها كسائر الثمار وهذا جائز والأول أولى لأنه يكفي الفقراء مؤنته فيكون أفضل‏أفضل, كتجفيف التمر ولأنه حال كماله وادخاره فيخرج منه‏منه, كما يخرص الرطب في حال رطوبته ويخرج منه إذا يبس‏يبس.
فصل‏فصل:
ومذهب أحمد أن في العسل العشر قال الأثرم‏الأثرم: سئل أبو عبد الله‏الله: أنت تذهب إلى أن في العسل زكاة‏؟‏زكاة؟ قال‏قال: نعم أذهب إلى أن في العسل زكاة العشر‏العشر, قد أخذ عمر منهم الزكاة قلت‏قلت: ذلك على أنهم تطوعوا به‏؟‏به؟ قال لا بل أخذه منهم ويروى ذلك عن عمر بن عبد العزيز ومكحول والزهري‏والزهري, وسليمان بن موسى والأوزاعي وإسحاق وقال مالك‏مالك, والشافعي وابن أبي ليلى والحسن بن صالح‏صالح, وابن المنذر‏المنذر: لا زكاة فيه لأنه مائع خارج من حيوان أشبه اللبن قال ابن المنذر‏المنذر: ليس في وجوب الصدقة في العسل خبر يثبت ولا إجماع فلا زكاة فيه وقال أبو حنيفة‏حنيفة: إن كان في أرض العشر ففيه الزكاة‏الزكاة, وإلا فلا زكاة فيه ووجه الأول ما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ( أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- كان يؤخذ في زمانه من قرب العسل‏العسل, من كل عشر قرب قربة من أوسطها‏أوسطها) رواه أبو عبيد والأثرم وابن ماجه وعن سليمان بن موسى ( أن أبا سيارة المتعي قال‏قال: قلت يا رسول الله‏الله: إن لي نحلا قال‏قال: أد عشرها قال‏قال: فاحم إذا جبلها فحماه له‏له) رواه أبو عبيد‏عبيد, وابن ماجه وروى الأثرم عن ابن أبي ذباب عن أبيه عن جده أن عمر ـ رضي الله عنه ـ أمره في العسل بالعشر أما الابن فإن الزكاة وجبت في أصله وهي السائمة‏السائمة, بخلاف العسل وقول أبي حنيفة ينبني على أن العشر والخراج لا يجتمعان وسنذكر ذلك - إن شاء الله تعالى- .
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: ( والأرض أرضان‏أرضان: صلح وعنوة ) وجملته أن الأرض قسمان‏قسمان: صلح وعنوة‏وعنوة, فأما الصلح فهو كل أرض صالح أهلها عليها لتكون لهم ويؤدون خراجا معلوما فهذه الأرض ملك لأربابها‏لأربابها, وهذا الخراج في حكم الجزية متى أسلموا سقط عنهم ولهم بيعها وهبتها ورهنها لأنها ملك لهم‏لهم, وكذلك إن صالحوا على أداء شيء غير موظف على الأرض وكذلك كل أرض أسلم عليها أهلها كأرض المدينة وشبهها‏وشبهها, فهذه ملك لأربابها لا خراج عليها ولهم التصرف فيها كيف شاءوا وأما الثاني‏الثاني, وهو ما فتح عنوة فهي ما أجلى عنها أهلها بالسيف ولم تقسم بين الغانمين‏الغانمين, فهذه تصير للمسلمين يضرب عليها خراج معلوم يؤخذ منها في كل عام‏عام, يكون أجرة لها وتقر في أيدي أربابها ما داموا يؤدون خراجها‏خراجها, سواء كانوا مسلمين أو من أهل الذمة ولا يسقط خراجها بإسلام أربابها ولا بانتقالها إلى مسلم لأنه بمنزلة أجرتها ولم نعلم أن شيئا مما فتح عنوة قسم بين المسلمين إلا خيبر‏خيبر, فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قسم نصفها فصار ذلك لأهله لا خراج عليه‏عليه, وسائر ما فتح عنوة مما فتحه عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ ومن بعده كأرض الشام والعراق ومصر وغيرها لم يقسم منه شيء‏شيء, فروى أبو عبيد في " الأموال " أن عمر ـ رضي الله عنه ـ قدم الجابية فأراد قسمة الأرض بين المسلمين‏المسلمين, فقال له معاذ‏معاذ: والله إذا ليكونن ما تكره إنك إن قسمتها اليوم صار الريع العظيم في أيدي القوم ثم يبيدون فيصير ذلك إلى الرجل الواحد والمرأة‏والمرأة, ثم يأتي بعدهم قوم أخر يسدون من الإسلام مسدا وهم لا يجدون شيئا فانظر أمرا يسع أولهم وآخرهم فصار عمر إلى قول معاذ وروى أيضا قال‏قال: قال الماجشون‏الماجشون: قال بلال لعمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ في القرى التي افتتحوها عنوة‏عنوة: اقسمها بيننا‏بيننا, وخذ خمسها فقال عمر‏عمر: لا هذا عين المال ولكني أحبسه فيئا يجري عليهم وعلى المسلمين فقال بلال وأصحابه لعمر‏لعمر: اقسمها بيننا فقال عمر‏عمر: اللهم اكفني بلالا وذويه قال فما حال الحول ومنهم عين تطرف وروى‏وروى, بإسناده عن سفيان بن وهب الخولاني قال‏قال: لما افتتح عمرو بن العاص مصر قام ابن الزبير‏الزبير, فقال‏فقال: يا عمرو بن العاص اقسمها فقال عمرو‏عمرو: لا أقسمها فقال ابن الزبير‏الزبير: لتقسمنها كما قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم- خيبر فقال عمرو‏عمرو: لا أقسمها حتى أكتب إلى أمير المؤمنين فكتب إلى عمر‏عمر, فكتب إليه عمر‏عمر: أن دعها حتى يعروا منها حبل الحبلة قال القاضي‏القاضي: ولم ينقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم- ولا عن أحد من الصحابة أنه قسم أرضا عنوة إلا خيبر‏خيبر.
فصل‏فصل:
قال أحمد‏أحمد: ومن يقوم على أرض الصلح وأرض العنوة ومن أين هي وإلى أين هي‏؟‏هي؟ وقال‏وقال: أرض الشام عنوة‏عنوة, إلا حمص وموضعا آخر وقال‏وقال: ما دون النهر صلح وما وراءه عنوة وقال‏وقال: فتح المسلمون السواد عنوة‏عنوة, إلا ما كان منه صلح وهي أرض الحيرة وأرض مانقيا وقال‏وقال: أرض الثرى خلطوا في أمرها‏أمرها, فأما ما فتح عنوة من نهاوند إلى طبرستان خراج وقال أبو عبيد‏عبيد: أرض الشام عنوة ما خلا مدنها فإنها فتحت صلحا‏صلحا, إلا قيسارية افتتحت عنوة وأرض السواد والحل ونهاوند والأهواز ومصر والمغرب قال موسى بن على بن رباح‏رباح, عن أبيه‏أبيه: المغرب كله عنوة فأما أرض الصلح فأرض هجر والبحرين وأيلة‏وأيلة, ودومة الجندل وأذرح فهذه القرى التي أدت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- الجزية‏الجزية, ومدن الشام ما خلا أرضها إلا قيسارية وبلاد الجزيرة كلها وبلاد خراسان كلها أو أكثرها صلح وكل موضع فتح عنوة فإنه وقف على المسلمين‏المسلمين.
فصل‏فصل:
وما استأنف المسلمون فتحه‏فتحه, فإن فتح عنوة ففيه ثلاث روايات‏روايات: إحداهن أن الإمام مخير بين قسمتها على الغانمين وبين وقفيتها على جميع المسلمين لأن كلا الأمرين قد ثبت فيه حجة عن النبي - صلى الله عليه وسلم- فإن النبي - صلى الله عليه وسلم- قسم نصف خيبر‏خيبر, ووقف نصفها لنوائبه ووقف عمر الشام والعراق ومصر وسائر ما فتحه وأقره على ذلك علماء الصحابة وأشاروا عليه به‏به, وكذلك فعل من بعده من الخلفاء ولم يعلم أحد منهم قسم شيئا من الأرض التي افتتحوها والثانية أنها تصير وقفا بنفس الاستيلاء عليها لاتفاق الصحابة عليه‏عليه, وقسمة النبي - صلى الله عليه وسلم- خيبر كان في بدء الإسلام وشدة الحاجة فكانت المصلحة فيه‏فيه, وقد تعينت المصلحة فيما بعد ذلك في وقف الأرض فكان ذلك هو الواجب والثالثة أن الواجب قسمتها وهو قول مالك‏مالك, وأبي ثور لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- فعل ذلك وفعله أولى من فعل غيره مع عموم قوله تعالى‏تعالى: {‏واعلمواواعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه‏خمسه} [‏الأنفال‏الأنفال: 41‏41]‏‏. الآية يفهم منها أن أربعة أخماسها للغانمين والرواية الأولى أولى لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- فعل الأمرين جميعا في خيبر‏خيبر, ولأن عمر قال‏قال: لولا آخر الناس لقسمت الأرض كما قسم النبي - صلى الله عليه وسلم- خيبر فقد وقف الأرض مع علمه بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم- فدل على أن فعله ذلك لم يكن متعينا كيف والنبي - صلى الله عليه وسلم- قد وقف نصف خيبر ولو كانت للغانمين لم يكن له وقفها قال أبو عبيد‏عبيد: تواترت الآثار في افتتاح الأرضين عنوة بهذين الحكمين حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في خيبر حين قسمها‏قسمها, وبه أشار بلال وأصحابه على عمر في أرض الشام وأشار به الزبير في أرض مصر وحكم عمر في أرض السواد وغيره حين وقفه‏وقفه, وبه أشار على ومعاذ على عمر في أرض الشام وليس فعل النبي - صلى الله عليه وسلم- رادا لفعل عمر لأن كل واحد منهما اتبع آية محكمة‏محكمة, قال الله تعالى‏تعالى: {‏واعلمواواعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه‏خمسه} [‏الأنفال‏الأنفال: 41‏41]‏‏. وقال‏وقال: {‏ماما أفاء الله على رسوله من أهل القرى‏القرى} [‏الحشر‏الحشر: 7‏7]‏‏. الآية فكان كل واحد من الأمرين جائزا والنظر في ذلك إلى الإمام فما رأى من ذلك فعله وهذا قول الثوري‏الثوري, وأبي عبيد إذا ثبت هذا فإن الاختيار المفوض إلى الإمام اختيار مصلحة لا اختيار تشه فيلزمه فعل ما يرى المصلحة فيه ولا يجوز له العدول عنه‏عنه, كالخيرة بين القتل والاسترقاق والفداء والمن في الأسرى ولا يحتاج إلى النطق بالوقف‏بالوقف, بل تركه له من غير قسمة هو وقفه لها كما أن قسمها بين الغانمين لا يحتاج معه إلى لفظ وإن عمر وغيره لم ينقل عنهم في وقف الأرض لفظ الوقف ولأن معنى وقفها ها هنا‏هنا, أنها باقية لجميع المسلمين يؤخذ خراجها ويصرف في مصالحهم‏مصالحهم, ولا يخص أحد بملك شيء منها وهذا حاصل بتركها‏بتركها.
فصل‏فصل:
فأما ما جلا عنها أهلها خوفا من المسلمين فهذه تصير وقفا بنفس الظهور عليها لأن ذلك متعين فيها‏فيها, إذ لم يكن لها غانم فكان حكمها حكم الفيء يكون للمسلمين كلهم وقد روي أنها لا تصير وقفا حتى يقفها الإمام وحكمها حكم العنوة إذا وقفت وما صالح عليه الكفار من أرضهم‏أرضهم, على أن الأرض لنا ونقرهم فيها بخراج معلوم‏معلوم, فهو وقف أيضا حكمه حكم ما ذكرناه لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- فتح خيبر وصالح أهلها على أن يعمروا أرضها‏أرضها, ولهم نصف ثمرتها فكانت للمسلمين منهم وصالح بني النضير على أن يجليهم من المدينة‏المدينة, ولهم ما أقلت الإبل من الأمتعة والأموال إلا الحلقة - يعني السلاح - فكانت مما أفاء الله على رسوله فأما ما صولحوا عليه على أن الأرض لهم‏لهم, ونقرهم فيها بخراج معلوم فهذا الخراج في حكم الجزية تسقط بإسلامهم والأرض لهم لا خراج عليها لأن الخراج الذي ضرب عليهم إنما كان من أجل كفرهم‏كفرهم, بمنزلة الجزية المضروبة على رءوسهم فإذا أسلموا سقط كما تسقط الجزية‏الجزية, وتبقى الأرض ملكا لهم لاخراج عليها ولو انتقلت الأرض إلى مسلم لم يجب عليها خراج لذلك‏لذلك.
فصل‏فصل:
ولا يجوز شراء شيء من الأرض الموقوفة ولا بيعه‏بيعه, في قول أكثر أهل العلم منهم عمر وعلي وابن عباس‏عباس, وعبد الله بن عمر ـ رضي الله عنه ـم ـ وروى ذلك عن عبد الله بن مغفل وقبيصة بن ذؤيب ومسلم بن مسلم‏مسلم, وميمون بن مهران والأوزاعي ومالك‏ومالك, وأبي إسحاق الفزاري وقال الأوزاعي‏الأوزاعي: لم يزل أئمة المسلمين ينهون عن شراء أرض الجزية ويكرهه علماؤهم وقال الأوزاعي‏الأوزاعي: أجمع رأى عمر وأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم- لما ظهروا على الشام‏الشام, على إقرار أهل القرى في قراهم على ما كان بأيديهم من أرضهم يعمرونها‏يعمرونها, ويؤدون خراجها إلى المسلمين ويرون أنه لا يصلح لأحد من المسلمين شراء ما في أيديهم من الأرض طوعا ولا كرها وكرهوا ذلك مما كان من اتفاق عمر وأصحابه في الأرضين المحبوسة على آخر هذه الأمة من المسلمين لا تباع ولا تورث‏تورث, قوة على جهاد من لم تظهر عليه بعد من المشركين وقال الثوري‏الثوري: إذا أقر الإمام أهل العنوة في أرضهم توارثوها وتبايعوها وروى نحو هذا عن ابن سيرين والقرطبي لما روى عبد الرحمن بن يزيد أن‏أن, ابن مسعود اشترى من دهقان أرضا على أن يكفيه جزيتها وروى عنه أنه قال‏قال: (‏نهىنهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- عن السفر في الأهل والمال‏والمال) ثم قال عبد الله‏الله: فكيف بمال بزاذان وبكذا‏وبكذا, وبكذا وهذا يدل على أن له مالا بزاذان ولأنها أرض لهم فجاز بيعها وقد روى عن أحمد‏أحمد, أنه قال‏قال: إن كان الشراء أسهل يشتري الرجل ما يكفيه ويغنيه عن الناس هو رجل من المسلمين وكره البيع في أرض السواد وإنما رخص في الشراء - والله أعلم - لأن بعض الصحابة اشترى ولم يسمع عنهم البيع‏البيع, ولأن الشراء استخلاص للأرض فيقوم فيها مقام من كانت في يده والبيع أخذ عوض عن ما لا يملكه ولا يستحقه‏يستحقه, فلا يجوز ولنا‏ولنا: إجماع الصحابة ـ رضي الله عنه ـم ـ فإنه روى عن عمر ـ رضي الله عنه ـ أنه قال‏قال: لا تشتروا رقيق أهل الذمة ولا أرضهم وقال الشعبي‏الشعبي: اشترى عتبة بن فرقد أرضا على شاطئ الفرات ليتخذ فيها قصبا‏قصبا, فذكر ذلك لعمر فقال‏فقال: ممن اشتريتها‏؟‏اشتريتها؟ قال‏قال: من أربابها فلما اجتمع المهاجرون والأنصار قال‏قال: هؤلاء أربابها‏أربابها, فهل اشتريت منهم شيئا‏؟‏شيئا؟ قال‏قال: لا قال‏قال: فارددها على من اشتريتها منه وخذ مالك وهذا قول عمر في المهاجرين والأنصار بمحضر سادة الصحابة وأئمتهم فلم ينكر‏ينكر, فكان إجماعا ولا سبيل إلى وجود إجماع أقوى من هذا وشبهه إذ لا سبيل إلى نقل قول جميع الصحابة في مسألة‏مسألة, ولا إلى نقل قول العشرة ولا يوجد الإجماع إلا القول المنتشر فإن قيل‏قيل: فقد خالفه ابن مسعود بما ذكرناه عنه قلنا‏قلنا: لا نسلم المخالفة وقولهم اشترى قلنا‏قلنا: المراد به‏به: اكترى كذلك قال أبو عبيد والدليل عليه قوله‏قوله: على أن يكفيه جزيتها ولا يكون مشتريا لها وجزيتها على غيره وقد روى عنه القاسم أنه قال‏قال: من أقر بالطسق فقد أقر بالصغار والذل وهذا يدل على أن الشراء ها هنا الاكتراء وكذلك كل من رويت عنه الرخصة في الشراء فمحمول على ذلك وقوله‏وقوله: فكيف بمال بزاذان فليس فيه ذكر الشراء ولأن المال أرض‏أرض, فيحتمل أنه أراد مالا من السائمة أو التجارة أو الزرع أو غيره ويحتمل أنه أرض أكتراها ويحتمل أنه أراد بذلك غيره‏غيره, وقد يعيب الإنسان الفعل المعيب من غيره جواب ثان أنه يتناول الشراء وبقي قول عمر في النهي عن البيع غير معارض‏معارض, وأما المعنى فلأنها موقوفة فلم يجز بيعها كسائر الأحباس والوقوف‏والوقوف, والدليل على وقفها النقل والمعنى أما النقل فما نقل من الأخبار أن عمر لم يقسم الأرض التي افتتحها‏افتتحها, وتركها لتكون مادة لأجناد المسلمين الذين يقاتلون في سبيل الله إلى يوم القيامة وقد نقلنا بعض ذلك وهو مشهور تغنى شهرته عن نقله وأما المعنى‏المعنى, فلأنها لو قسمت لكانت للذين افتتحوها ثم لورثتهم أو لمن انتقلت إليه عنهم‏عنهم, ولم تكن مشتركة بين المسلمين ولأنها لو قسمت ولم تخف بالكلية فإن قيل‏قيل: فليس في هذا ما يلزم منه الوقف لأنه يحتمل أنه تركها للمسلمين عامة‏عامة, فيكون فيئا للمسلمين والإمام نائبهم فيفعل ما يرى فيه المصلحة‏المصلحة, من بيع أو غيره ويحتمل أنه تركها لأربابها كفعل النبي - صلى الله عليه وسلم- بمكة قلنا‏قلنا: أما الأول فلا يصح لأن عمر إنما ترك قسمتها لتكون مادة للمسلمين كلهم‏كلهم, ينتفعون بها مع بقاء أصلها وهذا معنى الوقف‏الوقف, ولو جاز تخصيص قوم بأصلها لكان الذين افتتحوها أحق بها فلا يجوز أن يمنعها أهلها لمفسدة ثم يخص بها غيرهم مع وجود المفسدة المانعة والثاني أظهر فسادا من الأول‏الأول, فإنه إذا منعها المسلمين المستحقين كيف يخص بها أهل الذمة المشركين الذين لا حق لهم ولا نصيب‏؟‏‏نصيب؟.
فصل‏فصل:
وإذا قلنا بصحة الشراء فإنها تكون في يد المشتري على ما كانت في يد البائع‏البائع, يؤدي خراجها ويكون معنى الشراء ها هنا نقل اليد من البائع إلى المشترى بعوض وإن شرط الخراج على البائع كما فعل ابن مسعود فيكون اكتراء لا شراء‏شراء, وينبغي أن يشترط بيان مدته كسائر الإجارات‏الإجارات.
فصل‏فصل:
وإذا بيعت هذه الأرض فحكم بصحة البيع حاكم‏حاكم, صح لأنه مختلف فيه فصح بحكم الحاكم كسائر المجتهدات وإن باع الإمام شيئا لمصلحة رآها‏رآها, مثل أن يكون في الأرض ما يحتاج إلى عمارة لا يعمرها إلا من يشتريها صح أيضا لأن فعل الإمام كحكم الحاكم وقد ذكر ابن عائذ في كتاب فتوح الشام‏الشام, قال‏قال: قال غير واحد من مشيختنا إن الناس سألوا عبد الملك والوليد وسلمان أن يأذنوا لهم في شراء الأرض من أهل الذمة فأذنوا لهم على إدخال أثمانها في بيت المال فلما ولي عمر بن عبد العزيز أعرض عن تلك الأشرية لاختلاط الأمور فيها لما وقع فيها من المواريث ومهور النساء وقضاء الديون ولم يقدر على تخليصه ولا معرفة ذلك وكتب كتابا قرئ على الناس سنة المائة‏المائة, أن من اشترى شيئا بعد سنة مائة فإن بيعه مردود وسمى سنة مائة سنة المدة فتناهى الناس عن شرائها ثم اشتروا أشرية كثيرة كانت بأيدي أهلها تؤدي العشر ولا جزية عليها‏عليها, فلما أفضى الأمر إلى المنصور رفعت تلك الأشرية إليه وأن ذلك أضر بالخراج فأراد ردها إلى أهلها فقيل له‏له: قد وقعت في المواريث والمهور واختلط أمرها فبعث المعدلين‏المعدلين, منهم‏منهم: عبد الله بن يزيد إلى حمص وإسماعيل بن عياش إلى بعلبك وهضاب بن طوق‏طوق, ومحمد بن زريق إلى الغوطة وأمرهم أن لا يضعوا على القطائع والأشرية العظيمة القديمة خراجا ووضعوا الخراج على ما بقي بأيدي الأنباط وعلى الأشرية المحدثة من بعد سنة مائة إلى السنة التي عدل فيها فينبغي أن يجري ما باعه إمام أو بيع بإذنه أو تعذر رد بيعه‏بيعه, هذا المجرى في أن يضرب عليه خراج بقدر ما يحتمل ويترك في يد مشتريه‏مشتريه, أو من انتقل إليه إلا ما بيع قبل المائة السنة فإنه لا خراج عليه كما نقل في هذا الخبر‏الخبر.
فصل‏فصل:
وحكم إقطاع هذه الأرض حكم بيعها في أن ما كان من عمر‏عمر, أو مما كان قبل مائة سنة فهو لأهله وما كان بعدها ضرب عليه‏عليه, كما فعل المنصور إلا أن يكون بغير إذن الإمام فيكون باطلا‏باطلا, وذكر ابن عائذ في كتابه بإسناده عن سليمان بن عتبة‏عتبة, أن أمير المؤمنين عبد الله بن محمد - أظنه المنصور - سأله في مقدمه الشام سنة ثلاث أو أربع وخمسين عن سبب الأرضين التي بأيدي أبناء الصحابة‏الصحابة, يذكرون أنها قطائع لآبائهم قديمة فقلت‏فقلت: يا أمير المؤمنين إن الله تعالى لما أظهر المسلمين على بلاد الشام وصالحوا أهل دمشق وأهل حمص‏حمص, كرهوا أن يدخلوها دون أن يتم ظهورهم وإثخانهم في عدو الله فعسكروا في مرج بردي‏بردي, بين المزة إلى مرج شعبان وجنبتي بردي مروج كانت مباحة فيما بين أهل دمشق وقراها ليست لأحد منهم‏منهم, فأقاموا بها حتى أوطأ الله بهم المشركين قهرا وذلا فأحيا كل قوم محلتهم وهيئوا بها بناء‏بناء, فبلغ ذلك عمر فأمضاه لهم وأمضاه عثمان من بعده إلى ولاية أمير المؤمنين قال‏قال: وقد أمضيناه لهم وعن الأحوص بن حكيم‏حكيم, أن المسلمين الذين فتحوا حمص لم يدخلوها بل عسكروا على نهر الأربد فأحيوه‏فأحيوه, فأمضاه لهم عمر وعثمان وقد كان منهم أناس تعدوا إذ ذاك إلى جسر الأربد الذي على باب الرستن‏الرستن, فعسكروا في مرجه مسلحة لمن خلفهم من المسلمين فلما بلغهم ما أمضاه عمر للمعسكرين على نهر الأربد سألوا أن يشركوهم في تلك القطائع وكتبوا إلى عمر فيه‏فيه, فكتب أن يعوضوا مثله من المروج التي كانوا عسكروا فيها على باب الرستن فلم تزل تلك القطائع على شاطئ الأربد وعلى باب حمص‏حمص, وعلى باب الرستن ماضية لأهلها لا خراج عليها‏عليها, تؤدي العشر‏العشر.
فصل‏فصل:
وهذا الذي ذكرناه في الأرض المغلة أما المساكن فلا بأس بحيازتها وبيعها وشرائها وسكناها قال أبو عبيد ما علمنا أحدا كره ذلك وقد اقتسمت الكوفة خططا في زمن عمر ـ رضي الله عنه ـ بإذنه‏بإذنه, والبصرة وسكنهما أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وكذلك الشام ومصر وغيرهما من البلدان فما عاب ذلك أحد ولا أنكره‏أنكره.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: ( فما كان من الصلح‏الصلح, ففيه الصدقة ) يعني ما صولحوا عليه على أن ملكه لأهله ولنا عليهم خراج معلوم‏معلوم, فهذا الخراج في حكم الجزية متى أسلموا سقط عنهم وإن انتقلت إلى مسلم لم يكن عليهم خراج‏خراج, وفي مثله جاء عن العلاء بن الحضرمي قال‏قال: (‏بعثنيبعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إلى البحرين وإلى هجر فكنت آتي الحائط تكون بين الإخوة‏الإخوة, يسلم أحدهم فآخذ من المسلم العشر ومن المشرك الخراج‏الخراج) رواه ابن ماجه‏ماجه, فهذا في أحد هذين البلدين لأنهما فتحا صلحا وكذلك كل أرض أسلم أهلها عليها كأرض المدينة‏المدينة, فهي ملك لهم ليس عليها خراج ولا شيء أما الزكاة فهي واجبة على كل مسلم ولا خلاف في وجوب العشر في الخارج من هذه الأرض قال ابن المنذر‏المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم‏العلم, على أن كل أرض أسلم أهلها عليها قبل قهرهم عليها أنها لهم وأن أحكامهم أحكام المسلمين‏المسلمين, وأن عليهم فيما زرعوا فيها الزكاة‏الزكاة.
فصل‏فصل:
فإن كان في غلة الأرض ما لا عشر فيه كالثمار التي لا زكاة فيها والخضراوات‏والخضراوات, وفيها زرع فيه الزكاة جعل ما لا زكاة فيه في مقابلة الخراج وزكى ما فيه الزكاة‏الزكاة, إذا كان ما لا زكاة فيه وافيا بالخراج وإن لم يكن لها عليه إلا ما تجب فيه الزكاة أدى الخراج من غلتها وزكى ما بقي وهذا قول عمر بن عبد العزيز روى أبو عبيد‏عبيد, عن إبراهيم بن أبي عبلة قال‏قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى عبد الله بن أبي عوف عامله على فلسطين في من كانت في يده أرض يحرثها من المسلمين‏المسلمين, أن يقبض منها جزيتها ثم يأخذ منها زكاة ما بقي بعد الجزية قال ابن أبي عبلة‏عبلة: أنا ابتليت بذلك ومني أخذوا ذلك لأن الخراج من مؤنة الأرض‏الأرض, فيمنع وجوب الزكاة في قدره كما قال أحمد‏أحمد: من استدان ما أنفق على زرعه واستدان ما أنفق على أهله‏أهله, احتسب ما أنفق على زرعه دون ما أنفق على أهله لأنه من مؤنة الزرع وبهذا قال ابن عباس وقال عبد الله بن عمر‏عمر: يحتسب بالدينين جميعا ثم يخرج مما بعدهما وحكي عن أحمد أن الدين كله يمنع الزكاة في الأموال الظاهرة فعلى هذه الرواية يحسب كل دين عليه‏عليه, ثم يخرج العشر مما بقي إن بلغ نصابا وإن لم يبلغ نصابا فلا عشر فيه وذلك لأن الواجب زكاة فمنع الدين وجوبها كزكاة الأموال الباطنة‏الباطنة, ولأنه دين فمنع وجوب العشر كالخراج‏كالخراج, وما أنفقه على زرعه والفرق بينهما على الرواية الأولى أن ما كان من مؤنة الزرع فالحاصل في مقابلته يجب صرفه إلى غيره‏غيره, فكأنه لم يحصل‏يحصل.
فصل‏فصل:
ومن استأجر أرضا فزرعها فالعشر عليه دون مالك الأرض وبهذا قال مالك والثوري‏والثوري, وشريك وابن المبارك والشافعي‏والشافعي, وابن المنذر وقال أبو حنيفة‏حنيفة: هو على مالك الأرض لأنه من مؤنتها فأشبه الخراج ولنا أنه واجب في الزرع‏الزرع, فكان على مالكه كزكاة القيمة فيما إذا أعده للتجارة وكعشر زرعه في ملكه‏ملكه, ولا يصح قولهم‏قولهم: إنه من مؤنة الأرض لأنه لو كان من مؤنتها لوجب فيها وإن لم تزرع كالخراج ولوجب على الذمي كالخراج‏كالخراج, ولتقدر بقدر الأرض لا بقدر الزرع ولوجب صرفه إلى مصارف الفيء دون مصرف الزكاة ولو استعار أرضا فزرعها فالزكاة على صاحب الزرع لأنه مالكه وإن غصبها فزرعها وأخذ الزرع‏الزرع, فالعشر عليه أيضا لأنه ثبت على ملكه وإن أخذه مالكها قبل اشتداد حبه فالعشر عليه وإن أخذه بعد ذلك احتمل أن يجب عليه أيضا لأن أخذه إياه استند إلى أول زرعه‏زرعه, فكأنه أخذه من تلك الحال ويحتمل أن تكون زكاته على الغاصب لأنه كان ملكا له حين وجوب عشره وهو حين اشتداد حبه وإن زارع رجلا مزارعة فاسدة فالعشر على من يجب الزرع له وإن كانت صحيحة‏صحيحة, فعلى كل واحد منهما عشر حصته وإن بلغت خمسة أوسق أو كان له من الزرع ما يبلغ بضمه إليها خمسة أوسق وإلا فلا عشر عليه وإن بلغت حصة أحدهما دون صاحبه النصاب‏النصاب, فعلى من بلغت حصته النصاب عشرها ولا شيء على الآخر لأن الخلطة لا تؤثر في غير السائمة في الصحيح ونقل عن أحمد أنها تؤثر‏تؤثر, فيلزمهما العشر إذا بلغ الزرع جميعه خمسة أوسق ويخرج كل واحد منهما عشر نصيبه إلا أن يكون أحدهما ممن لا عشر عليه‏عليه, كالمكاتب والذمي فلا يلزم شريكه عشر إلا أن تبلغ حصته نصابا وكذلك الحكم في المساقاة‏المساقاة.
فصل‏فصل:
ويكره للمسلم بيع أرضه من ذمي وإجارتها منه لإفضائه إلى إسقاط عشر الخارج منها قال محمد بن موسى‏موسى: سألت أبا عبد الله عن المسلم يؤاجر أرض الخراج من الذمي‏؟‏الذمي؟ قال‏قال: لا يؤاجر من الذمي‏الذمي, إنما عليه الجزية وهذا ضرر وقال في موضع آخر‏آخر: لأنهم لا يؤدون الزكاة فإن آجرها منه ذمي أو باع أرضه التي لا خراج عليها ذميا‏ذميا, صح البيع والإجارة وهذا مذهب الثوري والشافعي وشريك‏وشريك, وأبي عبيد وليس عليهم فيها عشر ولا خراج قال حرب‏حرب: سألت أحمد عن الذمي يشتري أرض العشر‏؟‏العشر؟ قال‏قال: لا أعلم عليه شيئا إنما الصدقة كهيئة مال الرجل‏الرجل, وهذا المشترى ليس عليه وأهل المدينة يقولون في هذا قولا حسنا يقولون‏يقولون: لا نترك الذمي يشترى أرض العشر وأهل البصرة يقولون قولا عجيبا يقولون‏يقولون: يضاعف عليهم وقد روى عن أحمد‏أحمد: أنهم يمنعون من شرائها اختارها الخلال وصاحبه وهو قول مالك وصاحبه فإن اشتروها ضوعف عليهم العشر‏العشر, وأخذ منهم الخمس لأن في إسقاط العشر من غلة هذه الأرض إضرارا بالفقراء وتقليلا لحقهم فإذا تعرضوا لذلك ضوعف عليهم العشر‏العشر, كما لو اتجروا بأموالهم إلى غير بلدهم ضوعفت عليهم الزكاة فأخذ منهم نصف العشر وهذا قول أهل البصرة‏البصرة, وأبي يوسف ويروى ذلك عن الحسن وعبيد الله بن الحسن العنبري وقال محمد بن الحسن‏الحسن: العشر بحاله وقال أبو حنيفة‏حنيفة: تصير أرض خراج ولنا أن هذه أرض لا خراج عليها‏عليها, فلا يلزم فيها الخراج ببيعها كما لو باعها مسلما ولأنها مال مسلم يجب الحق فيه للفقراء عليه‏عليه, فلم يمنع من بيعه للذمي كالسائمة وإذا ملكها الذمي فلا عشر عليه فيما يخرج منها لأنها زكاة فلا تجب على الذمي‏الذمي, كزكاة السائمة وما ذكره يبطل بالسائمة فإن الذمي يصح أن يشتريها وتسقط الزكاة منها‏منها, وما ذكروه من تضعيف العشر تحكم لا نص فيه ولا قياس‏قياس.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: [‏وتضموتضم الحنطة إلى الشعير‏الشعير, وتزكى إذا كانت خمسة أوسق وكذلك القطنيات وكذلك الذهب والفضة‏والفضة] , وعن أبي عبد الله رواية أخرى أنها لا تضم‏تضم, وتخرج من كل صنف إن كان منصبا للزكاة القطنيات بكسر القاف‏القاف: جمع قطنية ويجمع أيضا قطاني قال أبو عبيد‏عبيد: هي صنوف الحبوب من العدس‏العدس, والحمص والأرز والجلبان‏والجلبان, والجلجلان - يعني السمسم - وزاد غيره‏غيره: الدخن واللوبيا والفول‏والفول, والماش وسميت قطنية فعلية من قطن يقطن في البيت‏البيت, أي يمكث فيه ولا خلاف بين أهل العلم في غير الحبوب والثمار أنه لا يضم جنس إلى جنس آخر في تكميل النصاب فالماشية ثلاثة أجناس‏أجناس: الإبل‏الإبل, والبقر والغنم لا يضم جنس منها إلى آخر والثمار لا يضم جنس إلى غيره‏غيره, فلا يضم التمر إلى الزبيب ولا إلى اللوز والفستق‏والفستق, والبندق ولا يضم شيء من هذه إلى غيره ولا تضم الأثمار إلى شيء من السائمة ولا من الحبوب والثمار ولا خلاف بينهم‏بينهم, في أن أنواع الأجناس يضم بعضها إلى بعض في إكمال النصاب ولا خلاف بينهم أيضا في أن العروض تضم إلى الأثمان وتضم الأثمان إليها إلا أن الشافعي لا يضمها إلا إلى جنس ما اشتريت به‏به, لأن نصابها معتبر به واختلفوا في ضم الحبوب بعضها إلى بعض وفي ضم أحد النقدين إلى الآخر فروى عن أحمد في الحبوب ثلاث روايات إحداهن‏إحداهن, لا يضم جنس منها إلى غيره ويعتبر النصاب في كل جنس منها منفردا هذا قول عطاء ومكحول‏ومكحول, وابن أبي ليلى والأوزاعي والثوري والحسن بن صالح‏صالح, وشريك والشافعي وأبي عبيد وأبي ثور وأصحاب الرأي لأنها أجناس فاعتبر النصاب في كل جنس منها منفردا‏منفردا, كالثمار أيضا والمواشي والرواية الثانية أن الحبوب كلها تضم بعضها إلى بعض في تكميل النصاب اختارها أبو بكر وهذا قول عكرمة وحكاه ابن المنذر عن طاوس وقال أبو عبيد‏عبيد: لا نعلم أحدا من الماضين جمع بينهما إلا عكرمة وذلك لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال‏قال: (‏لالا زكاة في حب ولا ثمر حتى يبلغ خمسة أوسق‏أوسق) ومفهومه وجوب الزكاة فيه إذا بلغ خمسة أوسق ولأنها تتفق في النصاب وقدر المخرج‏المخرج, والمنبت والحصاد فوجب ضم بعضها إلى بعض كأنواع الجنس وهذا الدليل منتقض بالثمار والثالثة‏والثالثة, أن الحنطة تضم إلى الشعير وتضم القطنيات بعضها إلى بعض نقلها أبو الحارث عن أحمد‏أحمد, وحكاها الخرقي قال القاضي‏القاضي: وهذا هو الصحيح وهو مذهب مالك والليث إلا أنه زاد‏زاد, فقال‏فقال: السلت والذرة والدخن‏والدخن, والأرز والقمح والشعير‏والشعير, صنف واحد ولعله يحتج بأن هذا كله مقتات فيضم بعضه إلى بعض كأنواع الحنطة وقال الحسن‏الحسن, والزهري‏والزهري: تضم الحنطة إلى الشعير لأنها تتفق في الاقتيات والمنبت والحصاد والمنافع فوجب ضمها كما يضم العلس إلى الحنطة‏الحنطة, وأنواع الجنس بعضها إلى بعض والرواية الأولى أولى - إن شاء الله تعالى- لأنها أجناس يجوز التفاضل فيها فلم يضم بعضها إلى بعض كالثمار ولا يصح القياس على العلس مع الحنطة لأنه نوع منها‏منها, ولا على أنواع الجنس لأن الأنواع كلها جنس واحد يحرم التفاضل فيها وثبت حكم الجنس في جميعها بخلاف الأجناس وإذا انقطع القياس‏القياس, لم يجز إيجاب الزكاة بالتحكم ولا بوصف غير معتبر ثم هو باطل بالثمار‏بالثمار, فإنها تتفق فيما ذكروه ولا يضم بعضها إلى بعض ولأن الأصل عدم الوجوب‏الوجوب, فما لم يرد بالإيجاب نص أو إجماع أو معناهما لا يثبت إيجابه والله أعلم ولا خلاف فيما نعلمه في ضم الحنطة إلى العلس لأنه نوع منها وعلى قياسه السلت يضم إلى الشعير لأنه منه‏منه.
فصل‏فصل:
ولا تفريع على الروايتين الأوليين لوضوحهما فأما الثالثة‏الثالثة, وهي ضم الحنطة إلى الشعير والقطنيات بعضها إلى بعض فإن الذرة تضم إلى الدخن‏الدخن, لتقاربهما في المقصد فإنهما يتخذان خبزا وأدما وقد ذكرا من جملة القطنيات أيضا‏أيضا, فيضمان إليها وأما البزور فلا تضم إلى القطنيات ولكن الأبازير يضم بعضها إلى بعض لتقاربها في المقصد فأشبهت القطنيات وحبوب البقول لا تضم إلى القطنيات‏القطنيات, ولا إلى البزور فما تقارب منها ضم بعضه إلى بعض وما لا فلا‏فلا, وما شككنا فيه لا يضم لأن الأصل عدم الوجوب فلا يجب بالشك والله أعلم
فصل‏فصل:
وذكر الخرقي في ضم الذهب إلى الفضة روايتين وقد ذكرناهما فيما مضى‏مضى, واختار أبو بكر أنه لا يضم أحدهما إلى الآخر مع اختياره الضم في الحبوب لاختلاف نصابهما‏نصابهما, واتفاق نصاب الحبوب .
فصل‏فصل:
ومتى قلنا بالضم فإن الزكاة تؤخذ من كل جنس على قدر ما يخصه ولا يؤخذ من جنس عن غيره‏غيره, فإننا إذا قلنا في أنواع الجنس‏الجنس: يؤخذ من كل نوع ما يخصه فأولى أن يعتد ذلك في الأجناس المختلفة مع تفاوت مقاصدها إلا الذهب والفضة‏والفضة, فإن في إخراج أحدهما عن الآخر روايتين‏روايتين.
فصل‏فصل:
ويضم زرع العام الواحد بعضه إلى بعض في تكميل النصاب سواء اتفق وقت زرعه وإدراكه أو اختلف ولو كان منه صيفى وربيعي‏وربيعي, ضم الصيفى إلى الربيعي ولو حصدت الذرة والدخن ثم نبت أصولهما يضم أحدهما إلى الآخر في تكميل النصاب لأن الجميع زرع عام واحد فضم بعضه إلى بعض‏بعض, كما لو تقارب زرعه وإدراكه‏وإدراكه.
فصل‏فصل:
وتضم ثمرة العام الواحد بعضها إلى بعض سواء اتفق وقت إطلاعها وإدراكها أو اختلف‏اختلف, فيقدم بعضها على بعض في ذلك ولو أن الثمرة جذت ثم أطلعت الأخرى وجذت ضمت إحداهما إلى الأخرى فإن كان له نخل يحمل في السنة حملين ضم أحدهما إلى الآخر وقال القاضي‏القاضي: لا يضم وهو قول الشافعي لأنه حمل ينفصل عن الأول‏الأول, فكان حكمه حكم حمل عام آخر وإن كان له نخل يحمل مرة ونخل يحمل مرتين ضممنا الحمل الأول إلى الحمل المنفرد‏المنفرد, ولم يجب في الثاني شيء إلا أن يبلغ بمفرده نصابا والصحيح أن أحد الحملين يضم إلى الآخر ذكره أبو الخطاب وابن عقيل لأنهما ثمرة عام واحد فيضم بعضها إلى بعض‏بعض, كزرع العام الواحد وكالذرة التي تنبت مرتين‏مرتين, ولأن الحمل الثاني يضم إلى الحمل المنفرد لو لم يكن حمل أول فكذلك إذا كان فإن وجود الحمل الأول لا يصلح أن يكون مانعا‏مانعا, بدليل حمل الذرة الأول وما ذكره من الانفصال يبطل بالذرة والله أعلم بالصواب‏بالصواب.
باب زكاة الذهب والفضة‏والفضة:
وهي واجبة بالكتاب والسنة‏والسنة, والإجماع زكاة أما الكتاب فقوله تعالى‏تعالى: {‏والذينوالذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم‏أليم} [‏التوبة‏التوبة: 34‏34]‏‏. والآية الأخرى ولا يتوعد بهذه العقوبة إلا على ترك واجب وأما السنة فما روى أبو هريرة‏هريرة, قال‏قال: (‏قالقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار‏نار, فأحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبهته وظهره كلما بردت أعيدت عليه‏عليه, في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضي الله بين العباد‏العباد) أخرجه مسلم وروى البخاري وغيره في كتاب أنس‏أنس: (‏وفيوفي الرقة ربع العشر‏العشر, فإن لم يكن إلا تسعين ومائة فليس فيها شيء إلا أن يشاء ربها‏ربها) والرقة‏والرقة: هي الدراهم المضروبة وقال النبي - صلى الله عليه وسلم- : (‏ليسليس فيما دون خمس أواق صدقة‏صدقة) متفق عليه وأجمع أهل العلم على أن في مائتي درهم خمسة دراهم‏دراهم, وعلى أن الذهب إذا كان عشرين مثقالا وقيمته مائتا درهم أن الزكاة تجب فيه‏فيه, إلا ما اختلف فيه عن الحسن‏الحسن.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال أبو القاسم‏القاسم: ( ولا زكاة فيما دون المائتي درهم إلا أن يكون في ملكه ذهب أو عروض للتجارة فيتم به ) وجملة ذلك أن نصاب الفضة مائتا درهم‏درهم, لا خلاف في ذلك بين علماء الإسلام وقد بينته السنة التي رويناها بحمد الله والدراهم التي يعتبر بها النصاب هي الدراهم التي كل عشرة منها وزن سبعة مثاقيل بمثقال الذهب‏الذهب, وكل درهم نصف مثقال وخمسه وهي الدراهم الإسلامية التي تقدر بها نصب الزكاة ومقدار الجزية‏الجزية, والديات ونصاب القطع في السرقة وغير ذلك وكانت الدراهم في صدر الإسلام صنفين‏صنفين, سودا وطبرية وكانت السود ثمانية دوانيق‏دوانيق, والطبرية أربعة دوانيق فجمعا في الإسلام وجعلا درهمين متساويين‏متساويين, في كل درهم ستة دوانيق فعل ذلك بنو أمية فاجتمعت فيها ثلاثة أوجه‏أوجه: أحدها‏أحدها, أن كل عشرة وزن سبعة والثاني أنه عدل بين الصغير والكبير والثالث أنه موافق لسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ودرهمه الذي قدر به المقادير الشرعية ولا فرق في ذلك بين التبر والمضروب ومتى نقص النصاب عن ذلك فلا زكاة فيه‏فيه, سواء كان النقص كثيرا أو يسيرا هذا ظاهر كلام الخرقي ومذهب الشافعي وإسحاق‏وإسحاق, وابن المنذر لظاهر قوله عليه السلام‏السلام: (‏ليسليس فيما دون خمس أواق صدقة‏صدقة) والأوقية أربعون درهما بغير خلاف فيكون ذلك مائتي درهم وقال غير الخرقي من أصحابنا‏أصحابنا: إن كان النقص يسيرا كالحبة والحبتين‏والحبتين, وجبت الزكاة لأنه لا يضبط غالبا فهو كنقص الحول ساعة أو ساعتين وإن كان نقصا بينا‏بينا, كالدانق والدانقين فلا زكاة فيه وعن أحمد أن نصاب الذهب إذا نقص ثلث مثقال زكاه وهو قول عمر بن عبد العزيز وسفيان وإن نقص نصفا لا زكاة فيه وقال أحمد في موضع آخر‏آخر: إذا نقص ثمنا لا زكاة فيه اختاره أبو بكر وقال مالك‏مالك: إذا نقصت نقصا يسيرا يجوز جواز الوازنة‏الوازنة, وجبت الزكاة لأنها تجوز جواز الوازنة أشبهت الوازنة والأول ظاهر الخبر‏الخبر, فينبغي أن لا يعدل عنه فأما قوله‏قوله: " إلا أن يكون في ملكه ذهب أو عروض للتجارة فيتم به " فإن عروض التجارة تضم إلى كل واحد من الذهب والفضة ويكمل به نصابه لا نعلم فيه اختلافا قال الخطابي‏الخطابي: لا أعلم عامتهم اختلفوا فيه وذلك لأن الزكاة إنما تجب في قيمتها فتقوم بكل واحد منهما‏منهما, فتضم إلى كل واحد منهما ولو كان له ذهب وفضة وعروض وجب ضم الجميع بعضه إلى بعض في تكميل النصاب لأن العرض مضموم إلى كل واحد منهما فيجب ضمهما إليه‏إليه, وجمع الثلاثة فأما إن كان له من كل واحد من الذهب والفضة ما لا يبلغ نصابا بمفرده أو كان له نصاب من أحدهما وأقل من نصاب من الآخر فقد توقف أحمد عن ضم أحدهما إلى الآخر‏الآخر, في رواية الأثرم وجماعة وقطع في رواية حنبل أنه لا زكاة عليه حتى يبلغ كل واحد منهما نصابا وذكر الخرقي فيه روايتين في الباب قبله‏قبله, إحداهما لا يضم وهو قول ابن أبي ليلى والحسن بن صالح وشريك‏وشريك, والشافعي وأبي عبيد وأبي ثور واختاره أبو بكر عبد العزيز لقوله عليه السلام‏السلام: (‏ليسليس فيما دون خمس أواق صدقة‏صدقة) ولأنهما مالان يختلف نصابهما‏نصابهما, فلا يضم أحدهما إلى الآخر كأجناس الماشية والثانية‏والثانية, يضم أحدهما إلى الآخر في تكميل النصاب وهو قول الحسن وقتادة ومالك والأوزاعي‏والأوزاعي, والثوري وأصحاب الرأي لأن أحدهما يضم إلى ما يضم إليه الآخر فيضم إلى الآخر كأنواع الجنس‏الجنس, ولأن نفعهما واحد والمقصود منهما متحد فإنهما قيم المتلفات وأروش الجنايات‏الجنايات, وأثمان البياعات وحلى لمن يريدهما لذلك فأشبها النوعين‏النوعين, والحديث مخصوص بعرض التجارة فنقيس عليه فإذا قلنا بالضم فإن أحدهما يضم إلى الآخر بالأجزاء‏بالأجزاء, يعني أن كل واحد منهما يحتسب من نصابه فإذا كملت أجزاؤهما نصابا وجبت الزكاة‏الزكاة, مثل أن يكون عنده نصف نصاب من أحدهما ونصف نصاب أو أكثر من الآخر أو ثلث من أحدهما‏أحدهما, وثلثان أو أكثر من الآخر فلو ملك مائة درهم وعشرة دنانير أو مائة وخمسين درهما وخمسة دنانير أو مائة وعشرين درهما وثمانية دنانير‏دنانير, وجبت الزكاة فيهما وإن نقصت أجزاؤهما عن نصاب فلا زكاة فيهما سئل أحمد عن رجل عنده ثمانية دنانير ومائة درهم‏؟‏درهم؟ فقال‏فقال: إنما قال من قال فيها الزكاة إذا كان عنده عشرة دنانير ومائة درهم وهذا قول مالك‏مالك, وأبي يوسف ومحمد والأوزاعي لأن كل واحد منهما لا تعتبر قيمته في وجوب الزكاة إذا كان منفردا‏منفردا, فلا تعتبر إذا كان عنده عشرة دنانير مضمونة كالحبوب والثمار وأنواع الأجناس كلها وقال أبو الخطاب‏الخطاب: ظاهر كلام أحمد في رواية المروذي أنها تضم بالأحوط من الأجزاء والقيمة ومعناه أنه يقوم الغالي منهما بقيمة الرخيص‏الرخيص, فإذا بلغت قيمتهما بالرخيص منهما نصابا وجبت الزكاة فيهما فلو ملك مائة درهم وتسعة دنانير قيمتها مائة درهم أو عشرة دنانير وتسعين درهما قيمتها عشرة دنانير وجبت الزكاة فيها وهذا قول أبي حنيفة في تقويم الدنانير بالفضة لأن كل نصاب وجب فيه ضم الذهب إلى الفضة‏الفضة, ضم بالقيمة كنصاب القطع في السرقة ولأن أصل الضم لتحصيل حظ الفقراء‏الفقراء, فكذلك صفة الضم والأول أصح لأن الأثمان تجب الزكاة في أعيانها فلا تعتبر قيمتها كما لو انفردت ويخالف نصاب القطع‏القطع, فإن نصاب القطع فيه الورق خاصة في إحدى الروايتين وفي الأخرى أنه لا يجب في الذهب حتى يبلغ ربع دينار والله أعلم‏أعلم.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: ( وكذلك دون العشرين مثقالا ) يعني أن ما دون العشرين لا زكاة فيه إلا أن يتم بورق أو عروض تجارة قال ابن المنذر‏المنذر: أجمع أهل العلم على أن الذهب إذا كان عشرين مثقالا قيمتها مائتا درهم أن الزكاة تجب فيها‏فيها, إلا ما حكى عن الحسن أنه قال‏قال: لا زكاة فيها حتى تبلغ أربعين وأجمعوا على أنه إذا كان أقل من عشرين مثقالا ولا يبلغ مائتي درهم فلا زكاة فيه وقال عامة الفقهاء‏الفقهاء: نصاب الذهب عشرون مثقالا من غير اعتبار قيمتها إلا ما حكى عن عطاء‏عطاء, وطاوس والزهري وسليمان بن حرب‏حرب, وأيوب السختياني أنهم قالوا‏قالوا: هو معتبر بالفضة فما كان قيمته مائتي درهم‏درهم, ففيه الزكاة وإلا فلا لأنه لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم- تقدير في نصابه فثبت أنه حمله على الفضة ولنا ما روى عمرو بن شعيب‏شعيب, عن أبيه عن جده عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال‏قال: (‏ليسليس في أقل من عشرين مثقالا من الذهب‏الذهب, ولا في أقل من مائتي درهم صدقة‏صدقة) رواه أبو عبيد وروى ابن ماجه عن ابن عمر وعائشة (‏أنأن النبي - صلى الله عليه وسلم- كان يأخذ من كل عشرين دينارا فصاعدا نصف دينار ومن الأربعين دينارا دينارا‏دينارا) وروى سعيد‏سعيد, والأثرم عن علي‏علي: " في كل أربعين دينارا دينارا وفي كل عشرين دينارا نصف دينار "‏‏, ورواه غيرهما مرفوعا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- ولأنه مال تجب الزكاة في عينه فلم يعتبر بغيره كسائر الأموال الزكوية‏الزكوية.
فصل‏فصل:
ومن ملك ذهبا‏ذهبا, أو فضة مغشوشة أو مختلطا بغيره فلا زكاة فيه‏فيه, حتى يبلغ قدر الذهب والفضة نصابا لقوله عليه السلام‏السلام: (‏ليسليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة‏صدقة) فإن لم يعلم قدر ما فيه منهما وشك هل بلغ نصابا أو لا خير بين سبكهما ليعلم قدر ما فيه منهما‏منهما, وبين أن يستظهر ويخرج ليسقط الفرض بيقين فإن أحب أن يخرج استظهارا فأراد إخراج الزكاة من المغشوشة‏المغشوشة, نظرت فإن كان الغش لا يختلف مثل أن يكون الغش في كل دينار سدسه‏سدسه, وعلم ذلك جاز أن يخرج منها لأنه يكون مخرجا لربع العشر وإن اختلف قدر ما فيها أو لم يعلم‏يعلم, لم يجزه الإخراج منها إلا أن يستظهره بحيث يتيقن أن ما أخرجه من الذهب محيط بقدر الزكاة وإن أخرج عنها ذهبا لا غش فيه‏فيه, فهو أفضل وإن أراد إسقاط الغش وإخراج الزكاة عن قدر ما فيه من الذهب‏الذهب, كمن معه أربعة وعشرون دينارا سدسها غش فأسقط السدس أربعة‏أربعة, وأخرج نصف دينار عن عشرين جاز لأنه لو سبكها لم يلزمه إلا ذلك ولأن غشها لا زكاة فيه‏فيه, إلا أن يكون فضة وله من الفضة ما يتم به النصاب أو له نصاب سواه‏سواه, فيكون عليه زكاة الغش حينئذ وكذلك إن قلنا بضم أحد النقدين إلى الآخر وإذا ادعى رب المال أنه يعلم الغش أو أنه استظهره وأخرج الفرض قبل منه بغير يمين وإن زادت قيمة المغشوش بالغش‏بالغش, فصارت قيمة العشرين تساوى اثنين وعشرين فعليه إخراج ربع عشرها مما قيمته كقيمتها لأن عليه إخراج زكاة المال الجيد من جنسه بحيث لا ينقص عن قيمته‏قيمته, والله أعلم‏أعلم.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: ( فإذا تمت ففيها ربع العشر ) يعني إذا تمت الفضة مائتين والدنانير عشرين‏عشرين, فالواجب فيها ربع عشرها ولا نعلم خلافا بين أهل العلم في أن زكاة الذهب والفضة ربع عشرها فقد ثبت ذلك بقوله عليه السلام‏السلام: (‏فيفي الرقة ربع العشر‏العشر) وقال النبي - صلى الله عليه وسلم- : (‏هاتواهاتوا ربع العشور من كل أربعين درهما درهما وليس في تسعين ومائة شيء‏شيء) قال الترمذي‏الترمذي: قال البخاري‏البخاري, في هذا الحديث‏الحديث: هو صحيح عندي ورواه سعيد ولفظه‏ولفظه: " فهاتوا صدقة الرقة من كل أربعين درهما درهما " وأجمع أهل العلم على أن في مائتى درهم خمسة دراهم وروى ابن عمر وعائشة (‏أنأن النبي - صلى الله عليه وسلم- كان يأخذ من كل عشرين دينارا فصاعدا نصف دينار‏دينار, ومن الأربعين دينارا دينارا‏دينارا) .
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: [‏وفيوفي زيادتها وإن قلت‏قلت] روى هذا عن على وابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ وبه قال عمر بن عبد العزيز والنخعي‏والنخعي, ومالك والثوري وابن أبي ليلى‏ليلى, والشافعي وأبو يوسف ومحمد‏ومحمد, وأبو عبيد وأبو ثور وابن المنذر وقال سعيد بن المسيب وعطاء‏وعطاء, وطاوس والحسن والشعبي‏والشعبي, ومكحول والزهري وعمرو بن دينار‏دينار, وأبو حنيفة‏حنيفة: لا شيء في زيادة الدراهم حتى تبلغ أربعين ولا في زيادة الدنانير حتى تبلغ أربعة دنانير لقوله عليه السلام‏السلام: (‏منمن كل أربعين درهما درهما‏درهما) وعن معاذ عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال‏قال: (‏إذاإذا بلغ الورق مائتين‏مائتين, ففيه خمسة دراهم ثم لا شيء فيه حتى يبلغ إلى أربعين درهما‏درهما) وهذا نص ولأن له عفوا في الابتداء فكان له عفو بعد النصاب‏النصاب, كالماشية ولنا ما روى عن على عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال‏قال: (‏هاتواهاتوا ربع العشر من كل أربعين درهما درهما‏درهما, وليس عليكم شيء حتى يتم مائتين فإذا كانت مائتي درهم ففيها خمسة دراهم‏دراهم, فما زاد فبحساب ذلك‏ذلك) رواه الأثرم والدارقطني ورواه أبو داود بإسناده عن عاصم بن ضمرة‏ضمرة, والحارث عن على إلا أنه قال‏قال: أحسبه عن النبي - صلى الله عليه وسلم- وروى ذلك عن على وابن عمر موقوفا عليهم‏عليهم, ولم نعرف لهما مخالفا من الصحابة فيكون إجماعا ولأنه مال متجر فلم يكن له عفو بعد النصاب كالحبوب وما احتجوا به من الخبر الأول فهو احتجاج بدليل الخطاب‏الخطاب, والمنطوق مقدم عليه والحديث الآخر يرويه أبو العطوف الجراح بن منهال وهو متروك الحديث قال الدارقطني وقال مالك‏مالك: هو دجال من الدجاجلة ويرويه عن عبادة بن نسي‏نسي, عن معاذ ولم يلق عبادة معاذا فيكون مرسلا والماشية يشق تشقيصها‏تشقيصها, بخلاف الأثمان‏الأثمان.
فصل‏فصل:
ويخرج الزكاة من جنس ماله فإن كان أنواعا متساوية القيم جاز أن يخرج الزكاة من أحدها كما تخرج من أحد نوعى الغنم وإن كانت مختلفة القيم أخذ من كل نوع ما يخصه وإن أخرج من أوسطها ما يفي بقدر الواجب وقيمته‏وقيمته, جاز وإن أخرج الفرض من أجودها بقدر الواجب جاز وله ثواب الزيادة وإن أخرجه بالقيمة‏بالقيمة, مثل أن يخرج عن نصف دينار ثلث دينار جيد لم يجز لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- نص على نصف دينار فلم يجز النقص منه وإن أخرج من الأدنى‏الأدنى, وزاد في المخرج ما يفى بقيمة الواجب مثل أن يخرج عن دينار دينارا ونصفا يفي بقيمته جاز وكذلك لو أخرج عن الصحاح مكسرة‏مكسرة, وزاد بقدر ما بينهما من الفضل جاز لأنه أدى الواجب عليه قيمة وقدرا وإن أخرج عن كثير القيمة قليل القيمة فكذلك فإن أخرج بهرجا عن الجيد‏الجيد, وزاد بقدر ما يساوي قيمة الجيد فقال أبو الخطاب‏الخطاب: يجوز وقال القاضي‏القاضي: يلزمه إخراج جيد ولا يرجع فيما أخرجه من المعيب لأنه أخرج معيبا في حق الله تعالى‏تعالى, فأشبه ما لو أخرج مريضة عن صحاح وبهذا قال الشافعي إلا أن أصحابه قالوا‏قالوا: له الرجوع فيما أخرج من المعيب في أحد الوجهين وقال أبو حنيفة‏حنيفة: يجوز إخراج الرديئة عن الجيدة‏الجيدة, والمكسورة عن الصحيحة من غير جبران لأن الجودة إذا لاقت جنسها فيما فيه الربا لا قيمة لها ولنا أن الجودة متقومة‏متقومة, بدليل ما لو أتلف جيدا لم يجزئه أن يدفع عنه رديئا ولأنه إذا لم يجبره بما يتم به قيمة الواجب عليه‏عليه, دخل في عموم قوله تعالى‏تعالى: {ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون} [البقرة: 267]. ولأنه أخرج رديئا عن جيد بقدره فلم يجز كما في الماشية‏الماشية, ولأن المستحق معلوم القدر والصفة فلم يجز النقص في الصفة كما لا يجوز في القدر وأما الربا فلا يجري ها هنا لأن المخرج حق الله تعالى‏تعالى, ولا ربا بين العبد وسيده ولأن المساواة في المعيار الشرعي إنما اعتبرت في المعاوضات والقصد من الزكاة المواساة‏المواساة, وإغناء الفقير وشكر نعمة الله تعالى فلا يدخل الربا فيها فإن قيل‏قيل: فلو أخرج في الماشية رديئتين عن جيدة‏جيدة, أو أخرج قفيزين رديئين عن قفيز جيد لم يجز فلم أجزتم أن يخرج عن الصحيح أكثر منه مكسرا‏؟‏مكسرا؟ قلنا‏قلنا: يجوز ذلك إذا لم يكن في إخراجه عيب سوى نقص القيمة‏القيمة, وإن سلمناه فالفرق بينهما أن القصد من الأثمان القيمة لا غير فإذا تساوى الواجب والمخرج في القيمة والقدر‏والقدر, جاز وسائر الأموال يقصد الانتفاع بعينها فلا يلزم من التساوى في الأمرين الإجزاء لجواز أن يفوت بعض المقصود‏المقصود.
فصل‏فصل:
وهل يجوز إخراج أحد النقدين عن الآخر‏؟‏الآخر؟ فيه روايتان نص عليهما إحداهما‏إحداهما, لا يجوز وهو اختيار أبي بكر لأن أنواع الجنس لا يجوز إخراج أحدهما عن الآخر إذا كان أقل في المقدار فمع اختلاف الجنس أولى والثانية يجوز‏يجوز, وهو أصح إن شاء الله لأن المقصود من أحدهما يحصل بإخراج الآخر فيجزئ‏فيجزئ, كأنواع الجنس وذلك لأن المقصود منهما جميعا الثمنية والتوسل بها إلى المقاصد وهما يشتركان فيه على السواء‏السواء, فأشبه إخراج المكسرة عن الصحاح بخلاف سائر الأجناس والأنواع مما تجب فيه الزكاة‏الزكاة, فإن لكل جنس مقصودا مختصا به لا يحصل من الجنس الآخر وكذلك أنواعها‏أنواعها, فلا يحصل بإخراج غير الواجب من الحكمة ما يحصل بإخراج الواجب وها هنا المقصود حاصل فوجب إجزاؤه‏إجزاؤه, إذ لا فائدة باختصاص الإجزاء بعين مع مساواة غيرها لها في الحكمة وكون ذلك أرفق بالمعطى والآخذ وأنفع لهما‏لهما, ويندفع به الضرر عنهما فإنه لو تعين إخراج زكاة الدنانير منها شق على من يملك أقل من أربعين دينارا إخراج جزء من دينار‏دينار, ويحتاج إلى التشقيص ومشاركة الفقير له في دينار من ماله أو بيع أحدهما نصيبه‏نصيبه, فيستضر المالك والفقير وإذا جاز إخراج الدراهم عنها دفع إلى الفقير من الدراهم بقدر الواجب‏الواجب, فيسهل ذلك عليه وينتفع الفقير من غير كلفة ولا مضرة ولأنه إذا دفع إلى الفقير قطعة من الذهب في موضع لا يتعامل بها فيه أو قطعة من درهم في مكان لا يتعامل بها فيه‏فيه, لم يقدر على قضاء حاجته بها وإن أراد بيعها بحسب ما يتعامل بها احتاج إلى كلفة البيع وربما لا يقدر عليه‏عليه, ولا يفيده شيئا وإن أمكن بيعها احتاج إلى كلفة البيع والظاهر أنها تنقص عوضها عن قيمتها‏قيمتها, فقد دار بين ضررين وفي جواز إخراج أحدهما عن الآخر نفع محض ودفع لهذا الضرر‏الضرر, وتحصيل لحكمة الزكاة على التمام والكمال فلا حاجة ولا وجه لمنعه وإن توهمت ها هنا منفعة تفوت بذلك‏بذلك, فهي يسيرة مغمورة فيما يحصل من النفع الظاهر ويندفع من الضرر والمشقة من الجانبين‏الجانبين, فلا يعتبر والله أعلم وعلى هذا لا يجوز الإبدال في موضع يلحق الفقير ضرر مثل أن يدفع إليه ما لا ينفق عوضا عما ينفق لأنه إذا لم يجز إخراج أحد النوعين عن الآخر مع الضرر فمع غيره أولى وإن اختار الدفع من الجنس‏الجنس, واختار الفقير الأخذ من غيره لضرر يلحقه في أخذ الجنس لم يلزم المالك إجابته لأنه إذا أدى ما فرض عليه لم يكلف سواه والله أعلم‏أعلم.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: ( وليس في حلي المرأة زكاة إذا كان مما تلبسه أو تعيره ) هذا ظاهر المذهب وروى ذلك عن ابن عمر‏عمر, وجابر وأنس وعائشة‏وعائشة, وأسماء ـ رضي الله عنه ـم ـ وبه قال القاسم والشعبي وقتادة‏وقتادة, ومحمد بن علي وعمرة ومالك‏ومالك, والشافعي وأبو عبيد وإسحاق‏وإسحاق, وأبو ثور وذكر ابن أبي موسى عن أحمد رواية أخرى أنه فيه الزكاة وروى ذلك عن عمر وابن مسعود‏مسعود, وابن عباس وعبد الله بن عمرو بن العاص وسعيد بن المسيب‏المسيب, وسعيد بن جبير وعطاء ومجاهد‏ومجاهد, وعبد الله بن شداد وجابر بن زيد وابن سيرين‏سيرين, وميمون بن مهران والزهري والثوري‏والثوري, وأصحاب الرأي لعموم قوله عليه السلام (‏فيفي الرقة ربع العشر وليس فيما دون خمس أواق صدقة‏صدقة) مفهومه أن فيها صدقة إذا بلغت خمس أواق وعن عمرو بن شعيب عن أبيه‏أبيه, عن جده قال‏قال: (‏أتتأتت امرأة من أهل اليمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ومعها ابنة لها في يديها مسكتان من ذهب فقال‏فقال: هل تعطين زكاة هذا‏؟‏هذا؟ قالت‏قالت: لا قال‏قال: أيسرك أن يسورك الله بسوارين من نار‏؟‏‏نار؟) رواه أبو داود ولأنه من جنس الأثمان‏الأثمان, أشبه التبر وقال مالك‏مالك: يزكي عاما واحدا وقال الحسن وعبد الله بن عتبة وقتادة‏وقتادة: زكاته عاريته قال أحمد‏أحمد: خمسة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقولون‏يقولون: ليس في الحلي زكاة ويقولون‏ويقولون: زكاته عاريته ووجه الأول‏الأول, ما روى عافية بن أيوب عن الليث بن سعد عن أبي
الزبير‏الزبير, عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال‏قال: (‏ليسليس في الحلي زكاة‏زكاة) ولأنه مرصد لاستعمال مباح فلم تجب فيه الزكاة‏الزكاة, كالعوامل وثياب القنية وأما الأحاديث الصحيحة التي احتجوا بها فلا تتناول محل النزاع لأن الرقة هي الدراهم المضروبة قال أبو عبيد‏عبيد: لا نعلم هذا الاسم في الكلام المعقول عند العرب إلا على الدراهم المنقوشة‏المنقوشة, ذات السكة السائرة في الناس وكذلك الأواقي ليس معناها إلا الدراهم كل أوقية أربعون درهما وأما حديث المسكتين فقال أبو عبيد‏عبيد: لا نعلمه إلا من وجه قد تكلم الناس فيه قديما وحديثا وقال الترمذي‏الترمذي: ليس يصح في هذا الباب شيء ويحتمل أنه أراد بالزكاة إعارته كما فسره به بعض العلماء‏العلماء, وذهب إليه جماعة من الصحابة وغيرهم والتبر غير معد للاستعمال بخلاف الحلي وقول الخرقي " إذا كان مما تلبسه أو تعيره " يعني أنه إنما تسقط عنه الزكاة إذا كان كذلك أو معدا له فأما المعد للكرى أو النفقة إذا احتيج إليه ففيه الزكاة لأنها إنما تسقط عما أعد للاستعمال‏للاستعمال, لصرفه عن جهة النماء ففيما عداه يبقى على الأصل وكذلك ما اتخذ حلية فرارا من الزكاة لا يسقط عنه ولا فرق بين كون الحلي المباح مملوكا لامرأة تلبسه أو تعيره‏تعيره, أو لرجل يحلى به أهله أو يعيره أو يعده لذلك لأنه مصروف عن جهة النماء إلى استعمال مباح أشبه حلى المرأة‏المرأة.
فصل‏فصل:
وقليل الحلي وكثيره سواء في الإباحة والزكاة وقال ابن حامد يباح ما لم يبلغ ألف مثقال‏مثقال, فإن بلغها حرم وفيه الزكاة لما روى أبو عبيد والأثرم‏والأثرم, عن عمرو بن دينار‏؟‏دينار؟ قال‏قال: سئل جابر عن الحلي هل فيه زكاة‏؟‏زكاة؟ قال‏قال: لا فقيل له‏له: ألف دينار‏؟‏دينار؟ فقال‏فقال: إن ذلك لكثير ولأنه يخرج إلى السرف والخيلاء ولا يحتاج إليه في الاستعمال‏الاستعمال, والأول أصح لأن الشرع أباح التحلي مطلقا من غير تقييد فلا يجوز تقييده بالرأي والتحكم وحديث جابر ليس بصريح في نفي الوجوب وإنما يدل على التوقف‏التوقف, ثم قد روى عنه خلافه فروى الجوزجاني بإسناده عن أبي الزبير قال‏قال: سألت جابر بن عبد الله‏الله, عن الحلي فيه زكاة‏؟‏زكاة؟ قال‏قال: لا قلت‏قلت: إن الحلي يكون فيه ألف دينار قال‏قال: وإن كان فيه يعار ويلبس ثم إن قول جابر قول صحابي خالفه غيره ممن أباحه مطلقا بغير تقييد فلا يبقى قوله حجة‏حجة, والتقييد بالرأي المطلق والتحكم غير جائز‏جائز.
فصل‏فصل:
وإذا انكسر الحلي كسرا لا يمنع الاستعمال واللبس فهو كالصحيح لا زكاة فيه‏فيه, إلا أن ينوي كسره وسبكه ففيه الزكاة حينئذ لأنه نوى صرفه عن الاستعمال وإن كان الكسر يمنع الاستعمال‏الاستعمال, فقال القاضي‏القاضي: عندي أن فيه الزكاة لأنه كان بمنزلة النقود والتبر‏والتبر.
فصل‏فصل:
وإذا كان الحلي للبس فنوت به المرأة التجارة انعقد عليه حول الزكاة من حين نوت لأن الوجوب هو الأصل‏الأصل, وإنما انصرف عنه لعارض الاستعمال فعاد إلى الأصل بمجرد النية من غير استعمال فهو كما لو نوى بعرض التجارة القنية‏القنية, انصرف إليه من غير استعمال‏استعمال.
فصل‏فصل:
ويعتبر في النصاب في الحلي الذي تجب فيه الزكاة بالوزن فلو ملك حليا قيمته مائتا درهم ووزنه دون المائتين‏المائتين, لم يكن عليه زكاة وإن بلغ مائتين وزنا ففيه الزكاة وإن نقص في القيمة لقوله عليه السلام‏السلام: (‏ليسليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة‏صدقة) اللهم إلا أن يكون الحلي للتجارة فيقوم‏فيقوم, فإذا بلغت قيمته بالذهب والفضة نصابا ففيه الزكاة لأن الزكاة متعلقة بالقيمة وما لم يكن للتجارة فالزكاة في عينه‏عينه, فيعتبر أن يبلغ بقيمته ووزنه نصابا وهو مخير بين إخراج ربع عشر حليه مشاعا أو دفع ما يساوي ربع عشرها من جنسها‏جنسها, وإن زاد في الوزن على ربع العشر لما بينا أن الربا لا يجري ها هنا ولو أراد كسرها ودفع ربع عشرها لم يكن منه لأنه ينقص قيمتها وهذا مذهب الشافعي وقال مالك الاعتبار بالوزن وإذا كان وزن الحلي عشرين وقيمته ثلاثون فعليه نصف مثقال‏مثقال, لا تزيد قيمته شيئا لأنه نصاب من جنس الأثمان فتعلقت الزكاة بوزنه لا بصفته‏بصفته, كالدراهم المضروبة ولنا أن الصناعة صارت صفة للنصاب لها قيمة مقصودة فوجب اعتبارها كالجودة في سائر أموال الزكاة ودليلهم نقول به‏به, وأن الزكاة تتعلق بوزنه وصفته جميعا كالجيد من الذهب والفضة والمواشي‏والمواشي, والحبوب والثمار فإنه لا يجزئه إخراج رديء عن جيد‏جيد, كذلك ها هنا وإن أراد إخراج الفضة عن حلي الذهب أو الذهب عن الفضة أخرج على الوجهين‏الوجهين, كما قدمنا في إخراج أحد النقدين عن الآخر وذكر ابن عقيل أن الاعتبار في قدر النصاب أيضا بالقيمة فلو ملك حليا وزنه تسعة عشر وقيمته عشرون لأجل الصناعة‏الصناعة, ففيه الزكاة وظاهر كلام أحمد اعتبار الوزن وهو ظاهر نصه‏نصه, لقوله‏لقوله: (‏ليسليس فيما دون خمس أواق صدقة‏صدقة) ولأنه مال تجب الزكاة في عينه فلا تعتبر قيمة الدنانير المضروبة لأن زيادة القيمة بالصناعة‏بالصناعة, كزيادتها بنفاسة جوهره فكما لا تجب الزيادة فيما كان نفيس الجوهر كذلك الآخر‏الآخر.
فصل‏فصل:
فإن كان في الحلي جوهر ولآلئ مرصعة‏مرصعة, فالزكاة في الحلي من الذهب والفضة دون الجوهر لأنها لا زكاة فيها عند أحد من أهل العلم فإن كان الحلي للتجارة قومه بما فيه من الجواهر لأن الجواهر لو كانت مفردة وهي للتجارة‏للتجارة, لقومت وزكيت فكذلك إذا كانت في حلي التجارة‏التجارة.
فصل‏فصل:
وإذا اتخذت المرأة حليا ليس لها اتخاذه كما إذا اتخذت حلية الرجال كحلية السيف والمنطقة‏والمنطقة, فهو محرم وعليها الزكاة كما لو اتخذ الرجل حلي المرأة‏المرأة.
فصل‏فصل:
ويباح للنساء من حلي الذهب والفضة والجواهر كل ما جرت عادتهن بلبسه‏بلبسه, مثل السوار والخلخال والقرط والخاتم وما يلبسنه على وجوههن وفي أعناقهن‏أعناقهن, وأيديهن وأرجلهن وآذانهن وغيره‏وغيره, فأما ما لم تجر عادتهن بلبسه كالمنطقة وشبهها من حلي الرجال فهو محرم‏محرم, وعليها زكاته كما لو اتخذ الرجل لنفسه حلي المرأة‏المرأة.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: وليس في حلية سيف الرجل ومنطقته وخاتمه زكاة وجملة ذلك أن ما كان مباحا من الحلي فلا زكاة فيه إذا كان معدا للاستعمال‏للاستعمال, سواء كان لرجل أو امرأة لأنه مصروف عن جهة النماء إلى استعمال مباح فأشبه ثياب البذلة وعوامل الماشية ويباح للرجال من الفضة الخاتم (‏لأنلأن النبي - صلى الله عليه وسلم- اتخذ خاتما من ورق‏ورق) متفق عليه وحلية السيف‏السيف, بأن تجعل قبيعته فضة أو تحليتها بفضة فإن أنسا قال‏قال: (‏كانتكانت قبيعة سيف رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فضة‏فضة) وقال هشام بن عروة‏عروة: كان سيف الزبير محلى بالفضة رواهما الأثرم بإسناده والمنطقة تباح تحليتها بالفضة لأنها حلية معتادة للرجل فهي كالخاتم وقد نقل كراهة ذلك لما فيه من الفخر والخيلاء فهو كالطوق‏كالطوق, والأول أولى لأن الطوق ليس بمعتاد في حق الرجل بخلاف المنطقة وعلى قياس المنطقة الجوشن‏الجوشن, والخوذة والخف والران‏والران, والحمائل وتباح الفضة في الإناء وما أشبهها للحاجة ونعني بالحاجة أنه ينتفع بها في ذلك وإن قام غيرها مقامها وفي صحيح البخاري عن‏عن, أنس (‏أنأن قدح النبي - صلى الله عليه وسلم- انكسر فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة‏فضة) وقال القاضي‏القاضي: يباح اليسير وإن لم يكن لحاجة وإنما كره أحمد الحلقة في الإناء لأنها تستعمل وأما الذهب‏الذهب, فيباح منه ما دعت الضرورة إليه كالأنف في حق من قطع أنفه لما روى (‏عنعن عبد الرحمن بن طرفة أن جده عرفجة بن أسعد قطع أنفه يوم الكلاب‏الكلاب, فاتخذ أنفا من ورق فأنتن عليه فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم- فاتخذ أنفا من ذهب‏ذهب) رواه أبو داود وقال الإمام أحمد‏أحمد: ربط الأسنان بالذهب إذا خشي عليها أن تسقط قد فعله الناس فلا بأس به عند الضرورة وروى الأثرم‏الأثرم, عن موسى بن طلحة وأبي جمرة الضبعي وأبي رافع‏رافع, وثابت استرقوا وإسماعيل بن زيد بن ثابت والمغيرة بن عبد الله أنهم شدوا أسنانهم بالذهب وعن الحسن‏الحسن, والزهري والنخعي أنهم رخصوا فيه وما عدا ذلك من الذهب‏الذهب, فقد روى عن أحمد - رحمه الله- الرخصة فيه في السيف قال الأثرم‏الأثرم, قال أحمد‏أحمد: قد روي أنه كان في سيف عثمان بن حنيف مسمار من ذهب قال أبو عبد الله فذاك الآن في السيف وقال‏وقال: إنه كان لعمر سيف سبائكه من ذهب من حديث إسماعيل بن أمية عن نافع وروى الترمذي‏الترمذي, بإسناده عن مزيدة العصري (‏أنأن النبي - صلى الله عليه وسلم- دخل مكة وعلى سيفه ذهب وفضة‏وفضة) وروي عن أحمد رواية أخرى تدل على تحريم ذلك قال الأثرم‏الأثرم: قلت لأبي عبد الله‏الله: يخاف عليه أن يسقط يجعل فيه مسمارا من ذهب‏؟‏ذهب؟ قال‏قال: إنما رخص في الأسنان وذلك إنما هو على الضرورة فأما المسمار‏المسمار, فقد روي‏روي: (‏منمن تحلى بخريصيصة كوي بها يوم القيامة‏القيامة) قلت‏قلت: أي شيء خريصيصة‏؟‏خريصيصة؟ قال‏قال: شيء صغير مثل الشعيرة وروى الأثرم أيضا بإسناده عن شهر بن حوشب‏حوشب, عن عبد الرحمن بن غنم قال‏قال: (‏منمن حلى أو تحلى بخريصيصة‏بخريصيصة, كوي بها يوم القيامة مغفورا له أو معذبا‏معذبا) وحكي عن أبي بكر من أصحابنا أنه أباح يسير الذهب‏الذهب, ولعله يحتج بما رويناه من الأخبار وبقياس الذهب على الفضة ولأنه أحد الثلاثة المحرمة على الذكور دون الإناث‏الإناث, فلم يحرم يسيره كسائرها وكل ما أبيح من الحلي فلا زكاة فيه‏فيه, إذا كان معدا للاستعمال‏للاستعمال.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: ( والمتخذ آنية الذهب والفضة عاص وفيها الزكاة ) وجملته أن اتخاذ آنية الذهب والفضة حرام على النساء والرجال جميعا‏جميعا, وكذلك استعماله وقال الشافعي في أحد قوليه‏قوليه: لا يحرم اتخاذها لأن النص إنما ورد في تحريم الاستعمال فيبقى إباحة الاتخاذ على مقتضى الأصل في الإباحة ولنا أن ما حرم استعماله حرم اتخاذه على هيئة الاستعمال كالملاهي‏كالملاهي, ويستوي في ذلك الرجال والنساء لأن المعنى المقتضي للتحريم يعمها وهو الإفضاء إلى السرف والخيلاء‏والخيلاء, وكسر قلوب الفقراء فيستويان في التحريم وإنما أحل للنساء التحلي لحاجتهن إليه للتزين للأزواج‏للأزواج, وليس هذا بموجود في الآنية فيبقى على التحريم إذا ثبت هذا فإن فيها الزكاة‏الزكاة, بغير خلاف بين أهل العلم ولا زكاة فيها حتى تبلغ نصابا بالوزن أو يكون عنده ما يبلغ نصابا بضمها إليه وإن زادت قيمته لصناعته‏لصناعته, فلا عبرة بها لأنها محرمة فلا قيمة لها في الشرع و له أن يخرج عنها قدر ربع عشرها بقيمته غير مصوغ وإن أحب كسرها أخرج ربع عشرها مكسورا‏مكسورا, وإن أخرج ربع عشرها مصوغا جاز لأن الصناعة لم تنقصها عن قيمة المكسور وذكر أبو الخطاب وجها في اعتبار قيمتها والأول أصح - إن شاء الله تعالى- .
فصل‏فصل:
وكل ما كان اتخاذه محرما من الأثمان‏الأثمان, لم تسقط زكاته باتخاذه لأن الأصل وجوب الزكاة فيها لكونها مخلوقة للتجارة والتوسل بها إلى غيرها‏غيرها, ولم يوجد ما يمنع ذلك فبقيت على أصلها قال أحمد‏أحمد: ما كان على سرج أو لجام ففيه الزكاة ونص على حلية الثفر والركاب واللجام‏واللجام, أنه محرم وقال في رواية الأثرم‏الأثرم: أكره رأس المكحلة فضة ثم قال‏قال: وهذا شيء تأولته وعلى قياس ما ذكره حلية الدواة‏الدواة, والمقلمة والسرج ونحوه مما على الدابة ولو موه سقفه بذهب أو فضة‏فضة, فهو محرم وفيه الزكاة وقال أصحاب الرأي‏الرأي: يباح لأنه تابع للمباح فيتبعه في الإباحة ولنا‏ولنا, أن هذا إسراف ويفضي فعله إلى الخيلاء وكسر قلوب الفقراء‏الفقراء, فحرم كاتخاذ الآنية وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم- عن التختم بخاتم الذهب للرجل‏للرجل, فتمويه السقف أولى وإن صار التمويه الذي في السقف مستهلكا لا يجتمع منه شيء لم تحرم استدامته لأنه لا فائدة في إتلافه وإزالته ولا زكاة فيه لأن ماليته ذهبت وإن لم تذهب ماليته‏ماليته, ولم يكن مستهلكا حرمت استدامته وقد بلغنا أن عمر بن عبد العزيز لما ولى أراد جمع ما في مسجد دمشق مما موه به من الذهب‏الذهب, فقيل له‏له: إنه لا يجتمع منه شيء فتركه ولا يجوز تحلية المصاحف ولا المحاريب ولا اتخاذ قناديل من الذهب والفضة لأنها بمنزلة الآنية وإن وقفها على مسجد أو نحوه لم يصح لأنه ليس ببر ولا معروف ويكون ذلك بمنزلة الصدقة‏الصدقة, فيكسر ويصرف في مصلحة المسجد وعمارته وكذلك إن حبس الرجل فرسا له لجام مفضض وقد قال أحمد‏أحمد: في الرجل يقف فرسا في سبيل الله ومعه لجام مفضض‏مفضض: فهو على ما وقفه وإن بيعت الفضة من السرج واللجام وجعلت في وقف مثله فهو أحب إلى لأن الفضة لا ينتفع بها‏بها, ولعله يشتري بذلك سرجا ولجاما فيكون أنفع للمسلمين قيل‏قيل: فتباع الفضة وينفق على الفرس‏؟‏الفرس؟ قال‏قال: نعم‏نعم, وهذا يدل على إباحة حلية السرج واللجام بالفضة لولا ذلك لما قال‏قال: هو على ما وقف وهذا لأن العادة جارية به فأشبه حلية المنطقة وإذا قلنا بتحريمها فصار بحيث لا يجتمع منه شيء‏شيء, لم يحرم استدامته كقولنا في تمويه السقف وأباح القاضي علاقة المصحف ذهبا أو فضة للنساء خاصة وليس بجيد لأن حلية المرأة ما لبسته‏لبسته, وتحلت به في بدنها أو ثيابها وما عداه فحكمه حكم الأواني لا يباح للنساء منه إلا ما أبيح للرجال ولو أبيح لها ذلك لأبيح علاقة الأواني والأدراج ونحوهما ذكره ابن عقيل‏عقيل.
فصل‏فصل:
وكل ما يحرم اتخاذه‏اتخاذه, ففيه الزكاة إذا كان نصابا أو بلغ بضمه إلى ما عنده نصابا على ما ذكرناه‏ذكرناه.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: وما كان من الركاز‏الركاز, وهو دفن الجاهلية قل أو كثر ففيه الخمس لأهل الصدقات‏الصدقات, وباقيه له الدفن بكسر الدال‏الدال: المدفون والركاز‏والركاز: المدفون في الأرض واشتقاقه من ركز يركز مثل غرز يغرز‏يغرز: إذا خفي يقال‏يقال: ركز الرمح إذا غرز أسفله في الأرض ومنه الركز‏الركز, وهو الصوت الخفي قال الله تعالى‏تعالى: {‏أوأو تسمع لهم ركزا‏ركزا} [‏مريم‏مريم: 98‏98]‏‏. والأصل في صدقة الركاز ما روى أبو هريرة‏هريرة, عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أنه قال‏قال: (‏العجماءالعجماء جبار وفي الركاز الخمس‏الخمس) متفق عليه وهو أيضا مجمع عليه قال ابن المنذر لا نعلم أحدا خالف هذا الحديث إلا الحسن فإنه فرق بين ما يوجد في أرض الحرب‏الحرب, وأرض العرب فقال‏فقال: فيما يوجد في أرض الحرب الخمس وفيما يوجد في أرض العرب الزكاة‏الزكاة.
فصل‏فصل:
وأوجب الخمس في الجميع الزهري‏الزهري, والشافعي وأبو حنيفة وأصحابه‏وأصحابه, وأبو ثور وابن المنذر وغيرهم وهذه المسألة تشتمل على خمسة فصول‏فصول:
الفصل الأول‏الأول: الركاز
أن الركاز الذي يتعلق به وجوب الخمس ما كان من دفن الجاهلية هذا قول الحسن‏الحسن, والشعبي ومالك والشافعي وأبي ثور ويعتبر ذلك بأن ترى عليه علاماتهم‏علاماتهم, كأسماء ملوكهم وصورهم وصلبهم وصور أصنامهم‏أصنامهم, ونحو ذلك فإن كان عليه علامة الإسلام أو اسم النبي - صلى الله عليه وسلم- أو أحد من خلفاء المسلمين أو وال لهم‏لهم, أو آية من قرآن أونحو ذلك فهو لقطة لأنه ملك مسلم لم يعلم زواله عنه وإن كان على بعضه علامة الإسلام وعلى بعضه علامة الكفر‏الكفر, فكذلك نص عليه أحمد في رواية ابن منصور لأن الظاهر أنه صار إلى مسلم ولم يعلم زواله عن ملك المسلمين‏المسلمين, فأشبه ما على جميعه علامة المسلمين‏المسلمين.
الفصل الثاني‏الثاني:
في موضعه ولا يخلو من أربعة أقسام‏أقسام: أحدها أن يجده في موات‏موات, أو ما لا يعلم له مالك مثل الأرض التي يوجد فيها آثار الملك كالأبنية القديمة‏القديمة, والتلول وجدران الجاهلية وقبورهم فهذا فيه الخمس بغير خلاف‏خلاف, سوى ما ذكرناه ولو وجده في هذه الأرض على وجهها أو في طريق غير مسلوك أو قرية خراب‏خراب, فهو كذلك في الحكم لما روي عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده‏جده, قال‏قال: (‏سئلسئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم- عن اللقطة‏؟‏اللقطة؟ فقال‏فقال: ما كان في طريق مأتي أو في قرية عامرة فعرفها سنة‏سنة, فإن جاء صاحبها وإلا فلك وما لم يكن في طريق مأتي‏مأتي, ولا في قرية عامرة ففيه وفي الركاز الخمس‏الخمس)‏‏. رواه النسائي القسم الثاني أن يجده في ملكه المنتقل إليه‏إليه, فهو له في أحد الوجهين لأنه مال كافر مظهور عليه في الإسلام فكان لمن ظهر عليه كالغنائم ولأن الركاز لا يملك بملك الأرض‏الأرض, لأنه مودع فيها وإنما يملك بالظهور عليه وهذا قد ظهر عليه‏عليه, فوجب أن يملكه والرواية الثانية هو للمالك قبله إن اعترف به وإن لم يعترف به فهو للذي قبله كذلك إلى أول مالك وهذا مذهب الشافعي لأنه كانت يده على الدار‏الدار, فكانت على ما فيها وإن انتقلت الدار بالميراث حكم بأنه ميراث فإن اتفق الورثة على أنه لم يكن لموروثهم‏لموروثهم, فهو لأول مالك فإن لم يعرف أول مالك فهو كالمال الضائع الذي لا يعرف له مالك والأول أصح - إن شاء الله تعالى- لأن الركاز لا يملك بملك الدار‏الدار, لأنه ليس من أجزائها وإنما هو مودع فيها فينزل منزلة المباحات من الحشيش والحطب والصيد يجده في أرض غيره فيأخذه‏فيأخذه, فيكون أحق به لكن إن ادعى المالك الذي انتقل الملك عنه أنه له فالقول قوله لأن يده كانت عليه‏عليه, لكونها على محله وإن لم يدعه فهو لواجده وإن اختلف الورثة‏الورثة, فأنكر بعضهم أن يكون لمورثهم ولم ينكره الباقون فحكم من أنكر في نصيبه حكم المالك الذي لم يعترف به‏به, وحكم المعترفين حكم المالك المعترف القسم الثالث أن يجده في ملك آدمي مسلم معصوم أو ذمي فعن أحمد ما يدل على أنه لصاحب الدار فإنه قال‏قال, في من استأجر حفارا ليحفر في داره فأصاب في الدار كنزا عاديا‏عاديا: فهو لصاحب الدار وهذا قول أبي حنيفة ومحمد بن الحسن ونقل عن أحمد ما يدل على أنه لواجده لأنه قال في مسألة من استأجر أجيرا ليحفر له في داره فأصاب في الدار كنزا‏كنزا: فهو للأجير نقل ذلك عنه محمد بن يحيى الكحال قال القاضي هو الصحيح وهذا يدل على أن الركاز لواجده وهو قول الحسن بن صالح‏صالح, وأبي ثور واستحسنه أبو يوسف وذلك لأن الكنز لا يملك بملك الدار على ما ذكرنا في القسم الذي قبله فيكون لمن وجده‏وجده, لكن إن ادعاه المالك فالقول قوله لأن يده عليه بكونها على محله وإن لم يدعه فهو لواجده وقال الشافعي‏الشافعي: هو لمالك الدار إن اعترف به وإن لم يعترف به‏به, فهو لأول مالك لأنه في يده ويخرج لنا مثل ذلك لما ذكرناه من الرواية في القسم الذي قبله وإن استأجر حفارا ليحفر له طلبا لكنز يجده‏يجده, فوجده فلا شيء للأجير ويكون الواجد له هو المستأجر لأنه استأجره لذلك‏لذلك, فأشبه ما لو استأجره ليحتش له أو يصطاد فإن الحاصل من ذلك للمستأجر دون الأجير وإن استأجره لأمر غير طلب الركاز فالواجد له هو الأجير وهكذا قال الأوزاعي‏الأوزاعي: إذا استأجرت أجيرا ليحفر لي في داري‏داري, فوجد كنزا فهو له وإن قلت‏قلت: استأجرتك لتحفر لي ها هنا رجاء أن أجد كنزا فسميت له‏له, فله أجره ولي ما يوجد‏يوجد.
فصل:
فصل‏:‏
وإن اكترى دارا فوجد فيها ركازا‏ركازا, فهو لواجده في أحد الوجهين والآخر هو للمالك‏للمالك, بناء على الروايتين في من وجد ركازا في ملك انتقل إليه وإن اختلفا‏اختلفا, فقال كل واحد منهما‏منهما: هذا لي فعلى وجهين‏وجهين: أحدهما القول قول المالك لأن الدفن تابع للأرض والثاني القول قول المكتري لأن هذا مودع في الأرض‏الأرض, وليس منها فكان القول قول من يده عليها كالقماش القسم الرابع‏الرابع, أن يجده في أرض الحرب فإن لم يقدر عليه إلا بجماعة من المسلمين فهو غنيمة لهم‏لهم, وإن قدر عليه بنفسه فهو لواجده حكمه حكم ما لو وجده في موات في أرض المسلمين وقال أبو حنيفة‏حنيفة, والشافعي‏والشافعي: إن عرف مالك الأرض وكان حربيا فهو غنيمة أيضا لأنه في حرز مالك معين فأشبه ما لو أخذه من بيت أو خزانة ولنا‏ولنا, أنه ليس لموضعه مالك محترم أشبه ما لو لم يعرف مالكه ويخرج لنا مثل قولهم بناء على قولنا إن الركاز في دار الإسلام يكون لمالك الأرض‏الأرض.
الفصل الثالث‏الثالث:
في صفة الركاز الذي فيه الخمس‏الخمس, وهو كل ما كان مالا على اختلاف أنواعه من الذهب والفضة والحديد والرصاص والصفر والنحاس والآنية وغير ذلك وهو قول إسحاق وأبي عبيد‏عبيد, وابن المنذر وأصحاب الرأي وإحدى الروايتين عن مالك‏مالك, وأحد قولي الشافعي والقول الآخر‏الآخر: لا تجب إلا في الأثمان ولنا عموم قوله عليه السلام‏السلام: (‏وفيوفي الركاز الخمس‏الخمس) ولأنه مال مظهور عليه من مال الكفار‏الكفار, فوجب فيه الخمس مع اختلاف أنواعه كالغنيمة إذا ثبت هذا فإن الخمس يجب في قليله وكثيره في قول إمامنا‏إمامنا, ومالك وإسحاق وأصحاب الرأي والشافعي في القديم وقال في الجديد‏الجديد: يعتبر النصاب فيه لأنه حق مال يجب فيما استخرج من الأرض‏الأرض, فاعتبر فيه النصاب كالمعدن والزرع ولنا عموم الحديث‏الحديث, ولأنه مال مخموس فلا يعتبر له نصاب كالغنيمة‏كالغنيمة, ولأنه مال كافر مظهور عليه في الإسلام فأشبه الغنيمة والمعدن والزرع يحتاج إلى عمل ونوائب‏ونوائب, فاعتبر فيه النصاب تخفيفا بخلاف الركاز ولأن الواجب فيهما مواساة‏مواساة, فاعتبر النصاب ليبلغ حدا يحتمل المواساة منه بخلاف مسألتنا‏مسألتنا.
الفصل الرابع‏الرابع:
في قدر الواجب في الركاز ومصرفه‏ومصرفه, أما قدره فهو الخمس لما قدمناه من الحديث والإجماع وأما مصرفه فاختلفت الرواية عن أحمد فيه مع ما فيه من اختلاف أهل العلم فقال الخرقي‏الخرقي: هو لأهل الصدقات ونص عليه أحمد‏أحمد, في رواية حنبل فقال‏فقال: يعطي الخمس من الركاز على مكانه وإن تصدق به على المساكين أجزأه وهذا قول الشافعي لأن علي بن أبي طالب‏طالب, أمر صاحب الكنز أن يتصدق به على المساكين حكاه الإمام أحمد وقال‏وقال: حدثنا سعيد حدثنا سفيان‏سفيان, عن عبد الله بن بشر الخثعمي عن رجل من قومه يقال له‏له: ابن حممة قال‏قال: سقطت على جرة من دير قديم بالكوفة‏بالكوفة, عند جبانة بشر فيها أربعة آلاف درهم فذهبت بها إلى علي ـ رضي الله عنه ـ فقال‏فقال: اقسمها خمسة أخماس فقسمتها‏فقسمتها, فأخذ على منها خمسا وأعطانى أربعة أخماس فلما أدبرت دعاني‏دعاني, فقال‏فقال: في جيرانك فقراء ومساكين‏؟‏ومساكين؟ قلت‏قلت: نعم قال‏قال: فخذها فاقسمها بينهم ولأنه مستفاد من الأرض أشبه المعدن والزرع والرواية الثانية مصرفه مصرف الفيء نقله محمد بن الحكم‏الحكم, عن أحمد وهذه الرواية أصح وأقيس على مذهبه وبه قال أبو حنيفة والمزني لما روى أبو عبيد‏عبيد, عن هشيم عن مجالد عن الشعبي أن رجلا وجد ألف دينار مدفونة خارجا من المدينة فأتى بهما عمر بن الخطاب‏الخطاب, فأخذ منها الخمس مائتى دينار ودفع إلى الرجل بقيتها وجعل عمر يقسم المائتين بين من حضره من المسلمين‏المسلمين, إلى أن فضل منها فضلة فقال‏فقال: أين صاحب الدنانير‏؟‏الدنانير؟ فقام إليه فقال عمر‏عمر: خذ هذه الدنانير فهي لك ولو كانت زكاة خص بها أهلها‏أهلها, ولم يرده على واجده ولأنه يجب على الذمى والزكاة لا تجب عليه‏عليه, ولأنه مال مخموس زالت عنه يد الكافر أشبه خمس الغنيمة‏الغنيمة.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: [‏وإذاوإذا أخرج من المعادن من الذهب عشرين مثقالا أو من الورق مائتي درهم‏درهم, أو قيمة ذلك من الزئبق والرصاص والصفر أو غير ذلك مما يستخرج من الأرض فعليه الزكاة من وقته ) اشتقاق المعدن من عدن في المكان يعدن‏يعدن: إذا أقام به ومنه سميت جنة عدن‏عدن, لأنها دار إقامة وخلود قال أحمد‏أحمد: المعادن‏المعادن: هي التي تستنبط ليس هو شيء دفن والكلام في هذه المسألة في فصول أربعة‏أربعة:
أحدها‏أحدها: في صفة المعدن الذي يتعلق به وجوب الزكاة وهو كل ما خرج من الأرض مما يخلق فيها من غيرها مما له قيمة‏قيمة, كالذي ذكره الخرقي ونحوه من الحديد والياقوت والزبرجد‏والزبرجد, والبلور والعقيق والسبج‏والسبج, والكحل والزاج والزرنيخ والمغرة وكذلك المعادن الجارية‏الجارية, كالقار والنفط والكبريت‏والكبريت, ونحو ذلك وقال مالك والشافعي‏والشافعي: لا تتعلق الزكاة إلا بالذهب والفضة لقول النبي‏النبي: - صلى الله عليه وسلم- (‏لالا زكاة في حجر‏حجر) ولأنه مال يقوم بالذهب والفضة مستفاد من الأرض أشبه الطين الأحمر وقال أبو حنيفة‏حنيفة, في إحدى الروايتين عنه‏عنه: تتعلق الزكاة بكل ما ينطبع كالرصاص والحديد والنحاس دون غيره ولنا‏ولنا, عموم قوله تعالى‏تعالى: {‏ومماومما أخرجنا لكم من الأرض‏الأرض} [‏البقرة‏البقرة: 167‏167]‏‏. ولأنه معدن فتعلقت الزكاة بالخارج منه كالأثمان ولأنه مال لو غنمه وجب عليه خمسه‏خمسه, فإذا أخرجه من معدن وجبت الزكاة كالذهب وأما الطين فليس بمعدن لأنه تراب والمعدن‏والمعدن: ما كان في الأرض من غير جنسها‏جنسها.
الفصل الثاني‏الثاني:
في قدر الواجب وصفته وقدر الواجب فيه ربع العشر وصفته أنه زكاة وهذا قول عمر بن عبد العزيز ومالك وقال أبو حنيفة‏حنيفة: الواجب فيه الخمس‏الخمس, وهو فيء واختاره أبو عبيد وقال الشافعي‏الشافعي: هو زكاة واختلف قوله في قدره كالمذهبين واحتج من أوجب الخمس بقول النبي - صلى الله عليه وسلم- : (‏ماما لم يكن في طريق مأتى ولا في قرية عامرة‏عامرة, ففيه وفي الركاز الخمس‏الخمس) رواه النسائي والجوزجانى وغيرهما وفي رواية‏رواية: (‏ماما كان في الخراب‏الخراب, ففيه وفي الركاز الخمس‏الخمس) وروى سعيد والجوزجانى بإسنادهما عن عبد الله بن سعيد المقبري‏المقبري, عن أبيه عن أبى هريرة قال‏قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : (‏الركازالركاز هو الذهب الذي ينبت من الأرض‏الأرض) وفي حديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال‏قال: (‏وفيوفي الركاز الخمس‏الخمس, قيل‏قيل: يا رسول الله وما الركاز‏؟‏الركاز؟ قال‏قال: هو الذهب والفضة المخلوقان في الأرض يوم خلق الله السموات والأرض‏والأرض) وهذا نص وفي حديث عنه عليه السلام أنه قال‏قال: (‏وفيوفي السيوب الخمس‏الخمس) قال‏قال: والسيوب عروق الذهب والفضة التي تحت الأرض ولأنه مال مظهور عليه في الإسلام‏الإسلام, أشبه الركاز ولنا ما روى أبو عبيد بإسناده عن ربيعة بن أبى عبد الرحمن‏الرحمن, عن غير واحد من علمائهم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- (‏أقطعأقطع بلال بن الحارث المزنى معادن القبلية في ناحية الفرع قال‏قال: فتلك المعادن لا يؤخذ منها إلا الزكاة إلى اليوم‏اليوم) وقد أسنده عبد الله بن كثير بن عوف‏عوف, إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- عن أبيه عن جده ورواه الدراوردى عن ربيعة بن الحارث بن بلال بن الحارث المزنى (‏أنأن النبي - صلى الله عليه وسلم- أخذ منه زكاة المعادن القبلية‏القبلية) قال أبو عبيد‏عبيد: القبلية بلاد معروفة بالحجاز ولأنه حق يحرم على أغنياء ذوى القربى‏القربى, فكان زكاة كالواجب في الأثمان التي كانت مملوكة له وحديثهم الأول لا يتناول محل النزاع لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- إنما ذكر ذلك في جواب سؤاله عن اللقطة وهذا ليس بلقطة‏بلقطة, ولا يتناول اسمها فلا يكون متناولا لمحل النزاع والحديث الثاني يرويه عبد الله بن سعيد وهو ضعيف وسائر أحاديثهم لا يعرف صحتها‏صحتها, ولا هي مذكورة في المسانيد والدواوين ثم هي متروكة الظاهر فإن هذا ليس هو المسمى بالركاز والسيوب‏والسيوب: هو الركاز لأنه مشتق من السيب وهو العطاء الجزيل‏الجزيل.
.
الفصل الثالث‏الثالث:
في نصاب المعادن وهو ما يبلغ من الذهب عشرين مثقالا‏مثقالا, ومن الفضة مائتى درهم أو قيمة ذلك من غيرهما وهذا مذهب الشافعي وأوجب أبو حنيفة الخمس في قليله وكثيره من غير اعتبار نصاب‏نصاب, بناء على أنه ركاز لعموم الأحاديث التي احتجوا بها عليه ولأنه لا يعتبر له حول فلم يعتبر له نصاب كالركاز ولنا‏ولنا, عموم قوله عليه السلام‏السلام: (‏ليسليس فيما دون خمس أواق صدقة‏صدقة) وقوله‏وقوله: (‏ليسليس في تسعين ومائة شيء‏شيء) وقوله عليه السلام‏السلام: (‏ليسليس عليكم في الذهب شيء حتى يبلغ عشرين مثقالا‏مثقالا) وقد بينا أن هذا ليس بركاز وأنه مفارق للركاز من حيث إن الركاز مال كافر أخذ في الإسلام‏الإسلام, فأشبه الغنيمة وهذا وجب مواساة وشكرا لنعمة الغنى فاعتبر له النصاب كسائر الزكوات وإنما لم يعتبر له الحول لحصوله دفعة واحدة فأشبه الزروع والثمار إذا ثبت هذا فإنه يعتبر إخراج النصاب دفعة واحدة أو دفعات‏دفعات, لا يترك العمل بينهن ترك إهمال فإن خرج دون النصاب ثم ترك العمل مهملا له‏له, ثم أخرج دون النصاب فلا زكاة فيهما وإن بلغا بمجموعهما نصابا وإن بلغ أحدهما نصابا دون الآخر زكى النصاب‏النصاب, ولا زكاة في الآخر وفيما زاد على النصاب بحسابه فأما ترك العمل ليلا أو للاستراحة أو لعذر من مرض‏مرض, أو لإصلاح الأداة أو إباق عبيده ونحوه فلا يقطع حكم العمل‏العمل, ويضم ما خرج في العملين بعضه إلى بعض في إكمال النصاب وكذلك إن كان مشتغلا بالعمل فخرج بين المعدنين تراب لا شيء فيه وإن اشتمل المعدن على أجناس‏أجناس, كمعدن فيه الذهب والفضة فذكر القاضي‏القاضي: أنه لا يضم أحدهما إلى الآخر في تكميل النصاب وأنه يعتبر النصاب في الجنس بانفراده لأنه أجناس فلا يكمل نصاب أحدهما بالآخر‏بالآخر, كغير المعدن والصواب إن شاء الله أنه إن كان المعدن يشتمل على ذهب وفضة ففي ضم أحدهما إلى الآخر وجهان بناء على الروايتين في ضم أحدهما إلى الآخر في غير المعدن‏المعدن, وإن كان فيه أجناس من غير الذهب والفضة ضم بعضها إلى بعض لأن الواجب في قيمتها‏قيمتها, والقيمة واحدة فأشبهت عروض التجارة وإن كان فيها أحد النقدين وجنس آخر‏آخر, ضم أحدهما إلى الآخر كما تضم العروض إلى الأثمان وإن استخرج نصابا من معدنين وجبت الزكاة فيه لأنه مال رجل واحد‏واحد, فأشبه الزرع في مكانين‏مكانين.
الفصل الرابع‏الرابع:
في وقت الوجوب وتجب الزكاة فيه حين يتناوله ويكمل نصابه ولا يعتبر له حول وهذا قول مالك‏مالك, والشافعي وأصحاب الرأي وقال إسحاق وابن المنذر‏المنذر: لا شيء في المعدن حتى يحول عليه الحول لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : (‏لالا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول‏الحول) ولنا‏ولنا, أنه مال مستفاد من الأرض فلا يعتبر في وجوب حقه حول كالزرع والثمار والركاز‏والركاز, ولأن الحول إنما يعتبر في غير هذا لتكميل النماء وهو يتكامل نماؤه دفعة واحدة فلا يعتبر له حول كالزروع‏كالزروع, والخبر مخصوص بالزرع والثمر فيخص محل النزاع بالقياس عليه إذا ثبت هذا فلا يجوز إخراج زكاته إلا بعد سبكه وتصفيته‏وتصفيته, كعشر الحب فإن أخرج ربع عشر ترابه قبل تصفيته وجب رده إن كان باقيا‏باقيا, أو قيمته إن كان تالفا والقول في قدر المقبوض قول الآخذ لأنه غارم فإن صفاه الآخذ فكان قدر الزكاة‏الزكاة, أجزأ وإن زاد رد الزيادة إلا أن يسمح له المخرج وإن نقص فعلى المخرج وما أنفقه الآخذ على تصفيته‏تصفيته, فهو من ماله لا يرجع به على المالك ولا يحتسب المالك ما أنفقه على المعدن في استخراجه من المعدن ولا في تصفيته وقال أبو حنيفة‏حنيفة: لا تلزمه المؤنة من حقه وشبهه بالغنيمة‏بالغنيمة, وبناه على أصله في أن هذا ركاز فيه الخمس وقد مضى الكلام في ذلك وقد ذكرنا أن الواجب في هذا زكاة فلا يحتسب بمؤنة استخراجه فتصفيته كالحب وإن كان ذلك دينا عليه احتسب به‏به, كما يحتسب بما أنفق على الزرع‏الزرع.
فصل‏فصل:
ولا زكاة في المستخرج من البحر كاللؤلؤ والمرجان والعنبر ونحوه في ظاهر قول الخرقي‏الخرقي, واختيار أبى بكر وروى نحو ذلك عن ابن عباس وبه قال عمر بن عبد العزيز وعطاء ومالك‏ومالك, والثوري وابن أبى ليلى والحسن بن صالح‏صالح, والشافعي وأبو حنيفة ومحمد‏ومحمد, وأبو ثور وأبو عبيد وعن أحمد رواية أخرى‏أخرى, أن فيه الزكاة لأنه خارج من معدن فأشبه الخارج من معدن البر ويحكى عن عمر بن عبد العزيز أنه أخذ من العنبر الخمس وهو قول الحسن‏الحسن, والزهري وزاد الزهري في اللؤلؤ يخرج من البحر ولنا أن ابن عباس قال‏قال: ليس في العنبر شيء إنما هو شيء ألقاه البحر وعن جابر نحوه رواهما أبو عبيد ولأنه قد كان يخرج على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وخلفائه‏وخلفائه, فلم يأت فيه سنة عنه ولا عن أحد من خلفائه من وجه يصح ولأن الأصل عدم الوجوب فيه‏فيه, ولا يصح قياسه على معدن البر لأن العنبر إنما يلقيه البحر فيوجد ملقى في البر على الأرض من غير تعب فأشبه المباحات المأخوذة من البر‏البر, كالمن والزنجبيل وغيرهما وأما السمك فلا شيء فيه بحال في قول أهل العلم كافة‏كافة, إلا شيء يروى عن عمر بن عبد العزيز رواه أبو عبيد عنه وقال‏وقال: ليس الناس على هذا ولا نعلم أحدا يعمل به وقد روى ذلك عن أحمد أيضا والصحيح أن هذا لا شيء فيه لأنه صيد فلم يجب فيه زكاة كصيد البر‏البر, ولأنه لا نص ولا إجماع على الوجوب فيه ولا يصح قياسه على ما فيه الزكاة فلا وجه لإيجابها فيه‏فيه.
فصل‏فصل:
والمعادن الجامدة تملك بملك الأرض التي هي فيها لأنها جزء من أجزاء الأرض‏الأرض, فهي كالتراب والأحجار الثابتة بخلاف الركاز فإنه ليس من أجزاء الأرض‏الأرض, وإنما هو مودع فيها وقد روى أبو عبيد بإسناده عن عكرمة مولى بلال بن الحارث المزنى قال‏قال: (‏أقطعأقطع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بلالا أرض كذا‏كذا, من مكان كذا إلى كذا وما كان فيها من جبل أو معدن قال‏قال: فباع بنو بلال من عمر بن عبد العزيز أرضا فخرج فيها معدنان‏معدنان, فقالوا‏فقالوا: إنما بعناك أرض حرث ولم نبعك المعدن وجاءوا بكتاب القطيعة التي قطعها رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لأبيهم في جريدة قال‏قال: فجعل عمر يمسحها على عينيه‏عينيه, وقال لقيمه‏لقيمه: انظر ما استخرجت منها وما أنفقت عليها فقاصهم بالنفقة‏بالنفقة, ورد عليهم الفضل‏الفضل) فعلى هذا ما يجده في ملك أو في موات فهو أحق به فإن سبق اثنان إلى معدن في موات فالسابق أولى به ما دام يعمل‏يعمل, فإذا تركه جاز لغيره العمل فيه وما يجده في مملوك يعرف مالكه فهو لمالك المكان فأما المعادن الجارية فهي مباحة على كل حال إلا أنه يكره له دخول ملك غيره إلا بإذنه وقد روى أنها‏أنها: تملك بملك الأرض التي هي فيها لأنها من نمائها وتوابعها‏وتوابعها, فكانت لمالك الأرض كفروع الشجر المملوك وثمرته‏وثمرته.
فصل‏فصل:
ويجوز بيع تراب المعدن والصاغة بغير جنسه ولا يجوز بجنسه إن كان مما يجرى فيه الربا لأنه يؤدى إلى الربا والزكاة على البائع لأنها وجبت في يده‏يده, كما لو باع الثمرة بعد بدو صلاحها وقد روى أبو عبيد في الأموال أن أبا الحارث المزنى اشترى تراب معدن بمائة شاة متبع فاستخرج منه ثمن ألف شاة فقال له البائع‏البائع: رد على البيع فقال‏فقال: لا أفعل فقال‏فقال: لآتين عليا فلآتين عليك - يعنى أسعى بك - فأتى على بن أبى طالب فقال‏فقال: إن أبا الحارث أصاب معدنا فأتاه على فقال‏فقال: أين الركاز الذي أصبت‏؟‏أصبت؟ فقال ما أصبت ركازا إنما أصابه هذا‏هذا, فاشتريته منه بمائة شاة متبع فقال له على ما أرى الخمس إلا عليك قال‏قال: فخمس المائة شاة إذا ثبت هذا فالواجب عليه زكاة المعدن لا زكاة الثمن لأن الزكاة إنما تعلقت بعين المعدن‏المعدن, أو بقيمته إن لم يكن من جنس الأثمان فأشبه ما لو باع السائمة بعد حولها أو الزرع أو الثمرة بعد بدو صلاحها‏صلاحها.
فصل:
فصل‏:‏
ومن أجر داره‏داره, فقبض كراها فلا زكاة عليه فيه حتى يحول عليه الحول وعن أحمد أنه يزكيه إذا استفاده والصحيح الأول لقول النبي - صلى الله عليه وسلم- : (‏لالا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول‏الحول) ولأنه مال مستفاد بعقد معاوضة‏معاوضة, فأشبه ثمن المبيع وكلام أحمد في الرواية الأخرى محمول على من أجر داره سنة‏سنة, وقبض أجرتها في آخرها فأوجب عليها زكاتها لأنه قد ملكها من أول الحول‏الحول, فصارت كسائر الديون إذا قبضها بعد حول زكاها حين يقبضها فإنه قد صرح بذلك في بعض الروايات عنه‏عنه, فيحمل مطلق كلامه على مقيده‏مقيده.
تجب الزكاة في قيمة عروض التجارة في قول أكثر أهل العلم قال ابن المنذر‏المنذر: أجمع أهل العلم على أن في العروض التي يراد بها التجارة الزكاة إذا حال عليها الحول روى ذلك عن عمر‏عمر, وابنه وابن عباس وبه قال الفقهاء السبعة والحسن‏والحسن, وجابر بن زيد وميمون بن مهران وطاوس‏وطاوس, والنخعي والثوري والأوزاعي‏والأوزاعي, والشافعي وأبو عبيد وإسحاق‏وإسحاق, وأصحاب الرأي وحكى عن مالك وداود أنه لا زكاة فيها لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال‏قال: (‏عفوتعفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق‏والرقيق) ولنا‏ولنا, ما روى أبو داود بإسناده عن سمرة بن جندب قال‏قال: (‏كانكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يأمرنا أن نخرج الزكاة مما نعده للبيع‏للبيع) وروى الدارقطني‏الدارقطني, عن أبى ذر قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول‏يقول: (‏فيفي الإبل صدقتها وفي الغنم صدقتها‏صدقتها, وفي البز صدقته‏صدقته) قاله بالزاى ولا خلاف أنها لا تجب في عينه وثبت أنها تجب في قيمته وعن أبى عمرو بن حماس‏حماس, عن أبيه قال‏قال: أمرنى عمر فقال‏فقال: أد زكاة مالك فقلت‏فقلت: ما لي مال إلا جعاب وأدم فقال‏فقال: قومها ثم أد زكاتها رواه الإمام أحمد‏أحمد, وأبو عبيد وهذه قصة يشتهر مثلها ولم تنكر فيكون إجماعا وخبرهم المراد به زكاة العين لا زكاة القيمة‏القيمة, بدليل ما ذكرنا على أن خبرهم عام وخبرنا خاص فيجب تقديمه‏تقديمه.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: والعروض إذا كانت لتجارة قومها إذا حال عليها الحول‏الحول, وزكاها
العروض‏العروض: جمع عرض وهو غير الأثمان من المال على اختلاف أنواعه من النبات والحيوان والعقار وسائر المال فمن ملك عرضا للتجارة‏للتجارة, فحال عليه حول وهو نصاب قومه في آخر الحول‏الحول, فما بلغ أخرج زكاته وهو ربع عشر قيمته ولا نعلم بين أهل العلم خلافا في اعتبار الحول وقد دل عليه قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم- (‏لالا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول‏الحول) إذا ثبت هذا فإن الزكاة تجب فيه في كل حول وبهذا قال الثوري والشافعي‏والشافعي, وإسحاق وأبو عبيد وأصحاب الرأي وقال مالك‏مالك: لا يزكيه إلا لحول واحد‏واحد, إلا أن يكون مدبرا لأن الحول الثاني لم يكن المال عينا في أحد طرفيه فلم تجب فيه الزكاة كالحول الأول إذا لم يكن في أوله عينا ولنا‏ولنا, أنه مال تجب الزكاة فيه في الحول الأول لم ينقص عن النصاب ولم تتبدل صفته‏صفته, فوجبت زكاته في الحول الثاني كما لو نقص في أوله ولا نسلم أنه إذا لم يكن في أوله عينا لا تجب الزكاة فيه وإذا اشترى عرضا للتجارة بعرض للقنية‏للقنية, جرى في حول الزكاة من حين اشتراه‏اشتراه.
فصل:
فصل‏:‏
ويخرج الزكاة من قيمة العروض دون عينها وهذا أحد قولي الشافعي وقال في آخر‏آخر: هو مخير بين الإخراج من قيمتها وبين الإخراج من عينها وهذا قول أبى حنيفة لأنها مال تجب فيه الزكاة فجاز إخراجها من عينه‏عينه, كسائر الأموال ولنا أن النصاب معتبر بالقيمة فكانت الزكاة منها كالعين في سائر الأموال ولا نسلم أن الزكاة تجب في المال وإنما وجبت في قيمته‏قيمته.
فصل:
فصل‏:‏
ولا يصير العرض للتجارة إلا بشرطين أحدهما أن يملكه بفعله‏بفعله, كالبيع والنكاح والخلع‏والخلع, وقبول الهبة والوصية والغنيمة‏والغنيمة, واكتساب المباحات لأن ما لا يثبت له حكم الزكاة بدخوله في ملكه لا يثبت بمجرد النية كالصوم ولا فرق بين أن يملكه بعوض أو بغير عوض ذكر ذلك أبو الخطاب وابن عقيل لأنه ملكه بفعله‏بفعله, أشبه الموروث والثاني أن ينوي عند تملكه أنه للتجارة فإن لم ينو عند تملكه أنه للتجارة لم يصر للتجارة وإن نواه بعد ذلك وإن ملكه بإرث وقصد أنه للتجارة‏للتجارة, لم يصر للتجارة لأن الأصل القنية والتجارة عارض فلم يصر إليها بمجرد النية‏النية, كما لو نوى الحاضر السفر لم يثبت له حكم السفر بدون الفعل وعن أحمد رواية أخرى‏أخرى, أن العرض يصير للتجارة بمجرد النية (‏لقوللقول سمرة‏سمرة: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أن نخرج الصدقة مما نعد للبيع‏للبيع) فعلى هذا لا يعتبر أن يملكه بفعله ولا أن يكون في مقابلة عوض بل متى نوى به التجارة صار للتجارة‏للتجارة.
فصل:
فصل‏:‏
وإذا ملك نصابًا للتجارة في أوقات متفرقة‏متفرقة, لم يضم بعضها إلى بعض لما بينا من أن المستفاد لا يضم إلى ما عنده في الحول وإن كان العرض الأول ليس بنصاب وكمل بالثانى نصابا فحولهما من حين ملك الثاني ونماؤهما تابع لهما‏لهما, ولا يضم الثالث إليهما بل ابتداء الحول من حين ملكه وتجب فيه الزكاة وإن كان دون النصاب لأن قبله نصابا ولهذا يخرج عنه بالحصة‏بالحصة, ونماؤه تابع له‏له.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: وتقوم السلع إذا حال الحول بالأحظ للمساكين من عين أو ورق ولا يعتبر ما اشتريت به يعنى إذا حال الحول على العروض وقيمتها بالفضة نصاب‏نصاب, ولا تبلغ نصابا بالذهب قومناها بالفضة ليحصل للفقراء منها حظ ولو كانت قيمتها بالفضة دون النصاب وبالذهب تبلغ نصابا قومناها بالذهب لتجب الزكاة فيها ولا فرق بين أن يكون اشتراؤها بذهب أو فضة أو عروض وبهذا قال أبو حنيفة وقال الشافعي‏الشافعي: تقوم بما اشتراه من ذهب أو فضة لأن نصاب العروض مبنى على ما اشتراه به‏به, فيجب أن تجب الزكاة فيه وتعتبر به كما لو لم يشتر به شيئا ولنا أن قيمته بلغت نصابا فتجب الزكاة فيه كما لو اشتراه بعرض وفي البلد نقدان مستعملان‏مستعملان, تبلغ قيمة العروض بأحدهما نصابا ولأن تقويمه لحظ المساكين فيعتبر ما لهم فيه الحظ كالأصل وأما إذا لم يشتر بالنقد شيئا‏شيئا, فإن الزكاة في عينه لا في قيمته بخلاف العرض‏العرض, إلا أن يكون النقد معدا للتجارة فينبغي أن تجب الزكاة فيه إذا بلغت قيمته بالنقد الآخر نصابا وإن لم تبلغ بعينه نصابا لأنه مال تجارة بلغت قيمته نصابا‏نصابا, فوجبت زكاته كالعروض فأما إذا بلغت قيمة العروض نصابا بكل واحد من الثمنين قومه بما شاء منهما‏منهما, وأخرج ربع عشر قيمته من أي النقدين شاء لكن الأولى أن يخرج من النقد المستعمل في البلد لأنه أحظ للمساكين‏للمساكين, وإن كانا مستعملين أخرج من الغالب في الاستعمال لذلك فإن تساويا أخرج من أيهما شاء وإذا باع العروض بنقد وحال الحول عليه‏عليه, قوم النقد دون العروض لأنه إنما يقوم ما حال عليه الحول دون غيره‏غيره.
فصل:
فصل‏:‏
وإذا اشترى عرضا للتجارة بنصاب من الأثمان أو بما قيمته نصاب من عروض التجارة‏التجارة, بنى حول الثاني على الحول الأول لأن مال التجارة إنما تتعلق الزكاة بقيمته وقيمته هي‏هي: الأثمان نفسها وكما إذا كانت ظاهرة فخفيت‏فخفيت, فأشبه ما لو كان له نصاب فأقرضه لم ينقطع حوله بذلك وهكذا الحكم إذا باع العرض بنصاب أو بعرض قيمته نصاب لأن القيمة كانت خفية فظهرت‏فظهرت, أو بقيت على خفائها فأشبه ما لو كان له قرض فاستوفاه أو أقرضه إنسانا آخر‏آخر, ولأن النماء في الغالب في التجارة إنما يحصل بالتقليب ولو كان ذلك يقطع الحول لكان السبب الذي وجبت فيه الزكاة لأجله يمنعها لأن الزكاة لا تجب إلا في مال نام وإن قصد بالأثمان غير التجارة لم ينقطع الحول أيضا وقال الشافعي‏الشافعي: ينقطع قولا واحدا لأنه مال تجب الزكاة في عينه دون قيمته فانقطع الحول بالبيع به‏به, كالسائمة ولنا أنه من جنس القيمة التي تتعلق الزكاة بها فلم ينقطع الحول ببيعها به‏به, كما لو قصد به التجارة وفارق السائمة فإنها من غير جنس القيمة‏القيمة, فأما إن أبدل عرض التجارة بما تجب الزكاة في عينه كالسائمة ولم ينو به التجارة لم يبن حول أحدهما على الآخر لأنهما مختلفان وإن أبدله بعرض للقنية‏للقنية, بطل الحول وإن اشترى عرض التجارة بعرض القنية انعقد عليه الحول من حين ملكه إن كان نصابا لأنه اشتراه بما لا زكاة فيه فلم يمكن بناء الحول عليه وإن اشتراه بنصاب من السائمة‏السائمة, لم يبن على حوله لأنهما مختلفان وإن اشتراه بما دون النصاب من الأثمان أو من عروض التجارة انعقد عليه الحول من حين تصير قيمته نصابا لأن مضى الحول على نصاب كامل شرط لوجوب الزكاة‏الزكاة.
فصل:
فصل‏:‏
وإذا اشترى للتجارة نصابا من السائمة‏السائمة, فحال الحول والسوم ونية التجارة موجودان زكاه زكاة التجارة وبهذا قال أبو حنيفة‏حنيفة, والثوري وقال مالك والشافعي في الجديد‏الجديد: يزكيها زكاة السوم لأنها أقوى لانعقاد الإجماع عليها‏عليها, واختصاصها بالعين فكانت أولى ولنا أن زكاة التجارة أحظ للمساكين لأنها تجب فيما زاد بالحساب‏بالحساب, ولأن الزائد عن النصاب قد وجد سبب وجوب زكاته فيجب كما لو لم يبلغ بالسوم نصابا وإن سبق وقت وجوب زكاة السوم وقت وجوب زكاة التجارة‏التجارة, مثل أن يملك أربعين من الغنم قيمتها دون مائتى درهم ثم صارت قيمتها في نصف الحول مائتى درهم فقال القاضي‏القاضي: يتأخر وجوب الزكاة حتى يتم حول التجارة لأنه أنفع للفقراء‏للفقراء, وإلا يفضي التأخير إلى سقوطها لأن الزكاة تجب فيها إذا تم حول التجارة ويحتمل أن تجب زكاة العين عند تمام حولها لوجود مقتضيها من غير معارض فإذا تم حول التجارة وجبت زكاة الزائد عن النصاب لوجود مقتضيها لأن هذا مال للتجارة‏للتجارة, حال الحول عليه وهو نصاب ولا يمكن إيجاب الزكاتين بكمالهما لأنه يفضي إلى إيجاب زكاتين في حول واحد بسبب واحد‏واحد, فلم يجز ذلك لقول النبي - صلى الله عليه وسلم- : (‏لالا تثنى في الصدقة‏الصدقة) وفارق هذا زكاة التجارة وزكاة الفطر فإنهما يجتمعان لأنهما بسببين‏بسببين, فإن زكاة الفطر تجب عن بدن الإنسان المسلم طهرة له وزكاة التجارة تجب عن قيمته شكرا لنعمة الغنى ومواساة للفقراء فأما إن وجد نصاب السوم دون نصاب التجارة‏التجارة, مثل أن يملك ثلاثين من البقر قيمتها مائة وخمسون درهما وحال الحول عليها كذلك‏كذلك, فإن زكاة العين تجب بغير خلاف لأنه لم يوجد لها معارض فوجبت كما لو لم تكن للتجارة‏للتجارة.
فصل:
فصل‏:‏
وإن اشترى نخلا أو أرضا للتجارة‏للتجارة, فزرعت الأرض وأثمرت النخل فاتفق حولاهما بأن يكون بدو الصلاح في الثمرة واشتداد الحب عند تمام الحول‏الحول, وكانت قيمة الأرض والنخل بمفردها نصابا للتجارة فإنه يزكى الثمرة والحب زكاة العشر ويزكى الجميع زكاة القيمة وهذا قول أبى حنيفة‏حنيفة, وأبى ثور وقال القاضي وأصحابه‏وأصحابه: يزكى الجميع زكاة القيمة وذكر أن أحمد أومأ إليه لأنه مال تجارة فتجب فيه زكاة التجارة كالسائمة ولنا‏ولنا, أن زكاة العشر أحظ للفقراء فإن العشر أحظ من ربع العشر فيجب تقديم ما فيه الحظ‏الحظ, ولأن الزيادة على ربع العشر قد وجد سبب وجوبها فتجب وفارق السائمة المعدة للتجارة فإن زكاة السوم أقل من زكاة التجارة‏التجارة.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: وإذا اشتراها للتجارة‏للتجارة, ثم نواها للاقتناء ثم نواها للتجارة فلا زكاة فيها حتى يبيعها‏يبيعها, ويستقبل بثمنها حولا لا يختلف المذهب في أنه إذا نوى بعرض التجارة القنية أنه يصير للقنية وتسقط الزكاة منه وبهذا قال الشافعي‏الشافعي, وأصحاب الرأي وقال مالك في إحدى الروايتين عنه‏عنه: لا يسقط حكم التجارة بمجرد النية كما لو نوى بالسائمة العلف ولنا أن القنية الأصل‏الأصل, ويكفى في الرد إلى الأصل مجرد النية كما لو نوى بالحلى التجارة أو نوى المسافر الإقامة‏الإقامة, ولأن نية التجارة شرط لوجوب الزكاة في العروض فإذا نوى القنية زالت نية التجارة ففات شرط الوجوب‏الوجوب, وفارق السائمة إذا نوى علفها لأن الشرط فيها الإسامة دون نيتها فلا ينتفى الوجوب إلا بانتفاء السوم وإذا صار العرض للقنية بنيتها‏بنيتها, فنوى به التجارة لم يصر للتجارة بمجرد النية على ما أسلفناه وبهذا قال أبو حنيفة‏حنيفة, ومالك والشافعي والثوري وذهب ابن عقيل‏عقيل, وأبو بكر إلى أنه يصير للتجارة بمجرد النية وحكوه رواية عن أحمد لقوله‏لقوله: في من أخرجت أرضه خمسة أوسق‏أوسق, فمكثت عنده سنين لا يريد بها التجارة فليس عليه زكاة وإن كان يريد التجارة فأعجب إلى أن يزكيه قال بعض أصحابنا‏أصحابنا: هذا على أصح الروايتين لأن نية القنية بمجردها كافية‏كافية, فكذلك نية التجارة بل أولى لأن الإيجاب يغلب على الإسقاط احتياطا ولأنه أحظ للمساكين‏للمساكين, فاعتبر كالتقويم ولأن سمرة قال‏قال: (‏أمرناأمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أن نخرج الصدقة مما نعده للبيع‏للبيع) وهذا داخل في عمومه ولأنه نوى به التجارة‏التجارة, فوجبت فيه الزكاة كما لو نوى حال البيع ولنا أن كل ما لا يثبت له الحكم بدخوله في ملكه‏ملكه, لا يثبت بمجرد النية كما لو نوى بالمعلوفة السوم ولأن القنية الأصل‏الأصل, والتجارة فرع عليها فلا ينصرف إلى الفرع بمجرد النية كالمقيم ينوي السفر‏السفر, وبالعكس من ذلك ما لو نوى القنية فإنه يردها إلى الأصل فانصرف إليه بمجرد النية‏النية, كما لو نوى المسافر الإقامة فكذلك إذا نوى بمال التجارة القنية انقطع حوله ثم إذا نوى به التجارة‏التجارة, فلا شيء فيه حتى يبيعه ويستقبل بثمنه حولا‏حولا.
فصل:
فصل‏:‏
فإن كانت عنده ماشية للتجارة نصف حول فنوى بها الإسامة‏الإسامة, وقطع نية التجارة انقطع حول التجارة واستأنف حولا كذلك قال الثوري‏الثوري, وأبو ثور وأصحاب الرأي لأن حول التجارة انقطع بنية الاقتناء وحول السوم لا ينبنى على حول التجارة والأشبه بالدليل أنها متى كانت سائمة من أول الحول‏الحول, وجبت الزكاة فيها عند تمامه وهذا يروى نحوه عن إسحاق لأن السوم سبب لوجوب الزكاة وجد في جميع الحول خاليا عن معارض فوجبت به الزكاة‏الزكاة, كما لو لم ينو التجارة أو كما لو كانت السائمة لا تبلغ نصابا بالقيمة‏بالقيمة.
فصل:
فصل‏:‏
وإن اشترى للتجارة ما ليس بنصاب فنما حتى صار نصابا‏نصابا, انعقد عليه الحول من حين صار نصابا في قول أكثر أهل العلم وقال مالك‏مالك: إذا كانت له خمسة دنانير فاتجر فيها فحال عليها الحول وقد بلغت ما تجب فيه الزكاة‏الزكاة, يزكيها ولنا أنه لم يحل الحول على نصاب فلم تجب فيه الزكاة‏الزكاة, كما لو نقص في آخره‏آخره.
فصل:
فصل‏:‏
شراء شقص للتجارة بألف فحال عليه الحول وهو يساوى ألفين فعليه زكاة ألفين
وإذا اشترى للتجارة شقصا بألف فحال عليه الحول وهو يساوى ألفين فعليه زكاة ألفين‏ألفين, فإن جاء الشفيع أخذه بألف لأن الشفيع إنما يأخذ بالثمن لا بالقيمة والزكاة على المشترى لأنها وجبت وهو في ملكه ولو لم يأخذه الشفيع‏الشفيع, لكن وجد به عيبا فرده فإنه يأخذ من البائع ألفا ولو انعكست المسألة فاشتراه بألفين‏بألفين, وحال الحول وقيمته ألف فعليه زكاة ألف ويأخذه الشفيع إن أخذه‏أخذه, ويرده بالعيب بألفين لأنهما الثمن الذي وقع البيع به‏به.
فصل:
فصل‏:‏
وإن دفع إلى رجل ألفا مضاربة على أن الربح بينهما نصفان فحال الحول وقد صار ثلاثة آلاف‏آلاف, فعلى رب المال زكاة ألفين لأن ربح التجارة حوله حول أصله وقال الشافعي في أحد قوليه‏قوليه: عليه زكاة الجميع لأن الأصل له والربح نماء ماله ولا يصح لأن حصة المضارب له‏له, وليست ملكا لرب المال بدليل أن للمضارب المطالبة بها ولو أراد رب المال دفع حصته إليه من غير هذا المال‏المال, لم يلزمه قبوله ولا تجب على الإنسان زكاة ملك غيره ولأن رب المال يقول‏يقول: حصتك أيها العامل مترددة بين أن تسلم فتكون لك‏لك, أو تتلف فلا تكون لي ولا لك فكيف يكون على زكاة ما ليس لي بوجه ما وقوله‏وقوله: إنه نماء ماله قلنا‏قلنا: لكنه لغيره‏لغيره, فلم تجب عليه زكاة كما لو وهب نتاج سائمته لغيره إذا ثبت هذا فإنه يخرج الزكاة من المال لأنه من مؤنته‏مؤنته, فكان منه كمؤنة حمله ويحسب من الربح لأنه وقاية لرأس المال وأما العامل فليس عليه زكاة في حصته حتى يقتسما‏يقتسما, ويستأنف حولا من حينئذ نص عليه أحمد في رواية صالح وابن منصور فقال‏فقال: إذا احتسبا يزكى المضارب إذا حال الحول من حين احتسبه لأنه علم ماله في المال‏المال, ولأنه إذا اتضع بعد ذاك كانت الوضيعة على رب المال يعنى إذا اقتسما لأن القسمة في الغالب تكون عند المحاسبة ألا تراه يقول‏يقول: إن اتضع بعد ذلك كانت الوضيعة على رب المال وإنما يكون هذا بعد القسمة وقال أبو الخطاب‏الخطاب: يحتسب حوله من حين ظهور الربح يعنى إذا كمل نصابا إلا على قول من قال‏قال: إن الشركة تؤثر في غير الماشية قال‏قال: ولا يجب إخراج زكاته حتى يقبض المال لأن العامل يملك الربح بظهوره‏بظهوره, فإذا ملكه جرى في حول الزكاة ولأن من أصلنا أن في المال الضال والمغصوب والدين على مماطل الزكاة وإن كان رجوعه إلى ملك يده مظنونا‏مظنونا, كذا ها هنا ولنا أن ملك المضارب غير تام لأنه يعرض أن تنقص قيمة الأصل أو يخسر فيه‏فيه, وهذا وقاية له ولهذا منع من الاختصاص به والتصرف فيه بحق نفسه‏نفسه, فلم يكن فيه زكاة كمال المكاتب يؤكد هذا أنه لو كان ملكا تاما لاختص بربحه‏بربحه, فلو كان رأس المال عشرة فاتجر فيه فربح عشرين ثم اتجر فربح ثلاثين لكانت الخمسون التي ربحها بينهما نصفين‏نصفين, ولو تم ملكه بمجرد ظهور الربح لملك من العشرين الأولى عشرة واختص بربحها‏بربحها, وهي عشرة من الثلاثين وكانت العشرون الباقية بينهما نصفين فيملك المضارب ثلاثين‏ثلاثين, ولرب المال ثلاثون كما لو اقتسما العشرين ثم خلطاها وفارق المغصوب والضال فإن الملك فيه ثابت تام إنما حيل بينه وبينه‏وبينه, بخلاف مسألتنا ومن أوجب الزكاة على المضارب فإنما يوجبها عليه إذا حال الحول من حين تبلغ حصته نصابا بمفردها أو بضمها إلى ما عنده من جنس المال أو من الأثمان إلا على الرواية التي تقول إن للشركة تأثيرا في غير السائمة وليس عليه إخراجها قبل القسمة‏القسمة, كالدين لا يجب الإخراج منه قبل قبضه وإن أراد إخراجها منه قبل القسمة لم يجز لأن الربح وقاية لرأس المال ويحتمل أن يجوز لأنهما دخلا على حكم الإسلام ومن حكمه وجوب الزكاة‏الزكاة, وإخراجها من المال‏المال.
فصل:
فصل‏:‏
وإذا أذن كل واحد من الشريكين لصاحبه في إخراج زكاته أو أذن رجلان غير شريكين كل واحد منهما للآخر في إخراج زكاته فأخرج كل واحد منهما زكاته وزكاة صاحبه معا‏معا, في حال واحدة ضمن كل واحد منهما نصيب صاحبه لأن كل واحد منهما انعزل من طريق الحكم عن الوكالة لإخراج من عليه الزكاة زكاته بنفسه ويحتمل أن لا يضمن‏يضمن, إذا لم يعلم بإخراج صاحبه إذا قلنا إن الوكيل لا ينعزل قبل الحكم بعزل الموكل أو بموته ويحتمل أن لا يضمن وإن قلنا إنه ينعزل لأنه غره بتسليطه على الإخراج‏الإخراج, وأمره به ولم يعلمه بإخراجه فكان خطر التغرير عليه‏عليه, كما لو غره بحرية أمة وهذا أحسن - إن شاء الله تعالى- وعلى هذا إن علم أحدهما دون الآخر فعلى العالم الضمان دون الآخر فأما إن أخرجها أحدهما قبل الآخر‏الآخر, فعلى هذا الوجه لا ضمان على واحد منهما إذا لم يعلم وعلى الأول على الثاني الضمان دون الأول‏الأول.
باب زكاة الدين والصدقة
الصدقة‏الصدقة: هي الصداق وجمعها صدقات‏صدقات, قال الله تعالى‏تعالى: {‏وآتواوآتوا النساء صدقاتهن نحلة‏نحلة} [‏النساء‏النساء: 4‏4]‏‏. وهي من جملة الديون وحكمها حكمها وإنما أفردها بالذكر لاشتهارها باسم خاص‏خاص.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: وإذا كان معه مائتا درهم وعليه دين‏دين, فلا زكاة عليه وجملة ذلك أن الدين يمنع وجوب الزكاة في الأموال الباطنة رواية واحدة وهي الأثمان وعروض التجارة وبه قال عطاء‏عطاء, وسليمان بن يسار وميمون بن مهران والحسن‏والحسن, والنخعي والليث ومالك‏ومالك, والثوري والأوزاعي وإسحاق‏وإسحاق, وأبو ثور وأصحاب الرأي وقال ربيعة وحماد بن أبى سليمان‏سليمان, والشافعي في جديد قوليه‏قوليه: لا يمنع الزكاة لأنه حر مسلم ملك نصابا حولا فوجبت عليه الزكاة كمن لا دين عليه ولنا ما روى أبو عبيد في " الأموال "‏‏: حدثنا إبراهيم بن سعد‏سعد, عن ابن شهاب عن السائب بن يزيد قال‏قال: سمعت عثمان بن عفان يقول‏يقول: هذا شهر زكاتكم‏زكاتكم, فمن كان عليه دين فليؤده حتى تخرجوا زكاة أموالكم وفي رواية‏رواية: فمن كان عليه دين فليقض دينه وليزك بقية ماله قال ذلك بمحضر من الصحابة‏الصحابة, فلم ينكروه فدل على اتفاقهم عليه وروى أصحاب مالك عن عمير بن عمران‏عمران, عن شجاع عن نافع عن ابن عمر‏عمر, قال‏قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : (‏إذاإذا كان لرجل ألف درهم وعليه ألف درهم فلا زكاة عليه‏عليه) وهذا نص ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال‏قال: (‏أمرتأمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم‏أغنيائكم, فأردها في فقرائكم‏فقرائكم) فدل على أنها إنما تجب على الأغنياء ولا تدفع إلا إلى الفقراء وهذا ممن يحل له أخذ الزكاة فيكون فقيرا‏فقيرا, فلا تجب عليه الزكاة لأنها لا تجب إلا على الأغنياء للخبر ولقوله عليه السلام‏السلام: (‏لالا صدقة إلا عن ظهر غنى‏غنى) ويخالف من لا دين له عليه‏عليه, فإنه غنى يملك نصابا يحقق هذا أن الزكاة إنما وجبت مواساة للفقراء وشكرا لنعمة الغنى‏الغنى, والمدين محتاج إلى قضاء دينه كحاجة الفقير أو أشد وليس من الحكمة تعطيل حاجة المالك لحاجة غيره ولا حصل له من الغنى ما يقتضي الشكر بالإخراج‏بالإخراج, وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم- : (‏ابدأابدأ بنفسك ثم بمن تعول‏تعول) .
فصل:
فصل‏:‏
فأما الأموال الظاهرة وهي السائمة والحبوب‏والحبوب, والثمار فروى عن أحمد أن الدين يمنع الزكاة أيضا فيها لما ذكرناه في الأموال الباطنة قال أحمد‏أحمد, في رواية إسحاق بن إبراهيم‏إبراهيم: يبتدئ بالدين فيقضيه ثم ينظر ما بقي عنده بعد إخراج النفقة فيزكى ما بقي‏بقي, ولا يكون على أحد دينه أكثر من ماله صدقة في إبل‏إبل, أو بقر أو غنم أو زرع‏زرع, ولا زكاة وهذا قول عطاء والحسن وسليمان‏وسليمان, وميمون بن مهران والنخعي والثوري‏والثوري, والليث وإسحاق لعموم ما ذكرنا وروي‏وروي, أنه لا يمنع الزكاة فيها وهو قول مالك والأوزاعي والشافعي وروى عن أحمد أنه قال‏قال: قد اختلف ابن عمر وابن عباس‏عباس, فقال ابن عمر‏عمر: يخرج ما استدان أو أنفق على ثمرته وأهله ويزكى ما بقي وقال الآخر‏الآخر: يخرج ما استدان على ثمرته ويزكى ما بقي وإليه أذهب أن لا يزكى ما أنفق على ثمرته خاصة‏خاصة, ويزكى ما بقي لأن المصدق إذا جاء فوجد إبلا أو بقرا أو غنما‏غنما, لم يسأل أي شيء على صاحبها من الدين وليس المال هكذا فعلى هذه الرواية لا يمنع الدين الزكاة في الأموال الظاهرة‏الظاهرة, إلا في الزرع والثمار فيما استدانه للإنفاق عليها خاصة وهذا ظاهر قول الخرقي لأنه قال في الخراج‏الخراج: يخرجه‏يخرجه, ثم يزكى ما بقي جعله كالدين على الزرع وقال في الماشية المرهونة‏المرهونة: ( يؤدى منها إذا لم يكن له مال يؤدى عنها ) فأوجب الزكاة فيها مع الدين وقال أبو حنيفة‏حنيفة: الدين الذي تتوجه فيه المطالبة يمنع في سائر الأموال إلا الزرع والثمار بناء منه على أن الواجب فيها ليس بصدقة والفرق بين الأموال الظاهرة والباطنة أن تعلق الزكاة بالظاهرة آكد‏آكد, لظهورها وتعلق قلوب الفقراء بها ولهذا يشرع إرسال من يأخذ صدقتها من أربابها (‏وكانوكان النبي - صلى الله عليه وسلم- يبعث السعاة فيأخذون الصدقة من أربابها‏أربابها,‏‏) وكذلك الخلفاء بعده وعلى منعها قاتلهم أبو بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ ولم يأت عنه أنهم استكرهوا أحدا على صدقة الصامت ولا طالبوه بها‏بها, إلا أن يأتي بها طوعا ولأن السعاة يأخذون زكاة ما يجدون ولا يسألون عما على صاحبها من الدين‏الدين, فدل على أنه لا يمنع زكاتها ولأن تعلق أطماع الفقراء بها أكثر والحاجة إلى حفظها أوفر‏أوفر, فتكون الزكاة فيها أوكد‏أوكد.
فصل:
فصل‏:‏
وإنما يمنع الدين الزكاة إذا كان يستغرق النصاب أو ينقصه ولا يجد ما يقضيه به سوى النصاب‏النصاب, أو ما لا يستغنى عنه مثل أن يكون له عشرون مثقالا وعليه مثقال أو أكثر أو أقل‏أقل, مما ينقص به النصاب إذا قضاه به ولا يجد قضاء له من غير النصاب فإن كان له ثلاثون مثقالا‏مثقالا, وعليه عشرة فعليه زكاة العشرين وإن كان عليه أكثر من عشرة فلا زكاة عليه وإن كان عليه خمسة‏خمسة, فعليه زكاة خمسة وعشرين ولو أن له مائة من الغنم وعليه ما يقابل ستين فعليه زكاة الأربعين فإن كان عليه ما يقابل إحدى وستين‏وستين, فلا زكاة عليه لأنه ينقص النصاب وإن كان له مالان من جنسين وعليه دين جعله في مقابلة ما يقضي منه‏منه, فلو كان له خمس من الإبل ومائتا درهم فإن كانت عليه سلما أو دية ونحو ذلك مما يقضي بالإبل‏بالإبل, جعلت الدين في مقابلتها ووجبت عليه زكاة الدراهم وإن كان أتلفها أو غصبها جعلت قيمتها في مقابلة الدراهم لأنها تقضي منها وإن كانت قرضا‏قرضا, خرج على الوجهين فيما يقضي منه فإن كانت إذا جعلناها في مقابلة أحد المالين‏المالين, فضلت منها فضلة تنقص النصاب الآخر وإذا جعلناها في مقابلة الآخر لم يفضل منها شيء‏شيء, كرجل له خمس من الإبل ومائتا درهم وعليه ست من الإبل قيمتها مائتا درهم فإذا جعلناها في مقابلة المائتين لم يفضل من الدين شيء‏شيء, نقص نصاب السائمة وإذا جعلناها في مقابلة الإبل فضل منها بعير ينقص نصاب الدراهم‏الدراهم, أو كانت بالعكس مثل أن يكون عليه مائتان وخمسون درهما وله من الإبل خمس أو أكثر تساوي الدين‏الدين, أو تفضل عليه جعلنا الدين في مقابلة الإبل ها هنا وفي مقابلة الدراهم في الصورة الأولى لأن له من المال ما يقضي به الدين سوى النصاب وكذلك لو كان عليه مائة درهم‏درهم, وله مائتا درهم وتسع من الإبل فإذا جعلناها في مقابلة الإبل لم ينقص نصابها لكون الأربع الزائدة عنه تساوي المائة وأكثر منها وإن جعلناه في مقابلة الدراهم سقطت الزكاة منها‏منها, فجعلناها في مقابلة الإبل كما ذكرنا في التي قبلها ولأن ذلك أحظ للفقراء وذكر القاضي نحو هذا‏هذا, فإنه قال‏قال: إذا كان النصابان زكويين جعلت الدين في مقابلة ما الحظ للمساكين في جعله في مقابلته وإن كان من غير جنس الدين فإن كان أحد المالين لا زكاة فيه‏فيه, والآخر فيه الزكاة كرجل عليه مائتا درهم وله مائتا درهم‏درهم, وعروض للقنية تساوي مائتين فقال القاضي‏القاضي: يجعل الدين في مقابلة العروض وهذا مذهب مالك وأبي عبيد‏عبيد, قال أصحاب الشافعي‏الشافعي: وهو مقتضى قوله لأنه مالك لمائتين زائدة عن مبلغ دينه فوجبت عليه زكاتها كما لو كان جميع ماله جنسا واحدا وظاهر كلام أحمد‏أحمد, - رحمه الله- أنه يجعل الدين في مقابلة ما يقضي منه فإنه قال في رجل عنده ألف وعليه ألف وله عروض بألف‏بألف: إن كانت العروض للتجارة زكاها‏زكاها, وإن كانت لغير التجارة فليس عليه شيء وهذا مذهب أبي حنيفة ويحكى عن الليث بن سعد لأن الدين يقضى من جنسه عند التشاح فجعل الدين في مقابلته أولى‏أولى, كما لو كان النصابان زكويين ويحتمل أن يحمل كلام أحمد ها هنا على ما إذا كان العرض تتعلق به حاجته الأصلية ولم يكن فاضلا عن حاجته فلا يلزمه صرفه في وفاء الدين لأن الحاجة أهم‏أهم, ولذلك لم تجب الزكاة في الحلي المعد للاستعمال ويكون قول القاضي محمولا على من كان العرض فاضلا عن حاجته وهذا أحسن لأنه في هذه الحال مالك لنصاب فاضل عن حاجته وقضاء دينه‏دينه, فلزمته زكاته كما لو لم يكن عليه دين فأما إن كان عنده نصابان زكويان وعليه دين من غير جنسهما‏جنسهما, ولا يقضي من أحدهما فإنك تجعله في مقابلة ما الحظ للمساكين في جعله في مقابلته‏مقابلته.
فصل:
فصل‏:‏
فأما دين الله تعالى كالكفارة والنذر‏والنذر, ففيه وجهان أحدهما يمنع الزكاة كدين الآدمي لأنه دين يجب قضاؤه فهو كدين الآدمي يدل عليه قول النبي - صلى الله عليه وسلم- : (‏ديندين الله أحق أن يقضي‏يقضي) والآخر‏والآخر: لا يمنع لأن الزكاة آكد منه لتعلقها بالعين‏بالعين, فهو كأرش الجناية ويفارق دين الآدمي لتأكده‏لتأكده, وتوجه المطالبة به فإن نذر الصدقة بمعين فقال‏فقال: لله على أن أتصدق بهذه المائتي درهم إذا حال الحول فقال ابن عقيل‏عقيل: يخرجها في النذر ولا زكاة عليه لأن النذر آكد لتعلقه بالعين‏بالعين, والزكاة مختلف فيها ويحتمل أن تلزمه زكاتها وتجزئه الصدقة بها إلا أن ينوي الزكاة بقدرها‏بقدرها, ويكون ذلك صدقة تجزئه عن الزكاة والنذر لكون الزكاة صدقة وسائرها يكون صدقة لنذره وليس بزكاة وإن نذر الصدقة ببعضها وكان ذلك البعض قدر الزكاة أو أكثر‏أكثر, فعلى هذا الاحتمال يخرج المنذور وينوي الزكاة بقدرها منه وعلى قول ابن عقيل يحتمل أن تجب الزكاة عليه لأن النذر إنما تعلق بالبعض بعد وجود سبب الزكاة وتمام شرطه‏شرطه, فلا يمنع الوجوب لكون المحل متسعا لهما جميعا وإن كان المنذور أقل من قدر الزكاة وجب قدر الزكاة‏الزكاة, ودخل النذر فيه في أحد الوجهين وفي الآخر يجب إخراجهما جميعا‏جميعا.
فصل‏فصل:
إذا قلنا‏قلنا: لا يمنع الدين وجوب الزكاة في الأموال الظاهرة فحجر الحاكم عليه بعد وجوب الزكاة‏الزكاة, لم يملك إخراجها لأنه قد انقطع تصرفه في ماله وإن أقر بها بعد الحجر لم يقبل إقراره وكانت عليه في ذمته كدين الآدمي ويحتمل أن تسقط إذا حجر عليه قبل إمكان أدائها‏أدائها, كما لو تلف ماله فإن أقر الغرماء بوجوب الزكاة عليه أو ثبت ببينة أو كان قد أقر بها قبل الحجر عليه وجب إخراجها من المال‏المال, فإن لم يخرجوها فعليهم إثمها‏إثمها.
فصل‏فصل:
وإذا جنى العبد المعد للتجارة جناية تعلق أرشها برقبته منع وجوب الزكاة فيه إن كان ينقص النصاب لأنه دين وإن لم ينقص النصاب‏النصاب, منع الزكاة في قدر ما يقابل الأرش‏الأرش.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: وإذا كان له دين على مليء فليس عليه زكاة حتى يقبضه فيؤدي لما مضى وجملة ذلك أن الدين على ضربين أحدهما دين على معترف به باذل له‏له, فعلى صاحبه زكاته إلا أنه لا يلزمه إخراجها حتى يقبضه فيؤدي لما مضى‏مضى, روى ذلك عن على ـ رضي الله عنه ـ وبهذا قال الثوري وأبو ثور وأصحاب الرأي وقال عثمان وابن عمر ـ رضي الله عنهم ـ وجابر وطاوس والنخعي وجابر بن زيد والحسن وميمون بن مهران والزهري وقتادة وحماد بن أبي سليمان والشافعي وإسحاق وأبو عبيد عليه إخراج الزكاة في الحال‏الحال, وإن لم يقبضه لأنه قادر على أخذه والتصرف فيه فلزمه إخراج زكاته كالوديعة وقال عكرمة ليس في الدين زكاة وروي ذلك عن عائشة وابن عمر ـ رضي الله عنهم ـ لأنه غير نام‏نام, فلم تجب زكاته كعروض القنية وروي عن سعيد بن المسيب وعطاء بن أبي رباح وعطاء الخراساني وأبي الزناد‏الزناد: يزكيه إذا قبضه لسنة واحدة ولنا أنه دين ثابت في الذمة‏الذمة, فلم يلزمه الإخراج قبل قبضه كما لو كان على معسر ولأن الزكاة تجب على طريق المواساة‏المواساة, وليس من المواساة أن يخرج زكاة مال لا ينتفع به وأما الوديعة فهي بمنزلة ما في يده لأن المستودع نائب عنه في حفظه ويده كيده‏كيده, وإنما يزكيه لما مضى لأنه مملوك له يقدر على الانتفاع به فلزمته زكاته كسائر أمواله الضرب الثاني‏الثاني, أن يكون على معسر أو جاحد أو مماطل به فهذا هل تجب فيه الزكاة‏؟‏الزكاة؟ على روايتين إحداهما‏إحداهما, لا تجب وهو قول قتادة وإسحاق‏وإسحاق, وأبي ثور وأهل العراق لأنه غير مقدور على الانتفاع به أشبه مال المكاتب والرواية الثانية‏الثانية, يزكيه إذا قبضه لما مضي وهو قول الثوري وأبي عبيد لما روي عن علي ـ رضي الله عنه ـ في الدين المظنون قال‏قال: إن كان صادقا‏صادقا, فليزكه إذا قبضه لما مضى وروي نحوه عن ابن عباس رواهما أبو عبيد ولأنه مملوك يجوز التصرف فيه فوجبت زكاته لما مضى كالدين على المليء وللشافعي قولان كالروايتين‏كالروايتين, وعن عمر بن عبد العزيز والحسن والليث‏والليث, والأوزاعي ومالك يزكيه إذا قبضه لعام واحد ولنا أن هذا المال في جميع الأحوال على حال واحد‏واحد, فوجب أن يتساوي في وجوب الزكاة أو سقوطها كسائر الأموال ولا فرق بين كون الغريم يجحده في الظاهر دون الباطن‏الباطن, أو فيهما‏فيهما.
فصل‏فصل:
وظاهر كلام أحمد أنه لا فرق بين الحال والمؤجل لأن البراءة تصح من المؤجل ولولا أنه مملوك لم تصح البراءة منه‏منه, لكن يكون في حكم الدين على المعسر لأنه لا يمكن قبضه في الحال‏الحال.
فصل‏فصل:
ولو أجر داره سنتين بأربعين دينارا ملك الأجرة من حين العقد‏العقد, وعليه زكاة جميعها إذا حال عليه الحول لأن ملك المكري عليه تام بدليل جواز التصرف فيها بأنواع التصرفات ولو كانت جارية كان له وطؤها وكونها بعرض الرجوع لانفساخ العقد لا يمنع وجوب الزكاة‏الزكاة, كالصداق قبل الدخول ثم إن كان قد قبض الأجرة أخرج الزكاة منها وإن كانت دينا فهي كالدين معجلا كان أو مؤجلا وقال مالك‏مالك, وأبو حنيفة‏حنيفة: لا يزكيها حتى يقبضها ويحول عليه الحول بناء على أن الأجرة لا تستحق بالعقد وإنما تستحق بانقضاء مدة الإجارة وهذا يذكر في موضعه‏موضعه, - إن شاء الله تعالى - وعن أحمد - رحمه الله- رواية أخرى في من قبض من أجر عقار نصابا‏نصابا, يزكيه في الحال وقد ذكرناه في غير هذا الموضع وحملناه على أنه حال عليه الحول قبل قبضه‏قبضه.
فصل‏فصل:
ولو اشترى شيئا بعشرين دينارا أو أسلم نصابًا في شيء‏شيء, فحال الحول قبل أن يقبض المشتري المبيع أو يقبض المسلم فيه والعقد باق فعلى البائع والمسلم إليه زكاة الثمن لأن ملكه ثابت فيه‏فيه, فإن انفسخ العقد لتلف المبيع أو تعذر المسلم فيه وجب رد الثمن‏الثمن, وزكاته على البائع‏البائع.
فصل‏فصل:
والغنيمة يملك الغانمون أربعة أخماسها بانقضاء الحرب فإن كانت جنسا واحدا تجب فيه الزكاة كالأثمان والسائمة‏والسائمة, ونصيب كل واحد منهم منها نصاب فعليه زكاته إذا انقضى الحول ولا يلزمه إخراج زكاته قبل قبضه لما ذكرنا في الدين على المليء وإذا كان دون النصاب‏النصاب, فلا زكاة فيه إلا أن تكون سائمة أربعة أخماسها تبلغ النصاب فتكون خلطة‏خلطة, ولا تضم إلى الخمس لأنه لا زكاة فيه فإن كانت الغنيمة أجناسا كإبل وبقر وغنم فلا زكاة على واحد منهم لأن للإمام أن يقسم بينهم قسمة بحكم‏بحكم, فيعطي كل واحد منهم من أي أصناف المال شاء فما تم ملكه على شيء معين بخلاف الميراث‏الميراث.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: وإذا غصب مالا زكاه إذا قبضه لما مضى‏مضى, في إحدى الروايتين عن أبي عبد الله والرواية الأخرى قال‏قال: ليس هو كالدين الذي متى قبضه زكاه‏زكاه, وأحب إلى أن يزكيه قوله‏قوله: إذا غصب مالا أي إذا غصب الرجل مالا فالمفعول الأول المرفوع مستتر في الفعل والمال هو المفعول الثاني‏الثاني, فكذلك نصيبه وفي بعض النسخ‏النسخ: وإذا غصب ماله وكلاهما صحيح والحكم في المغصوب والمسروق والمجحود والضال واحد‏واحد, وفي جميعه روايتان إحداهما لا زكاة فيه نقلها الأثرم والميموني ومتى عاد صار كالمستفاد‏كالمستفاد, يستقبل به حولا وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي في قديم قوليه لأنه مال خرج عن يده وتصرفه وصار ممنوعا منه‏منه, فلم يلزمه زكاته كمال المكاتب والثانية عليه زكاته لأن ملكه عليه تام‏تام, فلزمته زكاته كما لو نسي عند من أودعه أو كما لو أسر‏أسر, أو حبس وحيل بينه وبين ماله وعلى كلتي الروايتين لا يلزمه إخراج زكاته قبل قبضه وقال مالك‏مالك: إذا قبضه زكاه لحول واحد لأنه كان في ابتداء الحول في يده‏يده, ثم حصل بعد ذلك في يده فوجب أن لا تسقط الزكاة عن حول واحد وليس هذا بصحيح لأن المانع من وجوب الزكاة إذا وجد في بعض الحول يمنع‏يمنع, كنقص النصاب‏النصاب.
فصل‏فصل:
وإن كان المغصوب سائمة معلوفة عند صاحبها وغاصبها فلا زكاة فيها لفقدان الشرط وإن كانت سائمة عندهما ففيها الزكاة‏الزكاة, على الرواية التي تقول بوجوبها في المغصوب وإن كانت معلوفة عند صاحبها سائمة عند غاصبها ففيها وجهان أحدهما‏أحدهما, لا زكاة عليه لأن صاحبها لم يرض بإسامتها فلم تجب عليه الزكاة بفعل الغاصب كما لو رعت من غير أن يسيمها والثاني عليه الزكاة لأن السوم يوجب الزكاة من المالك فأوجبها من الغاصب كما لو كانت سائمة عندهما‏عندهما, وكما لو غصب بذرا فزرعه وجب العشر فيما خرج منه وإن كانت سائمة عند مالكها معلوفة عند غاصبها فلا زكاة فيها لفقدان الشرط وقال القاضي فيه وجه آخر أن الزكاة تجب فيها لأن العلف محرم فلم يؤثر في الزكاة كما لو غصب أثمانا فصاغها حليا لم تسقط الزكاة عنها بصياغته قال أبو الحسن الآمدي‏الآمدي: هذا هو الصحيح لأن العلف إنما أسقط الزكاة لما فيه من المؤنة وها هنا لا مؤنة عليه ولنا‏ولنا: أن السوم شرط لوجوب الزكاة ولم يوجد فلم تجب الزكاة كنقص النصاب والملك وقوله‏وقوله: إن العلف محرم غير صحيح وإنما المحرم الغصب وإنما العلف تصرف منه في ماله بإطعامها إياه‏إياه, ولا تحريم فيه ولهذا لو علفها عند مالكها لم يحرم عليه وما ذكره الآمدي من خفة المؤنة غير صحيح فإن الخفة لا تعتبر بنفسها وإنما تعتبر بمظنها‏بمظنها, وهي السوم ثم يبطل ما ذكراه بما إذا كانت معلوفة عندهما جميعا ويبطل ما ذكره القاضي بما إذا علفها مالكها علفا محرما أو أتلف شاة من النصاب فإنه محرم وتسقط به الزكاة وأما إذا غصب ذهبا فصاغه حليا فلا يشبه ما اختلفنا فيه فإن العلف فات به شرط الوجوب والصياغة لم يفت بها شيء وإنما اختلف في كونها مسقطة بشرط كونها مباحة فإذا كانت محرمة لم يوجد شرط الإسقاط‏الإسقاط, ولأن المالك لو علفها علفا محرما لسقطت الزكاة ولو صاغها صياغة محرمة لم تسقط فافترقا ولو غصب حليا مباحا فكسره أو ضربه دراهم أو دنانير وجبت فيه الزكاة لأن المسقط للزكاة زال فوجبت الزكاة ويحتمل أن لا تجب‏تجب, كما لو غصب معلوفة فأسامها ولو غصب عروضا فاتجر فيها لم تجب فيها الزكاة لأن نية التجارة شرط ولم توجد من المالك وسواء كانت للتجارة عند مالكها أو لم تكن لأن بقاء النية شرط ولم ينو التجارة بها عند الغاصب ويحتمل أن تجب الزكاة إذا كانت للتجارة عند مالكها‏مالكها, واستدام النية لأنها لم تخرج عن ملكه بغصبها وإن نوى بها الغاصب القنية وكل موضع أوجبنا الزكاة فعلى الغاصب ضمانها لأنه نقص حصل في يده فوجب عليه ضمانه كتلفه
فصل‏فصل:
إذا ضلت واحدة من النصاب أو أكثر أو غصبت فنقص النصاب فالحكم فيه كما لو ضل جميعه أو غصب لكن إن قلنا بوجوب الزكاة‏الزكاة, فعليه الإخراج عن الموجود عنده وإذا رجع الضال أو المغصوب أخرج عنه كما لو رجع جميعه‏جميعه.
فصل‏فصل:
وإن أسر المالك لم تسقط عنه الزكاة سواء حيل بينه وبين ماله أو لم يحل لأن تصرفه في ماله نافذ يصح بيعه وهبته وتوكيله فيه‏فيه.
فصل‏فصل:
وإن ارتد قبل مضي الحول وحال الحول وهو مرتد فلا زكاة عليه نص عليه لأن الإسلام شرط لوجوب الزكاة فعدمه في بعض الحول يسقط الزكاة كالملك والنصاب وإن رجع إلى الإسلام قبل مضى الحول استأنف حولا لما ذكرنا قال أحمد‏أحمد: إذا أسلم المرتد وقد حال على ماله الحول فإن المال له ولا يزكيه حتى يستأنف به الحول لأنه كان ممنوعا منه فأما إن ارتد بعد الحول لم تسقط الزكاة عنه وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة تسقط لأن من شرطها النية فسقطت بالردة كالصلاة ولنا‏ولنا: أنه حق مال فلا يسقط بالردة كالدين وأما الصلاة فلا تسقط أيضا‏أيضا, لكن لا يطالب بفعلها لأنها لا تصح منه ولا تدخلها النيابة فإذا عاد وجبت عليه والزكاة تدخلها النيابة ولا تسقط بالردة كالدين ويأخذها الإمام من الممتنع وكذا ها هنا يأخذها الإمام من ماله كما يأخذها من المسلم الممتنع فإن أسلم بعد أخذها لم يلزمه أداؤها لأنها سقطت عنه بأخذها كما تسقط بأخذها من المسلم الممتنع ويحتمل أن لا تسقط لأن الزكاة عبادة فلا تحصل من غير نية وأصل هذا ما لو أخذها الإمام من المسلم الممتنع وقد ذكر في غير هذا وإن أخذها غير الإمام أو نائبه‏نائبه, لم تسقط عنه لأنه لا ولاية له عليه فلا يقوم مقامه بخلاف نائب الإمام وإن أداها في حال ردته لم تجزه لأنه كافر فلا تصح منه كالصلاة
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: واللقطة إذا صارت بعد الحول كسائر مال الملتقط استقبل بها حولا ثم زكاها فإن جاء ربها زكاها للحول الذي كان الملتقط ممنوعا منها ظاهر المذهب أن اللقطة تملك بمضي حول التعريف واختار أبو الخطاب أنه لا يملكها حتى يختار وهو مذهب الشافعي ويذكر في موضعه - إن شاء الله تعالى- ومتى ملكها استأنف حولا فإذا مضى وجبت عليه زكاتها وحكى القاضي في موضع أنه إذا ملكها وجب عليه مثلها إن كانت مثلية‏مثلية, أو قيمتها إن لم تكن مثلية وهذا مذهب الشافعي ويذكر في موضعه - إن شاء الله تعالى- ومقتضى هذا أن لا تجب عليه زكاتها لأنه دين فمنع الزكاة كسائر الديون وقال ابن عقيل‏عقيل: يحتمل أن لا تجب الزكاة فيها لمعنى آخر وهو أن ملكه غير مستقر عليها ولصاحبها أخذها منه متى وجدها والمذهب ما ذكره الخرقي‏الخرقي, وما ذكره القاضي يفضي إلى ثبوت معاوضة في حق من لا ولاية عليه بغير فعله ولا اختياره‏اختياره, ويقتضي ذلك أن يمنع الدين الذي عليه الميراث والوصية كسائر الديون والأمر بخلافه وما ذكره ابن عقيل‏عقيل: يبطل بما وهبه الأب لولده‏لولده, وبنصف الصداق فإن لهما استرجاعه ولا يمنع وجوب الزكاة فأما ربها إذا جاء فأخذها‏فأخذها, فذكر الخرقي أنه يزكيها للحول الذي كان الملتقط ممنوعا منها وهو حول التعريف وقد ذكرنا في الضال روايتين وهذا من جملته وعلى مقتضى قول الخرقي أن الملتقط لو لم يملكها مثل من لم يعرفها‏يعرفها, فإنه لا زكاة على ملتقطها وإذا جاء ربها زكاها للزمان كله وإنما تجب عليه زكاتها إذا كانت ماشية بشرط كونها سائمة عند الملتقط‏الملتقط, فإن علفها فلا زكاة عليه على ما ذكرنا في المغصوب
مسألة:
مسألة‏:‏
قال والمرأة إذا قبضت صداقها زكته لما مضى وجملة ذلك أن الصداق في الذمة دين للمرأة‏للمرأة, حكمه حكم الديون على ما مضى إن كان على مليء به فالزكاة واجبة فيه إذا قبضته أدت لما مضى‏مضى, وإن كان على معسر أو جاحد فعلى الروايتين واختار الخرقي وجوب الزكاة فيه ولا فرق بين ما قبل الدخول أو بعده لأنه دين في الذمة فهو كثمن مبيعها‏مبيعها, فإن سقط نصفه بطلاقها قبل الدخول وأخذت النصف فعليها زكاة ما قبضته‏قبضته, دون ما لم تقبضه لأنه دين لم تتعوض عنه ولم تقبضه فأشبه ما تعذر قبضه لفلس أو جحد وكذلك لو سقط كل الصداق قبل قبضه‏قبضه, لانفساخ النكاح بأمر من جهتها فليس عليها زكاته لما ذكرنا وكذلك القول في كل دين يسقط قبل قبضه من غير إسقاط صاحبه أو يئس صاحبه من استيفائه والمال الضال إذا يئس منه‏منه, فلا زكاة على صاحبه فإن الزكاة مواساة فلا تلزم المواساة إلا مما حصل له وإن كان الصداق نصابا فحال عليه الحول ثم سقط نصفه‏نصفه, وقبضت النصف فعليها زكاة النصف المقبوض لأن الزكاة وجبت فيه ثم سقطت من نصفه لمعنى اختص به‏به, فاختص السقوط به وإن مضى عليه حول قبل قبضه ثم قبضته كله زكته لذلك الحول وإن مضت عليه أحوال قبل قبضه‏قبضه, ثم قبضته زكته لما مضى كله ما لم ينقص عن النصاب وقال أبو حنيفة‏حنيفة: لا تجب عليها الزكاة ما لم تقبضه لأنه بدل عما ليس بمال‏بمال, فلا تجب الزكاة فيه قبل قبضه كدين الكتابة ولنا أنه دين يستحق قبضه‏قبضه, ويجبر المدين على أدائه فوجبت فيه الزكاة كثمن المبيع ويفارق دين الكتابة فإنه لا يستحق قبضه وللمكاتب الامتناع من أدائه ولا يصح قياسهم عليه‏عليه, فإنه عوض عن مال‏مال.
فصل:
فصل‏:‏
فإن كان الصداق دينا فأبرأت الزوج منه بعد مضي الحول ففيه روايتان إحداهما‏إحداهما, عليها الزكاة لأنها تصرفت فيه فأشبه ما لو قبضته والرواية الثانية زكاته على الزوج لأنه ملك ما ملك عليه‏عليه, فكأنه لم يزل ملكه عنه والأول أصح وما ذكرنا لهذه الرواية لا يصح لأن الزوج لم يملك شيئا وإنما سقط الدين عنه‏عنه, ثم لو ملك في الحال لم يقتض هذا وجوب زكاة ما مضى ويحتمل أن لا تجب الزكاة على واحد منهما لما ذكرنا في الزوج والمرأة لم تقبض الدين فلم تلزمها زكاته‏زكاته, كما لو سقط بغير إسقاطها وهذا إذا كان الدين مما تجب فيه الزكاة إذا قبضته فأما إن كان مما لا زكاة فيه‏فيه, فلا زكاة عليها بحال وكل دين على إنسان أبرأه صاحبه منه بعد مضى الحول عليه فحكمه حكم الصداق فيما ذكرنا قال أحمد‏أحمد: إذا وهبت المرأة مهرها لزوجها وقد مضى له عشر سنين فإن زكاته على المرأة لأن المال كان لها وإذا وهب رجل لرجل مالا‏مالا, فحال الحول ثم ارتجعه الواهب فليس له أن يرتجعه‏يرتجعه, فإن ارتجعه فالزكاة على الذي كان عنده وقال في رجل باع شريكه نصيبه من داره فلم يعطه شيئا فلما كان بعد سنة‏سنة, قال‏قال: ليس عندي دراهم فأقلني فأقاله قال‏قال: عليه أن يزكي لأنه قد ملكه حولا‏حولا.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال والماشية إذا بيعت بالخيار‏بالخيار, فلم ينقض الخيار حتى ردت استقبل بها البائع حولا سواء كان الخيار للبائع أو للمشتري‏للمشتري, لأنه تجديد ملك ظاهر المذهب أن البيع بشرط الخيار ينقل الملك إلى المشترى عقيبه ولا يقف على انقضاء الخيار‏الخيار, سواء كان الخيار لهما أو لأحدهما وعن أحمد أنه لا ينتقل حتى ينقضي الخيار وهو قول مالك وقال أبو حنيفة‏حنيفة: لا ينتقل إن كان للبائع وإن كان للمشتري خرج عن البائع‏البائع, ولم يدخل في ملك المشتري وعن الشافعي ثلاثة أقوال قولان كالروايتين وقول ثالث أنه مراعى‏مراعى, فإن فسخاه تبينا أنه لم ينتقل وإن أمضياه تبينا أنه انتقل ولنا أنه بيع صحيح فنقل الملك عقيبه‏عقيبه, كما لو لم يشترط الخيار وإن كان المال زكائيا انقطع الحول ببيعه لزوال ملكه عنه فإن استرده أو رد عليه استأنف حولا لأنه ملك متجدد حدث بعد زواله‏زواله, فوجب أن يستأنف له حولا كما لو كان البيع مطلقا من غير خيار وهكذا الحكم لو فسخا البيع في مدة المجلس بخياره لا يمنع نقل الملك أيضا فهو كخيار الشرط ولو مضى الحول في مدة الخيار ثم فسخا البيع‏البيع, كانت زكاته على المشتري لأنه ملكه وإن قلنا بالرواية الأخرى لم ينقطع الحول ببيعه لأن ملك البائع لم يزل عنه ولو حال الحول عليه في مدة الخيار كانت زكاته على البائع فإن أخرجها من غيره‏غيره, فالبيع بحاله وإن أخرجها منه بطل البيع في المخرج وهل يبطل في الباقي‏؟‏الباقي؟ على وجهين‏وجهين, بناء على تفريق الصفقة وإن لم يخرجها حتى سلمه إلى المشتري وانقضت مدة الخيار لزم البيع فيه وكان عليه الإخراج من غيره كما لو باع ما وجبت الزكاة فيه ولو اشترى عبدا فهل هلال شوال‏شوال, ففطرته على المشتري وإن كان في مدة الخيار لأنه ملكه وعلى الرواية الأخرى‏الأخرى, هي على البائع إن كان في مدة الخيار لأنه ملكه ولأنه في مدة الخيار‏الخيار.
باب صدقة الفطر
قال ابن المنذر‏المنذر: أجمع كل من تحفظ عنه من أهل العلم على أن صدقة الفطر فرض وقال إسحاق‏إسحاق: هو كالإجماع من أهل العلم وزعم ابن عبد البر أن بعض المتأخرين من أصحاب مالك وداود‏وداود, يقولون‏يقولون: هي سنة مؤكدة وسائر العلماء على أنها واجبة لما روى ابن عمر (‏أنأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فرض زكاة الفطر من رمضان على الناس صاعا من تمر أو صاعا من أقط أو صاعا من شعير‏شعير, على كل حر وعبد ذكر وأنثى من المسلمين‏المسلمين) متفق عليه وللبخاري‏وللبخاري: (‏والصغيروالصغير والكبير من المسلمين‏المسلمين) وعنه ( أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أمر بزكاة الفطر أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة‏الصلاة) وعن أبي سعيد الخدري قال‏قال: كنا نخرج زكاة الفطر صاعا من طعام أو صاعا من شعير أو صاعا من تمر أو صاعا من أقط أو صاعا من زبيب متفق عليهما قال سعيد بن المسيب وعمر بن عبد العزيز في قوله تعالى‏تعالى: {‏قدقد أفلح من تزكى‏تزكى} [‏الأعلى‏الأعلى: 14‏14]‏‏. : هو زكاة الفطر وأضيفت هذه الزكاة إلى الفطر لأنها تجب بالفطر من رمضان وقال ابن قتيبة‏قتيبة: وقيل لها فطرة لأن الفطرة الخلقة‏الخلقة, قال الله تعالى‏تعالى: {‏فطرةفطرة الله التي فطر الناس عليها‏عليها} [‏الروم‏الروم: 30‏30]‏‏. أي جبلته التي جبل الناس عليها وهذه يراد بها الصدقة عن البدن والنفس كما كانت الأولى صدقة عن المال وقال بعض أصحابنا‏أصحابنا: وهل تسمى فرضا مع القول بوجوبها‏؟‏بوجوبها؟ على روايتين والصحيح أنها فرض لقول ابن عمر‏عمر: (‏فرضفرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر‏الفطر) ولإجماع العلماء على أنها فرض ولأن الفرض إن كان الواجب فهي واجبة وإن كان الواجب المتأكد فهي متأكدة مجمع عليها‏عليها.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال وزكاة الفطر على كل حر وعبد‏وعبد, ذكر وأنثى من المسلمين وجملته أن زكاة الفطر تجب على كل مسلم مع الصغير والكبير‏والكبير, والذكورية والأنوثية في قول أهل العلم عامة وتجب على اليتيم‏اليتيم, ويخرج عنه وليه من ماله لا نعلم أحدا خالف في هذا إلا محمد بن الحسن‏الحسن, قال ليس في مال الصغير من المسلمين صدقة وقال الحسن والشعبي‏والشعبي: صدقة الفطر على من صام من الأحرار وعلى الرقيق وعموم قوله (‏فرضفرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر على كل حر وعبد‏وعبد, والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين‏المسلمين) يقتضي وجوبها على اليتيم ولأنه مسلم فوجبت فطرته كما لو كان له أب
فصل‏فصل:
ولا تجب على كافر حرا كان أو عبدا ولا نعلم بينهم خلافا في الحر البالغ وقال إمامنا ومالك‏ومالك, والشافعي وأبو ثور‏ثور: لا تجب على العبد أيضا ولا على الصغير ويروى عن عمر بن عبد العزيز‏العزيز, وعطاء ومجاهد وسعيد بن جبير‏جبير, والنخعي والثوري وإسحاق‏وإسحاق, وأصحاب الرأي أن على السيد المسلم أن يخرج الفطرة عن عبده الذمي وقال أبو حنيفة‏حنيفة: يخرج عن ابنه الصغير إذا ارتد وروي أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال (‏أدواأدوا عن كل حر وعبد صغير أو كبير‏كبير, يهودي أو نصراني أو مجوسي نصف صاع من بر‏بر) ولأن كل زكاة وجبت بسبب عبده المسلم وجبت بسبب عبده الكافر‏الكافر, كزكاة التجارة ولنا قول النبي - صلى الله عليه وسلم- في حديث ابن عمر‏عمر: (‏منمن المسلمين‏المسلمين) وروى أبو داود عن ابن عباس‏عباس, قال (‏فرضفرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين من أداها قبل الصلاة‏الصلاة, فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات‏الصدقات) إسناده حسن وحديثهم لا نعرفه‏نعرفه, ولم يذكره أصحاب الدواوين وجامعو السنن وهذا قول ابن عباس يخالفه وهو راوي حديثهم وزكاة التجارة تجب عن القيمة ولذلك تجب في سائر الحيوانات وسائر الأموال‏الأموال, وهذه طهرة للبدن ولهذا اختص بها الآدميون بخلاف زكاة التجارة
فصل‏فصل:
فإن كان لكافر عبد مسلم‏مسلم, وهل هلال شوال وهو في ملكه فحكي عن أحمد أن على الكافر إخراج صدقة الفطر عنه واختاره القاضي وقال ابن عقيل‏عقيل: يحتمل أن لا تجب وهذا قول أكثرهم قال ابن المنذر‏المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن لا صدقة على الذمي في عبده المسلم لقوله عليه السلام‏السلام: (‏منمن المسلمين‏المسلمين) ولأنه كافر فلا تجب عليه الفطرة كسائر الكفار ولأن الفطرة زكاة فلا تجب على الكافر كزكاة المال ولنا‏ولنا, أن العبد من أهل الطهرة فوجب أن تؤدي عنه الفطرة كما لو كان سيده مسلما‏مسلما, وقوله‏وقوله: (‏منمن المسلمين‏المسلمين) يحتمل أن يراد به المؤدى عنه بدليل أنه لو كان للمسلم عبد كافر لم يجب فطرته ولأنه ذكر في الحديث كل عبد وصغير‏وصغير, وهذا يدل على أنه أراد المؤدى عنه لا المؤدى ولأصحاب الشافعي في هذا وجهان كالمذهبين‏كالمذهبين.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: صاعا بصاع النبي - صلى الله عليه وسلم- وهو خمسة أرطال وثلث وجملته أن الواجب في صدقة الفطر صاع عن كل إنسان لا يجزئ أقل من ذلك من جميع أجناس المخرج وبه قال مالك والشافعي‏والشافعي, وإسحاق وروى ذلك عن أبي سعيد الخدري والحسن وأبي العالية‏العالية, وروى عن عثمان بن عفان وابن الزبير ومعاوية‏ومعاوية, أنه يجزئ نصف صاع من البر خاصة وهو مذهب سعيد بن المسيب وعطاء وطاوس‏وطاوس, ومجاهد وعمر بن عبد العزيز وعروة بن الزبير‏الزبير, وأبي سلمة بن عبد الرحمن وسعيد بن جبير وأصحاب الرأي واختلفت الرواية عن علي‏علي, وابن عباس والشعبي فروى صاع‏صاع, وروى نصف صاع وعن أبي حنيفة في الزبيب روايتان إحداهما صاع والأخرى نصف صاع واحتجوا بما روى ثعلبة بن صعير‏صعير, عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال‏قال: (‏صاعصاع من قمح بين كل اثنين‏اثنين) رواه أبو داود وعن عمرو بن شعيب عن أبيه‏أبيه, عن جده (‏أنأن النبي - صلى الله عليه وسلم- بعث مناديا في فجاج مكة‏مكة: ألا إن صدقة الفطر واجبة على كل مسلم ذكر أو أنثى حر أو عبد صغير أو كبير‏كبير, مدان من قمح أو سواها صاعا من طعام‏طعام) قال الترمذي‏الترمذي: هذا حديث صحيح حسن غريب وقال سعيد حدثنا هشيم عن عبد الخالق الشيباني قال سمعت سعيد بن المسيب يقول‏يقول: (‏كانتكانت الصدقة تدفع على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر نصف صاع بر‏بر) وقال هشيم‏هشيم: أخبرني سفيان بن حسين‏حسين, عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال (‏خطبخطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ثم ذكر صدقة الفطر‏الفطر, فحض عليها وقال‏وقال: نصف صاع من بر أو صاع من تمر أو شعير عن كل حر وعبد ذكر وأنثى‏وأنثى) ولنا‏ولنا: ما روى أبو سعيد الخدري‏الخدري, قال‏قال: (‏كناكنا نخرج زكاة الفطر إذ كان فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- صاعا من طعام أو صاعا من شعير أو صاعا من تمر أو صاعا من زبيب أو صاعا من أقط فلم نزل نخرجه حتى قدم معاوية‏معاوية, المدينة فتكلم فكان مما كلم الناس‏الناس: إني لأرى مدين من سمراء الشام تعدل صاعا من تمر فأخذ الناس بذلك‏بذلك) قال أبو سعيد‏سعيد: فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه وروى ابن عمر (‏أنأن النبي - صلى الله عليه وسلم- فرض صدقة الفطر‏الفطر, صاعا من تمر أو صاعا من شعير قال فعدل الناس إلى نصف صاع من بر‏بر) متفق عليهما‏عليهما, ولأنه جنس يخرج في صدقة الفطر فكان قدره صاعا كسائر الأجناس وأحاديثهم لا تثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قاله ابن المنذر وحديث ثعلبة تفرد به النعمان بن راشد قال البخاري‏البخاري: هو يهم كثيرا وهو صدوق في الأصل وقال مهنا‏مهنا: ذكرت لأحمد حديث ثعلبة بن أبي صعير‏صعير, في صدقة الفطر نصف صاع من بر فقال‏فقال: ليس بصحيح إنما هو مرسل يرويه معمر بن جريج‏جريج, عن الزهري مرسلا قلت من قبل من هذا‏؟‏هذا؟ قال من قبل النعمان بن راشد ليس هو بقوى في الحديث وضعف حديث ابن أبي صعير وسألته عن ابن أبي صعير أمعروف هو‏؟‏هو؟ قال‏قال: من يعرف ابن أبي صعير ليس هو بمعروف وذكر أحمد‏أحمد, وعلى بن المديني ابن أبي صعير فضعفاه جميعا وقال ابن عبد البر‏البر: ليس دون الزهري من يقوم به حجة ورواه أبو إسحاق الجوزجاني‏الجوزجاني: حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد عن النعمان‏النعمان, عن الزهري عن ثعلبة عن أبيه قال‏قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : (‏أدواأدوا صدقة الفطر صاعا من قمح أو قال بر‏بر, عن كل إنسان صغير أو كبير‏كبير) وهذا حجة لنا وإسناده حسن قال الجوزجاني‏الجوزجاني: والنصف صاع ذكره عن النبي - صلى الله عليه وسلم- وروايته ليس تثبت‏تثبت, ولأن فيما ذكرناه احتياطا للفرض ومعاضدة للقياس
فصل‏فصل:
وقد دللنا على أن الصاع خمسة أرطال وثلث بالعراقي فيما مضى والأصل فيه الكيل وإنما قدره العلماء بالوزن ليحفظ وينقل وقد روى جماعة عن أحمد‏أحمد, أنه قال‏قال: الصاع وزنته فوجدته خمسة أرطال وثلثا حنطة وقال حنبل قال أحمد‏أحمد: أخذت الصاع من أبي النضر وقال أبو النضر‏النضر: أخذته عن ابن أبي ذؤيب وقال‏وقال: هذا صاع النبي - صلى الله عليه وسلم- الذي يعرف بالمدينة قال أبو عبد الله‏الله: فأخذنا العدس فعيرنا به وهو أصلح ما وقفنا عليه يكال به لأنه لا يتجافي عن موضعه‏موضعه, فكلنا به ثم وزناه فإذا هو خمسة أرطال وثلث وقال هذا أصلح ما وقفنا عليه‏عليه, وما تبين لنا من صاع النبي - صلى الله عليه وسلم- وإذا كان الصاع خمسة أرطال وثلثا من البر والعدس وهما من أثقل الحبوب فما عداهما من أجناس الفطرة أخف منهما‏منهما, فإذا أخرج منهما خمسة أرطال وثلثا فهي أكثر من صاع وقال محمد بن الحسن‏الحسن: إن أخرج خمسة أرطال وثلثا برا لم يجزه لأن البر يختلف‏يختلف, فيكون فيه الثقيل والخفيف وقال الطحاوي‏الطحاوي: يخرج خمسة أرطال مما سواء كيله ووزنه وهو الزبيب والماش ومقتضى كلامه أنه إذا أخرج ثمانية أرطال مما هو أثقل منها لم يجزئه حتى يزيد شيئا‏شيئا, يعلم أنه قد بلغ صاعا والأولى لمن أخرج من الثقيل بالوزن أن يحتاط فيزيد شيئا يعلم به أنه لمن أخرج صاعا بالرطل الدمشقي الذي هو ستمائة درهم مد وسبع‏وسبع, والسبع أوقية وخمسة أسباع أوقية وقدر ذلك بالدراهم ستمائة درهم ويجزئ إخراج رطل بالدمشقي من جميع الأجناس لأنه أكبر من الصاع وقد رأيت مدا ذكر لنا أنه مد النبي - صلى الله عليه وسلم- فقدر المد الدمشقي به‏به, فكان المد الدمشقي قريبا من خمسة أمداد
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: من كل حبة وثمرة تقتات يعني عند عدم الأجناس المنصوص عليها يجزئه كل مقتات من الحبوب والثمار وظاهر هذا أنه لا يجزئه المقتات من غيرها كاللحم واللبن وقال أبو بكر يعطي ما قام مقام الأجناس المنصوص عليها عند عدمها وقال ابن حامد‏حامد: يجزئه عند عدمها الإخراج مما يقتاته‏يقتاته, كالذرة والدخن ولحوم الحيتان والأنعام ولا يردون إلى أقرب قوت الأمصار
مسألة:
مسألة‏:‏
قال وإن أعطى أهل البادية الأقط صاعا‏صاعا, أجزأ إذا كان قوتهم أكثر أهل العلم يوجبون صدقة الفطر على أهل البادية روى ذلك عن ابن الزبير وبه قال سعيد بن المسيب‏المسيب, والحسن ومالك والشافعي‏والشافعي, وابن المنذر وأصحاب الرأي وقال عطاء والزهري‏والزهري, وربيعة‏وربيعة: لا صدقة عليهم ولنا عموم الحديث ولأنها زكاة‏زكاة, فوجبت عليهم كزكاة المال ولأنهم مسلمون فيجب عليهم صدقة الفطر كغيرهم إذا ثبت هذا‏هذا, فإنه يجزئ أهل البادية إخراج الأقط إذا كان قوتهم وكذلك من لم يجد من الأصناف المنصوص عليها سواه فأما من وجد سواه فهل يجزئ‏؟‏يجزئ؟ على روايتين‏روايتين: إحداهما يجزئه أيضا لحديث أبي سعيد الذي ذكرناه وفي بعض ألفاظه قال (‏فرضفرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم- صدقة الفطر صاعا من طعام‏طعام, أو صاعا من شعير أو صاعا من تمر أو صاعا من أقط‏أقط) أخرجه النسائي والثانية لا يجزئه لأنه جنس لا تجب الزكاة فيه‏فيه, فلا يجزئ إخراجه لمن يقدر على غيره من الأجناس المنصوص عليها كاللحم ويحمل الحديث على من هو قوت له أو لم يقدر على غيره فإن قدر على غيره مع كونه قوتا له‏له, فظاهر كلام الخرقي جواز إخراجه وإن قدر على غيره سواء كان من أهل البادية أو لم يكن لأن الحديث لم يفرق وقول أبي سعيد‏سعيد: كنا نخرج صاعا من أقط وهم من أهل الأمصار وإنما خص أهل البادية بالذكر لأن الغالب أنه لا يقتاته غيرهم وقال أبو الخطاب‏الخطاب: لا يجزئ إخراج الأقط مع القدرة على ما سواه في إحدى الروايتين وظاهر الحديث يدل على خلافه وذكر القاضي أنه إذا عدم الأقط‏الأقط, وقلنا له إخراجه جاز إخراج اللبن لأنه أكمل من الأقط لأنه يجيء منه الأقط وغيره وحكاه أبو ثور‏ثور, عن الشافعي وقال الحسن‏الحسن: إن لم يكن بر ولا شعير أخرج صاعا من لبن وظاهر قول الخرقي يقتضي أنه لا يجزئ اللبن بحال لقوله‏لقوله: من كل حبة أو ثمرة تقتات وقد حملنا ذلك على حالة العدم ولا يصح ما ذكروه لأنه لو كان أكمل من الأقط لجاز إخراجه مع وجوده ولأن الأقط أكمل من اللبن من وجه لأنه بلغ حالة الادخار وهو جامد‏جامد, بخلاف اللبن لكن يكون حكم اللبن حكم اللحم يجزئ إخراجه عند عدم الأصناف المنصوص عليها على قول ابن حامد‏حامد, ومن وافقه وكذلك الجبن وما أشبهه
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: واختيار أبي عبد الله إخراج التمر وبهذا قال مالك قال ابن المنذر‏المنذر: واستحب مالك إخراج العجوة منه واختار الشافعي وأبو عبيد إخراج البر وقال بعض أصحاب الشافعي‏الشافعي: يحتمل أن يكون الشافعي قال ذلك لأن البر كان أغلى في وقته ومكانه لأن المستحب أن يخرج أغلاها ثمنا وأنفسها لقول النبي - صلى الله عليه وسلم- وقد سئل عن أفضل الرقاب‏الرقاب, فقال‏فقال: (‏أغلاهاأغلاها ثمنا وأنفسها عند أهلها‏أهلها) وإنما اختار أحمد إخراج التمر اقتداء بأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- واتباعا له وروى بإسناده عن أبي مجلز قال‏قال: قلت لابن عمر‏عمر: (‏إنإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال إن الله قد أوسع‏أوسع, والبر أفضل من التمر‏التمر) قال‏قال: إن أصحابي سلكوا طريقا وأنا أحب أن أسلكه وظاهر هذا أن جماعة الصحابة كانوا يخرجون التمر فأحب ابن عمر موافقتهم وسلوك طريقتهم‏طريقتهم, وأحب أحمد أيضا الاقتداء بهم واتباعهم وروى البخاري عن ابن عمر‏عمر, أنه قال‏قال: (‏فرضفرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم- صدقة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير فعدل الناس به صاعا من بر‏بر) فكان ابن عمر يخرج التمر‏التمر, فأعوز أهل المدينة من التمر فأعطى شعيرا ولأن التمر فيه قوة وحلاوة وهو أقرب تناولا وأقل كلفة فكان أولى
فصل‏فصل:
والأفضل بعد التمر البر وقال بعض أصحابنا‏أصحابنا: الأفضل بعده الزبيب لأنه أقرب تناولا وأقل كلفة فأشبه التمر ولنا‏ولنا, أن البر أنفع في الاقتيات وأبلغ في دفع حاجة الفقير وكذلك قال أبو مجلز لابن عمر‏عمر: البر أفضل من التمر يعني أنفع وأكثر قيمة ولم ينكره ابن عمر وإنما عدل عنه اتباعا لأصحابه وسلوكا لطريقتهم ولهذا عدل نصف صاع منه بصاع من غيره وقال معاوية‏معاوية: إني لأرى مدين من سمراء الشام يعدل صاعا من التمر فأخذ الناس به‏به, وتفضيل التمر إنما كان لاتباع الصحابة ففيما عداه يبقى على مقتضى الدليل في تفضيل البر ويحتمل أن يكون الأفضل بعد التمر ما كان أعلى قيمة وأكثر نفعا
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: ومن قدر على التمر أو الزبيب‏الزبيب, أو البر أو الشعير أو الأقط فأخرج غيره لم يجزه ظاهر المذهب أنه لا يجوز له العدول عن هذه الأصناف‏الأصناف, مع القدرة عليها سواء كان المعدول إليه قوت بلده أو لم يكن وقال أبو بكر‏بكر: يتوجه قول آخر أنه يعطي ما قام مقام الخمسة على ظاهر الحديث صاعا من طعام والطعام قد يكون البر والشعير وما دخل في الكيل قال وكلا القولين محتمل‏محتمل, وأقيسهما أنه لا يجوز غير الخمسة إلا أن يعدمها فيعطي ما قام مقامها وقال مالك‏مالك: يخرج من غالب قوت البلد وقال الشافعي‏الشافعي: أي قوت كان الأغلب على الرجل‏الرجل, أدى الرجل زكاة الفطر منه واختلف أصحابه فمنهم من قال بقول مالك ومنهم من قال‏قال: الاعتبار بغالب قوت المخرج ثم إن عدل عن الواجب إلى أعلى منه‏منه, جاز وإن عدل إلى دونه ففيه قولان أحدهما‏أحدهما, يجوز لقوله عليه السلام (‏اغنوهماغنوهم عن الطلب‏الطلب) والغنى يحصل بالقوت والثاني لا يجوز لأنه عدل عن الواجب إلى أدنى منه فلم يجزئه‏يجزئه, كما لو عدل عن الواجب في زكاة المال إلى أدنى منه ولنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم- فرض صدقة الفطر أجناسا معدودة فلم يجز العدول عنها‏عنها, كما لو أخرج القيمة وذلك لأن ذكر الأجناس بعد ذكره الفرض تفسير للمفروض فما أضيف إلى المفسر يتعلق بالتفسير فتكون هذه الأجناس مفروضة فيتعين الإخراج منها‏منها, ولأنه إذا أخرج غيرها عدل عن المنصوص عليه فلم يجز كإخراج القيمة‏القيمة, وكما لو أخرج عن زكاة المال من غير جنسه والإغناء يحصل بالإخراج من المنصوص عليه فلا منافاة بين الخبرين لكونهما جميعا يدلان على وجوب الإغناء بأداء أحد الأجناس المفروضة‏المفروضة.
فصل‏فصل:
والسلت نوع من الشعير‏الشعير, فيجوز إخراجه لدخوله في المنصوص عليه وقد صرح بذكره في بعض ألفاظ حديث ابن عمر قال (‏كانكان الناس يخرجون صدقة الفطر في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم- صاعا من شعير أو صاعا من أقط‏أقط, أو صاعا من سلت‏سلت) وعن أبي سعيد قال (‏لملم نخرج على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إلا صاعا من تمر أو صاعا من شعير أو صاعا من زبيب أو صاعا من دقيق أو صاعا من أقط‏أقط, أو صاعا من سلت‏سلت) قال‏قال: ثم شك فيه سفيان بعد فقال (‏دقيقدقيق أو سلت‏سلت) رواهما النسائي‏النسائي.
فصل‏فصل:
ويجوز إخراج الدقيق نص عليه أحمد وكذلك السويق قال أحمد‏أحمد: وقد روي عن ابن سيرين سويق أو دقيق وقال مالك‏مالك, والشافعي‏والشافعي: لا يجزئ إخراجهما لحديث ابن عمر ولأن منافعه نقصت فهو كالخبز ولنا‏ولنا: حديث أبي سعيد وقوله فيه‏فيه: (‏أوأو صاعا من دقيق‏دقيق) ولأن الدقيق والسويق أجزاء الحب بحتا يمكن كيله وادخاره فجاز إخراجه‏إخراجه, كما قبل الطحن وذلك لأن الطحن إنما فرق أجزاءه وكفى الفقير مؤنته‏مؤنته, فأشبه ما لو نزع نوى التمر ثم أخرجه ويفارق الخبز والهريسة والكبولا لأن مع أجزاء الحب فيها من غيره وقد خرج عن حال الادخار والكيل والمأمور به صاع‏صاع, وهو مكيل وحديث ابن عمر لم يقتض ما ذكروه ولم يعملوا به‏به.
فصل‏فصل:
ولا يجوز إخراج الخبز لأنه خرج عن الكيل والادخار ولا الهريسة والكبولا وأشباههما لذلك‏لذلك, ولا الخل ولا الدبس لأنهما ليسا قوتا ولا يجوز أن يخرج حبا معيبا كالمسوس والمبلول‏والمبلول, ولا قديما تغير طعمه لقول الله تعالى‏تعالى: {‏ولاولا تيمموا الخبيث منه تنفقون‏تنفقون} [‏البقرة‏البقرة: 267‏267]‏‏. فإن كان القديم لم يتغير طعمه إلا أن الحديث أكثر قيمة منه‏منه, جاز إخراجه لعدم العيب فيه والأفضل إخراج الأجود قال أحمد‏أحمد: كان ابن سيرين يحب أن ينقي الطعام وهو أحب إلى ليكون على الكمال‏الكمال, ويسلم مما يخالطه من غيره فإن كان المخالط له يأخذ حظا من المكيال وكان كثيرا بحيث يعد عيبا فيه لم يجزئه‏يجزئه, وإن لم يكثر جاز إخراجه إذا زاد على الصاع قدرا يزيد على ما فيه من غيره حتى يكون المخرج صاعا كاملا
فصل‏فصل:
ومن أي الأصناف المنصوص عليها أخرج جاز وإن لم يكن قوتا له‏له, وقال مالك‏مالك: يخرج من غالب قوت البلد وذكرنا قول الشافعي ولنا‏ولنا: أن خبر الصدقة ورد بحرف التخيير بين هذه الأصناف فوجب التخيير فيه ولأنه عدل إلى منصوص عليه‏عليه, فجاز كما لو عدل إلى الأعلى والغنى يحصل بدفع قوت من الأجناس‏الأجناس, ويدل على ما ذكرنا أنه خير بين التمر والزبيب والأقط قوتا لأهل المدينة فدل على أنه لا يعتبر أن يكون قوتا للمخرج‏للمخرج.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: ( ومن أعطى القيمة‏القيمة, لم تجزئه ) قال أبو داود قيل لأحمد وأنا أسمع‏أسمع: أعطى دراهم - يعني في صدقة الفطر - قال‏قال: أخاف أن لا يجزئه خلاف سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وقال أبو طالب قال لي أحمد لا يعطي قيمته قيل له‏له: قوم يقولون‏يقولون, عمر بن عبد العزيز كان يأخذ بالقيمة قال يدعون قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ويقولون قال فلان قال ابن عمر‏عمر: فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وقال الله تعالى‏تعالى: {‏أطيعواأطيعوا الله وأطيعوا الرسول‏الرسول} [‏النساء‏النساء: 59‏59]‏‏. وقال قوم يردون السنن‏السنن: قال فلان‏فلان, قال فلان وظاهر مذهبه أنه لا يجزئه إخراج القيمة في شيء من الزكوات وبه قال مالك والشافعي وقال الثوري وأبو حنيفة‏حنيفة: يجوز وقد روى ذلك عن عمر بن عبد العزيز‏العزيز, والحسن وقد روى عن أحمد مثل قولهم فيما عدا الفطرة وقال أبو داود‏داود: سئل أحمد‏أحمد, عن رجل باع ثمرة نخله قال‏قال: عشره على الذي باعه قيل له‏له: فيخرج ثمرا أو ثمنه‏؟‏ثمنه؟ قال‏قال: إن شاء أخرج ثمرا وإن شاء أخرج من الثمن وهذا دليل على جواز إخراج القيم ووجهه قول معاذ لأهل اليمن‏اليمن: ائتوني بخميص أو لبيس آخذه منكم‏منكم, فإنه أيسر عليكم وأنفع للمهاجرين بالمدينة وقال سعيد‏سعيد: حدثنا سفيان عن عمرو وعن طاوس‏طاوس, قال لما قدم معاذ اليمن قال‏قال: ائتوني بعرض ثياب آخذه منكم مكان الذرة والشعير فإنه أهون عليكم وخير للمهاجرين‏للمهاجرين, بالمدينة قال‏قال: وحدثنا جرير عن ليث عن عطاء‏عطاء, قال كان عمر بن الخطاب يأخذ العروض في الصدقة من الدراهم ولأن المقصود دفع الحاجة ولا يختلف ذلك بعد اتحاد قدر المالية باختلاف صور الأموال ولنا قول ابن عمر‏عمر: (‏فرضفرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم- صدقة الفطر صاعا من تمر‏تمر, وصاعا من شعير‏شعير) فإذا عدل عن ذلك فقد ترك المفروض وقال النبي - صلى الله عليه وسلم- : (‏فيفي أربعين شاة شاة وفي مائتي درهم خمسة دراهم‏دراهم) وهو وارد بيانا لمجمل قوله تعالى‏تعالى: {‏وآتواوآتوا الزكاة‏الزكاة} [‏البقرة‏البقرة: 43‏43]‏‏. فتكون الشاة المذكورة هي الزكاة المأمور بها والأمر يقتضي الوجوب ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم- فرض الصدقة على هذا الوجه وأمر بها أن تؤدى‏تؤدى, ففي كتاب أبي بكر الذي كتبه في الصدقات أنه قال‏قال: (‏هذههذه الصدقة التي فرضها رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وأمر بها أن تؤدي وكان فيه‏فيه: في خمس وعشرين من الإبل بنت مخاض فإن لم تكن بنت مخاض‏مخاض, فابن لبون ذكر‏ذكر) وهذا يدل على أنه أراد عينها لتسميته إياها وقوله‏وقوله: (‏فإنفإن لم تكن بنت مخاض فابن لبون ذكر‏ذكر) ولو أراد المالية أو القيمة لم يجز لأن خمسا وعشرين لا تخلو عن مالية بنت مخاض وكذلك قوله‏قوله: فابن لبون ذكر فإنه لو أراد المالية للزمه مالية بنت مخاض‏مخاض, دون مالية ابن لبون وقد روى أبو داود وابن ماجه بإسنادهما‏بإسنادهما, عن (‏معاذمعاذ أن النبي - صلى الله عليه وسلم- بعثه إلى اليمن فقال خذ الحب من الحب‏الحب, والشاة من الغنم والبعير من الإبل والبقر من البقر‏البقر) ولأن الزكاة وجبت لدفع حاجة الفقير وشكرا لنعمة المال‏المال, والحاجات متنوعة فينبغي أن يتنوع الواجب ليصل إلى الفقير من كل نوع ما تندفع به حاجته ويحصل شكر النعمة بالمواساة من جنس ما أنعم الله عليه به‏به, ولأن مخرج القيمة قد عدل عن المنصوص فلم يجزئه كما لو أخرج الرديء مكان الجيد‏الجيد, وحديث معاذ الذي رووه في الجزية بدليل أن النبي - صلى الله عليه وسلم- أمره بتفريق الصدقة في فقرائهم‏فقرائهم, ولم يأمره بحملها إلى المدينة وفي حديثه هذا‏هذا: فإنه أنفع للمهاجرين بالمدينة‏بالمدينة.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: ويخرجها إذا خرج إلى المصلى المستحب إخراج صدقة الفطر يوم الفطر قبل الصلاة لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- أمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة في حديث ابن عمر وفي حديث ابن عباس‏عباس: (‏منمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات‏الصدقات) فإن أخرها عن الصلاة ترك الأفضل‏الأفضل, لما ذكرنا من السنة ولأن المقصود منها الإغناء عن الطواف والطلب في هذا اليوم فمتى أخرها لم يحصل إغناؤهم في جميعه‏جميعه, لا سيما في وقت الصلاة ومال إلى هذا القول عطاء ومالك‏ومالك, وموسى بن وردان وإسحاق وأصحاب الرأي وقال القاضي‏القاضي: إذا أخرجها في بقية اليوم لم يكن فعل مكروها لحصول الغناء بها في اليوم قال سعيد‏سعيد: حدثنا أبو معشر‏معشر, عن نافع عن ابن عمر قال‏قال: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أن نخرج وذكر الحديث قال‏قال: فكان يؤمر أن يخرج قبل أن يصلي‏يصلي, فإذا انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قسمه بينهم وقال‏وقال: أغنوهم عن الطلب في هذا اليوم وقد ذكرنا من الخبر والمعنى ما يقتضي الكراهة فإن أخرها عن يوم العيد أثم ولزمه القضاء وحكى عن ابن سيرين والنخعي‏والنخعي, الرخصة في تأخيرها عن يوم العيد وروى محمد بن يحيى الكحال قال‏قال: قلت لأبي عبد الله‏الله: فإن أخرج الزكاة ولم يعطها قال‏قال: نعم‏نعم, إذا أعدها لقوم وحكاه ابن المنذر عن أحمد واتباع السنة أولى‏أولى.
فصل:
فصل‏:‏
فأما وقت الوجوب فهو وقت غروب الشمس من آخر يوم من رمضان فإنها تجب بغروب الشمس من آخر شهر رمضان فمن تزوج أو ملك عبدا‏عبدا, أو ولد له ولد أو أسلم قبل غروب الشمس فعليه الفطرة وإن كان بعد الغروب لم تلزمه ولو كان حين الوجوب معسرا‏معسرا, ثم أيسر في ليلته تلك أو في يومه لم يجب عليه شيء ولو كان في وقت الوجوب موسرا ثم أعسر‏أعسر, لم تسقط عنه اعتبارا بحالة الوجوب ومن مات بعد غروب الشمس ليلة الفطر فعليه صدقة الفطر نص عليه أحمد وبما ذكرنا في وقت الوجوب قال الثوري وإسحاق‏وإسحاق, ومالك في إحدى الروايتين عنه والشافعي‏والشافعي, في أحد قوليه وقال الليث وأبو ثور وأصحاب الرأي‏الرأي: تجب بطلوع الفجر يوم العيد وهو رواية عن مالك لأنها قربة تتعلق بالعيد‏بالعيد, فلم يتقدم وجوبها يوم العيد وهو رواية عن مالك كالأضحية ولنا قول ابن عباس‏عباس: (‏إنإن النبي - صلى الله عليه وسلم- فرض زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث‏والرفث) ولأنها تضاف إلى الفطر فكانت واجبة به كزكاة المال‏المال, وذلك لأن الإضافة دليل الاختصاص والسبب أخص بحكمه من غيره والأضحية لا تعلق لها بطلوع الفجر ولا هي واجبة ولا تشبه ما نحن فيه فعلى هذا إذا غربت الشمس‏الشمس, والعبد المبيع في مدة الخيار أو وهب له عبد فقبله ولم يقبضه أو اشتراه ولم يقبضه‏يقبضه, فالفطرة على المشتري والمتهب لأن الملك له والفطرة على المالك ولو أوصى له بعبد ومات الموصي قبل غروب الشمس فلم يقبل الموصى له حتى غابت‏غابت, فالفطرة عليه في أحد الوجهين والآخر على ورثة الموصي‏الموصي, بناء على الوجهين في الموصى به هل ينتقل بالموت أو من حين القبول‏؟‏القبول؟ ولو مات الموصى له قبل الرد وقبل القبول فقبل ورثته وقلنا بصحة قبولهم‏قبولهم, فهل تكون فطرته على ورثة الموصي أو في تركة الموصى له‏؟‏له؟ وجهين وقال القاضي‏القاضي: فطرته في تركة الموصى له لأننا حكمنا بانتقال الملك من حين القبول ولو مات قبل الرد وقبل القبول فإن كان موته بعد هلال شوال‏شوال, ففطرة العبد في تركته لأن الورثة إنما قبلوه له وإن كان موته قبل هلال شوال ففطرته على الورثة ولو أوصى لرجل برقبة عبد ولآخر بمنفعته‏بمنفعته, فقبلا كانت الفطرة على مالك الرقبة لأن الفطرة تجب بالرقبة لا بالمنفعة ولهذا تجب على من لا نفع فيه ويحتمل أن يكون حكمها حكم نفقته وفيها ثلاثة أوجه أحدها‏أحدها, أنها على مالك نفعه والثاني‏والثاني: على مالك رقبته والثالث‏والثالث: في كسبه‏كسبه.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال وإن قدمها قبل ذلك بيوم أو يومين أجزأه وجملته أنه يجوز تقديم الفطرة قبل العيد بيومين لا يجوز أكثر من ذلك وقال ابن عمر‏عمر: كانوا يعطونها قبل الفطر بيوم أو يومين وقال بعض أصحابنا‏أصحابنا: يجوز تعجيلها من بعد نصف الشهر‏الشهر, كما يجوز تعجيل أذان الفجر والدفع من مزدلفة بعد نصف الليل وقال أبو حنيفة‏حنيفة: ويجوز تعجيلها من أول الحول لأنها زكاة فأشبهت زكاة المال وقال الشافعي‏الشافعي: يجوز من أول شهر رمضان لأن سبب الصدقة الصوم والفطر عنه فإذا وجد أحد السببين جاز تعجيلها‏تعجيلها, كزكاة المال بعد ملك النصاب ولنا ما روى الجوزجاني‏الجوزجاني: حدثنا يزيد بن هارون قال‏قال: أخبرنا أبو معشر عن نافع‏نافع, عن ابن عمر قال كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يأمر به فيقسم - قال يزيد أظن‏أظن: هذا يوم الفطر - ويقول أغنوهم عن الطواف في هذا اليوم " والأمر للوجوب‏للوجوب, ومتى قدمها بالزمان الكثير لم يحصل إغناؤهم بها يوم العيد وسبب وجوبها الفطر بدليل إضافتها إليه وزكاة المال سببها ملك النصاب‏النصاب, والمقصود إغناء الفقير بها في الحول كله فجاز إخراجها في جميعه وهذه المقصود منها الإغناء في وقت مخصوص فلم يجز تقديمها قبل الوقت فأما تقديمها بيوم أو يومين فجائز لما روى البخاري بإسناده عن ابن عمر‏عمر, قال‏قال: (‏فرضفرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم- صدقة الفطر من رمضان وقال في آخره‏آخره: وكانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين‏يومين) وهذا إشارة إلى جميعهم فيكون إجماعا ولأن تعجيلها بهذا القدر لا يخل بالمقصود منها‏منها, فإن الظاهر أنها تبقى أو بعضها إلى يوم العيد فيستغنى بها عن الطواف والطلب فيه ولأنها زكاة‏زكاة, فجاز تعجيلها قبل وجوبها كزكاة المال والله أعلم
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: ويلزمه أن يخرج عن نفسه وعن عياله‏عياله, إذا كان عنده فضل عن قوت يومه وليلته عيال الإنسان‏الإنسان: من يعوله أي يمونه فتلزمه فطرتهم كما تلزمه مؤنتهم إذا وجد ما يؤدي عنهم لحديث ابن عمر (‏أنأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فرض صدقة الفطر‏الفطر, عن كل صغير وكبير حر وعبد ممن تمونون‏تمونون) والذي يلزم الإنسان نفقتهم وفطرتهم ثلاثة أصناف‏أصناف: الزوجات‏الزوجات, والعبيد والأقارب فأما الزوجات فعليه فطرتهن وبهذا قال مالك والشافعي وإسحاق وقال أبو حنيفة‏حنيفة, والثوري وابن المنذر‏المنذر: لا تجب عليه فطرة امرأته وعلى المرأة فطرة نفسها لقول النبي - صلى الله عليه وسلم- (‏صدقةصدقة الفطر على كل ذكر وأنثى‏وأنثى) ولأنها زكاة فوجبت عليها كزكاة مالها ولنا‏ولنا, الخبر ولأن النكاح سبب تجب به النفقة فوجبت به الفطرة‏الفطرة, كالملك والقرابة بخلاف زكاة المال فإنها لا تتحمل بالملك والقرابة فإن كان لامرأته من يخدمها بأجرة‏بأجرة, فليس على الزوج فطرته لأن الواجب الأجر دون النفقة وإن كان لها نظرت فإن كانت ممن لا يجب لها خادم فليس عليه نفقة خادمها‏خادمها, ولا فطرته وإن كانت ممن يخدم مثلها فعلى الزوج أن يخدمها‏يخدمها, ثم هو مخير بين أن يشتري لها خادما أو يستأجر أو ينفق على خادمها فإن اشترى لها خادما أو اختار الإنفاق على خادمها فعليه فطرته‏فطرته, وإن استأجر لها خادما فليس عليه نفقته ولا فطرته سواء شرط عليه مؤنته أو لم يشرط لأن المؤنة إذا كانت أجرة فهي من مال المستأجر وإن تبرع بالإنفاق على من لا تلزمه نفقته فحكمه حكم من تبرع بالإنفاق على أجنبي‏أجنبي, وسنذكره - إن شاء الله تعالى- وإن نشزت المرأة في وقت الوجوب ففطرتها على نفسها دون زوجها لأن نفقتها لا تلزمه واختار أبو الخطاب أن عليه فطرتها لأن الزوجية ثابتة عليها فلزمته فطرتها كالمريضة التي لا تحتاج إلى نفقة والأول‏والأول: أصح لأن هذه ممن لا تلزمه مؤنته فلا تلزمه فطرته كالأجنبية‏كالأجنبية, وفارق المريضة لأن عدم الإنفاق عليها لعدم الحاجة لا لخلل في المقتضى لها فلا يمنع ذلك من ثبوت تبعها‏تبعها, بخلاف الناشز وكذلك كل امرأة لا يلزمه نفقتها كغير المدخول بها إذا لم تسلم إليه والصغيرة التي لا يمكن الاستمتاع بها‏بها, فإنه لا تلزمه نفقتها ولا فطرتها لأنها ليست ممن يمون‏يمون.
فصل‏فصل:
وأما العبيد فإن كانوا لغير التجارة فعلى سيدهم فطرتهم لا نعلم فيه خلافا وإن كانوا للتجارة فعليه أيضا فطرتهم وبهذا قال مالك‏مالك, والليث والأوزاعي والشافعي‏والشافعي, وإسحاق وابن المنذر وقال عطاء والنخعي‏والنخعي, والثوري وأصحاب الرأي‏الرأي: لا تلزمه فطرتهم لأنها زكاة ولا تجب في مال واحد زكاتان وقد وجبت فيهم زكاة التجارة‏التجارة, فيمتنع وجوب الزكاة الأخرى كالسائمة إذا كانت للتجارة ولنا عموم الأحاديث وقول ابن عمر‏عمر: (‏فرضفرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر على الحر والعبد‏والعبد) وفي حديث عمرو بن شعيب‏شعيب: (‏ألاألا إن صدقة الفطر واجبة على كل مسلم‏مسلم, ذكر أو أنثى حر أو عبد صغير أو كبير‏كبير) ولأن نفقتهم واجبة فوجبت فطرتهم‏فطرتهم, كعبيد القنية أو نقول مسلم تجب مؤنته فوجبت فطرته كالأصل‏كالأصل, وزكاة الفطرة تجب على البدن ولهذا تجب على الأحرار وزكاة التجارة تجب عن القيمة‏القيمة, وهي المال بخلاف السوم والتجارة فإنهما يجبان بسبب مال واحد متى كان عبيد التجارة في يد المضارب وجبت فطرتهم من مال المضاربة لأن مؤنتهم منها وحكى ابن المنذر عن الشافعي‏الشافعي, أنها على رب المال ولنا أن الفطرة تابعة للنفقة وهي من مال المضاربة‏المضاربة, فكذلك الفطرة‏الفطرة.
فصل‏فصل:
وتجب فطرة العبد الحاضر والغائب الذي تعلم حياته والآبق والصغير والكبير‏والكبير, والمرهون والمغصوب قال ابن المنذر‏المنذر: أجمع عوام أهل العلم على أن على المرء زكاة الفطر عن مملوكه الحاضر غير المكاتب والمغصوب‏والمغصوب, والآبق وعبيد التجارة فأما الغائب فعليه فطرته إذا علم أنه حي‏حي, سواء رجا رجعته أو أيس منها وسواء كان مطلقا أو محبوسا كالأسير وغيره قال ابن المنذر‏المنذر: أكثر أهل العلم يرون أن تؤدى زكاة الفطر عن الرقيق غائبهم وحاضرهم لأنه مالك لهم‏لهم, فوجبت فطرتهم عليه كالحاضرين وممن أوجب فطرة الآبق الشافعي وأبو ثور وابن المنذر وأوجبها الزهري إذا علم مكانه والأوزاعي إن كان في دار الإسلام ومالك إن كانت غيبته قريبة ولم يوجبها عطاء‏عطاء, والثوري وأصحاب الرأي لأنه لا يلزمه الإنفاق عليه فلا تجب فطرته كالمرأة الناشز ولنا‏ولنا, أنه مال له فوجبت زكاته في حال غيبته كمال التجارة ويحتمل أن لا يلزمه إخراج زكاته حتى يرجع إلى يده كزكاة الدين والمغصوب ذكره ابن عقيل ووجه القول الأول‏الأول, أن زكاة الفطر تجب تابعة للنفقة والنفقة تجب مع الغيبة بدليل أن من رد الآبق رجع بنفقته وأما من شك في حياته منهم وانقطعت أخباره‏أخباره, لم تجب فطرته نص عليه في رواية صالح لأنه لا يعلم بقاء ملكه عليه‏عليه, ولو أعتقه في كفارته لم يجزئه فلم تجب فطرته كالميت فإن مضت عليه سنون ثم علم حياته‏حياته, لزمه الإخراج لما مضى لأنه بان له وجود سبب الوجوب في الزمن الماضي فوجب عليه الإخراج لما مضى كما لو سمع بهلاك ماله الغائب‏الغائب, ثم بان أنه كان سالما والحكم في القريب الغائب كالحكم في البعيد لأنهم ممن تجب فطرتهم مع الحضور فكذلك مع الغيبة كالعبيد ويحتمل أن لا تجب فطرتهم مع الغيبة لأنه لا يلزمه بعث نفقتهم إليهم‏إليهم, ولا يرجعون بالنفقة الماضية
فصل‏فصل:
فأما عبيد عبيده فإن قلنا إن العبد لا يملكهم بالتمليك فالفطرة على السيد لأنهم ملكه وهذا ظاهر كلام الخرقي وقول أبي الزناد‏الزناد, ومالك والشافعي وأصحاب الرأي وإن قلنا يملك بالتمليك‏بالتمليك, فقد قيل‏قيل: لا تجب فطرتهم على أحد لأن السيد لا يملكهم وملك العبد ناقص والصحيح وجوب فطرتهم لأن فطرتهم تتبع النفقة ونفقتهم واجبة فكذلك فطرتهم ولا يعتبر في وجوبها كمال الملك‏الملك, بدليل وجوبها على المكاتب عن نفسه وعبيده مع نقص ملكه‏ملكه.
فصل‏فصل:
وأما زوجة العبد فذكر أصحابنا المتأخرون أن فطرتها على نفسها إن كانت حرة وعلى سيدها إن كانت أمة وقياس المذهب عندي وجوب فطرتها على سيد العبد لوجوب نفقتها عليه‏عليه, ألا ترى أنه تجب عليه فطرة خادم امرأته مع أنه لا يملكها لوجوب نفقتها وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم- : (‏أدواأدوا صدقة الفطر عمن تمونون‏تمونون) وهذه ممن يمونون وقد ذكر أصحابنا أنه لو تبرع بمؤنة شخص‏شخص, لزمته فطرته فمن تجب عليه أولى وهكذا لو زوج الابن أباه وكان ممن تجب عليه نفقته ونفقة امرأته‏امرأته, فعليه فطرتهما والله أعلم
فصل‏فصل:
وإن تبرع بمؤنة إنسان في شهر رمضان فأكثر أصحابنا يختارون وجوب الفطرة عليه وقد نص عليه أحمد‏أحمد, في رواية أبي داود في من ضم إلى نفسه يتيمة يؤدي عنها وذلك لقوله عليه السلام‏السلام: (‏أدواأدوا صدقة الفطر عمن تمونون‏تمونون) وهذا ممن يمونون ولأنه شخص ينفق عليه‏عليه, فلزمته فطرته كعبده واختار أبو الخطاب لا تلزمه فطرته لأنه لا تلزمه مؤنته فلم تلزمه فطرته كما لو لم يمنه وهذا قول أكثر أهل العلم‏العلم, وهو الصحيح - إن شاء الله تعالى- وكلام أحمد في هذا محمول على الاستحباب لا على الإيجاب والحديث محمول على من تلزمه مؤنته‏مؤنته, لا على حقيقة المؤنة بدليل أنه تلزمه فطرة الآبق ولم يمنه ولو ملك عبدا عند غروب الشمس‏الشمس, أو تزوج أو ولد له ولد لزمته فطرتهم لوجوب مؤنتهم عليه‏عليه, وإن لم يمنهم ولو باع عبده أو طلق امرأته أو ماتا‏ماتا, أو مات ولده لم تلزمه فطرتهم وإن مانهم ولأن قوله‏قوله: ( ممن تمونون ) فعل مضارع‏مضارع, فيقتضي الحال أو الاستقبال دون الماضي ومن مانه في رمضان إنما وجدت مؤنته في الماضي فلا يدخل في الخبر‏الخبر, ولو دخل فيه لاقتضى وجوب الفطرة على من مانه ليلة واحدة وليس في الخبر ما يقيده بالشهر ولا بغيره فالتقييد بمؤنة الشهر تحكم فعلى هذا القول تكون فطرة هذا المختلف فيه على نفسه‏نفسه, كما لو لم يمنه وعلى قول أصحابنا المعتبر الإنفاق في جميع الشهر وقال ابن عقيل‏عقيل: قياس مذهبنا أنه إذا مانه آخر ليلة وجبت فطرته قياسا على من ملك عبدا عند غروب الشمس وإذا مانه جماعة في الشهر كله‏كله, أو مانه إنسان بعض الشهر فعلى قياس قول ابن عقيل هذا تكون فطرته على من مانه آخر ليلة وعلى قول غيره يحتمل أن لا تجب فطرته على أحد ممن مانه لأن سبب الوجوب المؤنة في جميع الشهر ولم يوجد ويحتمل أن تجب على الجميع فطرة واحدة بالحصص لأنهم اشتركوا في سبب الوجوب‏الوجوب, فأشبه ما لو اشتركوا في ملك عبد‏عبد.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال إذا كان عنده فضل عن قوت يومه وليلته وجملة ذلك أن صدقة الفطر واجبة على من قدر عليها ولا يعتبر في وجوبها نصاب وبهذا قال أبو هريرة وأبو العالية والشعبي‏والشعبي, وعطاء وابن سيرين والزهري‏والزهري, ومالك وابن المبارك والشافعي‏والشافعي, وأبو ثور وقال أصحاب الرأي‏الرأي: لا تجب إلا على من يملك مائتي درهم أو ما قيمته نصاب فاضل عن مسكنه لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : (‏لالا صدقة إلا عن ظهر غنى‏غنى) والفقير لا غنى له فلا تجب عليه ولأنه تحل له الصدقة‏الصدقة, فلا تجب عليه كمن لا يقدر عليها ولنا ما روى ثعلبة بن أبي صعير عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال‏قال: (‏أدواأدوا صدقة الفطر صاعا من قمح أو قال‏قال: بر عن كل إنسان‏إنسان, صغير أو كبير حر أو مملوك غني أو فقير‏فقير, ذكر أو أنثى أما غنيكم فيزكيه الله وأما فقيركم فيرد الله عليه أكثر مما أعطى‏أعطى) وفي رواية أبي داود‏داود: (‏صاعصاع من بر أو قمح عن كل اثنين‏اثنين) ولأنه حق مال لا يزيد بزيادة المال فلا يعتبر وجوب النصاب فيه كالكفارة‏كالكفارة, ولا يمتنع أن يؤخذ منه ويعطى لمن وجب عليه العشر والذي قاسوا عليه عاجز فلا يصح القياس عليه‏عليه, وحديثهم محمول على زكاة المال‏المال.
فصل‏فصل:
فإن لم يفضل إلا بعض صاع فهل يلزمه إخراجه‏؟‏إخراجه؟ على روايتين إحداهما لا يلزمه اختارها ابن عقيل لأنها طهرة فلا تجب على من لا يملك جميعها كالكفارة والثانية يلزمه إخراجه لقول النبي - صلى الله عليه وسلم- : (‏إذاإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم‏استطعتم) ولأنها طهرة‏طهرة, فوجب منها ما قدر عليه كالطهارة بالماء ولأن الجزء من الصاع يخرج عن العبد المشترك‏المشترك, فجاز أن يخرج عن غيره كالصاع
فصل‏فصل:
وإن أعسر بفطرة زوجته فعليها فطرة نفسها أو على سيدها إن كانت مملوكة لأنها تتحمل إذا كان ثم متحمل‏متحمل, فإذا لم يكن عاد إليها كالنفقة ويحتمل أن لا يجب عليها شيء لأنها لم تجب على من وجد سبب الوجوب في حقه لعسرته فلم تجب على غيره‏غيره, كفطرة نفسه وتفارق النفقة فإن وجوبها آكد لأنها مما لا بد منه وتجب على المعسر‏المعسر, والعاجز ويرجع عليها بها عند يساره والفطرة بخلافها‏بخلافها.
فصل‏فصل:
ومن وجبت فطرته على غيره‏غيره, كالمرأة والنسيب الفقير إذا أخرج عن نفسه بإذن من تجب عليه صح بغير خلاف نعلمه لأنه نائب عنه وإن أخرج بغير إذنه‏إذنه, ففيه وجهان أحدهما يجزئه لأنه أخرج فطرته فأجزأه كالتي وجبت عليه والثاني‏والثاني: لا يجزئه لأنه أدى ما وجب على غيره بغير إذنه فلم يصح‏يصح, كما لو أدى عن غيره‏غيره.
فصل‏فصل:
ومن له دار يحتاج إليها لسكناها أو إلى أجرها لنفقته أو ثياب بذلة له‏له, أو لمن تلزمه مؤنته أو رقيق يحتاج إلى خدمتهم هو أو من يمونه أو بهائم يحتاجون إلى ركوبها والانتفاع بها في حوائجهم الأصلية أو سائمة يحتاج إلى نمائها كذلك‏كذلك, أو بضاعة يختل ربحها الذي يحتاج إليه بإخراج الفطرة منها فلا فطرة عليه كذلك لأن هذا مما تتعلق به حاجته الأصلية فلم يلزمه بيعه‏بيعه, كمؤنة نفسه ومن له كتب يحتاج إليها للنظر فيها والحفظ منها لا يلزمه بيعها والمرأة إذا كان لها حلي للبس أو لكراء يحتاج إليه لم يلزمها بيعه في الفطرة وما فضل من ذلك عن حوائجه الأصلية‏الأصلية, وأمكن بيعه وصرفه في الفطرة وجبت الفطرة به لأنه أمكن أداؤها من غير ضرر أصلي أشبه ما لو ملك من الطعام ما يؤديه فاضلا عن حاجته‏حاجته.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال وليس عليه في مكاتبه زكاة وعلى المكاتب أن يخرج عن نفسه زكاة الفطر وممن قال‏قال: لا تجب فطرة المكاتب على سيده‏سيده, أبو سلمة بن عبد الرحمن والثوري والشافعي‏والشافعي, وأصحاب الرأي وأوجبها على السيد عطاء ومالك وابن المنذر لأنه عبد‏عبد, فأشبه سائر عبيده ولنا قوله عليه السلام‏السلام: " ممن تمونون " وهذا لا يمونه ولأنه لا تلزمه مؤنته فلم تلزمه فطرته‏فطرته, كالأجنبي وبهذا فارق سائر عبيده إذا ثبت هذا فإن على المكاتب فطرة نفسه‏نفسه, وفطرة من تلزمه مؤنته كزوجته ورقيقه وقال أبو حنيفة والشافعي‏والشافعي: لا تجب عليه لأنه ناقص الملك‏الملك, فلم تجب عليه الفطرة كالقن ولأنها زكاة فلم تجب عليه كزكاة المال ولنا‏ولنا, أن النبي - صلى الله عليه وسلم- فرض صدقة الفطر على الحر والعبد والذكر والأنثى وهذا عبد ولا يخلو من كونه ذكرا أو أنثى ولأنه يلزمه نفقة نفسه‏نفسه, فلزمته فطرتها كالحر الموسر ويفارق زكاة المال لأنها يعتبر لها الغنى والنصاب والحول ولا يحملها أحد عن غيره بخلاف الفطرة‏الفطرة.
فصل‏فصل:
وتلزم المكاتب فطرة من يمونه كالحر لدخولهم في عموم قوله عليه السلام‏السلام: (‏أدواأدوا صدقة الفطر عمن تمونون‏تمونون)
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: وإذا ملك جماعة عبدا أخرج كل واحد منهم صاعا‏صاعا, وعن أبي عبد الله رواية أخرى صاعا عن الجميع وجملة ذلك أن فطرة العبد المشترك واجبة على مواليه وبهذا قال مالك ومحمد بن سلمة‏سلمة, وعبد الملك والشافعي ومحمد بن الحسن‏الحسن, وأبو ثور وقال الحسن وعكرمة والثوري‏والثوري, وأبو حنيفة وأبو يوسف‏يوسف: لا فطرة على واحد منهم لأنه ليس عليه لأحد منهم ولاية تامة أشبه المكاتب ولنا‏ولنا, عموم الأحاديث ولأنه عبد مسلم مملوك لمن يقدر على الفطرة وهو من أهلها فلزمته لمملوك الواحد‏الواحد, وفارق المكاتب فإنه لا تلزم سيده مؤنته ولأن المكاتب يخرج عن نفسه زكاة الفطر‏الفطر, بخلاف القن والولاية غير معتبرة في وجوب الفطرة بدليل عبد الصبي‏الصبي, ثم إن ولايته للجميع فتكون فطرته عليهم واختلفت الرواية في قدر الواجب على كل واحد منهم ففي إحداهما على كل واحد صاع لأنها طهرة فوجب تكميلها على كل واحد من الشركاء‏الشركاء, ككفارة القتل والثانية على الجميع صاع واحد على كل واحد منهم بقدر ملكه فيه وهذا الظاهر عن أحمد قال فوران‏فوران: رجع أحمد عن هذه المسألة وقال‏وقال: يعطى كل واحد منهم نصف صاع يعني رجع عن إيجاب صاع كامل على كل واحد وهذا قول سائر من أوجب فطرته على سادته لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- أوجب صاعا على كل واحد وهذا عام في المشترك وغيره‏وغيره, ولأن نفقته تقسم عليهم فكذلك فطرته التابعة لها ولأنه شخص واحد‏واحد, فلم تجب عنه صيعان كسائر الناس ولأنها طهرة فوجبت على سادته بالحصص كماء الغسل من الجنابة إذا احتيج إليه‏إليه, وبهذا ينتقض ما ذكرناه للرواية الأولى
فصل:
فصل‏:‏
ومن بعضه حر ففطرته عليه وعلى سيده وبهذا قال الشافعي وأبو ثور وقال مالك‏مالك: على الحر بحصته‏بحصته, وليس على العبد شيء ولنا أنه عبد مسلم تلزم فطرته شخصين من أهل الفطرة فكانت فطرته عليهما كالمشترك‏كالمشترك, ثم هل يلزم كل واحد منهما صاع أو بالحصص‏؟‏بالحصص؟ ينبني على ما ذكرنا في العبد المشترك فإن كان أحدهما معسرا فلا شيء عليه وعلى الآخر بقدر الواجب عليه‏عليه, ولو كان بين العبد وبين السيد مهايأة أو كان المشتركون في العبد قد تهايئوا عليه لم تدخل الفطرة في المهايأة لأن المهايأة معاوضة كسب بكسب والفطرة حق لله تعالى فلا تدخل في ذلك‏ذلك, كالصلاة‏كالصلاة.
فصل:
فصل‏:‏
ولو ألحقت القافة ولدا برجلين أو أكثر فالحكم في فطرته كالحكم في العبد المشترك ولو أن شخصا حرا له قريبان فأكثر عليهم نفقته بينهم كانت فطرته عليهم‏عليهم, كالعبد المشترك على ما ذكر فيه‏فيه.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال ويعطي صدقة الفطر لمن يجوز أن يعطى صدقة الأموال إنما كانت كذلك لأن صدقة الفطر زكاة فكان مصرفها مصرف سائر الزكوات‏الزكوات, ولأنها صدقة فتدخل في عموم قوله تعالى‏تعالى: {‏إنماإنما الصدقات للفقراء والمساكين‏والمساكين} [‏التوبة‏التوبة: 60‏60]‏‏. الآية ولا يجوز دفعها إلى من لا يجوز دفع زكاة المال إليه ولا يجوز دفعها إلى ذمي وبهذا قال مالك‏مالك, والليث والشافعي وأبو ثور‏ثور, وقال أبو حنيفة‏حنيفة: يجوز وعن عمرو بن ميمون وعمرو بن شرحبيل ومرة الهمداني‏الهمداني, أنهم كانوا يعطون منها الرهبان ولنا أنها زكاة فلم يجز دفعها إلى غير المسلمين‏المسلمين, كزكاة المال ولا خلاف في أن زكاة المال لا يجوز دفعها إلى غير المسلمين قال ابن المنذر‏المنذر: أجمع أهل العلم على أن لا يجزئ أن يعطي من زكاة المال أحد من أهل الذمة‏الذمة.
فصل:
فصل‏:‏
ويجوز أن يعطي من أقاربه من يجوز أن يعطيه من زكاة ماله ولا يعطي منها غنيا‏غنيا, ولا ذا قربى ولا أحدا ممن منع أخذ زكاة المال ويجوز صرفها في الأصناف الثمانية لأنها صدقة فأشبهت صدقة المال‏المال.
فصل‏فصل: جواز أخذ الصدقة ممن له نصاب من الماشية والزرع وردها عليه إذا لم يكن له قدر كفايته
وإن دفعها إلى مستحقها فأخرجها آخذها إلى دافعها‏دافعها, أو جمعت الصدقة عند الإمام ففرقها على أهل السهمان فعادت إلى إنسان صدقته‏صدقته, فاختار القاضي جواز ذلك قال‏قال: لأن أحمد قد نص في من له نصاب من الماشية والزرع أن الصدقة تؤخذ منه‏منه, وترد عليه إذا لم يكن له قدر كفايته وهو مذهب الشافعي ولأن قبض الإمام أو المستحق أزال ملك المخرج‏المخرج, وعادت إليه بسبب آخر فجاز كما لو عادت بميراث وقال أبو بكر‏بكر: مذهب أحمد أنه لا يحل له أخذها لأنها طهرة له فلم يجز له أخذها كشرائها (‏ولأنولأن عمر ـ رضي الله عنه ـ أراد أن يشتري الفرس الذي حمل عليه في سبيل الله فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم- : لا تشترها ولا تعد في صدقتك‏صدقتك, فإن العائد في صدقته كالعائد في قيئه‏قيئه) فأما إن اشتراها لم يجز له ذلك للخبر وإن ورثها فله أخذها لأنها رجعت إليه بغير فعل منه‏منه.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: ويجوز أن يعطي الواحد ما يلزم الجماعة والجماعة ما يلزم الواحد إعطاء الجماعة ما يلزم الواحد لا نعلم فيه خلافا لأنه صرف صدقته إلى مستحقها فبرئ منها كما لو دفعها إلى واحد وأما إعطاء الواحد صدقة الجماعة فإن الشافعي ومن وافقه‏وافقه, أوجبوا تفرقة الصدقة على ستة أصناف ودفع حصة كل صنف إلى ثلاثة منهم على ما ذكرناه قبل هذا وقد ذكرنا الدليل عليه‏عليه, ولأنها صدقة لغير معين فجاز صرفها إلى واحد كالتطوع وبهذا قال مالك وأبو ثور‏ثور, وابن المنذر وأصحاب الرأي‏الرأي.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: ومن أخرج عن الجنين فحسن وكان عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ يخرج عن الجنين المذهب أن الفطرة غير واجبة على الجنين وهو قول أكثر أهل العلم قال ابن المنذر‏المنذر: كل من نحفظ عنه من علماء الأمصار لا يوجبون على الرجل زكاة الفطر عن الجنين في بطن أمه وعن أحمد‏أحمد, رواية أخرى أنها تجب عليه لأنه آدمي تصح الوصية له وبه ويرث فيدخل في عموم الأخبار‏الأخبار, ويقاس على المولود ولنا أنه جنين فلم تتعلق الزكاة به كأجنة البهائم ولأنه لم تثبت له أحكام الدنيا إلا في الإرث والوصية بشرط أن يخرج حيا إذا ثبت هذا فإنه يستحب إخراجها عنه لأن عثمان كان يخرجها عنه‏عنه, ولأنها صدقة عمن لا تجب عليه فكانت مستحبة كسائر صدقات التطوع
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: ومن كان في يده ما يخرجه عن صدقة الفطر وعليه دين مثله‏مثله, لزمه أن يخرج إلا أن يكون مطالبا بالدين فعليه قضاء الدين ولا زكاة عليه إنما لم يمنع الدين الفطرة لأنها آكد وجوبا بدليل وجوبها على الفقير‏الفقير, وشمولها لكل مسلم قدر على إخراجها ووجوب تحملها عمن وجبت نفقته على غيره ولا تتعلق بقدر من المال فجرت مجرى النفقة ولأن زكاة المال تجب بالملك‏بالملك, والدين يؤثر في الملك فأثر فيها وهذه تجب على البدن‏البدن, والدين لا يؤثر فيه وتسقط الفطرة عند المطالبة بالدين لوجوب أدائه عند المطالبة‏المطالبة, وتأكده بكونه حق آدمي معين لا يسقط بالإعسار وكونه أسبق سببا وأقدم وجوبا يأثم بتأخيره فإنه يسقط غير الفطرة‏الفطرة, وإن لم يطالب به لأن تأثير المطالبة إنما هو في إلزام الأداء وتحريم التأخير‏التأخير.
فصل:
فصل‏:‏
وإن مات من وجبت عليه الفطرة قبل أدائها أخرجت من تركته فإن كان عليه دين وله مال يفي بهما قضيا جميعا‏جميعا, وإن لم يف بهما قسم بين الدين والصدقة بالحصص نص عليه أحمد في زكاة المال أن التركة تقسم بينهما‏بينهما, وكذا ها هنا فإن كان عليه زكاة مال وصدقة فطر ودين فزكاة الفطر والمال كالشيء الواحد لاتحاد مصرفهما فيحاصان الدين‏الدين, وأصل هذا أن حق الله سبحانه وحق الآدمي إذا تعلقا بمحل واحد‏واحد, فكانا في الذمة أو كانا في العين تساويا في الاستيفاء
فصل:
فصل‏:‏
وإذا مات المفلس‏المفلس, وله عبيد فهل شوال قبل قسمتهم بين الغرماء ففطرتهم على الورثة لأن الدين لا يمنع نقل التركة‏التركة, بل غايته أن يكون رهنا بالدين وفطرة الرهن على مالكه‏مالكه.
فصول في صدقة التطوع‏التطوع:
فصل:
فصل‏:‏
وهي مستحبة في جميع الأوقات لقوله تعالى‏تعالى: {‏منمن ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة‏كثيرة} [‏البقرة‏البقرة: 245‏245]‏‏. وأمر بالصدقة في آيات كثيرة وحث عليها ورغب فيها وروى أبو صالح‏صالح, عن أبي هريرة قال‏قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- (‏منمن تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ولا يصعد إلى الله إلا الطيب فإن الله تعالى يقبلها بيمينه‏بيمينه, ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل‏الجبل) متفق عليه وصدقة السر أفضل من صدقة العلانية لقول الله تعالى‏تعالى: {‏إنإن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم‏لكم, ويكفر عنكم من سيئاتكم‏سيئاتكم} [‏البقرة‏البقرة: 271‏271]‏‏. وروى أبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال‏قال: (‏سبعةسبعة يظلهم الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله وذكر منهم رجلا تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه‏يمينه) متفق عليه وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم- : (‏أنأن صدقة السر تطفئ غضب الرب‏الرب) ويستحب الإكثار منها في أوقات الحاجات‏الحاجات, لقول الله تعالى‏تعالى: {‏أوأو إطعام في يوم ذي مسغبة‏مسغبة} [‏البلد‏البلد: 14‏14]‏‏. وفي شهر رمضان لأن الحسنات تضاعف فيه ولأن فيه إعانة على أداء الصوم المفروض ومن فطر صائما كان له مثل أجره وتستحب الصدقة على ذي القرابة لقول الله تعالى‏تعالى: {‏يتيمايتيما ذا مقربة‏مقربة} [‏البلد‏البلد: 15‏15]‏‏. وقال النبي - صلى الله عليه وسلم- : (‏الصدقةالصدقة على المسكين صدقة وهي على ذي الرحم اثنتان‏اثنتان, صدقة وصلة‏وصلة) وهذا حديث حسن (‏وسألتوسألت زينب امرأة عبد الله بن مسعود رسول الله - صلى الله عليه وسلم- هل ينفعها أن تضع صدقتها في زوجها وبني أخ لها يتامى‏؟‏يتامى؟ قال‏قال: نعم لها أجران أجر القرابة وأجر الصدقة‏الصدقة) رواه النسائي وتستحب الصدقة على من اشتدت حاجته‏حاجته, لقول الله تعالى‏تعالى: {‏أوأو مسكينًا ذا متربة‏متربة} [‏البلد‏البلد: 16‏16]‏‏.
فصل:
فصل‏:‏
والأولى أن يتصدق من الفاضل عن كفايته وكفاية من يمونه على الدوام لقول النبي - صلى الله عليه وسلم- : (‏خيرخير الصدقة ما كان عن ظهر غنى وابدأ بمن تعول‏تعول) متفق عليه‏عليه, فإن تصدق بما ينقص عن كفاية من تلزمه مؤنته ولا كسب له أثم لقول النبي - صلى الله عليه وسلم- : (‏كفىكفى بالمرء إثما أن يضيع من يمون‏يمون) ولأن نفقة من يمونه واجبة‏واجبة, والتطوع نافلة وتقديم النفل على الفرض غير جائز فإن كان الرجل وحده أو كان لمن يمون كفايتهم فأراد الصدقة بجميع ماله وكان ذا مكسب‏مكسب, أو كان واثقا من نفسه يحسن التوكل والصبر على الفقر والتعفف عن المسألة‏المسألة, فحسن لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- (‏سئلسئل عن أفضل الصدقة فقال‏فقال: جهد من مقل إلى فقير في السر‏السر) وروي عن عمر ـ رضي الله عنه ـ قال‏قال: (‏أمرناأمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أن نتصدق فوافق ذلك مالا عندي‏عندي, فقلت اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما فجئته بنصف مالي فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ما أبقيت لأهلك‏؟‏لأهلك؟ قلت‏قلت: أبقيت لهم مثله‏مثله, فأتاه أبو بكر بكل ما عنده فقال له‏له: ما أبقيت لأهلك‏؟‏لأهلك؟ قال‏قال: الله ورسوله فقلت‏فقلت: لا أسابقك إلى شيء بعده أبدا‏أبدا) فهذا كان فضيلة في حق أبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ لقوة يقينه وكمال إيمانه‏إيمانه, وكان أيضا تاجرا ذا مكسب فإنه قال حين ولي‏ولي: قد علم الناس أن كسبي لم يكن ليعجز عن مؤنة عيالي أو كما قال ـ رضي الله عنه ـ وإن لم يوجد في المتصدق أحد هذين كره لما روى أبو داود عن جابر بن عبد الله قال‏قال: (‏كناكنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إذ جاء رجل بمثل بيضة من ذهب‏ذهب, فقال يا رسول الله أصبت هذه من معدن فخذها فهي صدقة ما أملك غيرها فأعرض عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ثم أتاه من قبل ركنه الأيمن فقال مثل ذلك‏ذلك, فأعرض عنه ثم أتاه من قبل ركنه الأيسر فقال مثل ذلك‏ذلك, فأعرض عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ثم أتاه من خلفه فأخذها رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فحذفه بها فلو أصابته لأوجعته أو لعقرته‏لعقرته, وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : يأتي أحدكم بما يملك ويقول‏ويقول: هذه صدقة ثم يقعد يستكف الناس خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى‏غنى) فقد نبه النبي - صلى الله عليه وسلم- على المعنى الذي كره من أجله الصدقة بجميع ماله وهو أن يستكف الناس‏الناس, أي يتعرض لهم للصدقة أي يأخذها ببطن كفه يقال‏يقال: تكفف واستكف إذا فعل ذلك وروى النسائي (‏أنأن النبي - صلى الله عليه وسلم- أعطى رجلا ثوبين من الصدقة ثم حث على الصدقة‏الصدقة, فطرح الرجل أحد ثوبيه فقال النبي - صلى الله عليه وسلم- : ألم تروا إلى هذا دخل بهيئة بذة فأعطيته ثوبين‏ثوبين, ثم قلت‏قلت: تصدقوا فطرح أحد ثوبيه خذ ثوبك وانتهره‏وانتهره) ولأن الإنسان إذا أخرج جميع ماله لا يأمن فتنة الفقر وشدة نزاع النفس إلى ما خرج منه فيندم‏فيندم, فيذهب ماله ويبطل أجره ويصير كلا على الناس ويكره لمن لا صبر له على الإضافة أن ينقص نفسه من الكفاية التامة والله أعلم‏أعلم.
 
[[تصنيف:المغني]]