الفرق بين المراجعتين لصفحة: «المغني - كتاب الهبة والعطايا»

تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
تصنيف using AWB
 
سطر 17:
o فصل: إن وهب أمة واستثنى ما في بطنها صح في قياس قول أحمد
o فصل: إذا كان له في ذمة إنسان دين فوهبه له
o فصل: إن وهب الدين لغير من هو في ذمته أو باعه إياه‏‏إياه لم يصح
o فصل: صحة البراءة من المجهول
o مسألة: يقبض للطفل أبوه أو وصيه‏‏وصيه أو الحاكم أو أمينه بأمره
o فصل: هبة الأب لابنه شيئًا
o فصل: إن كان الواهب للصبي غير الأب من أوليائه
سطر 25:
o مسألة: إذا فاضل بين ولده في العطية أمر برده
o فصل: التخصيص بالوقف
o فصل: استحباب التسوية‏التسوية وكراهة التفضيل
o فصل: ليس عليه التسوية بين سائر أقاربه
o فصل: الأم في المنع من المفاضلة بين الأولاد كالأب
o فصل: للأب الرجوع فيما وهب لولده
o فصل: ظاهر كلام الخرقي أن الأم كالأب‏كالأب في الرجوع في الهبة
o فصل: لا فرق بين الهبة والصدقة
o فصل: للرجوع في هبة الولد شروط أربعة
o فصل: الشرط الثاني: أن تكون العين باقية في تصرف الولد
o فصل: الشرط الرابع: أن لا تزيد زيادة متصلة
o فصل: إن قصر العين أو فصلها‏‏فصلها فلم تزد قيمتها لم تمنع الرجوع
o فصل: إن تلف بعض العين أو نقصت قيمتها لم يمنع الرجوع فيها
o فصل: الرجوع في الهبة أن يقول قد رجعت فيها أو ارتجعتها‏ارتجعتها
o مسألة: إذا فاضل بين ولده في العطايا أو خص بعضهم بعطية‏‏بعطية ثم مات
o فصل: استحباب عدم تقسيم المال‏‏المال وتركه على فرائض الله تعالى
o فصل: وللأب أن يأخذ من مال ولده ما شاء ويتملكه
o فصل: ليس للولد مطالبة أبيه بدين عليه
o فصل: إن تصرف الأب في مال الابن قبل تملكه‏‏تملكه لم يصح تصرفه
o فصل: ملك الابن على ماله تام
o فصل: ليس لغير الأب الأخذ من مال غيره بغير إذنه
o مسألة: لا يحل لواهب أن يرجع في هبته ولا لمهد أن يرجع في هديته
o فصل: حصول الاتفاق على أن ما وهبه الإنسان لذوي رحمه المحرم غير ولده‏ولده لا رجوع فيه
o فصل: لا يجوز للمتصدق الرجوع في صدقته
o فصل: الهبة المطلقة لا تقتضي ثوابًا سواء كانت من الإنسان لمثله أو دونه أو أعلى منه
o مسألة: داري لك عمري أو هي لك عمرك فهي له ولورثته من بعده
o فصل: إذا شرط في العمرى أنها للمعمر وعقبه‏وعقبه فهذا تأكيد لحكمها
o فصل: تعريف الرقبى
o فصل: تصح العمرى في غير العقار
o فصل: توقيت الهبة إلى غير العمرى والرقبى
o مسألة: السكنى ليست كالعمرى والرقبى
o فصل: إذا وهب هبة فاسدة أو باع بيعًا فاسدًا‏فاسدًا
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: [‏ولاولا تصح الهبة والصدقة فيما يكال أو يوزن إلا بقبضه‏بقبضه]
وجملة ذلك أن الهبة والصدقة والهدية والعطية معانيها متقاربة وكلها تمليك في الحياة بغير عوض‏عوض, واسم العطية شامل لجميعها وكذلك الهبة والصدقة والهدية متغايران فإن النبي ـ {{صل}} ـ كان يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة وقال في اللحم الذي تصدق به على بريرة‏بريرة: (‏هوهو عليها صدقة‏صدقة, ولنا هدية‏هدية) فالظاهر أن من أعطى شيئًا ينوي به إلى الله تعالى للمحتاج فهو صدقة ومن دفع إلى إنسان شيئا للتقرب إليه والمحبة له‏له, فهو هدية وجميع ذلك مندوب إليه ومحثوث عليه فإن النبي ـ {{صل}} ـ قال‏قال: (‏تهادواتهادوا تحابوا‏تحابوا) وأما الصدقة فما ورد في فضلها أكثر من أن يمكننا حصره‏حصره, وقد قال الله تعالى‏تعالى: {‏إنإن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ويكفر عنكم من سيئاتكم‏سيئاتكم} [‏البقرة‏البقرة: 271‏271]‏‏. إذا ثبت هذا فإن المكيل والموزون لا تلزم فيه الصدقة والهبة إلا بالقبض وهو قول أكثر الفقهاء منهم النخعي والثوري والحسن بن صالح وأبو حنيفة والشافعي وقال مالك وأبو ثور‏ثور: يلزم ذلك بمجرد العقد لعموم قوله عليه السلام‏السلام: (‏العائدالعائد في هبته‏هبته, كالعائد في قيئه‏قيئه) ولأنه إزالة ملك بغير عوض فلزم بمجرد العقد كالوقف والعتق وربما قالوا‏قالوا: تبرع‏تبرع, فلا يعتبر فيه القبض كالوصية والوقف ولأنه عقد لازم ينقل الملك فلم يقف لزومه على القبض كالبيع ولنا إجماع الصحابة رضي الله عنهم فإن ما قلناه مروي عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما‏عنهما, ولم يعرف لهما في الصحابة مخالف فروي عروة عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن أبا بكر رضي الله عنه نحلها جذاذ عشرين وسقا من ماله بالعالية فلما مرض قال‏قال: يا بنية‏بنية, ما أحد أحب إلى غنى بعدي منك ولا أحد أعز على فقرا منك وكنت نحلتك جذاذ عشرين وسقا ووددت أنك حزتيه أو قبضتيه‏قبضتيه, وهو اليوم مال الوارث أخواك وأختاك فاقتسموا على كتاب الله عز وجل وروى ابن عيينة عن الزهري‏الزهري, عن عروة عن عبد الرحمن بن عبد القاري أن عمر بن الخطاب قال‏قال: ما بال أقوام ينحلون أولادهم‏أولادهم, فإذا مات أحدهم قال‏قال: مالي وفي يدي وإذا مات هو قال‏قال: كنت نحلته ولدي‏؟‏ولدي؟ لا نحلة إلا نحلة يحوزها الولد دون الوالد‏الوالد, فإن مات ورثه وروى عثمان أن الوالد يحوز لولده إذا كانوا صغارا قال المروذي‏المروذي: اتفق أبو بكر وعمر وعثمان وعلى أن الهبة لا تجوز إلا مقبوضة ولأنها هبة غير مقبوضة فلم تلزم‏تلزم, كما لو مات قبل أن يقبض فإن مالكا يقول‏يقول: لا يلزم الورثة التسليم والخبر محمول على المقبوض‏المقبوض, ولا يصح القياس على الوقف والوصية والعتق لأن الوقف إخراج ملك إلى الله تعالى فخالف التمليكات والوصية تلزم في حق الوارث‏الوارث, والعتق إسقاط حق وليس بتمليك ولأن الوقف والعتق لا يكون في محل النزاع في المكيل والموزون‏والموزون.
فصل‏فصل:
وقول الخرقي [‏لالا يصح‏يصح]
يحتمل أن يريد لا يلزم ويحتمل أن يريد لا يثبت بها الملك قبل القبض فإن حكم الملك حكم الهبة‏الهبة, والصحة اعتبار الشيء في حق حكمه وأما الصحة بمعنى انعقاد اللفظ بحيث إذا انضم إليه القبض اعتبر وثبت حكمه فلا يصح حمل لفظه على نفيه لعدم الخلاف فيه‏فيه, ولأنه قال في سياق المسألة‏المسألة: " كما يصح في البيع " وقد تقرر في البيع أن بيع المكيل والموزون صحيح قبل القبض وإنما ينتفي الضمان وإطلاقه في التصرفات وقوله‏وقوله: " ما يكال وما يوزن " ظاهره العموم في كل موزون ومكيل وخصه أصحابنا المتأخرون بما ليس بمتعين فيه‏فيه, كالقفيز من صبرة والرطل من زبدة وقد ذكرنا ذلك في البيع ورجحنا العموم‏العموم.
فصل‏فصل:
والواهب بالخيار قبل القبض‏القبض, إن شاء أقبضها وأمضاها وإن شاء رجع فيها ومنعها ولا يصح قبضها إلا بإذنه فإن قبضها الموهوب له بغير إذنه لم تتم الهبة‏الهبة, ولم يصح القبض وحكي عن أبي حنيفة أنه إذا قبضها في المجلس صح وإن لم يأذن له لأن الهبة قامت مقام الإذن في القبض لكونها دالة على رضاه بالتمليك الذي لا يتم إلا بالقبض ولنا أنه قبض الهبة بغير إذن الواهب‏الواهب, فلم يصح كما بعد المجلس أو كما لو نهاه عن قبضها‏قبضها, ولأن التسليم غير مستحق على الواهب فلا يصح التسليم إلا بإذنه كما لو أخذ المشتري المبيع من البائع قبل تسليم ثمنه ولا يصح جعل الهبة إذنا في القبض بدليل ما بعد المجلس ولو أذن الواهب في القبض‏القبض, ثم رجع عن الإذن أو رجع في الهبة صح رجوعه لأن ذلك ليس بقبض وإن رجع بعد القبض‏القبض, لم ينفع رجوعه لأن الهبة تمت‏تمت.
فصل‏فصل:
وإذا مات الواهب أو الموهوب له قبل القبض بطلت الهبة سواء كان قبل الإذن في القبض أو بعده ذكره القاضي في موت الواهب لأنه عقد جائز فبطل بموت أحد المتعاقدين‏المتعاقدين, كالوكالة والشركة وقال أحمد في رواية أبي طالب وأبي الحارث‏الحارث, في رجل أهدى هدية فلم تصل إلى المهدي إليه حتى مات فإنها تعود إلى صاحبها ما لم يقبضها وروى بإسناده عن أم كلثوم بنت أبي سلمة قالت‏قالت: (‏لمالما تزوج رسول الله ـ {{صل}} ـ أم سلمة‏سلمة, قال لها‏لها: إني قد أهديت إلى النجاشي حلة وأواقي مسك ولا أرى النجاشي إلا قد مات ولا أرى هديتي إلا مردودة على فإن ردت فهي لك قالت‏قالت: فكان ما قال رسول الله ـ {{صل}} ـ وردت عليه هديته‏هديته, فأعطى كل امرأة من نسائه أوقية من مسك وأعطى أم سلمة بقية المسك والحلة‏والحلة) وإن مات صاحب الهدية قبل أن تصل إلى المهدي إليه رجعت إلى ورثة المهدي‏المهدي, وليس للرسول حملها إلى المهدي إليه إلا أن يأذن له الوارث ولو رجع المهدي في هديته قبل وصولها إلى المهدي إليه صح رجوعه فيها‏فيها, والهبة كالهدية وقال أبو الخطاب إذا مات الواهب قام وارثه مقامه في الإذن في القبض والفسخ وهذا يدل على أن الهبة لا تنفسخ بموته وهذا قول أكثر أصحاب الشافعي لأنه عقد مآله إلى اللزوم فلم ينفسخ بالموت كالبيع المشروط فيه الخيار وكذلك يخرج فيما إذا مات الموهوب له بعد قبوله وإن مات أحدهما قبل القبول‏القبول, أو ما يقوم مقامه بطلت وجها واحدا لأن العقد لم يتم‏يتم, فأشبه ما لو أوجب البيع فمات أحدهما قبل القبول من المشتري وإذا قلنا‏قلنا: إن الهبة لا تبطل فمات أحدهما بعد الإذن في القبض بطل الإذن‏الإذن, وجها واحدا لأن الميت إن كان هو الواهب فقد انتقل حقه في الرجوع في الهبة إلى وارثه فلم يلزم بغير إذنه وإن كان الموهوب له فلم يوجد الإذن‏الإذن, لوارثه فلم يملك القبض بغير إذن‏إذن.
فصل‏فصل:
وإن وهبه شيئا في يد المتهب كوديعة‏كوديعة, أو مغصوب فظاهر كلام أحمد أن الهبة تلزم من غير قبض ولا مضي مدة يتأتي القبض فيها فإنه قال في رواية ابن منصور‏منصور: إذا وهب لامرأته شيئا ولم تقبضه‏تقبضه, فليس بينه وبينها خيار هي معه في البيت فظاهر هذا أنه لم يعتبر قبضا ولا مضي مدة يتأتى فيها‏فيها, لكونها معه في البيت فيدها على ما فيه وقال القاضي‏القاضي: لا بد من مضي مدة يتأتى فيها القبض وقد روي عن أحمد رواية أخرى أنه يفتقر إلى إذن في القبض وقد مضى تعليل ذلك وتفصيله في الرهن ومذهب الشافعي كمذهبنا‏كمذهبنا, في الاختلاف في اعتبار الإذن واعتبار مضي مدة يتأتى القبض فيها‏فيها.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: [‏ويصحويصح في غير ذلك بغير قبض إذا قبل كما يصح في البيع‏البيع]
يعني أن غير المكيل والموزون تلزم الهبة فيه بمجرد العقد‏العقد, ويثبت الملك في الموهوب قبل قبضه وروي ذلك عن علي وابن مسعود ـ رضي الله عنهما ـ فإنه يروى عنهما أنهما قالا‏قالا: الهبة جائزة إذا كانت معلومة قبضت أو لم تقبض وهو قول مالك وأبي ثور وعن أحمد رواية أخرى‏أخرى: لا تلزم الهبة في الجميع إلا بالقبض وهو قول أكثر أهل العلم قال المروذي‏المروذي: اتفق أبو بكر وعمر وعثمان وعلى على أن الهبة لا تجوز إلا مقبوضة ويروى ذلك عن النخعي والثوري‏والثوري, والحسن بن صالح والعنبري والشافعي وأصحاب الرأي‏الرأي, لما ذكرنا في المسألة الأولى ووجه الرواية الأولى أن الهبة أحد نوعي التمليك فكان منها ما لا يلزم قبل القبض ومنها ما يلزم قبله‏قبله, كالبيع فإن فيه ما لا يلزم قبل القبض وهو الصرف‏الصرف, وبيع الربويات ومنه ما يلزم قبله وهو ما عدا ذلك فأما حديث أبي بكر‏بكر, فلا يلزم فإن جذاذ عشرين وسقا يحتمل أنه أراد به عشرين وسقا مجذوذة‏مجذوذة, فيكون مكيلا غير معين وهذا لا بد فيه من القبض وإن أراد نخلا يجذ عشرين وسقا‏وسقا, فهو أيضا غير معين ولا تصح الهبة فيه قبل تعيينه فيكون معناه‏معناه: وعدتك بالنحلة وقول عمر أراد به النهي عن التحيل بنحلة الوالد ولده نحلة موقوفة على الموت فيظهر‏فيظهر: إني نحلت ولدي شيئا ويمسكه في يده ويستغله‏ويستغله, فإذا مات أخذه ولده بحكم النحلة التي أظهرها وإن مات ولده أمسكه ولم يعط ورثة ولده شيئا وهذا على هذا الوجه محرم‏محرم, فنهاهم عن هذا حتى يحوزها الولد دون والده فإن مات ورثها ورثته كسائر ماله وإذا كان المقصود هذا اختص بهبة الولد دون والده‏والده, وشبهه على أنه قد روي عن علي وابن مسعود خلاف ذلك فتعارضت أقوالهم‏أقوالهم.
فصل‏فصل:
قول الخرقي‏الخرقي: [‏إذاإذا قبل‏قبل]
يدل على أنه إنما يستغنى عن القبض في موضع وجد فيه الإيجاب والقبول والإيجاب أن يقول‏يقول: وهبتك‏وهبتك, أو أهديت إليك أو أعطيتك أو هذا لك ونحوه من الألفاظ الدالة على هذا المعنى والقبول أن يقول‏يقول: قبلت‏قبلت, أو رضيت أو نحو هذا وذكر القاضي وأبو الخطاب‏الخطاب, أن الهبة والعطية لا تصح كلها إلا بإيجاب وقبول ولا بد منهما سواء وجد القبض أو لم يوجد وهذا قول أكثر أصحاب الشافعي لأنه عقد تمليك‏تمليك, فافتقر إلى الإيجاب والقبول كالنكاح والصحيح أن المعاطاة والأفعال الدالة على الإيجاب والقبول كافية ولا يحتاج إلى لفظ وهذا اختيار ابن عقيل فإن النبي ـ {{صل}} ـ كان يهدي ويهدى إليه‏إليه, ويعطي ويعطى ويفرق الصدقات ويأمر سعاته بتفريقها وأخذها‏وأخذها, وكان أصحابه يفعلون ذلك " ولم ينقل عنهم في ذلك إيجاب ولا قبول ولا أمر به ولا تعليمه لأحد ولو كان ذلك شرطا لنقل عنهم نقلا مشهورا (‏وكانوكان ابن عمر على بعير لعمر‏لعمر, فقال النبي ـ {{صل}} ـ لعمر‏لعمر: بعنيه فقال‏فقال: هو لك يا رسول الله فقال رسول الله ـ {{صل}} ـ : هو لك يا عبد الله بن عمر فاصنع به ما شئت‏شئت) ولم ينقل قبول النبي ـ {{صل}} ـ من عمر ولا قبول ابن عمر من النبي ـ {{صل}} ـ ولو كان شرطا لفعله النبي ـ {{صل}} ـ وعلمه ابن عمر‏عمر, ولم يكن ليأمره أن يصنع به ما شاء قبل أن يقبله وروى أبو هريرة (‏أنأن النبي ـ {{صل}} ـ كان إذا أتي بطعام سأل عنه فإن قالوا‏قالوا: صدقة قال لأصحابه‏لأصحابه: كلوا ولم يأكل وإن قالوا‏قالوا: هدية ضرب بيده‏بيده, فأكل معهم‏معهم) ولا خلاف بين العلماء فيما علمناه في أن تقديم الطعام بين يدي الضيفان إذن في الأكل‏الأكل, وأنه لا يحتاج إلى قبول بقوله ولأنه وجد ما يدل على التراضي بنقل الملك فاكتفى به كما لو وجد الإيجاب والقبول قال ابن عقيل إنما يشترط الإيجاب والقبول مع الإطلاق‏الإطلاق, وعدم العرف القائم بين المعطي والمعطى لأنه إذا لم يكن عرف يدل على الرضا فلا بد من قول دال عليه أما مع قرائن الأحوال والدلائل‏والدلائل, فلا وجه لتوقيفه على اللفظ ألا ترى أنا اكتفينا بالمعاطاة في البيع واكتفينا بدلالة الحال في دخول الحمام‏الحمام, وهو إجارة وبيع أعيان فإذا اكتفينا في المعاوضات مع تأكدها بدلالة الحال وأنها تنقل الملك من الجانبين‏الجانبين, فلأن نكتفي به في الهبة أولى‏أولى.
فصل‏فصل:
والقبض فيما لا ينقل بالتخلية بينه وبينه لا حائل دونه وفيما ينقل بالنقل‏بالنقل, وفي المشاع بتسليم الكل إليه فإن أبى الشريك أن يسلم نصيبه قيل للمتهب‏للمتهب: وكل الشريك في قبضه لك ونقله فإن أبى نصب الحاكم من يكون في يده لهما‏لهما, فينقله ليحصل القبض لأنه لا ضرر على الشريك في ذلك ويتم به عقد شريكه‏شريكه.
فصل‏فصل:
وتصح هبة المشاع وبه قال مالك والشافعي قال الشافعي‏الشافعي: سواء في ذلك ما أمكن قسمته أو لم يمكن وقال أصحاب الرأي‏الرأي: لا تصح هبة المشاع الذي يمكن قسمته لأن القبض شرط في الهبة‏الهبة, ووجوب القسمة يمنع صحة القبض وتمامه فإن كان مما لا يمكن قسمته صحت هبته لعدم ذلك فيه وإن وهب واحد اثنين شيئا مما ينقسم لم يجز عند أبي حنيفة وجاز عند صاحبيه وإن وهب اثنان اثنين شيئا مما ينقسم‏ينقسم, لم يصح في قياس قولهم لأن كل واحد من المتهبين قد وهب له جزء مشاع ولنا أن وفد هوازن لما جاءوا يطلبون من رسول الله ـ {{صل}} ـ أن يرد عليهم ما غنمه منهم قال رسول الله ـ {{صل}} ـ : (‏ماما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم‏لكم) رواه البخاري وهذا هبة مشاع وروى عمرو بن شعيب‏شعيب, عن أبيه عن جده قال‏قال: سمعت (‏النبيالنبي ـ {{صل}} ـ وقد جاءه رجل ومعه كبة من شعر‏شعر, فقال‏فقال: أخذت هذه من المغنم لأصلح بردعة لي فقال النبي ـ {{صل}} ـ : ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لك‏لك) وروى عمير بن سلمة الضمري قال‏قال: (‏خرجناخرجنا مع رسول الله ـ {{صل}} ـ حتى أتينا الروحاء‏الروحاء, فرأينا حمار وحش معقورا فأردنا أخذه فقال رسول الله ـ {{صل}} ـ : دعوه‏دعوه, فإنه يوشك أن يجيء صاحبه فجاء رجل من بهز وهو الذي عقره فقال‏فقال: يا رسول الله‏الله: شأنكم الحمار فأمر رسول الله ـ {{صل}} ـ أبا بكر أن يقسمه بين الناس‏الناس) رواه الإمام أحمد‏أحمد, والنسائي ولأنه يجوز بيعه فجازت هبته كالذي لا ينقسم‏ينقسم, ولأنه مشاع فأشبه ما لا ينقسم وقولهم‏وقولهم: إن وجوب القسمة يمنع صحة القبض لا يصح فإنه لم يمنع صحته في البيع فكذا ها هنا ومتى كانت الهبة لاثنين‏لاثنين, فقبضاه بإذنه ثبت ملكهما فيه وإن قبضه أحدهما‏أحدهما, ثبت الملك في نصيبه دون نصيب صاحبه‏صاحبه.
فصل:
فصل‏:‏
ومتى قلنا‏قلنا: إن القبض شرط في الهبة لم تصح الهبة فيما لا يمكن تسليمه كالعبد الآبق والجمل الشارد والمغصوب لغير غاصبه ممن لا يقدر على أخذه من غاصبه وبهذا يقول أبو حنيفة‏حنيفة, والشافعي لأنه عقد يفتقر إلى القبض فلم يصح في ذلك كالبيع وإن وهب المغصوب لغاصبه‏لغاصبه, أو لم يتمكن من أخذه منه صح لأنه ممكن قبضه وليس لغير الغاصب القبض إلا بإذن الواهب فإن وكل المالك الغاصب في تقبيضه صح وإن وكل المتهب الغاصب في القبض له‏له, فقبل ومضى زمن يمكن قبضه فيه صار مقبوضًا‏مقبوضًا, وملكه المتهب وبرئ الغاصب من ضمانه وإن قلنا‏قلنا: القبض ليس بشرط في الهبة فما لا يعتبر فيه القبض من ذلك احتمل أن لا يعتبر في صحة هبته القدرة على التسليم وهو قول أبي ثور لأنه تمليك بغير عوض أشبه الوصية ويحتمل أن لا تصح هبته لأنه لا يصح بيعه‏بيعه, فلم تصح هبته كالحمل في البطن وكذلك يخرج في هبة الطير في الهواء والسمك في الماء‏الماء, إذا كان مملوكًا‏مملوكًا.
فصل‏فصل:
ولا تصح هبة الحمل في البطن واللبن في الضرع وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي‏والشافعي, وأبو ثور لأنه مجهول معجوز عن تسليمه وفي الصوف على الظهر وجهان بناء على صحة بيعه ومتى أذن له في جز الصوف وحلب الشاة‏الشاة, كان إباحة وإن وهب دهن سمسمه قبل عصره أو زيت زيتونه أو جفته‏جفته, لم يصح وبهذا قال الثوري والشافعي وأصحاب الرأي ولا نعلم لهم مخالفا ولا تصح هبة المعدوم‏المعدوم, كالذي تثمر شجرته أو تحمل أمته لأن الهبة عقد تمليك في الحياة فلم تصح في هذا كله‏كله, كالبيع‏كالبيع.
فصل‏فصل:
ولا يصح تعليق الهبة بشرط لأنها تمليك لمعين في الحياة فلم يجز تعليقها على شرط كالبيع فإن علقها على شرط‏شرط, كقول النبي ـ {{صل}} ـ لأم سلمة‏سلمة: (‏إنإن رجعت هديتنا إلى النجاشي فهي لك‏لك) كان وعدًا وإن شرط في الهبة شروطا تنافي مقتضاها نحو أن يقول‏يقول: وهبتك هذا بشرط أن لا تهبه‏تهبه, أو لا تبيعه أو بشرط أن تهبه أو تبيعه أو بشرط أن تهب فلانا شيئا يصح الشرط وفي صحة الهبة وجهان‏وجهان, بناء على الشروط الفاسدة في البيع وإن وقت الهبة فقال‏فقال: وهبتك هذا سنة ثم يعود إلى لم يصح لأنه عقد تمليك لعين‏لعين, فلم يصح مؤقتا كالبيع‏كالبيع.
فصل‏فصل:
وإن وهب أمة واستثنى ما في بطنها صح في قياس قول أحمد‏أحمد, في من أعتق أمة واستثنى ما في بطنها لأنه تبرع بالأم دون ما في بطنها فأشبه العتق وبه يقول في العتق النخعي وإسحاق‏وإسحاق, وأبو ثور وقال أصحاب الرأي‏الرأي: تصح الهبة ويبطل الاستثناء ولنا أنه لم يهب الولد فلم يملك الموهوب له‏له, كالمنفصل وكالموصى به‏به.
فصل‏فصل:
وإذا كان له في ذمة إنسان دين فوهبه له‏له, أو أبرأه منه أو أحله منه صح‏صح, وبرئت ذمة الغريم منه وإن رد ذلك ولم يقبله لأنه إسقاط‏إسقاط, فلم يفتقر إلى القبول كإسقاط القصاص والشفعة وحد القذف وكالعتق والطلاق وإن قال‏قال: تصدقت به عليك صح‏صح, فإن القرآن ورد في الإبراء بلفظ الصدقة بقول الله تعالى‏تعالى: {‏وديةودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا‏يصدقوا} [‏النساء‏النساء: 92‏92]‏‏. وإن قال‏قال: عفوت لك عنه صح لأن الله تعالى قال‏قال: {‏إلاإلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح‏النكاح} [‏البقرة‏البقرة: 237‏237]‏‏. يعني به الإبراء من الصداق وإن قال‏قال: أسقطته عنك صح لأنه أتى بحقيقة اللفظ الموضوع له وإن قال‏قال: ملكتك إياه صح لأنه بمنزلة هبته إياه‏إياه.
فصل‏فصل:
وإن وهب الدين لغير من هو في ذمته أو باعه إياه‏إياه, لم يصح وبه قال في البيع أبو حنيفة والثوري وإسحاق قال أحمد‏أحمد: إذا كان لك على رجل طعام قرضا‏قرضا, فبعه من الذي هو عليه بنقد ولا تبعه من غيره بنقد ولا نسيئة وإذا أقرضت رجلا دراهم أو دنانير‏دنانير, فلا تأخذ من غيره عرضا بما لك عليه وقال الشافعي‏الشافعي: إن كان الدين على معسر أو مماطل أو جاحد له‏له, لم يصح البيع لأنه معجوز عن تسليمه وإن كان على مليء باذل له ففيه قولان أحدهما يصح لأنه ابتاع بمال ثابت في الذمة فصح‏فصح, كما لو اشترى في ذمته ويشترط أن يشتريه بعين أو يتقابضان في المجلس‏المجلس, لئلا يكون بيع دين بدين ولنا أنه غير قادر على تسليمه فلم يصح كبيع الآبق فأما هبته‏هبته, فيحتمل أن لا تصح كالبيع ويحتمل أن تصح لأنه لا غرر فيها على المتهب‏المتهب, ولا الواهب فتصح كهبة الأعيان‏الأعيان.
فصل‏فصل:
تصح البراءة من المجهول‏المجهول, إذا لم يكن لهما سبيل إلى معرفته وقال أبو حنيفة‏حنيفة: تصح مطلقا وقال الشافعي‏الشافعي: لا تصح إلا أنه إذا أراد ذلك قال‏قال: أبرأتك من درهم إلى ألف لأن الجهالة إنما منعت لأجل الغرر فإذا رضي بالجملة‏بالجملة, فقد زال الغرر وصحت البراءة ولنا أن النبي ـ {{صل}} ـ قال لرجلين اختصما إليه في مواريث درست‏درست: (‏اقتسما‏اقتسما, وتوخيا الحق ثم استهما ثم تحالا‏تحالا) رواه أبو داود ولأنه إسقاط‏إسقاط, فصح في المجهول كالعتاق والطلاق وكما لو قال‏قال: من درهم إلى ألف ولأن الحاجة داعية إلى تبرئة الذمة‏الذمة, ولا سبيل إلى العلم بما فيها فلو وقف صحة البراءة على العلم لكان سدا لباب عفو الإنسان عن أخيه المسلم‏المسلم, وتبرئة ذمته فلم يجز ذلك كالمنع من العتق وأما إن كان من عليه الحق يعلمه‏يعلمه, ويكتمه المستحق خوفا من أنه إذا علمه لم يسمح بإبرائه منه فينبغي أن لا تصح البراءة فيه لأن فيه تغريرا بالمشتري‏بالمشتري, وقد أمكن التحرز منه وقال أصحابنا‏أصحابنا: لو أبرأه من مائة وهو يعتقد أنه لا شيء له عليه وكان له عليه مائة‏مائة, ففي صحة البراءة وجهان أحدهما صحتها لأنها صادفت ملكه فأسقطته‏فأسقطته, كما لو علمها والثاني لا تصح لأنه أبرأه مما لا يعتقد أنه عليه فلم يكن ذلك إبراء في الحقيقة وأصل الوجهين ما لو باع مالا كان لموروثه‏لموروثه, يعتقد أنه باق لمورثه وكان مورثه قد مات وانتقل ملكه إليه‏إليه, فهل يصح‏؟‏يصح؟ فيه وجهان وللشافعي قولان في البيع وفي صحة الإبراء وجهان‏وجهان.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: [‏ويقبضويقبض للطفل أبوه أو وصيه‏وصيه, أو الحاكم أو أمينه بأمره‏بأمره]
وجملة ذلك أن الطفل لا يصح قبضه لنفسه ولا قبوله لأنه ليس من أهل التصرف‏التصرف, ووليه يقوم مقامه في ذلك فإن كان له أب أمين فهو وليه لأنه أشفق عليه وأقرب إليه‏إليه, وإن مات أبوه الأمين وله وصى فوليه وصيه لأن الأب أقامه مقام نفسه‏نفسه, فجرى مجرى وكيله وإن كان الأب غير مأمون لفسق أو جنون أو مات عن غير وصي‏وصي, فأمينه الحاكم ولا يلي ماله غير هؤلاء الثلاثة وأمين الحاكم يقوم مقامه وكذلك وكيل الأب والوصي‏والوصي, فيقوم كل واحد منهم مقام الصبي في القبول والقبض إن احتيج إليه لأن ذلك قبول لما للصبي فيه حظ فكان إلى الولى كالبيع والشراء ولا يصح القبض والقبول من غير هؤلاء قال أحمد‏أحمد, في رواية صالح في صبي وهبت له هبة أو تصدق عليه بصدقة‏بصدقة, فقبضت الأم ذلك وأبوه حاضر فقال‏فقال: لا أعرف للأم قبضا ولا يكون إلا للأب وقال عثمان رضي الله عنه‏عنه: أحق من يحوز على الصبي أبوه وهذا مذهب الشافعي‏الشافعي, ولا أعلم فيه خلافا لأن القبض إنما يكون من المتهب أو نائبه والوالي نائب بالشرع فصح قبضه له‏له, أما غيره فلا نيابة له ويحتمل أن يصح القبض والقبول من غيرهم عند عدمهم لأن الحاجة داعية إلى ذلك فإن الصبي قد يكون في مكان لا حاكم فيه وليس له أب ولا وصى ويكون فقيرا لا غنى به عن الصدقات‏الصدقات, فإن لم يصح قبض غيرهم له انسد باب وصولها إليه فيضيع ويهلك‏ويهلك, ومراعاة حفظه عن الهلاك أولى من مراعاة الولاية فعلى هذا للأم القبض له وكل من يليه من أقاربه وغيرهم وإن كان الصبي مميزا‏مميزا, فحكمه حكم الطفل في قيام وليه مقامه لأن الولاية لا تزول عنه قبل البلوغ‏البلوغ, إلا أنه إذا قبل لنفسه وقبض لها صح لأنه من أهل التصرف فإنه يصح بيعه وشراؤه بإذن الولي‏الولي, فهاهنا أولى ولا يحتاج إلى إذن الولى ها هنا لأنه محض مصلحة ولا ضرر فيه فصح من غير إذن وليه‏وليه, كوصيته وكسب المباحات ويحتمل أن يقف صحة القبض منه على إذن وليه دون القبول لأن القبض يحصل به مستوليا على المال‏المال, فلا يؤمن تضييعه له وتفريطه فيه فيتعين حفظه عن ذلك بوقفه على إذن وليه كقبضه لوديعته وأما القبول‏القبول, فيحصل له به الملك من غير ضرر فجاز من غير إذن كاحتشاشه واصطياده‏واصطياده.
فصل‏فصل:
فإن وهب الأب لابنه شيئا‏شيئا, قام مقامه في القبض والقبول إن احتيج إليه قال ابن المنذر‏المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الرجل إذا وهب لولده الطفل دارا بعينها أو عبدا بعينه‏بعينه, وقبضه له من نفسه وأشهد عليه أن الهبة تامة هذا قول مالك‏مالك, والثوري والشافعي وأصحاب الرأي وروينا معنى ذلك عن شريح‏شريح, وعمر بن عبد العزيز ثم إن كان الموهوب مما يفتقر إلى قبض اكتفى بقوله‏بقوله: قد وهبت هذا لابني وقبضته له لأنه يغني عن القبول كما ذكرنا ولا يغني قوله‏قوله: قد قبلته لأن القبول لا يغني عن القبض وإن كان مما لا يفتقر اكتفى بقوله‏بقوله: قد وهبت هذا لابني ولا يحتاج إلى ذكر قبض ولا قبول قال ابن عبد البر‏البر: أجمع الفقهاء على أن هبة الأب لابنه الصغير في حجره لا يحتاج إلى قبض‏قبض, وأن الإشهاد فيها يغني عن القبض وإن وليها أبوه لما رواه مالك عن الزهري‏الزهري, عن ابن المسيب أن عثمان قال‏قال: من نحل ولدا له صغيرا لم يبلغ أن يحوز نحلة‏نحلة, فأعلن ذلك وأشهد على نفسه فهي جائزة‏جائزة, وإن وليها أبوه وقال القاضي‏القاضي: لا بد في هبة الولد من أن يقول‏يقول: قد قبلته وهذا مذهب الشافعي لأن الهبة عندهم لا تصح إلا بإيجاب وقبول وقد ذكرنا من قبل أن قرائن الأحوال ودلالتها تغني عن لفظ القبول ولا أدل على القبول من كون القابل هو الواهب فاعتبار لفظ لا يفيد معنى من غير ورود الشرع به تحكم لا معنى له‏له, مع مخالفته لظاهر حال النبي ـ {{صل}} ـ وصحابته وليس هذا مذهبا لأحمد فقد قال في رواية حرب في رجل أشهد بسهم من ضيعته وهي معروفة لابنه‏لابنه, وليس له ولد غيره فقال‏فقال: أحب إلى أن يقول عند الإشهاد‏الإشهاد: قد قبضته له قيل له‏له: فإن سها‏؟‏سها؟ قال‏قال: إذا كان مفرزًا رجوت فقد ذكر أحمد أنه يكتفى بقوله‏بقوله: قد قبضته وأنه يرجو أن يكتفى مع التمييز بالإشهاد فحسب وهذا موافق للإجماع المذكور عن سائر العلماء وقال بعض أصحابنا‏أصحابنا: يكتفى بأحد لفظين إما أن يقول‏يقول: قد قبلته‏قبلته, أو قبضته لأن القبول يغني عن القبض وظاهر كلام أحمد ما ذكرناه ولا فرق بين الأثمان وغيرها فيما ذكرنا وبه يقول أبو حنيفة والشافعي وقال مالك‏مالك: إن وهب له ما يعرف بعينه كالأثمان‏كالأثمان, لم يجز إلا أن يضعها على يد غيره لأن الأب قد يتلف ذلك ويتلف بغير سببه‏سببه, ولا يمكن أن يشهد على شيء بعينه فلا ينفع القبض شيئا ولنا أن ذلك مما لا تصح هبته فإذا وهبه لابنه الصغير‏الصغير, وقبضه له وجب أن تصح كالعروض‏كالعروض.
فصل‏فصل:
وإن كان الواهب للصبي غير الأب من أوليائه فقال أصحابنا‏أصحابنا: لا بد من أن يوكل من يقبل للصبي‏للصبي, ويقبض له ليكون الإيجاب منه والقبول‏والقبول, والقبض من غيره كما في البيع بخلاف الأب فإنه يجوز أن يوجب ويقبل ويقبض لكونه يجوز أن يبيع لنفسه والصحيح عندي أن الأب وغيره في هذا سواء لأنه عقد يجوز أن يصدر منه ومن وكيله‏وكيله, فجاز له أن يتولى طرفيه كالأب وفارق البيع فإنه لا يجوز أن يوكل من يشتري له ولأن البيع عقد معاوضة ومرابحة‏ومرابحة, فيتهم في عقده لنفسه والهبة محض مصلحة لا تهمة فيها وهو ولى فيه‏فيه, فجاز أن يتولى طرفي العقد كالأب ولأن البيع إنما منع منه لما يأخذه من العوض لنفسه من مال الصبي‏الصبي, وهو ها هنا يعطى ولا يأخذ فلا وجه لمنعه من ذلك وتوقيفه على توكيل غيره‏غيره, ولأننا قد ذكرنا أنه يستغنى بالإيجاب والإشهاد عن القبض والقبول فلا حاجة إلى التوكيل فيهما مع غناه عنهما‏عنهما.
فصل‏فصل:
فأما الهبة من الصبي لغيره فلا تصح‏تصح, سواء أذن فيها الولي أو لم يأذن لأنه محجور عليه لحظ نفسه فلم يصح تبرعه كالسفيه وأما العبد فلا يجوز أن يهب إلا بإذن سيده لأنه مال لسيده‏لسيده, وماله مال لسيده فلا يجوز له إزالة ملك سيده عنه بغير إذنه كالأجنبي وله أن يقبل الهبة بغير إذن سيده نص عليه أحمد لأنه تحصيل للمال لسيده‏لسيده, فلم يعتبر إذنه فيه كالالتقاط وما وهبه لسيده‏لسيده, لأنه من اكتسابه فأشبه اصطياده‏اصطياده.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: [‏وإذاوإذا فاضل بين ولده في العطية أمر برده‏برده, كأمر النبي ـ {{صل}} ـ‏ـ]
وجملة ذلك أنه يجب على الإنسان التسوية بين أولاده في العطية وإذا لم يختص أحدهم بمعنى يبيح التفضيل فإن خص بعضهم بعطيته‏بعطيته, أو فاضل بينهم فيها أثم ووجبت عليه التسوية بأحد أمرين إما رد ما فضل به البعض وإما إتمام نصيب الآخر قال طاوس‏طاوس: لا يجوز ذلك‏ذلك, ولا رغيف محترق وبه قال ابن المبارك وروى معناه عن مجاهد وعروة وكان الحسن يكرهه ويجيزه في القضاء وقال مالك‏مالك, والليث والثوري والشافعي‏والشافعي, وأصحاب الرأي‏الرأي: ذلك جائز وروى معنى ذلك عن شريح وجابر بن زيد والحسن بن صالح لأن أبا بكر رضي الله عنه نحل عائشة ابنته جذاذ عشرين وسقا‏وسقا, دون سائر ولده واحتج الشافعي بقول النبي ـ {{صل}} ـ في حديث النعمان بن بشير‏بشير: (‏أشهدأشهد على هذا غيري‏غيري) فأمره بتأكيدها دون الرجوع فيها ولأنها عطية تلزم بموت الأب فكانت جائزة‏جائزة, كما لو سوى بينهم ولنا ما روى النعمان بن بشير قال‏قال: (‏تصدقتصدق على أبي ببعض ماله فقالت أمي عمرة بنت رواحة‏رواحة: لا أرضى حتى تشهد عليها رسول الله ـ {{صل}} ـ فجاء أبي إلى رسول الله ـ {{صل}} ـ ليشهده على صدقته فقال‏فقال: أكل ولدك أعطيت مثله‏؟‏مثله؟ قال‏قال: لا قال‏قال: فاتقوا الله‏الله, واعدلوا بين أولادكم قال‏قال: فرجع أبي فرد تلك الصدقة‏الصدقة) وفي لفظ قال‏قال: " فاردده " وفي لفظ قال‏قال: " فأرجعه " وفي لفظ‏لفظ: " لا تشهدني على جور " وفي لفظ‏لفظ: " فأشهد على هذا غيري " وفي لفظ‏لفظ: " سو بينهم " وهو حديث صحيح متفق عليه وهو دليل على التحريم لأنه سماه جورا‏جورا, وأمر برده وامتنع من الشهادة عليه والجور حرام‏حرام, والأمر يقتضي الوجوب ولأن تفضيل بعضهم يورث بينهم العداوة والبغضاء وقطيعة الرحم فمنع منه‏منه, كتزويج المرأة على عمتها أو خالتها وقول أبي بكر لا يعارض قول النبي ـ {{صل}} ـ ولا يحتج به معه ويحتمل أن أبا بكر رضي الله عنه خصها بعطيته لحاجتها وعجزها عن الكسب والتسبب فيه مع اختصاصها بفضلها وكونها أم المؤمنين زوج رسول الله ـ {{صل}} ـ وغير ذلك من فضائلها ويحتمل أن يكون قد نحلها ونحل غيرها من ولده‏ولده, أو نحلها وهو يريد أن ينحل غيرها فأدركه الموت قبل ذلك ويتعين حمل حديثه على أحد هذه الوجوه لأن حمله على مثل محل النزاع منهي عنه وأقل أحواله الكراهة‏الكراهة, والظاهر من حال أبي بكر اجتناب المكروهات وقول النبي ـ {{صل}} ـ : (‏فأشهدفأشهد على هذا غيري‏غيري) ليس بأمر لأن أدنى أحوال الأمر الاستحباب والندب ولا خلاف في كراهة هذا وكيف يجوز أن يأمره بتأكيده مع أمره برده‏برده, وتسميته إياه جورا وحمل الحديث على هذا حمل لحديث النبي ـ {{صل}} ـ على التناقض والتضاد ولو أمر النبي ـ {{صل}} ـ بإشهاد غيره لامتثل بشير أمره‏أمره, ولم يرد وإنما هذا تهديد له على هذا فيفيد ما أفاده النهي عن إتمامه والله أعلم‏أعلم.
فصل:
فصل‏:‏
فإن خص بعضهم لمعنى يقتضي تخصيصه‏تخصيصه, مثل اختصاصه بحاجة أو زمانة أو عمى‏عمى, أو كثرة عائلة أو اشتغاله بالعلم أو نحوه من الفضائل أو صرف عطيته عن بعض ولده لفسقه‏لفسقه, أو بدعته أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله أو ينفقه فيها‏فيها, فقد روي عن أحمد ما يدل على جواز ذلك لقوله في تخصيص بعضهم بالوقف‏بالوقف: لا بأس به إذا كان لحاجة وأكرهه إذا كان على سبيل الأثرة والعطية في معناه ويحتمل ظاهر لفظه المنع من التفضيل أو التخصيص على كل حال لكون النبي ـ {{صل}} ـ لم يستفصل بشيرا في عطيته والأول أولى إن شاء الله لحديث أبي بكر ولأن بعضهم اختص بمعنى يقتضي العطية‏العطية, فجاز أن يختص بها كما لو اختص بالقرابة وحديث بشير قضية في عين لا عموم لها وترك النبي ـ {{صل}} ـ الاستفصال يجوز أن يكون لعلمه بالحال فإن قيل‏قيل: لو علم بالحال لما قال‏قال: " ألك ولد غيره‏؟‏غيره؟ " قلنا‏قلنا: يحتمل أن يكون السؤال ها هنا لبيان العلة‏العلة, كما قال عليه السلام للذي سأله عن بيع الرطب بالتمر‏بالتمر: (‏أينقصأينقص الرطب إذا يبس‏؟‏يبس؟ قال‏قال: نعم‏نعم: قال‏قال: فلا إذا‏إذا)‏وقدوقد علم أن الرطب ينقض لكن نبه السائل بهذا على علة المنع من البيع كذا ها هنا‏هنا.
فصل‏فصل:
ولا خلاف بين أهل العلم في استحباب التسوية‏التسوية, وكراهة التفضيل قال إبراهيم‏إبراهيم: كانوا يستحبون أن يسووا بينهم حتى في القبل إذا ثبت هذا فالتسوية المستحبة أن يقسم بينهم على حسب قسمة الله تعالى الميراث فيجعل للذكر مثل حظ الأنثيين وبهذا قال عطاء‏عطاء, وشريح وإسحاق ومحمد بن الحسن قال شريح لرجل قسم ماله بين ولده‏ولده: ارددهم إلى سهام الله تعالى وفرائضه وقال عطاء‏عطاء: ما كانوا يقسمون إلا على كتاب الله تعالى وقال أبو حنيفة‏حنيفة, ومالك والشافعي وابن المبارك‏المبارك: تعطى الأنثى مثل ما يعطى الذكر لأن النبي ـ {{صل}} ـ قال لبشير بن سعد‏سعد: " سو بينهم " وعلل ذلك بقوله‏بقوله: (‏أيسركأيسرك أن يستووا في برك‏؟‏برك؟ قال‏قال: نعم قال‏قال: فسو بينهم‏بينهم) والبنت كالابن في استحقاق برها‏برها, وكذلك في عطيتها وعن ابن عباس قال‏قال: قال رسول الله ـ {{صل}} ـ : (‏سوواسووا بين أولادكم في العطية ولو كنت مؤثرا لأحد لآثرت النساء على الرجال‏الرجال) رواه سعيد في " سننه " ولأنها عطية في الحياة فاستوى فيها الذكر والأنثى‏والأنثى, كالنفقة والكسوة ولنا أن الله تعالى قسم بينهم فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين وأولى ما اقتدى بقسمة الله‏الله, ولأن العطية في الحياة أحد حالي العطية فيجعل للذكر منها مثل حظ الأنثيين كحالة الموت يعني الميراث يحققه أن العطية استعجال لما يكون بعد الموت‏الموت, فينبغي أن تكون على حسبه كما أن معجل الزكاة قبل وجوبها يؤديها على صفة أدائها بعد وجوبها وكذلك الكفارات المعجلة‏المعجلة, ولأن الذكر أحوج من الأنثى من قبل أنهما إذا تزوجا جميعا فالصداق والنفقة ونفقة الأولاد على الذكر والأنثى لها ذلك‏ذلك, فكان أولى بالتفضيل لزيادة حاجته وقد قسم الله تعالى الميراث ففضل الذكر مقرونا بهذا المعنى فتعلل به‏به, ويتعدى ذلك إلى العطية في الحياة وحديث بشير قضية في عين وحكاية حال لا عموم لها وإنما ثبت حكمها فيما ماثلها‏ماثلها, ولا نعلم حال أولاد بشير هل كان فيهم أنثى أو لا‏؟‏لا؟ ولعل النبي ـ {{صل}} ـ قد علم أنه ليس له إلا ولد ذكر ثم تحمل التسوية على القسمة على كتاب الله تعالى ويحتمل أنه أراد التسوية في أصل العطاء لا في صفته‏صفته, فإن القسمة لا تقتضي التسوية من كل وجه وكذلك الحديث الآخر ودليل ذلك قول عطاء‏عطاء: ما كانوا يقسمون إلا على كتاب الله تعالى وهذا خبر عن جميعهم على أن الصحيح من خبر ابن عباس أنه مرسل‏مرسل.
فصل‏فصل:
وليس عليه التسوية بين سائر أقاربه‏أقاربه, ولا إعطاؤهم على قدر مواريثهم سواء كانوا من جهة واحدة كإخوة وأخوات وأعمام وبني عم‏عم, أو من جهات كبنات وأخوات وغيرهم وقال أبو الخطاب المشروع في عطية الأولاد وسائر الأقارب أن يعطيهم على قدر ميراثهم‏ميراثهم, فإن خالف وفعل فعليه أن يرجع ويعمهم بالنحلة لأنهم في معنى الأولاد فثبت فيهم مثل حكمهم ولنا أنها عطية لغير الأولاد في صحته‏صحته, فلم تجب عليه التسوية كما لو كانوا غير وارثين ولأن الأصل إباحة تصرف الإنسان في ماله كيف شاء وإنما وجبت التسوية بين الأولاد بالخبر‏بالخبر, وليس غيرهم في معناهم لأنهم استووا في وجوب بر والدهم فاستووا في عطيته وبهذا علل النبي ـ {{صل}} ـ حين قال‏قال: (‏أيسركأيسرك أن يستووا في برك‏؟‏برك؟ قال‏قال: نعم قال‏قال: فسو بينهم‏بينهم) ولم يوجد هذا في غيرهم ولأن للوالد الرجوع فيما أعطى ولده‏ولده, فيمكنه أن يسوي بينهم باسترجاع ما أعطاه لبعضهم ولا يمكن ذلك في غيرهم ولأن الأولاد لشدة محبة الوالد لهم‏لهم, وصرف ماله إليهم عادة يتنافسون في ذلك ويشتد عليهم تفضيل بعضهم ولا يباريهم في ذلك غيرهم‏غيرهم, فلا يصح قياسه عليهم ولا نص في غيرهم ولأن النبي ـ {{صل}} ـ قد علم لبشير زوجة‏زوجة, ولم يأمره بإعطائها شيئا حين أمره بالتسوية بين أولاده ولم يسأله هل لك وارث غير ولدك‏؟‏‏ولدك؟.
فصل‏فصل:
والأم في المنع من المفاضلة بين الأولاد كالأب لقول النبي ـ {{صل}} ـ : (‏اتقوااتقوا الله واعدلوا بين أولادكم‏أولادكم) ولأنها أحد الوالدين‏الوالدين, فمنعت التفضيل كالأب ولأن ما يحصل بتخصيص الأب بعض ولده من الحسد والعداوة يوجد مثله في تخصيص الأم بعض ولدها‏ولدها, فثبت لها مثل حكمه في ذلك‏ذلك.
فصل‏فصل:
وقول الخرقي‏الخرقي: " أمر برده " يدل على أن للأب الرجوع فيما وهب لولده وهو ظاهر مذهب أحمد سواء قصد برجوعه التسوية بين الأولاد أو لم يرد وهذا مذهب مالك‏مالك, والأوزاعي والشافعي وإسحاق‏وإسحاق, وأبي ثور وعن أحمد رواية أخرى‏أخرى: ليس له الرجوع فيها وبها قال أصحاب الرأي والثوري‏والثوري, والعنبري لقول النبي ـ {{صل}} ـ : (‏العائدالعائد في هبته كالعائد في قيئه‏قيئه) متفق عليه وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال‏قال: من وهب هبة يرى أنه أراد بها صلة رحم أو على وجه صدقة‏صدقة, فإنه لا يرجع فيها ومن وهب هبة أراد بها الثواب فهو على هبته‏هبته, يرجع فيها إذا لم يرض منها رواه مالك في " الموطأ " ولأنها هبة يحصل بها الأجر من الله تعالى فلم يجز الرجوع فيها‏فيها, كصدقة التطوع ولنا قول النبي ـ {{صل}} ـ لبشير بن سعد‏سعد: " فاردده " وروى‏وروى: " فأرجعه " رواه كذلك مالك عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن‏الرحمن, عن النعمان فأمره بالرجوع في هبته وأقل أحوال الأمر الجواز وقد امتثل بشير بن سعد في ذلك فرجع في هبته لولده‏لولده, ألا تراه قال في الحديث‏الحديث: فرجع أبي فرد تلك الصدقة وحمل الحديث على أنه لم يكن أعطاه شيئا يخالف ظاهر الحديث لقوله‏لقوله: تصدق على أبي بصدقة وقول بشير‏بشير: إني نحلت ابني غلاما يدل على أنه كان قد أعطاه وقول النبي ـ {{صل}} ـ : " فاردده " وقوله‏وقوله: " فأرجعه " وروى طاوس‏طاوس, عن ابن عمر وابن عباس يرفعان الحديث إلى النبي ـ {{صل}} ـ أنه قال‏قال: (‏ليسليس لأحد أن يعطي عطية‏عطية, فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده‏ولده) رواه الترمذي وقال‏وقال: حديث حسن وهذا يخص عموم ما رووه ويفسره وقياسهم منقوض بهبة الأجنبي فإن فيها أجرا وثوابا فإن النبي ـ {{صل}} ـ ندب إليها وعندهم له الرجوع فيها‏فيها, والصدقة على الولد كمسألتنا وقد دل حديث النعمان بن بشير على الرجوع في الصدقة لقوله‏لقوله: تصدق على أبي بصدقة‏بصدقة.
فصل‏فصل:
وظاهر كلام الخرقي أن الأم كالأب‏كالأب, في الرجوع في الهبة لأن قوله‏قوله: " وإذا فاضل بين أولاده " يتناول كل والد ثم قال في سياقه‏سياقه: " أمر برده " فيدخل فيه الأم وهذا مذهب الشافعي لأنها داخلة في قوله‏قوله: " إلا الوالد فيما يعطي ولده " ولأنها لما دخلت في قول النبي ـ {{صل}} ـ : (‏سوواسووا بين أولادكم‏أولادكم) ينبغي أن يتمكن من التسوية والرجوع في الهبة طريق في التسوية‏التسوية, وربما تعين طريقا فيها إذا لم يمكن إعطاء الآخر مثل عطية الأول ولأنها لما دخلت في المعنى في حديث بشير بن سعد فينبغي أن تدخل في جميع مدلوله لقوله‏لقوله: " فاردده " وقوله‏وقوله: " فأرجعه " ولأنها لما ساوت الأب في تحريم تفضيل بعض ولدها ينبغي أن تساويه في التمكن من الرجوع فيما فضله به‏به, تخليصا لها من الإثم وإزالة للتفضيل المحرم كالأب والمنصوص عن أحمد أنه ليس لها الرجوع قال الأثرم‏الأثرم: قلت لأبي عبد الله‏الله: الرجوع للمرأة فيما أعطته ولدها كالرجل‏؟‏كالرجل؟ قال‏قال: ليس هي عندي في هذا كالرجل لأن للأب أن يأخذ من مال ولده‏ولده, والأم لا تأخذ وذكر حديث عائشة‏عائشة: (‏أطيبأطيب ما أكل الرجل من كسبه وإن ولده من كسبه‏كسبه) أي كأنه الرجل قال أصحابنا‏أصحابنا: والحديث حجة لنا فإنه خص الوالد‏الوالد, وهو بإطلاقه إنما يتناول الأب دون الأم والفرق بينهما أن للأب ولاية على ولده ويحوز جميع المال في الميراث‏الميراث, والأم بخلافه وقال مالك‏مالك: للأم الرجوع في هبة ولدها ما كان أبوه حيا فإن كان ميتا فلا رجوع لها لأنها هبة ليتيم وهبة اليتيم‏اليتيم, لازمة كصدقة التطوع ومن مذهبه أنه لا يرجع في صدقة التطوع‏التطوع.
فصل‏فصل:
ولا فرق فيما ذكرنا بين الهبة والصدقة وهو قول الشافعي وفرق مالك وأصحاب الرأي بينهما‏بينهما, فلم يجيزوا الرجوع في الصدقة بحال واحتجوا بحديث عمر‏عمر: من وهب هبة وأراد بها صلة رحم‏رحم, أو على وجه صدقة فإنه لا يرجع ولنا حديث النعمان بن بشير فإنه قال‏قال: تصدق على أبي بصدقة وقال‏وقال: فرجع أبي‏أبي, فرد تلك الصدقة وأيضا عموم قول النبي ـ {{صل}} ـ (‏إلاإلا الوالد فيما يعطي ولده‏ولده) وهذا يقدم على قول عمر ثم هو خاص في الوالد وحديث عمر عام‏عام, فيجب تقديم الخاص‏الخاص. /// 4 ///
فصل‏فصل:
وللرجوع في هبة الولد شروط أربعة‏أربعة: أحدها أن تكون باقية في ملك الابن فإن خرجت عن ملكه ببيع أو هبة أو وقف أو إرث أو غير ذلك‏ذلك, لم يكن له الرجوع فيها لأنه إبطال لملك غير الوالد وإن عادت إليه بسبب جديد كبيع أو هبة أو وصية أو إرث ونحو ذلك لم يملك الرجوع فيها لأنها عادت بملك جديد لم يستفده من قبل أبيه‏أبيه, فلا يملك فسخه وإزالته كالذي لم يكن موهوبا له وإن عادت إليه بفسخ البيع لعيب‏لعيب, أو إقالة أو فلس المشتري ففيه وجهان أحدهما يملك الرجوع لأن السبب المزيل ارتفع‏ارتفع, وعاد الملك بالسبب الأول فأشبه ما لو فسخ البيع بخيار المجلس أو خيار الشرط والثاني لا يملك الرجوع لأن الملك عاد إليه بعد استقرار ملك من انتقل إليه عليه فأشبه ما لو عاد إليه بهبة فأما إن عاد إليه للفسخ بخيار الشرط‏الشرط, أو خيار المجلس فله الرجوع لأن الملك لم يستقر عليه‏عليه.
فصل‏فصل:
الثاني أن تكون العين باقية في تصرف الولد بحيث يملك التصرف في رقبتها‏رقبتها, فإن استولد الأمة لم يملك الأب الرجوع فيها لأن الملك فيها لا يجوز نقله إلى غير سيدها وإن رهن العين أو أفلس وحجر عليه‏عليه, لم يملك الأب الرجوع فيها لأن في ذلك إبطالا لحق غير الولد فإن زال المانع من التصرف فله الرجوع لأن ملك الابن لم يزل وإنما طرأ معنى قطع التصرف مع بقاء الملك‏الملك, فمنع الرجوع فإذا زال زال المنع والكتابة كذلك عند من لا يرى بيع المكاتب وهو مذهب الشافعي وجماعة سواه فأما من أجاز بيع المكاتب‏المكاتب, فحكمه حكم المستأجر والمزوج وأما التدبير فالصحيح أنه لا يمنع البيع فلا يمنع الرجوع وإن قلنا‏قلنا: يمنع البيع منع الرجوع وكل تصرف لا يمنع الابن التصرف في الرقبة‏الرقبة, كالوصية والهبة قبل القبض فيما يفتقر إليه والوطء والتزويج والإجارة والكتابة والتدبير إن قلنا‏قلنا: لا يمنع البيع‏البيع, والمزارعة عليها وجعلها مضاربة أو في عقد شركة‏شركة, فكل ذلك لا يمنع الرجوع لأنه لا يمنع تصرف الابن في رقبتها وكذلك العتق المعلق على صفة وإذا رجع وكان التصرف لازما كالإجارة والتزويج والكتابة‏والكتابة, فهو باق بحاله لأن الابن لا يملك إبطاله فكذلك من انتقل إليه وإن كان جائزا كالوصية والهبة قبل القبض‏القبض, بطل لأن الابن يملك إبطاله وأما التدبير والعتق المعلق بصفة فلا يبقى حكمهما في حق الأب ومتى عاد إلى الابن‏الابن, عاد حكمهما فأما البيع الذي للابن فيه خيار إما لشرط أو عيب في الثمن‏الثمن, أو غير ذلك فيمنع الرجوع لأن الرجوع يتضمن فسخ ملك الابن في عوض المبيع ولم يثبت له ذلك من جهته وإن وهبه الابن لابنه‏لابنه, لم يملك الرجوع فيه لأن رجوعه إبطال لملك غير ابنه فإن رجع الابن في هبته احتمل أن يملك الأب الرجوع في هبته حينئذ لأنه فسخ هبته برجوعه فعاد إليه الملك بالسبب الأول ويحتمل أن لا يملك الأب الرجوع لأنه رجع إلى ابنه بعد استقرار ملك غيره عليه‏عليه, فأشبه ما لو وهبه ابن الابن لأبيه فصل‏فصل: الثالث أن لا يتعلق بها رغبة لغير الولد فإن تعلقت بها رغبة لغيره مثل أن يهب ولده شيئا فيرغب الناس في معاملته‏معاملته, وأدانوه ديونا أو رغبوا في مناكحته فزوجوه إن كان ذكرا‏ذكرا, أو تزوجت الأنثى لذلك فعن أحمد روايتان أولاهما ليس له الرجوع قال أحمد‏أحمد, في رواية أبي الحارث في الرجل يهب لابنه مالا‏مالا: فله الرجوع إلا أن يكون غر به قوما‏قوما, فإن غر به فليس له أن يرجع فيها وهذا مذهب مالك لأنه تعلق به حق غير الابن ففي الرجوع إبطال حقه‏حقه, وقد قال عليه السلام‏السلام: (‏لالا ضرر ولا ضرار‏ضرار) وفي الرجوع ضرر ولأن في هذا تحيلا على إلحاق الضرر بالمسلمين ولا يجوز التحيل على ذلك والثانية‏والثانية, له الرجوع لعموم الخبر ولأن حق المتزوج والغريم لم يتعلق بعين هذا المال فلم يمنع الرجوع فيه‏فيه.
فصل‏فصل:
الرابع أن لا تزيد زيادة متصلة‏متصلة, كالسمن والكبر وتعلم صنعة فإن زادت فعن أحمد روايتان إحداهما لا تمنع الرجوع وهو مذهب الشافعي لأنها زيادة في الموهوب فلم تمنع الرجوع‏الرجوع, كالزيادة قبل القبض والمنفصلة والثانية تمنع وهو مذهب أبي حنيفة لأن الزيادة للموهوب له لكونها نماء ملكه‏ملكه, ولم تنتقل إليه من جهة أبيه فلم يملك الرجوع فيها كالمنفصلة‏كالمنفصلة, وإذا امتنع الرجوع فيها امتنع الرجوع في الأصل لئلا يفضي إلى سوء المشاركة وضرر التشقيص‏التشقيص, ولأنه استرجاع للمال بفسخ عقد لغير عيب في عوضه فمنعه الزيادة المتصلة كاسترجاع الصداق بفسخ النكاح‏النكاح, أو نصفه بالطلاق أو رجوع البائع في المبيع لفلس المشتري ويفارق الرد بالعيب من جهة أن الرد من المشتري وقد رضي ببدل الزيادة وإن فرض الكلام فيما إذا باع عرضا بعرض‏بعرض, فزاد أحدهما ووجد المشتري الآخر به عيبا قلنا‏قلنا: بائع المعيب سلط مشتريه على الفسخ‏الفسخ, ببيعه المعيب فكأن الفسخ وجد منه ولهذا قلنا فيما إذا فسخ الزوج النكاح لعيب المرأة قبل الدخول‏الدخول: لا صداق لها‏لها, كما لو فسخته وعلى هذا لا فرق بين الزيادة في العين كالسمن والطول ونحوهما أو في المعاني‏المعاني, كتعلم صنعة أو كتابة أو قرآن أو علم أو إسلام أو قضاء دين عنه وبهذا قال محمد بن الحسن وقال أبو حنيفة‏حنيفة: الزيادة بتعليم القرآن وقضاء الدين عنه لا تمنع الرجوع ولنا أنها زيادة لها مقابل من الثمن‏الثمن, فمنعت الرجوع كالسمن وتعلم الصنعة وإن زاد ببرئه من مرض أو صمم منع الرجوع‏الرجوع, كسائر الزيادات وإن كانت زيادة العين أو التعلم لا تزيد في قيمته شيئا أو ينقص منها‏منها, لم يمنع الرجوع لأن ذلك ليس بزيادة في المالية وأما الزيادة المنفصلة كولد البهيمة وثمرة الشجرة‏الشجرة, وكسب العبد فلا تمنع الرجوع بغير اختلاف نعلمه والزيادة للولد لأنها حادثة في ملكه ولا تتبع في الفسوخ‏الفسوخ, فلا تتبع ها هنا وذكر القاضي وجها آخر أنها للأب وهو بعيد فإن كانت الزيادة ولد أمة لا يجوز التفريق بينه وبين أمه‏أمه, منع الرجوع لأنه يلزم منه التفريق بينه وبين أمه وذلك محرم إلا أن نقول إن الزيادة المنفصلة للأب‏للأب, فلا يمنع الرجوع لأنه يرجع فيهما جميعا أو يرجع في الأم ويتملك الوالد من مال ولده‏ولده.
فصل:
فصل‏:‏
وإن قصر العين أو فصلها‏فصلها, فلم تزد قيمتها لم تمنع الرجوع لأن العين لم تزد ولا القيمة وإن زادت قيمتها فهي زيادة متصلة‏متصلة, هل تمنع الرجوع أو لا‏؟‏لا؟ يبنى على الروايتين في السمنة ويحتمل أن تمنع هذه الزيادة الرجوع بكل حال لأنها حاصلة بفعل الابن فجرت مجرى العين الحاصلة بفعله بخلاف السمن‏السمن, فإنه يحتمل أن يكون للأب فلا يمنع الرجوع لأنه نماء العين‏العين, فيكون تابعا لها وإن وهبه حاملا فولدت في يد الابن فهي زيادة متصلة في الولد ويحتمل أن يكون الولد زيادة منفصلة إذا قلنا‏قلنا: الحمل لا حكم له وإن وهبه حاملا ثم رجع فيها حاملا‏حاملا, جاز إذا لم تزد قيمتها وإن زادت قيمتها فهي زيادة منفصلة وإن وهبته حائلا فحملت‏فحملت, فهي زيادة منفصلة وله الرجوع فيها دون حملها وإن قلنا‏قلنا: إن الحمل لا حكم له فزادت به قيمتها‏قيمتها, فهي زيادة متصلة وإن لم تزد قيمتها جاز الرجوع فيها وإن وهبه نخلا فحملت فهي قبل التأبير زيادة متصلة‏متصلة, وبعده زيادة منفصلة‏منفصلة.
فصل‏فصل:
وإن تلف بعض العين أو نقصت قيمتها لم يمنع الرجوع فيها‏فيها, ولا ضمان على الابن فيما تلف منها لأنها تتلف على ملكه وسواء تلف بفعل الابن أو بغير فعله وإن جنى العبد جناية تعلق أرشها برقبته فهو كنقصانه بذهاب بعض أجزائه وللأب الرجوع فيه‏فيه, فإن رجع فيه ضمن أرش الجناية وإن جنى على العبد فرجع الأب فيرجع الأب فيه‏فيه, فأرش الجناية عليه للابن لأنه بمنزلة الزيادة المنفصلة فإن قيل‏قيل: فلو أراد الأب الرجوع في الرهن وعليه فكاكه لم يملك ذلك‏ذلك, فكيف ملك الرجوع في العبد الجاني إذا أدى أرش جنايته‏؟‏جنايته؟ قلنا‏قلنا: الرهن يمنع التصرف في العين بخلاف الجناية ولأن فك الرهن فسخ لعقد عقده الموهوب له‏له, وها هنا لم يتعلق الحق به من جهة العقد فافترقا‏فافترقا.
فصل‏فصل:
والرجوع في الهبة أن يقول قد رجعت فيها أو ارتجعتها‏ارتجعتها, أو ارتددتها أو نحو ذلك من الألفاظ الدالة على الرجوع ولا يحتاج إلى حكم حاكم وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة‏حنيفة: لا يصح الرجوع إلا بقضاء قاض لأن ملك الموهوب له مستقر ولنا أنه خيار في فسخ عقد فلم يفتقر إلى قضاء‏قضاء, كالفسخ بخيار الشرط فأما إن أخذ ما وهبه لولده فإن نوى به الرجوع كان رجوعا‏رجوعا, والقول قوله في نيته وإن لم يعلم هل نوى الرجوع أو لا وكان ذلك بعد موت الأب‏الأب, فإن لم توجد قرينة تدل على الرجوع لم يحكم بكونه رجوعا لأن الأخذ يحتمل الرجوع وغيره فلا نزيل حكما يقينيا بأمر مشكوك فيه وإن اقترنت به قرائن دالة على الرجوع فيه وجهان أحدهما يكون رجوعا اختاره ابن عقيل لأننا اكتفينا في العقد بدلالة الحال‏الحال, ففي الفسخ أولى ولأن لفظ الرجوع إنما كان رجوعا لدلالته عليه فكذلك كل ما دل عليه والآخر‏والآخر, لا يكون رجوعا وهو مذهب الشافعي لأن الملك ثابت للموهوب له يقينا فلا يزول إلا بالصريح ويمكن أن يبني هذا على نفس العقد فمن أوجب الإيجاب والقبول فيه‏فيه, لم يكتف ها هنا إلا بلفظ يقتضي زواله ومن اكتفى في العقد بالمعاطاة الدالة على الرضا به فهاهنا أولى وإن نوى الرجوع من غير فعل ولا قول‏قول, لم يحصل الرجوع وجها واحدا لأنه إثبات الملك على مال مملوك لغيره فلم يحصل بمجرد النية‏النية, كسائر العقود وإن علق الرجوع بشرط فقال‏فقال: إذا جاء رأس الشهر فقد رجعت في الهبة لم يصح لأن الفسخ للعقد لا يقف على شرط كما لا يقف العقد عليه‏عليه.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: [‏فإنفإن مات ولم يردده‏يردده, فقد ثبت لمن وهب له إذا كان ذلك في صحته‏صحته]
يعني إذا فاضل بين ولده في العطايا أو خص بعضهم بعطية‏بعطية, ثم مات قبل أن يسترده ثبت ذلك للموهوب له ولزم‏ولزم, وليس لبقية الورثة الرجوع هذا المنصوص عن أحمد في رواية محمد بن الحكم والميموني‏والميموني, وهو اختيار الخلال وصاحبه أبي بكر وبه قال مالك والشافعي‏والشافعي, وأصحاب الرأي وأكثر أهل العلم وفيه رواية أخرى عن أحمد‏أحمد, أن لسائر الورثة أن يرتجعوا ما وهبه اختاره ابن بطة وأبو حفص العكبريان وهو قول عروة بن الزبير وإسحاق وقال أحمد‏أحمد: عروة قد روى الأحاديث الثلاثة حديث عائشة وحديث عمر‏عمر, وحديث عثمان وتركها وذهب إلى حديث النبي ـ {{صل}} ـ (‏يرديرد في حياة الرجل وبعد موته‏موته) وهذا قول إسحاق إلا أنه قال‏قال: إذا مات الرجل فهو ميراث بينهم‏بينهم, لا يسع أن ينتفع أحد مما أعطى دون إخوته وأخواته لأن النبي ـ {{صل}} ـ سمى ذلك جورًا بقوله‏بقوله: (‏لالا تشهدني على جور‏جور) والجور حرام لا يحل للفاعل فعله ولا للمعطي تناوله والموت لا يغيره عن كونه جورا حراما فيجب رده‏رده, ولأن أبا بكر وعمر أمرا قيس بن سعد أن يرد قسمة أبيه حين ولد له ولد ولم يكن علم به‏به, ولا أعطاه شيئا وكان ذلك بعد موت سعد فروى سعيد‏سعيد, بإسناده من طريقين أن سعد بن عبادة قسم ماله بين أولاده وخرج إلى الشام فمات بها‏بها, ثم ولد بعد ذلك ولد فمشى أبو بكر وعمر رضي الله عنهما إلى قيس بن سعد فقالا‏فقالا: إن سعدا قسم ماله‏ماله, ولم يدر ما يكون وإنا نرى أن ترد هذه القسمة فقال قيس‏قيس: لم أكن لأغير شيئا صنعه سعد ولكن نصيبي له وهذا معنى الخبر ووجه القول الأول قول أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ لعائشة لما نحلها نحلا‏نحلا: وددت لو أنك كنت حزتيه فدل على أنها لو كانت حازته لم يكن له الرجوع وكذلك قول عمر‏عمر: لا نحلة إلا نحلة يحوزها الولد دون الوالد ولأنها عطية لولده فلزمت بالموت كما لو انفرد وقوله‏وقوله: " إذا كان ذلك في صحته " يدل على أن عطيته في مرض موته لبعض ورثته لا تنفذ لأن العطايا في مرض الموت بمنزلة الوصية في أنها تعتبر من الثلث إذا كانت لأجنبي إجماعًا‏إجماعًا, فكذلك لا تنفذ في حق الوارث قال ابن المنذر‏المنذر: أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم أن حكم الهبات في المرض الذي يموت فيه الواهب حكم الوصايا‏الوصايا, هذا مذهب المديني والشافعي والكوفي فإن أعطى أحد بنيه في صحته‏صحته, ثم أعطى الآخر في مرضه فقد توقف أحمد فيه فإنه سئل عمن زوج ابنه‏ابنه, فأعطى عنه الصداق ثم مرض الأب وله ابن آخر‏آخر, هل يعطيه في مرضه كما أعطى الآخر في صحته‏؟‏صحته؟ فقال‏فقال: لو كان أعطاه في صحته فيحتمل وجهين أحدهما لا يصح لأن عطيته في مرضه كوصيته‏كوصيته, ولو وصى له لم يصح فكذلك إذا أعطاه والثاني يصح لأن التسوية بينهما واجبة ولا طريق لها في هذا الموضع إلا بعطية الآخر‏الآخر, فتكون واجبة فتصح كقضاء دينه‏دينه.
فصل‏فصل:
قال أحمد‏أحمد: أحب أن لا يقسم ماله‏ماله, ويدعه على فرائض الله تعالى لعله أن يولد له فإن أعطى ولده ماله‏ماله, ثم ولد له ولد فأعجب إلى أن يرجع فيسوي بينهم يعني يرجع في الجميع أو يرجع في بعض ما أعطى كل واحد منهم ليدفعوه إلى هذا الولد الحادث‏الحادث, ليساوي إخوته فإن كان هذا الولد الحادث بعد الموت لم يكن له الرجوع على إخوته لأن العطية لزمت بموت أبيه إلا على الرواية الأخرى‏الأخرى, التي ذهب إليها أبو عبد الله بن بطة ولا خلاف في أنه يستحب لمن أعطى أن يساوي أخاه في عطيته ولذلك أمر أبو بكر وعمر رضي الله عنهما قيس بن سعد‏سعد, برد قسمة أبيه ليساووا المولود الحادث بعد موت أبيه‏أبيه.
فصل‏فصل:
ولأب أن يأخذ من مال ولده ما شاء ويتملكه مع حاجة الأب إلى ما يأخذه‏يأخذه, ومع عدمها صغيرا كان الولد أو كبيرا بشرطين أحدهما أن لا يجحف بالابن‏بالابن, ولا يضر به ولا يأخذ شيئا تعلقت به حاجته الثاني أن لا يأخذ من مال ولده فيعطيه الآخر نص عليه أحمد في رواية إسماعيل بن سعيد‏سعيد, وذلك لأنه ممنوع من تخصيص بعض ولده بالعطية من مال نفسه فلأن يمنع من تخصيصه بما أخذ من مال ولده الآخر أولى وقد روي أن مسروقا زوج ابنته بصداق عشرة آلاف فأخذها‏فأخذها, وأنفقها في سبيل الله وقال للزوج‏للزوج: جهز امرأتك وقال أبو حنيفة ومالك‏ومالك, والشافعي‏والشافعي: ليس له أن يأخذ من مال ولده إلا بقدر حاجته لأن النبي ـ {{صل}} ـ قال‏قال: (‏إنإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا‏هذا)‏متفقمتفق عليه وروى الحسن‏الحسن, أن النبي ـ {{صل}} ـ قال‏قال: (‏كلكل أحد أحق بكسبه من والده وولده والناس أجمعين‏أجمعين) رواه سعيد في " سننه " وهذا نص وروي أن النبي ـ {{صل}} ـ قال‏قال: (‏لالا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفسه‏نفسه) رواه الدارقطني ولأن ملك الابن تام على مال نفسه فلم يجز انتزاعه منه كالذي تعلقت به حاجته ولنا ما روت عائشة رضي الله عنها‏عنها, قالت‏قالت: قال رسول الله ـ {{صل}} ـ : (‏إنإن أطيب ما أكلتم من كسبكم وإن أولادكم من كسبكم‏كسبكم) أخرجه سعيد والترمذي‏والترمذي, وقال‏وقال: حديث حسن وروى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده‏جده, قال‏قال: (‏جاءجاء رجل إلى النبي ـ {{صل}} ـ فقال‏فقال: إن أبي احتاج مالي فقال‏فقال: أنت ومالك لأبيك‏لأبيك) رواه الطبراني في " معجمه " مطولا ورواه غيره‏غيره, وزاد‏وزاد: (‏إنإن أولادكم من أطيب كسبكم فكلوا من أموالهم‏أموالهم) وروى محمد بن المنكدر والمطلب بن حنطب‏حنطب, قال‏قال: (‏جاءجاء رجل إلى رسول الله ـ {{صل}} ـ فقال‏فقال: إن لي مالا وعيالا ولأبي مال وعيال وأبي يريد أن يأخذ مالي‏مالي, فقال النبي ـ {{صل}} ـ : أنت ومالك لأبيك‏لأبيك) أخرجه سعيد في " سننه " ولأن الله تعالى جعل الولد موهوبا لأبيه فقال‏فقال: {‏ووهبناووهبنا له إسحاق ويعقوب‏ويعقوب} [‏الأنعام‏الأنعام: 84‏84]‏‏. وقال‏وقال: {‏ووهبناووهبنا له يحيى‏يحيى} [‏الأنبياء‏الأنبياء: 90‏90]‏‏. وقال زكريا‏زكريا: {‏فهبفهب لي من لدنك وليا‏وليا} [‏مريم‏مريم: 5‏5]‏‏. وقال إبراهيم‏إبراهيم: {‏الحمدالحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق‏وإسحاق} [‏إبراهيم‏إبراهيم: 39‏39]‏‏. وما كان موهوبا له‏له, كان له أخذ ماله كعبده وقال سفيان بن عيينة في قوله‏قوله: {‏ولاولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم‏آبائكم} [‏النور‏النور: 61‏61]‏‏. ثم ذكر بيوت سائر القرابات إلا الأولاد لم يذكرهم لأنهم دخلوا في قوله‏قوله: (‏بيوتكم‏بيوتكم) فلما كانت بيوت أولادهم كبيوتهم‏كبيوتهم, لم يذكر بيوت أولادهم ولأن الرجل يلي مال ولده من غير تولية فكان له التصرف فيه كمال نفسه وأما أحاديثهم فأحاديثنا تخصها وتفسرها‏وتفسرها, فإن النبي ـ {{صل}} ـ جعل مال الابن مالا لأبيه بقوله‏بقوله: (‏أنتأنت ومالك لأبيك‏لأبيك) فلا تنافي بينهما وقوله‏وقوله: (‏أحقأحق به من والده وولده‏وولده) مرسل ثم هو يدل على ترجيح حقه على حقه‏حقه, لا على نفي الحق بالكلية والولد أحق من الوالد بما تعلقت به حاجته‏حاجته.
فصل‏فصل:
وليس للولد مطالبة أبيه بدين عليه وبه قال الزبير بن بكار وهو مقتضى قول سفيان بن عيينة وقال أبو حنيفة ومالك‏ومالك, والشافعي‏والشافعي: له ذلك لأنه دين ثابت فجازت المطالبة به كغيره ولنا (‏أنأن رجلا جاء إلى النبي ـ {{صل}} ـ بأبيه يقتضيه دينا عليه‏عليه, فقال‏فقال: أنت ومالك لأبيك‏لأبيك) رواه أبو محمد الخلال بإسناده وروى الزبير بن بكار في كتاب " الموفقيات " بإسناده‏بإسناده, أن رجلا استقرض من ابنه مالا فحبسه فأطال حبسه‏حبسه, فاستعدى عليه الابن على بن أبي طالب رضي الله عنه وذكر قصته في شعر فأجابه أبوه بشعر أيضا فقال على ـ رضي الله عنه ـ‏ـ:
قد سمع القاضي ومن ربى الفهم ** المال للشـــيخ جزاء بالنعم
يأكله برغم أنف من رغـــــم ** من قال قولا غير ذا فقد ظلم
وجار في الحكم وبئس ما جرم **
قال الزبير‏الزبير: إلى هذا نذهب ولأن المال أحد نوعي الحقوق‏الحقوق, فلم يملك مطالبة أبيه بها كحقوق الأبدان ويفارق الأب غيره بما ثبت له من الحق على ولده وإن مات الابن‏الابن, فانتقل الدين إلى ورثته لم يملكوا مطالبة الأب به لأن موروثهم لم يكن له المطالبة فهم أولى وإن مات الأب‏الأب, رجع الابن في تركته بدينه لأن دينه لم يسقط عن الأب وإنما تأخرت المطالبة وقد روي عن أحمد أنه قال‏قال: إذا مات الأب‏الأب, بطل دين الابن وقال في من أخذ من مهر ابنته شيئا فأنفقه‏فأنفقه: فليس عليه شيء ولا يؤخذ من بعده وما أصابت من المهر من شيء بعينه أخذته وتأول بعض أصحابنا كلامه على أن له ما أخذه على سبيل التمليك ويحتمل أن يكون أخذه له‏له, وإنفاقه إياه دليلا على قصد التملك فيثبت الملك بذلك الأخذ والله أعلم‏أعلم.
فصل‏فصل:
وإن تصرف الأب في مال الابن قبل تملكه‏تملكه, لم يصح تصرفه نص عليه أحمد فقال‏فقال: لا يجوز عتق الأب لعبد ابنه ما لم يقبضه فعلى هذا‏هذا, لا يصح إبراؤه من دينه ولا هبته لماله ولا بيعه له وذلك لأن ملك الابن تام على مال نفسه‏نفسه, فصح تصرفه فيه ويحل له وطء جواريه ولو كان الملك مشتركا‏مشتركا, لم يحل له الوطء كما لا يجوز وطء الجارية المشتركة وإنما للأب انتزاعه منه‏منه, كالعين التي وهبها إياه فقبل انتزاعها لا يصح تصرفه لأنه يتصرف في ملك غيره بغير ولاية وإن كان الابن صغيرا لم يصح أيضا لأنه لا يملك التصرف بما لا حظ للصغير فيه‏فيه, وليس من الحظ إسقاط دينه وعتق عبده وهبة ماله‏ماله.
فصل‏فصل:
قال أحمد‏أحمد: بين الرجل وبين ولده ربا لما ذكرناه من أن ملك الابن على ماله تام وقال‏وقال: لا يطأ جارية الابن‏الابن, إلا أن يقبضها يعني يتملكها وذلك لأنه إذا وطئها قبل تملكها فقد وطئها وليست زوجة ولا ملك يمين وإن تملكها‏تملكها, لم يحل له وطؤها حتى يستبرئها لأنه ابتداء ملك فوجب الاستبراء فيه كما لو اشتراها وإن كان الابن قد وطئها لم تحل له بحال وإن وطئها قبل تملكها‏تملكها, كان محرما من وجهين‏وجهين: أحدهما أنه وطئها قبل ملكها والثاني أنه وطئها قبل استبرائها وإن كان الابن وطئها حرمت بوجه ثالث وهي أنها صارت بمنزلة حليلة ابنه فإن فعل‏فعل, فلا حد عليه لشبهة الملك فإن النبي ـ {{صل}} ـ أضاف مال الولد إلى أبيه فقال‏فقال: (‏أنتأنت ومالك لأبيك‏لأبيك) وإن ولدت منه‏منه, صارت أم ولد له وولده حر لأنه من وطء انتفى عنه الحد للشبه وتصير أم ولد له وليس للابن مطالبته بشيء من قيمتها‏قيمتها, ولا قيمة ولدها ولا مهرها وهل يعزر‏؟‏يعزر؟ يحتمل وجهين أحدهما يعزر لأنه وطئ وطئا محرما أشبه ما لو وطئ جارية مشتركة بينه وبين غيره والثاني‏والثاني, لا يعزر لأنه لا يقتص منه بالجناية على ولده فلا يعزر بالتصرف في ماله‏ماله.
فصل‏فصل:
وليس لغير الأب الأخذ من مال غيره بغير إذنه لأن الخبر ورد في الأب بقوله‏بقوله: (‏أنتأنت ومالك لأبيك‏لأبيك) ولا يصح قياس غير الأب عليه لأن للأب ولاية على ولده وماله إذا كان صغيرا‏صغيرا, وله شفقة تامة وحق متأكد ولا يسقط ميراثه بحال والأم لا تأخذ لأنها لا ولاية لها والجد أيضا لا يلي على مال ولد ابنه‏ابنه, وشفقته قاصرة عن شفقة الأب ويحجب به في الميراث وفي ولاية النكاح وغيرهما من الأقارب والأجانب ليس لهم الأخذ بطريق التنبيه لأنه إذا امتنع الأخذ في حق الأم والجد‏والجد, مع مشاركتهما للأب في بعض المعاني فغيرهما ممن لا يشارك الأب في ذلك أولى‏أولى.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: [‏ولاولا يحل لواهب أن يرجع في هبته ولا لمهد أن يرجع في هديته‏هديته, وإن لم يثب عليها‏عليها) يعني وإن لم يعوض عنها وأراد من عدا الأب لأنه قد ذكر أن للأب الرجوع بقوله‏بقوله: " أمر برده " فأما غيره فليس له الرجوع في هبته ولا هديته وبهذا قال الشافعي وأبو ثور وقال النخعي والثوري‏والثوري, وإسحاق وأصحاب الرأي‏الرأي: من وهب لغير ذي رحم فله الرجوع ما لم يثب عليها‏عليها, ومن وهب لذي رحم فليس له الرجوع وروى ذلك عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه واحتجوا بما روى أبو هريرة قال‏قال: قال رسول الله ـ {{صل}} ـ : (‏الرجلالرجل أحق بهبته ما لم يثب منها‏منها) رواه ابن ماجه‏ماجه, في " سننه " وبقول عمر ولأنه لم يحصل له عنها عوض فجاز له الرجوع فيها‏فيها, كالعارية ولنا قول النبي ـ {{صل}} ـ : (‏العائدالعائد في هبته كالعائد في قيئه وفي لفظ‏لفظ: كالكلب يعود في قيئه وفي رواية إنه ليس لنا مثل السوء العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه‏قيئه) متفق عليه‏عليه, وأيضا قول النبي ـ {{صل}} ـ : (‏ليسليس لأحد أن يعطي عطية فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده‏ولده) وقد ذكرناه وروى عمرو بن شعيب‏شعيب, عن أبيه عن جده أن نبي الله ـ {{صل}} ـ قال‏قال: (‏لالا يرجع واهب في هبته إلا الوالد فيما يعطي ولده‏ولده) ولأنه واهب لا ولاية له في المال‏المال, فلم يرجع في هبته كذي الرحم المحرم وأحاديثنا أصح من حديثهم وأولى وقول عمر قد روي عن ابنه وابن عباس خلافه وأما العارية فإنما هي هبة المنافع‏المنافع, ولم يحصل القبض فيها فإن قبضها باستيفائها فنظير مسألتنا ما استوفى من منافع العارية فإنه لا يجوز الرجوع فيها‏فيها.
فصل:
فصل‏:‏
فحصل الاتفاق على أن ما وهبه الإنسان لذوي رحمه المحرم غير ولده‏ولده, لا رجوع فيه وكذلك ما وهب الزوج لامرأته والخلاف فيما عدا هؤلاء فعندنا لا يرجع إلا الوالد وعندهم لا يرجع إلا الأجنبي فأما هبة المرأة لزوجها‏لزوجها, فعن أحمد فيه روايتان إحداهما لا رجوع لها فيها وهذا قول عمر بن عبد العزيز والنخعي وربيعة‏وربيعة, ومالك والثوري والشافعي‏والشافعي, وأبي ثور وأصحاب الرأي وهو قول عطاء وقتادة والثانية‏والثانية, لها الرجوع قال الأثرم‏الأثرم: سمعت أحمد يسأل عن المرأة تهب ثم ترجع فرأيته يجعل النساء غير الرجال ثم ذكر الحديث‏الحديث: (‏إنماإنما يرجع في المواهب النساء وشرار الأقوام‏الأقوام) وذكر حديث عمر‏عمر: إن النساء يعطين أزواجهن رغبة ورهبة‏ورهبة, فأيما امرأة أعطت زوجها شيئا ثم أرادت أن تعتصره فهي أحق به رواه الأثرم بإسناده وهذا قول شريح‏شريح, والشعبي وحكاه الزهري عن القضاة وعن أحمد رواية أخرى ثالثة نقلها أبو طالب‏طالب, إذا وهبت له مهرها فإن كان سألها ذلك رده إليها‏إليها, رضيت أو كرهت لأنها لا تهب إلا مخافة غضبه أو إضرار بها بأن يتزوج عليها وإن لم يكن سألها وتبرعت به‏به, فهو جائز فظاهر هذه الرواية أنه متى كانت مع الهبة قرينة من مسألته لها‏لها, أو غضبه عليها أو ما يدل على خوفها منه فله الرجوع لأن شاهد الحال يدل على أنها لم تطب بها نفسها‏نفسها, وإنما أباحه الله تعالى عند طيب نفسها بقوله تعالى‏تعالى: {‏فإنفإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا‏مريئا} [‏النساء‏النساء: 4‏4]‏‏. وظاهر كلام الخرقي الرواية الأولى وهو اختيار أبي بكر لقول الله تعالى‏تعالى: {‏إلاإلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح‏النكاح} [‏البقرة‏البقرة: 237‏237]‏‏. وقال تعالى‏تعالى: {‏فإنفإن طبن لكم عن شيء منه نفسًا فكلوه هنيئًا مريئًا‏مريئًا} [‏النساء‏النساء: 4‏4]‏‏. وعموم الأحاديث التي قدمناها‏قدمناها.
فصل‏فصل:
ولا يجوز للمتصدق الرجوع في صدقته‏صدقته, في قولهم جميعا لأن عمر قال في حديثه‏حديثه: من وهب هبة على وجه صدقة فإنه لا يرجع فيها مع عموم أحاديثنا فاتفق دليلهم ودليلنا‏ودليلنا, فلذلك اتفق قولهم وقولنا‏وقولنا.
فصل‏فصل:
والهبة المطلقة لا تقتضي ثوابا سواء كانت من الإنسان لمثله أو دونه أو أعلى منه وبهذا قال أبو حنيفة وقال الشافعي في الهبة لمثله أو دونه كقولنا فإن كانت لأعلى منه‏منه, ففيها قولان أحدهما أنها تقتضي الثواب وهو قول مالك لقول عمر رضي الله عنه‏عنه: ومن وهب هبة أراد بها الثواب فهو على هبته‏هبته, يرجع فيها إذا لم يرض منها ولنا أنها عطية على وجه التبرع فلم تقتض ثوابا كهبة المثل والوصية‏والوصية, وحديث عمر قد خالفه ابنه وابن عباس فإن عوضه عن الهبة كانت هبة مبتدأة لا عوضا‏عوضا, أيهما أصاب عيبا لم يكن له الرد وإن خرجت مستحقة أخذها صاحبها ولم يرجع الموهوب له ببدلها فإن شرط في الهبة ثوابا معلوما‏معلوما, صح نص عليه أحمد لأنه تمليك بعوض معلوم فهو كالبيع وحكمها حكم البيع‏البيع, في ضمان الدرك وثبوت الخيار والشفعة وبهذا قال أصحاب الرأي ولأصحاب الشافعي قول أنه لا يصح لأنه شرط في الهبة ما ينافي مقتضاها ولنا أنه تمليك بعوض‏بعوض, فصح ما لو قال‏قال: ملكتك هذا بدرهم فإنه لو أطلق التمليك كان هبة وإذا ذكر العوض صار بيعا وقال أبو الخطاب‏الخطاب: وقد روي عن أحمد ما يقتضي أن يغلب في هذا حكم الهبة فلا تثبت فيها أحكام البيع المختصة به فأما إن شرط ثوابا مجهولا‏مجهولا, لم يصح وفسدت الهبة وحكمها حكم البيع الفاسد‏الفاسد, يردها الموهوب له بزيادتها المتصلة والمنفصلة لأنه نماء ملك الواهب وإن كانت تالفة رد قيمتها وهذا قول الشافعي وأبي ثور وظاهر كلام أحمد‏أحمد, ـ رحمه اللهـ أنها تصح فإذا أعطاه عنها عوضا رضيه‏رضيه, لزم العقد بذلك فإنه قال في رواية محمد بن الحكم‏الحكم: إذا قال الواهب‏الواهب: هذا لك على أن تثيبني فله أن يرجع إذا لم يثبه لأنه شرط وقال في رواية إسماعيل بن سعيد‏سعيد: إذا وهب له على وجه الإثابة‏الإثابة, فلا يجوز إلا أن يثيبه عنها فعلى هذا عليه أن يعطيه حتى يرضيه فإن لم يفعل فللواهب الرجوع ويحتمل أن يعطيه قدر قيمتها والأول أصح لأن هذا بيع‏بيع, فيعتبر فيه التراضي إلا أنه بيع بالمعاطاة فإذا عوضه عوضا رضيه‏رضيه, حصل البيع بما حصل من المعاطاة مع التراضي بها وإن لم يحصل التراضي لم تصح لعدم العقد‏العقد, فإنه لم يوجد الإيجاب والقبول ولا المعاطاة مع التراضي والأصل في هذا قول عمر ـ رضي الله عنه ـ‏ـ: من وهب هبة أراد بها الثواب فهو على هبته يرجع فيها إذا لم يرض منها وروي معنى ذلك عن علي‏علي, وفضالة بن عبيد ومالك بن أنس وهو قول الشافعي على القول الذي يرى أن الهبة المطلقة تقتضي ثوابًا وقد روى أبو هريرة (‏أنأن أعرابيا وهب للنبي ـ {{صل}} ـ ناقة‏ناقة, فأعطاه ثلاثا فأبى فزاده ثلاثا فأبى‏فأبى, فزاده ثلاثا فلما كملت تسعا قال‏قال: رضيت‏رضيت: فقال النبي ـ {{صل}} ـ : لقد هممت أن لا أتهب إلا من قرشي أو أنصاري أو ثقفي أو دوسي‏دوسي) من " المسند " قال أحمد‏أحمد: إذا تغيرت العين الموهوبة بزيادة أو نقصان‏نقصان, ولم يثبه منها فلا أرى عليه نقصان ما نقص عنده إذا رده إلى صاحبه إلا أن يكون ثوبا لبسه‏لبسه, أو غلاما استعمله أو جارية استخدمها فأما غير ذلك إذا نقص فلا شيء عليه‏عليه, فكان عندي مثل الرهن الزيادة والنقصان لصاحبه‏لصاحبه.
مسألة:
مسألة‏:‏
قال‏قال: [‏وإذاوإذا قال‏قال: داري لك عمري أو هي لك عمرك فهي له ولورثته من بعده‏بعده]
العمرى والرقبى‏والرقبى: نوعان من الهبة يفتقران إلى ما يفتقر إليه سائر الهبات من الإيجاب والقبول والقبض‏والقبض, أو ما يقوم مقام ذلك عند من اعتبره وصورة العمرى أن يقول الرجل‏الرجل: أعمرتك داري هذه أو هي لك عمرى أو ما عاشت‏عاشت, أو مدة حياتك أو ما حييت أو نحو هذا سميت عمرى لتقييدها بالعمر والرقبى أن يقول‏يقول: أرقبتك هذه الدار‏الدار, أو هي لك حياتك على أنك إن مت قبلي عادت إلى وإن مت قبلك فهي لك ولعقبك فكأنه يقول‏يقول: هي لآخرنا موتا وبذلك سميت رقبى لأن كل واحد منهما يرقب موت صاحبه وكلاهما جائز‏جائز, في قول أكثر أهل العلم وحكي عن بعضهم أنها لا تصح لأن النبي ـ {{صل}} ـ قال‏قال: (‏لالا تعمروا ولا ترقبوا‏ترقبوا) ولنا ما روى جابر قال‏قال: قال رسول الله ـ {{صل}} ـ : (‏العمرىالعمرى جائزة لأهلها‏لأهلها, والرقبى جائزة لأهلها‏لأهلها) رواه أبو داود والترمذي وقال‏وقال: حديث حسن فأما النهي فإنما ورد على سبيل الإعلام لهم إنكم إن أعمرتم أو أرقبتم يعد للمعمر والمرقب‏والمرقب, ولم يعد إليكم منه شيء وسياق الحديث يدل عليه فإنه قال‏قال: (‏فمنفمن أعمر عمرى فهي لمن أعمرها حيا وميتا وعقبه‏وعقبه) ولو أريد به حقيقة النهي‏النهي, لم يمنع ذلك صحتها فإن النهي إنما يمنع صحة ما يفيد المنهي عنه فائدة أما إذا كان صحة المنهي عنه ضررا على مرتكبه لم يمنع صحته‏صحته, كالطلاق في زمن الحيض وصحة العمرى ضرر على المعمر فإن ملكه يزول بغير عوض إذا ثبت هذا فإن العمرى تنقل الملك إلى المعمر وبهذا قال جابر بن عبد الله‏الله, وابن عمر وابن عباس وشريح‏وشريح, ومجاهد وطاوس والثوري‏والثوري, والشافعي وأصحاب الرأي وروى ذلك عن على وقال مالك‏مالك, والليث‏والليث: العمرى تمليك المنافع لا تملك بها رقبة المعمر بحال ويكون للمعمر السكنى‏السكنى, فإذا مات عادت إلى المعمر وإن قال‏قال: له ولعقبه كان سكناها لهم فإذا انقرضوا عادت إلى المعمر واحتجا بما روى يحيى بن سعيد عن عبد الرحمن بن القاسم‏القاسم, قال‏قال: سمعت مكحولا يسأل القاسم بن محمد عن العمرى ما يقول الناس فيها‏؟‏فيها؟ فقال القاسم‏القاسم: ما أدركت الناس إلا على شروطهم في أموالهم وما أعطوا وقال إبراهيم بن إسحاق الحربي عن ابن الأعرابي‏الأعرابي: لم يختلف العرب في العمرى‏العمرى, والرقبى والإفقار والإخبال‏والإخبال, والمنحة والعرية والعارية والسكنى‏والسكنى, والإطراق أنها على ملك أربابها ومنافعها لمن جعلت له ولأن التمليك لا يتأقت‏يتأقت, كما لو باعه إلى مدة فإذا كان لا يتأقت حمل قوله على تمليك المنافع لأنه يصح توقيته ولنا ما روى جابر قال‏قال: قال النبي ـ {{صل}} ـ : (‏أمسكواأمسكوا عليكم أموالكم‏أموالكم, ولا تفسدوها فإنه من أعمر عمرى فهي للذي أعمرها حيا وميتا ولعقبه‏ولعقبه) رواه مسلم وفي لفظ‏لفظ: (‏قضىقضى رسول الله ـ {{صل}} ـ بالعمرى لمن وهبت له‏له) متفق عليه وروى ابن ماجه‏ماجه, عن ابن عمر قال‏قال: قال رسول الله ـ {{صل}} ـ : (‏لالا رقبى فمن أرقب شيئا‏شيئا, فهو له حياته وموته‏وموته) وعن زيد بن ثابت (‏أنأن النبي ـ {{صل}} ـ جعل العمرى للوارث‏للوارث) وقد روى مالك حديث العمرى في " موطئه " وهو صحيح رواه جابر‏جابر, وابن عمر وابن عباس ومعاوية‏ومعاوية, وزيد بن ثابت وأبو هريرة وقول القاسم لا يقبل في مخالفة من سمينا من الصحابة والتابعين فكيف يقبل في مخالفة قول سيد المرسلين‏المرسلين, ولا يصح أن يدعي إجماع أهل المدينة لكثرة من قال بها منهم وقضى بها طارق بالمدينة بأمر عبد الملك بن مروان وقول ابن الأعرابي‏الأعرابي: إنها عند العرب تمليك المنافع لا يضر إذا نقلها الشرع إلى تمليك الرقبة‏الرقبة, كما نقل الصلاة من الدعاء إلى الأفعال المنظومة ونقل الظهار والإيلاء من الطلاق إلى أحكام مخصوصة قولهم‏قولهم: إن التمليك لا يتأقت قلنا‏قلنا: فلذلك أبطل الشرع تأقيتها وجعلها تمليكا مطلقا‏مطلقا.
فصل‏فصل:
إذا شرط في العمرى أنها للمعمر وعقبه‏وعقبه, فهذا تأكيد لحكمها وتكون للمعمر وورثته وهذا قول جميع القائلين بها وإذا أطلقها فهي للمعمر وورثته أيضا لأنها تمليك للرقبة فأشبهت الهبة فإن شرط أنك إذا مت فهي لي فعن أحمد روايتان إحداهما‏إحداهما, صحة العقد والشرط ومتى مات المعمر رجعت إلى المعمر وبه قال القاسم بن محمد وزيد بن قسيط‏قسيط, والزهري ومالك وأبو سلمة بن عبد الرحمن‏الرحمن, وابن أبي ذئب وأبو ثور وداود وهو أحد قولي الشافعي لما روى جابر‏جابر, قال‏قال: إنما العمرى التي أجاز رسول الله ـ {{صل}} ـ أن يقول‏يقول: هي لك ولعقبك فأما إذا قال‏قال: هي لك ما عشت فإنها ترجع إلى صاحبها متفق عليه وروى مالك في " موطئه " عن جابر (‏أنأن رسول الله ـ {{صل}} ـ قال‏قال: أيما رجل أعمر عمرى له‏له, ولعقبه فإنها للذي أعطيها لا ترجع إلى الذي أعطاها‏أعطاها) لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث وقال القاسم بن محمد‏محمد: ما أدركت الناس إلا على شروطهم في أموالهم والرواية الثانية‏الثانية, أنها تكون للمعمر ولورثته ويسقط الشرط وهذا قول الشافعي الجديد وقول أبي حنيفة وهو ظاهر المذهب نص عليه أحمد‏أحمد, في رواية أبي طالب للأحاديث المطلقة التي ذكرناها وقول رسول الله ـ {{صل}} ـ : (‏لالا رقبى فمن أرقب شيئا‏شيئا, فهو له في حياته وموته‏وموته) وقال مجاهد‏مجاهد: الرقبى أن يقول هي للآخر مني ومنك موتا وروى الإمام أحمد بإسناده عن النبي ـ {{صل}} ـ , أنه قال‏قال: (‏لالا عمرى ولا رقبى فمن أعمر شيئا‏شيئا, أو أرقبه فهو له حياته وموته‏وموته) وهذا صريح في إبطال الشرط لأن الرقبى يشترط فيها عودها إلى المرقب إن مات الآخر قبله وأما حديثهم الذي احتجوا به فمن قول جابر نفسه‏نفسه, وأما نقل لفظ النبي ـ {{صل}} ـ قال‏قال: (‏أمسكواأمسكوا عليكم أموالكم ولا تفسدوها فإنه من أعمر عمرى فهي للذى أعمرها حيا وميتا‏وميتا, ولعقبه‏ولعقبه) ولأنا لو أجزنا هذا الشرط كانت هبة مؤقتة والهبة لا يجوز فيها التأقيت‏التأقيت, ولم يفسدها الشرط لأنه ليس بشرط على المعمر وإنما شرط ذلك على ورثته ومتى لم يكن الشرط مع المعقود معه‏معه, لم يؤثر فيه وأما قوله في الحديث الآخر‏الآخر: إنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث فهذه الزيادة من كلام أبى سلمة بن عبد الرحمن كذلك رواه ابن أبى ذئب وفصل هذه الزيادة فقال عن النبي ـ {{صل}} ـ إنه قضى في من أعمر عمرى له ولعقبه‏ولعقبه, فهي له بتلة لا يجوز للمعطى فيها شرط ولا مثنوية قال أبو سلمة‏سلمة: لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث‏المواريث.
فصل‏فصل:
والرقبى هي أن يقول‏يقول: هذا لك عمرك فإن مت قبلي رجع إلي‏إلي, وإن مت قبلك فهو لك ومعناه هي لآخرنا موتا وكذلك فسرها مجاهد سميت رقبى لأن كل واحد منهما يرقب موت صاحبه وقد روى عن أحمد أنه قال‏قال: هي أن يقول‏يقول: هي لك حياتك فإذا مت فهي لفلان أو هي راجعة إلى والحكم فيها على ما تقدم ذكره‏ذكره, وأنها كالعمرى إذا شرط عودها إلى المعمر وقال على رضي الله عنه‏عنه: العمرى والرقبى سواء وقال طاوس‏طاوس: من أرقب شيئا فهو على سبيل الميراث وقال الزهري‏الزهري: الرقبى وصية يعنى أن معناها إذا مت فهذا لك وقال الحسن ومالك وأبو حنيفة‏حنيفة: الرقبى باطلة لما روى أن النبي ـ {{صل}} ـ أجاز العمرى وأبطل الرقبى ولأن معناها أنها للآخر منا‏منا, وهذا تمليك معلق بخطر ولا يجوز تعليق التمليك بالخطر ولنا ما رويناه من الأخبار وحديثهم لا نعرفه‏نعرفه, ولا نسلم أن معناها ما ذكروه بل معناها أنها لك حياتك فإن مت رجعت إلى فتكون كالعمرى سواء‏سواء, إلا أنه زاد شرطها لورثة المرقب إن مات المرقب قبله وهذا يبين تأكيدها على العمرى‏العمرى.
فصل‏فصل:
وتصح العمرى في غير العقار‏العقار, من الحيوان والنبات لأنها نوع هبة فصحت في ذلك‏ذلك, كسائر الهبات وقد روى عن أحمد في الرجل يعمر الجارية‏الجارية: فلا أرى له وطأها قال القاضي‏القاضي: لم يتوقف أحمد عن وطء الجارية لعدم الملك فيها لكن على طريق الورع لأن الوطء استباحة فرج وقد اختلف في صحة العمرى‏العمرى, وجعلها بعضهم تمليك المنافع فلم ير له وطأها لهذا ولو وطئها كان جائزا‏جائزا.
فصل‏فصل:
وإن وقت الهبة إلى غير العمرى والرقبى‏والرقبى, فقال‏فقال: وهبتك هذا لسنة أو إلى أن يقدم الحاج أو إلى أن يبلغ ولدي‏ولدي, أو مدة حياة فلان ونحو هذا لم يصح لأنها تمليك للرقبة فلم تصح مؤقتة كالبيع‏كالبيع, وتفارق العمرى والرقبى لأن الإنسان إنما يملك الشيء عمره فإذا ملكه عمره فقد وقته بما هو مؤقت به في الحقيقة فصار ذلك كالمطلق وإن شرط رجوعها إليه بعد ذلك‏ذلك, كان شرطا على غير الموهوب له بخلاف غيره‏غيره.
مسألة:
مسألة‏:‏
: قال‏قال: [‏وإنوإن قال‏قال: سكناها لك عمرك كان له أخذها أي وقت أحب لأن السكنى ليست كالعمرى والرقبى‏والرقبى)
أما إذا قال‏قال: سكنى هذه الدار لك عمرك أو اسكنها عمرك أو نحو ذلك‏ذلك, فليس ذلك بعقد لازم لأنه في التحقيق هبة المنافع والمنافع إنما تستوفى بمضي الزمان شيئا فشيئا فلا تلزم إلا في قدر ما قبضه منها واستوفاه بالسكنى وللمسكن الرجوع متى شاء‏شاء, وأيهما مات بطلت الإباحة وبهذا قال أكثر العلماء وجماعة أهل الفتوى منهم الشعبي‏الشعبي, والنخعي والثوري والشافعي‏والشافعي, وإسحاق وأصحاب الرأي وروى معنى ذلك عن حفصة وقال الحسن وعطاء‏وعطاء, وقتادة‏وقتادة: هي كالعمرى تكون له ولعقبه لأنها في معنى العمرى فيثبت فيها مثل حكمها وحكي عن الشعبي أنه إذا قال‏قال: هي لك‏لك, اسكن حتى تموت فهي له حياته وموته وإن قال‏قال: داري هذه اسكنها حتى تموت فإنها ترجع إلى صاحبها لأنه إذا قال‏قال: هي لك فقد جعل له رقبتها فتكون عمرى فإذا قال‏قال: اسكن دارى هذه فإنما جعل له نفعها دون رقبتها فتكون عارية ولنا أن هذا إباحة المنافع‏المنافع, فلم يقع لازما كالعارية وفارق العمرى فإنها هبة للرقبة فأما إذا قال‏قال: هذه لك اسكنها حتى تموت فإنه يحتمل لك سكناها حتى تموت وتفسيرها بذلك دليل على أنه أراد السكنى فأشبه ما لو قال‏قال: هذه لك سكناها وإذا احتمل أن يريد به الرقبة‏الرقبة, واحتمل أن يريد السكنى فلا نزيل ملكه بالاحتمال‏بالاحتمال.
فصل‏فصل:
إذا وهب هبة فاسدة أو باع بيعا فاسدا‏فاسدا, ثم وهب تلك العين أو باعها بعقد صحيح مع علمه بفساد الأول‏الأول, صح العقد الثاني لأنه تصرف في ملكه عالما بأنه ملكه وإن كان يعتقد صحة العقد الأول ففي صحة الثاني وجهان أحدهما‏أحدهما, صحته لأن تصرفه صادف ملكه وتم بشروطه فصح‏فصح, كما لو علم فساد الأول والثاني لا يصح لأنه تصرف تصرفا يعتقد فساده ففسد‏ففسد, كما لو صلى يعتقد أنه محدث فبان متطهرا وهكذا لو تصرف في عين يعتقد أنها لأبيه فبان أنه قد مات وملكها بالميراث‏بالميراث, أو غصب عينها فباعها يعتقدها مغصوبة فبان أنها ملكه فعلى الوجهين قال القاضي‏القاضي: أصل الوجهين من باشر امرأة بطلاق يعتقدها أجنبية‏أجنبية, فبانت امرأته أو واجه بالعتق من يعتقدها حرة فبانت أمته‏أمته, ففي وقوع الطلاق والحرية روايتان وللشافعية في هذه المسائل وجهان كما حكينا والله أعلم‏أعلم.
 
[[تصنيف:المغني]]