الفرق بين المراجعتين لصفحة: «إحياء علوم الدين/كتاب آداب العزلة/الباب الأول»

تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
صفحة جديدة: {{لا فهرس}} {{ترويسة |عنوان=إحياء علوم الدين |مؤلف= أبو حامد الغزالي |باب=<br>[[إحياء علوم الدين/كتاب ...
 
سطر 31:
واحتجوا بقوله صلى اللّه عليه وسلم "المؤمن ألف مألوف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف" وهذا ضعيف لأنه إشارة إلى مذمة سوء الخلق تمتنع بسببه المؤالفة،ولا يدخل تحته الحسن الخلق الذي إن خالط ألف وألف ولكنه ترك المخالطة اشتغالا بنفسه وطلبا للسلامة من غيره .
 
واحتجوا بقوله صلى الله عليه وسلم{{ص}}"من فارق الجماعة شبرا خلع ربقة الإسلام من عنقه" وقال
 
"من فارق الجماعة فمات فميتته جاهلية "وبقوله صلى الله عليه وسلم{{ص}}"من شق عصا المسلمين والمسلمون في إسلام دامج فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه" وهذا ضعيف لأن المراد به الجماعة التي اتفقت آراؤهم على إمام بعقد البيعة فالخروج عليهم بغى،وذلك مخالفة بالرأي وخروج عليهم وذلك محظور لاضطرار الخلق إلى إمام مطاع يجمع رأيهم ولا يكون ذلك إلا بالبيعة من الأكثر،فالمخالفة تشويش مثير للفتنة فليس في هذا تعرض للعزلة .
 
واحتجوا بنهيه صلى الله عليه وسلم{{ص}} عن الهجر فوق ثلاث إذ قال"من هجر أخاه فوق ثلاث فمات دخل النار"وقال عليه السلام"لا يحل لامرئ مسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث والسابق بالصلح يدخل الجنة"وقال"من هجر أخاه سنة فهو كسافك دمه" قالوا والعزلة هجره بالكلية.وهذا ضعيف لان المراد به الغضب على الناس واللجاج فيه بقطع الكلام والسلام والمخالطة المعتادة،فلا يدخل فيه ترك المخالطة أصلا من غير غضب.مع أن الهجر فوق ثلاث جائز في موضعين؛أحدهما:أن يرى فيه إصلاحا للهجور في الزيادة.الثاني.أن يرى لنفسه سلامة فيه.والنهي وان كان عاما فهو محمول على ما وراء الموضعين المخصوصين بدليل ما روى عن عائشة رضى اللّه عنها.أن النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} هجرها ذا الحجة والمحرّم وبعض صفر.وروى عن عمر :أنه صلى الله عليه وسلم{{ص}} اعتزل نساءه وآلى منهن شهرا وصعد إلى غرفة له وهى خزانته فلبث تسعا وعشرين يوما؛ فلما نزل قيل له: إنك كنت فيها تسعا وعشرين،فقال"الشهر قد يكون تسعا وعشرين"وروت عائشة رضى الله عنها:أن النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} قال: "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام إلا أن يكون ممن لا تؤمن بوائقه"فهذا صريح في التخصيص وعلى هذا ينزل قول الحسن رحمه اللّ-ه حيث قال:هجران الأحمق قربة إلى اللّه فإن ذلك يدوم إلى الموت إذ الحماقة لا ينتظر علاجها.وذكر عند محمد بن عمر الواقدي رجل هجر رجلا حتى مات؛ فقال:هذا شئ قدم تقدّم فيه قوم؛سعد بن أبي وقاص كان مهاجرا لعمار بن ياسر حتى مات،وعثمان بن عفان كان مهاجرا لعبد الرحمن بن عوف وعائشة كانت مهاجرة لحفصة. وكان طاوس مهاجرا لوهب بن منبه حتى ماتا.وكل ذلك يحمل على رؤيتهم سلامتهم في المهاجرة.واحتجوا بما روى:أن رجلا أتى الجبل ليتعبد فيه فجئ به الى رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} فقال"لا تفعل أنت ولا أحد منكم لصبر أحدكم في بعض موطن الإسلام خير له من عبادة أحدكم وحده أربعين عاما"والظاهر أنّ هذا إنما كان لما فيه من ترك الجهاد مع شدة وجوبة في ابتداء الإسلام بدليل ما روى عن أبى هريرة رضى اللّه عنه أنه قال:غزونا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فمررنا بشعب فيه عيينة طيبة الماء؛فقال واحد من القوم:لو اعتزلت الناس في هذا الشعب ولن أفعل ذلك حتى أذكره لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال صلى اللّه عليه وسلم"لا تفعل فان مقام أحدكم في سبيل اللّه خير من صلاته في أهله ستين عاما ألا تحبون أن يغفر اللّه لكم وتدخلون الجنة اغزوا في سبيل اللّه فانه من قاتل في سبيل اللّه فواق ناقة أدخله اللّه الجنة.
 
واحتجوا بما روى معاذ بن جبل أنه صلى اللّه عليه وسلم قال"ان الشيطان ذئب الإنسان كذئب الغنم يأخذ القاصية والناحية والشاردة وإياكم والشعاب وعليكم بالعامة والجماعة والمساجد"وهذا إنما أراد به من اعتزل قبل تمام العلم،وسيأتي بيان ذلك وأن ذلك ينهى عنه إلا لضرورة.
سطر 41:
�ذكر حجج المائلين إلى تفضيل العزلة
 
احتجوا بقوله تعالى حكاية عن إبراهيم عليه السلام"وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي"الآية ثم قال تعالى"فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له إسحق ويعقوب وكلاً جعلنا نبياً"إشارة إلى أن ذلك ببركة العزلة.وهذا ضعيف لأن مخالطة الكفار لا فائدة فيها إلا دعوتهم الى الدين.وعند اليأس من إجاباتهم فلا وجه إلا هجرهم وإنما الكلام في مخالطة المسلمين وما فيها من بركة لما روي أنه قيل:يا رسول الله اللّه الوضوء من جر مخمن أحب إليك أو من هذه المطاهر التي يتطهر منها الناس? فقال: "بل هذه المطاهر التماساً لبركة أيدي المسلمين"وروي أنه صلى الله عليه وسلم{{ص}} لما طاف بالبيت عدل الى زمزم ليشرب منها؛فإذا التمر المنقع في حياض الأدمة قد مغثه الناس بأيديهم وهم يتناولون منه ويشربون،فاستسقى منه وقال: "أسقوني" فقال العباس: "إن هذا النبيذ شراب قد مغث وخيض بالأيدي أفلا آتيك بشراب أنظف من هذا من جر مخمر في البيت? فقال: "أسقوني من هذا الذي يشرب منه الناس ألتمس بركة أيدي المسلمين"فشرب منه فإذن كيف يستدل باعتزال الكفار والأصنام على اعتزال المسلمين مع كثرة البركة فيهم? واحتجوا أيضاً بقول موسى عليه السلام: "وإن لم تؤمنوا لى فاعتزلون" وأنه فزع إلى العزلة عند اليأس منهم وقال تعالى في أصحاب الكهف"وإذا اعتزلتموهم وما يعبدون إلا اللّه فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته"أمرهم بالعزلة.وقد اعتزل بينا صلى اللّه عليه وسلم قريشاً لما آذوه وجفوه ودخل الشعب وامر أصحابه باعتزالهم والهجرة الى أرض الحبشة،ثم تلاحقوا به الى المدينة بعد أن أعلى اللّه كلمته.وهذا أيضاً اعتزال عن الكفار.وأهل الكهف لم يعتزل بعضهم بعضاً وهم مؤمنون وإنما اعتزلوا الكفار،وإنما النظر في العزلة من المسلمين.
 
واحتجوا بقوله صلى اللّه عليه وآله وسلم لعبد اللّه بن عامر الجهني لما قال:يارسول اللّه ما المناجاة?قال"ليسعك بيتك وأمسك عليك لسانك وآبك على خطيئتك"وروي أنه قيل له صلى اللّه عليه وسلم:أي الناس أفضل?قال"مؤمن مجاهد بنفسه وماله في سبيل اللّه تعالى"قيل:ثم من?قال"رجل معتزل في شعب �������من الشعاب يعبد ربه ويدع الناس من شرّه"وقال صلى اللّه عليه وسلم"إن اللّه يحب العبد التقي النقي الخفي".