الفرق بين المراجعتين لصفحة: «إحياء علوم الدين/كتاب العلم/الباب الأول»

تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
Obayd (نقاش | مساهمات)
لا ملخص تعديل
سطر 16:
===فضيلة العلم===
 
شواهدها من القرآن قوله عز وجل "شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائماً بالقسط" فانظر كيف بدأ سبحانه وتعالى بنفسه وثنى بالملائكة وثلث بأهل العلم؛ وناهيك بهذا شرفاً وفضلاً وجلاء ونبلاً. وقال الله تعالى "يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات" قال ابن عباس رضي الله عنهما: للعلماء درجات فوق المؤمنين بسبعمائة درجة ما بين الدرجتين مسيرة خمسمائة عام. وقال عز وجل "قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون" وقال تعالى "إنما يخشى الله من عباده العلماء" وقال تعالى "قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب" وقال تعالى "قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به" تنبيهاً على أنه اقتدر بقوة العلم. وقال عز وجل "وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحاً" بين أن عظم قدر الآخرة يعلم بالعلم. وقال تعالى "وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون" وقال تعالى "ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم" رد حكمه في الوقائع إلى استنباطهم وألحق رتبتهم برتبة الأنبياء في كشف حكم الله. وقيل في قوله تعالى "يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سواءتكم - يعني العلم - وريشاً - يعني اليقين - ولباس التقوى" يعني الحياء. وقال عز وجل "ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم" وقال تعالى "فلنقصن عليهم بعلم" وقال عز وجل "بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم" وقال تعالى "خلق الإنسان علمه البيان" وإنما ذكر في معرض الامتنان. وأما الأخبار فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} "من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين ويلهمه رشده" وقال صلى الله عليه وسلم{{ص}} "العلماء ورثة الأنبياء"، ومعلوم أنه لا رتبة فوق النبوة ولا شرف فوق شرف الوراثة لتلك الرتبة. وقال صلى الله عليه وسلم{{ص}} "يستغفر للعالم ما في السموات والأرض وأي منصب يزيد على منصب من تشتغل ملائكة السموات والأرض بالاستغفار له. وقال صلى الله عليه وسلم{{ص}} "إن الحكمة تزيد الشريف شرفاً وترفع المملوك حتى يدرك مدارك الملوك" وقد نبه بهذا على ثمراته في الدنيا، ومعلوم أن الآخرة خير وأبقى. وقال صلى الله عليه وسلم{{ص}} "خصلتان لا يكونان في منافق: حسن سمت وفقه في الدين" ولا تشكن في الحديث لنفاق بعض فقهاء الزمان، فإنه ما أراد به الفقه الذي ظننته، وسيأتي معنى الفقه. وأدنى درجات الفقيه أن يعلم أن الآخرة خير من الدنيا، وهذه المعرفة إذا صدقت وغلبت عليه برىء بها من النفاق والرياء.
 
وقال صلى الله عليه وسلم{{ص}} "أفضل الناس المؤمن العالم الذي إن احتيج إليه نفع وإن استغني عنه أغنى نفسه" وقال صلى الله عليه وسلم{{ص}} "الإيمان عريان ولباسه التقوى وزينته الحياء وثمرته العلم" وقال صلى الله عليه وسلم{{ص}} "أقرب الناس من درجة النبوة أهل العلم والجهاد: أما أهل العلم فدلوا الناس على ما جاءت به الرسل، وأما أهل الجهاد فجاهدوا بأسيافهم على ما جاءت به الرسل". وقال صلى الله عليه وسلم{{ص}} "لموت قبيلة أيسر من موت عالم" وقال عليه الصلاة والسلام "الناس معادن كمعادن الذهب والفضة، فخيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا" وقال صلى الله عليه وسلم{{ص}} "يوزن يوم القيامة مداد العلماء بدم الشهداء" وقال صلى الله عليه وسلم{{ص}} "من حفظ على أمتي أربعين حديثاً من السنة حتى يؤديها إليهم كنت له شفيعاً وشهيداً يوم القيامة" وقال صلى الله عليه وسلم{{ص}} "من حمل من أمتي أربعين حديثاً لقي الله عز وجل يوم القيامة فقيهاً عالماً" وقال صلى الله عليه وسلم{{ص}} "من تفقه في دين الله عز وجل كفاه الله تعالى ما أهمه ورزقه من حيث لا يحتسب" وقال صلى الله عليه وسلم{{ص}} "أوحى الله عز وجل إلى إبراهيم عليه السلام: يا إبراهيم إني عليم أحب كل عليم" وقال صلى الله عليه وسلم{{ص}} "العالم أمين الله سبحانه في الأرض" وقال صلى الله عليه وسلم{{ص}} "صنفان من أمتي إذا صلحوا صلح الناس وإذا فسدوا فسد الناس: الأمراء والفقهاء" وقال عليه السلام "إذا أتى علي يوم لا أزداد فيه علماً يقربني إلى الله عز وجل فلا بورك لي في طلوع شمس ذلك اليوم، وقال صلى الله عليه وسلم{{ص}} في تفضيل العلم على العبادة والشهادة "فضل العالم على العابد كفضلي على أدنى رجل من أصحابي" فانظر كيف جعل العلم مقارناً لدرجة النبوة وكيف حط رتبة العمل المجرد عن العلم وإن كان العابد لا يخلو عن علم بالعبادة التي يواظب عليها ولولاه لم تكن عبادة? وقال صلى الله عليه وسلم{{ص}} "فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب" وقال صلى الله عليه وسلم{{ص}} "يشفع يوم القيامة ثلاثة: الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء" فأعظم بمرتبة هي تلو النبوة وفوق الشهادة مع ما ورد في فضل الشهادة. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} "ما عبد الله تعالى بشيء أفضل من فقه في الدين، ولفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد، ولكل شيء عماد وعماد هذا الدين الفقه" وقال صلى الله عليه وسلم{{ص}} "خير دينكم أيسره وخير العبادة الفقه" وقال صلى الله عليه وسلم{{ص}} "فضل المؤمن العالم على المؤمن العابد بسبعين درجة" وقال صلى الله عليه وسلم{{ص}} "إنكم أصبحتم في زمن كثير فقهاؤه قليل قراؤه وخطباؤه قليل سائلوه كثير معطوه، العمل فيه خير من العلم. وسيأتي على الناس زمان قليل فقهاؤه كثير خطباؤه قليل معطوه كثير سائلوه والعلم فيه خير من العمل" وقال صلى الله عليه وسلم{{ص}} " بين العالم والعابد مائة درجة بين كل درجتين حضر الجواد المضمر سبعين سنة" وقيل: يا رسول الله، أي الأعمال أفضل? فقال "العلم بالله عز وجل" فقيل: أي العلم تريد? قال صلى الله عليه وسلم{{ص}} "العلم بالله سبحانه" فقيل له: نسأل عن العمل وتجيب عن العلم! فقال صلى الله عليه وسلم{{ص}} "إن قليل العمل ينفع مع العلم بالله، وإن كثير العمل لا ينفع مع الجهل بالله" وقال صلى الله عليه وسلم{{ص}} "يبعث الله سبحانه العباد يوم القيامة ثم يبعث العلماء ثم يقول: يا معشر العلماء، إني لم أضع علمي فيكم إلا لعلمي بكم ولم أضع علمي فيكم لأعذبكم، اذهبوا فقد غفرت لكم" نسأل الله حسن الخاتمة. وأما الآثار فقد قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه لكميل: يا كميل، العلم خير من المال، العلم يحرسك وأنت تحرس المال، والعلم حاكم والمال محكوم عليه، والمال تنقصه النفقة، والعلم يزكو بالإنفاق. وقال علي أيضاً رضي الله عنه: العالم أفضل من الصائم القائم المجاهد، وإذا مات العالم ثلم في الإسلام ثلمة لا يسدها إلا خلف منه وقال رضي الله عنه نظماً: ما الفخر إلا لأهل العلم إنهـم على الهدى لمن استهدى أدلاء
 
{{قصيدة1|وقدر كل امرىء ما كان|يحسنه والجاهلون لأهل العلم أعداء
سطر 29:
===فضيلة التعلم===
 
أما الآيات فقوله تعالى "فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين" وقوله عز وجل "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون" أما الأخبار فقوله صلى الله عليه وسلم{{ص}} "من سلك طريقاً يطلب فيه علماً سلك الله به طريقاً إلى الجنة" وقال صلى الله عليه وسلم{{ص}} "إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاء بما يصنع" وقال صلى الله عليه وسلم{{ص}} "لأن تغدو فتتعلم باباً من العلم خير من أن تصلي مائة ركعة" وقال صلى الله عليه وسلم{{ص}} "باب من العلم يتعلمه الرجل خير له من الدنيا وما فيها" وقال صلى الله عليه وسلم{{ص}} "اطلبوا العلم ولو بالصين" وقال صلى الله عليه وسلم{{ص}} "طلب العلم فريضة على كل مسلم" وقال عليه الصلاة والسلام "العلم خزائن مفاتيحها السؤال، ألا فاسألوا فإنه يؤجر فيه أربعة. السائل والعالم والمستمع والمحب لهم" وقال صلى الله عليه وسلم{{ص}} "لا ينبغي للجاهل أن يسكت على جهله ولا للعالم أن يسكت على علمه" وفي حديث أبي ذر رضي الله عنه "حضور مجلس عالم أفضل من صلاة ألف ركعة وعيادة ألف مريض وشهود ألف جنازة" فقيل يا رسول الله، ومن قراءة القرآن? فقال صلى الله عليه وسلم{{ص}} "وهل ينفع القرآن إلا بالعلم?" وقال عليه الصلاة والسلام "من جاءه الموت وهو يطلب العلم ليحيي به الإسلام فبينه وبين الأنبياء في الجنة درجة واحدة" وأما الآثار فقال ابن عباس رضي الله عنها ذللت طالباً فعززت مطلوباً. وكذلك قال ابن أبي مليكة رحمه الله: ما رأيت مثل ابن عباس، إذا رأيته رايت أحسن الناس وجهاً. وإذا تكلم فأعرب الناس لساناً وإذا أفتى فأكثر الناس علماً. وقال ابن المبارك رحمه الله: عجبت لمن لم يطلب العلم كيف تدعوه نفسه إلى مكرمة? وقال بعض الحكماء: إني لا أرحم رجالاً كرحمتي لأحد رجلين: رجل يطلب العلم ولا يفهم، ورجل يفهم العلم ولا يطلبه. وقال أبو الدرداء رضي الله عنه: لأن أتعلم مسألة أحب إلي من قيام ليلة. وقال أيضاً: كن عالماً أو متعلماً أو مستمعاً ولا تكن الرابع فتهلك. وقال عطاء: مجلس علم يكفر سبعين مجلساً من مجالس اللهو. وقال عمر رضي الله عنه: موت ألف عابد قائم الليل صائم النهار أهون من موت عالم بصير بحلال الله وحرامه. وقال الشافعي رضي الله عنه: طلب العلم أفضل من النافلة. وقال ابن عبد الحكم رحمه الله: كنت عند مالك أقرأ عليه العلم فدخل الظهر فجمعت الكتب لأصلي فقال: يا هذا ما الذي قمت إليه بأفضل مما كنت فيه إذا صحت النية. وقال أبو الدرداء رضي الله عنه: من رأى أن الغدو إلى طلب العلم ليس بجهاد فقد نقص في رأيه وعقله.
 
===فضيلة التعليم===
 
أما الآيات فقوله عز وجل: "ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون" والمراد هوالتعليم والإرشاد. وقوله تعالى "وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب ليبيننه للناس ولا يكتمونه" وهو إيجاب للتعليم. وقوله تعالى "وإن فريقاً ليكتمون الحق وهم يعلمون" وهو تحريم للكتمان كما قال تعالى في الشهادة "ومن يكتمها فإنه آثم قلبه" وقال صلى الله عليه وسلم{{ص}} "ما آتى الله عالماً علماً إلا وأخذ عليه من الميثاق ما أخذ على النبيين أن يبينوه للناس ولا يكتموه" وقال تعالى "ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً" وقال تعالى "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة" وقال تعالى "ويعلمهم الكتاب والحكمة" وأما الأخبار فقوله صلى الله عليه وسلم{{ص}} لما بعث معاذاً رضي الله عنه إلى اليمن "لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من الدنيا وما فيها" وقال صلى الله عليه وسلم{{ص}} "من تعلم باباً من العلم ليعلم الناس أعطي ثواب سبعين صديقاً" وقال عيسى صلى الله عليه وسلم{{ص}}: من علم وعمل وعلم فذلك يدعى عظيماً في ملكوت السموات. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} "إذا كان يوم القيامة يقول الله سبحانه للعابدين والمجاهدين: ادخلوا الجنة، فيقول العلماء بفضل علمنا تعبدوا وجاهدوا، فيقول الله عز وجل: أنتم عندي كبعض ملائكتي اشفعوا تشفعوا فيشفعون ثم يدخلون الجنة" وهذا إنما يكون بالعلم المتعدى بالتعليم لا العلم اللازم الذي لا يتعدى. وقال صلى الله عليه وسلم{{ص}} "إن الله عز وجل لا ينتزع العلم انتزاعاً من الناس بعد أن يؤتيهم إياه ولكن يذهب بذهاب العلماء، فكلما ذهب عالم ذهب بما معه من العلم، حتى إذا لم يبق إلا رؤساء جهالاً إن سئلوا أفتوا بغير علم فيضلون ويضلون وقال صلى الله عليه وسلم{{ص}} "من علم علماً فكتمه ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار" وقال صلى الله عليه وسلم{{ص}} "نعم العطية ونعم الهدية كلمة حكمة تسمعها فتطوي عليها ثم تحملها إلى أخ لك مسلم تعلمه إياها تعدل عبادة سنة" وقال صلى الله عليه وسلم{{ص}} "الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله سبحانه وما والاه أو معلماً أو متعلماً" وقال صلى الله عليه وسلم{{ص}} "إن الله سبحانه وملائكته وأهل سمواته وأرضه حتى النملة في جحرها حتى الحوت في البحر ليصلون على معلم الناس الخير" وقال صلى الله عليه وسلم{{ص}} "ما أفاد المسلم أخاه فائدة أفضل من حديث حسن بلغه فبلغه" وقال صلى الله عليه وسلم{{ص}} "كلمة من الخير يسمعها المؤمن فيعلمها ويعمل بها خير له من عبادة سنة" وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} ذات يوم فرأى مجلسين أحدهما يدعون الله عز وجل ويرغبون إليه والثاني يعلمون الناس، فقال "أما هؤلاء فيسألون الله تعالى فإن شاء أعطاهم وإن شاء منعهم، وأما هؤلاء فيعلمون الناس وإنما بعثت معلماً ثم عدل إليهم وجلس معهم" وقال صلى الله عليه وسلم{{ص}} "مثل ما بعثني الله عز وجل به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضاً فكانت منها بقعة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها بقعة أمسكت الماء فنفع الله عز وجل بها الناس فشربوا منها وسقوا وزرعوا، وكانت منها طائفة قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ".
 
فالأول ذكره مثلاً للمنتفع بعلمه، والثاني ذكره مثلاً للنافع، والثالث للمحروم منهما وقال صلى الله عليه وسلم{{ص}} "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: علم ينتفع به الحديث" وقال صلى الله عليه وسلم{{ص}} "الدال على الخير كفاعله" وقال صلى الله عليه وسلم{{ص}} "لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله عز وجل حكمة فهو يقضي بها ويعلمها الناس، ورجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الخير" وقال صلى الله عليه وسلم{{ص}} "على خلفائي رحمة الله" قيل: ومن خلفاؤك? قال "الذين يحيون سنتي ويعلمونها عباد الله" وأما الآثار فقد قال عمر رضي الله عنه: من حدث حديثاً فعمل به فله مثل أجر من عمل ذلك العمل. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: معلم الناس الخير يستغفر له كل شيء حتى الحوت في البحر. وقال بعض العلماء: العالم يدخلفيما بين الله وبين خلقه فلينظر كيف يدخل. وروي أن سفيان الثوري رحمه الله قدم عسقلان فمكث لا يسأله إنسان، فقال: اكروا لي لأخرج من هذا البلد، هذا بلد يموت فيه العلم. وإنما قال ذلك حرصاً على فضيلة التعليم واستقباء العلم به وقال عطاء رضي الله عنه: دخلت على سعيد بن المسيب وهو يبكي، فقلت: ما يبكيك? قال: ليس أحد يسألني عن شيء. وقال بعضهم: العلماء سرج الأزمنة، كل واحد مصباح زمانه يستضيء به أهل عصره. وقال الحسن رحمه الله: لولا العلماء لصار الناس مثل البهائم: أي أنهم بالتعليم يخرجون الناس من حد البهيمية إلى حد الإنسانية. وقال عكرمة: إن لهذا العلم ثمناً. قيل وما هو? قال: أن تضعه فيمن يحسن حمله ولا يضيعه. وقال يحيى بن معاذ: العلماء أرحم بأمة محمد صلى الله عليه وسلم{{ص}} من آبائهم وأمهاتهم. قيل: وكيف ذلك? قال لأن آباءهم وأمهاتهم يحفظونهم من نار الدنيا وهم يحفظونهم من نار الآخرة. وقيل: أول العلم الصمت ثم الاستماع ثم الحفظ ثم العمل ثم نشره.
 
وقيل: علم علمك من يجهل وتعلم ممن يعلم ما تجهل؛ فإنك إذا فعلت ذلك علمت ما جهلت وحفظت ما علمت. وقال معاذ بن جبل في التعليم والتعلم ورأيته أيضاً مرفوعاً "تعلموا العلم فإن تعلمه لله خشية، وطلبه عبادة، ومدارسته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وتعليمه من لا يعلمه صدقة، وبذله لأهله قربة، وهو الأنيس في الوحدة، والصاحب في الخلوة، والدليل على الدين، والمصبر على السراء والضراء، والوزير عند الأخلاء، والقريب عند الغرباء، ومنار سبيل الجنة، يرفع الله به أقواماً فيجعلهم في الخير قادة سادة هداة، يقتدي بهم، أدلة في الخير تقتص آثارهم وترمق أفعالهم وترغب الملائكة في خلتهم وبأجنحتها تمسحهم، وكل رطب ويابس لهم يستغفر حتى حيتان البحر وهوامه وسباع البر وأنعامه والسماء ونجومها، لأن العلم حياة القلوب من العمى. ونور الأبصار من الظلم، وقوة الأبدان من الضعف، يبلغ به العبد منازل الأبرار والدرجات العلى، والتفكر فيه يعدل بالصيام، ومدارسته بالقيام، به يطاع الله عز وجل وبه يعبد، وبه يوحد وبه يمجد، وبه يتورع، وبه توصل الأرحام وبه يعرف الحلال والحرام، وهو إمام والعمل تابعه، يلهمه السعداء ويحرمه الأشقياء. نسأل الله تعالى حسن التوفيق.