الفرق بين المراجعتين لصفحة: «كتاب الأم - المجلد الخامس4»

تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
تقييم الجودة
 
سطر 49:
صفحة : 1860
 
طالقا ولو شاء وهو سكران كانت طالقا لأن كلامه سكران كلام يقع به الحكم. وإذا قال لامرأته: أنت طالق واحدة بائنا فهي طالق واحدة يملك الرجعة ولا يكون البائن بائنأ مما ابتدأ من الطلاق إلا ما أخذ عليه جعلا كما لو قال لعبده: أنت حر ولا ولاء لي عليك كان حرا وله ولاؤه لأن قضاء النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} أن الولاء لمن أعتق وقضاء الله تبارك وتعالى: أن المطلق واحدة واثنتين يملك الرجعة في العدة فلا يبطل ما جعل الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم{{ص}} لامرىء بقول نفسه وإن قال لها: أنت طالق واحدة غليظة أو واحدة أغلظ أو أشد أو أفظع أو أعظم أو أطول أو أكبر فهي طالق واحدة لا أكثر منها ويكون الزوج في كلها يملك الرجعة لما وصفت. وإذا قال لامرأته: أنت طالق ثلاثا تقع في كل يوم واحدة كان كما قال. ولو وقعت عليها واحدة في أول يوم فإن ألقت حملا فبانت منه ثم جاء الغد ولا عدة عليها منه لم تقع الثانية ولا الثالثة. فإن قال: أنت طالق في كل شهر فوقعت الأولى في أول شهر ووقعت الآخرتان واحدة في كل شهر قبل مضي العدة وقعت الثلاث ولومضت العدة فوقع منهن شيء بعد مضي العدة لم يلزمها لأنه وقع وهي غير زوجة. ولو قال لها: أنت طالق ثلاثا كل سنة واحدة فوقعت الأولى فلم تنقض عدتها منها حتى راجعها فجاءت السنة الثانية وهي زوجة وقعت الثانية فإن راجعها في العدة وجاءت السنة الثالثة وقعت الثالثة وكذلك لو لم يراجعها في العدة ولكن نكحها بعد مضي العدة فجاءت السنة وهي عنده وقع الطلاق. ولو وقعت الأولى ثم جاءت السنة الثانية وهي غير زوجة ولا في عدة منه لم تقع الثانية. ولو نكحها بعده وجاءت السنة الثانية وهي عنده وقعت الثانية وإن نكحها بعده وجاءت السنة الثالثة وهي عنده وقعت الثالثة لأنها زوجة. ولو خالعها فكانت في عدة منه وجاءت سنة هي في عدة إلا أنه لا يملك رجعتها لم يقع عليها الطلاق في عدة لا يملك رجعتها فيها ولو قال لها: أنت طالق كلما مضت سنة فخالعها ثم مضت السنة الأولى وليست له بزوجة كانت في عدة منه أو في غير عدة لم يلزمه الطلاق لأن وقت الطلاق وقع وليست له بزوجة. فإن نكحها نكاحا جديدا فكلما مضت سنة من يوم نكحت وقعت تطليقة حتى ينقضي طلاق الملك كله. قال الربيع: وللشافعي قول آخر: أنه إذا خالعها ثم تزوجها لم يقع عليها الطلاق بمجيء السنة لأن هذا غير النكاح الأول. قال الشافعي لو قال لها: أنت طالق في كل شهر واحدة أو في مضي كل شهر واحدة ثم طلقها ثلاثا قبل أن يقع منهن شيء بعد ما وقع بعضهن ونكحت
 
سطر 81:
الخلع والنشوز
أخبرنا الربيع بن سليمان قال: أخبرنا محمد بن إدريس الشافعي قال: قال الله تبارك وتعالى: وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير قال الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب أن ابنة محمد بن مسلمة كانت عند رافع بن خديج فكره منها أمرا إما كبرا أو غيره فأراد طلاقها فقالت: لا تطلقني وأمسكني واقسم لي ما بدا لك فأنزل الله تعالى: وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا الآية. قال الشافعي وقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} هم بطلاق بعض نسائه فقالت: لا تطلقني ودعني يحشرني الله تعالى في نسائك وقد وهبت يومي وليلتي لأختي عائشة قال الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن هشام بن عروة عن أبيه أن سودة وهبت يومها لعائشة قال الشافعي أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} توفي عن تسع نسوة وكان يقسم لثمان. قال الشافعي وبهذا كله نأخذ والقرآن يدل على مثل معاني الأحاديث بأن بينا فيه إذا خافت المرأة نشوز بعلها أن لا بأس عليهما أن يصالحا ونشوز البعل عنها بكراهيته لها فأباح الله تعالى له حبسها على الكره لها فلها وله أن يصالحا وفي ذلك دليل على أن صلحها إياه بترك بعض حقها له. وقد قال الله عز وجل: وعاشروهن بالمعروف إلى خيرا كثيرا قال الشافعي فيحل للرجل حبس المرأة على ترك بعض القسم لها أو كله ما طابت به نفسا. فإذا رجعت فيه لم يحل له إلا العدل لها أو فراقها لأنها إنما تهب في المستأنف ما لم يجب لها فما أقامت على هبته حل وإذا رجعت في هبته حل ما مضى بالهبة ولم يحل ما يستقبل إلا بتجديد الهبة له. قال: وإذا وهبت له ذلك فأقام عند امرأة له أياما ثم رجعت استأنف العدل عليها وحل له ما مضى قبل رجوعها. قال: فإن رجعت ولا يعلم بالرجوع فأقام على ما حللته منه ثم علم أن قد رجعت استأنف العدل من يوم علم ولا بأس عليه فيما مضى. وإن قال: لا أفارقها ولا أعدل لها أجبر على القسم لها ولا يجبر على فراقها. قال: ولا يجبر على أن يقسم لها الإصابة وينبغي له أن يتحرى لها العدل فيها.
قال: وهكذا لو كانت منفردة به أو مع أمة له يطؤها أمر بتقوى الله تعالى وأن لا يضر بها في الجماع ولم يفرض عليه منه شيء بعينه إنما يفرض عليه ما لا صلاح لها إلا به من نفقة وسكنى وكسوة وأن يأوي إليها فأما الجماع فموضع تلذذ ولا يجبر أحد عليه. قال: ولو أعطاها مالا
سطر 90:
جماع القسم للنساء
قال الشافعي قال الله تبارك وتعالى: ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة. قال الشافعي سمعت بعض أهل العلم يقول قولا معناه ما أصف لن تستطيعوا أن تعدلوا إنما ذلك في القلوب فلا تميلوا كل الميل لا تتبعوا أهواءكم أفعالكم فيصير الميل بالفعل الذي ليس لكم فتذروها وما أشبه ما قالوا عندي بما قالوا لأن الله عز وجل تجاوز عما في القلوب وكتب على الناس الأفعال والأقاويل فإذا مال بالقول والفعل فذلك كل الميل قال الله عز وجل: قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم وقال في النساء: ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وقال وعاشروهن بالمعروف قال الشافعي وسن رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} القسم بين النساء فيما وصفت من قسمه لأزواجه في الحضر وإحلال سودة له يومها وليلتها. قال الشافعي ولم أعلم مخالفا في أن على المرء أن يقسم لنسائه فيعدل بينهن وقد بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} يقسم فيعدل ثم يقول: اللهم هذا قسمي فيما أملك وأنت أعلم بما لا أملك يعني والله أعلم قلبه وقد بلغنا أنه كان يطاف به محمولا في مرضه على نسائه حتى حللنه 1.
ID ' ' القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال
سطر 127:
ID ' ' ولا يكاد يقدر عليه.
وقال النووي في قوله صلى الله عليه وسلم{{ص}}: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن
العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر
سطر 137:
القسم للمرأة المدخول بها
قال الشافعي رحمه الله: أخبرنا مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} حين تزوج أم سلمة وأصبحت عنده قال لها: ليس بك على أهلك هوان إن شئت سبعت عندك وسبعت عندهن وإن شئت ثلثت عندك ودرت قال الشافعي أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج عن حبيب بن أبي ثابت أن عبد الحميد بن عبد الله بن أبي عمرو والقاسم بن محمد بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أخبراه أنهما سمعا أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام يحدث عن أم سلمة أنها أخبرته أنها لما قدمت المدينة أخبرتهم أنها ابنة أبي أمية بن المغيرة فكذبوها وقالوا: ما أكذب الغرائب حتى أنشأ أناس منهم الحج فقالوا: أتكتبين إلى أهلك فكتبت معهم فرجعوا إلى المدينة قالت: فصدقوني وازددت عليهم كرامة فلما حللت جاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} فخطبني فقلت له: ما مثلي نكح أما أنا فلا ولد في وأنا غيور ذات عيال قال: أنا أكبر منك وأما الغيرة فيذهبها الله تعالى وأما العيال فإلى الله ورسوله فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} فجعل يأتيها ويقول: أين زناب حتى جاء عمار بن ياسر فاختلجها. فقال: هذه تمنع رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} وكانت ترضعها فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} فقال: أين زناب فقالت قريبة بنت أبي أمية وواقفها عندما أخذها عمار بن ياسر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}}: إني آتيكم الليلة قالت: فقمت فوضعت ثقالي وأخرجت حبات من شعير كانت في جرة وأخرجت شحما فعصدته له أو صعدته شك الربيع قالت: فبات رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} وأصبح فقال حين أصبح: إن لك على أهلك كرامة فإن شئت سبعت لك إن أسبع أسبع لنسائي قال الشافعي أخبرنا مالك عن حميد عن أنس أنه قال: للبكر سبع وللثيب ثلاث قال الشافعي وحديث ابن جريج ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} وفيه دلالة على أن الرجل إذا تزوج البكر كان له أن يقيم عندها سبعا وإذا تزوج الثيب كان له أن يقيم عندها ثلاثا ولا يحسب عليه لنسائه اللاتي كن عنده قبلها فيبدأ من السبع ومن الثلاث. قال: وليس له في البكر ولا الثيب إلا إبقاؤهما هذا العدد إلا أن يحللاه منه. قال: وإن لم يفعل وقسم لنسائه عاد فأوفاهما هذا العدد كما
 
سطر 174:
سفر الرجل بالمرأة
قال الشافعي رحمه الله: أخبرني عمي محمد بن علي بن شافع عن ابن شهاب عن عبيد الله عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} إذا أراد سفرأ أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها قال الشافعي: فإذا كان للرجل نسوة فأراد سفرا فليس بواجب أن يخرج بهن ولا بواحدة منهن وإن أراد الخروج بهن أو ببعضهن فذلك له فإن أراد الخروج بواحدة أو اثنتين أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها ولم يكن له أن يخرج بغيرها وله أن يتركها إن شاء. وهكذا إن أراد الخروج باثنتين أو ثلاث لم يخرج بواحدة منهن إلا بقرعة فإن خرج بواحدة منهن بغير قرعة عليه أن يقسم لمن بقي بقدر مغيبه مع التي خرج بها.
قال: فإذا خرج بامرأة بالقرعة كان لها السفر خالصا دون نسائه لا يحتسب عليها ولا لهن من مغيبها معه في السفر منفردة شيء وسواء قصر سفره أو طال. قال: ولو أراد السفر لنقلة لم يكن له أن ينتقل بواحدة منهن إلا أوفى البواقي مثل مقامه معها. قال: ولو خرج مسافرا بقرعة ثم أزمع المقام لنقلة كان للتي سافر بها بالقرعة ما مضى قبل إزماعه المقام على النقلة وحسب عليها مقامه معها بعد النقلة فأوفى البواقي حقوقهن فيها. قال: ولو أقرع بين نسائه على سفر فخرج سهم واحدة فخرج بها ثم أراد سفرا قبل رجوعه من ذلك السفر كان ذلك كله كالسفر الواحد ما لم يرجع فإذا رجع فأراد سفرا أقرع. قال: ولو سافر بواحدة فنكح في سفره أخرى كان للتي نكح ما للمنكوحة من الأيام دون التي سافر بها ثم استأنف القسم بينهما بالعدد ولا يحسب لنسائه اللاتي خلف من الأيام التي نكح في سفره شيئأ لأنه لم يكن حيث يمكنه القسم لهن.
سطر 197:
نشوز المرأة على الرجل
قال الشافعي قال الله تبارك وتعالى: الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض إلى قوله: سبيلا قال الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن إياس بن عبد الله بن أبي ذياب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}}: لا تضربوا إماء الله قال: فأتاه عمر بن الخطاب فقال: يا رسول الله ذئر النساء على أزواجهم فأذن في ضربهن. فأطاف بآل محمد نساء كثير كلهن يشتكين أزواجهن فقال النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}}: لقد أطاف الليلة بآل محمد سبعون امرأة كلهن يشتكين أزواجهن ولا تجدون أولئك خياركم قال الشافعي في نهي النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} عن ضرب النساء ثم إذنه في ضربهن وقوله: لن يضرب خياركم يشبه أن يكون صلى الله عليه وسلم{{ص}} نهى عنه على اختيار النهي وأذن فيه بأن مباحا لهم الضرب في الحق واختار لهم أن لا يضربوا لقوله: لن يضرب خياركم قال: ويحتمل أن يكون قبل نزول الآية بضربهن ثم أذن لهم بعد نزولها بضربهن قال الشافعي وفي قوله: لن يضرب خياركم دلالة على أن ضربهن مباح لا فرض أن يضربن وتختار له من ذلك ما اختار رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} فنحب للرجل أن لا يضرب امرأته في انبساط لسانها عليه وما أشبه ذلك. قال الشافعي وأشبه ما سمعت والله أعلم في قوله: واللاتي تخافون نشوزهن أن لخوف النشوز دلائل فإذا كانت فعظوهن لأن العظة مباحة فإن لججن فأظهرن نشوزا بقول أو فعل فاهجروهن في المضاجع فإن أقمن بذلك على ذلك فاضربوهن وذلك بين أنه لا يجوز هجرة في المضجع وهو منهي عنه ولا ضرب إلا بقول أو فعل أو هما. قال: ويحتمل في تخافون نشوزهن إذا نشزن فأبن النشوز فكن عاصيات به أن تجمعوا عليهن العظة والهجرة والضرب. قال: ولا يبلغ في الضرب حدا ولا يكون مبرحا ولا مدميا ويتوقى فيه الوجه قال: ويهجرها في المضجع حتى ترجع عن النشوز ولا يجاوز بها في هجرة الكلام ثلاثا لأن الله عز وجل إنما أباح الهجرة في المضجع. والهجرة في المضجع تكون بغير هجرة كلام ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} أن يجاوز بالهجرة في الكلام ثلاثا قال: ولا يجوز لأحد أن يضرب ولا يهجر مضجعا بغير بيان نشوزها. قال: وأصل ما ذهبنا إليه من أن لا قسم للممتنعة من زوجها ولا نفقة ما كانت ممتنعة لأن الله تبارك وتعالى أباح هجرة مضجعها وضربها في النشوز والامتناع نشوز. قال: ومتى تركت النشوز لم تحل هجرتها ولا ضربها وصارت على حقها كما
 
سطر 240:
حبس المرأة علي الرجل يكرهها ليرثها
قال الشافعي قال الله تبارك وتعالى: يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها الآية. قال الشافعي يقال والله أعلم نزلت في الرجل يمنع المرأة حق الله تعالى عليه في عشرتها بالمعروف عن غير طيب نفسها ويحبسها لتموت فيرثها أو يذهب ببعض ما آتاها واستثنى إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وقيل: لا بأس بأن يحبسها كارها لها إذا أدى حق الله تعالى فيها لقول الله عز وجل: وعاشروهن بالمعروف قرأ إلى كثيرا قال: وقيل في هذه الآية دلالة على أنه إنما حرم عليه حبسها مع منعها الحق ليرثها أو يذهب ببعض ما آتاها قال: وإذا منعها الحق وحبسها وذهب ببعض ما آتاها فطلبته فهو مردود عليها إذا أقر بذلك أو قامت به بينة. قال الشافعي وقد قيل: فإن أتت عنده بفاحشة - وهي الزنا - فحبسها على منع الحق في القسم لا أن ضربها ولا منعها نفقة فأعطته بعض ما آتاها حل له أخذه وكانت معصيتها الله بالزنا ثم معصيته أكبر من معصيتها في غير الزنا وهي إذا عصته فلم تقم حدود الله لم يكن عليه جناح فيما افتدت به. قال: فإن حبسها مانعا لها الحق ولم تأت بفاحشة ليرثها فماتت عنده لم يحل له أن يرثها ولا يأخذ منها شيئا في حياتها فإن أخذه رد عليها وكان أملك برجعتها. وقيل: إن هذه الآية منسوخة وفي معنى: واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم إلى سبيلا فنسخت بآية الحدود: الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة فقال النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} خذوا عني خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام والثيب بالثيب الرجم فلم يكن على امرأة حبس يمنع به حق الزوجة على الزوج وكان عليها الحد قال: وما أشبه ما قيل من هذا بما قيل - والله أعلم - لأن لله أحكاما بين الزوجين بأن جعل له عليها أن يطلقها محسنة ومسيئة ويحبسها محسنة ومسيئة وكارها لها وغير كاره ولم يجعل له منعها حقها في حال.
ID ' ' الحديث.
سطر 258:
ما تحل به الفدية
قال الشافعي قال الله تبارك وتعالى: الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان إلى فيما افتدت به قال الشافعي أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة أن حبيبة بنت سهل أخبرتها أنها كانت عند أ ثابت بن قيس. بن شماس وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} خرج إلى صلاة الصبح فوجد حبيبة بنت سهل عند بابه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} من هذه قالت: أنا حبيبة بنت سهل يا رسول الله لا أنا ولا ثابت لزوجها فلما جاء ثابت قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} هذه حبيبة قد ذكرت ما شاء الله أن تذكر فقالت حبيبة: يا رسول الله كل ما أعطاني عندي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}}: خذ منها فأخذ منها وجلست في أهلها قال الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن حبيبة بنت سهل أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} في الغلس وهي تشكو شيئا ببدنها وهي تقول: لا أنا ولا ثابت بن قيس. فقالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} يا ثابت خذ منها فأخذ منها وجلست قال الشافعي فقيل - والله أعلم - في قوله تعالى: فإن خفتم أن لا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به أن تكون المرأة تكره الرجل حتى تخاف أن لا تقيم حدود الله بأداء ما يجب عليها له أو أكثره إليه ويكون الزوج غير مانع لها ما يجب عليه أو أكثره فإذا كانت هذا حلت الفدية للزوج وإذا لم يقم أحدهما حدود الله فليسا معا مقيمين حدود الله. وقيل: وهكذا قول الله عز وجل: فلا جناح عليهما فيما افتدت به إذا حل ذلك للزوج فليس بحرام على المرأة والمرأة في كل حال لا يحرم عليها ما أعطت من مالها وإذا حل له ولم يحرم عليها فلا جناح عليهما معا وهذا كلام صحيح جائز إذا اجتمعا معا في أن لا جناح عليهما وقد يكون الجناح على أحدهما دون الآخر. فلا يجوز أن يقال: فلا جناح عليهما وعلى أحدهما جناح. قال: وما أشبه ما قيل من هذا بما قيل لأن الله عز وجل حرم على الرجل إذا أراد استبدال زوج مكان زوج أن يأخذ مما آتاها شيئا. قال: وقيل: أن تمتنع المرأة من أداء الحق فتخاف على الزوج أن لا يؤدي الحق إذا منعته حقا فتحل الفدية. قال: وجماع ذلك أن تكون المرأة المانعة لبعض ما يجب عليها له المفتدية تحرجا من أن لا تؤدي حقه أو كراهية له فإذا كان هكذا حلت الفدية للزوج ولو خرج في بعض ما تمنعه من الحق إلى إيذائها بالضرب أجزت ذلك له لأن النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} قد أذن لثابت بأخذ الفدية من حبيبة وقد نالها
 
سطر 307:
ID ' ' ولا يكاد يقدر عليه.
وقال النووي في قوله صلى الله عليه وسلم{{ص}}: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن
العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر
سطر 466:
ولا يكاد يقدر عليه.
وقال النووي في قوله صلى الله عليه وسلم{{ص}}: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن
سطر 552:
العدد عدة المدخول بها التي تحيض
أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي: قال الله تبارك وتعالى: والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء قال: والأقراء عندنا - والله تعالى أعلم - الأطهار. فإن قال قائل: ما دل على أنها الأطهار وقد قال غيركم الحيض قيل له: دلالتان: أولهما الكتاب الذي دلت عليه السنة والأخر اللسان. فإن قال: وما الكتاب قيل: قال الله تبارك وتعالى: إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدلهن قال الشافعي رحمه الله تعالى: أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض في عهد النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} فسأل عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} عن ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}}: مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء أمسك بعد وإن شاء طلق قبل أن يمس فتلك العدة التي أمر الله عز وجل أن تطلق لها النساء قال الشافعي ما أخبرنا مسلم وسعيد بن سالم عن ابن جريج عن أبي الزبير أنه سمع ابن عمر يذكر طلاق امرأته حائضا وقال: قال النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} فإذا طهرت فليطلق أو ليمسك وتلا النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}}: إذا طلقتم النساء فطلقوهن لقبل عدتهن أو في قبل عدتهن قال الشافعي رحمه الله تعالى: أنا شككت. قال الشافعي فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} عن الله عز وجل أن. العدة الطهر دون الحيض وقرأ: فطلقوهن لقبل عدتهن أن تطلق طاهرا لأنها حينئذ تستقبل عدتها. ولو طلقت حائضا لم تكن مستقبلة عدتها إلا بعد الحيض فإن قال: فما اللسان قيل: القرء اسم وضع لمعنى فلما كان الحيض دما يرخيه الرحم فيخرج والطهر دم يحتبس فلا يخرج كان معروفا من لسان العرب القرء الحبس لقول العرب هو يقرى الماء في حوضه وفي سقائه وتقول العرب: هو يقري الطعام في شدقه يعني يحبس الطعام في شدقه. قال الشافعي رحمه الله: أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها انتقلت حفصه بنت عبد الرحمن حين دخلت في الدم من الحيضة الثالثة قال ابن شهاب فذكر ذلك لعمرة بنت عبد الرحمن فقالت: صدق عروة وقد جادلها في ذلك ناس فقالوا: إن الله تبارك اسمه يقول: ثلاثة قروء فقالت عائشة رضي الله تعالى عنها: صدقتم وهل تدرون ما الأقراء الأقراء الأطهار أخبرنا مالك عن ابن شهاب قال: سمعت أبا بكر بن عبد الرحمن يقول: ما أدركت أحدا من فقهائنا إلا وهو يقول هذا يريد الذي قالت عائشة أخبرنا سفيان عن الزهري عن عمرة بنت
 
سطر 563:
 
قال: وتصدق على ثلاث حيض في أقل من حاضت له امرأة قط وأقل ما علمنا من الحيض يوم وإن علمنا أن طهر امرأة أقل من خمس عشرة صدقنا المطلقة على أقل ما علمنا من طهر امرأة وجعلنا القول قولها. وكذلك إن كان يعلم منها أنها تذكر حيضها وطهرها وهي غير مطلقه على شيء فادعت مثله قبلنا قولها مع يمينها. وإن ادعت ما لم يكن يعرف منها قبل الطلاق ولم يوجد في امرأة لم تصدق إنما يصدق من ادعى ما يعلم أنه يكون مثله فأما من ادعى ما لم يعلم أنه يكون مثله فلا يصدق وإذا لم أصدقها فجاءت مدة تصدق في مثلها وأقامت على قولها قد حضت ثلاثا أحلفتها وخليت بينها وبين النكاح حين أن يمكن أن تكون صدقت ومتى شاء زوجها أن أحلفها ما انقضت عدتها فعلت. ولو رأت الدم من الحيضة الثالثة ساعة أو دفعة ثم ارتفع عنها يومين أو ثلاثا أو أكثر من ذلك فإن كانت الساعة التي رأت فيها الدم أو الدفعة التي رأت فيها الدم في أيام حيضها نظرنا فإن رأت صفرة أو كدرة ولم تر طهرا حتى تكمل يوما وليلة فهي حيض تخلو عدتها. بها من الزوج وان كانت في غير أيام الحيض فكذلك إذا أمكن أن يكون بين رؤيتها الدم الحيض قبله قدر طهر فإن كان أتى عليها من الطهر الذي يلي هذا الدم أقل ما يكون بين حيضتين من الطهر كان حيضا تنقضي فيه عدتها وتنقطع به نفقتها إن كان يملك الرجعة وتركت الصلاة في تلك الساعة وصلت إذا طهرت وتركت الصلاة إذا عاودها الدم. وإن كانت رأت الدم بعد الطهر الأول بيومين أو ثلاثا أو أكثر مما لا يمكن أن يكون طهرا لم تحل به من زوجها ولم تنقطع نفقتها ونظرنا أول حيض تحيضه فجعلنا عدتها تنقضي به وإن رأت الدم أقل من يوم. ثم رأت الطهر لم يكن حيضأ وأقل الحيض يوما وليلة.
والكدرة والصفرة في الحيض حيض ولو كانت المسألة بحالها فطهرت من حيضة أو حيضتين ثم رأت دما فطبق عليها فإن كان دمها ينفصل فيكون في أيام أحمر قانئآ محتدما وفي الأيام التي بعده رقيقأ قليلا فحيضها أيام الدم المحتدم الكثير وطهرها أيام الدم الرقيق القليل. وإن كان دمها مشتبها كله كان حيضها بقدر عدد أيام حيضها فيما مضى قبل الاستحاضة وإذا رأت الدم في أول الأيام التي أجعلها أيام حيضها في الحيضة الثالثة حلت من زوجها. قال الشافعي رحمه الله تعالى: جعل الله تبارك وتعالى عدة من تحيض من النساء ثلاثة قروء وعدة من لم تحض ثلاثة أشهر وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} المستحاضة أن تترك الصلاة في أيام حيضها إذا كان دمها ينفصل وفي قدر عدد أيام حيضها قبل أن يصيبها ما أصابها وذلك فيما
 
سطر 622:
عدة الحرة من أهل الكتاب عند المسلم والكتابي
قال الشافعي رحمه الله: والحرة والكتابية يطلقها المسلم أو يموت عنها مثل الحرة المسلمة في العدة والنفقة والسكنى لا يختلفان في شيء من العدة والنفقة والسكنى وجميع ما لزم المسلمة لازم لها من الإحداد وغير ذلك. وإن أسلمت في العدة قبل أن تكملها لم تستأنف وبنت على عدتها. وهكذا إن طلقها الكتابي أو مات عنها وإن أرادت أن تخرج في العدة كان للزوج حيا وورثته ميتا من منعها الخروج ما لهم من منع المسلمة لا يختلفان في شيء غير أنها لا ترث المسلم ولا يرثها.
قال الشافعي رحمه الله: قال الله عز وجل: والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا وقال: والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء وقال عز ذكره: واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن قال: فكان بينا في حكم الله عز ذكره: أن العدة من يوم يقع الطلاق وتكون الوفاة. قال: وإذا علمت المرأة يقين وفاة الزوج أو طلاقه ببينة تقوم لها على موته أو طلاقه أو أي علم صادق ثبت عندها اعتدت من يوم يكون الطلاق وتكون الوفاة وإن لم تعتد حتى تمضي عدة الطلاق والوفاة لم يكن عليها عدة لأن العدة إنما هي مدة تمر عليها فإذا مرت عليها فليس عليها مقام مثلها. قال: وإذا خفي ذلك عليها وقد استيقنت بالطلاق أو الوفاة اعتدت من يوم استيقنت أنها اعتدت منه. وقد روي عن غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} أنه قال: تعتد من يوم يكون الطلاق أو الوفاة أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء: الرجل يطلق امرأته أو يموت عنها وهو بمصر وهي بمصر آخر من أي يوم تعتد قال: من يوم مات أو طلقها تعتد. أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن داود بن أبي عاصم قال سمعت سعيد بن المسيب يقول: إذا قامت بينة فمن يوم طلقها أو مات عنها.
أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن ابن شهاب أنه قال في رجل طلق امرأته قال: تعتد من يوم طلقت. أخبرنا سعيد عن ابن أبي ذئب عن الزهري قال: المتوفى عنها تعتد من يوم مات والمطلقة من يوم طلفت.
سطر 633:
عدة الأمة
قال الشافعي رحمه الله: قال الله عز وجل العدد من الطلاق بثلاثة قروء وثلاثة أشهر ومن الوفاة بأربعة أشهر وعشر وذكر الله الطلاق للرجال باثنتين وثلاثة فاحتمل أن يكون ذلك كله على الأحرار والحرائر والعبيد والإماء واحتمل أن يكون ذلك على بعضهم دون بعض وكان عز وجل قد فرق في حد الزاني بين المماليك والأحرار فقال: الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة وقال في الإماء: فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب وقال في الشهادات: وأشهدوا ذوي عدل منكم فلم يختلف من لقيت أنها على الأحرار دون العبيد وذكر المواريث فلم يختلف أحد لقيته في أن المواريث للأحرار دون العبيد. ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} الثيب الحر الزاني ولم يختلف من لقيت أن لا رجم على عبد ثيب قال: وفرض الله عز وجل العدة ثلاثة قروء أو ثلاثة أشهر وفي الموت أربعة أشهر وعشرا وسن رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} أن تستبرأ الأمة بحيضة ففرق بين استبراء الأمة والحرة وكانت العدة في الحرائر استبراء وتعبدا وكذلك الحيضة في الأمة استبراء وتعبدا. قال الشافعي فلم أعلم مخالفا ممن حفظت عنه من أهل العلم: في أن عدة الأمة نصف عدة الحرة فيما كان له نصف معدود ما لم تكن حاملا فلم يجز إذ وجدنا ما وصفت من الدلائل على الفرق فيما ذكرنا وغيره بين عدة الأمة والحرة إلا أن تجعل عدة الأمة نصف عدة الحرة فيما له نصف وذلك الشهور. فأما الحيض فلا يعرف له نصف فتكون عدتها فيه أقرب الأشياء من النصف إذا لم يسقط من النصف شيء وذلك حيضتان ولو جعلناها حيضة أسقطنا نصف حيضة ولا يجوز أن يسقط عنها من العدة شيء. فأما الحمل فلا نصف له قد يكون يوما من يوم وقع عليها الطلاق وسنة وأكثر. كما لم يكن للقطع نصف فيقطع الحر والعبد والأمة والحرة. وكان للزنا حدان: أحدهما: الجلد فكان له نصف فجعل عليها النصف ولم يكن للرجم نصف فلم يجعل عليها ولم يبطل عنها حد الزنا وحدت بأحد حديه على الأحرار.
وبهذا مضت الآثار عمن روينا عنه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} قال الشافعي فإذا تزوجت الأمة الحر أو العبد فطلقها أو مات عنها فسواء والعدة بها تعتد إذا كانت ممن تحيض حيضتين إذا دخلت في الدم من الحيضة الثانية حلت وتعتد في الشهور خمسا وأربعين إذا كانت ممن لا تحيض من صغر أو كبر وتعتد في الوفاة شهرين وخمس ليال وفي الحمل أن تضع
 
سطر 721:
ولا يكاد يقدر عليه.
وقال النووي في قوله صلى الله عليه وسلم{{ص}}: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن
العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر
سطر 745:
عدة الوفاة
قال الشافعي رحمه الله تعالى: قال الله عز وجل: والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج الآية قال الشافعي حفظت عن غير واحد من أهل العلم بالقرآن أن هذه الآية نزلت قبل نزول آي المواريث وأنها منسوخة وحفظت أن بعضهم يزيد على بعض فيما يذكر مما أحكي من معاني قولهم وإن كنت قد أوضحت بعضه بأكثر مما أوضحوه به وكان بعضهم يذهب إلى أنها نزلت مع الوصية للوالدين والأقربين وأن وصية المرأة محددة بمتاع سنة وذلك نفقتها وكسوتها وسكنها وأن قد حظر على أهل زوجها إخراجها ولم يحظر عليها أن تخرج ولم يخرج زوجها ولا وارثه بخروجها إذا كان غير إخراج منهم لها ولا هي لأنها إنما هي تاركة لحق لها وكان مذهبهم أن الوصية لها بالمتاع إلى الحول والسكنى منسوخة بأن الله تعالى ورثها الربع إن لم يكن لزوجها ولد والثمن إن كان له ولد. وبين أن الله عز وجل أثبت عليها عدة أربعة أشهر وعشرا ليس لها الخيار في الخروج منها ولا النكاح قبلها قال: ودلت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} على أن عليها أن تمكث في بيت زوجها حتى يبلغ الكتاب أجله إلا أن تكون حاملا فيكون أجلها أن تضع حملها بعد أو قرب ويسقط بوضع حملها عدة أربعة أشهر وعشر. قال: وما وصفت من نسخ الوصية لها بالمتاع إلى الحول بالميراث ما لا اختلاف فيه من أحد علمته من أهل العلم وكذلك لا اختلاف علمته في أن عليها عدة أربعة أشهر وعشر وقول الأكثر من أهل العلم مع السنة أن أجلها إذا كانت حاملا وكل ذات عدة أن تضع حملها. قال: وكذلك قول الأكثر: بأن عليها أن تعتد في بيت زوجها وليس لها الخيار في أن تخرج مع الاستدلال بالسنة. قال: وكان قول الله عز وجل والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا يحتمل أن يكون على كل زوجة حرة وأمة حامل وغير حامل. واحتمل أن يكون على الحرائر دون الإماء وغير ذوات الحمل دون الحوامل. ودلت السنة على أنها على غير الحوامل من الأزواج وأن الطلاق والوفاة في الحوامل المعتدات سواء وأن أجلهن كلهن أن يضعن حملهن. ولم أعلم مخالفا في أن الأمة الحامل في الوفاة والطلاق كالحرة تحل بوضع حملها. أخبرنا مالك عن عبد ربه بن سعيد عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: سئل ابن عباس وأبو هريرة رضي الله تعالى عنهما عن المتوفى عنها زوجها وهي حامل. فقال ابن عباس: آخر الأجلين وقال أبو هريرة: إذا ولدت فقد حلت فدخل أبو سلمة على أم سلمة
 
صفحة : 1919
 
زوج النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} فسألها عن ذلك فقالت: ولدت سبيعة الأسلمية بعد وفاة زوجها بنصف شهر فخطبها رجلان أحدهما شاب والأخر كهل فخطبت إلى الشاب فقال الكهل: لم تحلل وكان أهلها غيبا ورجا إذا جاء أهلها أن يؤثروه بها فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} فقال: قد حللت فانكحي من شئت أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار أن عبد الله بن عباس وأبا سلمة اختلفا في المرأة تنفس بعد وفاة زوجها بليال فقال ابن عباس: آخر الأجلين وقال أبو سلمة إذا نفست فقد حلت قال فجاء أبو هريرة فقال أنا مع ابن أخي يعني أبا سلمة فبعثوا كريبا مولى ابن عباس إلى أم سلمة يسألها عن ذلك فجاءهم فأخبرهم أنها قالت: ولدت سبيعة الأسلمية بعد وفاة زوجها بليال فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} فقال لها: قد حللت فانكحي أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن المسور بن مخرمة أن سبيعة الأسلمية نفست بعد وفاة زوجها بليال فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} فاستأذنته في أن تنكح فأذن لها أخبرنا ابن عيينة عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن أبيه أن سبيعة بنت الحارث وضعت بعد وفاة زوجها بأيام فمر بها أبو السنابل بن بعكك بعد ذلك بأيام فقال: قد تصنعت للأزواج إنها أربعة أشهر وعشر فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} فقال: كذب أبو السنابل. وليس كما قال: إنك قد حللت فتزوجي أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه سئل عن المرأة يتوفى زوجها وهي حامل فقال ابن عمر: إذا وضعت حملها حلت: فأخبره رجل من الأنصار أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال: لو ولدت وزوجها على سريره لم يدفن لحلت. قال الشافعي ليس للمتوفى عنها نفقة حاملا كانت أو غير حامل. أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله أنه قال: ليس للمتوفى عنها زوجها نفقة حسبها الميراث. قال الشافعي وكذلك لو كانت مشركة أو مملوكة لا ترث لم يكن لها النفقة لأن ملكه عن المال قد انقطع بالموت وإذا وضعت المتوفى عنها جميع حملها حلت للأزواج مكانها ولم تنتظر أن تطهر وكان لها أن تنكح ولم يكن لزوجها أن يصيبها حتى تطهر. وهكذا هي إن كانت مطلقة وهكذا المعتدة من الطلاق إذا دخلت في الدم من الحيضة الثالثة حل لها أن تنكح ولم يكن لزوجها أن يصيبها حتى تطهر فإذا ولدت ولدا وكانت تجد حركة تخاف أن يكون ولدا ثانيا أو وضعت ثانيا وخافت أن تكون الحركة ولدا ثالثا لم تنكح حتى تعلم أن
 
سطر 779:
مقام المتوفى عنها والمطلقة في بيتها
قال الشافعي رحمه الله: قال الله تبارك وتعالى في المطلقات: لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة قال: فكانت هذه الآية في المطلقات وكانت المعتدات من الوفاة معتدات كعدة المطلقة فاحتملت أن تكون في فرض السكنى للمطلقات ومنع إخراجهن تدل على أن في مثل معناهن في السكنى ومنع الإخراج المتوفى عنهن لأنهن في معناهن في العدة.
قال: ودلت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} على أن على المتوفى عنها أن تمكث في بيتها حتى يبلغ الكتاب أجله واحتمل أن يكون ذلك على المطلقات دون المتوفى عنهن فيكون على زوج المطلقة أن يسكنها لأنه مالك ماله ولا يكون على زوج المرأة المتوفى عنها سكنها لأن ماله مملوك لغيره وإنما كانت السكنى بالموت إذ لا مال له والله تعالى أعلم. أخبرنا مالك عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة عن عمته زينب بنت كعب بن عجرة أن الفريعة بنت مالك بن سنان وهي أخت أبي سعيد الخدري أخبرتها أنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} تسأله: أن ترجع إلى أهلها في بني خدرة فإن زوجها خرج في طلب أعبد له أبقوا حتى إذا كان في طرف القوم لحقهم فقتلوه فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} أن أرجع إلى أهلي فإن زوجي لم يتركني في مسكن يملكه ولا نفقة. قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}}: نعم فانصرفت حتى إذا كنت في الحجرة أو في المسجد دعاني أو أمر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} فدعيت له فقال: كيف قلت قالت: فرددت عليه القصة التي ذكرت له من شأن زوجي. فقال: امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله قالت: فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشرا. قالت: فلما كان عثمان بن عفان رضي الله عنه أرسل إلي فسألني عن ذلك فأخبرته فاتبعه وقضى به. قال: وبهذا نأخذ. قال: وإذا طلق الرجل المرأة فلها سكناها في منزله حتى تنقضي عدتها ما كانت العدة حملا أو شهورا كان الطلاق يملك فيه الرجعة أو لا يملكها. قال: وإن كان المنزل بكراء فالكراء على الزوج المطلق أو في مال الزوج الميت ولا يكون للزوج المطلق إخراج المرأة من مسكنها الذي كانت تسكن معه كان له المسكن أو لم يكن ولزوجها إذا تركها فيما يسعها من المسكن وستر بينه وبينها أن يسكن فيما سوى ما يسعها. قال: وإن كان على زوجها دين لم يبع مسكنها فيما يباع من ماله حتى تنقضي عدتها.
سطر 785:
صفحة : 1924
 
قال: وهذا إذا كان قد أسكنها مسكنا له أو منزلا قد أعطى كراءه. قال: وذلك أنها قد ملكت عليه سكناها فيما يكفيها طلقها كما يملك من اكترى من رجل مسكنه سكنى مسكنه دون مالك الدار حتى ينقضي كراؤه. قال: فأما إن كان أنزلها منزلا عارية أو في كراء فانقضى أو بكراء لم يدفعه وأفلس فلأهل هذا كله أن يخرجوها منه وعليه أن يسكنها غيره إلا أن يفلس فإن أفلس ضربت مع الغرماء بأقل قيمة سكنى ما يكفيها بالغا ما بلغ واتبعته بفضله متى أيسر. قال: وهكذا تضرب مع الغرماء بنفقتها حاملا وفي العدة من طلاقه. قال: ولو كانت هذه المسائل كلها في موته كان القول فيها واحدا من قولين: أحدهما ما وصفت في الطلاق لا يخالفه. ومن قال هذا قال: وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} للفريعة: امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله دليل على أن للمتوفى عنها السكنى. قال: ويجعل لها السكنى في مال الميت بعد كفنه من رأس ماله ويمنع منزلها الذي تركها فيه أن يباع أو يقسم حتى تنقضي عدتها ويتكارى لها إن أخرجت من منزل كان بيده عارية أو بكراء. والقول الثاني: أن الاختيار لورثته أن يسكنوها وإن لم يفعلوا هذا فقد ملكوا المال دونه ولم يكن لها السكنى حين كان ميتا لا يملك شيئا ولا سكنى لها كما لا نفقة لها. ومن قال هذا قال: إن قول النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} امكثي في بيتك يحتمل ما لم تخرجي منه إن كان لغيرك لأنها قد وصفت أن المنزل ليس لزوجها. فإن كان لها المنزل أو للقوم فلم يخرجوها منه لم يجز أن تخرج منه حتى تنقضي عدتها.
قال: وإذا أسكنها ورثته فلهم أن يسكنوها حيث شاءوا لا حيث شاءت إذا كان موضعها حريزا ولم يكن لها أن تمتنع من ذلك. وإن لم يسكنوها اعتدت حيث شاءت من المصر قال: ولو كانت تسكن في منزل لها معه فطلقها وطلبت أن تأخذ كراء مسكنها منه كان لها في ماله أن تأخذ كراء أقل ما يسعها من المسكن فقط. قال: ولو كان نقلها إلى منزل غير منزله الذي كانت معه فيه ثم طلقها أو مات عنها بعد أن صارت في المنزل الذي نقلها إليه اعتدت في ذلك المنزل الذي نقلها إليه وأذن لها أن تنتقل إليه. ولو كان أذن لها في النقلة إلى منزل بعينه أو أمرها تنتقل حيث شاءت فنقلت متاعها وخدمها ولم تنتقل ببدنها حتى مات أو طلقها اعتدت في بيتها التي كانت فيه ولا تكون منتقلة إلا ببدنها. فإذا انتقلت ببدنها وإن لم تنتقل بمتاعها ثم طلقها أو مات عنها اعتدت في الموضع الذي انتقلت إليه بإذنه. قال: سواء أذن لها في منزل بعينه أو قال لها: انتقلي حيث شئت أو انتقلت بغير إذنه فأذن لها بعد في المقام في ذلك
سطر 829:
الإحداد
قال الشافعي رحمه الله تعالى: ذكر الله تعالى عدة الوفاة والطلاق وسكنى المطلقة بغاية إذا بلغتها المعتدة حلت وخرجت وجاءت السنة بسكنى المتوفى عنها كما وصفت ولم يذكر إحدادا فلما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} المتوفى عنها أن تحد كان ذلك كما أحكم الله عز وجل فرضه في كتابه وبين كيف فرضه على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم{{ص}} من عدد الصلوات والهيئة فيها فكان على المتوفى عنها والمطلقة عدة بنص كتاب الله تعالى. وللمطلقة سكن بالكتاب وللمتوفى عنها بالسنة كما وصفت وعلى المتوفى عنها إحداد بنص السنة.
وكانت المطلقة إذا كان لها السكنى وكان للمتوفى عنها بالسنة وبأنه يشبه أن يكون لها السكنى لأنهما معا في عدة غير ذواتي زوجين يشبه أن يكون على المعتدة من طلاق لا يملك زوجها عليه فيه الرجعة إحداد كهو على المتوفى عنها. وأحب إلي للمطلقة طلاقأ لا يملك زوجها فيه عليها الرجعة تحد إحداد المتوفى عنها حتى تنقضي عدتها من الطلاق لما وصفت وقد قاله بعض التابعين ولا يبين لي أن أوجبه عليها لأنهما قد يختلفان في حال وإن اجتمعا في غيره. قال الشافعي رحمه الله: أخبرنا مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن حميد بن نافع عن زينب بنت أبي سلمة أنها أخبرته بهذه الأحاديث الثلاثة: قال: قالت زينب: دخلت على أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} حين توفي أبو سفيان فدعت أم حبيبة بطيب فيه صفرة خلوق أو غيره فدهنت منه جارية ثم مست بعارضيها.
ثم قالت: والله ما لي بالطيب من حاجة غير أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} يقول: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا وقالت زينب: دخلت على زينب بنت جحش حين توفي أخوها عبد الله فدعت بطيب فمست منه ثم قالت: ما لي بالطيب من حاجة غير أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} يقول على المنبر: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا قالت زينب: وسمعت أمي أم سلمة تقول: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} فقالت: يا رسول الله إن ابنتي توفي عنها زوجها وقد اشتكت عينيها أفنكحلها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}}: لا مرتين أو ثلاثا كل ذلك يقول: لا ثم قال: إنما هي أربعة أشهر وعشرا وقد كانت إحداكن في الجاهلية ترمي بالبعرة
 
صفحة : 1930
 
على رأس الحول . قال حميد: فقلت لزينب: وما ترمي بالبعرة على رأس الحول قالت زينب: كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها دخلت حفشا ولبست شر ثيابها ولم تمس طيبا ولا شيئا حتى تمر بها سنة ثم تؤتى بدابة حمار أو شاة أو طير فتقبض به فقلما تقبض بشيء إلا مات ثم تخرج فتعطى بعرة فترمي بها ثم تراجع بعد ما شاءت من طيب أو غيره. قال الشافعي رحمه الله تعالى: الحفش البيت الصغير الذليل من الشعر والبناء وغيره والقبض أن تأخذ من الدابة موضعا بأطراف أصابعها والقبض الأخذ بالكف كلها. قال الشافعي وترمي بالبعرة من ورائها على معنى أنها قد بلغت الغاية التي لها أن تكون ناسية زمام الزوج بطول ما حدت عليه كما تركت البعرة وراء ظهرها. قال الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن صفية بنت أبي عبيد عن عائشة وحفصة أو عائشة أو حفصة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} قال: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تحد على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا قال الشافعي كان الإحداد على المتوفى عنهن الزوج في الجاهلية سنة فأقر الإحداد على المتوفى عنهن في عددهن وأسقط عنهن في غير عددهن ولم يكن الإحداد في سكنى البيوت فتسكن المتوفى عنها أي بيت كانت فيه جيد أو رديء وذلك أن الإحداد إنما هو في البدن وترك لزينة البدن وهو أن يدخل على البدن من غير شيء بزينة أو طيب معها عليها يظهر بها فتدعو إلى شهوتها فأما اللبس نفسه فلا بد منه. قال: فزينة البدن المدخل عليه من غيره الدهن كله في الرأس فلا خير في شيء منه طيب ولا غيره زيت ولا شبرق ولا غيرهما. وذلك أن كل الأدهان تقوم مقاما واحدا في ترجيل الشعر وإذهاب الشعر الشعث وذلك هو الزينة وإن كان بعضها أطيب من بعض. وهكذا رأيت المحرم يفتدي بأن يدهن رأسه ولحيته بزيت أو دهن طيب لما وصفت من الترجيل وإذهاب الشعث. قال: فأما بدنها فلا بأس أن تدهنه بالزيت وكل ما لا طيب فيه من الدهن كما لا يكون بذلك بأس للمحرم وإن كانت الحاد تخالف المحرم في بعض أمرها لأنه ليس بموضع زينة للبدن ولا طيب تظهر ريحه فيدعو إلى شهوتها فأما الدهن الطيب والبخور فلا خير فيه لبدنها لما وصفت من أنه طيب يدعو إلى شهوتها وينبه بمكانها وإنما الحاد من الطيب شيء أذنت فيه الحاد والحاد إذا مست الطيب لم يجب عليها فدية ولم ينتقص إحدادها وقد أساءت. قال: وكل كحل كان زينة فلا خير فيه لها مثل الاثمد وغيره مما يحسن موقعه في عينها فأما الكحل الفارسي وما أشبهه إذا احتاجت إليه فلا بأس
 
صفحة : 1931
 
لأنه ليس فيه زينة بل هو يزيد العين مرها وقبحها وما اضطرت إليه مما فيه زينة من الكحل اكتحلت به بالليل ومسحته بالنهار وكذلك الدمام وما أرادت به الدواء قال الشافعي أخبرنا مالك أنه بلغه أن النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} دخل على أم سلمة وهي حاد على أبي سلمة فقال: ما هذا يا أم سلمة فقالت يا رسول الله إنما هو صبر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} لا اجعليه بالليل وامسحيه بالنهار قال الشافعي الصبر يصفر فيكون زينة وليس يطيب وأذن لها أن تجعله بالليل حيث لا يراه أحد وتمسحه بالنهار قال الشافعي ولو كان في بدنها شيء لا يرى فجعلت عليه الصبر بالليل والنهار لم يكن بذلك بأس. ألا ترى أنه أذن لها فيه بالليل حيث لا يرى وأمرها بمسحه بالنهار. قال: وفي الثياب زينتان. إحداهما جمال الثياب على اللابس التي تجمع الجمال وتستر العورة. قال الله تعالى: خذوا زينتكم عند كل مسجد فقال بعض أهل العلم بالقرآن: الثياب فالثياب زينة لمن لبسها. وإذا أفردت العرب التزيين على بعض اللابسين دون بعض فإنما تقول تزين من زين التي هي الزينة بأن يدخل عليها شيء من غيرها من الصبغ خاصة ولا بأس أن تلبس الحاد كل ثوب وإن جاد من البياض لأن البياض ليس بمزين.
وكذلك الصوف والوبر وكل ما نسج على وجهه وكذلك كل ثوب منسوج على وجهه لم يدخل عليه صبغ من خز أو مروي إبريسم أو حشيش أو صوف أو وبر أو شعر أو غيره وكذلك كل صبغ لم يرد به تزيين الثوب مثل السواد وما أشبهه فإن من صبغ بالسواد إنما صبغه لتقبيحه للحزن وكذلك كل ما صبغ لغير تزيينه إما لتقبيحه وإما لنفي الوسخ عنه مثل الصباغ بالسدر وصباغ الغزل بالخضرة تقارب السواد لا الخضرة الصافية وما في مثل معناه. فأما كل صباغ كان زينة أو وشي في الثوب بصبغ كان زينة أو تلميع كان زينة مثل العصب والحبرة والوشي وغيره فلا تلبسه الحاد غليظا كان أو رقيقأ قال: والحرة الكبيرة المسلمة والصغيرة والذمية والأمة المسلمة في الإحداد كلهن سواء من وجبت عليه عدة الوفاة وجب عليه الإحداد لا يختلفن. ودلت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} على أن على المعتدة من الوفاة تكون بإحداد أن لا تعتد امرأة بغير إحداد لأنهن إن دخلن في المخاطبات بالعدة دخلن في المخاطبات بالإحداد. ولو تركت امرأة الإحداد في عدتها حتى تنقضي أو في بعضها كانت مسيئة ولم يكن عليها أن تستأنف إحدادآ لأن موضع الإحداد في العدة فإذا مضت أو مضى بعضها لم تعد لما مضى. قال الشافعي رحمه الله تعالى: ولو كان المتوفى عنها أو المطلقة مغمى عليها أو