الفرق بين المراجعتين لصفحة: «كتاب شرح قصيدة ابن القيم»
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
ط استبدال, replaced: قرآن مسيلمة → قرآن مسيلمة باستخدام الأوتوويكي براوزر |
|||
سطر 5:
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
رب يسر وأعن يا كريم
حمدا لك اللهم على ما منحت من الالهام وفتحت من الافهام وأزحت من الشكوك والاوهام ولطفت بنا في ركوب أعناق الكلام عن موجبات التوبيخ والملام وأوردتنا من مناهل كتابك الهدى وسنة رسولك المصطفى منهلا يشفي الاوام ويبرىء العلل والاسقام وأوضحت لنا في ظلمات الفلسفة نورا نستضيء به في حنادش ذلك الظلام وحفظتنا من خيالات المتصوفة وشطحاتهم الفظيعة ودعاويهم الطويلة العريضة التي هي كسراب بقيعة فعياذا بك اللهم من تلك المقالات ولياذا بك يا من لا نأمن تلك الضلالات التي هي رمد جفن الدين وكمد نفوس المهتدين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له شهادة يمسي بها العمل الصالح مرفوعا ويضحي بها الزلل الفاضح موضوعا وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله إلى الحق هاديا وبشيرا ونزل عليه الفرقان ليكون للعالمين نذيرا فهداهم به إلى الحق وهم في ضلال مبين وسلك بهم مسلك الهداية حتى أتاهم اليقين
وبعد فإن المنظومة المشهورة في الطريقة السنية والعقيدة الحنيفية
سطر 29:
قوله بسم الله الرحمن الرحيم
ابتدأ الناظم رحمه الله تعالى ب بسم الله الرحمن الرحيم اقتداء بالكتاب العزيز وتأسيا بالنبي
وقوله اقطع أي ناقص البركة وقد يكون غير معتد به وروى أبو داود من حديث ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله
تنبيه اختلف العلماء فيما اذا كان الكتاب كله شعرا فجاء عن الشعبي رحمه الله منع ذلك وعن الزهري رحمه الله قال مضت السنة أن لا يكتب في الشعر بسم الله الرحمن الرحيم وعن سعيد بن جبير رحمه الله جواز ذلك وتابعه على ذلك الجمهور
وقال الخطيب وهو المختار انتهى ولا سيما ان كان المنظوم من نفائس العلوم قال بعض العلماء الراجح عند الجمهور طلب البسملة في ابتداء الشعر ما لم يكن محرما او مكروها قال واما ما تعلق بالعلوم فمحل اتفاق
قوله بسم الله أي باسم مسمى هذا اللفظ الاعظم الموصوف بأوصاف الكمال فالباء متعلقة بمحذوف وتقديره فعلا خاصا مؤخرا اولى من تقديره اسما عاما مقدما أما اولوية كونه فعلا فلأنه الاصل في العمل وحينئذ فمحل الجار والمجرورالنصب على المفعولية بالفعل المقدر واما أولوية كونه خاصا فلأنه أدل على المطلوب فتقدير الف عند التأليف أولى من ابتدائي وكذا عند القراءة ونحو ذلك فيقدر عند كل أمر ما يناسبه واما أولوية تقديره مؤخرا فلأمرين احدهما الاهتمام بالابتداء باسم الله تعالى لفظا وتقديرا لانه تعالى يقدم ذاتا فقدم ذكرا ليوافق الاسم المسمى
والثاني لافادة التخصيص كما في قوله تعالى اياك نعبد واياك نستعين لا يقال الاولى ملاحظة قوله تعالى اقرأ بأسم ربك لانا نقول المطلوب الاهم ثم القراءة لانها أول ما نزل عليه
فائدة الاسم في المخلوق غير المسمى وفي حق الخالق تعالى لا غير ولا عين قال الامام المحقق ناظم هذه المنظومة في كتابه بدائع الفوائد اسماء الله الحسنى في القرآن من كلامه تعالى وكلامه غير مخلوق ولا يقال هي غيره ولا هي هو وهذا المذهب مخالف لمذهب المعتزلة الذين يقولون اسماؤه غيره وهي مخلوقة انتهى
و الله علم على ربنا سبحانه قال الكسائي والفراء أصله الاله حذفوا
سطر 79:
قوله فصلى الله وملائكته الخ الصلاة من الله تعالى الرحمة ومن الملائكة الاستغفار ومن غيرهم التضرع والدعاء بخير هذا هوالمشهور والجاري على ألسنة الجمهور ولم يرتض هذا الناظم في كتابه جلاء الأفهام و بدائع الفوائد وغيرهما ورده من وجوده منها أن الله تعالى غاير
بينهما في قوله تعالى صلوات من ربهم ورحمة البقرة 157 الثاني أنسؤال الرحمة يشرع لكل مسلم والصلاة تختص بالنبي
عطفا وحنوا تقول اللهم اعطف علينا أي ارحمنا قال الشاعر ... وما زلت في ليني له وتعطفي ... عليه كما تحنو على الولد الأم ...
سطر 85:
ولو اقتصر على أحدهما جاز من غير كراهة فقد جرى عليه جمع منهم مسلم في صحيحه خلافا للشافعية وفي كلام بعضهم لا اعلم أحدا نص على الكراهة حتى إن الامام الشافعي نفسه اقتصر على الصلاة دون التسليم في خطبة الرسالة والله اعلم
قوله وقد نضر الجبار تبارك وتعالى الخ يشير الى حديث عياض بن حمار المجاشعي الذي رواه مسلم في صحيحه أن رسول الله
أما بعد فإن الله جل ثناؤه وتقدست اسماؤه إذا اراد أن يكرم عبده بمعرفته ويجمع قلبه على محبته شرح صدره لقبول صفاته العلى وتلقيها من مشكاة الوحي فاذا ورد عليه شيء منها قابله بالقبول وتلقاه بالرضى والتسليم وأذعن له بالانقياد فاستنار به قلبه واتسع له صدره وأمتلأ به سرورا ومحبة فعلم أنه تعريف من تعريفات الله تعالى تعرف به إليه على لسان رسوله فأن نزل تلك الصفة من قبله منزلة الغداء اعظم ما كان إليه فاقة ومنزلة الشفاء أشد ما كان اليه حاجة فاشتد بها فرحه وعظم بها غناؤه وقويت بها معرفته واطمأنت إليها نفسه وسكن إليها قلبه فجال من المعرفة في ميادينها وأسام عين بصيرته في رياضها وبساتينها لتيقنه بأن شرف العلم تابع لشرف معلومه ولا معلوم أعظم وأجل ممن هذه صفته وهو ذو الاسماء الحسنى والصفات العلى وان شرفه أيضا
سطر 102:
مع الرسول سبيلا يا ويلتى ليتني لم اتخذ فلانا خليلا لقد اضلني عن الذكر بعد اذ جاءني وكان الشيطان للانسان خذولا الفرقان 27 29 شرع الناظم رحمه الله تعالى في حكاية مناظرة حصلت بينه وبين بعض المعطلة فقال
فصل
وكان من قدر الله وقضائه ان جمع مجلس المذاكرة بين مثبت للصفات والعلو وبين معطل لذلك فاستطعم المعطل المثبت الحديث استطعام غير جائع اليه ولكن غرضه عرض بضاعته عليه فقال له ما تقول في القرآن ومسألة الاستواء فقال المثبت نقول فيها ما قاله ربنا تبارك وتعالى وما قاله نبينا
والكلام في الصفات كالكلام في الذات فكما أنا نثبت ذاتا لا تشبه الذوات فكذلك نقول في صفاته انها لا تشبه الصفات فليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله فلا تشبه صفات الله بصفات المخلوقين ولا نزيل عنه سبحانه صفة من صفاته لاجل شناعة
المشنعين وتلقيب المفترين كما أنا لا نبغض اصحاب رسول الله
... فان كان تجسيما ثبوت صفاته ... فاني بحمد الله لها مثبت ...
الى
سطر 115:
...
فصل
وأما القرآن فاني اقول إن كلام الله منزل غير مخلوق منه بدأ واليه يعود تكلم الله به صدقا وسمعه منه جبريل حقا وبلغه محمدا
سقر ومن قال ليس لله بيننا في الارض كلام فقد جحد رسالة محمد
كمن له كنصر وسمع كمونا استخفى واكمنته والكمين كأمير القوم يكمنون في الحرب
ومن الجوائف والمنقلات قوله ومن الجوائف هي جمع جائفة وهي طعنة تبلغ الجوف قوله ومن المنقلات جمع منقلة وهي ما توضح العظم وتهشمه وتنقل عظامه دفائنها وقوى الله جأش عقد المثبت وثبت قلبه ولسانه وشيد بالسنة المحمدية بنيانه فسعى في عقد مجلس بينه وبين خصومه عند السلطان وحكم على نفسه كتب شيوخ القوم السالفين وأئمتهم المتقدمين وانه لا يستنصر من اهل مذهبه بكتاب ولا انسان وانه جعل بينه وبينكم اقوال من قلدتموه ونصوص من على غيره من الائمة قدمتموه وصرخ المثبت بذلك بين ظهرانيهم حتى بلغه دانيهم لقاصيهم فلم يذعنوا لذلك واستعفوا من عقدة فطالبهم المثبت بواحدة من خلال ثلاث مناظرة في مجلس عالم على شريطة العلم والانصاف تحضر فيه النصوص النبوية والاثار السلفية وكتب ائمتكم المتقدمين من اهل العلم والدين فقيل لهم لا مراكب لكم تسابقون بها في هذا الميدان وما لكم بمقاومة فرسانه يدان فدعاهم الى مكاتبته فيما يدعوه اليه فإن كان حقا قبله وشكركم عليه وان كان غير ذلك سمعتم جواب المثبت وتبين لكم حقيقة ما لديه فأبوا ذلك اشد الاباء وا ستعفوا غاية الاستعفاء فدعاهم الى القيام بين الركن والمقام قياما في موقف الابتهال حاسري الرؤوس نسأل الله ان ينزل بأسه بأهل البدع والضلال وظن المثبت والله أن القوم يديبونه إلى هذا فوطن نفسه عليه غاية التوطين وبات يحاسب نفسه ويعرض ما يثبته وينفيه عن كلام رب العالمين وعلى سنة خاتم الانبياء والمرسلين ويتجرد من كل هوى يخالف الوحي المبين ويهوي بصاحبه الى أسفل سافلين فلم يجيبوا الى ذلك ايضا واتوا من
الاعتذار بما دله على أن القوم ليسوا من اولي الأبدي والابصار فحينئذ شمر المثبت عن ساق عزمه وعقد لله مجلسا بينه وبين خصمه يشهده القريب والبعيد ويقف على مضمونه الذكي والبليد وجعله عقد مجلس التحكيم بين المعطل الجاحد والمثبت المرمي بالتجسيم وقد خاصم في هذا المجلس بالله وحاكم إليه وبرىء الى الله من كل هوى وبدعة وضلالة وتحيز إلى فئة غير رسول الله
فصل
سطر 140:
المثل العاشر منهل المعطل كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءا حتى إذا جاءه لم يجده شيئا فرجع خاسئا حسيرا ومشرب المشبه من ماء قد تغير طعمه ولونه وريحه بالنجاسة تغييرا ومشرب الموحد من كأس كان مزاجها كافورا عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا
وقد سميتها ب الكافيةالشافية في الانتصار للفرقة الناجية وهذا حين الشروع في المحاكمة والله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
قوله أما بعد أي أما بعد ما ذكر من حمد الله والصلاة والسلام على رسوله أما نائبة عن مهما ولتضمنها معنى الشرط لزمت الفاء في جوابها و بعد من الظروف المبينة ما لم تضف لفظا ومعنى أو ينوى ثبوت لفظ المضاف إليها أو تقطع عن الإضافة رأسا فتعرب حينئذ في الثلاثة وإن حذف المضاف إليها ونوي ثبوت معناه على الضم وهذه الكلمة يؤتى بها للإنتقال من أسلوب إلى غيره أي بعد البسملة والحمدلة والصلاة والسلام على رسول الله
ويستحب الإتيان بها في الخطب والمكاتبات لأن النبي
واختلف في اول من نطق بها فقيل داود عليه السلام وعن الشعبي أنها فصل الخطاب الذي أوتيه لأنها تفصل بين المقدمات والمقاصد وقيل أول من نطق بها يعقوب وقيل أيوب وقيل سليمان عليهم السلام
سطر 200:
اذا دبران منك يوما لقيته ... أؤمل أن ألقاك غدوا بأسعد ...
قال دبران علم على الكوكب الذي بدبر الثريا وهو خمسة كواكب في الثور يقال انها سنامه الى أن قال والحاصل ان ذكر الدبران التي هي علم للكواكب الخمسة وكنى بها عن الادبار الذي هو ضد الاقبال والسعد وذكر الاسعد التي هي سعود النجوم وكنى بها عن السعد الذي هو ضد النحس والمعنى اذا رأيت منك ادبارا يوما يعني شيئا أكرهه فلا أقطع رجائي منك ولكن أؤمل حصول خيرك من بعد ذلك بأن ألقاك في سعد وإقبال انتهى أي لان هذه العروس جاءت من الشام وألجائي من الشام يتيمم جهة مطلع سعد السعود لانه في جهة الجنوب ولو استدل بالدبران لما اهتدى ويحتمل أن مراد الناظم التفاؤل باسم سعد السعود لان النبي
... وعدت بزورتها فأوفت بالذي ... وعدت وكان بملتقى الاجفان ... لم يفجأ المشتاق الا وهي دا ... خلة الستور بغير ما استئذان ... قالت وقد كشفت نقاب الحسن ما ... بالصبر لي عن ان أراك يدان ... فتحدثت عندي حديثا خلته ... صدقا وقد كذبت به العينان ... فعجبت منه وقلت من فرحي به ... طمعا ولكن المنام دهاني ... ان كنت كاذبة الذي حدثتني ... فعليك إثم الكاذب الفتان ... جهم بن صفوان وشيعته الالى ... جحد واصفات الخالق الديان
سطر 219:
كان عرشه قبل الماء قلت لا اعلم قال أبو عبد الله وذلك لقوله ولا يحيطون بشيء من علمه الا بما شاء البقرة 255 يعني إلا بما بين وقال محمد بن يوسف من قال ان الله ليس على عرشه فهو كافر ومن زعم أن الله لم يكلم موسى فهو كافر وقيل لمحمد بن يوسف ادركت الناس فهل سمعت أحدا يقول القرآن مخلوق فقال الشيطان تكلم بهذا ومن تكلم في هذا والجهمي كافر وقال ابن المبارك لا نقول كما قال الجهمية ان الله في الارض ههنا بل على العرش استوى وقيل له كيف نعرف ربنا قال فوق سماواته على عرشه وقال لرجل منهم أبطنك خال منه فبهت الآخر وقال سعيد بن عامر الجهمية شر قولا من اليهود والنصارى قد اجمعت اليهود والنصارى وأهل الاديان على ان الله على العرش وقالوا هم ليس على العرش وقال حماد بن زيد القرآن كلام الله نزل به جبريل ما يحاولون الا انه ليس في السماء إله وقال علي ان الذين قالوا ان لله ولدا أكفر من الذين قالوا إن الله لا يتكلم وقال احذر من المريسي واصحابه فان كلامهم اشتمل على الزندقة وأنا كلمت استاذهم جهما فلم يثبت لي أن في السماء إلها وقال الفضيل بن عياض اذا قال لك الجهمي انا أكفر برب يزول عن مكانه فقل انا أؤمن برب يفعل ما يشاء وحدثني ابو جعفر قال سمعت الحسن بن موسى الاشيب فنال منهم ثم قال دخل رأس من رؤساء الزنادقة يقال له شمعلة على المهدي فقال دلني على اصحابك فقال أصحابي اكثر من ذلك فقال دلني عليهم فقال صنفان ممن ينتحل القبلة الجهمية والقدرية الجهمي اذا غلا قال ليس ثم شيء وأشار الاشيب الى السماء والقدري إذا غلا قال هما اثنان خالق خير وخالق شر فضرب عنقه وصلبه قال وكيع الرافضة شر من القدرية والحرورية شر منهما والجهمية شر هذه الاصناف قال الله وكلم الله موسى تكليما النساء 164
يقولون لم يتكلم ويقولون الايمان بالقلب قال ابن عباس لما كلم الله موسى كان النداء من السماء وكان الله في السماء وقال عن النبي
الكلام على قول الناظم رحمه الله تعالى جهم بن صفوان وشيعته الألى والألى اسم موصول بمعنى الذين جحدوا صفات الخالق الديان المعنى ان جهما وشيعته جحدوا صفات البارىء سبحانه وتعالى عن قولهم والجهم هو أعظم الناس نفيا للصفات بل وللاسماء الحسنى قوله من جنس قول الباطنية القرامطة حتى ذكروا عنه أنه لا يسمي الله شيئا ولا غير ذلك من الاسماء التي يسمى بها المخلوق لان ذلك بزعمه من التشبيه الممتنع وهذا قول القرامطة الباطنية وحكي عنه أنه لا يسميه إلا قادرا فاعلا لان العبد عنده ليس بقادر ولا فاعل إذا كان هو رأس المجبرة
سطر 232:
أولئك قالوا قبح الله مقالتهم إن الله موجود بكل مكان وهؤلاء يقولون ليس هو في مكان ولا يوصف بأين وقد قال المبلغ عن الله لجارية معاوية بن الحكم أين الله وقالوا هو من فوق كما هو من تحت لا يدري أين هو ولا يوصف بمكان وليس هو في السماء وليس هو في الأرض وأنكروا أي الجهة والحد وقال أولئك ليس له كلام إنما خلق كلاما وهؤلاء يقولون تكلم مرة فهو متكلم به منذ تكلم لم ينقطع الكلام ولا يوجد كلامه في موضع ليس هو به ثم قالوا ليس هو صوت ولا حروف وقالوا هذا زاج وورق وهذا صوف وخشب وهذا إنما قصد به النقش وأريد به النقر وهذا صوت القارئ أما ترى أن منه خسنا ومنه قبيحا وهذا لفظه أما تراه يجازي به حتى قال رأس من رؤوسهم أو يكون قرآن من لبد وقال آخر من خشب فراغوا فقالوا هذا حكاية عبر بها عن القرآن والله تكلم مرة ولا يتكلم بعد ذلك ثم قالوا غير مخلوق ومن قال مخلوق فهو كافر وهذا من فخوخهم يصطادون به قلوب عوام أهل السنة وإنما إعتقادهم أن القرآن غير موجود لفظته الجهمية الذكور بمرة والأشعرية الإناث بعشر مرات وأؤلئك قالوا لا صفة وهؤلاء يقولون وجه كما يقال وجه النهار ووجه الأمر ووجه الحديث وعين كعين المتاع وسمع كأذن الجدار وبصر كما يقال جدارهما يتراءيان ويد كيد المنة والعطية والأصابع كقولهم خراسان بين إصبعي الأمير والقدمان كقولهم جعلت الخصومة تحت قدمي والقبضة كما قيل فلان في قبضتي أي أنا أملك أمره وقالوا الكرسي العلم والعرش الملك والضحك الرضى والإستواء الاستيلاء والنزول القبول والهرولة متله فشبهوا من وجه وأنكروا من وجه وخالفوا السلف وتعدوا الظاهر وردوا الأصل
ولم يثبتوا شيئا ولم ينفوا موجودا ولم يفرقوا بين التفسير والعبارة بالألسنة فقالوا لا نفسرها نجربها عربية كما وردت وقد تأولوا وا تلك التأويلات الخبيثة أرادوا بهذه المخرقة أن يكون عوام المسلمين أبعد غيابا وأعيا ذهابا منها ليكونوا أوحش عند ذكرها وأشمس عند سماعها وكذبوا بل التفسير أن يقال وجه ثم يقال كيف وليس كيف في هذا الباب من مقال المسلمين فأما العبارة فقد قال الله تعالى وقالت اليهود يد الله مغلولة المائدة 64 وإنما قالوا هم بالعبرانية فحكاها عنهم بالعربية وكان يكتب رسول الله
طالب آثاره ولا متتبع أخباره ولا مناضل عن سنته ولا هو راغب في أسوته يتقلب بمرتبة العلم وما عرف حديثا واحدا تراه يهزأ بالدين ويضرب له الأمثال ويتلعب بأهل السنةويخرجهم اصلا من العلم لا تنقر لهم عن بطانة إلا خانتك ولا عن عقيدة الا أرابتك ألبسوا ظلمة الهزء وسلبوا هيبة الهدى فتنبو عنهم الأعين وتشمئز منهم القلوب انتهى قوله ولأجل ذا ضحى بجعد خالد القسري الخ أي ولأجل إنكار الخلة والكلام ضحى خالد بن عبد اله القسري بالجعد بن درهم يوم الأضحى ولهذا قال الناظم رحمه الله تعالى ... شكر الضحية كل صاحب سنة ... لله درك من أخي قربان ...
سطر 246:
لكن يعاقبه على أفعاله ... فيه تعالى الله ذو الإحسان ... والظلم عندهم المحال لذاته ... أنى ينزه عنه ذو السلطان ... ويكون مدحا ذلك التنزيه ما ... هذا بمعقول لذي الأذهان ...
أي والعبد عند الجهمية ليس بفاعل بل هو مجبور على أفعاله ولذلك قال الناظم بل فعله كتحرك الرجفان أو تحرك الأشجار عند عند هبوب الريح وقوله المحال لذاته وذلك كالجمع بين الضدين وجعل الجسم الواحد في مكانين وأما المحال لغيره فهو كإيمان من علم الله تعالى أنه لا يؤمن وذلك لأن الله تعالى أنزل الكتب وبعث الرسل بطلب الإيمان والاسلام من كل واحد وكلفهم ذلك وعلم أن بعضهم لا يؤمن وفي الحديث القدسي حديث أبي ذر في صحيح مسلم عن رسول الله
الظلم من ألآدميين بعضهم لبعض وشبهوه ومثلوه بالافعال بأفعال عباده حتى كانوا ممثلة الافعال وضربوا لله الامثال ولم يجعلوا له المثل الاعلى بل أوجبوا عليه وحرموا ما رأوا أنه يجب على العباد ويحرم بقياسه على العباد وإثبات حكم في الاصل بالرأي وقالوا عن هذا إذا أمر العبد ولم يعنه بجميع ما يقدر عليه من وجوه الاعانة كان ظالما له فالتزموا أنه لا يقدر على أن يهدي ضالا كما قالوا إنه لا يقدر أن يضل مهتديا وقالوا عن هذا إذا أمر اثنين بأمر واحد وخص أحدهما بإعانته على فعل المأمور كان ظالما إلى أمثال ذلك من الأمور التي هي من باب الفضل والإحسان جعلوا تركه له ظلما وكذلك ظنوا أن التعذيب لمن قام به سبب استحقاق ذلك ومن لم يقم وان كان ذلك الاستحقاق قد خلقه لحكمة أخرى عامة أو خاصة وهذا الموضع زلت فيه أقدام وضلت فيه أفهام فعارض هؤلاء أخرون من أهل الكلام المثبتين للقدر فقالوا ليس للظلم منه حقيقة يمكن وجودها بل هو من الامور الممتنعة لذاتها فلا يجوز أن يكون مقدورا ولا أن يقال إنه تارك له باختياره ومشيئته وإن ما هو من باب الجمع بين الضدين وجعل الجسم الواحد في مكانين وقلب القديم محدثا والمحدث قديما وإلا فمهما قدر وجوده في الذهب وكان وجوده ممكنا والله قادر فليس بظلم سواء فعله أو لم يفعله وتلقي هذا القول عن هذه الطوائف من أهل الاثبات من الفقهاء وأهل الحديث من أصحاب مالك والشافعي وأحمد وغيرهم وربما تعلقوا بظاهر أقوال مأثورة كما روينا عن إياس بن معاوية أنه قال ما ناظرت أحدا بعقلي كله إلا القدرية قلت لهم ما الظلم قالوا أن تأخذ ما ليس لك أو تتصرف فيما ليس لك قلت فلله كل شيء وهذا ما إياس ليبين أن التصرفات الواقعة في ملكه فلا يكون ظلما بموجب حدهم وهذا لانزاع بين أهل
الاثبات فيه فانهم متفقون مع الايمان بالقدر على ان كل ما فعله الله فهو عدل وفي حديث الكرب الذي رواه الامام أحمد عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله
عن الممكنات والمقدورات فان مثل هذا إذا لم يكن وجوده ممكنا حتى تقولا إنه غير مقدور ولو أراده لخلق المثل فكيف يعقل وجوده فضلا عن أن يتصور خوفه حتى ينفى خوفه ثم أي فائدة في نفي خوف هذا وقد علم من سياق الكلام أن المقصود بيان أن هذا العامل المحسن يجزى على حسناته بلا ظلم ولا هضم فعلم ان الظلم المنفي يتعلق بالجزاء كما ذكره أهل التفسير وأن الله لا يجزيه الا بعمله
المسألة الثانية ان الناس لهم في افعال الله باعتبار ما يصلح منه وما يجوز منه وما لا يجوز منه ثلاثة اقوال طرفان ووسط فالطرف الواحد طرف القدرية وهم الذين حجروا عليه أن لا يفعل إلا ما ظنوا بعقولهم أنه الجائز له حتى وضعوا له شريعة التعديل والتجويز فأوجبوا عليه بعقولهم امورا كثيرة وحرموا عليه بعقولهم أمورا كثيرة لا بمعنى أن العقل آمر له وناه فإن هذا لا يقوله عاقل بل بمعنى ان تلك الافعال علم بالعقل وجوبها وتحريمها ولكن أدخلوا في ذلك من المنكرات ما بنوه على تكذيبهم بالقدر وتوابع ذلك والطرف الثاني طرف الغلاة في الرد عليهم وهم الذين قالوا لا ينزه الله عن فعل من الافعال ولا يعلم وجه امتناع جعل منه الا من جهة خبره أنه لا يفعله المطابق لعلمه أنه لا يفعله وهؤلاء منعوا حقيقة ما أخبر من أنه كتب على نفسه الرحمة وحرم على نفسه الظلم قال تعالى وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة الانعام 54 وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي
كتب هذا على نفسه وحرم هذا على نفسه كما لو أخبر عن كائن من كان أنه يفعل كذا أولا يفعل كذا لم يكن في هذا بيان لكونه محمودا ممدوحا على فعل هذا وترك هذا ولا في ذلك ما يبين قيام المقتضي لهذا والمانع من هذا فإن الخبر المصفى كاشف عن المخبر عنه ليس فيه بيان ما يدعو الى الفعل ولا الى الترك بخلاف قوله كتب على نفسه الرحمة وحرم على نفسه الظلم فان التحريم مانع من الفعل وكتابته على نفسه داعية من الفعل وهذا بين واضح اذ ليس المراد بذلك مجرد كتابته أنه يفعل وهو كتابة التقدير كما ثبت في الصحيح انه قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والارض بخمسين الف سنة وعرشه على الماء فانه قال كتب على نفسه الرحمة ولو أريد كتابة التقدير لكان قد كتب على نفسه الغضب كما كتب على نفسه الرحمة إذ كان المراد مجرد الخبر عما سيكون ولكان قد حرم على نفسه كل ما لم يفعله من الاحسان كما حرم الظلم ففرق بين فعله سبحانه وبين ما هو مفعول مخلوق له وليس في مخلوقه ما هو ظلم منه وان كان بالنسبة الى فاعله الذي هو الانسان هو ظلم كما أن أفعال الانسان هي بالنسبة أليه تكون سرقة وزنا وصلاة وصوما والله تعالى خالقها بمشيئته وليس بالنسبة أليه كذلك إذ هذه الاحكام هي للفاعل الذي قام به هذا الفعل كما أن الصفات هي صفات للموصوف الذي قامت به لا للخالق الذي خلقها وجعلها صفات والله تعالى خالق كل صانع وصنعته كما جاء ذلك في الحديث وهو خالق كل موصوف وصفته
سطر 276:
لام التعليل داخلة في أفعال الله واحكامه والقاضي ابو يعلى وابو الحسن ابن الزعفراني ونحوهما من اصحاب احمد وإن كانوا قد يقولون بالأول فهم يقولون بالثاني أيضا في غير موضع وكذلك امثالهم من الفقهاء أصحاب مالك والشافعي وغيرهما واما ابن عقيل في بعض المواضع والقاضي ابو حازم ابن القاضي ابي يعلي وابو الخطاب فيصرحون بالتعليل والحكمة في أفعال الله موافقة لمن قال ذلك من اهل النظر والحنفية هم من أهل السنة القائلين بالقدر وجمهورهم يقولون بالتعليل والمصالح والكرامية وامثالهم هم أيضا من القائلين بالقدر والمثبتين لخلافة الخلفاء المفضلين لأبي بكر وعمر وعثمان وهم ايضا يقولون بالتعليل والحكمة وكثير من أصحاب مالك والشافعي وأحمد يقولون بالتعليل والحكمة بل وبالتحسين والتقبيح العقليين كأبي بكر القفال وأبي علي ابن أبي هريرة وغيرهم من أصحاب الشافعي وأبي الحسن التميمي وأبي الخطاب من اصحاب أحمد انتهى كلامه قوله وكلامه مذ كان الخ أي إن كلام الله غيره عندهم وما كان غير الله فهو مخلوق بائن عنه خلقه الله في بعض الاجسام نحو ذلك الجسم ابتداء ولا يقوم عندهم بالله كلام بل ولا ارادة قول وقد حقق الناظم رحمه الله تعالى ذلك بما يزيل اللبس والايهام فقال في كتابه بدائع الفوائد اللفظ المؤلف من الزاء والياء والدال مثلا له حقيقة متميزة متحصلى فاستحق ان يوضع له لفظ يدل عليه لانه شيء موجود في اللسان مسموع الآذان فاللفظ المؤلف من همزة الوصل والسين والميم عبارة عن اللفظ المؤلف من الزاي والياء والدال مثلا واللفظ المؤلف من الزاء والياء والدال عبارة عن الشخص الموجود في الاعيان والاذهان وهو المسمى والمعنى واللفظ الدال عليه هو الاسم وهذا اللفظ ايضا قد صار مسمى من حيث كان لفظ الهمزة والسين والميم عبارة عنه فقد بان لك أن الاسم في أصل الوضع ليس
هو المسمى ولهذا تقول سميت هذا الشخص بهذا الاسم كما تقول حليته بهذه الحلية فالحلية غير المحلى فكذلك الاسم غير المسمى وقد صرح بذلك سيبويه وأخطأ من نسب إليه غير هذا وادعى أن مذهبه اتحادهما قال الناظم وما قال نحوي قط ولا عربي ان الاسم هو المسمى ويقولون أجل مسمى ولا يقولون أجل اسم ويقولون مسمى هذا الاسم كذا ولا يقول أحد اسم هذا الاسم كذا ويقولون بسم الله ولا يقولون بمسمى الله وقال رسول الله
وصفاته وأسماؤه داخلة في مسمى اسمه وان كان لا يطلق على الصفة أنها إله يخلق ويرزق فليست صفاته وأسماؤه غيره وليست هي نفس الاله وبلاء القوم من لفظه الغير فانها يراد بها معنيان أحدهما المغاير لتلك الذات المسمات بالله وكل ما غاير الله مغايرة محضة بهذا الاعتبار فلا يكون الا مخلوقا ويراد به مغايرة الصفة للذات اذا جردت عنها فاذا قيل علم الله وكلام الله غيره بمعنى أنه غير الذات المجردة عن العلم والكلام كان المعنى صحيحا ولكن الاطلاق باطل فاذا اريدان العلم والكلام مغاير لحقيقتة المختصة التي امتاز بها عن غيره كان باطلا لفظا ومعنى وبهذا أجاب اهل السنة المعتزلة القائلين بخلق القرآن وقالوا كلامه تعالى داخل في مسمى اسمه فالله تعالى اسم للذات الموصوفة بصفات الكمال ومن تلك الصفات صفة الكلام كما أن علمه وقدرته وحياته ومسمعه وبصره غير مخلوقة وإذا كان القرآن كلامه وهو صفة من صفاته فهو متضمن لاسمائه الحسنى فاذا كان القرآن غير مخلوق ولا يقال انه غير الله فكيف يقال ان بعض ما تضمنه وهو أمساؤه مخلوقة وهي غيره فقد حصحص الحق بحمد الله وانحسم الاشكال وإن اسماءه الحسنى التي في القرآن من كلامه وكلامه غير مخلوق ولا يقال هو غيره ولا هو هو وهذا المذهب مخالف لمذهب المعتزلة الذين يقولون أسماؤه غيره وهي مخلوقة ولمذهب من رد عليهم ممن يقول اسمه نفس ذاته لا غيره وبالتفصيل تزول الشبهة ويتبين الصواب ثم ذكر حجج القائلين بأن الاسم هو المسمى وأجاب عنها وأطال وأطاب رحمه الله تعالى والله أعلم قوله وإقرار العباد بأنه خلاقهم هو منتهى الايمان هذا بيان لمذهب جهم واتباعه في الايمان وذلك أن مذهبهم ان الايمان هو المعرفة والتصديق أي الاقرار بالله تعالى وبأنه خالق العالم والاقوال والاعمار عندهم ليست من الايمان وهذا مذهب الصالحي والشيخ ابي الحسن الاشعر في المشهور من قوليه
سطر 324:
فيبدل الله السماوات العلى ... والارض ايضا ذات تبديلان ... وهما كتبديل الجلود لساكني النيران ... عند النضج من نيران ... وكذاك يقبض أرضه وساءه ... بيديه ما العدمان مقبوضان ... وتحدث الارض التي كنا بها ... أخبارها في الحشر للرحمن ... وتظل تشهد وهي عدل بالذي ... من فوقها قد أحدث الثقلان ... أفيشهد العدم الذي هو كاسمه ... لا شيء هذا ليس في الامكان ... لكن تسوى ثم تبسط ثم تسهد ... ثم تبدل وهي ذات كيان ... وتمد ايضا مثل مد أديمنا ... من غير أودية ولا كثبان ... وتقيء يوم العرض من أكبادها ... كالاسطوان نفائس الاثمان ... كل يراه بعينه وعيانه ... ما لامرىء بالأخذ منه يدان ...
أراد المصنف أن ابن سينا والذين قالوا مقالته ونكروا المعاد وظنوا أن هذا الذي اعتقد جهم في المعاد هو ما جاء به الرسول
على الإختلاف الذي مر وتقديم تبديل الارض لقربانها ولكون تبديلها أعظم أثرا بالنسبة إلينا وروى مسلم وغيره من حديث ثوبان قال جاء رجل من اليهود الى رسول الله
اين الملوك اين الجبارون اين المتكبرون او كما قال وقوله وتحدث الارض التي كنا بها دليله قوله تعالى يومئذ تحدث اخبارها الزلزلة 4 عن أبي هريرة قال قرأ رسول الله
القاطع فيقول في هذا قطعت رحمي ويجيء السارق فيقول في هذا قطعت يدي ثم يدعونه فلا يأخذون منه شيئا وهذا معنى قول الناظم ما لامرىء بالاخذ منه يدان قال الناظم رحمه الله تعالى
سطر 338:
قال الله تعالى واذا البحار سجرت التكوير 6 أي اوقدت فصارت نارا تضطرم وقال الفراء ملئت بأن صارت بحرا واحدا وكثر ماؤها وبه قال الربيع بن خيثم والكلبي ومقاتل والحسن الضحاك وقيل أرسل عذبها على مالحها ومالحها على عذبها حتى
امتلأت وقيل فجرت فصارت بحرا واحدا وقال القشيري هو من سجرت التنور أسجره سجرا إذا أحميته قال ابن يزيد وعطية وسفيان ووهب وغيرهم أوقدت فصارت نارا وقال ابن عباس تسجر حتى تصير نارا وقال أيضا سجرت أي اختلط ماؤها بماء الارض قوله هذي مكورة وهذا خاسف التكوير الجمع وهو مأخوذ من كار العمامة على رأسه يكورها قال الزجاج لفت كما تلف العمامة يقال كورت العمامة على رأسي أكورها كورا وكورتها تكويرا إذا لففتها قال أبو عبيدة كورت مثل تكوير العمامة تلف فتجمع قال الربيع بن خيثم كورت أي رمي بها ومنه كورته فتكور أي سقط وقال مقاتل وقتادة والكلبي ذهب ضوؤها وقال مجاهد اضمحلت قال الواحدي قال المفسرون تجمع الشمس بعضها الى بعض ثم تلف ويرمى بها فالحاصل أن التكوير لها بمعنى لف جرمها او لف ضوئها او الرمي بها قال ابن ابي حاتم ثنا أبو صالح ثنا معاوية بن صالح عن أبي بكر ابن ابي مريم عن أبيه أن رسول الله
الشمس والقمر مكوران يوم القيامة أخرجه البخاري قوله وهذا خاسف خسف القمر ذهب ضوؤه وأظلم ويقال خسف إذا ذهب جميع ضوئه وكسف إذا ذهب بعض ضوئه قوله وكواكب الافلاك تنثر كلها الخ قال تعالى وإذا النجوم انكجرت التكوير 2 أي تهافتت وتساقطت وانقضت وتناثرت يقال انكدر الطائر من الهوى إذا انقض والاصل في الانكدار الانصباب قال الخليل يقال انكدر عليهم القوم إذا جاؤوا أرسالا فانصبوا عليهم قال أبو عبيدة انصب كما ينصب العقاب قال الكلبي وعطاء تمطر السماء يومئذ نجوما فلا يبقى نجم في السماء إلا وقع على الارض وقيل انكدارها طمس نورها وقال ابن عباس تغيرت قوله وكذا السماء تشق شقا ظاهرا الخ قال الله سبحانه إذا السماء انشقت الانشقاق 1 أي انصدعت وتفطرت فيه حذف والتقدير إذا انشقت السماء انشقت لان إذا الشرطية يختص دخولها بالجمل الفعلية وما جاء من هذا ونحوه فمؤول محافظة على قاعدة الاختصاص والسماء فاعل لفعل محذوف قال الواحدي قال المفسرون انشقاقها من علامات القيامة ومعنى انشقاقها انفطارها بالغمام الابيض كما في قوله ويوم تشقق السماء بالغمام الفرقان 25 وقيل تنشق من المجرة وبه قال علي بن ابي طالب والمجرة باب السماء وأهل الهيئة يقولون انها نجوم صغار مختلطة غير متميزة في الحس واختلف في جواب اذا فقال الفراء إنه أذنت والواو زائد وكذلك ألقت قال ابن الانباري هذا غلط لأن العرب لا تقحم الواو الا مع حتى كقوله حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها الزمر 71 ومع لما كقوله ولما أسلما وتله
سطر 350:
قوله والعرش والكرسي الخ المستثنى من الهلاك في قوله تعالى كل شيء هالك إلا وجهه القصص 88 ثمانية أشياء نظمها الجلال السيوطي فقال
... ثمانية حكم البقاء يعمها ... من الخلق والباقون في حيز العدم ... هي العرش والكرسي ونار وجنة ... وعجب وأرواح كذا اللوح والقلم ...
وقد زاد الناظم على ذلك الحور في قوله والحور لا تفنى الخ قال الامام احمد في رواية ابنه عبد الله فأما السماء والارض فقد زالتا لان أهلها صاروا إلى الجنة والى النار وأما العرش فلا يبيد ولا يذهب لانه سقف الجنة والله سبحانه وتعالى عليه فلا يهلك ولا يبيد واما قوله كل شيء هالك إلا وجهه وذلك أن الله تعالى أنزل كل من عليها فان فقالت الملائكة هلك أهل الارض فعلموا في البقاء فأخبر الله تعالى عن أهل السموات وأهل الارض انهم يموتون فقال كل شيء هالك إلا وجهه يعني كل شيء ميت إلا وجهه لانه حي لا يموت فأيقنت الملائكة عند ذلك بالموت انتهى كلامه وقال في رواية أبي العباس أحمد بن جعفر ابن يعقوب الاصطرخري ذكره ابو الحسين في كتاب الطباقات قال قال أبو عبد الله أحمد بن حنبل هذه مذاهب أهل العلم وأصحاب الاثر وأهل السنة المتمسكين بعروتها المعروفين بها المقتدى بهم فيها من لدن أصحاب النبي
فيها او عاب قائلها فهو مخالف مبتدع خارج عن الجماعة زائل عن منهج السنة وسبيل الحق وساق أقوالهم الى ان قال وقد خلقت الجنة وما فيها وخلقت النار وما فيها خلقها الله تعالى وخلق لهما أهلا ولا يفنيان ولا يفنى ما فيهما أبدا فإن احتج مبتدع او زنديق بقول الله تعالى كل شيء هالك إلا وجهه وبنحو هذا من متشابه القرآن قيل له كل شيء مما كتب الله عليه الفناء والهلاك هالك والجنة والنار خلقتا للبقاء لا للفناء ولا للهلاك وهما من الآخرة لا من الدنيا والحور العين لا يمتن عند قيام الساعة ولا عند النفخة ولا أبدا لان الله تعالى خلقهن للبقاء لا للفناء ولم يكتب عليهن الموت فمن قال خلاف ذلك فهو مبتدع وقد ضل عن سواء السبيل وأطال الامام أحمد رحمه الله الكلام قال الناظم رحمه الله تعالى
سطر 358:
قوله ولذلك لم يقر الجهم الخ أي إن الجهم بن صفوان يقول إن الروح لا داخل البدن ولا خارجة ولا متصلة به ولا منفصلة عنه كما ذكر ذلك عنه الامام احمد رحمه الله في كتاب الرد على الجهمية قال وكذلك الجهم وشيعته دعوا للناس الى المتشابه من القرآن والحديث فضلوا وأضلوا بكلامهم بشرا كثيرا فكان مما بلغنا عن الجهم عدو الله أنه كان من أهل خراسان من أهل ترمذ وكان صاحب خصومات وكلام وكان اكثر كلامه في الله تبارك وتعالى فلقي ناسا من المشركين يقال لهم السمنية فعرفوا الجهم فقالوا له نكلمك فان ظهرت حجتنا عليك دخلت في ديننا وإن ظهرت حجتك علينا دخلنا في دينك وكان مما كلموا به الجهم أن قالوا له ألست تزعم أن لك إلها قال الجهم نعم فقالوا له فهل رأيت إلهك قال لا فقالوا له هل سمعت كلامه قال لا قالوا فشممت له رائحة قال لا قالوا فوجدت له حسا قال لا قالوا فوجدت له لمسا قال لا قالوا فما يدريك انه إله قال فتحير الجهم فلم يدر من يعبد أربعين يوما ثم أنه استدرك حجة من جنس حجة
الزنادقة من النصارى وذلك ان زنادقة النصارى يزعمون ان الروح الذي في عيسى هي من روح الله من ذات الله وإذا أراد ان يحدث امرا دخل في بعض خلقه فتكلم على بعض لسان خلقه ويأمر بما يشاء وينهى عما يشاء وهو روح غائب عن الابصار فاستدرك الجهم حجة مثل هذه الحجة فقال للسمني ألست تزعم أن فيك روحا فقال نعم قال فهل رأيت روحك قال لا قال فسمعت كلامه قال لا قال فوجدت له حسا قال لا قال كذلك الله فلا يرى له وجه ولا يسمع له صوت ولا يشم له رائحة وهو غائب عن الابصار فلا يكون في مكان دون مكان قال ووجد ثلاث آيات في القرآن من المتشابه قوله ليس كمثله شيء و هو السميع البصير الشورى 11 وهو الله في السموات وفي الارض الانعام 3 و لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار الانعام 103 فبنى أصل كلامه على هؤلاء الآيات وتأول القرآن على غير تأويله وكذب بأحاديث رسول الله
الوجود ما لا يمكن الاحساس به بشيء من هذه الحواس وهي الروح التي في العبد وزعم أنها لا تختص بشيء من الامكنة وهذا الذي قاله هو قول الصائبة الفلاسفة المشائين وحاصل هذه الابيات في شأن الارواح بعد المفارقة بالموت وما لها من النعيم والعذاب وذ كر أرواح الشهداء وما أعد الله لهم من النعيم المقيم قال الله تعالى فأما إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة نعيم وأما إن كان من أصحاب اليمين فسلام لك من أصحاب اليمين وأما إن كان من المكذبين الضالين فنزل من حميم وتصلية جحيم الواقعة 88 94 فقسم سبحانه الارواح الى ثلاثة أقسام مقربين وأخبر أنها في جنة النعيم وأصحاب يمين وحكم لها بالسلام وهو يتضمن سلامتها من العذاب ومكذبة ضالة وأخبر أن لها نزلا من حميم وتصلية جحيم وقال تعالى يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي الفجر 27 29 قال غير واحد من الصحابة والتابعين ان هذا يقال لها عند خروجها من الدنيا يبشرها الملك بذلك ولا ينافي ذلك قول من قال ان هذا يقال لها في الآخرة فانه يقال لها عند الموت وعند البعث وهذا من البشرى التي قال الله تعالى أن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة الا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون فصلت 30 وهذا التنزل يكون عند الموت ويكون في القبر ويكون عند البعث وأول بشارة الاخرة عند الموت وفي حديث البراء بن عازب ان الملك يقولها عند قبضها ابشري بروح وريحان وهذا من الجنة وروى مالك في الموطأ عن ابن شهاب عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك أنه اخبره أن اباه كعب بن
مالك كان يحدث ان رسول الله
مرة أخرى فنقتل في سبيلك رواه عن هناد عن اسماعيل بن المختار عن عطية ثم ساق حديث ابن عباس قال قال رسول الله
قلت وفي صحيح البخاري عن أنس أن أم الربيع بنت البراء وهي أم حارثة بن سراقة أتت النبي
تحدثني عن حارثة وكان قتل يوم بدر أصابه سهم غرب فان كان في الجنة صبرت وان كان غير ذلك اجتهدت عليه في البكاء قال يا أم حارثة إنها جنان وإن ابنك أصاب الفردوس الاعلى ثم ساق ابن عبد البر من طريق بقي بن مخلد ثنا يحيى بن علدالحميد ثنا ابن عيينة عن عبيد الله بن أبي يزيد سمع ابن عباس يقول أرواح الشهداء تجول في اجواف طير خضر تعلق في ثمر الجنة ثم ذكر عن معمر عن قتادة قال بلغنا أن أرواح الشهداء في صور طير بيض تأكل من ثمار الجنة ومن طريق أبي عاصم النبيل عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن عبد الله بن عمرو أرواح الشهداء في طير كالزازير يتعارفون ويرزقون من ثمر الجنة قال أبو عمرو هذه الآثار كلها تدل على أنهم الشهداء دون غيرهم وفي بعضها في صور طير وفي بعضها في اجواف طير وفي بعضها كطير خضر قال والذي يشبه عندي والله أعلم أن يكون القول قول من قال كطير أو صور طير لمطابقته لحديثنا المذكور يريد حديث كعب بن مالك وقوله فيه نسمة المؤمن كطائر ولم يقل في جوف طائر قال وروى عيسى بن يونس حديث ابن مسعود عن الاعمش عن عبد الله ابن مرة عن مسروق عن عبد الله كطير خضر قلت والذي في صحيح مسلم في اجواف طير خضر قال أبو عمر فعلى هذا التأويل فكأنه
أهل النار وهذا الخطاب يتناول الميت على فراشه والشهيد كما أن قوله نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة يتناول الشهيد وغيره ومع كونه يعرض عليه مقعده بالغداة والعشي ترد روحه أنهار الجنة وتأكل من ثمارها وأما المقعد الخاص به والبيت الذي أعد له فانه إنما يدخله يوم القيامة ويدل عليه أن منازل الشهداء ودورهم وقصورهم التي أعد الله لهم ليست هي تلك القناديل التي تأوي اليها أرواحهم في البرزخ قطعا فهم يرون منازلهم ومقاعدهم من الجنة ويكون مستقرهم في تلك القناديل المعلقة بالعرش فان الدخول التام الكامل إنما يكون يوم القيامة ودخول الارواح في الجنة في البرزخ أمر دون ذلك ونظير هذا أهل الشقاء تعرض أرواحهم على النار غدوا وعشيا فاذا كان يوم القيامة دخلوا منازلهم ومقاعدهم التي كانوا يعرضون عليها في البرزخ فتنعم الارواح بالجنة في البرزخ شيء وتنعمها مع الابدان بها يوم القيامة شيء آخر فغذاء الروح من الجنة في البرزخ دو غذائها مع بدنها يوم البعث ولهذا قال تعلق في شجر الجنة أي تأكله العلقة واما تمام الأكل والشرب واللبس والتمتع فانما يكون إذا ردت الى أجسادها يوم القيامة فظهر أنه لا يعارض هذا القول من السنة شي ء وانما تعاضده السنة وتوافقه وأما قول من قال ان حديث كعب في الشهداء دون غيرهم فتخصيص ليس في اللفظ ما يدل عليه وهو حمل اللفظ العام على اقل مسمياته فإن الشهداء بالنسبة الى عموم المؤمنين قليل جدا والنبي
ابن معدي كرب للشهيد عند الله ست خصال يغفر له في أول دفقة من دمه ويرى مقعده من الجنة ويحلى حلة الايمان ويزوج من الحور العين ويجار من عذاب القبر ويأمن من الفزع الاكبر ويوضع على رأسه تاج الوقار الياقوته خير من الدنيا وما فيها ويزوج اثنين وسبعين من الحور العين ويشفع في سبعين انسانا من أقاربه فلما كان هذا يختص بالشهيد قال ان للشهيد ولم يقل ان للمؤمن وكذلك قوله في حديث قيس الحزامي يعطى الشهيد ست خصال وكذلك سائر الاحاديث والنصوص التي علق فيها الجزاء بالشهادة واما ما علق فيه الجزاء بالايمان فانه يتناول كل مؤمن شهيدا كان او غير شهيد وأما النصوص والآثار التي ذكرت في رزق الشهداء وكون أرواحهم في الجنة فكلها حق وهي لا تدل على انتفاء دخول أرواح المؤمنين الجنة ولا سيما الصديقين الذين هم أفضل من الشهداء بلا نزاع بين الناس فيقال لهؤلاء ما تقولون في أرواح الصديقين هل هي في الجنة أم لا فإن قالوا إنها في الجنة ولا يسوغ لهم غير هذا القول قيل فثبت أن هذه النصوص لا تدل على اختصاص أرواح الشهداء بذلك وإن قالوا ليست في الجنة لزمهم من ذلك أن تكون أرواح سادات الصحابة كأبي بكر الصديق وأبي بن كعب وعبدالله بن مسعود وأبي الدرداء وحذيفة بن اليمان وأشباههم ليست في الجنة وأرواح شهداء زماننا في الجنة وهذا معلوم البطلان ضرورة فإن قيل فإذا كان هذا حكما لا يختص بالشهداء فما الموجب لتخصيصهم بالذكر في هذه النصوص قيل الموجب لذلك التنبيه على فضل الشهادة وعلو درجتها وان هذا مضمون لاهلها ولابد وأن لهم أوفر
سطر 383:
البدن وهو الحياة وهذا قول الباقلاني ومن تبعه وكذلك قال أبو الهذيل العلاف النفس عرض الاعراض وقال غيرهم بأنه الحياة كما عينه ابن الباقلاني ثم قال هي عرض كسائر أعراض الجسم وهؤلاء عندهم أن الجسم إذا مات عدمت روحه كما تعدم سائر اعراضه المشروطة بالحياة ومن يقول منهم إن العرض لايبقى زمانين كما يقوله أكثر الاشعرية فمن قولهم إن روح الانسان الآن هي غير روحه قبل وهو لا ينفك يحدث له روح ثم تغير ثم روح ثم تغير هكذا أبدا فيبدله ألف روح فأكثر في ساعة من الزمان فما دونها فإذا مات فلا روح تصعد الى السماء وتعود الى القبر وتقبضها الملائكة ويستفتحون لها أبواب السموات ولا تنعم ولا تعذب وانما ينعم ويعذب الجسد إذا شاء الله تنعيمه او تعذيبه رد الحياة في وقت يريد نعيمه وعذابه والا فلا روح هناك قائمة بنفسها البتة وقال بعض أرباب هذا القول ترد الحياة الى عجب الذنب فهو الذي يعذب وينعم فحسب وهذا قول يرده الكتاب والسنة وإجماع الصحابة وأدلة العقول والفطرة وهو قول من لم يعرف روحه فضلا عن روح غيره وقد خاطب الله سبحانه النفس بالرجوع والدخول والخروج ودلت النصوص الصحيحة الصريحة على انها تصعد وتنزل وتقبض وتمسك وترسل وتستفتح لها أبواب السماء وتسجد وتتكلم وأنها تخرج تسيل كما تسيل القطرة وتكفن وتحنط في أكفان الجنة او النار وان ملك الموت يأخذها بيده ثم يتناولها الملائكة من يده ويشم لها كأطيب نفحة مسك أو كانتن جيفة وتشيع من سماء الى سماء ثم تعاد الى الارض مع الملائكة وأنها إذا خرجت تبعها البصر حيث يراها وهي خارجة ودل القرآن على أنها تنتقل من مكان إلى مكان حتى تبلغ الحلقوم في حركتها وجميع
ما ورد من الادلة الدالة على تلاقي الارواح وتعارفها وانها أجناد مجندة الى غير ذلك يبطل هذا القول وقد شاهد النبي
وفيه يركب قال الحافظ المنذري كغيره عجب الذنب بفتح العين المهملة وإسكان الجيم بعدها باء موحدة أو ميم هو العظم الحديد الذي يكون في أسفل الصلب وأصل الذنب من ذوات الاربع وقد روى الامام احمد وابن حبان في صحيحه من حديث أبي سعيد رضي الله عنه قال قال رسول الله
... وقضى بأن الله ليس بفاعل ... فعلا يقوم به بلا برهان
سطر 412:
قال رحمه الله وهؤلاء أعداء الله حقا وأولياء إبليس وأحبابه واخوانه وإذا ناح منهم نائح على إبليس رأيت من البكاء والحنين أمرا عجيبا ورأيت من تظلم الاقدار واتهام الجبار ما يبدو على فلتات السنتهم وصفحات وجوههم وتسمع من أحدهم من التظلم والتوجع ما تسمعه من الخصم المغلوب العاجز عن خصمه قال فهؤلاء هم الذين قال فيهم شيخ الاسلام ابن تيمية في تائيته
... ويدعى خصوم الله يوم معادهم ... الى النار طرا فرقة القدرية ...
يعنى الجبرية انتهى وقول الناظم رحمه الله تعالى وغير ميسر اشارة الى أنهم خالفوا ما ثبت في الصحيحين عنه
فصل
... وقضى على أسمائه بحدوثها ... وبخلقها من جملة الاكوان
سطر 419:
أي إن جهما وأتباعه ذهبوا الى حدوث أسماء الرب تعالى وقالوا أسماء الله تعالى غيره فإن أسماء الله من كلامه وكلامه غيره ثم قالوا وما كان غير الله فهو مخلوق بائن عنه وقول الناظم فانظر إلى تعطيله الاوصاف والافعال والاسماء للرحمن أي لانه يقول بحدوث أسماء الله
تعالى وأنها مخلوقه وتعطيله الاوصاف أي أنه نفي صفات الباري سبحانه وتعطيل الافعال أي بأنه يقول الفعل هو المفعول والخلق هو المخلوق فانظر الى ما تضمنه هذا من الجحد والتعطيل والكفران وقوله لكنه ابدى المقالة هكذا في قالب التنزيه للرحمن أقول قال العلامة تقي الدين احمد بن علي المقريزي في كتاب الخطط بعد كلام سبق ثم حدث بعد عصر الصحابة رضي الله عنهم مذهب جهم بن صفوان ببلاد المشرق فعظمت الفتنة به فإنه نفى أن يكون لله تعالى صفة وأورد على أهل الاسلام شكوكا أثرت في الملة الاسلامية آثارا قبيحة تولد عنها بلاء كبير وكان قبيل المائة من سني الهجرة فكثر أتباعه على أقواله التي تؤول الى التعطيل فأكبر أهل الاسلام بدعته وتمالؤوا على انكارها وتضليل أهلها وحذروا من الجهمية وعادوهم في الله وذموا من جلس إليهم وكتبوا في الرد عليهم ما هو معروف عند أهله انتهى كلامه وقد تقدم في كلام الامام احمد والبخاري وعبد الله بن المبارك وغيرهم رضي الله عنهم أشياء من أحوال جهم وأتباعه والتحذير من بدعهم ولقد زرع هذا الخبيث في الاسلام شرا عظيما لا يزول إلى قيام الساعة نعوذ بالله من الخذلان قوله فتبرؤوا منها براءة حيدر هو لقب علي بن أبي طالب رضي الله عنه والمولود من عمران هو موسى عليه السلام يعني أن أهل الحديث والسنة تبرؤوا من مذهب الجهم وشيعته كما تبرأ موسى عليه السلام من بني إسرائيل الذين عبدوا العجل وكما تبرأ علي رضي الله عنه من الشيعة الذين تبرؤوا من اصحاب رسول الله
قال إني اذا شاهدت امرا منكرا أججت ناري ودعوت قنبرا والقصة معروفة قال الناظم رحمه الله تعالى
سطر 428:
هذا شروع في وصية نافعة ومقدمة جامعة قبل الشروع في المحاكمة بين الطوائف أوصى بها المصنف قدس الله روحه ونور ضريحه لمن يعقل عن الله وذلك أن الانسان لم يخلق سدى مهملا بل خلقه الله لامر عظيم وخطب جسيم خلقه الله سبحانه لعبادته الجامعة لمحبته وخشيته والذل والخضوع له وهيأ دارين دار جزاء للمحسنين ودار عقاب للمخالفين فتعين على من طلب نجاة نفسه التهيؤ والا ستعداد لما يقربه من رضى ربه وينجيه
من عقابه وعذابه ولا سبيل إلى ذلك الا متابعة الرسول
... العلم قال الله قال رسوله ... قال الصحابة ليس خلف فيه ... ما العلم نصبك للخلاف سفاهة ... بين الرسول وبين رأي سفيه ... كلا ولا نصب الخلاف جهالة ... بين النصوص وبين رأي فقيه ... كلا ولا رد النصوص تعمدا ... حذرا من التجسيم والتشبيه ... ما شا النصوص من الذي رميت به ... من فرقة التعطيل والتمويه ...
قوله وأدر بلفظ النص في نحر العدى الدرء الدفع وبابه قطع
سطر 441:
الصحيح في صحيح البخاري من حديث عبد الله بن عباس اللهم أنت الحق ووعدك حق ولقاؤك حق الحديث وقوله وهو الصراط عليه رب العرش يشير الى قوله تعالى إن ربي على صراط مستقيم هود 56 أي هو على الحق وا لعدل
قوله وهو صراطه الخ قال الله تعالى وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله الانعام 153 قال ابن مسعود خط رسول الله
وتعريفه والدلالة عليه والقولان نظير القولين في آية النحل وهي وعلى الله قصد السبيل النحل 9 والصحيح فيها كالصحيح في آية الحجر أن السبيل القاصد وهو المستقيم المعتدل يرجع الى الله ويوصل اليه قال طفيل الغنوي
سطر 451:
وهما كتاب الله أعدل حاكم ... فيه الشفا وهداية الحيران ... والحاكم الثاني كلام رسوله ... ما ثم غيرهما لذي ايمان ... فإذا دعوك لغير حكمهما فلا ... سمعا لداعي الكفر والعصيان ... قل لا كرامة لا ولا نعما ولا ... طوعا لمن يدعو الى طغيان ... واذا دعيت الى الرسول فقل لهم ... سمعا وطوعا لست ذا عصيان ... واذا تكاثرت الخصوم وصيحوا ... فاثبت فصيحتهم كمثل دخان ... يرقى الى الاوج الرفيع وبعده ... يهوي الى قعر الحضيض الداني ...
شرع الناظم رحمه الله تعالى في ذكر الهجرتين فالهجرة الاولى الى الله تعالى باخلاص الأعمال والتوجه اليه بامتثال أمره واجتناب نهيه والهجرة الثانية الى الرسول
هذا وان قتال حزب الله بال ... أعمال لا بكتائب الشجعان ... والله ما فتحوا البلاد بكثرة أنى وأعداهم بلا حسبان ... وكذاك ما فتحو القلوب بهذه ال ... آراء بل بالعلم والايمان ... وشجاعة الفرسان نفس الزهد في ... نفس وذا محذور كل جبان ... وشجاعة الحكام والعلماء زه ... د في الثنامن كل ذي بطلان ... فاذا هما اجتمعا لقلب صادق ... شدت ركائبه الى الرحمن ... واقصد الى الأقران لا أطرافها ... فالعز تحت مقاتل الاقران ... واسمع نصيحة من له خبر بما ... عند الورى من كثرة الجولان ... ما عندهم والله خير غير ما ... أخذوه عمن جاء بالقرآن ... والكل بعد فبدعة أو فرية ... او بحث تشكيك ورأي فلان ... فاصدع بأمر الله لا تخش الورى ... في الله اخشاه تفز بأمان ... واهجر ولو كل الورى في ذاته ... لا في هواك ونخوة الشيطان ... واصبر بغير تسخط وشكاية ... واسفح بغير عتاب من هو جان ... واهجرهم الهجر الجميل بلا أذى ... ان لم يكن بد من الهجران
قوله والله ما فتحوا البلاد بكثرة الخ أي ان الاسلام في بدايته كان غريبا كما قال
قوله والكل بعد فبدعة أو فرية البدعة هي ما أحدث مما يخالف كتاب أو سنة والفرية الكذب يقال فرى كذبا خلقه والاسم الفرية وقوله تعالى شيئا فريا مريم 27 أي مصنوعا مختلقا وقوله الجولان جال من باب قال وجولانا أيضا بفتح الواو والجولان بسكون الواو جبل بالشام وتجاولوا في الحرب جال بعضهم على بعض مختار الصاح
قوله نخوة الشيطان النخوة الكبر والعظمة يقال انتخى فلان علينا أي افتخر وتعظم قاله في مختار الصحاح
سطر 488:
النصارى إنما كفروا لأنهم خصصوا وأن عباد الأصنام ما أخطؤوا إلا من حيث اقتصارهم على عبادة بعض المظاهر والعارف يعبد كل شيئ والله أيضا يعبد كل شيئ لأن الأشياء غذاؤه بالأسماء والاحكام وهو غذاؤها بالوجود وهو فقير إليها وهي فقيرةإليه وهو خليل كل شيئ بهذاالمعنى ويجعلون أسم الله الحسنى هي مجرد نسبة وإضافة بين الوجود والثبوت وليست إلا أمور عدمية ويقولون من أسمائه الحسنى العلي عن ماذا وما ثم إلا هو وعلى ماذا وما ثم غيره فالمسمى محدثات هي العلية لذاتها وليست إلا هو وما نكح إلا نفسه وما ذبح سوى نفسه والمتكلم هو عين المستمع وأن موسى إنما عتب على هارون حيث نهاهم عن عبادة العجل لضيقة وعدم اتساعه وإن موسى كان أوسع في العلم فعلم أنهم لم يعبدوا إلا الله وأن أعلى ما عبد الهوى وأن كل من اتخذ إلهه هواه فما عبد إلا الله وفرعون كان عندهم من أعظم العارفين وقد صدقه السحرة في قوله أنا ربكم الأعلى النازعات 24 وفي قوله ما علمت لكم من إله غيري القصص 38 وكنت أخاطب بكشف أمرهم لبعض الفضلاء وأقول إن حقيقة أمرهم هو حقيقة قول فرعون المنكر لوجود الصانع حتى حدثني بعض الثقات عن كثير من كبرائهم أنهم يعترفون ويقولون نحن على قول فرعون وهذه المعاني كلها هي قول صاحب الفصوص والله تعالى أعلم بما مات الرجل عليه والله يغفر لجميع المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منه والأموات ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم
والمقصود أن هذا حقيقة ما تضمنه كتاب الفصوص المضاف إلى النبي
الأنبياء والمرسلين وجميع الأولياء والصالحين بل وجميع عوام أهل الملل من اليهود والنصارى والصابئين يبرؤون إلى الله تعالى من بعض هذا القول فكيف منه كله ويعلم أن المشركين عباد الأوثان والكفار أهل الكتاب يعترفون بوجود الصانع الخالق البارئ المصور الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور ربهم ورب آبائهم الأولين رب المشرق والمغرب ولا يقول أحد منهم إنه عين المخلوقات ولا نفس المصنوعات كما يقوله هؤلاء حتى إنهم يقولون لو زالت السموات والأرض زالت حقيقة الله وهذا مركب من أصلين أحدهما أن المعدوم شيء ثابت في العدم كما يقوله كثير من المعتزلة والرافضة وهو مذهب باطل بالعقل الموافق للكتاب والسنة والإجماع و كثير من متكلمة أهل الإثبات كالقاضي أبي بكر كفر من يقول بهذا وإنما غلط هؤلاء من حيث لم يفرقوا بين علم الله بالأشياء قبل كونها وأنها مثبتة عنده في أم الكتاب في اللوح المحفوظ وبين ثبوتها في الخارج عن علم الله تعالى فإن مذهب المسلمين أهل السنة والجماعة أن الله سبحانه وتعالى يعلم الأشياء بعلمه القديم الأزلي وأنه سبحانه وتعالى كتب في اللوح المحفوظ مقادير الخلائق قبل أن يخلقها فيفرقون بين الوجود العلمي الكتابي وبين الوجود العيني الخارجي ولهذا كان أول ما نزل على رسوله الله
الإسلام من نحو أربعمائة سنة وابن عربي وافق أصحابه وهو أحد أصلي مذهبه الذي في القصوص
سطر 515:
ابن انس والاوزاعي وابراهيم بن أدهم وسفيان الثوري والفضيل بن عياض ومعروف الكرخي والشافعي وأبي سليمان الداراني وأحمد ابن حنبل وبشر الحافي وعبد الله ابن المبارك وشقيق البلخي ومن لا يحصى كثرة إلى مثل المتأخرين مثل الجنيد بن محمد القواريري وسهل ابن عبد الله التستري وعمرو بن عثمان المكي ومن بعدهم الى أبي طالب المكي الى مثل الشيخ عبد القادر الكيلاني والشيخ عدي والشيخ ابي البيان والشيخ أبي مدين والشيخ عقيل والشيخ أبي الوفاء والشيخ رسلان والشيخ عبدالرحيم والشيخ عبد الله اليونيني والشيخ القرشي وأمثال هؤلاء المشايخ الذين كانوا بالحجاز والشام والعراق ومصر والمغرب وخراسان من الاولين والآخرين كل هؤلاء متفقون على تكفير هؤلاء ومن هو أرجح منهم فان الله سبحانه وتعالى ليس هو خلقه ولا جزءا من خلقه ولا صفة لخلقه بل هو سبحانه متميز بنفسه المقدسة بائن بذاته المعظمة عن مخلوقاته وبذلك جاءت الكتب الاربعة الالهية من التوراة والإنجيل والزبور والقرآن وعليه فطر الله تعالى عباده وعلى ذلك دلت العقول وكثيرا ما كنت أظن أن ظهور مثل هؤلاء أكبر اسباب ظهور التتار واندراس شريعة الاسلام وأن هؤلاء مقدمة الدجال الاعور الكذاب الذي يزعم أنه هو الله فان هؤلاء عندهم كل شيء هو الله ولكن بعض الاشياء أكبر من بعض وأعظم أما على رأي صاحب الفصوص فإن بعض المظاهر والمستجليات يكون أعظم لعظم ذاته الثابته في العدم وأما على رأي الرومي فان بعض المتعينات يكون أكبر فان بعض جزئيات الكلي أكبر من بعض وأما على رأي البقية فالكل أجزاء منه وبعض الاجزاء أكبر من بعض فالدجال عند
هؤلاء مثل فرعون من كبار العارفين وأكبر من الرسل بعد نبينا محمد
الامة وسادات الائمة يرون كفر الجهمية أعظم من كفر اليهود كما قال عبد الله بن المبارك والبخاري وغيرهما وانما كانوا يلوحون تلويحا وقل أن كانوا يصرحون بأن ذاته في كل مكان وأما هؤلاء الاتحادية فانهم أخبث وأكفر من أولئك الجهمية ولكن السلف والائمة أعلم بالاسلام وبحقائقه فان كثيرا من الناس قد لا يفهم تغليظهم في ذم المقالة حتى يتدبرها ويرزق نور الهدى فلما طلع السلف على سر القول نفروا منه وهذا كما قال بعض الناس متكلمة الجهمية لا يعبدون شيئا ومتعبدة الجهمية يعبدون كل شيء وذلك لأن متكلمهم ليس في قلبه تأله ولا تعبد فهو يصف ربه بصفات العدم والموت وأما المتعبد ففي قلبه تأله وتعبد والقلب لا يقصد الا موجودا لا معدوما فيحتاج أن يعبد المخلوقات إما الوجود المطلق وإما بعض المظاهر كالشمس والقمر والبشر والاوثان وغير ذلك فان قول الاتحادية يجمع كل شرك في العالم ويعم ولا يوحدون الله سبحانه وتعالى وانما يوحدون القدر المشترك بينه وبين المخلوقات فهم بربهم يعدلون ولهذا حدث الثقة أن ابن سبعين كان يريد الذهاب الى الهند وقال إن ارض الاسلام لا تسعه لان الهند مشركون يعبدون كل شيء حتى النبات والحيوان وهذا حقيقة قول الاتحادية وأعرف ناسا لهم اشتغال في الفلسفة والكلام وقد تألهوا على طريق هؤلاء الاتحادية فإذا أخذوا يصفون الرب سبحانه بالكلام قالوا ليس بكذا ليس بكذا ووصفوه بأنه ليس هو المخلوقات كما يقوله المسلمون لكن يجحدون صفات الاثبات التي جاءت بها الرسل عليهم السلام واذا صار لاحدهم ذوق ووجد له تأله وسلك طريق الاتحادية وقال إنه هو الموجودات
كلها فاذا قيل له إن ذلك النفي من هذا الاثبات قال ذلك عقدي وهذا ذوقي فيقال لهذا الضال كل ذوق ووجد لا يطابق الاعتقاد فأحدهما او كلاهما باطل وأنما الاذواق والمواجيد نتائج المعارف والاعتقادات فان علم القلب وحاله متلازمان فعلى قدر العلم والمعرفة يكون الوجد والمحبة والمحاك ولو سلك هؤلاء طريق الانبياء والمرسلين عليهم السلام الذين أمروا بعبادة الله وحده لا شريك له ووصفوه بما وصف به نفسه وبما وصفته به رسله واتبعوا طريق السابقين الاولين لسلكوا طريق الهدى ووجدوا برد اليقين وقرة العين فان الامر كما قال بعض الناس إن الرسل جاؤوا باثبات مفصل ونفي مجمل والصابئة المعطلة جاؤوا بنفي مفصل والثبات مجمل فالقرآن مملوء من قوله تعالى إ ن الله بكل شيء عليم العنكبوت 62 و على كل شيء قدير الملك 1 و إن الله سميع بصير الحج 75 ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما غافر 7 وفي النفي ليس كمثله شيء الشورى 11 ولم يكن له كفوا أحد الصمد 4 هل تعلم له سميا مريم 65 سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين الصافات 180 181 انتهى المقصود منه ونقل الحافظ الحجة شمس الدين ابو الخير محمد بن عبد الرحمن السخاوي في كتاب القول المنبي عن ترجمة ابن عربي عن العلامة سيف الدين عبد اللطيف بن عبد الله السعودي الحنفي أنه رفع سؤالا إلى العلماء على رأس القرن السابع عن كتاب الفصوص لابن عربي ونصه ما تقول السادة العلماء أئمة الدين وهداة المسلمين عن كتاب بين أظهر الناس زعم مصنفه أنه وضعه وأخرجه للناس باذن النبي
عن قول أنبياء الله المرسلة فمما قال فيه إن آدم عليه السلام إنما سمي انسانا لأنه للحق تعالى بمنزلة إنسان العين من العين الذي يكون به النظر وقال في موضع آخر إن الحق المنزه هو الخلق المشبه وقال في قوم نوح عليه السلام إنهم لو تركوا عبادتهم لود وسواع ويغوث ويعوق ونسر لجهلوا من الحق بقدر ما تركوا من هؤلاء ثم قال فان للحق في كل معبود وجها يعرفه من عرفه ويجهله من جهله فالعالم يعلم من عبد وفي أي سورة ظهر حتى عبد وإن التفريق والكثرة كالاعضاء في الصورة المحسوسة ثم قال في قوم هود عليه السلام إنهم حصلوا في عين القرب فزال مسمى جهنم في حقهم ففازوا بنعيم القرب من جهة اللإستحقاق فما أعطاهم هذا المقام الذوقي اللذيذ من جهة المنة وانما أخذوه بما استحقت حقائقهم من أعمالهم التي كانوا عليها وكانوا على صراط الرب المستقيم ثم انه أنكر فيه حكم الوعيد في حق من حقت عليه كلمة العذاب من سائر العبيد فهل يكفر من يصدقه في ذلك أو يرضى به منه أم لا وهل يأثم سامعه إذا كان بالغا عاقلا ولم ينكره بلسانه أو بقلبه أفتونا بالوضوح والبيان كما أخذ الميثاق والتبيان فقد أضر الإهمال بالضعفاء والجهال وبالله المستعان وعلى الله الاتكال أن يعجل للملحدين النكال لصلاح الحال وحسم مادة الضال فأجاب عن هذا السؤال جهابذة الاسلام والعلماء الاعلام كالشمس محمد بن يوسف الجزري والحافظ الحجة سعد الدين الحارثي والشيخ نور الدين البكري والزواوي المالكي وشيخ ا لاسلام ابن تيمية والامام نجم الدين محمد بن عقيل البالسي وقاضي القضاة بدر الدين بن جماعة بأجوبة طويلة كافية شافية ذكرها السخاوي رحمه الله وتركنا ذكرها اختصارا ثم قال السخاوي رحمه الله تعالى قرأت له
سطر 541:
ثم قال الناظم تمت الابيات مختصرة المعاني صحيحة المباني متضمنة اعتقاده ومبينة لكل لبيب فساده بذكر ما زعمه وأراده فلنورد مقدمات الفتاوى مع بيان ما أوجب ذلك من الكتاب والسنة مما هو ظاهر لذوي البصائر والفطنة ثم أجوبة العلماء التابعين لخاتم الانبياء بتكفير صاحب الفصوص والمصدق له فيما أورده من مخالفة النصوص وتحذير من لم
ينكره من الوقوع في المخالفة والمحنة وبيان أنه ممن أخطأ طريق الجنة الا أن كان غير عالم بما وجب عليه وندب من الله ورسوله إليه من القيام بالانكار وابداء العداوة لأعداء الله الفجار قال وكان الواجب لاخذ هذه الفتاوى ما قرره النبي
مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خرذل وقال تعالى وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج الحج 78 الآية فقد ثبت وتعين وجوب الجهاد على أهل الإيمان في كل زمان ومكان وبذل الغضب لله والمجاهدة في سبيله دينا ومذهبا لكونه صار في الذمة حتما مرتبا وقال عز من قائل لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو اخوانهم أو عشيرتهم المجادلة 2 3 الآية وقد علمنا أن الله سبحانه تعالى قد شرط في صحة الإيمان به الكفر بالطاغوت لقوله فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى البقرة 256 فصار الكفر بالطاغوت شرطا في صحة الإيمان بالله واجبا لا يمكن وجود الإيمان إلا بوجوده وصاحب الفصوص زعم في التوحيد أن ترك عبادة الأصنام جهل وذا كاف لمن رد عليه السلام وهذا هو الموجب للقيام وأخذ الفتاوى ليرتدع المشاقق والمناوئ بعد أن رأيت من يعتقد صحة مقاله ويزعم أنه حق فبادرت لبيان ضلاله وإثبات محاله فإن في قوله ذلك عدة أنواع من الكفر لمن ميزه واعتبره وأبدا ما أظهره خفي ما أضمره من رده نص محكم الكتاب وتصويبه الكفر السريع الانقلاب وتميزه من تعاطاه على من أنكره وقد ثبت في الاحكام وشاع فهمه بين الأنام أنه ما عبد الأصنام إلا أجهل الخلق اللئام ولا أنكره عليهم إلا أفضل الخلق وأعلمهم بالله أعني الرسل الكرام والأنبياء عليهم الصلاة والسلام فانظر إلى هذا الإقدام والتجرئ على الله بما يخالف ملة الإسلام بل سائر الملل عند ذوي الأفهام إلى أن قال بعد خطبة الكتاب ولما
كملت المائة السادسة من الهجرة ظهرت مبادئ تلك الفترة بظهور من ينسب إلى العلم والتصوف ممن أعطي في ألفاظه نوعا من التصرف لاكتسابه العلوم الفلسفية والطبيعية وغيرهما من العلوم التي لا يرجى خيرها فتولد من هذه المركبات في الذهن عبارات وأنواع إشارات بلسان يستغرب وعند غير العارف الذكي تستعذب وهي فاسدة المعاني واهية المباني مخالفة لظواهر النصوص معاكسة لقول كل نبي مخصوص مع تحريفه تأويل ما يعتضد به من المنقول على حكم اعتقاده في الوحدة أو الاتحاد والحلول وتزايد به الأمر حتى أقدم على المضادة وأظهر المخالفة والمعاندة بما وضعه في كتاب الفصوص المشارك له في وضعه إبليس قصدا للتدليس وإظهارا للتلبيس فأظهر الله بالتحقيق ذلك لذوي التوفيق فمن أعظم تحيلاته وكذبه على الله وافتئاته ما زعمه في مقدمة الكتاب المذكور من البهتنان والزور حيث قال إنه رأى النبي
فيما ينكرونه عليه الإحجام وكان أول منكر بدأ بالإنكار عليه وثبت كفره وكذبه لديه شيخ الإسلام ومفتي الانام عز الدين بن عبد السلام من أنه مااتصل بنا أنه وقف على كتاب الفصوص ومخالفته فيه لصريح أحكام الله في النصوص بل ذلك بما بلغه من فاسد أقواله وتبت عنده من مخالفة طرق أهل الحق في انتحاله ثم تابعه في الإنكار الشيخ الإمام بركة الاسلام القطب القسطلاني تغمده الله برحمته وأسكنه أعالى غرف جنته وحذر الناس من تصديقه وبين في مصنفاته فساد قاعدته 2 وضلال طريقه في كتاب سماه ب الارتباط ذكر فيه جماعة من هؤلاء الأنماط ثم الشيخ الصالح العارف المحقق برهان الدين الجعبري قدس الله روحه بما نقلته عنه العدول مما هو مذكور عنه ومنقول ثم بعد ذلك تواتر الإنكار من الصلحاء العباد والأتقياء الزهاد وأهل الورع من الأفراد مما لا سبيل لحصرهم ولا تفصيل ذكرهم إلى أن أقام الله في ذلك من أقام ونبه عليه الخاص والعام وأذهب عن المنكرين ببيانه الإحجام وأزال بتبيانه الشبهة عن الأوهام واستضاء أهل البصائر من أولي التوفيق بنور القرآن إذ علموا أن به يتضح الفرقان وإن صحيح الأحاديث النبوية عمدة أهل العرفان وتحققوا أن من خالف الكتاب والسنة فقوله مردود وهو عن جناب الحق مبعود ومن صدقه ضل وعقد دينه بتصديقه انحل فنهضت عليه أنصار الحق من علماء الصدق بسيوف فتاوابهم القاطعة وأنوار أدلتهم الساطعة لما سمعوا منادي الإسلام ينادي الصلاة جامعة بصحيح عقد جازم للقيام بوجوب فرض لازم نصيحة لرب العالمين ونصره لكتابه المبين وتأييدا لدينه الذي ارتضاه وأظهره على كل دين وانتصارا لرسله الكرام وأنبيائه عليهم الصلاة والسلام من كيد الحاد الملحدين ممن جعل
سطر 553:
أنه مسؤول عما كتب إما في الدنيا من ذوي الحكم وأرباب الرتب أو في الآخرة من الرب العظيم الذي يخشى ويرتقب في يوم تجثو فيه الأمم على الركب فبان لي وجه الصواب في قول القائل وأضربت عن تأويل المعارض الجاهل وأرسلت إليه فبادر بالجواب ورفع الله عن قلبه في ذلك كل حجاب وما راعى غير الله فيما علم ولا أبقى ممكنا فيما إظهاره لزم ثم أورد الجواب وفيه طول تركناه اختصارا ودعا له بالتأييد فيما يرومه من أظهار الحق للحق بالحق في الخلق ويقصده من قيامه ونصرته فإنه أشفى وما أشتفى وكف مظاهر الملحدين وما اكتفى فإن الغضب إذا كان لله لا يزول مدة إلا بزوال موجبه ولكن المرجو من الله استئصال أهله وكتبه ثم ساق السيف عن أبي جعفر الطحاوي قوله في عقيدته المشهورة إن الله تعالى ما زال بصفاته قديما قبل خلقه لم يزد بكونهم شيئا لم يكن قبلهم من صفته وكما كان بصفاته أزليا كذلك لا يزال عليها أبديا ليس منذ خلق الخلق استفاد الخالق ولا بإحداثه البرية استفاد الباري له معنى الربوبية ولا مربوب ومعنى الخالقية ولا مخلوق وكما أنه محي الموتى بعد ما أحيى استحق هذا الإسم قبل إحيائهم وكذلك استحق اسم الخالق قبل إنشائهم ذلك أنه على كل شيئ قدير وكل شيئ إليه فقير وكل أمر عليه يسير لا يحتاج إلى شيئ ليس كمثله شيئ وهو السميع البصير فهذا فصل من عقائد المسلمين يتضمن بمعانيها ومفهوم ألفاظها ضده قول صاحب الفصوص اللعين ثم قا 6 ل الطحاوي فيها إنه من وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر فكيف بصاحب الفصوص القائل بأن الحق المنزه هو الخلق المشبه وأن العالم صورته وهويته وغير ذلك مما تقدم ثم قال الطحاوي إن من رد حكم كتاب الله تعالى فهو
من الكافرين وكم قد رد صاحب الفصوص من حك الله من أصول الشرائع التي لا تنقض ولا تنسخ ككفر عباد الأصنام وضلال مخالفي الرسل وأنهم بمخالفتهم أعداء الله وأنهم أهل النار ولهم فيها الخزي والعذاب الشديد السرمد وقال في الجنة والنار إنهما واحد في الذوق وإنما التغاير في اللون هذه خضراء وتلك سوداء أو حمراء وإن الطائع والعاصي والمؤمن والكافر الكل مرضيون مستحقون الوعد وما ثم وعيد أصلا وقد قال الطحاوي في العقيدة المشار إليها إن الأمن واليأس ينتقلان عن الملة وإن إعتقاد عدم حكم الوعيد في حق من حقت عليه كلمة العذاب غاية الأمن ونهاية الكفر نسأل الله السلامة ثم نقل السيف عن الأوسي الحنفي في تصنيف له في الأصول أن من تكلم بكلمة الكفر فضحك غيره واستحسن كفر وكذا من وصف الله بما لا يليق به كفر ومن أنكر وعده أو وعيده كفر أو قال الله في ست جهات أو قال يوجد في كل مكان ومن عاب نبيا من الأنبياء أو صغر اسمه أو لم يرض بسنته أو سمع القول بأنه كان يحب القرع أو الخل فقال أنا لا أحبه أو سخر بالشريعة أو بحكم من أحكامها أو قال إن الخمر لم يثبت تحريمه بالقرآن أو صدق كلام أهل الأهواء أو قال إنه كلام معنوي أوله معنى صحيح أو من يعرف أن الله يرحم الكافر أو الشيطان وأهل الاهواء فإنه يكفر بذلك كله فكيف بمن اعتقد ذلك في قوم نوح وقوم هود وفرعون وجعل كل كافر وفاجر وفاسق وعاص عند ربه مرضيا فعلى قائل ذلك ومعتقده اللعنة إن مات على اعتقاد ما وضعه في كتابه المذكور ثم نقل عن القاضي عياض قوله في الشفاء اعلم وفقنا الله وإياك أن جميع من سب النبي
أو عابه أو الحق به نقصا في نفسه أو نسبه أو دينه أو خصلة من خصائله أو عرض به أو شبهه بشيء على طريق السب له والازراء عليه أو التصغير لشأنه أو الغض منه والعيب له فهو ساب له والحكم فيه حكم الساب يقتل كما بينته ولا نستثني فصلا من فصول هذا الباب على هذا المقصد ولا نمتري فيه تصريحا كان أو تلويحا ونقل عن ابن عتاب انه قال الكتاب والسنة موجبان إن من قصد النبي
فعليه إن مات عليه وكان معتقده لعنة الله وغضبه والناس أجمعين انتهى كلامه
سطر 643:
وكانت تلامذته يومئذ نحو أربعمائة ومن مصنفاته نهاية المطلب في دراية المذهب و الشامل و الإرشاد كلاهما في أصول الدين و الرسالة النظامية في الأركان الإسلامية و البرهان في أصول الفقه وغيرها توفي رحمه الله تعالى في ربيع الآخر سنة ثمان وسبعين وأربعمائة
قال الحافظ الذهبي رحمه الله تعالى في كتاب النبلاء في ترجمة الإمام ابي المعالي كان هذا الامام مع فرط ذكائه وإمامته في الفروع وأصول المذهب وقوة مناظرته لا يدري الحديث كما يليق به لامتنا ولا إسنادا ذكر في كتاب البرهان حديث معاذ في القياس فقال هو مدون في الصحاح متفق على صحته قلت بل مداره على الحارث ابن عمرو وفيه جهالة عن رجال من أهل حمص عن معاذ فإسناده صالح انتهى وقصة مقامه المذكور ذكرها الإمام أبو عبد الله القرطبي رحمه الله تعالى في تذكرته فقال فصل قوله
فقال لا يتبع بها إثنين لأنه يشق عليه فقال واحد هي علي فقال إن يونس بن متى
قلت كان هذا الإمام مع فرط ذكائه وغزارة علمه تتلون آراؤه ففي كتاب الشامل و كتاب الارشاد مشى على تأويل الصفحات الخبرية وفي كتاب الرسالة النظامية مشى على أن التأويل محرم قال في الرسالة النظامية اختلف مسالك العلماء في هذه الظواهر فرأى بعضهم تأويلها والتزم ذلك في آي الكتاب وما يصح من السنن وذهب أئمة السلف إلى الانكفاف عن التأويل وإجراء الظواهر على مواردها وتفويض معانيها إلى الرب تعالى والذي نرتضيه دينا وندين الله به عقيدة اتباع سلف الأمة والدليل القاطع السمعي في ذلك وأن إجماع الأمة حجة متبعة فلو كان تأويل هذه الظواهر مسوغا أو محتوما لأوشك أن يكون أهتمامهم بها فوق إهتمامهم بفروع الشريعة إذا انصرم عصر الصحابة والتابعين على الإضراب عن التأويل كان ذلك هو الوجه المتبع فلتجر آية الاستواء وآية المجي وقوله لما خلقت بيدي ص 75 على ذلك
قال الحافظ الذهبي في كتاب العلو قال الحافظ الحجة عبد القادر الرهاوي سمعت عبد الرحيم ابن أبي الوفاء الحاجي يقول سمعت محمد بن
سطر 660:
يشير الناظم رحمه الله تعالى إلى أن هذا الركب أقروا بما دل عليه الكتاب والسنة وأجمع عليه سلف الأمة وأئمتها من العقائد التي تضمنها
هذا الفصل وذكر نصوص الفوقية والعلو والاستواء والصعود كقوله تعالى ثم استوى على العرش االاعراف 54 الرحمن على العرش استوى طه 5 ثم استوى الى السماء فصلت 11 وقوله تعالى إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه فاطر 10 وقوله تعالى تعرج الملائكة والروح اليه المعارج 4 وقوله تعالى تنزل الملائكة والروح فيها باذن ربهم من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر القدر 4 5 وذكر معراج الرسول
السماء الثانية فاستفتح قيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد أرسل اليه قال نعم قيل مرحبا به ونعم المجيء جاء قال ففتح فلما خلصت فإذا يحيى وعيسى وهما ابنا الخالة قال هذا يحيى وعيسى فسلم عليهما فسلمت فردا السلام وقالا مرحبا بالاخ الصالح والنبي الصالح ثم صعد حتى أتى السماء الثالثة فاستفتح فقيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد أرسل قال نعم قيل مرحبا به ونعم المجيء جاء قال ففتح فلما خلصت إذا يوسف قال هذا يوسف فسلم عليه فسلمت عليه فرد السلام ثم قال مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح ثم صعد حتى أتى السماء الرابعة فاستفتح قيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل أوقد أرسل اليه قال نعم قيل مرحبا به ونعم المجيء جاء قال ففتح فلما خلصت فاذا إدريس قال هذا ادريس فسلم عليه فسلمت عليه فرد السلام ثم قال مرحبا بالاخ الصالح والنبي الصالح قال ثم صعد حتى أتى السماء الخامسة فاستفتح قيل من هذا قال جبريل وقيل من معك قال محمد قيل وقد أرسل اليه قال نعم قال مرحبا به ونعم المجيء جاء قال ففتح فلما خلصت فاذا هارون قال هذا هارون فسلم عليه قال فسلمت عليه فرد السلام قال مرحبا بالاخ الصالح والنبي الصالح ثم صعد حتى أتى السماء السادسة فاستفتح قيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد أرسل اليه قال نعم قال مرحبا به ونعم المجيء جاء ففتح فلما خلصت فاذا أنا بموسى قال هذا موسى فسلم عليه فسلمت فرد السلام ثم قال مرحبا بالاخ الصالح والنبي الصالح قال فلما تجاوزت بكى فقيل ما يبكيك
سطر 666:
قال أبكي لان غلاما بعث بعدي يدخل الجنة من امته اكثر مما يدخلها من أمتي ثم صعد حتى أتى السماء السابعة فاستفتح فقيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد أرسل اليه قال نعم قال مرحبا به ونعم المجيء جاء قال ففتح فلما خلصت فإذا إبراهيم قال هذا ابراهيم فسلم عليه قال فسلمت فرد السلام ثم قال مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح قال ثم رفعت الى سدرة المنتهى ثم رفع لي البيت المعمور قال ثم فرضت علي الصلاة خمسين صلاة في كل يوم فرجعت فمررت على موسى فقال بم أمرت فقلت بخمسين صلاة كل يوم قال إن امتك لا تستطيع خمسين صلاة وإني قد خبرت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لامتك قال فرجعت فوضع عني عشرا فرجعت إلى موسى فقال بم أمرت قلت بأربعين صلاة كل يوم قال إن أمتك لا تستطيع أربعين صلاة كل يوم واني قد خبرت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لامتك فرجعت فوضع عني عشرا اخر فرجعت الى موسى فقال بما أمرت قلت أمرت بثلاثين صلاة كل يوم قال ان أمتك لا تستطيع ثلاثين صلاة كل يوم وإني قد خبرت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فارجع الى ربك فاسأله التخفيف لامتك فرجعت فوضع عني عشرا أخر فرجعت الى موسى فقال بم أمرت
قلت بعشرين صلاة كل يوم قال إن امتك لا تستطيع عشرين صلاة كل يوم واني قد خبرت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فارجع الى ربك فاسأله التخفيف لامتك قال فرجعت فأمرت بعشر صلوات كل يوم فرجعت الى موسى فقال بم أمرت فقلت بعشر صلوات كل يوم قال إن أمتك لا تستطيع عشر صلوات كل يوم وإني قد خبرت الناس قبلك وعالجت بني اسرائيل أشد المعالجة فارجع الى ربك فاسأله التخفيف لامتك فرجعت فأمرت بخمس صلوات كل يوم فرجعت إلى موسى فقال بم أمرت قلت أمرت بخمس صلوات كل يوم قال إن أمتك لا تستطيع خمس صلوات كل يوم وإني قد خبرت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة قلت قد سألت ربي حتى استحييت ولكني أرضى وأسلم فلما نفذت نادى مناد قد أنفذت فريضتي وخففت عن عبادي متفق عليه قال النووي وC في شرح مسلم نقلا عن القاضي عياض الحق الذي عليه أكثر الناس ومعظم السلف وعامة المتأخرين من الفقهاء والمحدثين والمتكلمين أنه أسرى بجسده
قوله فقدرت من قربه من ربه قوسان يشير إلى قوله تعالى ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى النجم 8 9 وهذا علىأحد
التفسيرين في الآية وأن الرب تعالى هو الذي دنا فتدلى وسيأتي بسط الكلام على ذلك في شرح الدليل الخامس من أدلة علو الرب تعالى فوق خلقه والله اعلم وقال تعالى في حق المسيح صلوات الله عليه بل رفعه الله اليه النساء 158 الآية
وقوله واليه تصعد روح كل مصدق الخ يعني ان روح المؤمن المصدق تصعد الى الله بعد الموت وقد روى ابن أبي ذئب عن محمد بن عمرو ابن عطاء عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة عن النبي
الطيبة كانت في الجسد الطيب أبشري بروح وريحان ورب غير غضبان فلا يزال يقال لها ذلك حتى تخرج ثم يعرج بها الى السماء فيستفتح لها فيقال من هذا فيقال فلان فيقال مرحبا بالنفس الطيبة فلا يزال يقال لها ذلك حتى ينتهى بها الى السماء التي فيها الله تعالى وذكر الحديث رواه أحمد في مسنده والحاكم في مستدركه وقال هو على شرط البخاري ومسلم ورواه أئمة عن ابن أبي ذئب
وقوله فتنثني بأمان يشير إلى ما في حديث البراء بن عازب قال خرجنا مع رسول الله
قوله واليه آمال العباد توجهت الخ عن سلمان الفارسي قال قال
رسول الله
قال الناظم رحمه الله تعالى
... ونظير هذا أنهم فطروا على ... إقرارهم لا شك بالديان ... لكن أولو التعطيل منهم أصبحوا ... مرضى بداء الجهل والخذلان ... فسألت عنهم رفقتي وأحبتي ... أصحاب جهم حزب جنكسخان ... من هؤلاء ومن يقال لهم فقد ... جاؤوا بأمر ما لىء الآذان ... ولهم علينا صولة ما صالها ... ذو باطل بل صاحب البرهان ... أو ما سمعتم قولهم وكلامهم ... مثل الصواغر ليس ذا لجبان ... جاؤوكم من فوقكم وأتيتم ... من تحتهم ما أنتم نسيان ... جاؤوكم بالوحي لكن جئتم ... بنحاة الافكار والاذهان ...
سطر 702:
قوله منه بدا قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في شرح عقيدة الاصفهاني قد اتفق سلف الامة وائمتها على أن الله تعالى متكلم بكلام قائم به وأن كلامه تعالى غير مخلوق وانكروا على الجهمية ومن وافقهم من المعتزلة وغيرهم في قولهم إن كلامه تعالى مخلوق خلقه
في غيره وأنه كلم موسى بكلام خلقه في الشجرة فكلم جبريل بكلام خلقه في الهواء واتفق أئمة السلف على أن كلام الله منزل غير مخلوق منه بدأ واليه يعود قال ومعنى قولهم منه بدأ أي هو المتكلم به لم يخلقه في غيره كما قالت الجهمية ومن وافقهم من المعتزلة وغيرهم بأنه بدأ من بعض المخلوقات وأنه سبحانه لم يقم به كلام قال ولم يرد عن السلف أنه كلام فارق ذاته فان الكلام وغيره من الصفات لا يفارق الموصوف بل صفة المخلوق لا تفارقه وتنتقل الى غيره فكيف صفة الخالق تفارقه وتنتقل إلى غيره ولهذا قال الامام أحمد كلام الله ليس بائن منه قال شيخ الاسلام ومعنى قول السلف واليه يعود ما جاء في الآثار أن القرآن يسرى به حتى لا يبقى في المصاحف منه حرف ولا في القلوب منه أية وما جاءت به الاثار عن النبي
قال شيخ الاسلام في شرح الاصفهانية وهذه الروايات لا يدل شيءمنها على أن الكلام يفارق المتكلم وينتقل الى غيره وإنما تدل على ان الله هو المتكلم بالقرآن ومنه سمع لا أنه خلقه في غيره كما فسره بذلك الامام أحمد وغيره من الائمة
سطر 720:
وقال شيخ الاسلام رحمه الله تعالى في كلام له لهذا اعترض عبد الجبار وابن خطيب الري على الحديث وجعلوه من الآحاد لما رأوا احاديث تخالف العقل وهي في الاصل موضوعة انتهى
وينبغي أن نتكلم هنا على أخبار الآحاد وأنها تفيد العلم وله أدلة كثيرة ذكرها الناظم في كتاب الصواعق
الاول أن المسلمين لما أخبرهم العدل الواحد وهم بقباء في صلاة الصبح أن القبلة قد حولت الى الكعبة قبلوا خبره وتركوا الجهة التي كانوا عليها واستداورا الى القبلة ولم ينكر عليهم رسول الله
الثاني قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا الحجرات 6 وفي القراءة الاخرى فتثبتوا وهذا يدل على الجزم بقبول خبر الواحد لانه يحتاج الى التثبت ولو كان خبره لا يفيد العلم لامر بالتثبت حتى يحصل العلم وأيضا فالسلف الصالح وأئمة الاسلام لم يزالوا يقولون قال رسول الله
وهذه شهادة من القائل وجزم على رسول الله
الثالث أن أهل العلم بالحديث لم يزالوا يقولون صح عن رسول الله
الرابع قوله تعالى وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم لعلهم يحذرون التوبة 122 والطائفة تقع على الواحد فما فوقه فأخبر أن الطائفة تنذر قومهم إذا رجعوا إليهم فلو كان خبر الواحد لا يفيد العلم لكان ذلك الانذار أمرا بما لا فائدة فيه
الخامس قوله ولا تقف ما ليس لك به علم الاسراء 36 أي لا تتبعه ولا تعمل به ولم يزل المسلمون من عهد الصحابة يقفون أخبار الآحاد ويعملون بها ويثبتون لله تعالى بها الصفات فلوا كانت لا تفيد علما لكان الصحابة والتابعون وتابعوهم وأئمة الاسلام كلهم قد قفوا ما ليس لهم به علم
سطر 730:
السابع قوله تعالى يا أيها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته المائدة 67 وقال وما على الرسول
الا البلاغ المبين المائدة 99 وقال النبي
الثامن قوله تعالى وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا البقرة 143 وقوله وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس الحج 78 وجه الاستدلال انه تعالى أخبر أنه جعل هذه الامة عدولا خيارا ليشهدوا على الناس بأن رسلهم قد بلغوهم عن الله رسالته وادوا عليهم ذلك وهذا يتناول شهادتهم على الامم الماضية و شهادتهم على أهل عصرهم ومن بعدهم أن رسول الله
التاسع قوله تعالى ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق وهم يعلمون الزخرف 86 وهذه الاخبار التي رواها الثقات الحفاظ عن رسول الله
العاشر قول النبي
ولم تزل الصحابة والتابعون وأئمة الحديث يشهدون عليه
الحادي عشر أن هؤلاء المنكرين لإفادة أخبار النبي
بكثير من حرص أولئك علىأقوال متبوعهم إن هذا لهو العجب العجاب الثاني عشر قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم الأنفال 24 ووجه الاستدلال أن هذا أمر لكل مؤمن بلغته دعوة الرسول
الثالث عشر قوله تعالى فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم النور 63 وهذا يعم كل مخالف بلغه أمره
الرابع عشر قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول النساء 59 إلى قوله واليوم الآخر النساء 9 5 ووجد الاستدلال أنه أمر أن يرد ما تنازع فيه المسلون إلى الله ورسوله والرد إلى الله هو الرد إلى كتابه والرد إلى الرسول هو الرد إليه في حياته وإلى سنته بعد وفاته فلولا أن المردود إليه يفيد العلم وفصل النزاع لم يكن في الرد إليه فائدة إذ كيف يرد حكم المتنازع فيه إلى ما لا يفيد علما البتة ولا يدري أحق هو أم باطل وهذا برهان قاطع بحمد الله فلهذا قال من زعم أن أخبار رسول الله
فإن دعوتهم تحيط من ورائهم
قال الشافعي فلما ندب رسول الله
والمقصود أن خبر الواحد العدل لو لم يفد علما لأمر رسول الله
ومعلوم أن رسول الله
السادس عشر حديث أبي رافع الصحيح عن رسول الله
السابع عشر ما رواه مالك عن اسحاق بن عبد الله ابن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال كنت أسقي أبا عبيدة ابن الجراح وأبا طلحة الأنصاري وأبي بن كعب شرابا من فضيخ فجاءهم آت فقال إن الخمر قد حرمت فقال أبو طلحة قم يا أنس إلى هذه الجرار فاكسرها فقمت إلى مهراس لنا فضربتها بأسفله حتى كسرتها
وجه الاستدلال أن أبا طلحة أقدم على قبول خبر التحريم حيث ثبت به التحريم لما كان حلالا وهو يمكنه أن يسمع من رسول الله
وأكد ذلك القبول باتلاف الإناء وما فيه وهو مال وما كان ليقدم على إتلاف المال بخبر من لا يفيد خبرة العلم ورسول الله
الثامن عشر أن خبر الواحد لو لم يفد العلم لم يثبت به الصحابة التحليل والتحريم والاباحة والفروض ويجعل ذلك دينا يدان به في الأرض إلى آخر الدهر فهذا الصديق رضى الله عنه زاد في الفروض التي في القرآن فرض الجدة وجعله شريعة مستمرة إلى يوم القيامة بخبر محمد ابن مسلمة والمغيرة بن شعبة فقط وجعل حكم ذلك الخبر في إثبات هذا الفرض حكم نص القرآن في إثبات فرض الأم ثم اتفق الصحابة والمسلمون بعدهم على إثباته بخبر الواحد وأثبت عمر بن الخطاب رضي الله عنه بخبر حمل بن مالك دية الجنين وجعلها فرضا لازما للأمة وأثبت ميراث المرأة من دية زوجها بخبر الضحاك بن سفيان الكلابي وحده وصار ذلك شرعا مستمرا إ لى يوم القيامة وأثبت عثمان بن عفان شريعة عامة في سكنى المتوفى عنها بخبر فريعة بنت مالك وحدها وهذاأكثر من أن يذكر بل هو إجماع معلوم منهم ولا يقال على هذا إنما يدل على العمل بخبر الواحد في الظنيات ونحن لا ننكر ذلك لأنا قد قدمنا أنهم أجمعوا على قبوله والعمل بموجبه ولو جاز أن يكون كذبا أو غلطا في نفس الأمر لكانت الامة مجمعة على قبول الخطأ والعمل به وهذا قدح في الدين والأمة
التاسع عشر أن الرسل صلوات الله وسلامه عليهم كانوا يقبلون خبر
الواحد ويقطعون بمضمونه فقبله موسى من الذي جاء من أقصى المدينة قائلا له إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك القصص 20 فجزم بخبره وخرج هاربا من المدينة وقبل خبر ابنة صاحب مدين لما قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا القصص 25 وقبل خبر أبيها في قوله هذه ابنتي وتزوجها بخبره وقبل يوسف الصديق خبر الرسول الذي جاءه من عند الملك وقال له ارجع إلى ربك فاسأل ما بال النسوة يوسف 50 وقبل النبي
العشرون أن خبر العدل الواحد المتلقى بالقبول لو لم يفد العلم لم تجز الشهادة على الله ورسوله بمضمونه ومن المعلوم المتيقن أن الأمة من عهد الصحابة إلى الآن لم تزل تشهد على الله وعلى رسوله بمضمون هذه الأخبار جازمين بالشهادة في تصانيفهم وخطابهم فيقولون شرع الله كذا وكذا على لسان رسوله
قال أبو عمرو ابن الصلاح وقد ذكر الحديث الصحيح المتلقى بالقبول المتفق على صحته وهذا القسم جميعه مقطوع بصحته والعلم اليقيني النظري واقع به خلافا لقول من نفى ذلك محتجا بأنه لا يفيد إلا الظن والظن قد يخطىء قال وقد كنت أميل إلى هذا وأحسبه قويا ثم بان لي المذهب الذي اخترناه هو الصحيح لأن ظن من هو معصوم من الخطألا يخطىء والأمة في إجماعها معصومة من الخطأ ولهذا كان الإجماع المبني على الإجتهاد حجة مقطوعا بها وأكثر إجماعات العلماء كذلك وهذه نكتة نفيسة نافعة انتهى
ونقل الناظم أيضا قال قال شيخ الإسلام ابن تيمية وقد قسم الأخبار إلى تواتر وآحاد فقال بعد ذكر التواتر وأما القسم الثاني من الأخبار فهو ما لايرويه إلا الواحد العدل ونحوه ولم يتواتر لفظه ولا معناه ولكن تلقته الأمة بالقبول عملا به أو تصديقا له كخبر عمر بن الخطاب إنما الأعمال بالنيات وخبر ابن عمر نهى عن بيع الولاء وهبته وخبر أنس دخل مكة وعلى رأسه المغفر وكخبر أبي هريرة لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها وكقوله يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب وقوله إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل وقوله في المطلقة ثلاثا
حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك وقوله لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ وقوله إنما الولاء لمن أعتق وقوله يعني ابن عمر فرض رسول الله
أما السلف فلم يكن بينهم في ذلك نزاع وأما الخلف فهذا مذهب الفقهاء الكبار من أصحاب الأئمة الأربعة والمسألة منقولة في كتب الحنفية والمالكية والشافعية والحنبلية مثل السرخسي وأبي بكر الرازي من الحنفية والشيخ أبي الطيب والشيخ أبي إسحاق من الشافعية وابن خويز منداد وغيره من المالكية ومثل القاضي أبي يعلى وابن أبي موسى وأبي الخطاب وغيرهم من الحنبلية ومثل إسحق الأسفراييني وابن فورك وأبي إسحاق النظام من المتكلمين وإنما نازع في ذلك طائفة كابن الباقلاني ومن تبعه مثل أبي المعالي والغزالي وابن عقيل وقد ذكر أبو عمرو ابن الصلاح القول الأول وصححه واختاره ولكنه لم يعلم كثرة
القائلين به ليتقوى بهم وإنما قاله بموجب الحجة الصحيحة وظن من اعترض عليه من المشايخ الذين لهم علم ودين وليس لهم بهذا الباب خبرة تامة أن هذا الذي قاله الشيخ أبو عمرو انفرد به عن الجمهور وعذرهم أنهم يرجعون في هذه المسائل إلى ما يجدونه من كلام ابن الحاجب وإن ارتقوا درجة صعدوا إلى السيف الآمدي وإلى ابن الخطيب فإن علا سندهم صعدوا إلى الغزالي والجويني والباقلاني قال وجميع أهل ا لحديث على ما ذكره الشيخ أبو عمرو والحجة على قول الجمهور أن تلقي الأمة للخبر تصديقا وعملا إجماع منهم والأمة لا تجتمع على ضلالة كما لو اجتمعت على موجب عموم أو مطلق أو اسم حقيقة أو على موجب قياس فإنها لا تجتمع على خطأ وإن كان الواحد منهم لو جرد النظر إليه لم يؤمن عليه الخطأ فإن العصمة ثبتت بالسنة الاجماعية كما أن خبر التواتر يجوز الخطأ والكذب على واحد من المخبرين بمفرد ولا يجوز على المجموع والأمة معصومة من الخطأ في روايتها ورأيها ورؤياها كما قال النبي
في الباطن وهذا سؤال ابن الباقلاني قلنا وأما الجزم بصدقه فإنه قد يحتف به من القرائن ما يوجب العلم إذ القرائن المجردة قد تفيد العلم بمضمونها فكيف إذا احتفت بالخبر والمنازع بني على هذا أصله الواهي أن العلم بمجرد الأخبار لا يحصل إلا من جهة العدد فلزمه ان يقول ما دون العدد لا يفيد أصلا وهذا غلط خالفه فيه حذاق أتباعه وأما العمل به فلو جاز أن يكون في الباطن كذبا وقد وجب علينا العمل به لا نعقد الاجماع على ما هو كذب وخطأ في نفس الأمر وهذا باطل فإذا كان تلقي الأمة له بالقبول يدل على صدقه بأنه إجماع منهم على أنه صدق مقبول بإجماع السلف والصحابة أولى أن يدل على صدقه فإنه لا يمكن أحد أن يدعي إجماع الأمة إلا فيما أجمع عليه سلفها من الصحابة والتابعين وأما بعد ذلك فقد انتشرت انتشارا لا 2 تضبط أقوال جميعها
قال واعلم أن جمهور أحاديث البخاري ومسلم من هذا الباب كما ذكر الشيخ أبو عمرو ومن قبله العلماء كالحافظ أبي طاهر السلفي وغيره فإنما تلقاه اهل الحديث وعلماؤه بالقبول والتصديق فهو محصل للعلم مفيد لليقين ولا عبرة بمن عداهم من المتكلمين والأصوليين فإن الاعتبار في الاجماع على كل أمر من الأمور الدينية على أهل العلم به دون غيرهم كما لم يعتبر على الاجماع في الأحكام الشرعية إلا العلماء بها دون المتكلمين والنحاة والأطباء وكذلك لا يعتبر في الإجماع على صدق الحديث وعدم صدقه إلا أهل العلم بالحديث وطرقه وعلله وهم علماء أهل الحديث العالمون بأحوال نبيهم الضابطون لأقواله وأفعاله المعتنون بها اشد من عناية المقلدين بأقوال متبوعهم فكما أن العلم بالتواتر ينقسم إلى عام وخاص فيتواتر عند الخاصة مالا يكون معلوما لغيرهم فضلا أن يتواتر
عندهم فأهل الحديث لشدة عنايتهم بسنة نبيهم وضبطهم لأقواله وأفعاله وأحواله يعلمون من ذلك علما لا يشكون فيه مما لا شعور لغيرهم به البتة فخبر أبي بكر وعمر بن الخطاب ومعاذ بن جبل وابن مسعود ونحوهم يفيد العلم الجازم الذي يلتحق عندهم بقسم الضروريات وعند الجهمية والمعتزلة وغيرهم من أهل الكلام لا يفيد علما وكذلك يعلمون بالضرورة أن رسول الله
وبالجملة فهم جازمون بأكثر الأحاديث الصحيحة قاطعون بصحتها عن وغيرهم لا علم عنده بذلك والمقصود أن هذا القسم من الأخبار يوجب العلم عند جمهور العقلاء انتهى
وقد أطال الناظم رحمه الله تعالى الكلام في هذا المقام وأكثر النقول عن العلماء في أن أخبار الآحاد تفيد العلم واليقين ولكن تركناه اختصارا وفيما ذكرناه كفاية والله أعلم
سطر 784:
ذلك تكليما لموسى ولا هو شيئ يسمع والفكر لا يسمى مناداة فان قالوا نحن لا نسميه صوتا مع كونه مسموعا قلنا هذا مخالفة في اللفظ مع الموافقة في المعنى فإنه لا يعنى بالصوت إلا ما كان مسموعا ثم إن لفظ الصوت قد صحت به الاخبار
وقال الحافظ ابن حجر في شرح البخاري ومن نفى الصوت يلزمه أن الله تعالى لم يسمع أحدا من ملائكته ولا رسله كلامه بل ألهمهم إياه إلهاما قال وحاصل الاحتجاج للنفي الرجوع الى القياس على اصوات المخلوقين لانها التي عهدت ذات مخارج كما أن الرؤية قد تكون من غير اتصال أشعة ولئن سلم فيمنع القياس المذكور لان صفة الخالق لا تقاس على صفة المخلوقين وحيث ثبت ذكر الصوت بهذه الاحاديث الصحيحة وجب الايمان به
وقال ابن حجر أيضا في موضع آخر من شرح البخاري قوله
ومن الاحاديث في إثبات الصوت ما رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال خرجت الى الشام الى عبد الله بن أنيس الانصاري رضي الله عنه فقال عبد الله بن انيس سمعت رسول الله
الناس وأو مأبيده الى الشام حفاة عراة غرلا بهما قال ليس معهم شيء قال فيناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب أنا الملك أنا الديان لا ينبغي لاحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة وأحد من اهل النار يطلبه بمظلمة حتى اللطمة ولا ينبغي لاحد من أهل النار أن يدخل النار وأحد من أهل الجنة يطلبه بمظلمة حتى اللطمة قلنا كيف وإنما نأتي حفاة عراة غرلا قال بالحسنات والسيئات أخرج أصله البخاري تعليقا مستشهدا به ألى قوله أنا الملك أنا الديان وأخرجه الامام أحمد وأبو يعلي الموصلي والطبراني واخرجه الحافظ ضياء الدين المقدسي بسنده الى جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما قال بلغني أن للنبي
فظيع يسمعه من بعد كمن قرب أنا الديان لا تظالم اليوم أما وعزتي لا يجاوزني اليوم ظلم ظالم ولو لطمة بكف او يد على يد ألا وإن أشد ما أتخوف على أمتي من بعدي عمل قوم لوط فلترتقب أمتي العذاب إذا تكافأ النساء بالنساء والرجال بالرجال وقد رواه عبد الحق الاشبيلي من طريق الحارث بن أبي أسامة ومن مسنده نقله وخرجه علي بن معبد البغوي الملكي وغيره وفيه فابتعت بعيرا فشددت عليه رحلي ثم سرت اليه فسهرت شهرا حتى قدمت الشام فإذا عبد الله بن أنيس الانصاري فأتيت منزله فأرسلت اليه ان جابرا على الباب فرجع الرسول الي فقال جابر بن عبد الله قلت نعم فرجع اليه فخرج فاعتنقته فقلت حديث بلغني أنك سمعته من رسول الله
وروى الامام احمد رضي الله عنه بسنده الى عبد الله بن مسعود قال إذا تكلم الله بالوحي سمع صوته أهل السماء قال السجزي وما في رواة هذا الخبر الا أمام مقبول وتتمة الخبر فيخرون سجدا حتى إذا فزع عن قلوبهم قال سكن عن قلوبهم قال أهل السماء ماذا قال ربكم قالوا الحق قال كذا وكذا قال القاضي أبو الحسين وغيره ومثل هذا لا يقوله ابن مسعود رضي الله عنه إلا توقيفا لانه إثبات صفة للذات انتهى
سطر 807:
ذكر الحافظ الذهبي رحمه الله تعالى في كتاب العلو قال أخبرنا اسماعيل بن عبد الرحمن بن المبارك أنبانا عبد الله بن أحمد الفقيه أنبأ ابن البطي أنبا ابن خيرون أنبأنا أبو علي ابن شاذان أنبأنا أبو سهل القطان ثنا عبد الكريم الدير عاقولي ثنا يحيى بن عبد الحميد وغيره قالوا أنبأنا ابن فضيل عن ليث عن مجاهد عسى ان يبعثك ربك مقاما محمودا الاسراء 79 قال يجلسه أو يقعده على العرش لهذا القول طرق خمسة وأخرجه ابن جرير في تفسيره وعمل فيه المروذي مصنفا ثم قال الذهبي بعد ذلك فأما قضية قعود نبينا على العرش فلم يثبت في ذلك نص بل في الباب حديث واه وما فسر به مجاهد الآية كما ذكرناه فقد انكره بعض أهل الكلام فقام المروذي وقعد وبالغ في الانتصار لذلك وجمع فيه كتابا وطرق قول مجاهد منه رواية ليث ابن أبي سليم وعطاء ابن السائب وأبي يحيى القتات وجابر بن يزيد فممن افتى في ذلك العصر بأن هذا الاثر يسلم ولا يعارض ابو داود السجستاني صاحب السنن وابراهيم الحربي وخلق بحيث أن ابن الامام أحمد قال عقيب قول مجاهد أنا منكر على كل من رد هذا الحديث وهو عندي رجل سوء منهم سمعته من جماعة وما رأيت محدثا ينكره وعندنا إنما تنكره الجهمية وقد حدثنا هارون ابن معروف ثنا محمد بن فضيل عن ليث عن مجاهد في قوله عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا الاسراء 79 قال يقعده على العرش فحدثت به أبي رحمه الله فقال لم يقدر لي أن أسمعه من ابن فضيل بحيث أن المروذوي روى حكاية ينزل عن ابراهيم بن غرفة سمعت ابن عمير يقول سمعت أحمد بن حنبل يقول هذا قد تلقته العلماء بالقبول وقال المروذي قال أبو داود السجستاني ثنا ابن ابي صفوان الثقفي
ثنا يحيى ابن كثير ثنا سالم بن جعفر وكان ثقة ثنا الجريري ثنا سيف السدوسي عن عبد الله بن سلام قال اذا كان يوم القيامة جيىء بنبيكم
وقد رواه ابن جرير في تفسيره أعني قول مجاهد ثم قال ابن جرير ليس في فرق الاسلام من ينكر هذا لا من يقر أن الله فوق العرش ولا من ينكره وكذلك أخرجه النقاش في تفسيره وكذلك رد شيخ الشافعية ابن سريج على من انكره انتهى
قوله وزعمت أن لعرشه أطا به الخ عن جبير بن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه عن جده قال جاء اعرابي الى النبي
ولا إله غيره والاطيط الواقع بذات العرش من جنس الأطيط الحاصل في الرحل فذاك صفة للرحل وللعرش ومعاذ الله أن نعده صفة لله تعالى ثم لفظ الاطيط لم يأت به نص ثابت وقولنا في هذه الاحاديث إننا نؤمن بما صح منها وبما اتفق السلف على إمراره وإقراره فاما ما في إسناده مقال واختلف العلماء في قبوله وتأويله فانا لا نتعرض له بتقرير بل نرويه في الجملة ونبين حاله وهذا الحديث إنما سقناه لما فيه مما تواتر من علو الله تعالى فوق عرشه مما يوفق آيات الكتاب انتهى كلامه
قوله وزعمت أن الله أبدى بعضه الخ روى الترمذي في جامعه عن أنس أن النبي
قوله وزعمت للمعبود باقيا وله يمين الخ يأتي الكلام في الوجه
واليدين ان شاء الله تعالى
قوله وزعمت أن يديه للسبع العلى الخ روى البخاري في صحيحه عن عبد الله عن نافع ابن عمر عن رسول الله
قوله وزعمت أن يمينه ملأى الخ يشير الى قوله
قوله وزعمت أيضا أن قلب العبد ما الخ عن عبد الله بن عمرو ابن العاص قال سمعت رسول الله
قوله وكذاك يضحك من قنوط عباده الخ يشير الى ما في حديث أبي رزين عن النبي
قوله وزعمت ان الله يبسط كفه الخ يشير الى حديث أبي موسى أن رسول الله
قال الخلال في كتاب السنة قال حنبل سألت أبا عبد الله عن الاحاديث التي تروى أن الله تبارك وتعالى ينزل الى سماء الدنيا وأن الله يرى وأن الله يضع قدمه وما أشبه هذه الاحاديث فقال ابو عبد الله نؤمن بها ونصدق بها ولا كيف ولا معنى ولا نرد منها شيئا ونعلم ان ما جاء به الرسول حق اذا كانت باسانيد صحاح ولا نرد على الله قوله ولا يوصف الله تبارك وتعالى باكثر مما وصف به نفسه بلا حد ولا غاية ليس كمثله شيء وقال حنبل في موضع آخر وقال ليس كمثله شيء في ذاته كما وصف به نفسه وقد أجمل تبارك وتعالى بالصفة
سطر 888:
فيرى دبيب النمل في غسق الدجى ... ويرى كذاك تقلب الاجفان ... وضجيج أصوات العباد بسمعه ... ولديه لا تتشابه الصوتان ... وهو العليم بما يوسوس عبده ... في نفسه من غير نطق لسان ... بل يستوي في علمه الداني مع ... القاصي وذو الاسرار والاعلان ... وهو العليم بما يكون غدا وما ... قد كان والمعلوم في ذا الآن ... وبكل شيء لم يكن لو كان كيف يكون موجودا لذي الأعيان وهو القدير فكل شيء فهو ... مقدور له طوعا بلا عصيان ... وعموم قدرته تدل بأنه ... هو خالق الافعال للحيوان ... هي خلقه حقا وأفعال لهم ... حقا ولا يتناقض الامران ... لكن أهل الجبر والتكذيب بال ... أقدار ما انفتحت لهم عينان ... نظروا بعيني أعور اذ فاتهم ... نظر البصير وغارت العينان ... فحقيقة القدر الذي حار الورى ... في شأنه هو قدرة الرحمن ... واستحسن ابن عقيل ذا من أحمد ... لما حكاه عن الرضى الرباني ... قال الامام شفا القلوب بلفظه ... ذات اختصار وهي ذات بيان ...
أشار رحمه الله بهذه الابيات الى اثبات صفات الله تعالى التي نطق بها كتابه وسنة رسوله
تعالى التي ورد بها الكتاب وصحيح السنة وحسنها اثباتا بلا تمثيل وتنزيها بلا تعطيل خلافا للجهمية والمعتزلة والاشاعرة والامر كما قال نعيم بن حماد الخزاعي شيخ البخاري من شبه الله بخلقه فقد كفر ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر وليس ما وصف الله به نفسه او وصفه به رسوله تشبيها انتهى بل هو اثبات على ما يليق بجلال الله وعظمته وكبريائه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير
سطر 895:
وقد روى مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة
عن يحيى بن يعمر قال كان أول من تكلم في القدر بالبصرة معبد الجهني فانطلقت انا وحميد بن عبد الرحمن الحميري حاجين او معتمرين فقلنا لو فلقينا احدا من أصحاب رسول الله
السائل قلت الله ورسوله اعلم قال فإنه جبريل أتاكم يعلمكم أمر دينكم
وروى الامام أحمد وأبو داود عن عبادة بن الوليد بن عبادة حدثني أبي قال دخلت على عبادة وهو مريض أتخايل فيه الموت فقلت يا أبتاه أوصني واجتهد لي فقال أجلسوني فقال يا بني أنك لن تجد طعم الايمان ولن تبلغ حقيقة العلم بالله حتى تؤمن بالقدر خيره وشره قلت يا أبتاه كيف أعلم ما خير القدر وشره قال أن تعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطئك يا بني سمعت رسول الله
وقد قال الامام أحمد رحمه الله لما سئل عن القدر قال القدر قدرة الرحمن واستحسن ابن عقيل هذا من أحمد كما ذكره الناظم والمعنى أنه لا يمنع عن قدرة الله شيء ونفاة القدر قد جحدوا كمال قدرة الله تعالى 2 فضلوا عن سواء السبيل
وقد قال بعض السلف ناظروهم بالعلم فان أقروا به خصموا وأن جحدوه كفروا
وفي المسند و سنن ابي داود عن ابن الديلمي واسمه عبد الله
ابن فيروز قال لو أن الله عذب اهل سمواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم ولو رحمهم لكانت رحمته خيرا لهم من اعمالهم ولو انفقت مثل احد ذهبا ما قبله الله منك حتى تؤمن بالقدر وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك ولو مت على غير هذا لكنت من أهل النار قال فأتيت عبد الله بن مسعود فقال مثل ذلك ثم أتيت حذيفة بن اليمان فقال مثل ذلك ثم أتيت زيد بن ثابت قال فحدثني عن النبي
وقد ثبت في صحيح مسلم من رواية عبد الله بن وهب وغيره عن أبي هانىء الخولاني عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله
وكل هذه الاحاديث وما في معناها فيها الوعيد الشديد على عدم الايمان بالقدر وهي الحجة على نفاة القدر من المعتزلة وغيرهم ومن مذهبهم تخليد أهل المعاصي في النار وهذا الذي اعتقدوه من أكبر الكبائر
سطر 913:
وقوله ولاجل ذا جاء الحديث الخ أي جاء الحديث بأن الحي القيوم هما اسما الله الاعظم يشير الى ما رواه ابو داود والترمذي وابن ماجة وحسنه الترمذي وصححه من حديث أسماء بنت يزيد رضي الله
عنها أن النبي
واخرج الامام أحمد وابن ماجة من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال مر النبي
وفي جلاء الافهام للناظم قال وفي مسند أبي يعلى الموصلي عن بعض الصحابة أنه طلب أن يعرف اسم الله الاعظم فرأى في منامه مكتوبا في السماء بالنجوم يا بديع السموات والارض ياذا الجلال والاكرام انتهى
... وله الارادة والكراهة والرضى ... وله المحبة وهو ذو الاحسان ... وله الكمال المطلق العاري عن ... التشبيه والتمثيل بالانسان ... وكمال من أعطى الكمال بنفسه ... أولى وأقدم وهو أعظم شان ... أيكون قد أعطى الكمال وماله ... ذاك الكمال أذاك ذو إمكان ... أيكون إنسان سميعا مبصرا ... متكلما بمشيئة وبيان
سطر 936:
ألقاه مسسوعا له من ربه ... للصادق المصدوق بالبرهان ...
قوله ورسوله قد عاذ بالكلمات الخ أقول احتج الامام أحمد وغيره على أن كلام الله غير مخلوق بأن النبي
وقول الناظم هو قول ربي كله لا بعضه إلخ هذا إشارة إلى قول أبي محمد عبد الله بن سعيد بن كلاب ومن اتبعه كالقلانسي وأبي الحسن الأشعري وغيرهم إن كلام الله معنى قائم بذات الله هو الأمر بكل مأمور أمر به والخبر عن كل مخبر أخبر الله عنه إن عبر عنه بالعربية كان قرآنا وإن عبر عنه بالعبرية كان توراة وإن عبر عنه بالسريانية كان إنجيلا والأمر والنهي والخبر ليست أنواعا له ينقسم الكلام إليها وإنما
سطر 944:
كان توراة وإن عبر عنه بالسريانيه كان إنجيلا وجمهور العقلاء يقولون إن فساد هذا معلوم بالضرورة بعد التصور التام فإنا إذا عربنا التوراة والانجيل لم يكن معناهما معنى القرآن بل معاني هذا ليست معاني هذا وكذلك قل هو الله أحد ليس هو معنى تبت يدا أبي لهب ولا معنى آيةالكرسي آية الدين وقالوا إذا جوزتم أن تكون الحقائق المتنوعة شيئا واحدا فجوزوا أن يكون العلم والقدرة الكلام والسمع والبصر صفة واحدة فالتزم أئمة هذا القول بأن هذا الالزام ليس لهم عنه جواب عقلي ثم منهم من قال الناس في الصفات إما مثبت لها وإما ناف لها وأما إثباتها واتحادها فخلاف الإجماع وممن اعترف بأن ليس له جواب أبو الحسن الآمدي
وقول الناظم لكن أصوات العباد وفعلهم الخ أي إن مذهب أئمة أهل الحديث كالإمام أحمد والبخاري وغيرهما أن القرآن كلام الله غير مخلوق والسلف والأئمة متفقون على أن القرآن كلام الله غير مخلوق والقرآن بلغة جبريل عن الله إلى محمد وبلغة محمد إلى الخلق والكلام المبلغ عن قائله لا يخرج عن كونه كلام المبلغ عنه بل هو كلام لمن قاله مبتدئا لا كلام من بلغه عنه مؤديا فالنبي
نسمعه وإنما سمعنا صوت المحدث عنه والكلام كلام رسول الله
بقول الوحيد الذي أوعده سقر ومن قال إن شيئا منه فوق البشر فقد قال ببعض قوله ومن قال إنه ليس بقول رسول كريم وإنما هو قول شاعر أو مجنون أو مفتر أو قال هو قول شيطان نزل به عليه ونحو ذلك فهو أيضا كافر ملعون وقد علم المسلمون الفرق بين أن يسمع كلام المتكلم منه أو من المبلغ عنه وأن موسى سمع كلام الله من الله بلا واسطة وأنا نحن إنما نسمع كلام الله من المبلغين عنه وإذا كان الفرق ثابتا بين من سمع كلام النبي
قوله وخصومهم من بعد طائفتان
... إحداهما زعمت بأن كلامه ... خلق له ألفاظه ومعان ...
سطر 960:
... إن الكلام لفي الفؤاد وإنما ... جعل اللسان على الفؤاد دليلا
ومن الناس من أنكر أن يكون هذا من شعره وقالوا انهم فتشوا ديوانه فلم يجدوه وهذا يروي عن أبي محمد بن الخشابقال بعضهم لفظه إن البيان لفي الفؤاد ومن العجب أنه لواحتج محتج في مسألة بحديث أخرجاه في الصحيحن عن النبي
... لا يعجبنك من خطيب خطبة ... حتى يكون مع الكلام أصيلا ... إن الكلام لفي الفؤاد وإنما ... جعل اللسان على الفؤاد دليلا
سطر 982:
المكان وعلمه قراءته ثم جبريل أداه في الارض وهو يهبط في المكان وفي التنزيل طريقان
أحدهما ان النبي
والثاني أن الملك انخلع الى البشرية حتى يأخذه الرسول منه والاول اصعب الحالين انتهى
وقال القطب الرازي في حواشي الكشاف الانزال لغة بمعنى الايواء وبمعنى تحريك الشيء من علو الى اسفل وكلاهما لا يتحققان في الكلام فهو مستعمل فيه في معنى مجازي فمن قال القرآن معنى قائم بذات الله تعالى فانزاله أن يوجد الكلمات والحروف الدالة على ذلك المعنى ويثبتها في اللوح المحفوظ ومن قال القرآن هو الالفاظ فانزاله مجرد اثباته في اللوح المحفوظ وهذا المعنى مناسب لكونه منقولا عن المعنيين اللغويين ويمكن ان يكون المراد بانزاله اثباته في السماء الدنيا بعد الاثبات في اللوح المحفوظ وهذا مناسب للمعنى الثاني والمراد بانزال الكتب على الرسل أن يتلقفها الملك من الله تلقفا روحانيا أو يحفظها من اللوح المحفوظ وينزل بها فيلقيها عليهم انتهى وذكر بعضهم ان أحرف القرآن في اللوح المحفوظ كل حرف منها بقدر جبل قاف وأن تحت كل حرف منها معان لا يحيط بها الا الله انتهى وقال بعضهم في المنزل على النبي
أحدها أنه اللفظ والمعنى وأن جبريل حفظ القرآن من اللوح المحفوظ ونزل به
والثاني أن جبريل انما نزل بالمعاني خاصة وانه
وعبر عنها بلغة العرب وتمسك قائل هذا بظاهر قوله تعالى نزل به الروح الامين على قلبك الشعراء 193
سطر 993:
قوله
... لكن أهل الحق قالوا إنما ... جبريل بلغه عن الرحمن ...
أقول قال ابو الحسن محمد بن عبد الملك الكرجي الشافعي في كتاب الفصول في الاصول عن الائمة الفحول وذكر اثنا عشر إماما وهم الشافعي ومالك والثوري وأحمد والبخاري وابن عيينة وابن المبارك والاوزاعي والليث بن سعد واسحق بن راهويه وابو زرعة وابو حاتم سمعت الامام ابا منصور محمد بن أحمد يقول سمعت الامام ابا بكر عبد الله بن احمد يقول سمعت الشيخ ابا حامد الاسفراييني يقول مذهبي ومذهب الشافعي وفقهاء الامصار أن القرآن كلام الله غير مخلوق ومن قال مخلوق فهو كافر والقرآن حمله جبريل عليه السلام مسموعا من الله تعالى و الصحابة سمعوه من رسول الله
قال الناظم رحمه الله تعالى
سطر 1٬003:
شرع الناظم رحمه الله تعالى في بيان طرق أهل الارض واختلافهم في القرآن العظيم وذكر أن اختلافهم يدور على أصلين وهما هل قوله بمشيئة واردة ام هو بغير مشيئة وارادة وهل كلامه تعالى في ذاته ام هو خارج الذات وذكر ان القائلين بأنه بغير مشيئة وارادة طائفتان إحداهما الكلابية والاشاعرة والطائفة الثانية اقترانية وهم السالمية أتباع ابي الحسن بن سالم وهذا هو البناء الاصيل والبرهان الذي يقوم عليه الدليل لا ما ذكره الدواني في معنى اختلاف الناس في القرآن من الكلام الجزاف والهذيان الذي بطلانه غير خاف وذلك أنه قال في شرحه العقائد العضدية لا خلاف بين أهل الملة في كونه تعالى متكلما أي موصوفا بهذه الصفة لكن اختلفوا في تحقيق كلامه هل هو نفسي او لفظي وحدوثه وقدومه وذلك انهم لما رأوا قياسين متعارضي النتيجة وهما كلام الله تعالى صفة له وكل ما هو صفة له فهو قديم فكلام الله تعالى قديم وكلام الله تعالى مؤلف من حروف وأصوات مترتبة متعاقبة في الوجود وكل ما هو كذلك فهو حادث فكلام الله تعالى حادث اضطروا الى القدح في أحد القياسين ضرورة امتناع حقية النقيضين فمنع كل طائفة بعض المقدمات فالحنابلة ذهبوا الى أن كلام الله تعالى حروف واصوات وهي قديمة ومنعوا أن كل ما هو مؤلف من حروف واصوات مترتبة فهو حادث بل قال بعضهم بقدم الجلد والغلاف قال قلت ما بالهم لم يقولوا بقدم الكاتب ! والمجلد قال وقيل انهم منعوا اطلاق لفظ الحادث على الكلام
اللفظي رعاية للآدب واحترازا عن ذهاب الوهم الى حدوث الكلام النفسي كما قال بعض الاشاعرة إن كلامه تعالى ليس قائما بلسان او قلب ولا حالا في مصحف أو لوح ومنع اطلاق القول بحدوث كلامه وان كان المراد هو اللفظي رعاية للأدب واحترازا عن ذهاب الوهم الى حدوث الكلام الازلي والمعتزلة قالوا بحدوث كلامه وانه مؤلف من اصوات وحروف وهو قائم بغيره ومعنى كونه متكلما عندهم أنه موجد لتلك الحروف والاصوات في الجسم كاللوح المحفوظ او كجبريل او النبي
والكرامية لما رأوا أن مخالفة الضرورة التي التزمها الحنابلة أشنع من مخالفة الدليل وأن ما التزمه المعتزلة من كون كلامه تعالى صفة لغيره وأن معنى كونه متكلما كونه خالقا للكلام في الغير مخالف للعرف واللغة ذهبوا الى أن كلامه تعالى صفة له مؤلفة من الحروف والاصوات الحادثة القائمة بذاته تعالى فهم منعوا أن كل ما هو صفة له فهو قديم والاشاعرة قالوا كلامه تعالى معنى واحد بسيط قائم بذاته تعالى قديم فهم منعوا أن كلامه تعالى مؤلف من الحروف والاصوات ولا نزاع بين الشيخ والمعتزلة في حدوث الكلام اللفظي وانما نزاعهم في اثبات الكلام النفسي وعدمه وذهب المصنف الى أن مذهب الشيخ يعني الاشعري أن الالفاظ أيضا قديمة وأفرد في ذلك مقالة ذكر فيها ان لفظ المعنى يطلق تارة على مدلول اللفظ واخرى على القائم بالغير فالشيخ لما قال هو المعنى
سطر 1٬017:
الثالث قوله والكرامية لما رأوا مخالفة الضرورة التي التزمها الحنابلة الخ يقال إن كان مخالفة الضرورة ضارا فأصحابك الاشاعرة قد خالفوا الضرورة في إثبات المعنى النفسي فالتزموا أن الساكت متكلم والاخرس متكلم وغير ذلك من الشناعات
الرابع قوله والمعتزلة قالوا بحدوث كلامه وأنه مؤلف من أصوات وحروف وهو قائم بغيره الخ
يقال هذا في الحقيقة هو قول أصحابك الاشاعرة فانهم قضوا بحدوث الحروف وأنها مخلوقة وصرحوا بانها إنشاء جبريل او انشاء محمد
وقالوا الكلام يطلق على المعنى واللفظ بالاشتراك فانهدم أصلهم الذي ردوا به على المعتزلة ولا خلاف بينكم وبين المعتزلة في الحقيقة إذ الالفاظ عندهم مخلوقة كما هو قولكم والمعنى الذي اثبتموه وخالفتم به جميع فرق الامة هو شيء لا حقيقة له وليس بأيديكم الا بيت الاخطل
سطر 1٬052:
لكنما متأخروهم بعد ذا ... لك وافقوا جهما على الكفران ... فهم بذا جهمية أهل اعتزال ... ثوبهم أضحى له علمان ... ولقد تقلد كفرهم خمسون في ... عشر من العلماء في البلدان ... واللالكائي الامام حكاه عن ... هم بل حكاه قبله الطبراني ...
شرع الناظم رحمه الله تعالى في بيان مذاهب القائلين بأن كلام الله تعالى متعلق بالمشيئة والارادة فذكر مذهب الجهمية القائلين بخلق القرآن ومن تبعهم من المعتزلة وذلك ان الكلام عندهم صفة فعل قالوا وانما سمي كلام الله للتشريف كما يقال بيت الله والا فالله تعالى عندهم ما تكلم ولا يتكلم كما قال الامام أحمد رحمه الله تعالى فيما خرجه في الرد على الجهمية بيان ما انكرت الجهمية ان الله كلم موسى
القرآن قال واما ما قالوا ان الله لم يتكلم ولا يتكلم فكيف يصنعون بحديث سليمان الاعمش عن خيثمة عن عدي بن حاتم الطائي قال قال رسول الله
أصفه لكم قالوا شبهه قال أسمعتم أشد ما يسمع من اصوات الصواعق فكأنه مثله
سطر 1٬132:
وما كنت بجانب الطور إذ نادينا القصص 46 ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون القصص 62 74 في موضعين ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين القصص 65 وفي الصافات وناديناه أن يا ابراهيم قد صدقت الرؤيا الصافات 104 105 وفي النازعات وهل أتاك حديث موسى اذ ناداه ربه بالواد المقدس طوى النازعات 15 16
وقوله وكذا يكلم جبرئيل بأمره يشير الى حديث النواس بن سمعان قال قال رسول الله
وقوله واذكر حديثا في صحيح محمد الخ يشير الى حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه في القصاص وقد تقدم
وقوله ورواه عندكم البخاري المجسم الخ يحكى عن الصاحب بن عباد انه قال عن البخاري انه مجسم ساقط
سطر 1٬138:
وقول الناظم وأتى الندا في تسع آيات له الخ بل أتى النداء في عشرة مواضع أو أكثر كما في المنهاج
قوله واذكر حديثا لابن مسعود هو ما رواه الترمذي من طريق عبد الله بن مسعود عن رسول الله
قوله وانظر الى السور التي افتتحت الخ
قال الناظم رحمه الله تعالى في كتاب بدائع الفوائد تأمل سر الم كيف اشتملت على هذه الاحرف الثلاثة فالالف اذا بدىء بها أولا كانت همزة وهي أول المخارج من أقصى الصدر واللام من وسط مخارج الحروف اعتمادا على اللسان والميم آخر الحروف ومخرجها من الفم وهذه الثلاثة هي أصل مخارج الحروف أعني الحلق واللسان والشفتين وتنزلت في التنزيل من البداية الى الوسط الى النهاية فهذه الحروف تعتمد على المخارج الثلاثة التي يتفرع منها ستة عشر مخرجا فيصير منها ثمانية وعشرون حرفا عليها مدار كلام الامم الاولين والاخرين مع تظمنها سرا عجيبا وهو ان الالف للبداية واللام للتوسط والميم للنهاية فاشتملت الاحرف الثلاثة على البداية والنهاية والواسطة بينهما وكل سورة استفتحت بهذه الاحرف الثلاثة فهي مشتملة على بدء الخلق ونهايته وتوسطه فمشتملة على تخليق العالم وغايته وعلى المتوسط بين البداية والنهاية من التشريع والاوامر وتأمل اقتران الطاء بالسين والهاء في القرآن فإن الطاء جمعت من صفات الحروف خمس صفات لم يجمعها غيرها وهي الجهر والشدة
والاستعلاء والقلقلة والاطباق والسين حرف مهموس رخو مستقل صغير منفتح فلا يمكن أن يجمع الى الطاء الاحرف التي يقابلها كالسين والهاء فذكر الحرفين اللذين جمعا صفات الحروف وتأمل السور التي اجتمعت على الحروف المفردة كيف تجد السورة مبنية على كلمة ذلك الحرف فمن ذلك ق والسورة مبنية على الكلمات القافية من ذكر القرآن وذكر الخلق وتكرر القول مراجعته مرارا والقرب من ابن آدم وتلقي الملكين قول العبد وذكر الرقيب وذكر السائق والقرين وذكر القبل مرتين وتشقق الارض وإلقاء الرواسي فيها وبسوق النخل والرزق وذكر القوم وحقوق الوعيد ولو لم يكن الا تكرار القول والمحاورة وسر آخر وهو أن كل معاني هذه السورة مناسبة لما في حرف القاف من الشدة والجهر والعلو والانفتاح
وإذا أردت زيادة ايضاح فتأمل ما اشتملت عليه سورة ص من الخصومات المتعددة فأولها خصومة الكفار مع النبي
فليتأمل اللبيب الفطن هل يليق بهذه السورة غير ص وسورة ق غير حرفها وهذه قطرة من بعض أسرار هذه الحروف والله سبحانه اعلم آخر كلامه
سطر 1٬231:
رب العالمين فالتلاوة اذا ذاك والمتلو ليسا بمخلوقين ولهذا يقول الامام أحمد من قال لفظي بالقرآن مخلوق يريد به القرآن فهو جهمي فتأمل هذا فالمسألة صعبة وما فصلته فيها وإن كان حقا فأحمد رحمه الله تعالى وعلماء السلف لم يأذنوا في التعبير عن ذلك وفروا عن الجهمية ومن الكلام بكل ممكن حتى إن حرب بن اسماعيل قال سمعت ابن راهويه وسئل عن الرجل يقول القرآن ليس بمخلوق وقراءتي إياه مخلوقة لأني أحكيه فقال هذا بدعة لا يقار على هذا حتى يدع قوله
قلت أظن اسحق نفر من قوله لاني أحكيه بحيث أن الحافظ الثبت عبد الله بن الامام أحمد رضي الله عنه قال سألت أبي في رجل قال التلاوة مخلوقة وألفاظنا بالقرآن مخلوقة والقرآن كلام الله ليس بمخلوق قال هذا كلام الجهمية قال الله تعالى وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله التوبة 6 وقال النبي
وكان أبي يكره أن يتكلم في اللفظ بشيء او يقال مخلوق أوغير مخلوق
قلت فعل الامام أحمد رضي الله عنه هذا حسما للمادة والا فالملفوظ كلام الله والتلفظ به فمن كسبنا انتهى كلام الذهبي وقول الناظم وهو الذي قصد البخاري الرضى الى آخره يعني ان الامام أحمد قال فيما نقل عنه نقلا مستفيضا أنه قال من قال لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهمي ومن قال غير مخلوق فهو مبتدع
قال الناظم في كتاب الصواعق المرسلة فان قيل فاذا كان الامر كما قررتم فكيف أنكر الامام احمد على من قال لفظي بالقرآن مخلوق وبدعة ونسبه الى التجهم وهل كانت محنة أبي عبدالله البخاري الا على ذلك حتى هجره أهل الحديث ونسبوه الى القول بخلق القرآن قيل معاذ الله أن يظن بأئمة الاسلام هذا الظن الفاسد فقد صرح البخاري في كتابه خلق أفعال العباد وفي آخر الجامع بأن القرآن كلام الله غير مخلوق وقال حدثنا سفيان بن عيينة قال أدركت مشيختنا منذ سبعين سنة منهم عمرو بن دينار يقولون القرآن كلام الله غير مخلوق الى أن قال فالبخاري أعلم بهذه المسألة وأولى بالصواب فيها من جميع من خالفه وكلامه أوضح وأمتن من كلام أبي عبد الله فان الامام احمد سد الذريعة حيث منع اطلاق لفظ المخلوق نفيا وإثباتا على اللفظ وهذا المنع في النفي والاثبات من كمال علمه باللغة والسنة وتحقيقه لهذا الباب فإنه امتحن بما لم يمتحن به غيره وصار كلامه قدوة وإماما لحزب الرسول
الملفوظ نفسه وهو غير مقدور للعبد ولا فعل له والثاني التلفظ به والادالة وفعل العبد فاطلاق الخلق على اللفظ قد يوهم المعنى الاول وهو خطأ واطلاق نفي الخلق عليه قد يوهم المعنى الثاني وهو خطأ فمنع الاطلاقين وأبو عبد الله البخاري ميز وفصل وأشبع الكلام في ذلك وفرق بين ما قام بالرب وبين ما قام بالعبد وأوقع المخلوق على تلفظ العباد وأصواتهم وحركاتهم وأكسابهم ونفى اسم الخلق عن الملفوظ وهو القرآن الذي سمعه جبريل من الله تعالى وسمعه محمد
سمع من رسول الله
فنقول وبالله التوفيق اما الفريق الاول فأصابوا في قولهم إن الله تعالى تكلم بهذا القرآن على الحقيقة حروفه ومعانيه تكلم به بصوته وأسمعه من شاء من ملائكته وليس هذا القرآن العربي مخلوقا من جملة المخلوقات وأخطؤوا في قولهم إن هذا الصوت المسموع من القارىء هو الصوت القائم بذات الرب تعالى وانه غير مخلوق وان تلاوتهم قراءتهم وألفاظهم القائمة بهم غير مخلوقة فهذا غلو في الاثبات يجمع بين الحق والباطل وأما الفريق الثاني فأصابوا في قولهم إن أصوات العباد وتلاوتهم وقراءتهم وما قام بهم من أفعالهم وتلفظهم بالقرآن وكتابتهم له مخلوق وأخطؤوا في قولهم إن هذا القرآن العربي الذي بلغه رسول الله
ذلك عن الامام أحمد فأنكر عليهم صاحب الامام أحمد وأخص الناس به أبو بكر المروذي ذلك وصنف كتابا مشهورا ذكره الخلال في السنة ثم نصر هذا القول أبو عبد الله بن حامد وأبو نصر السجزي وغيرهما ثم نصرهما بعده القاضي أبو يعلى وغيره ثم ابن الزاغوني وهو خطأ على أحمد فقابل هؤلاء الفريق الثاني وقالوا إن نفس هذه الالفاظ مخلوقة لم يتكلم الله بها ولم تسمع منه وإنما كلامه هو المعنى القائم بنفسه وقالوا هذا قول أحمد والبخاري وأئمة السنة براء من هذين القولين والثابت المتواتر عن الامام أحمد هو ما نقله عنه خواص أصحابه وثقاتهم كابنيه صالح وعبد الله والمروذي وغيرهم الانكار على الطائفتين جميعا كما ذكره البخاري فأحمد والبخاري على خلاف قول الفريقين وكان يقول من قال لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهمي ومن قال غير مخلوق فهو مبتدع وإن القرآن وإن القرآن الذي يقرؤه المسلمون هو كلام الله على الحقيقة وحيث تعرف كلام الله فهو غير مخلوق وكان يقول بخلق أفعال العباد وأصواتهم وأن الصوت المسموع من القارىء هو صوته وهو مخلوق ويقول في قول النبي
قال الناظم رحمه اله تعالى
سطر 1٬250:
لكن حقيقة قولهم أن قد أتو ... بالكذب عند مصالح الإنسان ... والفيلسوف وذا الرسول لديهم ... متفاوتان وما هما عدلان ... أما الرسول ففيلسوف عوامهم ... والفيلسوف نبي ذي البرهان ... والحق عندهم ففيما قاله ... وأتباع صاحب منطق اليونان ...
ذكر الناظم رحمه الله تعالى كلام المتفلسفة في كلام الله تعالى كابن سينا وأتباعه ومن وافقهم من متصوف ومتكلم فإن كلام الله عندهم ليس له وجود خارج عن نفوس العباد بل هو ما يفيض على النفوس من المعاني إعلاما أو طلبا إما من العقل الفعال كما يقوله كثير من المتفلسفة وإما مطلقا كما يقوله بعض متصوفة الفلاسفة أفاده شيخ الإسلام وقال في كلامه على حديث النزول بعد كلام سبق ثم لما أرادوا تقرير النبوة جعلوها فيضا يفيض على نفس النبي من العقل الفعال أو غيره من غير أن يكون رب العالمين يعلم له رسولا معينا ولا يميز بين موسى وعيسى ومحمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ولا يعلم الجزئيات ولا نزل من عنده ملك بل جبريل هو خيال يتخيل في نفس النبي وهو العقل الفعال وأنكروا أن تكون السموات تنشق وتنفطر وغير ذلك مما أخبر به الرسول
قولين لهم إلى غير ذلك من أنواع الإلحاد والكفر الصريح والكذب على النبي
وقد بين في غير هذا الموضع أن هؤلاء أكفر من اليهود والنصارى بعد النسخ والتبديل وأن تظاهروا الإسلام فإنهم يظهرون من مخالفة الإسلام أعظم مما كان يظهره المنافقون الذين كانوا على عهد رسول الله
قوله خطابة بفتح الخاء ما ركب من مقدمات مقبولة أو من مقدمات مظنونة وسميت بذلك لأن القصد منها ترغيب المخاطب فيما يفعله الخطباء كذا ذكر المنطقيون
قال الناظم رحمه الله تعالى
سطر 1٬366:
ورميت الكتب مدة النهب تحت أرجل الخيل وألقي خلق من القتلى في دجلة وحفرت حفائر وطمت على خلق كثير جعل الله ذلك كفارة وتمحيصا وزعم العلقمي أنه يحسن لهولاكو أن يقيم ببغداد خليفة علويا فلم يتهيأ له ذلك ثم لم يلبث أن هلك ولم يبق من بغداد واهلها الا مقدار الثمن ونحو ذلك وفي أثناء ذلك العام فسد الهواء لملحمة بغداد واتصل الوباء بالشام ومات أمم بدمشق وغيرها انتهى كلامه
ومعنى ما ذكره الناظم رحمه الله تعالى في قوله فغدا على سيف التتار الالف في مثل لها مضروبة بوزان وكذا ثمان مئينها في ألفها الخ أي أن القتلى في بغداد بلغوا ألف ألف وثمانمائة الف لكن في هذا نظر كما ذكره الذهبي قال والاصح أنهم بلغوا نحوا من ثمانمائة ألف وهذا معنى قول الناظم فشفى اللعين النفس من حزب الرسول الخ قوله وبوده لو كان في احد وقد شهد الوقيعة مع أبي سفيان أي ان النصير يود لو أنه شهد أحدا مع أبي سفيان قائد جيش قريش حتى يبلغ اربه ويقضي وطره من الرسول
قال الناظم رحمه الله
... وشواهد الاحداث ظاهرة على ... ذا العالم المخلوق بالبرهان ... وأدلة التوحيد تشهد كلها ... بحدوث كل ما سوى الرحمن ... لو كان غير الله جل جلاله ... معه قديما كان ربا ثاني ... إذ كان عن رب العلى مستغنيا ... فيكون حينئذ لنا ربان ... والرب باستقلاله متوحد ... أفممكن أن يستقل اثنان ... لوكان ذاك تنافيا وتساقطا ... فاذا هما عدمان ممتنعان
سطر 1٬395:
قال الناظم رحمه الله تعالى فاذا أبيتم ذا وقلتم ... أول الاانات مفتتح بلا نكران ... ما كان ذاك الآن مسبوقا يرى ... الا بسبل وجوده الحقان ... فيقال ما تعنون بالانات هل ... تعنون مدة هذه الازمان ... من حين إحداث السموات العلى ... والارض والافلاك والقمران ... ونظنكم تعنون ذاك ولم يكن ... من قبلها شيء من الاكوان 5 ... هل جاءكم في ذاك من أثر ومن ... نص ومن نظر ومن برهان ... هذا الكتاب وهذه الاثار والمعقول ... في الفطرات والاذهان ... إنا نحاكمكم الى ما شئتم ... منها فحكم الحق في تبيان ... اوليس خلق الكون في الايام كا ... ن وذاك مأخوذ من القرآن ... او ليس ذلكم الزمان بمدة ... لحدوث شيء وهو عين زمان ... فحقيقة الازمان نسبة حادث ... لسواه تلك حقيقة الازمان ... واذكر حديث السبق للتقدير ... والتوقيت قبل جميع ذي الاعيان ... خمسين ألفا من سنين عدها المختار ... سابقة لذي الاكوان ... هذا وعرش الرب فوق الماء من ... قبل السنين بمدة وزمان
يقول الناظم رحمه الله تعالى فاذا أبيتم ما ذكرنا وقلتم ان الانات لها اول ولا يصير ذاك اولا الا بسلب وجوده والا لم يكن أولا فنقول ما تعنون بالانات هل تعنون مدة هذه الازمان أي من حين خلق الله السموات والشمس والقمر والنجوم والارض وأن عندكم لم يكن قبلها شيء من الاكوان أي من المخلوقات فهل عندكم حجة على أنه ليس قبلها شيء فهاتوا برهانكم على ذاك من الاثر والنظر ونحن نحاكمكم الى ما شئتم من ذلك ويدل على أن قبلها مخلوقات أن الله أخبر في القرآن بانه خلق السموات والارض في ستة أيام فتلك الايام قبل وجود السموات والارض والنجوم والجبال ويدل على ذلك حديث عبد الله ابن عمرو بن العاص عن النبي
قوله فحقيقة الازمان نسبة حادث الخ أي أن نفس قدر الفعل هو المسمى بالزمان فان الزمان إذا قيل إنه مقدار حركة الشمس أو الفلك وأهل الملل متفقون على أن الله خلق السموات والارض فس ستة أيام وخلق ذلك من مادة كانت موجودة قبل هذه السموات وهو الدخان الذي هو البخار كما قال تعالى ثم استوى الى السماء وهي دخان فقال لها وللارض ائتيا
ني
... هل كان قبل العرش أو هو بعده ... قولان عند أبي العلى الهمذاني ... والحق أن العرش قيل لانه ... قبل الكتابة كان ذا أركان ... وكتابة القلم الشريف تعقبت ... إجاده من غير فصل زمان ... لما براه الله قال اكتب كذا ... فغدا بأمر الله ذا جريان ... فجرى بما هو كائن ابدا الى ... يوم المعاد بقدرة الرحمن ... أفكان رب العرش جل جلاله ... من قبل ذا عجز وذا نقصان ... أم لم يزل ذا قدرة والفعل مقدور ... له أبدا وذو إمكان ...
قوله والناس مختلفون الخ قال شيخ الاسلام قد ذكرنا أن للسلف في العرش والقلم أيهما خلق قبل الآخر قولين كما ذكر ذلك الحافظ أبو العلاء الهمذاني وغيره أحدهما أن القلم خلق أولا كما أطلق ذلك غير واحد وهذا هو الذي يفهم في الظاهر من كتب من صنف في الاوائل كابن أبي عروبة الحراني وأبي القاسم الطبراني للحديث الذي رواه أبو داود في سننه عن عبادة بن الصامت وفيسمعت رسول الله
الرد على الجهمية حدثنا ابن كثير العبدي أنبأنا سفيان الثوري حدثنا أبو هاشم عن مجاهد عن ابن عباس قال إن الله كان على عرشه قبل أن يخلق شيئا فكان أول ما خلق الله القلم فأمره أن يكتب ما هو كائن وإنما يجري الناس على أمر قد فرغ منه وكذلك ذكر الحافظ البيهقي في كتاب الأسماء والصفات لما ذكر بدء الخلق ثم ذكر حديث الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه سئل عن قول الله تعالى وكان عرشه على الماء على أي شيء كان الماء قال عن متن الريح
وروي حديث القاسم ابن أبي بردة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه كان يحدث أن رسول الله
في مسنده وعثمان بن سعيد الدرامي وغيرهما من حديث الثقات المتفق على ثقتهم عن أبي إسحاق الفزاري عن الأعمش عن جامع بن شداد عن صفوان بن محرز عن عمران بن حصين عن النبي
قال الناظم رحمه الله تعالى
... فلئن سألت وقلت ما هذا الذي ... أداهم لخلاف ذا التبيان ... ولاي شيء لم يقولوا إنه ... سبحان هو دائم الاحسان ... فاعلم بأن القوم لما أسسوا ... أصل الكلام عموا عن القرآن
سطر 1٬417:
قال شيخ الاسلام في كتاب العقل والنقل في الكلام على اصول الدين بعد كلام سبق وأما ما يدخله بعض الناس في هذا المسمى من الباطل فليس ذلك من أصول الدين وان أدخله فيه مثل المسائل والدلائل الفاسدة
مثل الاستدلال على حدوث العالم بحدوث الاعراض التي هي صفات الاجسام القائمة بها إما الاكوان وإما غيرها وتقرير المقدمات التي يحتاج اليها هذا الدليل من إثبات الاعراض التي هي الصفات أولا أو إثبات بعضها كالاكوان التي هي الحركة والسكون والاجتماع والافتراق واثبات حدوثها باثبات إبطال ظهورها بعد الكمون وابطال انتقالها من محل الى محل ثم اثبات امتناع خلو الجسم إما عن كل جنس من أجناس الاعراض باثبات أن الجسم قابل لها وان القابل للشيء لا يخلو عنه وعن ضده وإما عن الاكوان وامتناع حوادث لا أول لها رابعا وهو مبني على مقدمتين احداهما ان الجسم لا يخلو عن الاعراض باثبات أن الجسم لا يخلو عن الاعراض التي هي الصفات والثانية أن ما لا يخلو عن الصفات التي هي الاعراض فهو محدث لأن الصفات التي هي الاعراض لاتكون إلا محدثة وقد يفرضون ذلك في بعض الصفات التي هي الإعراض كالالوان وما لا يخلوا عن جنس الحوادث فهو حادث لامتناع حوادث لا تتناهى فهذه الطريقة مما يعلم بالاضطرار أن محمد
التزم جهم لاجلها فناء الجنة والنار والتزم لاجلها أبو الهذيل انقطاع حركات أهل الجنة والتزم قوم لاجلها كالاشعري وغيره ان الماء والهواء والتراب والنار له طعم ولون وريح ونحو ذلك والتزم قوم لاجلها وأجل غيرها ان جميع الاعراض كالطعم واللون وغيرهما لا يجوز بقاؤها بحال لإنهم احتاجوا الى جواب النقض الوارد عليهم لما أثبتوا الصفات لله مع الاستدلال على حدوث الاجسام بصفاتها فقالوا صفات الاجسام أعراض أي انها تعرض فتزول بخلاف صفات الله فانها باقية وأما ما اعتمد عليه طائفة منهم من أن العرض لو بقي لم يمكن عدمه لان عدمه إما أن يكون باحداث ضد أو بفوات شرط او اختيار الفاعل وكل ذلك ممتنع فهذه العمدة لا يختارها آخرون منهم بل يجوزون أن الفاعل المختار بعدم الموجود كما يحث المعدوم ولا يقولون إن عدم الاجسام لا يكون الا بقطع الاعراض عنها كما قاله أولئك ولا يخلق ضد هو الفناء لافي محل كما قاله من قاله من المعتزلة وأما جمهور عقلاء بني آدم فقالوا هذه مخالفة للمعلوم بالحس والتزم طوائف من أهل الكلام من المعتزلة وغيرهم لأجلها نفي صفات الرب مطلقا أو نفي بعضها لأن الدال عندهم على حدوث هذه الاشياء هو قيام الصفات بها والدليل يجب طرده فالتزموا حدوث كل موصوف بصفة قائمة به وهو ايضا في غاية الفساد والضلال ولهذا التزموا القول بخلق القرآن وانكار رؤية الله في الآخرة وعلوه على عرشه الى امثال ذلك من اللوازم التي التزمها من طرد مقدمات هذه الحجة التي جعلها المعتزلة ومن اتبعهم أصل دينهم فهذه داخلة فيما سماه هؤلاء أصول الدين ولكن ليست في الحقيقة من أصول الدين الذي شرعه الله لعباده
سطر 1٬438:
الحق تعالى حلت بهذا العالم كما تقوله النصارى في عيسى عليه السلام
قوله فاحكم على من قال ليس بخارج الخ هذا الكلام لابي محمد عبد الله بن سعيد بن كلاب القطان حكاه عنه الامام ابو بكر ابن فورك في كتاب المجرد فيما جمعه من كلام ابن كلاب أنه قال وأخرج من الخبر والنظر قول من قال لا هو في العالم ولا خارجا منه فنفاه نفيا مستويا لانه لو قيل له صفة بالعدم لما قدر أن يقول أكثر من هذا ورد أخبار الله أيضا وقال في ذلك مالا يجوز في نص ولا معقول ثم قال ورسول الله
أنهم أفضل الناس كلهم فتاهت العقول وسقطت الاخبار واهتدى جهم وخمسون رجلا معه نعوذ بالله من مضلات الفتن انتهى كلامه
سطر 1٬499:
وأنه قال له يا أستاذ أخبرنا عن هذه الضروة التي نجدها في قلوبنا ما قال قط عارف يا الله الا وجد في قلبه ضرورة تطلب العلو لا يلتفت يمنة ولا يسرة أراد الشيخ أن إقرار الفطر بأن معبودها ومدعوها فوق هو أمر ضروري عقلي فطري وأنت دليلك في نفي العلو نظري والنطري لا يعارض الضروري وذلك نحو ما يجيبون به عن هذا القصد الضروري مثل قولهم إن السماء قبلة الدعاء ومثل معارضتهم ذلك بوضع الساجد جبهته على الارض ونحو ذلك كما أشار إلى ذلك الناظم بقوله ونهاية الشبهات تشكيك وتخميش
وقوله وإذا البداية قابلتها هذه الشبهات أي أن علو الرب سبحانه فوق خلقه أمر معلوم بالفطرة والبداهة فلا يعارض بالنظريات والشبهات فأما قولهم إن السماء قبلة الدعاء فقول باطل لم يقله أحد من سلف الامة ولا أنزل الله به من سلطان والذي صح أن قبلة الدعاء هي قبلة الصلاة وقد صرح العلماء بأنه يستحب للداعي أن يستقبل القبلة وقد استقبل النبي
وتعالى قال الناظم رحمه الله تعالى
سطر 1٬523:
قوله ولقد أتى في سورتين كلاهما ألخ ففي سورة المعارج قال تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره حمسين ألف سنة المعارج 4
وفي سورة السجدة قال يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقدار ألف سنة مما تعدون السجدة 5 والمراد بالروح هنا جبريل عليه السلام يعرج إلى الله تعالى واختلف المفسرون في تفسير الآيتين وقد حكى الناظم ذلك الإختلاف واختار أنهما يوم واحد وأن المراد في آية السجدة من الأرض إلى السماء الدنيا ألف سنة مسافة لصعودهم ونزولهم وذلك ألف سنة وأما في سورة المعارج فالمعنى أن ذلك مسافة السبع الطباق من العرش إلى الثرى أي أسفل الأرض السابعة وذكر أن البغوي اختار هذا القول وهو قول مجاهد والقول الأول قول عكرمة وقتادة والحسن وعبارة البغوي في تفسيره قال قوله تعالى في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة من سنى الدنيا لو صعد غير الملك وذلك أنها تصعد من منتهى أمر الله من الأرض السابعة إلى منتهى أمر الله فوق السماء السابعة وروى ليث عن مجاهد أن مقدار هذا خمسين ألف سنة وقال محمد بن إسحاق لو سار بنو آدم من الدنيا إلى موضع العرش ساروا خمسين ألف سنة وقال عكرمة وقتادة وهو يوم القيامة وأراد أن موقفهم للحساب حتى يفصل بين الناس خمسين ألف سنة من سني الدنيا ليس يعنى به أن مقدار طوله هذا دون غيره لأن يوم القيامة له أول وليس له آخر لأنه يوم محدود ولوكان له آخر كان منقطعا وروي عن أبي طلحة عن ابن عباس قال يوم القيامة يكون على الكافر مقدار خمسين ألف سنة ثم روى بإسناده عن أبي سعيد الخدري قال قيل لرسول الله
قوله وكذا صعود تصدق من طيب الخ يشير إلى حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله
قوله وكذاك سعي الليل يرفعه الخ يشير إلى حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال قال رسول الله
وكذاك معراج الرسول الخ تقدم الكلام في المعراج وقوله وكذاك رفع الروح عيسى المرتضى يشير إلى قوله تعالى بل رفعه الله إليه النساء ك 158 قوله وكذاك تصعد روح كل مصدق الخ يشير إلى حديث أبي هريرة عن النبي صلىالله عليه وسلم قال إن الميت تحضره الملائكة فإذا كان الرجل الصالح قالوا اخرجي أيتها النفس الطيبة كانت في الجسد الطيب أبشري بروح وريحان ورب غير غضبان فلا يزال يقال لها ذلك حتى تخرج
ثم يعرج بها إلى السماء فيستفتح لها فيقال من هذا فيقال فلان فيقال مرحبا بالنفس الطيبة فلا يزال يقال لها ذلك حتى ينتهى بها إلى السماء التي فيها الله تعالى وذكر الحديث رواه أحمد في مسنده والحاكم في مستدركه وقال هو على شرط البخاري ومسلم و رواه أئمة عن ابن أبي ذئب
قوله وكذا دعا المظلوم أيضا صاعد عن ابن عمر قال قال رسول الله صلىالله عليه وسلم اتقو دعوة المظلوم فإنها تصعد إلى الله كأنها شرارة قال الذهبي غريب وإسناده جيد وعن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله
قوله وقد دنا منه إلى أن قدرت قوسان ظاهر كلام الناظم عود الضمير إلى الرب تعالى وأنه هو الذي دنا فتدلى وهذا على أحد التفسيرين في الآية ولكن هذا خلاف ما اختاره في غير هذا الموضع فإنه قال بعد كلام ذكره لأن جبريل هو الموصوف بما ذكر من أول السورة إلى قوله ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى النجم 14 13
هكذا فسره النبي صلىالله عليه وسلم في الحديث الصحيح لعائشة قالت عائشة رضي الله عنها سألت رسول الله
قال الناظم رحمه الله تعالى
سطر 1٬541:
العليم غافر 2 وقال تعالى قد نزله روح القدس من ربك بالحق النحل 102 وقال تعالى تنزيل من حكيم حميد فصلت 42 قال الناظم رحمه الله تعالى في بدائع الفوائد في الكلام على قوله تعالى تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم غافر 2 إلى قوله المصير غافر 3 افتتح الآية بقوله تعالى تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم والتنزيل يستلزم علو المنزل عند من لا تعقل العرب من لغاتها بل ولا غيرها من الأمم إلا ذلك وقد أخبر أن تنزيل الكتاب منه فهذا يدل على شيئين أحدهما علوه تبارك وتعالى على خلقه والثاني أنه هو المتكلم بالكتاب المنزل لا غيره فإنه أخبر أنه منه وهذا يقتضي أن يكون منه قولا كما أنه منه تنزيلا فإن غيره لو كان هو المتكلم به لكان الكتاب من ذلك الغير فإن الكلام إنما يضاف إلى المتكلم به ومثل هذا ولكن حق القول مني السجدة 13 ومثله نزله روح القدس من ربك بالحق النحل 102 ومثله تنزيل من حكيم حميد فصلت 42 فاستمسك بحرف من في هذه المواضع فإنه يقطع شغب المعتزلة والجهمية وتأمل كيف قال تنزيل منه ولم يقل تنزيله فتضمنت الآية إثبات علوه وكلامه وثبوت الرسالة انتهى المقصود منه
وقوله وكذا نزول الرب الخ يشير إلى حديث النزول وهو متواتر عن رسول الله
الإسناد لا يختلف أهل الحديث في صحته وهو منقول من طرق سوى هذه من أخبار العدول عن النبي
وقوله يا قوم ليس نزوله وعلوه حقا لديكم بل هما عدمان يعني أن النزول والعلو عندهم باطلين فلهذا حرفوا نصوص الفوقية والنزول كما روى بعضهم حديث النزول ينزل بالضم وهذا كما قرأ بعضهم وكلم الله موسى تكليما النساء 164 ونحو ذلك من تحريفهم اللفظ والمعنى وبعضهم يفسر النزول بنزول الرحمة أو نزول ملك أو غير ذلك فيقال له الرحمة التي تثبتها إما أن تكون عينا قائمة بنفسها وإما أن تكون صفة قائمة بغيرها فإن كانت عينا وقد نزلت إلى السماء الدنيا لم يمكن أن تقول من يدعوني فأستجيب له كما لا يمكن الملك أن تقول ذلك وأن كانت صفة من الصفات فهي لا تقوم بنفسها بل لا بد لها من محل ثم لايمكن الصفة أن تقول هذا الكلام أو محلها ثم إذا نزلت الرحمة إلى السماء الدنيا ولم تنزل إلينا فأي منفعة في ذلك
سطر 1٬563:
وروى الحافظ الذهبي في كتاب العلو عن عكرمة عن ابن عباس في قوله تعالى ثم لآتينهم من بين أيديهم قال لم يستطيع أن يقول من فوقهم علم أن الله تعالى من فوقهم وأما الاحاديث فعن زينب
بنت جحش أنها كانت تقول للنبي
الى سماء مسيرة خمسمائة وكثف كل سماء مسيرة خمسمائة سنة وفوق السماء السابعة بحر بين أسفله وأعلاه كما بين السماء والارض والله تعالى فوق ذلك وليس يخفى عليه شيء من أعمال بني آدم وعن الاحنف بن قيس عن العباس بن عبد المطلب عن النبي
لا يخفى عليه شيء من أعمالكم وله طرق انتهى كلامه
سطر 1٬574:
هذا هو الدليل العاشر من أدلة علو الرب تعالى فوق خلقه وهو اختصاص بعض المخلوقات بالعندية له سبحانه كقوله تعالى ان الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته الاعراف 206 وقوله تعالى وله من في السموات والارض ومن عنده الانبياء 29 الآية وعن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عنه وسلم لما قضى الله الخلق كتب في كتاب فهو عنده
فوق العرش إن رحمتي سبقت غضبي وفي لفظ عن ابي هريرة سمعت رسول الله
قال الناظم رحمه الله تعالى
... وتمام ذاك القول ان محبة الرحمن غير ارادة الاكوان ... و كلامها محبوبه ومراده ... وكلامها هو عنده سيان ... ان قلتم عندية التكوين فالذاتان عند الله مخلوقان ... أو قلتم عندية التقريب تقريب الحبيب وما هما عدلان ... فالحب عندكم المشيئة نفسها ... وكلاهما في حكمها مثلان ... لكن منازعكم يقول بأنها ... عندية حقا بلا روغان ... جمعت له حب الاله وقربه ... من ذاته وكرامة الإحسان ... والحب وصف وهو غير مشيئة ... والعند قرب ظاهر التبيان
سطر 1٬582:
فصل
... هذا وحادي عشرهن اشارة ... نحو العلو بأصبع وبنان ... لله جل جلاله لا غيره ... إذ ذاك اشراك من الانسان ... ولقد أشار رسوله في مجمع الحج العظيم بموقف الغفران ... نحو السماء بأصبع قد كرمت ... مستشهدا للواحد الرحمن ... يا رب فاشهد انني بلغتهم ... ويشير نحوهم لقصد بيان ... فغدا البنان مرفعا ومصوبا ... صلى عليك الله ذو الغفران ... أديت ثم نصحت إذ بلغتنا ... حق البلاغ الواجب الشكران ...
هذا هو الدليل الحادي عشر من أدلة علو الله تعالى على خلقه وهو إشارته
كما رواه مسلم في حديث جابر الطويل في خطبته
قوله ينكبها يقال نكب أصبعه أمالها الى الناس يريد بذلك أن يشهد الله عليهم قاله ابن الاثير في غريب جامع الاصول
قو له ومصوبا الصوب المجيء من عل قاموس
سطر 1٬591:
فانظر الى علو المحيط وأخذه ... صفة الظهور وذاك ذو تبيان ... وانظر خفاء المركز الادنى ووصف السفل فيه وكونه تحتاني ... وظهوره سبحانه بالذات مثل علوه فهما له صفتان ... لاتجحدنهما جحود الجهم أو ... صاف الكمال تكون ذا بهتان ... وظهوره هو مقتض لعلوه ... وعلوه لظهوره ببيان ... وكذاك قد دخلت هناك الفاء للتسبيب مؤذنة بهذا الشان ... فتأملن تفسير أعلم خلقه ... بصفاته من جاء بالقرآن ... إذ قال أنت كذا فليس لضده ... أبدا اليك تطرق الاتيان ...
ثبت في صحيح مسلم عن النبي
قوله والشيء حين يتم منه علوه الخ أي ان الشيء اذا كان في غاية العلو ضوءا ظهر ما يكون والعكس أيضا ثابت أي كلما سفل الشيء كان في غاية الخفاء ثم مثل لذلك بالمحيط والمركز فإن المحيط لتمام علوه في غاية الظهور والمركز لسفوله في غاية الخفاء ولهذا قال الناظم وظهوره سبحانه بالذات مثل علوه أي أن ظهوره سبحانه مقتض لعلوه وعلوه مقتض لظهوره
وقوله ولذاك قد دخلت هناك الفاء للتسبيب الخ يعني الفاء التي في قوله
قال الناظم
فصل ... هذا وثالث عشرها أخباره ... انا نراه بجنة الحيوان ... فسل المعطل هل يرى من تحتنا ... أم عن شمائلنا وعن أيمان ... أم خلفنا وأمامنا سبحانه ... أم هل يرى من فوقنا ببيان ... يا قوم ما في الامر شيء غير ذا ... أو أن رؤيته بلا إمكان ... إذ رؤية لا في مقابلة من الرائي ... محال ليس في الامكان ... ومن ادعى شيئا سوى ذا كان دعواه مكابرة على الاذهان ...
هذا هو الدليل الثالث عشر من أدلة علو الله على خلقه وهو رؤيته تعالى في الجنة كما أخبر بذلك رسول الله
ما هذه يا جبريل قال هذه الجمعة يعرضها عليك ربك تعالى لتكون لك عيدا ولقومك من بعدك تكون أنت الاول وتكون اليهود والنصارى من بعدك فقلت ما لنا فيها قال لكم فيها خيرفيها ساعة من دعا الله تعالى فيها بخير هو له قسم إلا أعطاه إياه أو ليس له يقسم إلا ادخر له ما هو أعظم منه قلت ما هذه النكتة السوداء فيها قال هي الساعة تقوم يوم الجمعة وهو سيد الايام عندنا ونحن ندعوه يوم المزيد في الاخرة قلت ولم تدعونه يوم المزيد قال إن ربك اتخذ في الجنة واديا أفيح من مسك أبيض فاذا كان يوم الجمعة نزل تبارك وتعالى من عليين على كرسيه ثم حف الكرسي بمنابر من نور ثم جاء النبيون حتى يجلسوا عليها ثم حف المنابر بكراسي من ذهب ثم جاء الصديقون والشهداء حتى يجلسوا عليها ثم جاء أهل الجنة حتى يجلسوا على الكثيب فيتجلى لهم ربهم تعالى حتى ينظروا الى وجهه ثم يقول أنا الذي صدقتكم وعدي وأتممت عليكم نعمتي وهذا محل كرامتي ويسألونه حتى تنتهي رغبتهم فيفتح لهم عند ذلك ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر إلى أوان منصرف الناس من يوم الجمعة ثم يصعد على كرسيه ويصعد معه الصديقون والشهداء ويرجع أهل الغرف الى غرفهم درة بيضا لا فصم فيها ولا وصم أو ياقوته حمراء او زبرجدة خضراء منها غرفها وأبوابها مطردة فيها انهارها متدلية فيها ثمارها فيها أزواجها وخدمها فليسوا الى شيء أحوج منهم الى يوم الجمعة ليزدادوا نظرا الى وجهه فلذلك دعي يوم المزيد قال الذهبي هذا حديث مشهور وافر الطرق اخرجه عبد الله بن احمد في كتاب السنة له عن عبد الاعلى بن حماد النرسي عن عمر بن يونس
سطر 1٬612:
قوله ولقد رواه أبو رزين الخ عن أبي رزين العقيلي قال قلت يا رسول الله أين كان ربنا قبل أن يخلق السموات والارض قال كان في عماء ما فوقه هواء وما تحته هواء ثم خلق العرش ثم استوى عليه رواه الترمذي وابن ماجة قال الذهبي واسناده حسن رواه إسحاق
ابن راهوية عن عبد الصمد بن عبد الوارث عن حماد وعنده ثم كان العرش فارتفع على عرشه وروى حرب عن ابن راهوية تحته هواء وفوقه هواء يعني السحاب ومن الاحاديث المتواترة حديث معاوية ابن الحكم السلمي قال كانت لي غنم قبل احد والجوانية وفيها جارية لي فاطلعت ذات يوم فإذا الذئب قد ذهب منها بشاة وأنا رجل من بني آدم فأسفت فصككتها فأتيت النبي
بها فقال لها من ربك قالت الله قال وأين هو قالت في السماء قال فمن أنا قالت أنت رسول الله قال اعتقها فانها مؤمنة هذا حديث صحيح قال الذهبي وهكذا رأينا كل من يسأل أين الله يبادر ويقول في السماء ففي الخبر مسألتان أحداهما شرعية قول المسلم أين الله وثانيهما قول المسؤول في السماء فمن أنكر هاتين المسألتين فإنما ينكر على المصطفى
قوله يا قوم لفظ الاين ممتنع على الرحمن الخ أي أنه لا يجوز عندهم أن
يقال أين الله ويكاد قائلكم يكفرنا به بل قد أي يقارب قائلكم أن يكفرنا به بل قد أ ي كفرنا به وهذا على طريق الإكتفاء وقد عرفه علماء البديع بأنه هو أن يأتي الشاعر ببيت من الشعر وقافيته متعلقة بمحذوف فلم يفتقر إلى ذكر المحذوف لدلالة باقي لفظ البيت عليه ويكتفى بما هو معلوم في الذهن كقوله لا أنتهي لا أنثني لا أرعوي ما دمت في قيد الحياه ولا إذا
وقوله والله ما كان الرسول بعاجز عن لفظ من أي لو كان مراده بقوله أين الله السؤال من الله لما كان عاجزا عن ذلك ولفظ من حرفان ولفظ أين ثلاثة أحرف
وقوله والله ما الملكان أفصح منه إذ أي ما الملكان اللذان يسألان الميت فيقولان من ربك ومن نبيك وما دينك بأفصح منه أفيقول الرسول
قال الناظم رحمه الله تعالى
فصل
سطر 1٬630:
عى
إلى أن قال والشرائع كلها مبينة على أن الله في السماء وأن منها تنزل الملائكة بالوحي إلى النبيين وأن من السموات أنزلت الكتب وإليها كان الإسراء بالنبي
وقال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في بعض أجوبته بعد كلام سبق مع أن أصل الإستواء علىالعرش ثابت بالكتاب والسنة وإتفاق سلف الأمة وأئمة السنة بل هو ثابت في كل كتاب أنزل على كل نبي أرسل فهذا إجماع الرسل الذي نقل شيخ الإسلام رحمه الله تعالى
قال الناظم رحمه الله تعالى
سطر 1٬712:
قال الخلال ثنا أبو بكر المروذي قال سمعت أبا عبد الله قيل له روى علي بن الحسن بن شقيق عن ابن المبارك انه قيل له كيف نعرف الله تعالى قال على العرش بحد قال قد بلغني ذلك عنه وأعجبه ثم قال ابو عبد الله هل ينظرون الا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام البقرة 210 ثم قال وجاء ربك والملك صفا صفا الفجر 22 وروى شيخ الاسلام أبو عثمان الصابوني باسناده الثابت عن عبد الله بن المبارك انه قال نعرف ربنا بانه فوق سبع سمواته بائنا من خلقه ولا نقول كما قال الجهمية بأنه ههنا وأشار بيده الى الارض وهو عبد الله بن المبارك أبو عبد الرحمن المروزي كان أبوه تركيا مولى لرجل من التجار من بني حنظلة من أهل همدان فكان ابن المبارك
إذا قدمها أحسن الى ولد مولاهم وكانت امه خوارزمية ولد سنة ثماني عشرة ومائة وسمع اسماعيل ابن أبي خالد والاعمش وهشام بن عروة وحميد الطويل وغيرهم من أئمة التابعين وحدث عنه خلائق من الناس وكان موصوفا بالحفظ والفقه والعربية والزهد والكرم والشجاعة وله التصانيف الحسان والشعر المتضمن حكما جمة وكان كثير الغزو والحج وكان له رأس مال نحو اربعمائة الف تدور بتجارة في البلدان فحيث اجتمع بعالم بلدة أحسن اليه وكان يربو كسبه في كل سنة على مائة الف ينفقها كلها في اهل العلم والعبادة وربما انفق من رأس المال قال سفيان بن عيينة نظرت أمر الصحابة فما رأيتهم يفضلون عليه الا بصحبتهم رسول الله
وقضى بقتل المنكرين علوه ... بعد استتابتهم من الكفران ... وبأنهم يلقون بعد القتل فو ... ق مزابل الميتات والانتان ... فشفى الامام العالم الحبر الذي ... يدعى إمام أئمة الازمان ... ولقد حكاه الحاكم العدل الرضى ... في كتبه عنه بلا نكران ...
سطر 1٬718:
قال الحافظ أبو عمر بن عبد البر في شرح الموطأ لما ذكر حديث النزول قال هذا حديث ثابت من جهة النقل صحيح الاسناد لا يختلف أهل الحديث في صحته وهو منقول من طرق سوى هذه من أخبار
العدول عن النبي
بأن قال لها أين الله فأشارت الى السماء قال من أنا قالت رسول الله قال اعتقها فإنها مؤمنة فاكتفى رسول الله
يعني ان الامام أبا الحسن الاشعري قد اوضح في كتبه ك الابانة و الموجز و مقالات الاسلاميين ورسائله الى الثغر استواء الرب فوق عرشه وبرهن على ذلك وقرره بأحسن تقرير وذلك في كتبه فانظرها إن شئت وقد تقدم بعض كلامه في ذلك
سطر 1٬728:
وقوله تنفس الصعداء كالبرحاء تنفس طويل قاله في القاموس وقوله الداء العضال قال في القاموس داء عضال كغراب يعني غالب
قال الناظم رحمه الله تعالى ... وأنظر الى حرب وإجماع حكى ... لله درك من فتى كرمان ...
حرب هو ابو محمد حرب بن اسماعيل الكرماني صاحب الامام احمد صاحب المسائل المعروفة التي نقلها عن أحمد واسحاق وغيرهما وذكر معها من الآثار عن النبي
فمن خالف شيئا من هذه المذاهب أو طعن فيها أو عاب قائلها فهو مبتدع خارج عن الجماعة زائل عن منهج السنة وسبيل الحق وهو مذهب أحمد واسحق بن ابراهيم بن مخلد وعبد الله بن الزبيير الحميدي وسعيد بن منصور وغيرهم ممن جالسنا وأخذنا عنهم العلم وذكر الكلام في الايمان والقدر والوعيد والامامة وما أخبر به الرسول من أشراط الساعة وأمر البرزخ والقيامة وغير ذلك الى أن قال وهو سبحانه بائن من خلقه لا يخلو من علمه مكان ولله عرش وللعرش حملة يحملونه وله حد والله أعلم بحده والله على عرشه عز ذكره وتعالى جده والا اله غيره والله تعالى سميع لا يشك بصير لا يرتاب عليم لا يجهل جواد لا يبخل حليم لا يعجل حفيظ لا ينسى يقظان لا يسهو رقيب لا يغفل يتكلم ويتحرك ويسمع ويبصر وينظر ويقبض ويبسط ويفرح ويحب ويكره ويبغض ويرضى ويسخط ويغضب ويرحم ويعفو ويغفر ويعطي ويمنع وينزل كل ليلة الى السماء الدنيا كيف شاء وكما شاء ليس كمثله شيء وهو السميع البصير الى أن قال ولم يزل الله متكلما عالما فتبارك الله أ حسن الخالقين ... وانظر الى قول ابن وهب اوحد العلماء مثل الشمس في الميزان ...
سطر 1٬762:
جده لأمه موسى بن إسماعيل التبوذكي
... وانظر إلى قول ابن أسباط الرضى ... وانظر إلى قول الرضى سفيان ...
أي سفيان بن عيينة قال أحمد بن إبراهيم الدورقي حدثني أحمد بن نصر قال سألت سفيان بن عيينة وأنا في منزله بعد العتمة فجعلت الح عليه في المسألة فقال دعني أتنفس فقلت كيف حديث عبد الله عن النبي
... وانظر إلى قول ابن زيد ذاك حماد وحماد الإمام الثاني ...
حماد بن زيد بن درهم الأزدي الجهضمي أبو إسماعيل البصري مولى آل جرير بن حازم وكان جده درهم من سبي سجستان روى عن أنس ابن سيرين وثابت البناني وحميد الطويل وأبي حازم مسلمة بن دينار وعمرو بن دينار وأبي جمرة نصر بن عمران الضبعي وهشام بن عروة ويحيى بن سعيد الأنصاري وهؤلاء كلهم تابعيون في جماعة آخرين وعنه الأسود بن عامر شاذان وسعيد بن منصور وسفيان الثوري وهو أكبر منه وسفيان بن عيينة وهو من أقرانه وعبد الله بن مبارك
سطر 1٬782:
قال الامام الحافظ ابو القاسم اسماعيل بن محمد بن الفضل التيمي الطلحي الاصبهاني مصنف الترغيب والترهيب وقد سئل عن صفات الرب فقال مذهب مالك والثوري والاوزاعي والشافعي وحماد ابن سلمة وحماد بن زيد وأحمد ويحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن ابن مهدي واسحاق بن راهويه ان صفات الله التي وصف بها نفسه او وصفه بها رسوله من السمع والبصر والوجه واليدين وسائر أوصافه إنما هي على ظاهرها المعروف المشهور من غير كيف يتوهم فيها ولا تشبيه ولا تأويل قال ابن عيينة كل شيء وصف الله به نفسه فقراءته تفسيره ثم قال أي هو على ظاهره لا يجوز صرفه الى المجاز بنوع من التأويل وقال رحمه الله تعالى في كتاب الحجة قال علماء السنة إن الله تعالى على عرشه بائن من خلقه وقالت المعتزلة وهو بذاته
في كل مكان قال وروي عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى ما يكون من نجوى ثلاثة الا هو رابعهم المجادلة 7 قال هو على عرشه وعلمه في كل مكان قال وزعم هؤلاء أن معنى الرحمن على العرش استوى طه 25 أي ملكه وأنه لا اختصاص له بالعرش أكثر مما له بالأمكنة وهذا إلغاء لتخصيص العرش وتشريفه قال أهل السنة استوى على العرش وبعد خلق السموات والارض على ما ورد به النص وليس معناه المماسة بل هو مستو على عرشه بلا كيف كما أخبر عن نفسه قال وزعم هؤلاء أنه لا يجوز الاشارة الى الله بالرؤوس والاصابع الى فوق فان ذلك يوجب التحديد وأجمع المسلمون على أن الله هو العلي الاعلى ونطق بذلك القرآن فزعم هؤلاء أن ذلك بمعنى علو الغلبة لا علو الذات وعند ا لمسلمين أن لله علو الغلبة والعلو من سائر وجوه العلو لأن صفة العلو صفة مدح فثبت أن لله تعالى علو الذات وعلو الصفات وعلو القهر والغلبة وفي منعهم الاشارة الى الله من جهة الفوق خلاف لسائر الملل لان المسلمين وقع منهم الاجماع على الاشارة الى الله من جهة الفوق في الدعاء والسؤال واتفاقهم بأجمعهم على ذلك حجة وقد أخبر عن فرعون أنه قال يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الاسباب أسباب السموات فأطلع الى اله موسى وإني لأظنه كاذبا غافر 36 37 فكان فرعون قد فهم عن موسى أنه كان يثبت إلها فوق السماء حتى رام بصرحه أن يطلع اليه واتهم موسى بالكذب في ذلك والجهمية لا تعلم أن الله فوقها بوجود ذاته فهم أعجز فهما من فرعون بل اضل وقد صح عن النبي
زم
سطر 1٬790:
قال الحافظ الامام أبو عمر أحمد بن محمد بن عبد الله الاندلسي الطلمنكي المالكي في كتاب الوصول الى معرفة الاصول وهو مجلدان أجمع المسلمون من أهل السنة على أن معنى قوله تعالى وهو معكم أينما كنتم الحديد 4 ونحو ذلك من القرآن انه علمه وان الله تعالى فوق السموات بذاته مستو على عرشه كيف شاء وقال أهل السنة في قوله الرحمن على العرش استوى طه 5 إن الاستواء من الله على عرشه على الحقيقة لا على المجاز فقد قال قوم من المعتزلة والجهمية لا يجوز أن يسمى الله تعالى بهذه الاسماء على الحقيقة ويسمى بها المخلوق فنفوا عن الله الحقا
وأيقنوا أنه كلام الله بالحقيقة ليس بمخلوق فمن سمعه وزعم أنه كلام البشر فقد كفر والرؤية لأهل الجنة حق بغير احاطة ولا كيفية وكل ما في ذلك من الصحيح عن رسول الله
قال القاضي ابو بكر محمد بن الطيب الباقلاني الاشعري في كتابه التمهيد في أصول الدين وهو من أشهر كتبه فا ن قال قائل فهل تقولون إنه في كل مكان قيل معاذ الله بل هو مستو على عرشه كما أخبر في كتابه فقال الرحمن على العرش استوى طه 5 وقال أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الارض الملك 16 ولو كان في كل مكان لكان في جوف الانسان وف فمه وفي الحشوش والمواضع القذره التي يرغب عن ذكرها تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ثم قال
سطر 1٬797:
وقوله ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم المجادلة 7 إنه عالم بهم وبما خفي من سرهم ونجواهم وهذا انما يستعمل كما ورد به القرآن فلا يجوز أن يقال قياسا على هذا إن الله بالقيروان ومدينة السلام ودمشق وإنه مع الثور والحمار وإنه مع الفساق ومع المصعدين الى حلوان قياسا على قوله إن الله مع الذين اتقوا النحل 128 فوجب التأويل على ما وصفنا ولا يجوز أن يكون معنى استوائه على العرش هو استيلاؤه كما قال الشاعر ... قد استوى بشر على العراق ...
لان الاستيلاء هو القدرة والقهر والله تعالى لم يزل قادرا قاهرا
وقوله ثم استوى يقتضي استفتاح هذا الوصف بعد أن لم يكن فبطل ما قالوه وقال في كتاب الذب عن أبي الحسن الاشعري كذلك قولنا في جميع المروي عن رسول الله
قال وقد بينا دين الائمة وأهل السنة ان هذه الصفات تمر كما جاءت بغير تكييف ولا تحديد ولا تجنيس ولا تصوير كما روي عن الزهري وعن مالك في الاستواء فمن تجاوز هذا فقد تعدى وابتدع وضل
سطر 1٬804:
أي وانظر الى ما قاله الامام أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في تفسيره وفي تهذيب الآثار قال الذهبي في كتاب العلو أخبرنا ابو الفضل أحمد بن هبة الله بن عساكر أنبأ زين الامناء الحسن بن محمد أنبأ أبو القاسم الاسدي أنبأنا أبو القاسم ابن أبي العلاء أنبأ عبد الرحمن ابن
أبي نصر أنبأ أبو سعيد الدينوري مستملي محمد بن جرير قال قرى على أبي جعفر محمد بن جرير الطبري وانا أسمع في عقيدته قال وحسب امرىء أن يعلم أن ربه هو الذي على العرش استوى فمن تجاوز ذلك فقد خاب وخسر انتهى تفسير ابن جرير مشحون بأقوال السلف على الاثبات نقل في قوله تعالى ثم استوى الى السماء البقرة 29 عن الربيع بن أنس استوى بمعنى ارتفع ونقل في تفسير ثم استوى على العرش الاعراف 54 في المواضع كلها أي علا وارتفع وقد روى قول مجاهد ثم قال ليس في فرق الاسلام من ينكر هذا لا من يقر أن الله فوق العرش ولا من ينكره من الجهمية ونحوهم وقال في كتاب التبصير في معالم الدين القول فيما أدرك علمه من الصفات خبرا وذلك نحو إخباره تعالى انه سميع بصير وأن له يدين بقوله بل يداه مبسوطتان المائدة 64 وأن له وجها بقوله ويبقى وجه ربك الرحمن 27 وان له قدما بقول النبي
رسول الله
قال الامام محيي السنة أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي في تفسيره عند قوله تعالى ثم استوى على العرش الاعراف 54 قال الكلبي
سطر 1٬818:
كان أحد الاعلام صنف الاحكام و التفسير وكان يفيد عن الشيوخ ويصنف لهم ستين سنة وكان ثقة قال الذهبي وله كتاب السنة وكتاب فضائل الاعمال و السنة الكبير وكان إماما في الحديث رفيع الاسناد توفي سنة 369 تسع وستين وثلاثمائة وهو في عشر المائة ... وانظر ما قاله ابن سريج ذاك البحر الخضم الشافعي الثاني ...
سريج بضم السين وفتح الراء وبعدها ياء ثم جيم وهو أبو العباس أحمد بن عمر بن سريج فقيه العراق قال أبو القاسم سعد بن علي الزنجاني سألت أيدك الله بيان ما صح لدي من مذهب السلف وصالحى الخلف في الصفات فاستخرج فاستخرت الله تعالى وأجبت بجواب الفقيه أحمد بن عمر بن سريج رحمه الله وقد سئل عن هذا ذكره ابو سعيد عبد الواحد بن محمد الفقيه قال سمعت بعض شويخنا يقول سئل ابن سريج رحمه الله عن صفات الله تعالى فقال حرام على العقول أن تمثل الله وعلى الاوهام أن تحده وعلى الالباب أ تصفه الا بما وصف به نفسه في كتابه او على لسان رسوله وقد صح عند جميع أهل الديانة والسنة الى زماننا هذا أن جميع الآي والاخبار الصادقة عن رسول الله
الآي المتشابه في القرآن ان نقبلها ولا نردها ولا نتأولها بتأويل المخالفين ولا نحملها على تشبيه المشبهين ولا نترجم عن صفاته بلغة غير العربية ونسلم الخبر الظاهر والآية الظاهر تنزيلها
سطر 1٬834:
يا قوم ما ذنب النواصب بعد ذا ... لم يدهكم الا كبير الشان ... فتفرقت تلك الروافض كلهم ... قد أطبقت أسنانه الشفتان ... وكذلك الجهمي ذاك رضيعهم ... فهما رضيعا كفرهم بلبان ... ثوبان قد نسجا على المنوال يا ... عريان لا تلبس فما ثوبان ... والله شر منهما فهما على ... أهل الضلالة والشقا علمان ...
أقول لم أقف على تعيين هذا الرافضي الذي قال هذا القول والمعنى ان هذا الرافضي قال لاصحابه لما أفاضوا في حديثهم عند القبر المكرم
قوله النواصب قال في القاموس النواصب والناصبة وأهل النصب المتدينون ببغضه علي رضي الله عنه لانهم نصبوا له أي عادوه
سطر 1٬857:
نحن المقلدة الالى ألفوا كذا ... آباءهم في سالف الازمان ... قلنا فكيف تكفرون وما لكم ... علم بتكفير ولا ايمان ... اذ أجمع العلماء أن مقلدا ... للناس كالاعمى هما أخوان ... والعلم معرفة الهدى بدليله ... ما ذاك والتقليد مستويان ... حرنا بكم والله لا أنتم مع العلماء تنقادون للبرهان ... كلا ولا متعلمون فمن ترى ... تدعوه نحسبكم من الثيران ... لكنها والله أنفع منكم ... للارض في حرث وفي دوران ... نالت بهم خيرا ونالت منكم المعهود من بغي ومن عدوان ... فمن الذي خير وأنفع للورى ... أنتم أم الثيران بالبرهان ...
شرع الناظم رحمه الله في ذكر الادلة الدالة على ثبوت العلو إجمالا فقال يا قوم والله العظيم لقولنا الخ أي أن الدلائل الدالة على علوه تعالى على خلقه ومباينته لهم من المعقول والمنقول والفطرة ألف دليل بل ألفا دليل وذلك ظاهر بحمد الله لمن تتبعه ثم شرع في بيان وجوب تحكيم الرسول
زه
ويذهبون الى رأي سفيان فقال أعجب لقوم سمعوا الحديث وعرفوا الاسناد وصحته يدعونه ويذهبون الى رأي سفيان وغيره قال الله فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب اليم النور 63 أتدري ما الفتنة الفتنة الكفر قال الله تعالى والفتنة أكبر من القتل البقرة 217 فيدعون الحديث عن رسول الله
وقال الامام أحمد رضي الله عنه لا تقلدوني ولا تقلدوا مالكا والثوري والاوزاعي ولكن تعلموا كما تعلمنا
قوله اذ أجمع العلماء أن مقلدا الخ قد نقل هذا الاجماع الحافظ ابو عمر بن عبد البر
سطر 1٬870:
هذا هو الدليل الثامن عشر من أدلة علو الله تعالى على خلقه وهو انه سبحانه نزه نفسه عن موجب النقصان وعما يوجب التمثيل والتشبيه ونزه سبحانه نفسه عن الشركة وعن أن يكون له ظهير في الورى أو أن يشفع عنده أحد الا باذنه او ان يوالي خلقه من حاجة أو ذلة وكذا نزه نفسه سبحانه عن الوالد والولد والزوجة والكفء وكذا ن
نفسه سبحانه عما لم يقل أي نزه نفسه سبحانه عن اشياء لم يقلها أحد فيه تعالى كالطعم والموت والنوم والسنة والغشيان والنسيان والظلم والتعب والعجز فاذا كان سبحانه قد نزه نفسه عما يوجب النقص مما قيل وما لم يقل ومعلوم أن القول بعلو الله تعالى على خلقه ومباينته لهم قد طبقت شرق البلاد وغربها فلاي شي لم ينزه نفسه سبحانه عنها في القرآن وكذا لم ينزه الرسول ربه سبحانه عنها في السنة بل دائما يبدي سبحانه في القرآن إثباتها بأنواع الادلة وكذا رسوله
قال الناظم رحمه الله تعالى ... ولقد حكى الرحمن قولا قاله ... فنحاص ذو البهتان والكفران ... إن الإله هو الفقير ونحن أصحاب الغني ذو الجد والامكان ... ولذاك أضحى ربنا مستقرضا ... أموالنا سبحان ذي الاحسان ...
أما قصة فنحاص المذكورة فهي على ما حكى ابن اسحاق في سيرته قال دخل ابو بكر بيت المدراس على يهود فوجد منهم ناسا كثيرا كانوا قد اجتمعوا الى رجل منهم يقال له فنحاص وكان من علمائهم وأحبارهم ومعه حبر من أحبارهم يقال له أشيع فقال أبو بكر لفنحاص ويلك يا فنحاص أسلم فوالله إنك لتعلم ان محمدا رسول الله قد جاءكم بالحق من عند الله تجدونه مكتوبا عندكم في التوراة والانجيل فقال فنح
سطر 1٬894:
أم لا وهل حاز البلاغة كلها ... فاللفظ والمعنى له طوعان ... فإذا انتهت هذي الثلاثة فيه كا ... ملة مبرأة من النقصان ... فلأي شيء عاش فينا كاتما ... للنفي والتعطيل في الازمان ... بل مفصحا بالضد منه حقيقة ال ... إفصاح موضحة بكل بيان ... ولأي شيء لم يصرح بالذي ... صرحتم في ربنا الرحمن ... ألعجزه عن ذاك أم تقصيره ... في النصح أم لخفاء هذا الشان ... حاشاه بل ذا وصفكم يا أمة التعطيل لا المبعوث بالقرآن ...
هذا هو الدليل التاسع عشر من أدلة علو الله تعالى على خلقه وحاصله أن الناظم سأل عن ثلاث مسائل وكلها مسلمة عند المنازعين وهو أن تسأل المعطل هل تقول إن الرسول
قال الناظم رحمه الله تعالى ... ولأي شيء كان يذكر ضد ذا ... في كل مجتمع وكل زمان ... أتراه أصبح عاجزا عن قوله استولى وينزل أمره وفلان ... ويقول أين الله يعني من بلفظ الاين هل هذا من التبيان ... والله ما قال الائمة كل ما قد قاله من غير ما كتمان ... لكن لان عقول أهل زمانهم ... ضاقت بحمل دقائق الايمان ... وغدت بصائرهم كخفاش أتى ... ضوء النهار فكف عن طيران ... حتى اذا ما الليل جاء ظلامه ... ابصرته يسعى بكل مكان ... وكذا عقولكم لو استشعرتم ... يا قوم كالحشرات والفئران ... أنست بايحاش الظلام وما لها ... بمطالع الانوار قط يدان ...
الخفاش معروف تقدم تعريفه والحشرات قال في القاموس الهوام او الدواب الصغار كالحشرة محركة فيهما انتهى والفئران جمع فأر بالهمز وهو حيوان معروف يعني الناظم رحمه الله تعالى أن هؤلاء المعطلة ضاقت عقولهم عن حمل دقائق الايمان فصاروا كالحشرات والخفاش التي لا تسعى الا بالليل فان هؤلاء المعطلة لم تحمل عقولهم ما في كتاب الله وسنة رسوله
قال الناظم رحمه الله تعالى ... لو كان حقا ما يقول معطل ... لعلوه وصفاته الرحمن ... لزمتكم شنع ثلاث فأرتؤوا ... أو خلة منهن أو ثنتان ... تقديمهم في العلم أو في نصحهم ... أو في البيان أذاك ذو إمكان ... إن كان ما قد قلتم حقا فقد ... ضل الورى بالوحي والقرآن ... إذ فيهما ضد الذي قلتم وما ... ضدان في المعقول يجتمعان ... بل كان أولى أن يعطل منهما ... ويحال في علم وفي عرفان ... أما على جهم وجعد أو على النظام أو ذي المذهب اليونان ... وكذاك أتباع لهم فقع الفلا ... صم وبكم تابعو العميان ... وكذاك أفراخ القرامطة الالى ... قد جاهزوا بعداوة الرحمن ... كالحاكمية والالى وألوهم ... كأبي سعيد ثم آل سنان ... وكذا ابن سينا والنصير نصير أهل الشرك والتكذيب والكفران ... وكذاك أفراخ المجوس وشبههم ... والصائبين وكل ذي بهتان ... إخوان ابليس اللعين وجنده ... لا مرحبا بعساكر الشيطان ... أفمن حوالته على التنزيل والوحي المبين ومحكم القرآن ... كمحير أضحت حوالته على ... أمثاله أم كيف يستويان
سطر 1٬932:
وقوله تعالى إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه فاطر 10 وقوله تعالى عن عيسى إني متوفيك ورافعك الي آل عمران 55
قال الناظم رحمه الله تعالى ... ولقد أتى في سورة الملك التي ... تنجي لقاريها من النيران ... نصان إن الله فوق سمائه ... عند المحرف ما هما نصان ...
قوله في سورة الملك الخ روى أحمد والحاكم وأبو داود عن أبي هريرة مرفوعا قال سوة القرآن ثلاثون آية تشفع لصاحبها حتى يغفر له وهي تبارك الذي بيده الملك وعن أنس قال قال رسول الله
قال الناظم رحمه الله تعالى ... ولقد أتى التخصيص بالعند الذي ... قلنا بسبع بل أتى بثمان
سطر 1٬946:
والله لا يأتيهم من تحتهم ... أبدا تعالى الله ذو السلطان ... كلا ولا من خلفهم وأمامهم ... وعن الشمائل أو عن الايمان ... والله لا يأتيهم الا من ال ... علو الذي هو فوق كل مكان ...
هذا هو الدليل الحادي والعشرون من أدلة علو الله تعالى على خلقه وهو إتيان رب العرش جل جلاله ومجيئه الذي جاء في القرآن والاحاديث قال الله تعالى وجاء ربك والملك صفا صفا الفجر 22 وقال هل ينظرون الا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك الانعام 158 وقال تعالى هل ينظرون الى أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة البقرة 210 الآية ويأخذ من القرآن ان المجىء لذاته لا أمر و لا ملك كما في قوله تعالى هل ينظرون الاان تأتيهم الملائكة او يأتى بعض آيات ربك الأنعام 158 لأن المعطلة يفسرون المجىء والآتيان بمجىء امره او ملك والمجىء في الآيه وهى قوله تعالى هل ينظرون الا ان تأتيهم الملائكة الانعام 158 لا يحتمل غير مجيء الرب بذاته تعالى لان مجيء الملائكة قد تقدم ومجيء الامر وهو بعض الآيات تأخر ومجيء الرب بينهما فلا يحتمل ذلك غير مجيء الرب سبحانه
قال شيخ الاسلام ابو عثمان الصابوني في عقيدته ويثبت اصحاب الحديث نزول الرب كل ليلة الى السماء الدنيا من غير تشبيه له بنزول المخلوقين ولا تمثيل ولا تكييف بل يثبتون ما أثبته رسول الله
وينتهون فيه اليه ويمرون الخبر الصحيح الوارد على ظاهره ويكلون علمه الى الله سبحانه وتعالى وكذلك يثبتون ما أنزله الله في كتابه من ذكر المجيء والاتيان المذكورين في قوله تعالى هل ينظرون الا ان يأتيهم الله في ظلل من الغمام البقرة 210 وقوله تعالى وجاء ربك والملك صفا صفا الفجر 22 قال وأخبرنا ابو بكر بن زكريا سمعت أبا حامد ابن الشرقي سمعت حمدان السلمي وأبا داود الخفاف قالا سمعنا اسحاق ابن ابراهيم الحنظلي يقول قال لي الامير ابو عبد الله بن طاهر يا أبا يعقوب هذا الحديث الذي ترويه عن رسول الله
بكر الاسماعيلي إلى أهل جيلان إ ن الله ينزل الى السماء الدنيا على ما صح به الخبر عن النبي
قال الناظم رحمه الله تعالى
فصل
سطر 1٬956:
لما قضى الله الخليقة ربنا ... كتبت يداه كتاب ذي الاحسان ... وكتابه هو عنده على العرش المجيد الثابت الاركان 5 ... إني أنا الرحمن تسبق رحمتي ... غضبي وذاك لرأفتي وحناني ...
يشير الى حديث ابي الزناد عن الاعرج عن ابي هريرة قال سمعت رسول الله
قال الناظم رحمه الله تعالى ... ولقد أشار نبينا في خطبه ... نحو السماء بأصبع وبنان ... مستشهد رب السموات العلى ... ليرى ويسمع قوله الثقلان ... أتراه أمسى للسما مستشهدا ... أم للذي هو فوق ذي الاكوان ...
يعنى حديث جابر في خطبته
قال الناظم ... ولقد أتى في رقية المرضى عن الهادي المبين أتم ما تبيان ... نص بأن الله فوق سمائه ... فأسمعه إن سمحت لك الاذنان ...
يشير الى حديث ابي الدرداء قال سمعت رسول الله
قال الناظم رحمه الله تعالى ... ولقد أتى خبر رواه عمه العباس صنوابيه ذو الاحسان ... إن السموات العلى من فوقها الكرسي عليه العرش للرحمن ... والله فوق العرش يبصر خلقه ... فانظر إن سمحت لك العينان ...
يشير الى حديث الاوعال وهو حديث العباس بن عبد المطلب قال كنت بالبطحاء في عصابة فيهم رسول الله
حتى عد سبع سموات ثم فوق السماء السابعة بحر بين أسفله وأعلاه مثل ما بين سماء إلى سماء ثم فوق ذلك ثمانية أوعال بين اظلافهم وركبهم مثل ما بين سماء الى سماء ثم على ظهورهم العرش بين أسفله وأعلاه مثل ما بين سماء الى سماء ثم الله تعالى فوق ذلك رواه ابو داود وابن ماجة وله طرق
سطر 1٬969:
قال الناظم رحمه الله تعالى ... واذكر حديث حصين بن المنذر الثقة الرضى أعني أبا عمران ... إذ قال ربي في السماء لرغبتي ... ولرهبتي أدعوه كل أوان ... فأقره الهادي البشير ولم ويقل ... أنت المجسم قائل بمكان ... حيزت بل جهيت بل شبهت بل ... جسمت لست بعارف الرحمن ... هذي مقالتهم لمن قد قال ما ... قد قاله حقا أبو عمران ... فالله يأخذ حقه منهم ومن ... أتباعهم فالحق للرحمن
يعني حديث حصين بن المنذر الخزاعي وهو ما رواه عمران بن خالد ابن طليق حدثني أبي عن أبيه عن جده قال اختلفت قريش الى حصين والد عمران فقالوا إن هذا الرجل يذكر آلهتنا فنحب أن تكلمه وتعظه فمشوا الى قريب من باب النبي
وقول الناظم حيزت الخ أي اذا قلت بما قال حصين بن المنذر قالوا حيزت أي قلت بأن الله في حيز وجهيت أي قلت بأن الله تعالى في جهة وشبهت أي قلت بما يقتضي التشبيه وجسمت أي قلت بأن الله تعالى جسم تعالى الله عن ذلك
قال الناظم رحمه الله ... واذكر شهادته لمن قد قال ربي في السما بحقيقة الايمان ... وشهادة العدل المعطل للذي ... قد قال ذا بحقيقة الكفران
سطر 1٬977:
يعني الناظم حديث ابن اسحاق وقد رواه الذهبي في كتاب العلو فقال اخبرنا التاج عبد الخالق وبنت عمه ست الاهل قالا أنبأنا البهاء عبد الرحمن بن ابراهيم أنبأ عبد المغيث بن زهير أنبأنا ابو العز ابن
كادش أنبأنا أبو طالب محمد بن علي أنبأنا أبو الحسن الدارقطني ثنا يحيى بن صاعد ثنا محمد بن يزيد أخي كرخويه ثنا وهب بن جرير ثنا أبي سمعت ابن اسحاق يحدث عن يعقوب بن عتبة عن جبير عن أبيه عن جده قال أتى رسول الله
قال الناظم رحمه الله ... واذكر حديث نزوله نصف الدجى ... في ثلث ليل آخر أو ثان ... فنزول رب ليس فوق سمائه ... في العقل ممتنع وفي القرآن ...
سطر 1٬989:
تقدم الكلام على المعراج بما أغنى عن إعادته والله أعلم
قال الناظم رحمه الله تعالى ... واذكر بقصة خندق حكما جرى ... لقريظة من سعد الرباني ... شهد الرسول بأن حكم الهنا ... من فوق سبع وفقه بوزان ...
قال الشيخ موفق الدين بن قدامة قرأ على عبد الله بن منصور وأنا أسمع أخبركم ابو الحسين المبارك بن عبد الجبار أنبأ محمد بن عبد الواحد أنبأ أبو بكر بن شاذان أنبأ أبو عبد الله المغلس ثنا سعيد بن يحيى الاموي قال حدثني ابي ثنا محمد بن اسحاق عن معبد بن كعب بن مالك أن سعد بن معاذ لما حكم في بني قريظة قال له رسول الله
قال الناظم رحمه الله تعالى ... واذكر حديثا للبراء رواه اصحاب المساند منهم الشيبانى
سطر 1٬995:
تقدم الحديث ببعض طرقه والله اعلم
قال الناظم رحمه الله تعالى ... واذكر حديثا في الصحيح وفيه تحذير لذات البعل من هجران ... من سخط رب في السماء على التي ... هجرت بلا ذنب ولا عدوان ...
يشير الى حديث ابي هريرة ان رسول الله
قال الناظم رحمه الله تعالى ... واذكر حديثا قد رواه جابر ... فيه الشفاء لطالب الايمان ... في شأن أهل الجنة العليا وما ... يلقون من فضل ومن إحسان ... بيناهم في عيشهم ونعيمهم واذا بنور ساطع الغشيان ... لكنهم رفعوا اليه رؤوسهم ... فإذا هو الرحمن ذو الغفران
سطر 2٬005:
ح وأنبأ محمد بن الحسين أنبأ ابن رفاعة أنبأ الخلعي أنبأ أبو العباس ابن الحاج الاسبيلي حدثنا ابو الفوارس أحمد بن محمد الصابوني إملاء قالا ثنا الربيع بن سليمان ثنا الشافعي أنبأ ابراهيم بن محمد حدثني موسى بن عبدة حدثني أبو الازهر معاوية بن اسحاق بن طلحة عن عبيد الله بن عمير أنه سمع أنس بن مالك يقول أتى جبريل بمرآة
بيضاء فيها وكتة سوداء الى النبي
شابور عن عمر مولى غفرة عن أنس وأخرجه القاضي أبو أحمد العسال في في كتاب المعرفة له عن رجاله عن جرير بن عبد الحميد عن ليث ابن أبي سليم عن عثمان بن أبي حميد وهو أبو اليقظان عن أنس ورواه من طريق سلام بن سليمان عن شعبة واسرائيل وورقاء عن ليث أيضا وساقه الدارقطني من رواية شجاع بن الوليد عن زياد بن خيثمة عن عثمان بن ابي سليمان عن أنس والظاهر أن عثمان أبو اليقظان وحدث به الوليد بن مسلم عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان عن سالم بن عبد الله عن أنس بن مالك وهذه طرق يعضد بعضها بعضا رزقنا الله واياكم لذة النظر الى وجهه الكريم انتهى كلام الذهبي
قال الناظم رحمه الله تعالى ... واذكر مقالته الست امين من ... فوق السماء الواحد المنان ... واذكر حديث ابي رزين ثم سقه بطوله كم فيه من عرفان ... والله مالمعطل بسماعه ... أبدا قوى إلا على النكران ... فأصول دين نبينا فيه أتت ... في غاية الايضاح والتبيان ... وبطوله قد ساقه ابن إمامنا ... في سنة والحافظ الطبراني ... وكذا أبو بكر بتاريخ له ... وأبوه ذاك زهير الرباني ...
يشير بقوله ألست أمين الخ الى حديث ابي سعيد الخدري قال بعث علي من اليمن الى رسول الله
قلت هذا كلام الذهبي وقد ساقه بتمامه الناظم في كتاب الهدي وقال هذا حديث كبير جليل الشأن ينادي جلالته وفخامته وعظمته على أه قد خرج من مشكاة النبوة الى أن قال ولم يطعن أحد فيه وفي أحد من رواته فممن رواه الامام بن الامام أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل في مسند أبيه وفي كتاب السنة ومنهم الحافظ الجليل ابو بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم النبيل في كتاب السنة له والحافظ أبو أحمد محمد بن أحمد الغسال في كتاب المعرفة وحافظ زمانه أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني والحافظ ابو محمد عبد الله بن محمد بن حيان أبو الشيخ الاصبهاني في كتاب السنة وحافظ عصره ابو نعيم احمد بن عبد الله الأصبهانى وجماعة من الحفاظ يطول ذكرهم قال ابن منده روى هذا الحديث محمد بن اسحاق الصغاني وع الله ابن أحمد بن حنبل وغيرهما وقد رواه بالعراق بمجمع من العلماء وأهل الدين جماعة من الائمة منهم أبو زرعة الرازي وأبو حاتم وأبو عبدالله محمد بن اسماعيل ولم ينكره أحد ولم يتكلم في اسناده بل رووه على سبيل القبول والتسليم ولا ينكر هذا الحديث الا جاهل أو مخالف للكتاب والسنة هذا كلام أبي عبد الله بن منده انتهى كلام الناظم ملخصا
سطر 2٬030:
شرع الناظم رحمه الله في ذكر التأويل وما جنى على الشريعة المطهرة من البلايا والمحن والشرور والفتن وذكر ما يقبل منه وما يرد قال ... هذا وأصل بلية الإسلام من تأويل ... ذي التحريف والبطلان ...
... وهو الذي قد فرق السبعين بل زادت ثلاثا قول ذي البرهان ...
يشير إلى قوله
يعني عثمان بن عفان رضي الله عنه ... وهو الذي قتل الخليفة بعده ... أعني عليا قاتل الأقران ... وهو الذي قتل الحسين وأهله ... فغدوا عليه ممزقي اللحمان ... وهو الذي في يوم حرتهم أبا ... ح حمى المدينة معقل الايمان ... حتى جرت تلك الدماء كأنها ... في يوم عيد سنة القربان ...
أي وقعة الحرة وذلك أن يزيد بن معاوية وجه مسلم بن عقبة المري
في جيش عظيم من أهل الشام فنزل بالمدينة فقاتل أهلها فهزمهم وقتلهم بحرة المدينة قتلا ذريعا واستباح المدينة ثلاثة أيام فسميت وقعة الحرة لذلك وفيها يقول الشاعر ... فان تقتلونا يوم حرة واقم ... فانا على الاسلام أول من قتل ...
وكانت وقعة الحرة يوم الاربعاء لليلتين بقيتا من ذي الحجة سنة ثلاث وستين ويقال لها حرة زهرة وكانت الوقعة بموضع يعرف ب واقم على ميل من مسجد رسول الله
ابن معاوية مسلم بن عقبة فأوقع بهم قال السهيلي وقتل في ذلك اليوم من وجوه المهاجرين والانصار ألف وسبعمائة وقتل من أخلاط الناس عشرة آلاف قال شيخنا الحافظ ابو عبد الله الذهبي هذا خسف ومجازفة والحرة التي تعرف بها هذا اليوم يقال لها حرة زهرة وعرفت حرة زهرة بقرية كانت لبني زهرة قوم من اليهود قال الزبير في فضائل المدينة كانت قرية كبيرة في الزمن القديم وكان فيها ثلثمائة صائغ وكان يزيد قد أعذر الى أهل المدينة وبذل لهم من العطاء أضعاف اضعاف ما يعطي الناس واجتهد في استمالتهم الى الطاعة والتحذير من الخلاف ولكن أبى الله الا ما أراد والله يحكم بين عباده فيما كانوا فيه يختلفون انتهى ... وغدا له الحجاج يسفكها ويقتل صاحب الايمان والقرآن ... وجرى بمكة ما جرى من أجله ... من عسكر الحجاج ذي العدوان ... وهوالذي أنشأ الخوارج مثلما ... أنشا الروافض أخبث الحيوان ... ولأجله شتموا خيارا الخلق بعد الرسل بالعدوان والبهتان ...
سطر 2٬069:
و
وأصوله ان التاويل هو صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح لدليل يقترن به وهذا الذي عناه اكثر من تكلم من المتأخرين في تأويل نصوص الصفات وترك تأويلها وهل ذلك محمود او مذموم او حق او باطل والثاني ان التأويل بمعنى التفسير وهذا هو الغالب على اصطلاح المفسرين للقرآن كما يقول ابن جر وأمثاله من المفسرين واختلف علماء التأويل ومجاهد إمام المفسرين قال الثوري إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به وعلى تفسيره يعتمد الشافعي والبخاري وغيرهما فاذا ذكر انه يعلم تأويل المتشابه فالمراد معرفة تفسيره الثالث من معاني التأويل هو الحقيقة التي يؤول اليها الكلام كما قال تعالى هل ينظرون الا تأويله يوم ياتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق الاعراف فتأويل ما في القرآن من أخبار المعاد هو ما أخبر الله به فيه مما يكون من القيامة والحساب والجنة النار ونحو ذلك كما قال في قصة يوسف لما سجد أبواه وأخوته يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل يوسف فجعل عين ما وجد في الخارج هو تأويل الرؤيا فالتأويل الثاني هو تفسير الكلام وهو الكلام الذي يفسر به اللفظ حتى يفهم معناه او تعرف علته او دليله وهذا التأويل الثالث هو عين ما هو موجود في الخارج ومنه قول عائشة كان النبي
والنهي فان نفس الفعل المأمور به هو تأويل الامر به ونفس الموجود المخبر عنه هو تأويل الخبر والكلام خبر وأمر ولهذا يقول أبو عبيد وغيره الفقهاء اعلم بالتأويل من أهل اللغة كما ذكروا ذلك في اشتمال الصماء لأن الفقهاء يعلمون تفسير ما أمر به ونهى عنه لعلمهم بمقاصد الرسول
وفسرنا ذلك واما نفس الحقيقة المخبر عنها مثل التي لم يكن بعد وإنما يكون يوم القيامة فذلك من التأويل الذي لا يعلمه الا الله ولهذا لما سئل مالك وغيره من السلف عن قوله الرحمن على العرش استوى طه قالوا الاستواء معلوم والكيف مجهول والايمان به واجب والسؤال عنه بدعة وكذلك قال ربيعة شيخ مالك قبله الاستواء معلوم والكيف مجهول ومن الله البيان وعلى الرسول البلاغ وعلينا الايمان فبين ان الاستواء معلوم وإن كيفية ذلك مجهولة ومثل هذا يوجد كثيرا في كلام السلف والأئمة ينفون علم العباد بكيفية صفات الله تعالى وأنه لا يعلم كيف الله الا الله فلا يعلم ما هو إلا هو وقد قال النبي
فصل
فيما يلزم مدعي التأويل لتصحيح دعواه
سطر 2٬085:
يعني الناظم أن ابن سينا وأمثاله من الملاح الفلاسفة لما فتح المتكلمون باب التأويل الذي هو تحريف النصوص فإن حقيقة قول المتكلمين إن الرب لم يكن قادرا ولا كان الكلام والفعل ممكنا له ولم يزل كذلك دائما مدة أو تقدير مدة لا نهاية لها ثم إنه تكلم وفعل من غير سبب اقتضى ذلك وجعلوا مفعوله هو فعله وإرادته بعلة أزلية والمفعول متأخرا وجعلوا القادر يرجح أحد مقدوريه على الآخر بلا مرجح وكل هذا خلاف المعقول الصريح وخلاف الكتاب والسنة وأنكروا صفاته ورؤيته وقالوا كلامه مخلوق وهو خلاف دين الإسلام والذين اتبعوا هؤلاء المتكلمين وأثبتوا الصفات قالوا يريد جميع المرادات بإرادة واحدة وكل كلام تكلم به أو يتكلم به إنما هو شئ واحد لا يتعدد
ولا يتبعض وإذا رؤي بلا مواجهة ولا معاينة وإنه لم يسمع ولم ير الأشياء حتى وجدت لم يقم به أنه موجود بل حاله قبل أن يسمع ويبصر كحاله بعد ذلك إلى أمثال هذه الأقوال التي تخالف المعقول الصريح والمنقول الصحيح فلما رأت الفلاسفة أن هذا مبلغ علم هؤلاء وأن هذا هو الإسلام الذي عليه هؤلاء وعلموا فساد هذا أظهروا قولهم بقدم العالم واحتجوا بأن تجدد الفعل بعد أن لم يكن ممتنع بل لا بد لكل متجدد من سبب حادث فيكون الفعل دائما ثم ادعوا دعوى كاذبة لم يحسن أولئك أن يبينوا فسادها وهو انه إذا كان الفعل دائما لزم قدم الأفلاك والعناصر ثم لما أرادوا تقرير النبوة جعلوها فيضا فاض من العقل الفعال أو غيره من غير أن يكون رب العالمين يعلم ان له رسولا معينا ولا يميز بين موسى وعيسى ومحمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ولا يعلم الجزئيات ولا نزل من عنده ملك بل جبريل هو خيال يتخيل في نفس النبي
الاذهان فالتأويل عند ابن سينالأجل إبطال هذا القصد ولهذا يحرم التأويل عند الفلاسفة إلا للعارف وأشار الناظم إلى ذلك بقوله ... فلذاك يحرم عندهم تأويله ... لكنه حل لذي العرفان ...
سطر 2٬160:
يعني أن المعطلة لشدة تدليسهم وتلبيسهم قالوا إذا قالت المثبتة إن الله استوى على العرش فسلوه كم للعرش معنى واستوى كم معنى لها لدى عمرو أي عند عمرو وهو سيبويه إمام النحاة فإن اسمه عمرو بن عثمان بن قنبر قال صاحب العواصم والقواصم إذا قال لك المجسم الرحمن على العرش استوى طه فقل استوى على العرش تستعمل على خمسة عشر وجها فأيها تريد انتهى قال شيخ الاسلام في تفسير سورة الإخلاص ومن قال الاستواء له معان متعددة فقد اجمل كلامه فإنهم يقولون استوى فقط ولا يصلونه بحرف وهذا له معنى ويقولون استوى على كذا وله معنى واستوى إلى كذا وله معنى واستوى مع كذا وله معنى فتنوع معانيه بحسب صلاته
وأما استوى على كذا فليس في القرآن ولغة العرب المعروفة إلا بمعنى واحد قال تعالى فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه الفتح وقال واستوت على الجودي هود وقال لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم اذا استويتم عليه الزخرف وقد أتي النبي
وقوله ... قد استوى بشر على العراق ... من غير سيف ودم مهراق ...
هو من هذا الباب فان المراد به بشر بن مروان واستواؤه عليها أي على كرسي ملكها لم يرد بذلك مجرد الاستيلاء بل استواء منه عليها إذ لو كان كذلك لكان عبد الملك الذي هو الخليفة قد استوى أيضا على العراق وعلى سائر مملكة الاسلام ولكان عمر بن الخطاب قد استوى على العراق وخراسان والشام ومصر وسائر ما فتحه ولكان رسول الله
ولها عرش عظيم النمل وقول الزمخشري وغيره استوى على كذا بمعنى ملك دعوى مجردة فليس لها شاهد في كلام العرب ولو قدر ذلك لكان بهذا المعنى باطلا في استواء الله على العرش لأنه أخبر أنه خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش وقد أخبر أن العرش كان موجودا قبل خلق السماوات والارض كما دل على ذلك الكتاب والسنة فهو من حين خلق العرش مالك له مستول عليه فكيف يكون الاستيلاء عليه مؤخرا عن خلق السماوات والأرض وأيضا فهو مالك لكل شيء مستول عليه لا يخص العرش بالاستواء وليس هذا كتخصيصه بالربوبية في قوله ورب العرش المؤمنون فانه قد يخص لعظمته ولكن يجوز ذلك في سائر المخلوقات فيقال رب العرش ورب كل شيء وأما الاستواء المختص بالعرش فلا يقال استوى على العرش وعلى كل شئ ولا استعمل ذلك أحد من المسلمين في كل شيء ولا وجد في كتاب ولا سنة كما استعمل لفظ الربوبية في العرش خاصة وفي كل شيء عامة وكذلك لفظ الخلق ونحوه من الألفاظ التي تخص وتعم كقوله تعالى اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الانسان من علق العلق فالاستواء من الالفاظ المختصة بالعرش لا تضاف إلى غيره لا خصوصا ولا عموما وهذا مبسوط في موضع آخر انتهى كلامه
سطر 2٬168:
ما فيه إجمال ولا هو موهم ... نقل المجاز ولا له وضعان ... ومحمد والانبياء جميعهم ... شهدوا به للخالق الرحمن ... منهم عرفناه وهم عرفوه من ... رب عليه قد استوى ديان ... لم تفهم الأذهان منه سرير بلقيس ولا بيتا على الأركان ... كلا ولا عرشا على بحر ولا عرشا لجبريل بلا بنيان ... كلا ولا العرش الذي إن ثل من ... عبد هوى تحت الحضيض الداني ... كلا ولا عرش الكروم وهذه الأعناب في حرث وفي بستان ... لكنها فهمت بحمد الله عرش الرب فوق جميع ذي الأكوان ... وعليه رب العالمين قد استوى حقا كما قد جاء في القرآن ...
أي أن قوله تعالى ثم استوى على العرش الأعراف المراد به عرش الرب سبحانه واللام للعهد الذهني ولا تفهم الاذهان من العرش غير ذلك كعرش بلقيس المذكور في قوله تعالى ولها عرش عظيم النحل ولا بيتا على الاركان كما في قوله تعالى خاوية على عروشها البقرة ولا عرشا على الماء المذكور في حديث رواه سنيد بن داود في تفسيره مرفوعا إلى النبي
سم
سطر 2٬297:
وكذلك الجهمي قال نظير ذا ... لكنه قد زاد في الطغيان ... قال الصواب بأنه استولى فلم ... قلت استوى وعدلت عن تبيان ...
أي ان الخوارج قال قائلهم وهو ذو الخويصرة التميمي للنبي
... ماذا بعدل في العبارة وهي موهمة التحيز وانتقال مكان ...
أي وكذلك الجهمي لما قال الرسول ينزل ربنا قال الجهمي بل ينزل امره لان النزول يقتضي الحركة والانتقال ... وكذاك قلت بأن ربك في السما أوهمت حيز خالق الإكوان ... كان الصواب بأن يقال بأنه فوق السما ... سلطان ذي سلطان ...
سطر 2٬323:
قوله هذا لسان الحال منهم الخ أي انهم يقولون هذا بلسان حالهم ولكنه مكتوم في صدورهم مغلول ومع ذلك فهو يبدو على فلتات السنتهم ويرى في صفحات وجوههم لا سيما إذا قرىء الحديث عليهم وتلي شاهده من القرآن فهناك بين النازعات وكورت أي إنك إذا قرأت عليهم الحديث وتلوت ما يصدقه من القرآن تلونت وجوههم فتارة تظلم وتارة تصفر وتغير كحالة من في نزع الموت والنازعات في قوله تعالى والنازعات غرقا النازعات هي الملائكة التي تنزع ارواح العباد عن اجسادهم على قول اكثر المفسرين وقوله تعالى إذا الشمس كورت التكوير قال ابن عباس اظلمت وقال مقاتل والكلبي ذهب ضوؤها وقال مجاهد اضمحلت وقيل غورت والله أعلم
قوله ويكاد قائلهم يصرح أي بما في نفسه لو يرى قابلا بل ذكر شيخ الاسلام في بعض رسائله ان بعض من خاطبه صرح بانه لا يقبل من الرسول
قال الناظم رحمه الله تعالى
... يا قوم شاهدنا رؤوسكم على ... هذا ولم نشهده من إنسان ... إلا وحشو فؤاده غل على ... سنن الرسول وشيعة القرآن ...
أي إنا رأينا رؤوسهم على هذا الذي ذكرناه ولم نشهده من احد الا وفؤاده محشو غلا على سنن الرسول
قال الناظم رحمه الله تعالى
... وهو الذي في كتبهم لكن بلطف عبارة منهم وحسن بيان ...
سطر 2٬334:
أي ظلمناهم وجرنا عليهم قال في القاموس الحيف الجور والظلم ... فانظر ترى لكن نرى لك تركها ... حذرا عليك مصائد الشيطان ... فشباكها والله لم يعلق بها ... من ذي جناح قاصر الطيران ... ألا رأيت الطير في قفص الردى ... يبكي له نوح على الاغصان ... ويظل يخبط طالبا لخلاصه فتضيق عنه فرجه العيدان ... والذنب ذنب الطير خلى أطيب الثمرات في عال من الافنان ... وأتى الى تلك المزابل يبتغي الفضلات كالحشرات والديدان ... يا قوم والله العظيم نصيحة ... من مشفق وأخ لكم معوان ... جربت هذا كله ووقعت في تلك ... الشباك وكنت ذا طيران ...
يقول الناظم رحمه الله يا من يظن بأنا حفنا عليهم أي على النفاة أي جرنا عليهم وظلمناهم كتبهم تنبئك عما ذكرنا وقد أثقلت ظهر البسيطة فطالعها إن شئت لكن نرى لك تركها حذرا عليك ان تصيدك شبههم الشيطانية فكم وقع في تلك الشباك من قاصر الطيران فتراه عند وقوعه في تلك المصائد حائرا ندمانا يبكي لوقوعه في مهامه الحيرة والشكوك وكل هذا على طريق النصح من الناظم فجزاه الله تعالى خير الجزاء عملا بقوله
في بعض تلك الشباك والمصائد حتى اتاح له المولى بفضله من اوضح له تلك الشبه وازاح عنه تلك الشكوك وهو شيخ الاسلام واشار إلى ذلك بقوله ... حتى أتاح لي الإله بفضله ... من ليس تجزيه يدي ولساني ... حبره أتى من أرض حران فيا أهلا بمن قد جاء من حران ... فالله يجزيه الذي هو أهله من جنة المأوى مع الرضوان ... أخذت يداه يدي وسار فلم يرم ... حتى أراني مطلع الايمان ... ورأيت اعلام المدينة حولها ... نزل الهدى وعساكر القرآن ... ورأيت آثارا عظيما شأنها محجوبة عن زمرة العميان ... ووردت رأس الماء أبيض صافيا حصباؤه كلالئ التيجان ...
سطر 2٬359:
وقد فسر الناظم معنى الحشوية بقوله يعنون حشوا في الوجود وفضله الخ أي ان المعطلة يعنون بقولهم حشوية ان المثبتة حشو في الوجود وفضله في الناس وجهالهم يظنون ان معنى الحشو انهم بقولهم ان الله سبحانه في السماء وفوق خلقه قد حشوا رب العباد بالأكوان وهذا معنى قوله ظن الحمير الخ
قوله ظن الحمير بأن في للظرف أي اذا ظنوا انا إذا قلنا الله في السماء ففي للظرفية تعالى الله عن ذلك ولهذا قال والله لم يسمع بذا من فرقة قالته في زمن من الازمان وقد صنف ابو اسحاق ابراهيم بن عثمان ابن درباس الشافعي مصنفا سماه تنزيه ائمة الشريعة عن الالقاب الشنيعة
وقوله بل قولهم إن السماوات العلى الخ أي ان قول اهل السنة والحديث إن السماوات السبع في كف الرحمن جل وعلا كخردلة في كف ممسكها كما في الصحيحين من حديث ابي هريرة عن النبي
والحديث مروي في الصحيح والمسانيد وغيرها بألفاظ يصدق بعضها بعضا وفي بعض الفاظه قال قرأ على المنبر والارض جميعا قبضته يوم القيامة الزمر الآية قال مطوية في كفه يرمي بها كما يرمي الغلام بالكرة وفي لفظ يأخذ الجبار سمواته وأرضه بيده فيجعلهما في كفه ثم يقول بهما هكذا كما يقول الصبيان بالكرة أنا الله الواحد وقال ابن عباس رضي الله عنهما ما السماوات السبع ولأرضون السبع وما فيهن وما بينهن في يد الرحمن إلا كخردلة
سطر 2٬371:
ونحو من هذا قوله رحمه الله ... فان كان تجسيما ثبوت صفاته ... وتنزيها عن كل تأويل مفتري ... فاني بحمد الله ربي مجسم ... هلموا شهودا واملؤوا كل محضر ...
قوله سمي به ابن عبيد عبد الله أي اول من نطق بهذا الاسم هو عمرو بن عبيد المعتزلي قال كان عبد الله بن عمر حشويا يعني عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما وهذا معنى قول الناظم ذاك ابن الخليفة طارد الشيطان ومراده بالخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه
وقوله طارد الشيطان يشير إلى قوله
قوله تدرون من أولى بهذا الاسم الخ أي ان الاولى والاحق بهذا الاسم منه حشو الأوراق والأذهان من البدع المضلة والآراء المضمحلة المخالفة للقرآن والسنة فهذا هو الحشوي على الحقيقة لا أئمة الحديث وأئمة الإسلام والإيمان
قوله موجب القرآن هو بفتح الجيم
سطر 2٬390:
فتحملوا عنا الشهادة واشهدوا ... في كل مجتمع وكل مكان ... انا مجسمة بفضل الله وليشهد بذلك معكم الثقلان ... الله أكبر كشرت عن نابها الحرب العوان وصيح بالأقران ... وتقابل الصفان وانقسم الورى ... قسمين واتضحت لنا القسمان ...
معنى كلام الناظم ان الحقيقة عند المثبتة مقصودة بالنص والمراد به التبيان وأما عندكم أيها النفاة فهي غير مرادة لأن الحقيقة عندكم لم تدل إلا على التشبيه والتجسيم فكلام الله ورسوله في آيات العلو والصفات وكذا كلام رسوله
وقوله كشرت عن نابها الخ قال في القاموس كشر عن أسنانه يكشر كشرا أبدى يكون في الضحك وغيره
قوله العوان هي الحرب بعد الحرب قال في مختار الصحاح العوان النصف في سنها من كل شيء والجمع عون والعوان من الحرب التي قوتل فيها مرة بعد مرة كأنهم جعلو الاولى بكر
سطر 2٬434:
لما فسا الشيطان في آذانهم ... ثقلت رؤوسهم عن القرآن ... فلذاك ناموا عنه حتى أصبحوا ... يتلاعبون تلاعب الصبيان ... والركب قد وصلوا العلى وتيمموا ... من أرض طيبة مطلع الايمان ... وأتوا الى روضاتها وتيمموا ... من أرض مكة مطلع القرآن ... قوم إذا ما ناجذ النص بدا ... طاروا له بالجمع والوحدان ... وإذا بدا علم الهدى استبقوا له ... كتسابق الفرسان يوم رهان ... وإذا هم سمعوا بمبتدع هذي ... صاحوا به طرا بكل مكان ... ورثوا رسول الله لكن غيرهم ... قد راح بالنقصان والحرمان ... وإذا استهاب سواهم بالنصر لم ... يرفع به رأسا من الخسران ... عضوا عليه بالنواجذ رغبة ... فيه وليس لديهم بمهان ... ليسوا كمن نبذ الكتاب حقيقة ... وتلاوة قصدا بترك فلان ... عزلوه في المعنى وولوا غيره ... كأبي الربيع خليفة السلطان ...
أي أن النفاة والمعطلة نزلوا كتاب الله وسنة رسوله
قوله فهم المحك يشبه هذا ما أنشده ابن أعين في الامام أحمد بن حنبل رضي الله عنه ... أضحى ابن حنبل محنة مأمونة ... وبحب احمد يعرف المتنسك ... وإذا رأيت لأحمد متنقصا ... فاعلم بأن ستوره ستهتك ...
سطر 2٬440:
أو أن يكون البعض ليس بثابت ... ما قاله المبعوث بالقرآن ... لكن قول محمد والجهم في ... قلب الموحد ليس يجتمعان ... إلا ويطرد كل قول ضده ... فإذا هما اجتمعا فمقتتلان ...
يقول الناظم إذا تعارض النقل والعقل فإما أن يكون العقل فاسدا وإما أن يكون النص ليس بثابت والنصوص لا تتعارض وما يظن فيها من التعارض فهو من آفة الأفهام والاذهان أو بعضها ليس بثابت ما قاله الرسول
قوله إنهما سلمان هو بكسر الهمزة وتسكين النون للوزن وأصله إن المؤكدة ثم قال الناظم لكن قول محمد والجهم في قلب الموحد ليس يجتمعان إلا ويطرد كل قول ضده ... والناس بعد على ثلاث حزبه ... أو حربه أو فارغ متوان ...
قوله حزبه الخ الحزب الورد والطائفة والسلاح وجماعة الناس
سطر 2٬465:
عضين الحجر عن المشركين ثم نبين كيفية جعل الملحدين القرآن عضين روى البخاري عن ابن عباس جعلوا القرآن عضين قال هم اهل الكتاب جزؤوه اجزاء فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه وروي أيضا عن ابن عباس قال كما أنزلنا على المقتسمين الحجر قال آمنوا ببعض وكفروا ببعض اليهود والنصارى قال ابن ابي حاتم وروي عن مجاهد والحسن والضحاك وعكرمة وسعيد بن جبير وغيرهم نحو ذلك وقال الحكم بن ابان عن عكرمة عن ابن عباس جعلوا القرآن عضين قال السحر وقال عكرمة العضة السحر بلسان قريش يقول السحرة إنها الكهانة وقال مجاهد عضوه أعضاء قالوا سحر وقالوا كهانة وقالوا اساطير الاولين وقال عطاء قال بعضهم ساحر وقالوا مجنون وقالوا كاهن فذلك العضين وكذا روي عن الضحاك وغيره
ومعنى كلام الناظم إن هؤلاء الملحدين جعلوا القرآن أجزاء ونقصوه أعظم النقصان منها انهم قالوا لم يبدأ من الله سبحانه وإنما بدأ من غيره إما أنه خلق من اللوح المحفوظ او انشأه جبريل او الرسول الثاني وهو محمد
وعضهوه ايضا أي نقصوه بان قالوا إن نصوصه لا تفيد اليقين واي تنقص أعظم من هذا نعوذ بالله من موجبات غضبه
قوله منها انتفاء خروجه من ربنا الخ قال النبي
إلى الله بمثل ما خرج منه يعني القرآن وقال خباب بن الأرت يا هنتاه تقرب إلى الله بما استطعت فلن تقرب إليه بشيء أحب اليه مما خرج منه وقال ابو بكر الصديق رضي الله عنه لما قريء عليه [[قرآن مسيلمة]] الكذاب فقال إن هذا كلام لم يخرج من ال يعني رب
قال الناظم رحمه الله تعالى ... هذا وقولهم خلاف الحسن والمعقول والمنقول والبرهان ... مع كونه أيضا خلاف الفطرة ال أولى وسنة ربنا الرحمن ... والله قد فطر العباد على التفا ... هم بالخطاب لمقصد التبيان ... كل يدل على الذي في نفسه بكلامه من اهل كل لسان ... فترى المخاطب قاطع بمراده ... هذا مع التقصير في الانسان ... اذكل لفظ غير لفظ نبينا ... هو دونه في ذابلا نكران ...
شرع الناظم في بيان بطلان قول النفاة وانه خلاف الحس والعقل والنقل والفطرة وذلك ان الله سبحانه وتعالى فطر العباد على التفاهم بالخطاب فكل يدل على الذي في نفسه بكلامه من جميع الألسنة
قوله فترى المخاطب قاطع بمراده أي ترى المخاطب بفتح الطاء قاطع بمراد المخاطب بكسر الطاء وذلك مع التقصير في الإنسان إذ كل لفظ غير لفظ الرسول
الغاية القصوى في التبيان ولهذا قال الناظم ... حاشا كلام الله فهو الغاية القصوى له أعلى ذرى التبيان ... لم يفهم الثقلان من لفظ كما ... فهموا من الأخبار والقرآن ... فهو الذي استولى على التبيان كاستيلاء حقا على الإحسان ... ما بعد تبيان الرسول لناظر ... إلا العمى والعيب في العميان ...
ثم شرع الناظم في بيان أن بيان الرسول
يعني الناظم بهذه الأبيات ان بيان الرسول
وفي الصحيحين وغيرهما أيضا عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ان ناسا في زمن النبي
قوله فإذا أتى بالمقتضى هو بكسر الضاد اسم فاعل وهو ان ليس دون الرؤية سحاب والشمس في نحر الظهيرة فإذا تم المقتضي حصل المقتضى ولكن لا حيلة في أهل التحريف والتعطيل
قال الناظم رحمه الله تعالى ... لو أنكم والله عاملتم بذا ... أهل العلوم وكتبهم بوزان ... فسدت تصانيف الوجود بأسرها ... وغدت علوم الناس ذات هوان ... هذا وليسوا في بيان علومهم ... مثل الرسول ومنزل القرآن ... والله لو صح الذي قد قلتم ... قطعت سبيل العلم والايمان
سطر 2٬498:
أي ومن المصائب التي تلبس بها المعطلة إنهم قالوا بأن لفظة الله فيها خلاف هل هو عربي ام سرياني وكذا فيه اختلاف هل هو مشتق ام هو جامد وأصله ماذا ومع هذا فلفظ الله أظهر لفظة نطق اللسان بها فانظر أيها الناظر في هذا الكتاب ما في هذا الكلام من التلبيس والبهتان وذلك أنه لا خلاف بين العقلاء ان الله اسم لرب العالمين خالق السماوات والأرض الذي يحيي ويميت وهو رب كل شيء ومليكه فهم لا يختلفون في ان هذا الاسم يراد به هذا المسمى وهو أشهر عندهم وأعرف من كل اسم وضع لكل مسمى وإن كان الناس متنازعين في اشتقاقه فليس ذلك بنزاع في معناه ولا يتطرق الى ذلك إجمال ولا مجاز ومن غير نظر إلى أنه عربي ام سرياني وهل هو مشتق ام جامد فإن هذا خلاف في أحوال اللفظ لا في وضعه
ثم ضرب الناظم لذلك مثلا فقال وإذا هم اختلفوا بلفظة مكة الخ وفيه لهم قولان فليس بينهم خلاف بأن مرادهم حرم الله وقبلة المسلمين
ونظير هذا إذا اختلفوا بلفظة احمد ولهم في ذلك قولان فليس بينهم خلف بأن مرادهم منه رسول الله
|