الفرق بين المراجعتين لصفحة: «مبسوط السرخسي - الجزء الحادي والعشرون»

تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
OKBOT (نقاش | مساهمات)
ط تدقيق إملائي. 88 كلمة مستهدفة حاليًا.
 
سطر 27:
[ 9 ]
المولى الامة والولد أو أعتق الامة دون الولد ثم مات الموصى كانت الوصية للغلام دون المولى لانه صار حرا سواء أعتقه مقصودا أو أعتق أمه وانما وجبت الوصية بالموت ولو كان حرا يومئذ فكانت الوصية له دون المولى ولو صالح الورثة من الوصية قبل موت الموصى لم يجز لان استحقاق الوصية بالموت والصلح قبل ثبوت الاستحاق لا يصح لان صحته على وجه اسقاط الحق بعوض فإذا لم يكن العوض مستحقا كان الصلح باطلا * (باب الصلح في الجنايات) * (قال رحمه الله) والصلح من كل جناية فيها قصاص على ما قل من المال أو كثر فيها فهو جائز لقوله تعالى (فمن عفى له من أخيه شئ فاتباع بالمعروف وأداء إليه باحسان) ومعناه من أعطى له من دم أخيه شئ وذلك بطريق الصلح * ولقوله صلى الله عليه وسلم{{ص}} من قتل له قتيل فأهله بين خيرين ان أحبوا قتلوا وأن أحبوا فادوا والمفاداة بالصلح تكون ولا يتعذر بدل الصلح بالارش عندنا خلافا للشافعي رحمه الله وهى مسألة الديات واعتمادنا فيه على ما روى أن رسول الله الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} قضي بالقصاص على القاتل ولما رأى الصحابة رضى الله عنهم الكراهية في ذلك من وجهه صلوات الله وسلامه عليه صالحوا أولياء القتيل على ديتين واستحسنه رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} ولان حق استيفاء القود قد يؤل إلى المال عند تعذر الاستيفاء فيجوز اسقاطه بمال بطريق الصلح كحق الرد بالعيب بخلاف حد القذف فان لا يؤل مالا بحال ثم البدل يكون في مال الجاني حالا لانه التزمه بالعقد ولانه وجب باعتبار فعل هو عمد وقال صلى الله عليه وسلم{{ص}} لا تعقل العاقلة عمدا ولا عيبا ولو صالحه من الجرح أو الجراحة أو الضربة أو القطع أو الشجة أو اليد على شئ ثم برأ فالصلح جائز لانه أسقط بهذه الالفاظ حقه بعوض وان مات بطل الصلح في قول أبى حنيفة رحمه الله وعليه القصاص في القياس وفى الاستحسان عليه الدية في ماله وان آل الجرح إلى قتل كانت الدية على عاقلته وعند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله الصلح ماض ولا شئ عليه لانه أسقط الحق الواجب له بالجراحة بالصلح وبعد الموت سبب حقه الجراحة كما بعد البرء وعند أبى حنيفة رحمه الله هو انما أسقط بالصلح قطعا أو شجة أوجبت له قصاصا وبالموت يتبين أن الواجب له القصاص في النفس لا القطع والشجة فكان هذا اسقاطا لما ليس بحقه فيكون باطلا ولهذا كان عليه القصاص
[ 10 ]
سطر 93:
[ 31 ]
فلوس وقبضها فتقرقا ثم استحقت رجع بالدراهم لان القبض قد انتقض في المستحق من الاصل ويتبين أنهما افترقا عن دين بدين وذلك مبطل للعقد وكذلك ان وجدها من ضرب لا ينفق لانه تبين انه صار مستوفيا حقه في المقبوض وكذلك لو كان عليه حنطة فصالحه من ذلك على شعير وقبضه وتفرقا ثم استحق من يده أو وجد به عيبا فرده رجع بالحنطة لان قبضه انتقض في المردود فظهر انه دين بدين بعد المجلس ولو صالحه على كر شعير وسط وأعطاه اياه ثم استحق منه قبل أن يتفرقا رجع بمثله لان قبضه انتقض بمثله في المستحق فكأنه لم يقبضه حتى الآن وصفة الدينية في المجلس لا تضر فلهذا رجع بمثل ذلك الشعير ولو كان له عليه كر حنطة قرضا أو غصبا فصالحه على عشرة دراهم ودفعها ثم استحقت الدراهم أو وجدها ستوقة بعد ما افترقا فردها بطل الصلح لان القبض في المستحق انتقض من الاصل والستوقة ليست من جنس حقه فتبين أنه دين بدين بعد المجلس ولو وجدها زيوفا أو نبهرجة فردها كان ذلك فاسدا في قول أبي حنيفة رحمه الله وفى قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله يستبدلها قبل أن يتفرقا من مجلسهما الثاني وهو بناء على ما إذا وجد رأس مال السلم وبدل القرض زيوفا بعد الافتراق فردها وقدمنا ذلك في البيوع ولو كانت له عليه عشرة دراهم وكرا حنطة قرضا فصالحه من ذلك علي أحد عشر درهما ثم فارقه قبل أن يقبض انتقص من ذلك درهما وأخذ حصة الطعام لانه مبادلة الحنطة بالدراهم فإذا لم يقبض الدراهم في المجلس كان دينا بدين وبعد فساد العقد تبقي عليه الدراهم والطعام على حاله ولو كان له عليه ألف إلى أجل فصالحه منها على خمسمائة درهم ودفعها إليه لم يجز لان المطلوب أسقط حقه في الاجل في الخمسمائة والطالب بمقابلته أسقط عنه خمسمائة فهو مبادلة الاجل بالدراهم وذلك لا يجوز عندنا وهو قول ابن عمر رضى الله عنهما فان رجلا سأله عن ذلك فنهاه ثم ساله ثم نهاه ثم سأله فقال ان هذا يرد أن أطعمه الربا وهو قول الشعبي رحمه الله وكان إبراهيم النخعي رحمه الله يجوز ذلك وهو قول زيد بن ثابت رضى الله عنه استدلالا بحديث نبى النضر أن النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} لما أجلاهم قالوا ان لنا ديونا على الناس فقال صلوات الله عليه ضعوا وتعجلوا وكنا نحمل ذلك على انه كان قبل نزول حرمة الربا ثم انتسخ بنزول حكم الربا فان مبادلة الاجل بالمال ربا (ألا ترى) أن الشرع حرم ربا النساء وليس ذلك الاشبهة مبادلة المال بالاجل فحقيقة ذلك لا يكون ربا حراما أولى ولو كان له عليه ألف درهم
[ 32 ]
سطر 132:
[ 44 ]
القبض المستحق بالعقد فالابراء عن المسلم فيه يصح بالاتفاق وهذا المعنى موجود في الاستبدال برأس المال بعد الاقالة فيكون ذلك فاسدا شرعا فان كان رأس مال السلم عوضا فصالح عليه ثم هلك قبل أن يقبضه فعلى السلم فيه قيمته لان الاقالة لا تنقض بهلاك رأس المال قبل الفسخ فان اقالة السلم بعد ما صح لا تحتمل الفسخ لان المسلم فيه كان دينا وقد سقط بالاقالة والساقط متلاش لا يتصور عوده ولهذا لو أراد فسخ الاقالة لم يملكها ولو اختلفا في رأس المال بعد الاقالة لم يتخالفا فإذا ثبت أن الاقالة باقية بعد هلاك العوض قلنا تعذر رد العين مع بقاء السبب الموجب للرد فتجب قيمته كالمغصوب وكذلك لو هلك قبل أن يتناقض السلم لان مالا يمنع بقاء الاقالة لا يمنع ابتداء الاقالة وهذا لان السلم في حكم بيع المعاوضة فان المسلم فيه بيع وهو قائم بمحله بعد هلاك رأس المال وهلاك أحد العوضين في المعاوضة لا يمنع الاقالة ابتداء وبقاء فان كان للسلم كفيل يبرأ الكفيل حين وقع الصلح على رأس المال لان الاصيل برئ عن المسلم فيه لانه لو كان بدلا عنه لم تصح الاقالة فان مبادلة الدين بالدين حرام لكنه دين اخر لزم الاصيل ولم يكفل به الكفيل ولا يجوز الصلح من السلم على جنس آخر سوى رأس المال لانه استبدال بالمسلم فيه وذلك فاسد والاصل فيه حديث أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه أن النبي الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} قال إذا أسلمت في شئ فلا تصرفه في غيره ولو كان السلم كر حنطة فصالحه منه على نصف كر حنطة على أن أبراه مما بقى جاز لان هذا حط ولا ابراء عن جميع المسلم فيه صحيح في ظاهر الرواية لانه دين لا يستحق قبضه في المجلس وقد بيناه في البيوع فكذلك الابراء عن بعضه وكذلك لو كان السلم كر حنطة جيدة فصالحه على كر ردئ إلى شهر لان رب السلم تبرع بالتاجيل بعد ما حل حقه وتجوز بدون حقه أيضا وذلك مندوب إليه قال صلى الله عليه وسلم{{ص}} لصاحب الدين أحسن إلى الشريك ولو كان السلم كر حنطة رديئة فصالحه على كر جيدة على أن يزيدة رب السلم درهما في رأس المال لم يجز ذلك في قول أبى حنيفة ومحمد رحمهما الله وجاز في قول أبى يوسف رحمه الله إذا نقده الدراهم قبل أن يتفرقا وقد بينا هذه الفصول في كتاب البيوع في الحط والزيادة في المكيل والموزون والمذروع الا أن قول أبى يوسف رحمه الله لم يذكر في كتاب البيوع وانما ذكر هنا فأما المسائل فهى التي ذكرناها في البيوع أعادها هنا ولو كان المسلم فيه كر حنطة إلى أجل والثمن دراهم أو شئ بغير عينه فاصطلحا على ان زاده الذى عليه السلام نصف كر
[ 45 ]
سطر 186:
[ 62 ]
ما قد تم به فينبغي أن لا تقبل بينته ولا يحلف خصمه كالبائع إذا زعم أنه كان باع العين من فلان قبل أن يبيعه من هذا المشترى بخلاف الخلع فان هناك هي مناقضة في الدعوى أيضا ولكن البينة على الاطلاق مقبولة من غير الدعوى والجواب أن يقول هو غير مناقض في دعواه لان قبوله الصلح لا يكون اقرارا منه بوجوب شئ عليه ولكنه يدعى خلاف ما يشهد له الظاهر لان العقود في الظاهر محمولة على الصحة فلا يقبل قوله في ذلك الا بالبينة وعند عدم البينة القول قول خصمه مع اليمين لكون الظاهر حجة وشاهدا له وان كانت الوديعة قائمة بعينها وهى مائه درهم فصالحه منها على مائة درهم بعد اقرار أو انكار لم يجز إذا قامت البينة على الوديعة لانها عين في يد المودع فيكون الصلح عنها معاوضة ومعاوضة المائة بالمائتين باطل ولا يمكن تصحيحه بطريق الابراء والاسقاط لان العين لا تحتمل ذلك وان لم تقم بينة وكان المودع منكرا فالصلح جائز عند دعوى الدين عند انكار المودع وعجز المدعى عن الدار وانه بمنزلة البيع فلهذا صح العقد بدون الاضافة إلى الموكل ثم المقصود من الصلح قطع المنازعة وقطع المنازلة واجب ما أمكن باعتبار معنى البيع وإذا صح الصلح غير مضاف إلى الموكل انقطعت المنازعة بينهما فوجب المصير إلى ذلك استحسانا والله أعلم بالصواب * (باب الحكمين) * (قال رحمه الله) الاصل في جواز التحكيم قوله تعالى (فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها ان يريدا اصلاحا يوفق الله بينهما) والصحابة رضى الله عنهم كانوا مجمعين على جواز التحكيم ولهذا بدأ الباب بحديث الشعبى رحمه الله قال كان بين عمر وأبى بن كعب رضى الله عنهما مدارأة بينهما في شئ فحكما بينهما زيد بن ثابت رضى الله عنه فأتياه فخرج زيد بن ثابت اليهما وقال لعمر رضى الله عنه ألا تبعث إلى فأتيك يا أمير المؤمنين فقال عمر رضى الله عنه في بيته يؤتى الحكم فأذن لهما فدخلا وألقى لعمر وسادة فقال عمر رضي الله عنه هذا أول جورك وكانت اليمين على عمر رضى الله عنه فقال زيد لابي رضى الله عنه لو أعفيت أمير المؤمنين من اليمين فقال عمر يمين لزمتني فلاحلف فقال أبى رضي الله عنه بل يعفى أمير المؤمنين ويصدقه والمراد بالمدارأة الخصومة واللجاج قال الله تعالى (فادارأتم فيها) وقال صلى الله عليه وسلم{{ص}} في حديث ثابت بن شريك رضى الله عنهما لا يدارى ولا يمارى أي لا يلاحى ولا
[ 63 ]
سطر 192:
[ 64 ]
فقوله تعالى (وان كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة) وهو أمر بصيغة الخبر لانه معطوف على قوله تعالى (فاكتبوه) وعلى قوله تعالى (وأشهدوا إذا تبايعتم) وأدنى ما يثبت بصيغة الامر الجواز * والسنة حديث عائشة رضى الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} اشترى من يهودى طعاما لبيته ورهنه درعه وفى حديث أسماء بنت يزيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} توفى ودرعه مرهون عند يهودى بوسق من شعير وعن ابن عباس وأنس رضى الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} رهن درعه ليهودي فما وجد ما يفتكه حتى توفى صلوات الله عليه وجاء اليهودي في أيام التعزية يطالب بحقه ليغيظ المسلمين به وفى هذا دليل جواز الرهن في كل ما هو مال متقوم ما يكون معدا للطاعة وما لا يكون معدا له في ذلك سواء فان درعه صلوات الله عليه كان معدا للجهاد به فيكون دليلا على جواز رهن المصحف بخلاف ما يقوله الشيعة أن ما يكون للطاعة لا يجوز رهنه لانه في صورة حسبة عن الطاعة وفيه دليل أن الرهن جائز في الحضر والسفر جميعا فانه رهنه صلى الله عليه وسلم{{ص}} بالمدينة في حال اقامته بها بخلاف ما يقوله أصحاب الظواهر أن الرهن لا يجوز الا في السفر لظاهر قوله تعالى (وان كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة) والتعليق بالشرط يقتضى الفصل بين الوجود والعدم ولكنا نقول ليس المراد به الشرط حقيقة بل ذكر ما يعتاده الناس في معاملاتهم فانهم في الغالب يميلون إلى الرهن عند تعذر امكان التوثق بالكتاب والشهود والغالب أن يكون ذلك في سفر والمعاملة الظاهرة من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} إلى يومنا هذا فالرهن في الحضر والسفر دليل على جوازه بكل حال ثم ذكر عن على بن أبى طالب رضي الله عنه قال يترادان الفضل في الرهن وفيه دليل أن المقبوض بحكم الرهن يكون مضمونا ثم بيان هذا اللفظ أنه إذا رهن ثوبا قيمته عشرة بعشرة فهلك عند المرتهن سقط دينه فان كانت قيمة الثوب خمسة يرجع المرتهن على الراهن بخمسة أخرى وهو مذهبنا أيضا وان كانت قيمته خمسة عشر فالراهن يرجع على المرتهن بخمسة وهو مذهب علي رضى الله عنه وبه أخذ بعض الناس ولسنا نأخذ بهذا وانما نأخذ بقول عمر وابن مسعود رضى الله عنهما فانهما قالا انه مضمون بالاقل من قيمته ومن الدين فإذا كانت القيمة أكثر فالمرتهن في الفضل أمين وهكذا روى محمد بن الحنفية عن علي رضى الله عنه أن المرتهن في الفضل أمين وحاصل الاختلاف فيه بين العلماء رحمهم الله على ثلاثة أقاويل فعندنا هو
[ 65 ]
مضمون بالاقل من قيمته ومن الدين وعند شريح رحمه الله هو مضمون بالدين قلت قيمته أو كثرت فانه قال الرهن بما فيه وان كان خاتما من حديد بمائة درهم وفي احدى روايتي علي رضى الله عنه يترادان الفضل هذا بيان الاختلاف الذى كان بين المتقدمين رضى الله عنهم في الرهن إلى أن أحدث الشافعي رحمه الله قولا رابعا انه أمانة ولا يسقط شئ من الدين بهلاكه واستدل في ذلك بحديث الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبى هريرة رضى الله عنه أن النبي صلوات الله عليه وسلامه قال لا يغلق الرهن لصاحبه غنمه وعليه غرمه وفى رواية الرهن من راهنه الذى رهنه له غنمه وعليه غرمه وزعم أن معنى قوله صلى الله عليه وسلم{{ص}} لا يغلق الرهن لا يصير مضمونا بالدين فقد فسر ذلك بقوله الرهن من راهنه الذى رهنه أي من ضمان راهنه وقوله صلى الله عليه وسلم{{ص}} وعليه غرمه أي عليه هلاكه فالغرم عبارة عن الهلاك قال الله تعالى إنا لمغرمون أي هلكت علينا أموالنا والمعنى فيه أن الرهن وثيقة بالدين فبهلاكه لا يسقط الدين كما لا يسقط بهلاك الصك وموت الشهود وهذا لان بعقد الوثيقة يزداد معنى الصيانة فلو قلنا بأنه يسقط دين المرتهن بهلاكه كان ضد ما اقتضاه العقد لان الحق به يصير بعرضة الهلاك وذلك ضد معنى الصيانة والدليل عليه أن عين الرهن ما زاد على قدر الدين أمانة في يد المرتهن والقبض في الكل واحد وما هو موجب الرهن وهو الحبس ثابت في الكل فلا يجوز أن يثبت حكم الضمان بهذا القبض في البعض دون البعض والدليل عليه أن عين الرهن تهلك على ذلك الراهن حتى لو كان عبدا فكفنه على الراهن ولو استحق وضمنه المرتهن يرجع بالضمان والدين جميعا على الراهن ولو كان قبضه قبض ضمان لم يرجع بالضمان عند الاستحقاق كالغاصب وعندكم إذا اشترى المرتهن المرهون من الراهن لا يصير قابضا بنفس الشراء ولو كان مضمونا عليه بالقبض لكان قبضه عن الشراء كقبض الغاصب والمقبوض بحكم الرهن الفاسد لا يكون مضمونا عندكم كرهن المشاع وغيره والفاسد معتبر بالجائز في حكم الضمان وليس من ضرورة ثبوت حق الحبس الضمان كالمستأجر بعد الفسخ محبوس عند المستأجر بالاجرة المعجلة بمنزلة المرهون حتى إذا مات الآجر كان المستأجر أحق به من سائر غرمائه ثم لم يكن مضمونا إذا هلك وكذلك زوائد الرهن عندكم والدليل على أنه أمانة أن النفقة على الراهن دون المرتهن كما في الوديعة وحجتنا في ذلك ما أشرنا إليه من إجماع المتقدمين رضوان الله عليهم أجمعين فاتفاقهم على ثلاثة أقاويل يكون
[ 66 ]
اجماعا منهم على أنه ليس فيه قول رابع لم يستدل بحديث عطاء أن رجلا رهن فرسا عند رجل بحق له فنفق الفرس عند المرتهن فاختصما عند رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} فقال للمرتهن ذهب حقك ولا يجوز أن يقال ذهب حقك في الحبس لان هذا مما لا يشكل ولان ذكر الحق منكرا في أول الحديث ثم اعادته معرفا فيكون المراد بالمعرف ما هو المراد بالمنكر قال الله تعالى (كما أرسلنا إلى فرعون رسولا فعصى فرعون الرسول) وقال النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} الرهن بما فيه ذهبت الرهان بما فيها أي بما فيها من الديون ولا حجة لهم في قوله صلى الله عليه وسلم{{ص}} لا يغلق الرهن فان أحدا من أهل اللغة لا يفهم منه هذا اللفظ بقى الضمان على المرتهن وذكر الكرخي أن أهل العلم من السلف رحمهم الله كطاوس وابراهيم وغيرهما اتفقوا ان المراد لا يحبس الرهن عند المرتهن احتباسا لا يمكن فكاكه بأن يصير مملوكا للمرتهن واستدلوا عليه بقول القائل وفارقتك برهن لافكاك له * يوم الوداع فأمسى الرهن قد غلقا يعنى احتبس قلب المحب عند الحبيب على وجه لا يمكن فكاكه وليس فيه ضمان ولا هلاك والدليل عليه ما روى عن الزهري قال كانوا في الجاهلية يرتهنون ويشترطون على الراهن ان لم يقض الدين إلى وقت كذا فالرهن مملوك للمرتهن فأبطل رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} ذلك بقوله لا يغلق الرهن وسئل سعيد بن المسيب رضى الله عنه عن معنى هذا اللفظ فقيل أهو قول الرجل ان لم يأت بالدين إلى وقت كذا فالرهن بيع لى في الدين فقال نعم وقوله صلى الله عليه وسلم{{ص}} الرهن من راهنه الذى رهنه يؤكد هذا المعنى أي هو على ملك راهنه الذى رهنه لا يزول ملكه بهذا الشرط وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم{{ص}} له غنمه وعليه غرمه يعني في حال ابقائه هو مردود عليه لا يتملك غيره عليه أو أن يبيع بالدين فزاده الثمن على الدين فالزيادة له وان انتقص فالنقصان عليه وبه نقول والمعنى في المسألة أن الرهن مقبوض للاستيفاء والمقبوض على وجه الشئ لا يكون كالمقبوض على حقيقته في حكم الضمان (ألا ترى) أن المقبوض على سوم البيع يجعل كالمقبوض على جهة الاستيفاء وبيان الوصف أن عقد الرهن يختص بما يمكن استيفاء الدين منه وهو المال المتقوم الذى يقبل البيع في الدين ويختص بحق يمكن استيفاؤه من الرهن وهو الدين حتى لا يجوز الرهن بالاعيان ولا بالعقوبات من القصاص والحدود وتحقيق ما ذكرنا أن موجب العقد ثبوت يد الاستيفاء وهذه اليد
[ 67 ]
سطر 225:
[ 75 ]
يبيع ولدها لانه مبيع بحكم الوكالة وانما وكله في بيع شخص فلا يملك بيع شخصين وهنا انما يبيع العدل بحكم الرهن وحكم الرهن ثبت في الولد حتى كان للمرتهن أن يحبس الولد مع الاصل إلى أن يستوفى في دينه فلهذا ملك بيع الولد معها الا أن المرهون لو قتلها عبده فدفع بها كان للعدل أن يبيع المدفوع ولو أن الجارية التى وكل الوكيل ببيعها قتلها عبده فدفع بها لم يكن للوكيل أن يبيع العبد المدفوع فكذلك الولد لان حكم الولد حكم البدل في سريان حكم العقد إليه وهذه المسألة تنبنى على أن الزوايد المتولدة منه حين الرهن تكون مرهونة عند المرتهن على معنى أن له أن يحبسها بالدين وان لم يكن مضمونا حتى لا يسقط شئ من الدين بهلاكها كالزيادة على قدر الدين من الرهن وعند الشافعي رحمه الله لا يثبت حكم الرهن في الزيادة والراهن أحق بها لقوله صلى الله عليه وسلم{{ص}} له غنمه وعليه غرمه فاطلاق اضافة الغنم إليه دليل على انه محض حق له وقال صلى الله عليه وسلم{{ص}} الرهن مركوب ومحلوب والمراد انه محلوب للراهن بدليل قوله وعلى الذى يركبه ويحلبه نفقته والمعنى ان هذه زيادة تملك بملك الاصل فلا يثبت فيها حكم الرهن كالكسب والغلة وهذا لان الثابت بالرهن حق البيع في الدين عنده وذلك ليس بحق متأكد في القيمة فلا يسرى إلى الولد كحق الوكالة بالبيع وحق الدفع في الجارية الحامل وحق الزكاة في النصاب بعد كمال الحول بخلاف ملك الراهن فهو متأكد في العين لان العين هي المملوك والدليل على هذا أن حكم الضمان عندكم لا يثبت في الولد لهذا المعنى فكذلك حكم الرهن ولان الرهن وثيقة بالدين فلا يسرى إلى الولد كالكفالة وهذا عقد لا يزيل الملك في الحال ولا في المآل فلا يسرى إلى الولد كالاجارة والوصية بالخدمة وبتفصيل الوصية يظهر الفرق بين البدل والولد فان حق الموصى له بالخدمة يسرى إلى البدل لقيامه مقام الاصل ولا يسرى إلى الولد وحق ولد الجارية كذلك فكذلك حق المرتهن * وحجتنا في ذلك قول معاذ رضى الله عنه فيمن ارتهن نخيلا فأثمرت أن الثمار رهن معها وقال ابن عمر رضى الله عنهما في الجارية المرهونة إذا ولدت فولدها رهن معها والمعنى فيه أن حق المرتهن متأكد في العين فيسرى إلى الولد كذلك الراهن وبيان ثبوت الحق في العين أن توصف العين به يقال مرهون محبوس بحق المرتهن كما يقال مملوك للراهن ولهذا يسرى إلى بدل العين ودليل التأكيد ان من هو عليه لا يملك ابطاله (وفقه هذا الكلام) ما قررنا أن موجب عقد الرهن يد الاستيفاء ويد الاستيفاء انما تثبت في العين وهى معتبرة بحقيقة
[ 76 ]
الاستيفاء وإذا كانت حقيقة الاستيفاء تظهر في موجبه من الزوائد التى تحدث بعده فكذلك يد الاستيفاء وهذا لان المتولد منه الاصل ثبت فيه ما كان في الاصل والاصل كان مملوكا للراهن مشغولا بحق المرتهن فيثبت ذلك الملك في الزيادة لا ملك آخر لانه يحتاج لملك آخر والى سبب آخر بخلاف الكسب والغلة فهو غير متولد منه الاصل ولا يثبت في الكسب لهذا المعنى وبخلاف حق المستأجر فهو في المنفعة لا في العين ولهذا لا يسرى إلى بدل العين فكذلك لا يسرى إلى الولد (توضيحه) أن الحق انما يسرى إلى الولد إذا كان محلا صالحا والولد محدث غير منتفع به فلم يكن محلا صالحا لحق المستأجر فأما الولد المنفصل فيكون مالا متقوما فيكون محلا صالحا لحق المرتهن ورد أن هذا من الاجارة ان ولدت المرهونة ولدا حرا باعتبار الغرور فالرهن لا يسرى على هذا الولد لانه ليس بمحل له وهذا هو العذر عن ولد المنكوحة فان حق النكاح لا يسرى إليه لانه ليس بمحل للحل في حق الزوج وهذا هو العذر عن ولد الجارية الموصى بخدمتها لانه لا يكون محلا صالحا للخدمه حتى ينفصل ثم حق الموصى في المنفعة والولد غير متولد منه المنفعة والسراية إلى الولد باعتبار خروج العين من الثلث لا لان حقه في العين وحق ولى الجناية ليس بمتأكد في العين فان ما عليه تقرر بابطال حق العين عن العين باعتبار اليد وحق الزكاة في الذمة لا في العين فان المستحق فعل أشياء في الذمة ثم من عليه ملك الاداء من محل آخر فعرفنا أنه غير متأكد في العين وحق الكفالة عندنا يسرى إلى الولد إذا كغلت أمة باذن مولاه بمال ثم ولدت فأما إذا كانت حرة فالحق بالكفالة ثبت في ذمتها والولد لا يتولد من الذمة وانما لا يثبت حكم الضمان في الولد عندنا لانعدام السبب الذى يجعل العين مضمونة عليه وهذا القبض مقصود (ألا ترى) أن ولد المعتق قبل القبض يسرى إليه حكم البيع ولا يكون مضمونا ان هلك لهذا المعنى وقوله صلى الله عليه وسلم{{ص}} له غنمه وعليه غرمه يقتضى أن تكون الزيادة ملكا للراهن وذلك لا يبقى حقا للمرتهن فانه كما أضاف الزيادة إليه أضاف الاصل إليه بقوله الرهن من راهنه الذى رهنه ونحن نقول انه محلوب للراهن على معنى أن اللبن يكون مملوكا له وانه ينتفع به باذن المرتهن أيضا وليس في هذا الحديث أيضا ما يمنع ثبوت حق المرتهن فيه فان باعها العدل وسلمها ثم استحقها رجل ولا يعلم مكانها كان للمستحق أن يضمن العدل قمية الامة والولد لانه في حق المستحق غاصب والزيادة في عين المغصوب تضمن بالبيع والتسليم كالاصل لم يرجع العدل
[ 77 ]
سطر 234:
[ 78 ]
العدل حتى إذا هلك في يد العدل لم يسقط الدين وان مات الراهن فالمرتهن اسوة الغرماء قال لان العدل نائب عن الراهن فكذا إذا لحقه عهدة يرجع على الراهن دون المرتهن وكما أن الرهن لا يتم بقبض الراهن وان اشفى عليه فكذلك لا يتم بقبض العدل والدليل أن موجب عقد الراهن بثبوت يد الاستيفاء وبهذا العقد لم يثبت ذلك للمرتهن لانه لا يتمكن من اثبات يده على العين وموجب العقد لا يجوز ان يثبت بغير العاقد كالملك في البيع وجه قولنا ان يد العدل كيد المرتهن بدليل ان ملك العدل رد الرهن برضا المرتهن ولو كانت يده كيد الراهن لتمكن الراهن من استرداده متى شاء وبأن كان يرجع بضمان الاستحقاق على الراهن فذلك لا يدل على أن يد الراهن كالمرتهن نفسه * توضيحه ان المرهون محبوس بالدين كالمبيع بالثمن ثم البائع إذا أبى تسليم المبيع إلى المشترى فوضعاه على يد عدل كانت يد العدل فيه كيد البائع الذى له حق الحبس حتى إذا هلك انفسخ البيع فكذلك في الرهن يد العدل كيد من له الحبس وهو المرتهن ولانه بعد التسليم إلى المرتهن لو اتفقا على وضعه على يد عدل كانت جائزة وكانت يد العدل فيه كيد المرتهن حتى يصير مستوفيا دينه بهلاكه ولو كانت يد العدل كيد الراهن لم يصر المرتهن مستوفيا دينه بهلاكه كما لو عاد إلى يد الراهن بطريق العارية والغصب وكان هذا نوع استحسان منا لحاجة الناس إليه ولكونه أرفق بهم فالراهن لا يأتمن المرتهن على عين ماله وعند ذلك طريق طمأنينة القلب لكل واحد منهما الوضع على يد عدل ولهذا جوزنا ذلك في الانتهاء فكذلك في الابتداء وان كان العدل مسلطا على البيع فله أن يبيعه وبدون تسليط ليس له أن يبيعه لانه قائم مقام المرتهن وللمرتهن أن يبيع الرهن إذا سلط عليه وليس له أن يبيعه إذا لم يسلط على ذلك ونفقته على الراهن سواء كان في يد العدل أو في يد المرتهن لقوله صلى الله عليه وسلم{{ص}} وعلى من يحلبه ويركبه نفقته ولان العين باقية على ملك الراهن ونفقة المملوك على المالك وفى استحقاق اليد عليه للمرتهن منفعة للراهن فانه يصير قاضيا دينه بهلاكه فهو نظير العبد المؤجر تكون نفقته على الآجر وكذلك كفنه ان مات فان الكفن لباسه بعد وفاته فيعتبر بلباسه في حال حياته ولان ضمان الرهن ضمان الاستيفاء ولذلك ثبت في المالية دون العين ولهذا قلنا ان حكم الضمان لا يسرى إلى الولد فبقيت العين على ملك الراهن فكان كفنه عليه قال وإذا دفعه إلى الراهن أو المرتهن كان ضامنا له لانه خالف فيما صنع وكل واحد منهما منعه منه دفعه إلى الآخر بغير رضاه فيكون
[ 79 ]
سطر 255:
[ 85 ]
كما لو قبل المرهون تحول حكم الرهن من العين إلى القيمة ولو هلكت العين قبل البيع يصير المرتهن به مستوفيا حقه فكذلك إذا توى الثمن وفيه وفاء بالدين وإذا كان الرهن أرض خراج أو عشر فأخذ السلطان الخراج أو العشر من الثمرة كان للعدل أن يبيع ما بقى مع الارض الرهن لما بينا ان حكم الرهن يثبت في الزيادة المولدة من العين ولا يسقط باعتبار ما أخذ السلطان من ذلك شئ من الدين لان ذلك مستحق على الرهن ولان ذلك الجزء كالتاوى بغير صنع المرتهن ولو هلك الكل بغير صنعه لم يسقط شئ من دينه فان قيل كيف يأخذ السلطان الخراج من الثمرة والخراج في ذمة الراهن قلنا قد قيل ان المراد خراج المقاسمة وهو جزء من الخارج كالعشر وان كان المراد خراج الوظيفة فله تعلق بالخراج بدليل انه لو امتنع من أداء الخراج يبيعه الامام بطريق الاجتهاد وإذا أخذ السلطان الخراج أو العشر من الراهن لم يكن للراهن أن يرجع بشئ من الثمرة وهو كله رهن يبيعه العدل ويوفيه المرتهن ولا شك ان للسطان أن يأخذ منه الخراج وكذلك العشر عند حاجة مصارف العشر للسلطان أن يأخذ العشر من مالك الثمرة بعد ادراك الغلة وهذا لانه يطالبه بالاداء وله أن يؤدى من أي موضع شاء فإذا كان هو الذى رهن العين وتعذر عليه اداء العشر أخذه من غير الثمرة لزمه الاداء من محل آخر فإذا أخذ منه بقيت الثمار مملوكة للراهن محبوسة عند المرتهن بحقه وللعدل أن يبيع الكل كما بينا ولا يكون للراهن أن يرجع بشئ من الثمرة ما لم يقبض الدين لانه بتصرفه قصر يد نفسه عن الثمرة ما لم يؤد الدين وقد كانت الثمرة مشغولة بالعشر والخراج فإذا زال ذلك بادائه من محل آخر بقي حكم الرهن فيه على حاله قال ولو كان الرهن ابلا أو بقرا أو غنما سائمة لم يكن فيها زكاة لان على صاحبها من الدين ما يستغرق رقابها ووجوب الزكاة من المال النامى باعتبار عناء المالك قال صلى الله عليه وسلم{{ص}} لا صدقة الا عن ظهر غنى وبالدين المستغرق ينعدم العناء والسبب إذا وجب الحكم بواسطة لم يثبت الحم بدون تلك الواسطة كشراء القريب يوجب العتق بواسطة الملك فإذا اشتراه لغيره لا يكون اعتاقا لانعدام الواسطة وان كان العدل هو الراهن فان كان المرتهن لم يقبض من يد الراهن فليس برهن لان تمام الرهن بالقبض ويد المالك في ماله لا تكون نائبة عن الغير فلا يصير المرتهن قابضا بيد الراهن وان كان المرتهن قبضه وجعل الراهن مسلطا على بيعه فهو رهن وبيع الراهن فيه جائز لان العين ملكه وهو مشغول بحق المرتهن فإذا رضى صاحب الحق بالبيع نفذ بيع المالك فيه وإذا ارتهن
[ 86 ]