الفرق بين المراجعتين لصفحة: «مبسوط السرخسي - الجزء السابع و العشرون2»
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
ط تدقيق إملائي. 88 كلمة مستهدفة حاليًا. |
|||
سطر 4:
[ 84 ]
الولي يدعي ثبوت حقه في العين المفقوءة والمكاتب منكر لذلك والقول قول المنكر مع يمينه وعلى المولى اثبات ما يدعيه بالبينة والله أعلم بالصواب (كتاب الجنايات) (قال الشيخ الامام الاجل الزاهد رحمه الله) ورضي عنه وعن أسلافه اعلم بان الجناية اسم لفعل محرم شرعا سواء حل بمال أو نفس ولكن في لسان الفقهاء يراد باطلاق اسم الجناية الفعل في النفوس والاطراف فانهم خصوا الفعل في المال باسم وهو الغصب والعرف غيره في سائر الاسامي ثم الجناية على النفوس نهايتها ما يكون عمدا محضا فانها من أعظم المحرمات بعد الاشراك بالله تعالى قال الله تعالى من أجل ذلك كتبتا على بني إسرائيل انه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعا فقد جعل قل؟ نفس واحدة كتخريب العالم ان لو كان ذلك في وسع البشر وانما جعله كذلك لان الواحدة يقوم مقام الجماعة في الدعاء إلى الدين وفي الاعانة لكل من ستعان به فان التعاون بين الناس ظاهر فالذي يقتل الواحد يكون قاطعا لهذه المنفعة وأيد هذا قول النبي عليه الصلاة والسلام لزوال الدنيا أهون على الله تعالى من قتل امرئ مسلم وقال عليه السلام سيات المؤمن فسق وقتاله كفر وهذا وان كان تأويله قتاله لايمانه فظاهره يدل على عظم الجناية في قتل المسلم ولهذا كان ابن عباس رضي الله عنه لا يرى التوبة القاتل العمد ولم يؤخذ بقوله حتى روى ان رجلا سألة فقال ما تقول في من يقتل مؤمنا متعمدا فقال جزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما فقال الا من تاب وعمل صالحا ثم اهتدى فقال وأني يكون له الهدى سمعت رسول الله
[ 85 ]
بالقتل ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة والمراد ايجاب الكفارة بالقتل لا بصفة الخطأ لانه عذر مسقط وربما يقول المراد بالخطأ ما يضاد الصواب قال الله تعالى ان قتلهم كان خطأ كبيرا أي ضد الصواب ويقال فلان أخطا في مسألة كذا إذا لم يصب والعمد ضد الصواب فتتناوله الاية والدليل عليه قوله تعالى فان كان من قوم عدو لكم الاية وانما يقتل المرء عدوه عمدا فعرفنا ان المراد ايجاب الكفارة بقتل العمد وفي حديث وائلة ابن الاسقع قال أتينا رسول الله
[ 86 ]
تلزمه لمحو ذلك الاثم والاثم في حق قاتل العمد ليس من ذلك الجنس حتى تمحوه الكفارة ثم ان الله تعالى ذكر أنواع قتل الخطأ ما يكون منه بين المسلمين وما يكون في دار الحرب لقوله تعالى فان كان من قوم عدو لكم أي في قوم عدو لكم وما يكون في حق أهل الذمة لقوله وان كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق ونص على ايجاب الكفارة في كل نوع ففيه أشاره الا أنه لا مدخل للقياس فيه إذ لو كان للقياس مدخل لنص على الكفارة في نوع من الخطأ ليقاس عليه سائر الانواع وقال عليه السلام خمس من الكبائر لا كفارة فيهن ومن جملتها قتل نفس بغير حق والمشهور من حديث وائلة أتينا رسول الله
[ 87 ]
سطر 124:
[ 124 ]
تجب على الحر وان قتلتهما معا فعليها قيمتهما لانها جنت على كل واحد وهي مكاتبة وانما عتقت بعد ذلك ولو جنت على أجنبيين ثم عتقت كان عليها قيمتها لهما فكذلك ان جنت على مولييها وإذا قطع الرجل يد عبد قيمته ألف درهم فلم يبرأ حتى زادت قيمته فصارت ألفي درهم ثم قطع آخر رجله من خلاف ثم مات منهما جميعا قال على الاول ستمائة وخمسة وعشرون درهما وعلى الاخر سبعمائة وخمسون درهما قال الحاكم رحمه الله وفي جواب هذه المسألة نظر وانما قال ذلك لانه أجاب في نظير هذه المسألة في كتاب الديات بخلاف هذا وقد بينا تمامه * قال الشيخ الامام الاجل الزاهدي رحمه الله وعندي ما ذكر هاهنا صحيح وتأويله أن قيمته صارت ألفي درهم صحيحا لا مقطوع اليد فعلى هذا التأويل الجواب ما ذكره في الكتاب من قبل أن الاول حين قطع يده وقيمته ألف لزمه بالقطع خمسمائة ثم الثاني بقطع الرجل أتلف نصف ما بقي فيلزمه أيضا خمسمائة لانه إذا كان قيمته صحيحا ألفي درهم فقيمته مقطوع اليد ألف درهم وقد أتلف نصفه بقطع الرجل وهو مقطوع اليد فيلزمه خمسمائة فحين مات منها فقد صار كل واحد منهما متلفا نصف ما بقى منه بسراية جنايته الا أن في حق الاول لا معتبر بزيادة القيمة فيكون عليه نصف هذا من القيمة الاولى كانت ألف درهم وربع تلك القيمة مائتان وخمسون فعليه بالسراية نصف ذلك الربع وهو مائة وخمسة وعشرون فإذا ضممت ذلك إلى خمسمائة يكون ستمائة وخمسة وعشرين وقد أوجب على الاول هذا المقدار والاخر منهما لزمه بالسراية قيمة ما تلف بسراية فعله وذلك معتبر من قيمة وقت جنايته ألفي درهم وربع تلك القيمة خمسمائة فنصف الربع مائتان وخمسون وقد وجب عليه باصل الجناية خمسمائة وبالسراية مائتان وخمسون فذلك سبعمائة وخمسون درهما والله أعلم بالصواب (كتاب المعاقل) قال الشيخ الامام الاجل الزاهد شمس الائمة أبو بكر محمد بن سهل السرخسى رحمه الله إملاء يوم الاربعاء الرابع عشر من شهر ربيع الاخر سنة ست وستين واربعمائة الاصل في ايجاب الدية على العاقلة في الخطأ وشبه العمد قضاء رسول الله
[ 125 ]
عمرن بن عويمر الاسلمي أندى من لا عقل ولا صاح ولا استهل ولا شرب ولا أكل ومثل دمه بطل فقال عليه السلام أسجع كسجع الكهان أو قال دعني وأراجيز العرب قوموا فدوه فقال ان لها بيتاهم سراة الحي وهم أحق بها مني فقال أنت أحق بها قم فدوه وشئ من المعقول يدل عليه وهو أن الخاطئ معذور وعذره لا يعدم حرمة نفس المقتول ولكن يمنع وجوب العقوبة عليه فأوجب الشرع الدية صيانة لنفس المقتول عن الهدر وفي ايجاب الكل على القاتل اجحاف به واستئصال فيكون بمنزلة العقوبة وقد سقطت العقوبة عنه للعذر فضم الشرع إليه العاقلة لدفع معنى العقوبة عنه وكذلك في شبه العمد باعتبار أن الالة آلة التأديب ولم يكن فعله محظورا محضا ولهذا لا يجب عليه القصاص فلا يكون جميع الدية عليه في ماله لدفع معنى العقوبة عنه ولكن الشرع أوجب الدية هاهنا مغلظة ليظهر تأثير معنى العمد وأوجبها على العاقلة لدفع منع العقوبة عن القاتل ثم هذا الفصل لا يحصل الا بضرب استهانة وقلة مبالاة وتقصير في التحرز وانما يكون ذلك بقوة يجدها المرء في نفسه وذلك بكثرة أعوانه وأنصاره وانما ينصره عاقلته فضموا إليه في إيجاب الدية عليهم وان لم يجب لهذا المعنى وكل أحد لا يأمن على نفسه أن يبتلى بمثله وعند ذلك يحتاج إلى اعانة غيره فينبغي أن يعين من ابتلى ليعينه غيره إذا ابتلى بمثله كما هو العادة بين الناس في التعاون والتوادد فهذا هو صورة أمة متناصرة وجبلة قوم قوامين بالقسط شهداء لله متعاونين على البر والتقوى وبه أمر الله تعالى الامة هذه ثم كانت للعرب في الجاهلية أسباب للتناصر منها القرابة ومنها الولاء ومنها الحلف ومنها ممالحة العدو وقد بقي ذلك إلى زمن رسول الله
[ 126 ]
وسلم ولا نسخ بعد رسول الله ولكنا نقول قد قضى به عمر رضي الله عنه على أهل الديوان بمحضر من الصحابة ولم ينكر عليه منكر فكان ذلك اجماعا منهم * فان قيل كيف يظن بهم الاجماع على خلاف ما قضى به رسول الله
[ 127 ]
فرض عمر بن الخطاب رضي الله عنه الدية تؤخذ في ثلاث سنين فالنصف في سنتين وما دون الثلث في سنة وبه نأخذ فنقول جميع الدية متى وجبت بنفس القتل كانت مؤجلة في ثلاث سنين سواء كانت على العاقلة أو في مال القاتل كالاب يقتل ابنه عمدا وقد بينا هذا في الديات وإذا كان جميع الدية في ثلاث سنين فكل ثلث منه في سنة ومتى كان الواجب بالقتل ثلث بدل النفس أو أقل من ذلك كان في سنة واحدة وما زاد على الثلث إلى تمام الثلثين في السنة الثانية وما زاد على ذلك إلى تمام الدية في السنة الثالثة وهذا لان تقوم النفس بالمال غير معقول وانما عرف ذلك شرعا والشرع انما ورد بايجاب الدية مؤجلة في ثلاث سنين فعلينا اتباع ذلك واتباع الاجزاء بالجملة في مقدار ما يثبت فيها من الاجل والشافعي يجعل التأجيل لمعنى التخفيف كالايجاب على العاقلة معن التخفيف معقول فأما في التأجيل فمعنى نقصان المالية لان المؤجل في المالية أنقص من الحال وبسبب صفة العمدية يخرج من أن يكون متسحقا للتخفيف ولكن ليس لهذه الصفة تأثير في ايجاب زيادة على قيمة المتلف ولو اوجبنا الدية عليه حالا كان ذلك زيادة * فان قيل أليس في شبه العمد أن الدية تجب مغلظة وفيه ايجاب زيادة المالية باعتبار صفة العمد * قلنا نعم ولكناانما ننكر ايجاب الزيادة بالرأي فيما لا مدخل للرأي فيه وتلك الزيادة انما أوجبناها بالنص كاصل المال بمقابلة النفس أو جبناه بالنص بخلاف القياس وعن إبراهيم قال في دية الخطأ وشبه العمد في النفس على العاقلة على أهل الديوان في ثلاثة أعوام في كل عام الثلث وما كان من جراحات الخطأ فعلى العاقلة على أهل الديوان إذا ثلاثة أعوام في كل عام الثلث وما كان من جراحات الخطأ فعلى العاقلة على أهل الديوان إذا بلغت الحاجة ثلث الدية ففي عامين وان كان النصف فكذلك وان كان الثلث ففي سنة واحدة وذلك كله على أهل الديوان وبه نقول فان الواجب وما دون ذلك بمنزلة ضمان المال يكون على الجاني والشافعي يسوي بين القليل والكثير والقياس فيه أحد السببين أما التسوية فكما ذهب إليه الشافعي في ايجاب الكل على العاقلة والتسوية في أن لا يوجب شئ على العاقلة كما في ضمان المال ولكنا تركنا القياس بالسنة وانما جاءت السنة في أرش الجنين بالايجاب على عاقلته وأرش الجنين نصف عشر بدل الرجل فيقضى بذلك على العاقلة وفيما دونه يؤخذ بالقياس وفي حديث ابن عباس رضي الله عنه موقوفا عليه ومرفوعا إلى رسول الله
[ 128 ]
وارش الموضحة نصف عشر بدل النفس ففيما دونه يؤخذ بالقياس وهذا لان الايجاب على العاقلة كان لمعنى دفع الاجحاف عن الجاني وذلك في الكثير دون القليل فلهذا أوجبنا الكثير على العاقلة دون القليل والفاضل بينهما يكون مقدرا وأدنى ذلك ارش الموضحة قال وليس على النساء والذرية ممن كان له عطاء في الديوان عقل لانه بلغنا عن عمر رضي الله عنه قال لا يعقل مع العاقلة صبي ولا امرأة وانما جعل الفضل فيما يؤدى والله أعلم على عشيرة الرجل ولم يجيؤا على وجه العون لصاحبهم لانهم أهل يد واحدة ونصرة واحدة على غيرهم وهذه النصرة انما تقوم بالرجال دون النساء فبنية المرأة لا تصلح لهذه النصرة وكذلك النصرة لا تقوم بالصبيان (ألا ترى) ان الشرع نهى عن قتل النساء والصبيان من أهل الحرب لا نهم يقاتلون لدفع من يقاتلهم وتناصرهم فيما بينهم وذلك لا يحصل بالنساء والصبيان وكذلك الجزية التي خلت عن النصرة لم توجب على النساء والصبيان فكذلك تحمل العقل وعلى هذا لو كانت المرأة هي القاتلة أو الصبي لم يكن عليهما شئ من الدية بخلاف الرجل لان وجوب جزء على القاتل باعتبار انه أحد العواقل وهو لا يوجد في النساء والصبيان ولا ينظر إلى مالهم من فرض العطاء في الديوان لان ذلك ليس باعتبار النصرة بل باعتبار المؤنة كما فرض عمر رضي الله عنه لازواج رسول الله
[ 129 ]
أعطياتهم الاشهر أو أقل من ذلك لان التأجيل في حق العاقلة كان لمعنى تأخر خروج العطاء ومحل قضاء الدية منه العطاء فانما يعتبر خروج العطاء بعد القضاء (ألا ترى) انه لو لم يخرج سنين لم يطالبوا بشئ فكذلك إذا خرج بعد قضاء القاضي بشهر أو أقل يؤخذ منه ثلث الدية والثلث الثاني في العطاء الاخر إذا خرج ان أبطأ بعد الحول أو عجل قبل السنة وكذلك الثلث الثالث فان عجل للقوم العطاء فخرجت لهم ثلاثة أعطية مرة وهي أعطية استحقوها بعد قضاء القاضي بالدية فان الدية كلها تؤخذ من تلك الاعطية الثلاثة لوصول محل اداء الدية منه إلى يد العاقلة قال ولا يقضى بالدية على القوم حتى يصيب الرجل في عطائه من الدية كلها أربعة دراهم أو ثلاثة أو أقل من ذلك عندنا وقال الشافعي ما يقضي به على كل واحد منهم لا يكون أقل من نصف دينار لانها صلة واجبة شرعا فيعتبر بالزكاة وأدنى ما يجب في الزكاة نصف دينار أو خمسة دراهم فقد كان ذلك بمعنى نصف دينار في زمن رسول الله
[ 130 ]
سطر 148:
[ 132 ]
عليه السلام لا تعقل العاقلة عمدا ولان ذلك للتخفيف ودفع الاجحاف عن القاتل والعامد لا يستحق ذلك ولو قتل عشرة رجلا فعلى العاقلة كل واحد منهم عشر الدية في ثلاث سنين لان ما يجب على كل واحد منهم بدل النفس وبدل النفس يكون مؤجلا في ثلاث سنين فيعتبر الجزء منه بالكل ولا يعقل أهل مصر عن أهل مصر آخر وانما يريد به إذا كان لاهل مصر ديوان على حدة أو كان تناصرهم باعتبار القرب في السكنى وأهل مصر أقرب إليه من أهل مصر آخر ويعقل أهل كل مصر عن أهل سوقهم وقراهم لانهم اتباع لاهل مصر فإذا حزبهم أمر استنصروا بهم فأهل مصر يعقلون عنهم باعتبار معنى القرب والنصرة ومن كان منزله بالبصرة وديوانها بالكوفة عقل عنه أهل الكوفة لانه انما استنصر باهل ديوانه لابجير انه (ألا ترى) أن القرب في السكنى لا يكون أقوى من قرب القرابة * ولو أن اخوين لاب وأم ديوان أحدهما بالكوفة وديوان الاخر بالبصرة لم يعقل أحدهما عن صاحبه وانما يعقل عن كل واحد منهما أهل ديوانه فكذلك ما سبق ولو أن قوما من أهل خراسان أهل ديوان واحد مختلفين في انسابهم منهم من له ولاء ومنهم القربى ومنهم من لا ولاء له جنى بعضهم جناية عقل عنه أهل رايته وأهل فنائه وان كان غيره أقرب إليه في النسب لان استنصاره باهل رايته أظهر ومن كان أهل الديوان لا يرجع في استنصاره إلى عشيرته عادة ولان عطاء أهل راية واحدة انما يخرج من بيت المال جملة واحدة فهم في ذلك كنفس واحدة وان كان عدد أهل رايته قليلا ضم إليهم الامام من رأى من أهل الديوان حتى يجعلهم عاقلة واحدة لدفع الاجحاف عن أهل رايته وانما يضم إليهم الامام من يكون أقرب إليهم في معنى النصرة إذا خربهم أمر في ذلك وانما يعرف ذلك الامام فجعل مفوضا إلى رأيه لهذا ومن لا ديوان له من أهل البادية ونحوهم تعاقلوا على الانساب وان تباعدت منازلهم واختلفت الباديتان لان تناصرهم بالانساب ولان حالهم في معنى الذين كانوا على عهد رسول الله
[ 133 ]
سطر 181:
[ 143 ]
لذكر الارث بعد الوصية المعرفة لان تلك وصية معهودة وهذا قول الشافعي أيضا بناء على مذهبه أنه لا يجوز نسخ الكتاب بالسنة والرزاي كان لا يجوز نسخ الكتاب الا بالخبر المتواتر وأكثر مشايخنا رحمهم الله يقولون انما انتسخ هذا الحكم بقوله عليه السلام ان الله أعطى كل ذي حق حقه ألا لا وصية لوارث وهذا حديث مشهور تلقته العلماء بالقبول والعمل به ونسخ الكتاب جائز بمثله عندنا لان ما تلقته العلماء بالقبول والعمل به كالمسموع من رسول الله
[ 144 ]
المال ما رواه من حديث سعد بن مالك قال يارسول الله أوصى بمالي كله فقال لا قال فبنصفه قال لا قال فبثلثه قال الثلث والثلث كثير انك ان تدع ورثتك أغنياء خير أن من تدعهم فقراء يتكففون الناس وفي رواية يتكفكفون وأصل هذا الحديث ماروى أن سعدا رضي الله عنه مرض بمكة عام حجة الوداع فدخل عليه رسول الله
[ 145 ]
انك ان تدع عيالك أغنياء ولكنا نقول قدم صفة الغني لهم واختار الفقر لنفسه والافضل ما اختاره رسول الله
[ 146 ]
سطر 193:
[ 147 ]
تعالى لا ينهاكم الله إلى قوله ان تبروهم وتقسطوا إليهم وان أراد بهذا بيان الفرق بين الوصية والميراث فان الارث لا يجرى مع اختلاف الدين لان الارث طريقه طريق الولاية والخلافة على معنى أنه يبقى للوارث المال الذي كان للمورث واختلاف الدين يقطع الولاية فاما الوصية فتمليك بعقد مبتدأ ولهذا لا يرد الموصى له بالعيب ولا يصير مغرورا فيما اشتراه الموصى بخلاف الوارث وعن إبراهيم في الرجل يستأذن ورثته في الوصية فيأذنون له ثم يرجعون بعد موته قال لهم ذلك ان شاؤا رجعوا وبه نأخذ فان الاجازة من الورثة معتبرة في الوصية بما زاد على الثلث أو في الوصية للوارث وانما تعتبر اجازتهم بعد موت الموصى فأما في حياته فلا تعتبر لان الاجازة اما أن تكون بمنزلة التمليك منهم أو بمنزلة اسقاط الحق وانما ثبت ذلك كله لهم بعد موت الموصى فتمليكهم قبل ان يملكوا أو اسقاطهم لحقهم قبل أن يتقرر وجوب الحق لهم يكون لغوا ثم اجازتهم في حالة الحياة لا تكون دليل الرضى منهم بهذا بل الظاهر أنهم كارهون له الا أنهم احتشموا المورث فلم يجاهروه بالاباء فلو لزمهم حكم الاجازة في حالة الحياة تضرروا بخلاف ما بعد الموت فاجازتهم بعد الموت دليل الرضى منهم وعن إبراهيم في رجل أوصى لغير وارث بدين أو أقر به قال هو جائز ولو أحاط بماله ومراده الاقرار بالدين لا الوصية وانما سماه وصية لذكره اياه فيما بين الوصايا وفي موضع الوصية وبهذا نأخذ فنقول الاقرار لغير الوارث بالدين صحيح وان أحاط بماله وهو مروى عن ابن عمر رضي الله عنه وقد روى مرفوعا إلى رسول الله
[ 148 ]
سطر 211:
[ 153 ]
فعند البداءة بالمحاباة يترجح بالسبق وبقوة السبب فقال يبدأ بها وعند البداءة بالعتق يستويان من حيث ان للعتق قوة السبق وقوة الحكم وللمحاياة قوة السبب والمعتبر أولا السبب فان الحكم يبنى على السبب فيتحاصان وسيأتى بيان المسألة في موضعها وعن إبراهيم في رجل يوصى إلى رجل فيموت الموصى إليه فيوصى إلى رجل آخر فان وصيتهما جميعا صحيحة وبه نأخذ فان الموصى بعد موت الموصى قائم مقام الموصى في ولايته في المال وقد كانت ولايته في ماله ومال الموصى الاول فيخلفه وصيه في التصرف في المالين لان بعد قبول الوصية التصرف في مال الموصى الاول من حوائج الوصي كالتصرف في مال نفسه وانما يقيم الموصى مقامه فيما هو من حاجته وعن إبراهيم في الرجل يوصى لام ولده في حياته وصحته فيموت قال هو ميراث وان أوصي عند موته لها بوصية فهو لها من الثلث والمراد بوصيته لها في صحته الاقرار والهبة لا الوصية المضافة إلى ما بعد الموت لان حالة الصحة وحالة المرض في ذلك سواء وبه نأخذ فنقول الهبة لام الولد والاقرار لها بالدين باطل من المولى لانها باقية على ملكه وكسبها له بمنزلة القنة فأما وصيته لها مضافة إلى ما بعد الموت فصحيحة لانها تعتق بالموت ووجوب الوصية يكون بعد الموت فالوصية لها بمنزلة الوصية لجارية أجنبية وعن ابن عمر رضى الله عنه قال إذا أقر الرجل عند موته بدين لوارث فانه لا يجوز الا ببينة وان أقر لغير وارث بالدين جاز ولو أحاط بجميع ماله وبه نأخذ في الفصلين وقد روى في بعض الروايات مرفوعا إلى رسول الله
[ 154 ]
سطر 220:
[ 156 ]
والاحسان وايتاء ذي القربى وقال جل وعلا وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فلما كان مأمورا بصلة القرابة وانما تجب الصلة ممن كان ذا رحم محرم منه فانصرفت الوصية إليه دون غيره لان القرابة المطلقة قرابة ذي الرحم المحرم لاختصاصها باحكام مخصوصة من عدم جواز المناكحة والعتق عند الملك وعدم الرجوع في الهبة ووجوب النفقة عند العشرة فانصرفت الوصية إليه وانما اعتبر الاقرب فالاقرب لان كل من كان أقرب إليه فهو أشبه بهذا اللفظ فكان أولى كما في العصبات وذوى الارحام في الميراث والاقرب في الشفعة وجه قول أبي يوسف الاول أنه ينصرف إلى كل ذى رحم محرم منه الاقرب والابعد منه سواء لانهم في استحقاق الاسم سواء (ألا ترى) انه لو أوصى لاخوته وله اخوة بعضهم لاب وأم وبعضهم لاب وبعضهم لام أنهم في الوصية سواء ولا يعتبر الاقرب. وجه قوله الاخر وهو قول محمد انه يدخل فيه ذو والرحم المحرم وغير ذي الرحم المحرم ويصرف إلى كل من يجمعه وأباه أقصى أب في الاسلام ان هذا اللفظ في الابعدين أكثر استعمالا من الاقربين (ألا ترى) انه لا يقال للاخ أو العم هذا قريبى فيدخلون كلهم في الوصية (ألا ترى) إلى ما روى في الخبر لما نزل قوله تعالى وأنذر عشيرتك الاقربين جمع رسول الله
[ 157 ]
سطر 268:
[ 172 ]
(باب الوصية في الحج) (قال رحمه الله) وإذا أوصى الرجل أن يحج عنه بمائة درهم وثلثه أقل من مائة فانه يحج عنه بالثلث من حيث يبلغ لان محل الوصية الثلث وللموصى له الوارث المنفعة وهو قصد بهذه الوصية صرف المائة من ماله إلى هذا النوع من القربة فيجب تحصيل مقصوده بحسب الامكان كما لو أوصى أن يتصدق بمائة من ماله وثلثه أقل من مائة يتصدق عنه بقدر الثلث * ولو أوصى أن يحج عنه حجة بمائة درهم وهى ثلثه فاحج الوصي بها فبقى من نفقة الحاج وكسوته واطعامه شئ كان ذلك لورثة الميت لان الحاج عن الغير له أن ينفق على نفسه من ماله في الذهاب والرجوع ولاحق له فيما يفضل من ذلك على ما بينا في المناسك ان الاستئجار على الحج لا يجوز فما يفضل بعد رجوعه فهو من مال الميت وقد فرغ عن وصيته فيكون لورثته فان جامع ففسد حجه فعليه الكفارة ورد ما بقى من النفقة والكسوة ويضمن ما أنفق لانه أذن له في الانفاق بشرط أن يؤدى بسفره حجة صحيحة وقد فوت هذا الشرط بالافساد فعليه رد ما بقي وهو ضامن لما انفق لانه تبين انه اتفق بغير رضى الموصى ثم ذكر ما لو اعتمر قبل الحج أو قرن أو اعتمر عن آخر وقد تقدم بيان هذه الفصول في المناسك ولو أستأجروا رجلا ليحج عنه فحج كان عليه أن يرد ما يفضل في يده من النفقة لان الاستئجار لم يصادف محله فكان باطلا ومنى بطلت الاجارة بقى مجرد الاذن كما في استئجار النخيل لترك الثمار عليها إلى وقت الادراك فعليه أن يرد ما فضل في يده وليس عليه شئ مما أنفق لانه أنفق باذن صحيح وان عجزت النفقة عنه كان عليهم أن يكملوا له نفقة مثله وما لابد منه له وتجزى الحجة عن الميت بمنزلة ما لو أمروه بان يحج عن الميت من غير استئجار * وإذا أوصى أن يحج عنه فالافضل أن يحج من قد حج لانه أقدر على أداء الافعال وأبصر بذلك وهو أبعد عن خلاف العلماء واشتباه الاثار وان حج عنه صرورة جاز عندنا خلافا للشافعي وقد بيناه في المناسك وان أحجوا عنه امرأة فانه يجزيهم ذلك لان الخثعمية حين استأذنت رسول الله
[ 173 ]
|