الفرق بين المراجعتين لصفحة: «مبسوط السرخسي - الجزء السابع و العشرون2»

تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
OKBOT (نقاش | مساهمات)
ط تدقيق إملائي. 88 كلمة مستهدفة حاليًا.
 
سطر 4:
[ 84 ]
الولي يدعي ثبوت حقه في العين المفقوءة والمكاتب منكر لذلك والقول قول المنكر مع يمينه وعلى المولى اثبات ما يدعيه بالبينة والله أعلم بالصواب (كتاب الجنايات) (قال الشيخ الامام الاجل الزاهد رحمه الله) ورضي عنه وعن أسلافه اعلم بان الجناية اسم لفعل محرم شرعا سواء حل بمال أو نفس ولكن في لسان الفقهاء يراد باطلاق اسم الجناية الفعل في النفوس والاطراف فانهم خصوا الفعل في المال باسم وهو الغصب والعرف غيره في سائر الاسامي ثم الجناية على النفوس نهايتها ما يكون عمدا محضا فانها من أعظم المحرمات بعد الاشراك بالله تعالى قال الله تعالى من أجل ذلك كتبتا على بني إسرائيل انه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعا فقد جعل قل؟ نفس واحدة كتخريب العالم ان لو كان ذلك في وسع البشر وانما جعله كذلك لان الواحدة يقوم مقام الجماعة في الدعاء إلى الدين وفي الاعانة لكل من ستعان به فان التعاون بين الناس ظاهر فالذي يقتل الواحد يكون قاطعا لهذه المنفعة وأيد هذا قول النبي عليه الصلاة والسلام لزوال الدنيا أهون على الله تعالى من قتل امرئ مسلم وقال عليه السلام سيات المؤمن فسق وقتاله كفر وهذا وان كان تأويله قتاله لايمانه فظاهره يدل على عظم الجناية في قتل المسلم ولهذا كان ابن عباس رضي الله عنه لا يرى التوبة القاتل العمد ولم يؤخذ بقوله حتى روى ان رجلا سألة فقال ما تقول في من يقتل مؤمنا متعمدا فقال جزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما فقال الا من تاب وعمل صالحا ثم اهتدى فقال وأني يكون له الهدى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} يقول يؤتى بقاتل العمد يوم القيامة عند عرش الرحمن والمقتول متعلق به ويقول يا رب سل هذا فيم قتلني وفي ذلك نزل قوله تعالى ومن يقتل مؤمنا متعمدا وما نسخها شئ بعد نبيكم ولعظم الجناية في قتل العمد لم ير علماؤنا الكفارة على قاتل العمد لان الوعيد المنصوص عليه لا يرتفع بالكفارة والذنب فيه أعظم من أن ترفعه الكفارة ويستوي فيه ان كان عمدا يجب فيه القصاص أولا يجب كالاب إذا قتل ابنه عمدا والرجل إذا قتل من أسلم في دار الحرب ولم يهاجر الينا عمدا والشافعي يوجب الكفارة باعتبار القتل ولكن لا يقول ان ما يلحقه من المآ ثم يرتفع بالكفارة وكيف يقول ذلك والوعيد منصوص عنده عليه واستدل لايجاب الكفارة
[ 85 ]
بالقتل ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة والمراد ايجاب الكفارة بالقتل لا بصفة الخطأ لانه عذر مسقط وربما يقول المراد بالخطأ ما يضاد الصواب قال الله تعالى ان قتلهم كان خطأ كبيرا أي ضد الصواب ويقال فلان أخطا في مسألة كذا إذا لم يصب والعمد ضد الصواب فتتناوله الاية والدليل عليه قوله تعالى فان كان من قوم عدو لكم الاية وانما يقتل المرء عدوه عمدا فعرفنا ان المراد ايجاب الكفارة بقتل العمد وفي حديث وائلة ابن الاسقع قال أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} بصاحب لنا أوجب القتل بالنار فقال عليه السلام اعتقوا عنه رقبة يعتق الله تعالى بكل عضو منها عضوا منه من النار وايجاب النار انما يكون بقتل العمد والمعنى فيه انه قتل آدمى مضمون فيكون موجبا للكفارة كالخطأ وشبه العمد وهذا على أصله صحيح لان اثبات الكفارة بالقياس جائز والزيادة على النص بالقياس جائزة عنده وقياس المنصوص على المنصوص مستقيم عنده وشئ من ذلك لا يجوز عندنا صحيح علينا نفصل الخطأ على طريق الاستدلال وهو أن الكفارة انما وجبت على الخاطئ لانه نقص بفعله من عدد المسلمين أحدهم ممن كان يحضر الجمعة والجماعاة فعليه اقامة نفس مقامها وليس في وسعه ذلك بطريق الاحياء فالزمه الشرع ذلك بطريق التحرير لان الحرية حياة والرق تلف في حق أحكام الدينا وفي هذا المعنى العامد والمخطئ سواء وحجتنا في ذلك قوله تعالى ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤة جهنم خالدا فيها فهذا يقتضي أن يكون المذكور في الاية جميع أجزائه ولو أو جبنا عليه الكفارة لكان المذكور بعضى جزئه فيكون فسخا لهذا الحكم ولا وجه لحمل الاية على المستحل لان المذكور في الاية جزاء قتل العمد وإذا حمل على المستحل كان المذكور جزأ لرده وتبين بهذه الاية ان المراد بقوله ومن قتل مؤمنا خطأ الخطأ الذي هو ضد القصد لانه عطف عليه العمد ولا يعطف الشئ على نفسه ولانه قابله بالعمد ومتى قوبل الخطأ بالعمد فالمراد ما يضاد القصد قال الله تعالى وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولانه استثنى الخطأ من التحريم بقوله الاخطأ والاستثناء من التحريم أباحة فلو حمل هذا على ضد الصواب أدى إلى أن يكون القتل الصواب هو المحرم وهذا محال فعرفنا أن المراد الخطأ الذي هو ضد القصد فان أصل ذلك الفعل غير محرم لكونه رمى إلى قصد الصيد أو الحربي لكنه باتصاله بالمحل المحترم يصير محرما ولكن لا يلحقه اثم نفس الفعل لكونه موضوعا عنه كما قال تعالى ولاجناح عليكم فيما أخطأتم به وانما يلحقه به نوع مأثم بسبب ترك التحرز والكفارة
[ 86 ]
تلزمه لمحو ذلك الاثم والاثم في حق قاتل العمد ليس من ذلك الجنس حتى تمحوه الكفارة ثم ان الله تعالى ذكر أنواع قتل الخطأ ما يكون منه بين المسلمين وما يكون في دار الحرب لقوله تعالى فان كان من قوم عدو لكم أي في قوم عدو لكم وما يكون في حق أهل الذمة لقوله وان كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق ونص على ايجاب الكفارة في كل نوع ففيه أشاره الا أنه لا مدخل للقياس فيه إذ لو كان للقياس مدخل لنص على الكفارة في نوع من الخطأ ليقاس عليه سائر الانواع وقال عليه السلام خمس من الكبائر لا كفارة فيهن ومن جملتها قتل نفس بغير حق والمشهور من حديث وائلة أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} بصاحب لنا قد أوجب النار فيحتمل أن ذلك بسبب آخر غير القتل ولان صح قوله بالقتل فهو محمول على القتل بالحجر والعصا الكبير ثم مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} التطوع بالاعتاق عنه (ألا ترى) أنه خاطب به غير القاتل والكفارة لا تجب على غير القاتل والمعنى فيه أن هذا محظور محض فلا يكون سببا لايجاب الكفارة كالزنا والسرقة وتفسير الوصف انه حرام ليس فيه شبهة الاباحة وتأثيره أن الكفارة دائرة بين العباد والعقوبة فسببهما ما يكون دائرا بين الحظر والاباحة فكما أن المباح المحض وهو القتل بحق لا يصلح سببا للكفارة فكذلك المحظور المحض وانما السبب القتل الخطأ لانه باعتبار اصل الفعل مباح وباعتبار المحل الذي أصابه محظور فكان جائزا وشبه العمد كذلك فان القصد به التأديب والتأديب مباح والقتل بالحجر الكبير عند أبي حنيفة ليس بمحظور محض أيضا من حيث أن الالة باعتبار جنسها ليس بآلة القتل فتتمكن فيه الشبهة ولهذا لم يجعله موجبا للقود ولا يدخل على هذا قتل الاب ابنه عمدا فانه محظور محض وانما لم يكن موجبا للقصاص لانعدام الاهلية فيمن يجب عليه وكذلك قتل المسلم الذي لم يهاجر الينا محظور محض وانما لا يكون موجبا للضمان لانعدام الاحراز بالدار وبه لا تخرج الفعل من أن يكون محظوار محضا وكذلك المسلم يقتل المستأمن عمدا فان الفعل محظور محض وانما لم يجب القصاص به لانعدام تمام لاحراز ثم قد بينا أنه لا مدخل للقياس في هذه المسألة عندنا من الوجوه الذي بيناها وكلامه على طريق الاستدلال ممنوع فان الكفارة وجبت عندنا بطريق الشكر لان الشرع لما عذره بالخطأ وسلم له نفسه فلم يلزمه القصاص مع تحقق الفعل منه كان عليه أن يقيم نفسا مقام نفسه شكرا لله تعالى وذلك في أن يحرر شبحا ليتفرغ لعبادة الله تعالى فإذا عجز عن ذلك شغل نفسه بعبادة
[ 87 ]
سطر 124:
[ 124 ]
تجب على الحر وان قتلتهما معا فعليها قيمتهما لانها جنت على كل واحد وهي مكاتبة وانما عتقت بعد ذلك ولو جنت على أجنبيين ثم عتقت كان عليها قيمتها لهما فكذلك ان جنت على مولييها وإذا قطع الرجل يد عبد قيمته ألف درهم فلم يبرأ حتى زادت قيمته فصارت ألفي درهم ثم قطع آخر رجله من خلاف ثم مات منهما جميعا قال على الاول ستمائة وخمسة وعشرون درهما وعلى الاخر سبعمائة وخمسون درهما قال الحاكم رحمه الله وفي جواب هذه المسألة نظر وانما قال ذلك لانه أجاب في نظير هذه المسألة في كتاب الديات بخلاف هذا وقد بينا تمامه * قال الشيخ الامام الاجل الزاهدي رحمه الله وعندي ما ذكر هاهنا صحيح وتأويله أن قيمته صارت ألفي درهم صحيحا لا مقطوع اليد فعلى هذا التأويل الجواب ما ذكره في الكتاب من قبل أن الاول حين قطع يده وقيمته ألف لزمه بالقطع خمسمائة ثم الثاني بقطع الرجل أتلف نصف ما بقي فيلزمه أيضا خمسمائة لانه إذا كان قيمته صحيحا ألفي درهم فقيمته مقطوع اليد ألف درهم وقد أتلف نصفه بقطع الرجل وهو مقطوع اليد فيلزمه خمسمائة فحين مات منها فقد صار كل واحد منهما متلفا نصف ما بقى منه بسراية جنايته الا أن في حق الاول لا معتبر بزيادة القيمة فيكون عليه نصف هذا من القيمة الاولى كانت ألف درهم وربع تلك القيمة مائتان وخمسون فعليه بالسراية نصف ذلك الربع وهو مائة وخمسة وعشرون فإذا ضممت ذلك إلى خمسمائة يكون ستمائة وخمسة وعشرين وقد أوجب على الاول هذا المقدار والاخر منهما لزمه بالسراية قيمة ما تلف بسراية فعله وذلك معتبر من قيمة وقت جنايته ألفي درهم وربع تلك القيمة خمسمائة فنصف الربع مائتان وخمسون وقد وجب عليه باصل الجناية خمسمائة وبالسراية مائتان وخمسون فذلك سبعمائة وخمسون درهما والله أعلم بالصواب (كتاب المعاقل) قال الشيخ الامام الاجل الزاهد شمس الائمة أبو بكر محمد بن سهل السرخسى رحمه الله إملاء يوم الاربعاء الرابع عشر من شهر ربيع الاخر سنة ست وستين واربعمائة الاصل في ايجاب الدية على العاقلة في الخطأ وشبه العمد قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} على ما روي في حديث حمل بن مالك أن النبي عليه السلام قال لاولياء الضاربة قوموا فدوه قال أخوها
[ 125 ]
عمرن بن عويمر الاسلمي أندى من لا عقل ولا صاح ولا استهل ولا شرب ولا أكل ومثل دمه بطل فقال عليه السلام أسجع كسجع الكهان أو قال دعني وأراجيز العرب قوموا فدوه فقال ان لها بيتاهم سراة الحي وهم أحق بها مني فقال أنت أحق بها قم فدوه وشئ من المعقول يدل عليه وهو أن الخاطئ معذور وعذره لا يعدم حرمة نفس المقتول ولكن يمنع وجوب العقوبة عليه فأوجب الشرع الدية صيانة لنفس المقتول عن الهدر وفي ايجاب الكل على القاتل اجحاف به واستئصال فيكون بمنزلة العقوبة وقد سقطت العقوبة عنه للعذر فضم الشرع إليه العاقلة لدفع معنى العقوبة عنه وكذلك في شبه العمد باعتبار أن الالة آلة التأديب ولم يكن فعله محظورا محضا ولهذا لا يجب عليه القصاص فلا يكون جميع الدية عليه في ماله لدفع معنى العقوبة عنه ولكن الشرع أوجب الدية هاهنا مغلظة ليظهر تأثير معنى العمد وأوجبها على العاقلة لدفع منع العقوبة عن القاتل ثم هذا الفصل لا يحصل الا بضرب استهانة وقلة مبالاة وتقصير في التحرز وانما يكون ذلك بقوة يجدها المرء في نفسه وذلك بكثرة أعوانه وأنصاره وانما ينصره عاقلته فضموا إليه في إيجاب الدية عليهم وان لم يجب لهذا المعنى وكل أحد لا يأمن على نفسه أن يبتلى بمثله وعند ذلك يحتاج إلى اعانة غيره فينبغي أن يعين من ابتلى ليعينه غيره إذا ابتلى بمثله كما هو العادة بين الناس في التعاون والتوادد فهذا هو صورة أمة متناصرة وجبلة قوم قوامين بالقسط شهداء لله متعاونين على البر والتقوى وبه أمر الله تعالى الامة هذه ثم كانت للعرب في الجاهلية أسباب للتناصر منها القرابة ومنها الولاء ومنها الحلف ومنها ممالحة العدو وقد بقي ذلك إلى زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} ليكونوا حلفاء له كما كانوا حلفاء لجده عبد المطلب ودخل بنو بكر في عهد قريش ليكونوا حلفاء لهم الحديث فكانوا يضلون عن حليفهم وعديدهم ويعقل عنهم حليفهم وعديدهم ومولاهم باعتبار التناصر كما يعقلون عن أنفسهم باعتبار التناصر فلما كان في زمن عمر رضي الله عنه ودون الدواوين صار التناصر بينهم بالديوان فكان أهل ديوان واحد ينصر بعضهم بعضها وان كانوا من قبائل شتى فجعل عمر العاقلة أهل الديوان بيانه في الحديث الذي بدأ به الكتاب فقال بلغنا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه فرض العقل على أهل الديوان لانه أول من وسع الديوان فجعل العقل فيه وكان قبل ذلك على عشيرة الرجل في أموالهم وبهذا أخذ علماؤنا رحمهم الله فقالوا العقل على أهل الديوان من العاقلة وأبي الشافعي ذلك فقال هو على العشيرة فقد كان عليهم في عهد رسول الله صلى الله عليه
[ 126 ]
وسلم ولا نسخ بعد رسول الله ولكنا نقول قد قضى به عمر رضي الله عنه على أهل الديوان بمحضر من الصحابة ولم ينكر عليه منكر فكان ذلك اجماعا منهم * فان قيل كيف يظن بهم الاجماع على خلاف ما قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} * قلنا هذا اجتماع على وفاق ما قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} فانهم علموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} قضى به على العشيرة باعتبار النصرة وكان قوة المرء ونصرته يومئذ بعشيرته ثم لما دون عمر رضي الله عنه الدواوين صارت القوة والنصرة بالديوان فقد كان المرء يقاتل قبيلته عن ديوانه على ماروي عن علي رضي الله عنه أن يوم الجمل وصفين جعل بازاء كل قبيلة من كان من أهل تلك القبيلة ليكونوا هم الذين يقاتلون قومهم فلهذا فضوا بالدية على أهل الديوان ثم الشافعي يقول؟ الزام الدية العاقلة بطريق الصلة والصلة المالية مستحقة بوصلة القرابة دون الديوان كالنفقة والميراث ونحن نقول الوجوب عليهم بطريق الصلة كما قال وايجابه فيما هو صلة أولى وأهل ديوان واحد فيما يخرج من الصلة لهم بعين العطاء كنفس واحدة وايجاب هذه الصلة فيما يصل إليهم بطريق الصلة أولى في ايجابه ومن أصول أموالهم ثم لاشك ان المعبتر النصرة ففي حق كل قاتل يعتبر ما به تتحقق النصرة وتناصر أهل الديوان يكون بالديوان فان كان القاتل من قوم يتناصرون بالحلف فذلك هو المعتبر لان المعنى متى عقل في الحكم الشرعي تعدى الحكم بذلك المعنى إلى الفروع ثم القاتل أحد العواقل يلزمه من الدية مثل ما يلزم أحد العاقلة عندنا وعند الشافعي ليس على القاتل شئ من الدية لان الخطأ مرفوع قال الله تعالى وليس عليكم جناح فيما أخطاتم به وقال عليه السلام رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وانما يتحقق ذلك إذا لم يكن عليه شئ من الدية ثم هذا الجزء كسائر الاجزاء فبالمعنى الذي نوجب سائر الاجزاء على العاقلة من نصرة أو صلة نوجب؟ هذا الجزء عليهم أيضا ولكنا نقول الايجاب على العاقلة لدفع الاجحاف والاستئصال عن القاتل والتخفيف عليه وذلك في الكل لا في الجزء ثم الوجوب عليهم باعتبار النصرة ولاشك انه ينصر نفسه كما ينصر غيره وكما انه معدور؟ غير مؤاخذ شرعا فالعاقلة لا يؤاخذون بفعله أيضا قال الله تعالى ولا تزر وازرة وزر أخرى ومن لم يجن فهو أبعد من المؤاخذة من الجاني المعذور فإذا أوجبنا على كل واحد من العاقلة جزأ من الدية فلان نوجب عليه مثل ذلك أولى وهذا لان محل أداء الواجب العطاء الذي يخرج لهم بطريق الصلة وهم في ذلك كنفس واحدة فكما يخرج العطاء لغير القاتل يخرج للقاتل وذكر عن المعرور بن سويد قال
[ 127 ]
فرض عمر بن الخطاب رضي الله عنه الدية تؤخذ في ثلاث سنين فالنصف في سنتين وما دون الثلث في سنة وبه نأخذ فنقول جميع الدية متى وجبت بنفس القتل كانت مؤجلة في ثلاث سنين سواء كانت على العاقلة أو في مال القاتل كالاب يقتل ابنه عمدا وقد بينا هذا في الديات وإذا كان جميع الدية في ثلاث سنين فكل ثلث منه في سنة ومتى كان الواجب بالقتل ثلث بدل النفس أو أقل من ذلك كان في سنة واحدة وما زاد على الثلث إلى تمام الثلثين في السنة الثانية وما زاد على ذلك إلى تمام الدية في السنة الثالثة وهذا لان تقوم النفس بالمال غير معقول وانما عرف ذلك شرعا والشرع انما ورد بايجاب الدية مؤجلة في ثلاث سنين فعلينا اتباع ذلك واتباع الاجزاء بالجملة في مقدار ما يثبت فيها من الاجل والشافعي يجعل التأجيل لمعنى التخفيف كالايجاب على العاقلة معن التخفيف معقول فأما في التأجيل فمعنى نقصان المالية لان المؤجل في المالية أنقص من الحال وبسبب صفة العمدية يخرج من أن يكون متسحقا للتخفيف ولكن ليس لهذه الصفة تأثير في ايجاب زيادة على قيمة المتلف ولو اوجبنا الدية عليه حالا كان ذلك زيادة * فان قيل أليس في شبه العمد أن الدية تجب مغلظة وفيه ايجاب زيادة المالية باعتبار صفة العمد * قلنا نعم ولكناانما ننكر ايجاب الزيادة بالرأي فيما لا مدخل للرأي فيه وتلك الزيادة انما أوجبناها بالنص كاصل المال بمقابلة النفس أو جبناه بالنص بخلاف القياس وعن إبراهيم قال في دية الخطأ وشبه العمد في النفس على العاقلة على أهل الديوان في ثلاثة أعوام في كل عام الثلث وما كان من جراحات الخطأ فعلى العاقلة على أهل الديوان إذا ثلاثة أعوام في كل عام الثلث وما كان من جراحات الخطأ فعلى العاقلة على أهل الديوان إذا بلغت الحاجة ثلث الدية ففي عامين وان كان النصف فكذلك وان كان الثلث ففي سنة واحدة وذلك كله على أهل الديوان وبه نقول فان الواجب وما دون ذلك بمنزلة ضمان المال يكون على الجاني والشافعي يسوي بين القليل والكثير والقياس فيه أحد السببين أما التسوية فكما ذهب إليه الشافعي في ايجاب الكل على العاقلة والتسوية في أن لا يوجب شئ على العاقلة كما في ضمان المال ولكنا تركنا القياس بالسنة وانما جاءت السنة في أرش الجنين بالايجاب على عاقلته وأرش الجنين نصف عشر بدل الرجل فيقضى بذلك على العاقلة وفيما دونه يؤخذ بالقياس وفي حديث ابن عباس رضي الله عنه موقوفا عليه ومرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} لا تعقل عمدا ولا عبدا ولا صلحا ولا اعترافا ولا ما دون أرش الموضحة
[ 128 ]
وارش الموضحة نصف عشر بدل النفس ففيما دونه يؤخذ بالقياس وهذا لان الايجاب على العاقلة كان لمعنى دفع الاجحاف عن الجاني وذلك في الكثير دون القليل فلهذا أوجبنا الكثير على العاقلة دون القليل والفاضل بينهما يكون مقدرا وأدنى ذلك ارش الموضحة قال وليس على النساء والذرية ممن كان له عطاء في الديوان عقل لانه بلغنا عن عمر رضي الله عنه قال لا يعقل مع العاقلة صبي ولا امرأة وانما جعل الفضل فيما يؤدى والله أعلم على عشيرة الرجل ولم يجيؤا على وجه العون لصاحبهم لانهم أهل يد واحدة ونصرة واحدة على غيرهم وهذه النصرة انما تقوم بالرجال دون النساء فبنية المرأة لا تصلح لهذه النصرة وكذلك النصرة لا تقوم بالصبيان (ألا ترى) ان الشرع نهى عن قتل النساء والصبيان من أهل الحرب لا نهم يقاتلون لدفع من يقاتلهم وتناصرهم فيما بينهم وذلك لا يحصل بالنساء والصبيان وكذلك الجزية التي خلت عن النصرة لم توجب على النساء والصبيان فكذلك تحمل العقل وعلى هذا لو كانت المرأة هي القاتلة أو الصبي لم يكن عليهما شئ من الدية بخلاف الرجل لان وجوب جزء على القاتل باعتبار انه أحد العواقل وهو لا يوجد في النساء والصبيان ولا ينظر إلى مالهم من فرض العطاء في الديوان لان ذلك ليس باعتبار النصرة بل باعتبار المؤنة كما فرض عمر رضي الله عنه لازواج رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} العطاء في الديوان فكان يوصله لهن في كل سنة * وإذا قتل الرجل خطأ فلم يرفع إلى القاضي حتى مضت سنون ثم رفع إليه فانه يقضي بالدية على عاقلته في ثلاث سنين من يوم يقضي لان ثبوت الاجل يبنى على وجوب المال والمال انما يجب بقضاء القاضي فاما قبل القضاء فالمال ليس بواجب لان ضمان المتلفات يكون بالمثل بالنص ومثل النفس نفس الا انه إذا رفع إلى القاضي فيتحقق العجز عن استيفاء النفس لما فيه من معنى العقوبة وتحول الحق بقضائه إلى المال كما في ولد المغرور فان قيمته انما تجب على المغرور بقضاء القاضى وان كان رد عينه متعذرا قبل القضاء ولكن في الحكم جعل الواجب رد العين إلى أن يحوله القاضي إلى القيمة بقضائه لتحقق العجز عن رد العين ولهذا لو هلك الولد قبل القضاء لم يضمن شيأ واعتبر قيمة الولد يوم القضاء لهذا وهو نظير الاجل في حق العين فانه لا يعتبر ما مضى من المدة قبل الخصومة وانما يكون ابتداء التأجيل من وقت قضاء القاضي فكذلك هاهنا ابتداء التأجيل يكون من وقت قضاء القاضي فان كانوا أهل ديوان قضى بذلك في اعطياتهم فيجعل الثلث في أول عطاء يخرج لهم بعد قضائه وان لم يكن بين القتل وقضائه وبين خروج
[ 129 ]
أعطياتهم الاشهر أو أقل من ذلك لان التأجيل في حق العاقلة كان لمعنى تأخر خروج العطاء ومحل قضاء الدية منه العطاء فانما يعتبر خروج العطاء بعد القضاء (ألا ترى) انه لو لم يخرج سنين لم يطالبوا بشئ فكذلك إذا خرج بعد قضاء القاضي بشهر أو أقل يؤخذ منه ثلث الدية والثلث الثاني في العطاء الاخر إذا خرج ان أبطأ بعد الحول أو عجل قبل السنة وكذلك الثلث الثالث فان عجل للقوم العطاء فخرجت لهم ثلاثة أعطية مرة وهي أعطية استحقوها بعد قضاء القاضي بالدية فان الدية كلها تؤخذ من تلك الاعطية الثلاثة لوصول محل اداء الدية منه إلى يد العاقلة قال ولا يقضى بالدية على القوم حتى يصيب الرجل في عطائه من الدية كلها أربعة دراهم أو ثلاثة أو أقل من ذلك عندنا وقال الشافعي ما يقضي به على كل واحد منهم لا يكون أقل من نصف دينار لانها صلة واجبة شرعا فيعتبر بالزكاة وأدنى ما يجب في الزكاة نصف دينار أو خمسة دراهم فقد كان ذلك بمعنى نصف دينار في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} ولكنا نقول الايجاب عليهم للتخفيف على القاتل وانما يجب على وجه لا يتعسر ذلك عليهم وذلك في ايجاب القليل دون الكثير ثم هذه صلة يؤمرون بادائها على وجه التبرع فلا يبلغ مقدارها مقدار الواجب من الزكاة بل ينقص من ذلك (ألا ترى) انه لا تجب هذه الصلة في أصول أموالهم وانما تجب فيما هو صلة لهم وهو العطاء فعرفنا أنه مبنى على التخفيف من كل وجه وقد ظن بعض أصحابنا رحمهم الله ان التقدير بثلاثة دراهم فيما يؤخذ منهم في كل سنة وذلك غلط فقد فسرها هنا فقال حتى يصيب الرجل في عطائه من الدية كلها أربعة دراهم أو ثلاثة دراهم فعرفنا انه لا يؤخذ في كل سنة من كل واحد منهم الا درهم أو درهم وثلث فان قلت العاقلة فكان يصيب الرجل أكثر من ثلاثة دراهم أو أربعة ضم إليهم أقرب القبائل في النسب من أهل الديوان حتى يصيب الرجل في عطائه ما وصفنا وهذا لان ايجاب الزيادة عليهم اجحاف بهم فلا يجوز فلذلك ضم إليهم أقرب القبائل كما ضممنا العاقلة إلى القبائل للتحرز عن الاجحاف بهم ولانه متى حزبهم أمر ولا يتمكون من دفع ذلك عنهم بانفسهم فانما يستعينون باقرب القبائل إليهم فإذا كانوا في بعض الاحوال يستنصرون بهم عند الحاجة فكذلك يضمون إليهم في تحمل العقل عند الحاجة قال ولا يستحقون العطاء عندنا الا بآخر السنة فلذلك قلنا إذا خرج العطاء بعد القضاء بشهر أو أقل أخذ منه ثلث الدية ومعنى هذا أن العطاء انما يخرج لهم في العادة في كل سنة واستحقاق ذلك عند تمام السنة لانهم يستحقون
[ 130 ]
سطر 148:
[ 132 ]
عليه السلام لا تعقل العاقلة عمدا ولان ذلك للتخفيف ودفع الاجحاف عن القاتل والعامد لا يستحق ذلك ولو قتل عشرة رجلا فعلى العاقلة كل واحد منهم عشر الدية في ثلاث سنين لان ما يجب على كل واحد منهم بدل النفس وبدل النفس يكون مؤجلا في ثلاث سنين فيعتبر الجزء منه بالكل ولا يعقل أهل مصر عن أهل مصر آخر وانما يريد به إذا كان لاهل مصر ديوان على حدة أو كان تناصرهم باعتبار القرب في السكنى وأهل مصر أقرب إليه من أهل مصر آخر ويعقل أهل كل مصر عن أهل سوقهم وقراهم لانهم اتباع لاهل مصر فإذا حزبهم أمر استنصروا بهم فأهل مصر يعقلون عنهم باعتبار معنى القرب والنصرة ومن كان منزله بالبصرة وديوانها بالكوفة عقل عنه أهل الكوفة لانه انما استنصر باهل ديوانه لابجير انه (ألا ترى) أن القرب في السكنى لا يكون أقوى من قرب القرابة * ولو أن اخوين لاب وأم ديوان أحدهما بالكوفة وديوان الاخر بالبصرة لم يعقل أحدهما عن صاحبه وانما يعقل عن كل واحد منهما أهل ديوانه فكذلك ما سبق ولو أن قوما من أهل خراسان أهل ديوان واحد مختلفين في انسابهم منهم من له ولاء ومنهم القربى ومنهم من لا ولاء له جنى بعضهم جناية عقل عنه أهل رايته وأهل فنائه وان كان غيره أقرب إليه في النسب لان استنصاره باهل رايته أظهر ومن كان أهل الديوان لا يرجع في استنصاره إلى عشيرته عادة ولان عطاء أهل راية واحدة انما يخرج من بيت المال جملة واحدة فهم في ذلك كنفس واحدة وان كان عدد أهل رايته قليلا ضم إليهم الامام من رأى من أهل الديوان حتى يجعلهم عاقلة واحدة لدفع الاجحاف عن أهل رايته وانما يضم إليهم الامام من يكون أقرب إليهم في معنى النصرة إذا خربهم أمر في ذلك وانما يعرف ذلك الامام فجعل مفوضا إلى رأيه لهذا ومن لا ديوان له من أهل البادية ونحوهم تعاقلوا على الانساب وان تباعدت منازلهم واختلفت الباديتان لان تناصرهم بالانساب ولان حالهم في معنى الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} وقد بينا أنه قضى بالعقل على الاقارب ولا يعقل أهل البادية عن أهل الامصار الذين عواقلهم في العطاء لان أهل الامصار انما يقوم بنصرتهم والذب عنهم أهل العطاء من أهل ديوانهم لا أهل اخوة البادية وهم انما يتقوون بأهل العطاء وكذلك لا يعقل أهل العطاء؟ عن أهل البادية لانهم يتقوون بهم ولا ينصر بعضهم بعضا وان كانوا اخوة لاب وأم وانما ينصر كل واحد منهم أهل العطاء ومن جنى جناية على أهل المصر وليس في عطاء وأهل البادية
[ 133 ]
سطر 181:
[ 143 ]
لذكر الارث بعد الوصية المعرفة لان تلك وصية معهودة وهذا قول الشافعي أيضا بناء على مذهبه أنه لا يجوز نسخ الكتاب بالسنة والرزاي كان لا يجوز نسخ الكتاب الا بالخبر المتواتر وأكثر مشايخنا رحمهم الله يقولون انما انتسخ هذا الحكم بقوله عليه السلام ان الله أعطى كل ذي حق حقه ألا لا وصية لوارث وهذا حديث مشهور تلقته العلماء بالقبول والعمل به ونسخ الكتاب جائز بمثله عندنا لان ما تلقته العلماء بالقبول والعمل به كالمسموع من رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} ولو سمعناه يقول لا تعملوا بهذه الاية فان حكمها منسوخ لم يجز العمل بها ولاجل شهرة هذا الحديث بدأ الكتاب به ورواه عن أبي قلابة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} قال لا وصية لوارث وفي بعض الرواية قال الا أن يجيزه الورثة وفي هذه الزيادة بيان ان المراد نفى الجواز لا نفي التحقيق ومن ضرورة نفي الجواز نفي الفرضية والوجوب والحديث مرسل بالطريق الذي رواه ولكن المراسيل حجة عندنا كالمسانيد أو أقوى من المسانيد لان الراوي إذا سمع الحديث من واحد لا يشق عليه حفظ اسمه فيرويه مسندا وإذا سمعه من جماعة يشق عليه حفظ الرواية فيرسل الحديث فكان الارسال من الراوي المعروف دليل شهرة الحديث فاما الحديث الذي رواه فهو شاذ فيما تعم به البلوى والوجوب لا يثبت بمثله ثم هو محمول على ما كان ابتداء قبل نزول آية المواريث أو المراد أن ذلك لا يليق بطريق الاحتياط والاخذ بمكارم الاخلاق لقوله عليه السلام لا يحل لرجل يؤمن بالله واليوم الاخر ان يبيت شبعانا وجاره طاو إلى جنبه والمراد ما بينا ثم الوصية تتقدر بقدر الثلث من المال وهي مأخوذة من الدين لحديث رضى الله عنه قال انكم تقرؤن الوصية قبل الدين وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} يبدأ بالدين قبل الوصية وهكذا نقل عن أبن عباس رضى الله عنهما فهذا منهما إشارة إلى معنى التقديم والتأخير في الاية ثم قضاء الدين من أصول حوائج المرء لانه تفرغ به ذمته والوصية ليست من أصول حوائجه وحاجته مقدمة في تركته (ألا ترى) انه يقدم جهازه وكفنه لحاجته إلى ذلك فكذلك قضاء الدين ثم زعم بعض أصحابنا أن الوصية بعد الدين تقدم على الميراث لظاهر الاية وأكثرهم قالوا التقديم لا يظهر في الوصية بل الوارث يستحق الثلثين ارثا في الوقت الذي يستحق الموصى له الثلث بالوصية والمراد من الاية تقديم الوصية على الميراث في الثلث لانه محل للارث إذا لم يوص فيه بشئ فإذا أقضى كانت الوصية في الثلث مقدمة على الميراث والدليل على أن محل الوصية النافذة شرعا ثلث
[ 144 ]
المال ما رواه من حديث سعد بن مالك قال يارسول الله أوصى بمالي كله فقال لا قال فبنصفه قال لا قال فبثلثه قال الثلث والثلث كثير انك ان تدع ورثتك أغنياء خير أن من تدعهم فقراء يتكففون الناس وفي رواية يتكفكفون وأصل هذا الحديث ماروى أن سعدا رضي الله عنه مرض بمكة عام حجة الوداع فدخل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} يعوده فقال يا رسول الله خلف عن دار الهجرة فأموت بمكة فقال أني لارجو أن يبقيك الله ينتفع بك أقوام ويضربك آخرون لكن البائس سعد بن خولة يرثى له ان مات بمكة قيل هذا من النبي عليه السلام إشارة إلى ما جرى عن الفتوح على يد سعد في زمن عمر رضى الله عنه ثم قال يا رسول اني لا يرثني الا ابنة لى أفأوصى بمالي كله الحديث وفيه دليل على انه لا ينبغى للمرء أن يوصى باكثر من ثلثه لان النبي عليه السلام ذم المعتدين في الوصية والتعدي في الوصية مجاوزة حدها قال الله تعالى ومن يتعد حدود الله فاولئك هم الظالمون وفي الحديث الحيف في الوصية أكبر الكبائر والحيف هو الظلم والميل وذلك بمجاوزة الحد المحدود شرعا بان يوصى لبعض ورثته أو يوصي بأكثر من ثلث ماله على قصد الاضرار بورثته والدليل على ان محل الوصية الثلث ما روينا من قوله ان الله تصدق عليكم بثلث أموالكم ثم بين المعنى بقوله انك تدع عيالك أغنياء معناه ورثتك أقرب اليك من الاجانب فترك المال خير لك من الوصية فيه وفي هذا دليل أن التعليل في الوصية أفضل وذلك مروى عن أبي بكر وعمروقال لان يوصى بالخمس أحب الينا من أن يوصى بالربع ولان يوصى بالربع أحب الينا من أن يوصى بالثلث وعن علي رضى الله عنه مثل ذلك وزادو قال من أوصى بالثلث فلم يترك شيأ يعني لم يترك شيأ مما جعل له الشرع حق الوصية فيه فعرفنا ان القليل في الوصية أفضل لان ذلك أبعد عن وحشة الورثة فانه إذا أوصى بجميع الثلث قال الوارث لا منة له علي فانه ما ترك الوصية بما زاد على الثلث الا لعجزه عن تنفيذه شرعا وحق الوارث ثبت في ماله شرعا قال عليه السلام ان أفضل الصدقة أن تتصدق وأنت صحيح شحيح تأمل العيش وتخشى الفقر حتى إذا بلغ هذا وأشار إلى التراقي قلت لفلان كذا ولفلان كذا كان ذلك وان لم يقل وانما تحل الوصية بالثلث شرعا لمن يترك مالا كثيرا يستغني ورثته بثلثيه اما لكثرة المال أو لقلة الورثة هكذا روي ان عليا استأذنه رجل في الوصية لمن يترك خيرا يريد قوله تعالى ان ترك خيرا ثم يستدل بظاهر هذا الحديث من يقول بان الغني الشاكر أفضل من الفقير الصابر فان النبي عليه السلام قدم صفة الغني لوارثة سعد فقال
[ 145 ]
انك ان تدع عيالك أغنياء ولكنا نقول قدم صفة الغني لهم واختار الفقر لنفسه والافضل ما اختاره رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} لنفسه ثم انما قدم الغني على الفقير الذي يسأل كما قال من أن تدعهم فقراء يتكففون الناس أي يلحون في السؤال ونحن انما نقدم الفقير الصابر دون الذي يسأل كما وصفهم الله بقوله تعالى يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس الحافا وهذا لان الفقير مع الصبر أسلم للمرء وأزين للمؤمن قال عليه السلام الفقر أزين للمؤمن من العذار الجيد على جلد الفرس فأما الغني فسبب للطغيان والفتنة قال الله تعالى كلا ان الانسان ليطغى أن رآه استغنى وروى أن حمزة بن عبد المطلب أوصي إلى زيد بن حارثة يوم أحد وان عليا رضى الله عنه أوصى إلى الحسن رضى الله عنهم وفيه دليل ان اللمرء أن يوصى إلى غيره في القيام بحوائجه بعد وفاته وهذا من نظر الشرع له أيضا فقد يفرط في بعض حوائجه في حياته أو تحترمه المنية فيحتاج إلى من يقوم مقامه في القيام بحوائجه بعد موته والايصاء إلى الغير كان مشهورا بين الصحابة رضي الله عنهم فان أبا بكر رضي الله عنه استخلف عمر وأوصى إلى عائشة رضي الله عنها في حوائجه وعمر أوصى إلى حفصة وتكلم الناس في أن رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} هل أوصى إلى أحد والصحيح عندنا انه لم يوص إلى أحد بشئ انما أمر أبا بكر أن يصلي بالناس وبه استدلوا على خلافته فقالوا ما اختاره لامر ديننا الا وهو يرضي به لامر دنيانا وينبغي أن يوصي إلى من هو أقرب إليه إذا كان أهلا لذلك كما أوصى علي إلى ولده الحسن رضي الله عنه وأوصى حمزة إلى زيد بن حارثة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} قد آخى بينهما حين قدم المدينة وذكر عن ابن مسعود انه سئل عن انسان أوصى بسهم من ماله فقال هو السدس وبه أخذ أبو حنيفة رحمه الله تعالى فقال مطلق لفظ السهم في الوصية والاقرار ينصرف إلى السدس وهو مروى عن جماعة من أهل اللغة منهم اياس بن معاوية قالوا السهم السدس وأبو يوسف ومحمد رحمهما الله قالا للموصى له سهم مثل أخس سهام الورثة وروى ذلك في الكتاب عن شريح لان ماله يصير سهاما بين ورثته فذكر السهم ينصرف إلى ذلك وأخس السهام متيقن فيه الا أن يجاوز السهم فحينئذ لا تنفذ الوصية فيما زاد على الثلث بدون اجازة الورثة وأبو حنيفة يقول هذا ان لو ذكر السهم معرفا وقد ذكره منكرا بقوله أوصيت لكم بسهم من مالي فينصرف إلى ما فسر أهل اللغة السهم به * وبيان المسألة يأتي في موضعه وعن عمر رضي الله عنه قال إذا أوصى الرجل بوصيتين فالاخيرة منهما أملك وبظاهره
[ 146 ]
سطر 193:
[ 147 ]
تعالى لا ينهاكم الله إلى قوله ان تبروهم وتقسطوا إليهم وان أراد بهذا بيان الفرق بين الوصية والميراث فان الارث لا يجرى مع اختلاف الدين لان الارث طريقه طريق الولاية والخلافة على معنى أنه يبقى للوارث المال الذي كان للمورث واختلاف الدين يقطع الولاية فاما الوصية فتمليك بعقد مبتدأ ولهذا لا يرد الموصى له بالعيب ولا يصير مغرورا فيما اشتراه الموصى بخلاف الوارث وعن إبراهيم في الرجل يستأذن ورثته في الوصية فيأذنون له ثم يرجعون بعد موته قال لهم ذلك ان شاؤا رجعوا وبه نأخذ فان الاجازة من الورثة معتبرة في الوصية بما زاد على الثلث أو في الوصية للوارث وانما تعتبر اجازتهم بعد موت الموصى فأما في حياته فلا تعتبر لان الاجازة اما أن تكون بمنزلة التمليك منهم أو بمنزلة اسقاط الحق وانما ثبت ذلك كله لهم بعد موت الموصى فتمليكهم قبل ان يملكوا أو اسقاطهم لحقهم قبل أن يتقرر وجوب الحق لهم يكون لغوا ثم اجازتهم في حالة الحياة لا تكون دليل الرضى منهم بهذا بل الظاهر أنهم كارهون له الا أنهم احتشموا المورث فلم يجاهروه بالاباء فلو لزمهم حكم الاجازة في حالة الحياة تضرروا بخلاف ما بعد الموت فاجازتهم بعد الموت دليل الرضى منهم وعن إبراهيم في رجل أوصى لغير وارث بدين أو أقر به قال هو جائز ولو أحاط بماله ومراده الاقرار بالدين لا الوصية وانما سماه وصية لذكره اياه فيما بين الوصايا وفي موضع الوصية وبهذا نأخذ فنقول الاقرار لغير الوارث بالدين صحيح وان أحاط بماله وهو مروى عن ابن عمر رضي الله عنه وقد روى مرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} وبيناه في كتاب الاقرار وعن الشعبي انه سئل عن رجل له ثلاث بنين فأوصى لرجل بمثل نصيب أحدهم قال له الربع وبه نأخذ لان مثل الشئ غيره فهو جعل نصيب أحد البنين معيارا لما أوجب الوصية فيه وجعل وصيته بمثل ذلك فاما أن يقال يصير الموصى له بالايجاب كابن آخر له مع البنين الثلاثة فله الربع أو يقال ينظر في نصيب أحد البنين فيزاد على أصل السهام مثل ذلك الموصى له والمال بين البنين الثلاثة على ثلاثة أسهم لكل واحد منهم سهم فإذا زدنا للموصى له سهما على الثلاثة كانت السهام أربعة ثم نعطيه ذلك السهم فيكون له الربع ولايجوز له أن يعطى الثلث بهذا الايجاب لان ذلك حينئذ ينفذ الوصية له في نصيب أحد البنين لا في مثل نصيب أحدهم وهو انما أوصى له بمثل نصيب أحدهم وعن إبراهيم والشعبي قالا في رجل أوصى لرجلين بالنصف والثلث فردوا إلى الثلث أن الثلث بينهم على خمسة أسهم لصاحب النصف ثلاثة ولصاحب
[ 148 ]
سطر 211:
[ 153 ]
فعند البداءة بالمحاباة يترجح بالسبق وبقوة السبب فقال يبدأ بها وعند البداءة بالعتق يستويان من حيث ان للعتق قوة السبق وقوة الحكم وللمحاياة قوة السبب والمعتبر أولا السبب فان الحكم يبنى على السبب فيتحاصان وسيأتى بيان المسألة في موضعها وعن إبراهيم في رجل يوصى إلى رجل فيموت الموصى إليه فيوصى إلى رجل آخر فان وصيتهما جميعا صحيحة وبه نأخذ فان الموصى بعد موت الموصى قائم مقام الموصى في ولايته في المال وقد كانت ولايته في ماله ومال الموصى الاول فيخلفه وصيه في التصرف في المالين لان بعد قبول الوصية التصرف في مال الموصى الاول من حوائج الوصي كالتصرف في مال نفسه وانما يقيم الموصى مقامه فيما هو من حاجته وعن إبراهيم في الرجل يوصى لام ولده في حياته وصحته فيموت قال هو ميراث وان أوصي عند موته لها بوصية فهو لها من الثلث والمراد بوصيته لها في صحته الاقرار والهبة لا الوصية المضافة إلى ما بعد الموت لان حالة الصحة وحالة المرض في ذلك سواء وبه نأخذ فنقول الهبة لام الولد والاقرار لها بالدين باطل من المولى لانها باقية على ملكه وكسبها له بمنزلة القنة فأما وصيته لها مضافة إلى ما بعد الموت فصحيحة لانها تعتق بالموت ووجوب الوصية يكون بعد الموت فالوصية لها بمنزلة الوصية لجارية أجنبية وعن ابن عمر رضى الله عنه قال إذا أقر الرجل عند موته بدين لوارث فانه لا يجوز الا ببينة وان أقر لغير وارث بالدين جاز ولو أحاط بجميع ماله وبه نأخذ في الفصلين وقد روى في بعض الروايات مرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} وقد بينا ذلك في الاقرار وعن إبراهيم في المرأة يضربها الطلق قال هي بمنزلة المريض في الوصية والتبرع والطلق اسم لوجع الولادة ويسمى ذلك مخاضا أيضا قال الله تعالى فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة ومتى أخذها وجع الولادة فهي بمنزلة المريض لانها أشرفت على الهلاك الا أنه قد يأخذها الوجع ثم يسكن فباعتبار ذلك الوجع لا تصير في التبرعات كالمريضة بمنزلة مرض يعقبه برء وانما تصير كالمريضة إذا أخذها الوجع الذى يكون آخره انفصال الولد عنها من سلامتها به أو موتها لان المعتبر مرض الموت ومرض الموت ما يتصل به ومن أوصى بأكثر من ثلث ماله لم يجز في الفضل على الثلث الا ان يجيزه الورثة بعد موته وهم كبار لان حقهم تعلق بماله بمرضه ولكن الشرع جعل الثلث محلا لوصية الموصى ليتدارك به ما فرط في حياته فما زاد على ذلك إذا أوصى به فقد قصد الاضرار بورثته باسقاط حقهم عما تعلق حقهم به وايثار الاجنبي على من آثره الشرع وهو الوارث فللوارث أن يرد عليه
[ 154 ]
سطر 220:
[ 156 ]
والاحسان وايتاء ذي القربى وقال جل وعلا وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فلما كان مأمورا بصلة القرابة وانما تجب الصلة ممن كان ذا رحم محرم منه فانصرفت الوصية إليه دون غيره لان القرابة المطلقة قرابة ذي الرحم المحرم لاختصاصها باحكام مخصوصة من عدم جواز المناكحة والعتق عند الملك وعدم الرجوع في الهبة ووجوب النفقة عند العشرة فانصرفت الوصية إليه وانما اعتبر الاقرب فالاقرب لان كل من كان أقرب إليه فهو أشبه بهذا اللفظ فكان أولى كما في العصبات وذوى الارحام في الميراث والاقرب في الشفعة وجه قول أبي يوسف الاول أنه ينصرف إلى كل ذى رحم محرم منه الاقرب والابعد منه سواء لانهم في استحقاق الاسم سواء (ألا ترى) انه لو أوصى لاخوته وله اخوة بعضهم لاب وأم وبعضهم لاب وبعضهم لام أنهم في الوصية سواء ولا يعتبر الاقرب. وجه قوله الاخر وهو قول محمد انه يدخل فيه ذو والرحم المحرم وغير ذي الرحم المحرم ويصرف إلى كل من يجمعه وأباه أقصى أب في الاسلام ان هذا اللفظ في الابعدين أكثر استعمالا من الاقربين (ألا ترى) انه لا يقال للاخ أو العم هذا قريبى فيدخلون كلهم في الوصية (ألا ترى) إلى ما روى في الخبر لما نزل قوله تعالى وأنذر عشيرتك الاقربين جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} أقرباءه سبعين نفسا وقال لهم اني نذير لكم بين يدي عذاب شديد وكان فيهم ذو رحم محرم وغيره فثبت ان كلهم في الوصية سواء الا أنه لا يمكن أن يدخل فيه جميع أولاد آدم عليه السلام فيجعل الحد فيه من يجمعه واياهم أقصى أب في الاسلام لانه لما ورد الاسلام صارت المعرفة بأهل الاسلام وكان قبل ذلك يعرف بقبائل الجاهلية وهما انما قالا ذلك في زمانهما لان في ذلك الوقت ربما يبلغ إلى ثلاثة آباء أو أربعة آباء ولا يجاوز ذلك فتتبين أقرباؤه أما في زماننا فلا يمكن أن يعتبر ذلك لان النسبة قد طالت فتقع الوصية لقوم مجهولين فان ترك عمين وخالين وهم ليسوا بورثة فعند أبي حنيفة الوصية للعمين دون الخالين لان العم أقرب من الخال لانه من قبل الاب بدليل والولاية وعندهما الثلث بينهم بالسوية ولو كان له عم واحد وخالان كان للعم النصف والنصف للخالين عنده لانه أوصى بلفظ الجمع وهو قوله ذوي وأقل الجمع في الوصية اثنان ويصرف النصف إلى الخالين لانهما يستحقان اسم القرابة فإذا خرج العم من الوسط صار كانه لم يترك الا الخالين قال محمد رحمه الله إذا أوصى بثلث ماله لقبيلة دخل الموالي فيه لانهم ينسبون إلى تلك القبيلة وقد روى عن النبي عليه السلام انه قال مولي القوم منهم هذا إذا كانوا يحصون
[ 157 ]
سطر 268:
[ 172 ]
(باب الوصية في الحج) (قال رحمه الله) وإذا أوصى الرجل أن يحج عنه بمائة درهم وثلثه أقل من مائة فانه يحج عنه بالثلث من حيث يبلغ لان محل الوصية الثلث وللموصى له الوارث المنفعة وهو قصد بهذه الوصية صرف المائة من ماله إلى هذا النوع من القربة فيجب تحصيل مقصوده بحسب الامكان كما لو أوصى أن يتصدق بمائة من ماله وثلثه أقل من مائة يتصدق عنه بقدر الثلث * ولو أوصى أن يحج عنه حجة بمائة درهم وهى ثلثه فاحج الوصي بها فبقى من نفقة الحاج وكسوته واطعامه شئ كان ذلك لورثة الميت لان الحاج عن الغير له أن ينفق على نفسه من ماله في الذهاب والرجوع ولاحق له فيما يفضل من ذلك على ما بينا في المناسك ان الاستئجار على الحج لا يجوز فما يفضل بعد رجوعه فهو من مال الميت وقد فرغ عن وصيته فيكون لورثته فان جامع ففسد حجه فعليه الكفارة ورد ما بقى من النفقة والكسوة ويضمن ما أنفق لانه أذن له في الانفاق بشرط أن يؤدى بسفره حجة صحيحة وقد فوت هذا الشرط بالافساد فعليه رد ما بقي وهو ضامن لما انفق لانه تبين انه اتفق بغير رضى الموصى ثم ذكر ما لو اعتمر قبل الحج أو قرن أو اعتمر عن آخر وقد تقدم بيان هذه الفصول في المناسك ولو أستأجروا رجلا ليحج عنه فحج كان عليه أن يرد ما يفضل في يده من النفقة لان الاستئجار لم يصادف محله فكان باطلا ومنى بطلت الاجارة بقى مجرد الاذن كما في استئجار النخيل لترك الثمار عليها إلى وقت الادراك فعليه أن يرد ما فضل في يده وليس عليه شئ مما أنفق لانه أنفق باذن صحيح وان عجزت النفقة عنه كان عليهم أن يكملوا له نفقة مثله وما لابد منه له وتجزى الحجة عن الميت بمنزلة ما لو أمروه بان يحج عن الميت من غير استئجار * وإذا أوصى أن يحج عنه فالافضل أن يحج من قد حج لانه أقدر على أداء الافعال وأبصر بذلك وهو أبعد عن خلاف العلماء واشتباه الاثار وان حج عنه صرورة جاز عندنا خلافا للشافعي وقد بيناه في المناسك وان أحجوا عنه امرأة فانه يجزيهم ذلك لان الخثعمية حين استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} في أن تحج عن أبيها أذن لها في ذلك واستحسن ذلك منها فدل على أنه يجوز احجاج المرأة عن الرجل وقد أساؤا في ذلك لنقصان حال النساء في باب الاحرام حتى أن المرأة تلبس المخيط في احرامها ولا ترفع صوتها بالتلبية ولا ترمل في الطواف ولا تسعى في بطن الوادي وتترك طواف الصدر بعذر الحيض ولا ضرورة لهم في احجاجها عن الميت لان فيمن يحج عن الرجال كثرة وان كانت المرأة هي الموصية فأحجوا عنها رجلا أجزأها لان
[ 173 ]