الفرق بين المراجعتين لصفحة: «مبسوط السرخسي - الجزء السادس والعشرون»

تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
OKBOT (نقاش | مساهمات)
ط تدقيق إملائي. 88 كلمة مستهدفة حاليًا.
 
سطر 183:
[ 61 ]
علي ان كل واحد منهما موجب القتل وان الولى مخير بينهما ولما أتى بالقاتل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} قال عليه السلام للولى أتعفو فقال لا فقال أتأخذ الدية فقال لا فقال القتل فقال نعم ففى هذا بيان أن الولي يستبد باخذ الدية كما يستبد بالعفو والقتل والمعنى فيه ان هذا اتلاف حيوان متقوم فيكون موجبا ضمان القيمة كاتلاف سائر الحيوانات وقيمة النفس الدية وهذا لان الحيوان ليس من ذوات الامثال واتلاف المقوم مما لا مثل له يوجب القيمة وقيمة النفس الدية بدليل حالة الخطأ فان الدية انما تجب بالاتلاف لا بصفة الخطأ لانه عذر مسقط والمتلف في حالة العمد ما هو المتلف في حالة الخطأ الا أن الشرع أو جب القصاص بمعني الانتقام وشفاء الصدر للولى ودفع الغيظ عنه فكان ذلك بخلاف القياس لانه اتلاف والاتلاف لا يكون واجبا بمقابلة الاتلاف وهو ليس بمثل (ألا ترى) ان الجماعة يقتلون بالواحد ولا مماثلة بين العشرة والواحد فعرفنا أنه ممنوع بمعنى زيادة النظر للولى وذلك في أن لا يسقط حقه في الواجب الاصلى بل يكون متمكنا فيه كما لو قطع يد انسان ويد القاطع شلاء أو ناقصة باصبع فان القصاص واجب ولصاحب الحق أن يأخذ الارش بغير رضا الجاني لهذا المعنى ولان النفس محترمة بحرمتين وفى اتلافها هتك الحرمتين جميعا حرمة حق الله تعالى وحرمة حق صاحب النفس وجزاء حرمة الله تعالى العقوبة زجرا وجزاء هتك حرمة العبد الغرامة جبرا ولكن تعذر الجمع بينهما هاهنا لان كل واحد منهما يوجب حقا للعبد حتى يعمل فيه اسقاطه ويورث عنه ويسقط باذنه ولا يجوز الجمع بين الحقين لمستحق واحد بمقابلة محل واحد فاثبتنا الجميع بينهما على سبيل التخيير وقلنا ان شاء مال إلى جانب هتك حرمة حق الله تعالى واستوفى العقوبة وان شاء مال إلى جهة حرمة حق العباد فاستوفى الدية ولا خلاف ان أحد الشريكين في الدم إذا عفا ان للاخران يستوفى المال ولو لم يكن المال واجبا له بنفس القتل لما وجب بالعفو لان العفو مسقط ولو وجب بالعفو لوجب على العافى وان كان محسنا كضمان الاعتاق يجب على المعتق إذا كان موسرا ولما وجب المال للآخر على القاتل عرفنا انه كان واجبا بنفس القتل ولما ظهر ذلك عند العفو في حق من لم يعف فكذلك يظهر في حق العافى إذا عفا عن القصاص فقلنا يتمكن من أخذ المال ولان القاتل في الامتناع من أداء الدية بعد ما استحقت نفسه قصاصا ملق نفسه في التهلكة فيكون ممنوعا شرعا كالمضطر إذا وجد طعاما يشتريه ومعه ثمنه يفترض عليه شراؤه شرعا لهذا المعنى
[ 62 ]
فكذا هاهنا * وحجتنا في ذلك قوله عليه الصلاة والسلام العمد قود فقد أدخل الالف واللام في العمد وذلك للمعهود فان لم يكن فللجنس وليس هاهنا معهود فكان للجنس وفيه تنصيص على ان جنس العمد موجب للقود فمن جعل المال واجبا بالعمد مع القود فقد زاد على النص وإلى هذا أشار ابن عباس رضى الله عنه في قوله العمد قود ولا مال له فيه وعن على وابن مسعود رضى الله عنهما قالا في دم عمد بين شريكين عفا أحدهما انقلب نصيب الآخر مالا فتخصيصهما غير العافى بوجوب المال له دليل على أن العافى لا شئ له فأما ماروى من قوله فأهله بين خيرتين فقد اختلفت الرواية فيه فان في بعض الروايات ان أحبوا قتلوا وان أحبوا فادوا والمفاداة على ميزان المفاعلة يقتضى وجود القتل بين اثنين بالتراضى وذلك أخذ الدية بطريق الصلح وتأويل الرواية التى قال وان أحبوا أخذوا الدية من جهتين احداهما انه انما لم يذكر رضا القاتل لان ذلك معلوم ببديهة العقل فان من أشرف على الهلاك إذا تمكن من دفع الهلاك عن نفسه باداء المال لا يمتنع من ذلك الا من سفهت نفسه لان امتناعه لا بقاء منفعة المال سفه ولا يتصور ذلك بعد ما تلفت نفسه وهو نظير قوله عليه الصلاة والسلام خذ سلمك أو رأس مالك وهو في أخذ رأس المال يحتاج الي رضا المسلم إليه ولم يذكره لا لانه غير محتاج إليه بل لانه معلوم بطريق الظاهر والثانى ان المراد أن لا يجبر الولى على أخذ الدية شاء أو أبى لا ان له أن يجبر غيره على اداء الدية بدليل قصة الحديث فانه روى ان رجلا من خزاعة قتل رجلا من هذيل يوم فتح مكة بعد ما أمر رسول الله صلى اله عليه وسلم بالكف عن القتل فخطب رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} وقال أما أنتم يا معاشر خزاعة فقد قتلتم هذا القتيل من هذيل وأنا والله عاقلته فوداه بمائة من الابل من عند نفسه ثم قال فمن قتل له بعد اليوم قتيل فأهله بين خيرتين فقد أجبر الولى على أخذ الدية ثم تبين بهذا اللفظ ان الحكم قد انتسخ وان الولى لا يجبر على أخذ الدية بعده وفي الحديث الآخر عرض الدية على الولى وهذا لا ينفى كون رضا القاتل مشروطا فيه ولكنه اما أن يكون قصد التبرع باداء الدية من عنده ولم يعتبر رضا القاتل في هذه الحالة أو أراد أن يعلم رغبة المولى في أخذ الدية ثم يشتغل باسترضاء القاتل كمن سعى بالصلح بين اثنين يسترضى أحدهما فإذا تم له ذلك حينئذ استرضى الآخر والمعنى في المسألة انه أتلف شيأ مضمونا فيتقدر ضمانه بالمثل ما أمكن كاتلاف المال وتفويت حقوق الله تعالى من الصوم والصلاة والزكاة يكون الواجب فيها
[ 63 ]
سطر 195:
[ 65 ]
انعدام القصد منه إلى القتل لان الآلة التى استعملها آلة الضرب للتأديب دون القتل والعاقل انما يقصد كل فعل بآلته فاستعماله آلة التأديب دليل على انه غير قاصد إلى القتل فكان في ذلك خطأ لشبه العمد صورة من حيث انه كان قاصدا إلى الضرب وإلى ارتكاب ما هو محرم عليه وكان مالك رحمه الله يقول لا أدرى ما شبه العمد وانما القتل نوعان عمد وخطأ وهذا فاسد فان شبه العمد ورد الشرع به على ما رواه النعمان بن بشير رضي الله عنه ان النبي صلي الله عليه وسلم قال الا ان قتيل خطأ العمد قتيل السوط والعصا وفيه مائة من الابل أربعون منها خلفة في بطونها أولادها والصحابة اتفقوا علي شبه العمد حيث أوجبوا الدية فيه مغلظة مع اختلافهم في صفة التغليظ على ما نبينه وقال على رضي الله عنه شبه العمد الضربة بالعصا والعزقة بالحجر العظيم فاما بيان أحكام شبه العمد فنقول انه لا قصاص فيه لتمكن الشبهة والخطأ من حيث انعدام القصد إلى القتل والقصاص عقوبة تندرئ بالشبهات وهى تعمد المساواة ولا مساواة بين قتل مقصود وقتل غير مقصود ثم هذا القتل لما اجتمع فيه معنيان أحدهما يوجب القصاص والآخر يمنع ترجح المانع على الموجب لان السعي في ابقاء النفس واجب ما أمكن فان الابقاء حياة حقيقة وفي القصاص حياة حكما فلهذا لا يوجب القود في شبه العمد وإذا تعذر ايجاب القود وجبت الدية وهى مغلظة كما أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} في قوله أربعون خلفة في بطونها أولادها وهو مروى عن ابن عمر وابن مسعود وأبى موسى الاشعري والمغيرة بن شعبة رضى الله عنهم انهم أوجبوا الدية مغلظة في شبه العمد وهذا التغليظ انما يظهر في أسنان الابل إذا وجبت الدية منها لا في شى ء آخر وهذه الدية على عاقلة القاتل بمنزلة الدية في الخطأ وهو قول عامة العلماء وكان أبو بكر الاصم يقول لا تجب الدية علي العاقلة بحال لظاهر قوله ولا تزر وازرة وزر أخرى ولقول رسول الله صلي الله عليه وسلم لابي رمثة حين دخل عليه مع ابنه أما انه لا يجنى عليك ولا تجنى عليه أي لا يؤخذ بجنايتك ولا تؤخذ بجنايته ولان ضمان الاتلاف يجب علي المتلف دون غيره بمنزلة غرامات الاموال وهذا أولى لان جناية المتلف في اتلاف النفس أعظم من جنايته في اتلاف الاموال ولكنا نستدل بما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} جعل عقل جناية كل بطن من الأنصار عليهم وفي حديث حمدان بن مالك ابن نابغة قال كنت بين جاريتين لى فضربت احداهما بطن صاحبتها بعمود فسطاط أو بمسطح خيمة فالقت جنينا ميتا فاختصم أولياؤها الي رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال عليه السلام
[ 66 ]
سطر 201:
[ 67 ]
الخطأ انه لا يجب فيه القصاص لان الخطأ موضوع عنا رحمة من الشرع قال الله تعالى وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به وقال ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا أو أخطأنا وقال عليه السلام رفع عن أمتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه فإذا تعذر ايجاب القصاص وجبت الدية بالنص قال الله تعالى ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبتة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله وبينا المعنى فيه لصيانة دم المقتول عن الهدر فاستحقاق صيانة نفسه لا يسقط بعذر الخاطئ ومن موجبه الكفارة فانها تثبت بهذا النص أيضا والمعنى فيه معقول فان القتل أمر عظيم قل ما يبتلى به المرء من غير قصد ما لم يكن به تهاون في التحرز وعلى كل أحد المبالغة في التحرز لكيلا يبتلى بمثل هذا الامر العظيم فإذا ترك ذلك كان هو ملتزما بترك التحرز فنوجب عليه الكفارة جزاء على ذلك ولان مثل هذا الامر العظيم لا يبتلى به المرء الا بنوع خذلان وهذا الخذلان لا يكون الا عن ذنوب سبقت منه والحسنة تذهب السيئة قال الله تعالى ان الحسنات يذهبن السيئات فنوجب عليه الكفارة لتكون ماحية للذنوب السابقة فلا يبتلي بمثل هذا الامر العظيم بعدها وفي سيئة العمد معنى ايجاب الكفارة أظهر لما يلحقه من المأثم بالقصد إلى أصل الفعل وفيه حديث وأثلة ابن الاسقع حيث قال أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} بصاحب لناقد أوجب النار بالقتل فقال عليه السلام اعتقوا عنه رقبة يعتق الله تعالى بكل عضو عضوا منه من النار وايجاب النار لا يكون الا بالاقدام على قتل محرم وقد قامت الدلالة على ان الكفارة لا تجب في العمد المحض فعرفنا ان المراد شبه العمد ثم قال الشافعي المعنى في وجوب الكفارة بالقتل انه نقص من عدد المسلمين أحدهم ممن كان يحضر الجمع والجماعات فعليه اقامة نفس مقام ما أتلف ولا يمكنه ذلك احياء فعليه اقامة مقام النفس المتلفة تحريرا لان الحرية حياة والرق تلف وبهذا أوجب الكفارة علي العامد وقلنا نحن انما أوجب الكفارة عليه لان الشرع سلم له نفسه شكر لله حين أسقط عنه القود بعذر الخطأ مع تحقق اتلاف النفس منه فعليه اقامة نفس مقام نفسه شكرا لله وذلك في أن تحرز نفس منه لتشتغل بعبادة الله وان عجز عن ذلك فعليه صوم شهرين متتابعين شكرا لله حيث سلم له نفسه وبهذا لا نوجب الكفارة علي العامد لان الشرع أوجب عليه القصاص ونوجبها في شبه العمد لان الشرع سلم له نفسه تخفيفا عليه وترجيح أحد المعنيين على الآخر يبين في مسألة كفارة العمد إذا انتهينا إليها ان شاء الله تعالى وليس في هذه الكفارة اطعام عندنا وفي أحد قولي الشافعي إذا عجز عن الصوم يطعم ستين مسكينا بالقياس على كفارة
[ 68 ]
الظهار وهو بناء علي أصله ان قياس المنصوص على المنصوص يجوز فان المطلق والمقيد في حادثتين يحمل أحدهما على الآخر وذلك غير جائز عندنا وموضع بيانه أصول الفقه فاما ما أجرى مجرى الخطأ على ما ذكره الرازي فهو النائم إذا انقلب على انسان فقتله وهذا ليس بعمد ولا خطأ لانه لا تصور للقصد من النائم حتى يتصور منه ترك القصد أو ترك التحرز ولكن الانقلاب الموجب لتلف ما انقلب عليه يتحقق من النائم فيجرى هذا مجرى الخطأ حتى تجب الدية على عاقلته والكفارة ويثبت به حرمان الميراث ليوهم أن يكون متهاونا ولم يكن نائما قصدا منه إلى استعجال الميراث وأظهر من نفسه القصد إلى محل آخر فأما ما ليس بعمد ولا خطأ ولا أجرى مجرى الخطأ فهو حافر البئر وواضع الحجر في الطريق فليس بمباشر للقتل لان مباشرة القتل بايصال فعل من القاتل بالمقتول ولم يوجد وانما اتصل فعله بالارض فعرفنا انه ليس بقاتل عمد ولا شبه عمد ولا خطأ ولا ما أجرى مجرى الخطأ بل هو بسبب متعد فنوجب الدية علي عاقلته للحاجة إلى صيانة النفس المتلفة عن الهدر ولا يجب عليه الكفارة ولا يحرم الميراث على ما يأتيك بيانه في بابه قال وفي النفس الدية معناه بسبب اتلاف النفس فان حرف في للظرف حقيقة والنفس لا تكون ظرفا للدية بل قتلها سبب لوجوب الدية كما يقال في النكاح حل وفي الشراء ملك وهذا لقوله تعالى ودية مسلمة إلى أهله وقال عليه السلام في النفس مائة من الابل وقال علي رضى الله عنه في النفس الدية ومالا يعرف بالرأى والمنقول عنه فيه كالمرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} وفى الانف الدية والحاصل ان مالا ثانى له في البدن من اعضاء أو معان مقصودة فاتلافها كاتلاف النفس في انه يجب بها كمال الدية والاعضاء التى هي افراد ثلاثة الانف واللسان والذكر وذلك مروي في حديث سعيد ابن المسيب ان النبي عليه السلام قال في الانف الدية وفي اللسان الدية وفي الذكر الدية وهكذا روى عن علي بن أبى طالب ثم قطع الانف تفويت جمال كامل ومنفعة كاملة وامتياز الآدمى من بين سائر الحيوانات فات بهما فتفويتهما في معنى تفويت النفس فكما تجب الدية بقطع جميع الانف بحيث يقطع المارن لان تفويت الجمال به يحصل وكذلك تفويت المنفعة لان المنفعة في الانف اجتماع الروائح في قصبة الانف لنقله منها إلى الدماغ وذلك تفويت بقطع المارن والمارن ما دون قصبة الانف وهو مالان منه وكذلك في اللسان الدية لان الآدمى قد امتاز من بين سائر الحيوانات باللسان وقد من الله تعالى به على عباده فقال تعالى خلق الانسان علمه البيان
[ 69 ]
وذلك يفوت بقطع اللسان ففيه تفويت أعظم المقاصد في الآدمى وكذلك في قطع بعض اللسان إذا منع الكلام وان كان بحيث يمنع بعض الكلام دون البعض فالجواب الظاهر ان فيه حكومة عدل لانه لم يتم تفويت المقصود بهذا القدر وانما تمكن فيه نقصان فيجب باعتباره حكومة عدل وقد قال بعض مشايخنا رحمهم الله ان الدية تقسم على الحروف فحصة ما يمكنه ان يصححه من الحروف تسقط عنه وحصة مالا يمكنه ان يصححه من الحروف تجب عليه ولكن على هذا القول لا يعتبر في القسمة الا الحروف التى تكون باللسان فاما الهاء والحاء والعين لاعمل للسان فيها فلا يعتبر ذلك في القسمة وفي الكتاب روى ان النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} قضى في اللسان بالدية وفي الانف بالدية قال وفي الذكر دية لان في الذكر تفويت منفعة مقصودة من الآدمى وهى منفعة النسل ومنعفة استمساك البول والرمى به عند الحاجة وكذلك في الحشفة الدية كاملة لان تفويت المقصود يحصل بقطع الحشفة كما يحصل بقطع جميع الذكر ووجوب الدية الكاملة باعتباره والمعاني التى هي افراد في البدن العقل والسمع والبصر والذوق والشم ففى كل واحد منها دية كاملة هكذا روى عن عمر رضي الله عنه انه قضى لرجل على رجل باربع ديات بضربة واحدة كان ضرب على رأسه فأذهب عقله وسمعه وبصره ومنفعة ذكره وكان المعنى فيه ان العقل من أعظم ما يختص به الآدمى وبه ينتفع بنفسه في الدينا والآخرة وبه يمتاز من البهائم فالمفوت له كالمبدل لنفسه الملحق له بالبهائم وكذلك منفعة السمع فانها منفعة مقصودة بها ينتفع المرء بنفسه وكذلك منفعة البصر فانها مقصودة (ألا ترى) أن الناس يقولون للذى لا بصرله بمنزلة الميت الذى لم يدفن وكذلك منفعة الشم منفعة مقصودة في البدن ومنفعة الذوق كذلك فتفويتها من وجه استهلاك باعتبار ان فيه منفعة مقصودة فيوجب كمال الدية وكذلك في الصلب الدية كاملة إذا منع الجماع لما فيه من تفويت منفعة مقصودة وهى منفعة النسل وكذلك إذا حدث فان فيه تفويت جمال كامل لان الجمال للآدمي في كونه منتصب القامة قيل في معنى قوله تعالى لقد خلقنا الانسان في أحسن تقويم منتصب القامة وذلك يفوت إذا حدب والجمال للآدمي مطلوب كالمنفعة فتفويت الجمال الكامل بوجب دية كاملة فان عاد الي حاله ولم ينقصه ذلك شيأ الا أن فيه أثر الضربة ففيه حكومة عدل لانه نفى بعض الشيئين ببقاء أثر الضربة فيجب باعتباره حكم عدل ومن هذه الجملة الافضاء في المرآة إذا كانت بحيث لا تستمسك البول فانه يوجب كمال الدية لان فيه تفويت منفعة كاملة
[ 70 ]
سطر 213:
[ 71 ]
في كل واحدة منها ربع الدية فأما ما يكون اعشارا في البدن كالاصابع يعنى أصابع اليدين أو الرجلين فان قطع أصابع اليد يوجب كمال الدية لما فيها من تفويت منفعة البطش والبطش بدون الاصابع لا يتحقق وفى كل أصبع عشر الدية هكذا روى في حديث سعيد بن المسيبه أن النبي عليه السلام قال وفي كل أصبع عشر من الابل وجميع ما ذكرنا مذكور فيما كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} لعمرو بن حزم وفيها وفى كل أصبع عشر من الابل وفى كل سن خمس من الابل وهكذا رواه عبد الله بن عمر رضى الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} وكان عمر رضي الله عنه في الابتداء يقول في الخنصر ست من الابل وفى البنصر تسع من الابل وفي الوسطى عشر وفى السبابة والابهام خمس وعشرون ثم لما بلغه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} رجع إلى الحديث فقال الاصابع كلها سواء والذى تبيناه في أصابع اليد كذلك في أصابع الرجل لان في قطعها تفويت منفعة المشى ومنفعة المشي كمنفعة البطش والصغير والكبير في جميع ما ذكرنا سواء لان في اعضائه عرضة لهذه المنافع ما لم يصبها آفة ففى تفويتها تفويت المنفعة كما في حق الكبير وأما ما يزيد على ذلك في البدن فهى الاسنان يجب في كل سن نصف عشر الدية لما روينا من الحديث ويستوى في ذلك الانياب والنواجذ والضواحك والطواحين ومن الناس من فضل الطواحين على الضواحك لما فيها من زيادة المنفعة ولسنا نأخذ بذلك لان النبي عليه الصلاة والسلام قال في كل سن خمس من الابل من غير تفصيل ثم ان كان في بعضها زيادة منفعة ففى بعضها زيادة جمال والجمال في الادمى كالمنفة حتى قيل إذا قلع جميع أسنانه فعليه ستة عشر ألفا لان الاسنان اثنان وثلاثون سنا فإذا الواجب في كل نصف عشر الدية خمسمائة بلغت الجملة ستة عشر ألفا وليس في البدن جنس يجب بتفويته أكثر من مقدار الدية سوى الاسنان فان قلع جميع أسنان الكوسج فعليه أربعة عشر ألفا لان أسنانه ثمانية وعشرون هكذا حكى أن امرأة قالت لزوجها يا كوسج فقال ان كنت كوسجا فأنت طالق فسئل أبو حنيفة رحمه الله عن ذلك فقال تعد أسنانه فان كانت اثنين وثلاثين فليس بكوسج وان كانت ثمانية وعشرين فهو كوسج قال وبلغنا عن على رضى الله عنه قال في الرأس إذا حلق ولم ينبت الدية كاملة وبهذا أخذ علماؤنا رحمهم الله وقال إذا حلق شعر رأس انسان حتى أفسد المنبت فعليه كمال الدية الرجل والمرأة في ذلك سواء وقال الشافعي في شعر الرأس حكومة عدل وكذلك في اللحية إذا حلقت فلم تنبت كمال الدية عندنا
[ 72 ]
وقال الشافعي رضى الله عنه حكومة عدل لانه شعر مستمد من البدن بعد كما الخلقة فلا يتعلق بحلقه كما الدية كشعر الصدر والساق وهذا لانه ليس في حلق الشعر تفويت منفعة كاملة انما فيه فقط تفويت بعض الجمال فانه يلحقه نوع شين على الوجه الذى لغير الكوسج بقلة شعره ووجوب كمال الدية يعتبر بتفويت منفعة كاملة والدليل عليه ان ما يوجب في الحر كمال الدية يوجب في العبد كمال القيمة وبالاتفاق لو حلق لحية عبد انسان لا يلزمه كمال القيمة وان أفسد المنبت وانما يلزمه النقصان فكذلك في حق الحر * وحجتنا في ذلك حديث على رضى الله عنه فان ما نقل عنه في هذا الباب كالمرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} لان ذلك لا يستدرك بالرأى والمعنى فيه انه فوت عليه جمالا كاملا فيلزمه كمال الدية كما لو قطع الاذنين الشاخصتين وبيان ذلك ان في اللحية جمالا كاملا في أوانه وكذلك في شعر الرأس جمال كامل (ألا ترى) ان من عدم ذلك خلقة تكلف لستره واخفائه ولا شك ان في شعر الرأس جمالا كاملا وبعض المنفعة أيضا فما يحصل لها بالجمال من المنفعة أعظم وجوه المنفعة وكذلك في اللحية والاصل فيه ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} انه قال ان لله تعالى ملائكة تسبيحهم سبحان من زين الرجال باللحى والنساء بالقرون والذوائب تم تفويت المنفعة يوجب كمال الدية كما إذا ضرب على ظهره حتى انقطع ماؤه فكذلك تفويت الجمال الكامل يوجب كمال الدية لان الغرض للعقلاء في الجمال أكثر مما هو في المنفعة بخلاف شعر الصدر والساق فليس في حلقه تفويت جمال كامل فلهذا لم يؤثر ذلك في النقصان فلا يجب شئ فأما في لحية العبد فروايتان روى الحسن عن أبى حينفة انه يجب كمال القيمة وفى ظاهر الرواية يجب نقصان القيمة وهو نظير الروايتين في قطع الاذنين الشاخصتين من العبد ففى رواية الحسن قال القيمة في العبد كالدية في الحر فما يجب بتفويته كمال الدية في الحر يجب بتفويته كمال القيمة في العبد وفي ظاهر الرواية قال الجمال غير مقصود للمولي من عبده وانما المقصود منفعة الاستخدام وبحلق لحيته أو قطع الاذنين الشاخصتين منه لا يفوت هذا المقصود فلهذا لا يجب به كمال القيمة فأما الجمال فمقصود في الاحرار وبتفويته يجب كمال الدية وتكلموا في حلق لحية الكوسج والاصح في ذلك ما فصله أبو جعفر الهندوانى رحمه الله ان كان الثابت على ذقنه شعرات معدودة فليس في حلق ذلك شئ لان وجود ذلك لا يزينه وربما يشينه وان
[ 73 ]
سطر 222:
[ 74 ]
بعدها عادة فيكون ذلك قتلا لا شجة ولم يذكر الحارصة والدامية لان الظاهر انه لا يبقى لهما أثر وبدون بقاء الاثر لا يجب شئ فاما بيان الاحكام فنقول أما في الموضحة فيجب نصف عشر الدية هكذا روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} وقال في الموضحة خمس من الابل وهكذا روى في حديث عمرو بن حزم وفيما يرويه سعيد بن المسيب وهذا إذا كانت الموضحة خطأ فان كانت عمدا ففيها القصاص لان اعتبار المساواة فيها ممكن فان عملها في اللحم دون العظم والجنايات فيما دون النفس توجب القصاص إذا أمكن اعتبار المساواة فيها فأما قبل الموضحة من الشجاج ففيها حكومة عدل إذا كانت خطأ وكذلك ان كانت عمدا في رواية الحسن عن أبى حنيفة فانه لا قصاص فيما دون الموضحة لانه يتعذر اعتبار المساواة فيها من حيث المقدار فربما يبقى من أثر فعل الثاني فوق ما يبقى من أثر فعل الاول وفي ظاهر الرواية يقول فيها القصاص لان عملها في الجلد أعظم والمساواة فيها ممكنة بان يسبر فورها بالمسبار ثم يتخذ حديدة بقدر ذلك فيقطع بها مقدار ما قطع واجياب حكومة العدل في هذه الشحاج مروى عن إبراهيم الخعى وعمر بن عبد العزيز رحمهما الله قالا ما دون الموضحة من الشجاج بمنزلة الخدوش ففيها حكومة عدل وقد جاء في الحديث ان عليا رضى الله عنه قضى في السمحاق باربع من الابل فانما يحمل على ان ذلك كان مقدار حكومة عدل ثم اختلف المتأخرون من مشايخنا رحمهم الله في معرفة حكومة العدل فقال الطحاوي السبيل في ذلك أن يقوم لو كان مملوكا بدون هذا الاثر ويقوم مع هذا الاثر ثم ينظر إلى تفاوت ما بين القيمتين كم هو فان كان بقدر نصف العشر يجب نصف عشر الدية وان كان بقدر ربع العشر يجب ربع عشر الدية وكان الكرخي يقول هذا غير صحيح فربما يكون نقصان القيمة بالشجاج التى قبل الموضحة أكثر من نصف العشر فيؤدى هذا القول إلى أن يوجب في هذه الشجاج من الدية فوق ما أوجبه الشرع في الموضحة وذلك لا يجوز ولكن الصحيح ان ينظر كم مقدار هذه الشجة من نصف عشر الدية لان وجوب نصف فعشر الدية ثابت بالنص وما لانص فيه يرد إلى المنصوص عليه باعتبار المعني فيه فاما في الهاشمة عشر الدية وفي المنقلة عشر ونصف عشر الدية وفي الآمة ثلث الدية وتسمى المأمومة أيضا وذلك فيما كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} لعمرو بن حزم قال في الهاشمة عشر من الابل وفى المنقلة خمسة عشر وفي الآمة ثلث الدية والجائفة كالأمة يجب فيها ثلث الدية لان الجائفة واصلة إلى أحد الجوفين وهو جوف البطن فتكون كالواصلة
[ 75 ]
سطر 228:
[ 76 ]
يوضحه ان الآدمى حيوان مضمون بالقيمة كسائر الحيوانات والاصل في القيمة الدراهم والدنانير الا أن القضاء بالابل كان بطريق التيسير عليهم لانهم كانوا أرباب الابل وكانت النقود تتعسر منهم ولا نهم كانوا يستوفون الدية علي أظهر الوجوه ليندفع بها بعض الشر عنهم وذلك في الابل أظهر منه في النقود فكانت بخلاف القياس بهذا المعنى ولكن لا يسقط بها ما هو الاصل في قيمة المتلفات * ثم لا خلاف ان الدية في الخطأ من الابل تجب اخماسا كما ذكره ابن مسعود والسن الخامس عندنا ابن مخاض وعند الشافعي ابن لبون فمذهبنا مروى عن عمر وزيد وابن مسعود رضى الله عنهم واحتج الشافعي بما روى أن النبي عليه السلام قضى في الدية بمائة من ابل الصدقة يعنى من الاسنان التى تؤخذ في الصدقة وابن مخاض لامدخل له في الصدقة ولابن اللبون مدخل قال عليه السلام في خمس وعشرين بنت مخاض فان لم يكن فابن لبون وحجتنا في ذلك حديث حذيفة بن مالك الطائى عن ابن مسعود رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم{{ص}} قال دية الخطأ أخماس عشرون جذعة وعشرون بنت لبون وعشرون بنت مخاض وعشرون ابن مخاض وقال عليه السلام في النفس المؤمنة مائة من الابل واسم الابل مطلقا يتناول أدنى ما يكون منه وابن المخاض أدنى من ابن اللبون ولان الشرع جعل ابن اللبون بمنزلة بنت المخاض في الزكاة فايجاب ابن اللبون هاهنا في معنى ايجاب أربعين من بنت المخاض وذلك لا يجوز بالاجماع فأما الحديث الذي رواه فالمراد اعطاء الدية من ابل الصدقة على وجه التبرع عن عاقلة القاتل لحاجتهم لا ان يكون المراد من الاسنان التى توجد في الصدقة ثم ابن المخاض يدخل في الصدقة عندنا على الوجه الذى يدخل ابن اللبون لان ابن اللبون عندنا يستوفى باعتبار القيمة فكذلك ابن المخاض وأما في شبه العمد فعلى قول أبى حنيفة وأبى يوسف تجب مائة من الابل ارباعا خمسة وعشرون ابنة مخاض وخمس وعشرون بنت ابن لبون وخمسة وعشرون حقة وخمسة وعشرون جذعة وهو قول ابن مسعود وقال الشافعي ومحمد تجب أثلاثا ثلاثون حقة وثلاثون جذعة وأربعون ما بين ثنية إلى بازل وكلها خلفة والخلفة هي الحامل وهو قول عمر وزيد بن ثابت والمغيرة بن شعبة وأبى موسى الاشعري وقال على رضى الله عنه تجب أثلاثا ثلاثة وثلاثون حقة وثلاثة وثلاثون جذعة وأربعة وثلاثون خلفة وقال عثمان رضى الله عنه تجب اثلاثا من هذه الاسنان من كل سن ثلاثة وثلاثون واحتج محمد والشافعي لحديث النعمان بن بشير ان النبي عليه السلام قال في خطبة عام حجة الوداع
[ 77 ]
ألا ان قتيل خطأ العمد قتيل السوط والعصا فيه مائة من الابل أربعون منها في بطونها أولادها وعن عمر أنه قضى بذلك في شبه العمد وقضاؤه كان بمحضر من الصحابة وأبو حنيفة وأبو يوسف احتجا بحديث السائب بن يزيد أن النبي عليه السلام قضى في الدية بمائة من الابل أرباعا ومعلوم انه لم يرد به الخطأ لانها في الخطأ تجب أخماسا فعرفنا أن المراد به شبه العمد وقال في النفس المؤمنة مائة من الابل والمراد به أدنى ما يكون منه وما قلناه أدنى والمعنى فيه انه انما تجب الدية عوضا عن المقتول والحامل لا يجوز أن تستحق في شئ من المعاوضات فلكذلك لا تستحق في الدية لوجهين أحدهما أن صفة الحمل لا يمكن الوقوف على حقيقتها والثانى ان الجنين من وجه كالمنفصل فيكون هذا في معنى ايجاب الزيادة على المائة عددا وبالاتفاق صفة التغليظ ليست من حيث العدد بل من حيث السن ثم الديات تعتبر بالصدقات والشرع نهى عن أخذ الحوامل في الصدقات لانها كرائم أموال الناس فكذلك في الديات وهذا لان شبه العمد يجب على العاقلة يطريق الصلة منهم للقاتل بمنزلة الصدقات فأما الحديث الذى روى فلا يكاد يصح لان ما ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} عام حجة الوداع كان بمحضر من جماعة من الصحابة ولم يرو هذا الحديث الا النعمان بن بشير وهو في ذلك الوقت. كان في عداد الصبيان وقد خفى الحديث على كبار الصحابة حتى اختلفوا بينهم على أقاويل كما بينا ولم تجر المحاجة بينهم بالحديث فلو كان صحيحا لما اختلفوا مع هذا النص ولا احتج به بعضهم على بعض ومن أصل أبى حنيفة ان العام المتفق على قبوله أولى بالاخذ به من مثل هذا الخاص ولا خلاف أن صفة التغليظ في الدية لا تثبت الا في أسنان الابل وبه يستدل الشافعي على أن الاصل في الدية الابل فقط ولكنا نقول ما عرفنا صفة التغليظ الا بالنص فان الدية بدل عن المتلف ولا يختلف التلف بالخطأ وشبه العمد وانما تثبت صفة التغليظ بما ورد به الشرع خاصة قال وبلغنا عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه انه جعل الدية على أهل الابل مائة وعلى أهل الورق عشرة آلاف درهم وعلى أهل الذهب ألف دينار وعلي أهل الشاة ألفى شاة وعلي أهل البقر مائتي بقرة وعلى أهل الحلل مائتي حلة والحلة اسم لثوبين وبه نأخذ فنقول الدية من الدراهم تتقدر بعشرة آلاف درهم مما تكون الفضة فيها غالبة على الغش وقد بينا ذلك في كتاب السرقة وقال مالك والشافعي من الدراهم اثنا عشر ألف درهم لحديث أبى هريرة ان النبي عليه السلام قال من سبح في كل يوم وليلة مثل ديته اثنى عشر ألف تسبيحة
[ 78 ]
فكأنما حرر رقبة من ولد إسماعيل وفى كتاب عمرو بن حزم ان النبي عليه السلام جعل الدية من الدراهم اثنى عشر ألفا ولانه لا خلاف انها من الدنانير ألف دينار وكانت قيمة كل دينار على عهد رسول الله عليه السلام اثنى عشر درهما بيانه في حديث السرقة فانه قطع في مجن قيمته ثلاثة دراهم بعدما قال القطع في ربع دينار وانما يكون ثلاثة دراهم ربع دينار إذا كانت قيمة كل درهم اثنى عشر درهما وحجتنا في ذلك حديث دحيم ان رجلا قطع يد رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} فقضى عليه بنصف الدية خمسة آلاف درهم وقضى عمر رضى الله عنه في تقدير الدية بعشرة آلاف وقد كان بمحضر من الصحابة ولم يحتج عليه أحد منهم بحديث بخلاف ذلك فلو كان فيه حديث صحيح خلاف ما قضى به عمر لما خفى عليهم ولما تركوا المحاجة به ثم المقادير لا تعرف بالرأى فما نقل عن عمر من التقدير بعشرة آلاف درهم ومساعدة الصحابة معه على ذلك بمنزلة اتفاق جماعتهم على رواية هذا المقدار عن صاحب الشرع عليه السلام ولان الدية من الدنانير ألف دينار وقد كانت قيمة كل دينار على عهد رسول الله عليه السلام عشرة دراهم بدليل النص المروى في نصاب السرقة حيث قال لا قطع الا في دينار أو عشرة دراهم وقال علي رضى الله عنه حين ضجر من أصحابه ليت لى بكل عشرة من أهل العراق واحدا من أهل الشام صرف الدنانير بالدراهم ونصاب الزكاة منهما على أن قيمة كل دينار كان عشرة دراهم ثم أبو يوسف ومحمد رحمهما الله أخذا بظاهر حديث عمر وقالا الدية من الاصناف الستة فان عمر رضي الله عنه جعلها من هذه الاصناف وقدر كل صنف منه بمقدار ومعلوم انه ما كان يتفق القضاء بذلك كله في وقت واحد فعرفنا ان المراد بيان المقدار من كل صنف وأبو حنيفة قال الدية من الابل والدراهم والدنانير وقد اشتهرت الاثار بذلك عن رسول الله عليه السلام وانما أخذ عمر من البقر والغنم والحلل في الابتداء لانها كانت أموالهم فكان الاداء منها أيسر عليهم وأخذها بطريق التيسير عليهم فظن الراوي ان ذلك كان منه على وجه بيان التقدير للدية في هذه الاصناف فلما صارت الدواوين والاعطاآت جل أموالهم الدراهم والدنانير والابل ففضي بالدية منها ثم لا مدخل للبقر والغنم في قيمة المتلفات أصلا فهى بمنزلة الدور والعبيد والجوارى وهكذا كان ينبغى أن لا تدخل الابل الا أن الآثار اشتهرت فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} فتركنا القياس بذلك في الابل خاصة وقد ذكرنا في كتاب المعاقل ما يدل على أن قول أبى حنيفة كقولهما فانه قال لو صالح
[ 79 ]
الولي من الدية علي أكثر من ألفى شاة أو علي أكثر من مائتي بقرة أو علي أكثر من مائتي حلة لا يجوز الصلح فهذا دليل على أن هذه الاصناف في الدية أصول مقدرة عنده كما هي عندهما قال وبلغنا عن علي أنه قال في دية المرأة على النصف من دية الرجل في النفس وما دونها وبه نأخد وقال ابن مسعود هكذا الا في ارش الموضحة وارش السن فانها تستوى في ذلك بالرجل وكان زيد بن ثابت يقول انها تعادل الرجل إلى ثلث ديتها يعنى إذا كان الارش بقدر ثلث الدية أو دون ذلك فالرجل والمرأة فيه سواء فان زاد على الثلث فحينئذ حالها فيه علي النصف من حال الرجل وبيانه فيما حكى عن ربيعة قال قلت لسعيد بن المسيب ما تقول فيمن قطع أصبع امرأة قال عليه عشر من الابل قلت فان قطع أصبعين منها قال عليه عشرون من الابل قلت فان قطع ثلاثة أصابع قال عليه ثلاثون من الابل قلت فان قطع أربعة أصابع منها قال عليه عشرون من الابل قلت سبحان الله لما كثر ألمها واشتد مصابها قل ارشها قال أأعرابى أنت فقلت لا بل جاهل مسترشد أو عاقل مستفت فقال انه السنة فبهذا أخذ الشافعي وقال السنة إذا أطلقت فالمراد بها سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} ويروون حديثا أن النبي عليه السلام قال تعادل المرأة الرجل إلى ثلث الدية وحجتنا في ذلك ما ذكره ربيعة فانه لو وجب بقطع ثلاثة أصابع منها ثلاثون من الابل ما سقط بقطع الاصبع الرابع عشر من الواجب لان تأثير القطع في ايجاب الارش لا في اسقاطه فهذا معنى يحيلة العقل ثم بالاجماع بدل نصفها على النصف من بدل نفس الرجل والاطراف تابعة للنفس وانما تكون تابعة إذا أخذنا حكمها من حكم النفس الا إذا أفردناها بحكم آخر وقول سعيد انه السنة يعنى سنة زيد وقد أفتى كبار الصحابة بخلافه والحديث الذى رووا نادر ومثل هذا الحكم الذى يحيله عقل كل عاقل لا يمكن اثباته بالشاذ النادر وأما ابن مسعود فكان يقول في التسوية بينهما في ارش السن والموضحة استدلالا بما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} في الجنين فانه قضى بغرة عبد أو أمة قيمتها خمسمائة ويسوى بين الذكر والانثى في ذلك وبدل الجنين نصف عشر الدية فلهذا سوى بينهما في مقدار نصف عشر الدية وذلك ارش السن والموضحة ولكنا نقول في الجنين انما قضى بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} لانه يتعذر الوقوف على صفة الذكورة والانوثة في الجنين خصوصا إذا لم يتم خلقه ولان الوجوب هناك باعتبار قطع السر فقط والذكر والانثى في ذلك سواء وهاهنا الوجوب باعتبار صفة المالكية وحال
[ 80 ]
الانثى فيه على النصف من حال الذكر فالذكر أهل لمالكية النكاح والمال جميعا والانثى أهل لمالكية المال دون النكاح على ما نبينه وفي هذا أرش الموضحة وما زاد على ذلك سواء قال وفي ذكر الخصى ولسان الاخرس واليد الشلاء والرجل العرجاء والعين القائمة العور والسن السوداء وذكر العنين حكم عدل بلغنا ذلك عن إبراهيم وهذا لان ايجاب كمال الارش في هذه الاعضاء باعتبار تفويت المنفعة الكاملة وذلك لا يوجد لان منافع هذه الاعضاء كانت فائتة قبل جنايته (ألا ترى) ان من ضرب على يد انسان حتى شلت أو على عينه حتى ذهب بصره يجب عليه الارش فلو لا تفويت المنفعة لما حل بها لما لزمه كمال الارش فلو أوجبنا بالقطع بعد ذلك ارش كاملا مرة أخرى أدى إلى ايجاب ارشين كاملين عن عضو واحد وقال مالك رضى الله عنه يجب في هذه المواضع الارش كاملا ونقول في قطعها تقويت الجمال الكامل والجمال مطلوب من الآدمى كالمفعة بل الجمل يرغب فيه العقلاء فوق رغبتهم في المنفعة ولكنا نقول في الاعضاء التى يكون فيها المقصود المنفعة والجمال تبع فباعتباره لا تتكامل الجناية في الارش ثم في العين القائمة العوراء جمال عند من لا يعرف حقيقة الحال فأما عند من يعرف ذلك فلا فعرفنا أن معنى الحال في هذه الاعضاء غير كاملة بعد فوات المنفعة فلوجود بعض الجمال فيها أوجبنا حكم عدل فلا نعدام الكمال فيها لا يوجب كمال الارش وفي الضلع حكم عدل وفي الساعد إذا كسر أو كسر أحد الزندين حكم عدل وفي الساق إذا انكسرت حكم عدل وفى الترقوة حكم عدل على قدر الجراحة والحاصل انه لا قصاص في شئ من العظام إذا كسرت الا في السن خاصة لقوله صلى الله عليه وسلم{{ص}} لا قصاص في العظم لان القصاص ينبنى على المساواة ولا تتحقق المساواة في كسر العظم لانه لا ينكر من الموضع الذى يراد كسره وبدون اعتبار المماثلة لا يجب القصاص فإذا تعذر ايجاب القصاص وليس فيها ارش مقدر كان الواجب فيها حكم عدل فأما في السن فيجب القصاص وهو مروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} أنه قضى في القصاص في السن وبين الاطباء كلام في السن انه عظم أو طرف عصب يابس فمنهم من ينكر كون السن عظما لانه يحدث وينمو بعد تمام الخلقة ويلين بالحل فعلى هذا لا حاجة إلى الفرق بينه وبين سائر العظام متى ثبت انه ليس بعظم ولئن قلنا انه عظم وفي سائر العظام لتعذر اعتبار المساواة لا يجب القصاص وذلك لا يوجد هاهنا لانه يمكن أن يبرد بالمبرد بقدر ما كسر منه وكذلك ان كان قلع السن فانه لا يقلع منه قصاصا لتعذر اعتبار المماثلة فيه فربما تفسد
[ 81 ]
سطر 252:
[ 84 ]
الا خمسمائة درهم فصاعدا وبه نأخذ وكل شئ من الخطأ يبلغ نصف عشر دية الرجل خمسمائة أو نصف عشر دية المرأة مائتين وخمسين فهذا على العاقلة في شبه العمد وما دون ذلك في مال الجاني حالا لحديث ابن عباس موقوفا عليه ومرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} قال لا تعقل العاقلة عمدا ولا عبدا ولا صلحا ولا اعترافا ولا ما دون ارش الموضحة ولان ما دون أرش الموضحة في معنى ضمان المال فانه لا يجب الا باعتبار التقويم وهو غير مقدر شرعا وضمان الجناية انما يفارق ضمان المتلفات في كونه مقدر شرعا وأدنى ذلك ارش الموضحة فما دون ذلك بمنزلة ضمان المتلفات فيكون عليه حالا في ماله وأرش الموضحة فما زاد عليه إلى ثلث الدية يكون على العاقلة مؤجلا في سنة واحدة فان زاد على ذلك أخذ الفضل في سنة أخرى إلى تمام الثلثين فان زاد علي الثلثين أخذ ذلك الفضل في السنة الثالثة إلى تمام الدية بلغنا عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه أنه أول من فرض العطاء وجعل الدية في ثلاث سنين الثلث في سنة والنصف في سنتين والثلثين في سنتين وقد ثبت باتفاق العلماء التأجيل في جميع الدية إلى ثلاث سنين وانه يستوفى كل ثلث في سنة ولما ثبت التأجيل في ثلث الدية سنة واحدة ثبت في أبعاض ذلك الثلث مما يكون في معناه اعتبار للبعض بالكل وكذلك الثلث الثاني لما ثبت التأجيل في جميعه السنة الثانية فكذلك في ابعاضه قال ودية أهل الذمة من أهل الكتاب وغيرهم مثل دية المسلمين رجالهم كرجالهم ونساؤهم كنسائهم وكذلك جراحاتهم وجناياتهم بينهم وما دون النفس في ذلك سواء فان كانت لهم معاقل يتعاقلون على عواقلهم وان لم يكن لهم معاقل ففى مال الجاني وهذا لانهم بعقد الذمة التزموا أحكام الاسلام فيما يرجع إلى المعاملات فيثبت فيما بينهم من الحكمة ما هو ثابت بين المسلمين وديتهم مثل دية أحرار المسلمين عندنا وقال مالك دية الكتابى على النصف من دية المسلم وهو أحد قولى الشافعي وقال في قول آخر دية الكتابى على الثلث من دية المسلم ودية المجوسى ثمانمائة درهم استدلالا بالآيات الدالة علي نفى المساواة بين المسلمين والكفار لقوله تعالى لا يستوى أصحاب النار وأصحاب الجنة ولقوله أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون وقال عليه السلام المسلمون تتكافؤا دماؤهم فدل ان دماء غيرهم لا تكافئ دماءهم وفي حديث سعيد بن المسيب أن النبي عليه السلام قضى في دية الكتابى بثلث دية المسلم وفى رواية بنصف دية المسلم وعن عمر انه قضي في دية المجوسي بثمانمائة درهم ولان نقصان الكفر فوق نقصان الانوثة وإذا كانت الدية تنقص بصفة الانوثة فبالكفر أولى وانما
[ 85 ]
انتقصت بصفة الانوثة لنقصان دين النساء كما وصفهن به رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} في قوله انهن ناقصات عقل ودين وتأثير عدم الدين فوق تأثير نقصان الدين يدل عليه ان بدل النفس ينتقص بالرق والرق أثر من آثار الكفر وأثر الشئ دون أصله فلان ينتقص بأصل الكفر كان أولى ويتفاحش النقصان إذا انضم إلى كفره عدم الكتاب نسبة فتناهى النقصان نسبة حتى لا يوجب الا ما قضى به عمر رضى الله عنه وهو ثمانمائة درهم * وحجتنا في ذلك قوله تعالى وان كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله والمراد منه ما هو المراد من قوله في قتل المؤمن ودية مسلمة إلى أهله وفي حديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} ودى العامر بين اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضمرى وكانا مستأمنين عند رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} بدية حرين مسلمين وقال عليه السلام دية كل ذى عمد في عمده ألف دينار وعن أبى بكر وعمر رضى الله عنهما انهما قالا دية الذمي مثل دية الحر المسلم وقال على رضي الله عنه انما أعطيناهم الذمة وبذلوا الجزية لتكون دماؤهم كدمائنا و أموالهم كاموالنا وما نقلوا فيه من الاآثار بخلاف هذا لا يكاد يصح فقد روى عن معمر رضى الله عنه قال سألت الزهري عن دية الذمي فقال مثل دية المسلم فقلت ان سعيدا يروى بخلاف ذلك قال ارجع إلى قوله تعالى وان كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله فهذا بيان أن الرواية الشاذة لا تقبل فيما يدل على نسخ الكتاب ثم تأويله انه قضى بثلث الدية في سنة واحدة فظن الراوى أن ذلك جميع ما قضى به وعند تعارض الاخبار يترجح المثبت للزيادة وقوله المسلمون تتكافأ دماؤهم لا يدل على أن دماء غيرهم لا تكافئهم فتخصيص الشئ بالذكر لا يدل على نفي ما عداه والمراد بالاآثار نفى المساواة بينهما في أحكام الآخرة دون أحكام الدنيا فانا نرى المساواة بيننا وبينهم في بعض أحكام الدنيا ولا يجوز أن يقع الخلف في خبر الله تعالى والكلام من حيث المعنى في المسألة من وجهين أحدهما ان أهل الذمة يستوون بالمسلمين في صفة المالكية فيستوون بهم في الدية كالفساق مع العدول وهذا لان نقصان الدية باعتبار نقصان المالكية ولهذا تنصفت بالانوثة لتنصف المالكية فان المرأة أهل ملك المال دون ملك النكاح وانتقص عن ذلك بصفة الاجتنان في البطن لانه ليس بأهل للمالكية في الحال وان كان فيه عرضية أن يصير أهلا في الثاني وانتقص بنقصان الرق بخروجه من أن يكون أهلا لمالكية المال ومالكية النكاح بنفسه وهذا لان وجوب الدية لاظهار خطر المحل وصيانته عن الهدر وهذا الخطر
[ 86 ]
سطر 261:
[ 87 ]
قيام الاهلية للقصد المعتبر شرعا وفي حق الصبي والمجنون انعدمت الاهلية لذلك ثم خطأ البالغ انما كان على عاقلته لمعنى النظر والتخفيف علي القاتل بعذر الخطأ والصبي في ذلك أقوى من صفة الخطأ ولكون فعل الصبى دون خطأ البالغ في الحكم قلنا لا يلزمه الكفارة بالقتل ولا يحرم الميراث على ما يأتيك بيانه وإذا ضرب الرجل بطن المرأة فالقت جنينا ميتا فيه غرة عبد أو أمة يعدل ذلك بخمسمائة والغرة عند بعض أهل اللغة المملوك الابيض ومنه غرة الفرس وهو البياض الذى على جنبينه ومنه قوله عليه السلام أمتى غرمحجلون يوم القيامة وعند بعضهم الغرة الجيد يقال هو غرة القبيلة أي كبير أهلها ثم القياس في الجنين أحد شيئين إما ان لا يجب فيه شئ لانه لم تعرف حياته وفعل القتل لا يتحقق الا في محل هو حى والضمان بالشك لا يجب ولا يقال الظاهر انه حى أو معد للحياة لان الظاهر حجة لدفع الاستحقاق دون الاستحقاق به وبهذا لا يجب في جنين البهيمة الا نقصان الام ان تمكن فيها نقصان وان لم يتمكن لا يجب شئ والقياس ان يجب كمال الدية لان الضارب منع حدوث منفعة الحياة فيه فيكون كالمزهق للحياة فيما يلزمه من البدل كولد المغرور فانه حر بالقيمة لهذا المعنى وهو انه منع حدوث الرق فيه ثم الماء في الرحم ما لم يفسد فهو معد للحياة فيجعل كالحى في ايجاب الضمان باتلافه كما يجعل بيض الصيد في حق المحرم كالصيد في ايجاب الجزاء عليه بكسره ولكنا تركنا القياس بالسنة وهو حديث حمل بن مالك كما روينا وروى ان عمر رضى الله عنه خوصم إليه في املاص المرأة فقال أنشدكم بالله هل سمع أحد منكم من رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} في ذلك شيأ فقدم المغيرة بن شعبة وروى حديث الضرتين فقال عمر من يشهد معك فشهد معه محمد بن سلمة بمثل ذلك فقال عمر رضى الله عنه لقد كدنا أن نقضى ما رأينا فيما فيه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم{{ص}} ثم قضى بالغرة وعن عبد الرحمن بن فليح ان رسول الله صلي الله عليه وسلم قال في الجنين غرة عبد أو أمة قيمته خمسمائة ثم هذه الآثار دليل لنا على ان الدية تتقدر بعشرة آلاف لان بدل الجنين بالاتفاق نصف عشر الدية وقد قدر ذلك بخمسمائة فعرفنا أن جميع الدية عشرة آلاف وفيه دليل على ان الحيوان لا يثبت دينا في الذمة ثبوتا صحيحا بل باعتبار صفة المالية لانه كما أوجب في الجنين عبدا أو أمة نص على مقدار المالية وهو خمسمائة وفيه دليل ان الواجب بدل نفس الجنين وان الاصل في الابدال المقدرة النفوس وان ما يجب في بدل الجنين بمنزلة ما يجب في بدل المنفصل حيا لانه قضى بذلك على العاقلة
[ 88 ]