كتاب الوليمة
الوليمةالوليمة: اسم للطعام في العرس خاصةخاصة, لا يقع هذا الاسم على غيره كذلك حكاه ابن عبد البر عن ثعلب وغيره من أهل اللغة وقال بعض الفقهاء من أصحابنا وغيرهموغيرهم: إن الوليمة تقع على كل طعام لسرور حادث إلا أن استعمالها في طعام العرس أكثر وقول أهل اللغة أقوى لأنهم أهل اللسان وهم أعرف بموضوعات اللغةاللغة, وأعلم بلسان العرب والعذيرةوالعذيرة: اسم لدعوة الختان وتسمى الإعذار والخرس والخرسةوالخرسة: عند الولادة والوكيرةوالوكيرة: دعوة البناء يقاليقال: وكر وخرس مشدد والنقيعةوالنقيعة: عند قدوم الغائبالغائب, يقاليقال: نقع مخفف والعقيقةوالعقيقة: الذبح لأجل الولد قال الشاعرالشاعر:
كل الطعام تشتهي ربيعة ** الخرس والإعذار والنقيعة
والحذاقوالحذاق: الطعام عند حذاق الصبي والمأدبةوالمأدبة: اسم لكل دعوة لسبب كانت أو لغير سبب والآدبوالآدب, صاحب المأدبة قال الشاعرالشاعر:
نحن في المشتاة ندعو الجفلي ** لا يرى الآدب منا ينتقر
والجفلي في الدعوةالدعوة: أن يعم الناس بدعوته والنقريوالنقري: هو أن يخص قوما دون قومقوم.
مسألة:
مسألة:
قالقال: [ ويستحب لمن تزوج أن يولم ولو بشاة ]
لا خلاف بين أهل العلم في أن الوليمة سنة في العرس مشروعة لما روي (أنأن النبي -{{ص}}- أمر بها وفعلها فقال لعبد الرحمن بن عوف حين قالقال: تزوجتتزوجت: أولم ولو بشاةبشاة) وقال أنسأنس: (ماما أولم رسول الله -{{ص}}- على امرأة من نسائه ما أولم على زينبزينب, جعل يبعثني فأدعو له الناس فأطعمهم خبزا ولحما حتى شبعوا وقال أنسأنس: إن رسول الله -{{ص}}- اصطفى صفية لنفسه فخرج بها حتى بلغ ثنية الصهباءالصهباء, فبنى بها ثم صنع حيسا في نطع صغير ثم قالقال: ائذن لمن حولك فكانت وليمة رسول الله -{{ص}}- على صفيةصفية) متفق عليهن ويستحب أن يولم بشاةبشاة, إن أمكنه ذلك لقول (رسولرسول الله -{{ص}}- لعبد الرحمنالرحمن: أولم ولو بشاةبشاة) وقال أنسأنس: (ماما أولم النبي -{{ص}}- على شيء من نسائه ما أولم على زينب أولم بشاةبشاة) لفظ البخاري فإن أولم بغير هذا جاز فقد أولم النبي -{{ص}}- على صفية بحيس وأولم على بعض نسائه بمدين من شعير رواه البخاريالبخاري.
فصلفصل:
وليست واجبة في قول أكثر أهل العلم وقال بعض أصحاب الشافعيالشافعي: هي واجبة لأن النبي -{{ص}}- أمر بها عبد الرحمن بن عوفعوف, ولأن الإجابة إليها واجبة فكانت واجبة ولنا أنها طعام لسرور حادث فأشبه سائر الأطعمة والخبر محمول على الاستحباب بدليل ما ذكرناهذكرناه, وكونه أمر بشاة ولا خلاف في أنها لا تجب وما ذكروه من المعنى لا أصل له ثم هو باطل بالسلامبالسلام, ليس بواجب وإجابة المسلم واجبةواجبة.
مسألة:
مسألة:
قالقال: [ وعلى من دعي أن يجيب ]
قال ابن عبد البر لا خلاف في وجوب الإجابة إلى الوليمة لمن دعي إليها إذا لم يكن فيها لهو وبه يقول مالك والشافعي والعنبريوالعنبري, وأبو حنيفة وأصحابه ومن أصحاب الشافعي من قالقال: هي من فروض الكفايات لأن الإجابة إكرام وموالاة فهي كرد السلام ولنا ما روى ابن عمر أن رسول الله -{{ص}}- قالقال: (إذاإذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتهافليأتها) وفي لفظ قالقال: قال رسول الله -{{ص}}-: (أجيبواأجيبوا هذه الدعوة إذا دعيتم إليهاإليها) وقال أبو هريرةهريرة: شر الطعام طعام الوليمة يدعى لها الأغنياء ويترك الفقراء ومن لم يجب فقد عصى الله ورسوله رواهن البخاري وهذا عامعام, ومعنى قولهقوله: شر الطعام طعام الوليمة - والله أعلم - أي طعام الوليمة التي يدعى إليها الأغنياء ويترك الفقراء ولم يرد أن كل وليمة طعامها شر الطعام فإنه لو أراد ذلك لما أمر بها ولا ندب إليهاإليها, ولا أمر بالإجابة إليها ولا فعلها ولأن الإجابة تجب بالدعوة فكل من دعي فقد وجبت عليه الإجابة
فصلفصل:
وإنما تجب الإجابة على من عين بالدعوةبالدعوة, بأن يدعو رجلا بعينه أو جماعة معينين فإن دعا الجفلي بأن يقوليقول: يا أيها الناس أجيبوا إلى الوليمة أو يقول الرسولالرسول: أمرت أن أدعو كل من لقيتلقيت, أو من شئت لم تجب الإجابة ولم تستحب لأنه لم يعين بالدعوة فلم تتعين عليه الإجابةالإجابة, ولأنه غير منصوص عليه ولا يحصل كسر قلب الداعي بترك إجابته وتجوز الإجابة بهذا لدخوله في عموم الدعاءالدعاء.
فصلفصل:
وإذا صنعت الوليمة أكثر من يوميوم, جاز فقد روى الخلال بإسناده عن أبي أنه أعرس ودعا الأنصار ثمانية أيام وإذا دعي في اليوم الأول وجبت الإجابةالإجابة, وفي اليوم الثاني تستحب الإجابة وفي اليوم الثالث لا تستحب قال أحمدأحمد: الأول يجب والثاني إن أحبأحب, والثالث فلا وهكذا مذهب الشافعي وقد روي عن النبي -{{ص}}- أنه قالقال: (الوليمةالوليمة أول يوم حق والثاني معروف والثالث رياء وسمعةوسمعة) رواه أبو داودداود, وابن ماجه وغيرهما وقاله سعيد بن المسيب أيضا ودعي سعيد إلى وليمة مرتين فأجاب فدعي الثالثةالثالثة, فحصب الرسول رواه أبو داود والخلالوالخلال.
فصلفصل:
والدعاء إلى الوليمة إذن في الدخول والأكل بدليل ما روى أبو هريرة عن النبي -{{ص}}- أنه قالقال: (إذاإذا دعي أحدكمأحدكم, فجاء مع الرسول فذلك إذن لهله) رواه أبو داود وقال عبد الله بن مسعودمسعود: إذا دعيت فقد أذن لك رواه الإمام أحمد بإسنادهبإسناده.
فصلفصل:
فإن دعاه ذمي فقال أصحابناأصحابنا: لا تجب إجابته لأن الإجابة للمسلم للإكرام والموالاة وتأكيد المودة والإخاءوالإخاء, فلا تجب على المسلم للذمي ولأنه لا يأمن اختلاط طعامهم بالحرام والنجاسة ولكن تجوز إجابتهم لما روى أنسأنس, أن يهوديا (دعادعا النبي -{{ص}}- إلى خبز شعير وإهالة سنخة فأجابهفأجابه) ذكره الإمام أحمدأحمد, في " الزهد ".
فصلفصل:
فإن دعاه رجلان ولم يمكن الجمع بينهما وسبق أحدهماأحدهما, أجاب السابق لأن إجابته وجبت حين دعاه فلم يزل الوجوب بدعاء الثاني ولم تجب إجابة الثاني لأنها غير ممكنة مع إجابة الأولالأول, فإن استويا أجاب أقربهما منه بابا لما روى أبو داود بإسناده عن النبي -{{ص}}- أنه قالقال: (إذاإذا اجتمع داعيانداعيان, فأجب أقربهما بابا فإن أقربهما جوارا فإن سبق أحدهما فأجب الذي سبقسبق) وروى البخاري بإسناده (عنعن عائشةعائشة, قالتقالت: قلتقلت: يا رسول الله إن لي جارين فإلى أيهما أهدي؟أهدي؟ قال أقربهما منك بابابابا) ولأن هذا من أبواب البر فقدم بهذه المعانيالمعاني, فإن استويا أجاب أقربهما رحما لما فيه من صلة الرحم فإن استويااستويا, أجاب أدينهما فإن استويا أقرع بينهما لأن القرعة تعين المستحق عند استواء الحقوقالحقوق.
مسألة:
مسألة:
قالقال: [ فإن لم يحب أن يطعم دعا وانصرف ]
وجملة ذلك أن الواجب الإجابة إلى الدعوة لأنها الذي أمر به وتوعد على تركهتركه, أما الأكل فغير واجب صائما كان أو مفطرا نص عليه أحمد لكن إن كان المدعو صائما صوما واجبا أجابأجاب, ولم يفطر لأن الفطر غير جائز فإن الصوم واجب والأكل غير واجب وقد روى أبو هريرة قالقال: قال رسول الله -{{ص}}-: (إذاإذا دعي أحدكم فليجبفليجب, فإن كان صائما فليدع - وإن كان مفطرا فليطعمفليطعم) رواه أبو داود وفي رواية " فليصل " يعنييعني: يدعو ودعي ابن عمر إلى وليمة فحضر ومد يده وقالوقال: بسم اللهالله, ثم قبض يده وقالوقال: كلوا فإني صائم وإن كان صوما تطوعاتطوعا, استحب له الأكل لأن له الخروج من الصوم فإذا كان في الأكل إجابة أخيه المسلم وإدخال السرور على قلبهقلبه, كان أولى وقد روي (أنأن النبي -{{ص}}- كان في دعوة ومعه جماعة فاعتزل رجل من القوم ناحيةناحية, فقالفقال: إني صائم فقال النبي -{{ص}}-: دعاكم أخوكم وتكلف لكملكم, كل ثم صم يوما مكانه إن شئتشئت) وإن أحب إتمام الصيام جاز لما روينا من الخبر المتقدمالمتقدم, ولكن يدعو لهم ويترك ويخبرهم بصيامه ليعلموا عذرهعذره, فتزول عنه التهمة في ترك الأكل وقد روى أبو حفص بإسناده عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه أجاب عبد المغيرة وهو صائم فقالفقال: إني صائمصائم, ولكني أحببت أن أجيب الداعي فأدعو بالبركة وعن عبد الله قالقال: إذا عرض على أحدكم الطعام وهو صائم فليقلفليقل: إني صائم وإن كان مفطرامفطرا, فالأولى له الأكل لأنه أبلغ في إكرام الداعي وجبر قلبه ولا يجب عليه ذلك وقال أصحاب الشافعيالشافعي: فيه وجه آخر أنه يلزمه الأكل لقول النبي -{{ص}}-: (وإنوإن كان مفطرا فليطعمفليطعم) ولأن المقصود منه الأكلالأكل, فكان واجبا ولنا قول النبي -{{ص}}-: (إذاإذا دعي أحدكم فليجب فإن شاء أكل وإن شاء تركترك) حديث صحيح ولأنه لو وجب الأكلالأكل, لوجب على المتطوع بالصوم فلما لم يلزمه الأكل لم يلزمه إذا كان مفطرا وقولهموقولهم: المقصود الأكل قلناقلنا: بل المقصود الإجابةالإجابة, ولذلك وجبت على الصائم الذي لا يأكليأكل.
فصلفصل:
إذا دعي إلى وليمة فيها معصية كالخمركالخمر, والزمر والعود ونحوه وأمكنه الإنكارالإنكار, وإزالة المنكر لزمه الحضور والإنكار لأنه يؤدي فرضين إجابة أخيه المسلم وإزالة المنكر وإن لم يقدر على الإنكارالإنكار, لم يحضر وإن لم يعلم بالمنكر حتى حضر أزاله فإن لم يقدر انصرف ونحو هذا قال الشافعي وقال مالكمالك: أما اللهو الخفيفالخفيف, كالدف والكير فلا يرجع وقاله ابن القاسم وقال أصبغأصبغ: أرى أن يرجع وقال أبو حنيفةحنيفة: إذا وجد اللعب فلا بأس أن يقعد فيأكل وقال محمد بن الحسنالحسن: إن كان ممن يقتدى به فأحب إلي أن يخرج وقال الليثالليث: إذا كان فيها الضرب بالعودبالعود, فلا ينبغي له أن يشهدها والأصل في هذا ما روى سفينة (أنأن رجلا أضافه على فصنع له طعاما فقالت فاطمةفاطمة: لو دعونا رسول الله -{{ص}}-, فأكل معنا؟معنا؟ فدعوه فجاء فوضع يده على عضادتي الباب فرأى قراما في ناحية البيتالبيت, فرجع فقالت فاطمة لعليلعلي: الحقه فقل لهله: ما رجعك يا رسول الله؟الله؟ فقالفقال: إنه ليس لي أن أدخل بيتا مزوقامزوقا) حديث حسن وروى أبو حفصحفص, بإسناده أن النبي -{{ص}}- قالقال: (منمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعد على مائدة يدار عليها الخمرالخمر) (وعنوعن نافع قالقال: كنت أسير مع عبد الله بن عمرعمر, فسمع زمارة راع فوضع أصبعيه في أذنيه ثم عدل عن الطريقالطريق, فلم يزل يقوليقول: يا نافع أتسمع؟أتسمع؟ حتى قلتقلت: لا فأخرج أصبعيه من أذنيه ثم رجع إلى الطريق ثم قالقال: هكذا رأيت رسول الله -{{ص}}- صنعصنع) رواه أبو داود والخلال ولأنه يشاهد المنكر ويسمعهويسمعه, من غير حاجة إلى ذلك فمنع منه كما لو قدر على إزالته ويفارق من له جار مقيم على المنكر والزمروالزمر, حيث يباح له المقام فإن تلك حال حاجة لما في الخروج من المنزل من الضررالضرر.
فصلفصل:
فإن رأى نقوشا وصور شجرشجر, ونحوها فلا بأس بذلك لأن تلك نقوش فهي كالعلم في الثوب وإن كانت فيه صور حيوانحيوان, في موضع يوطأ أو يتكأ عليها كالتي في البسط والوسائدوالوسائد, جاز أيضا وإن كانت على الستور والحيطان وما لا يوطأ وأمكنه حطهاحطها, أو قطع رءوسها فعل وجلس وإن لم يمكن ذلكذلك, انصرف ولم يجلس وعلى هذا أكثر أهل العلم قال ابن عبد البرالبر: هذا أعدل المذاهب وحكاه عن سعد بن أبي وقاص وسالموسالم, وعروة وابن سيرين وعطاءوعطاء, وعكرمة بن خالد وعكرمة مولى ابن عباس وسعيد بن جبير وهو مذهب الشافعيالشافعي, وكان أبو هريرة يكره التصاوير ما نصب منها وما بسط وكذلك مالك إلا أنه كان يكرهها تنزهاتنزها, ولا يراها محرمة ولعلهم يذهبون إلى عموم قول النبي -{{ص}}-: (إنإن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورةصورة) متفق عليه وروي عن ابن مسعود أنه دعي إلى طعام فلما قيل لهله: إن في البيت صورة أبى أن يذهب حتى كسرت ولنا ما روت عائشةعائشة, قالت (قدمقدم النبي -{{ص}}- من سفر وقد سترت لي سهوة بنمط فيه تصاوير فلما رآه قالقال: أتسترين الخدر بستر فيه تصاوير؟تصاوير؟ فهتكه قالتقالت: فجعلت منه منتبذتينمنتبذتين, كأني أنظر إلى رسول الله -{{ص}}- متكئا على إحداهماإحداهما) رواه ابن عبد البر ولأنها إذا كانت تداس وتبتذل لم تكن معززة ولا معظمة فلا تشبه الأصنام التي تعبد وتتخذ آلهةآلهة, فلا تكرم وما رويناه أخص مما رووه وقد روي عن (أبيأبي طلحة أنه قيل لهله: ألم يقل النبي -{{ص}}-: لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة ولا كلب؟كلب؟ قالقال: ألم تسمعه قالقال: إلا رقما في ثوب؟ثوب؟) متفق عليه وهو محمول على ما ذكرناه من أن المباح ما كان مبسوطا والمكروه منه ما كان معلقامعلقا, بدليل حديث عائشةعائشة.
فصلفصل:
فإن قطع رأس الصورة ذهبت الكراهة قال ابن عباسعباس: الصورة الرأس فإذا قطع الرأس فليس بصورة وحكي ذلك عن عكرمة وقد روي عن أبي هريرة قالقال: قال رسول الله -{{ص}}-: (أتانيأتاني جبريلجبريل, فقالفقال: أتيتك البارحة فلم يمنعني أن أكون دخلت إلا أنه كان على الباب تماثيل وكان في البيت ستر فيه تماثيلتماثيل, وكان في البيت كلب فمر برأس التمثال الذي على الباب فيقطع فيصير كهيئة الشجرالشجر, ومر بالستر فلتقطع منه وسادتان منبوذتان يوطآن ومر بالكلب فليخرج ففعل رسول الله -{{ص}}-) وإن قطع منه ما لا يبقى الحيوان بعد ذهابه كصدره أو بطنهبطنه, أو جعل له رأس منفصل عن بدنه لم يدخل تحت النهي لأن الصورة لا تبقى بعد ذهابهذهابه, فهو كقطع الرأس وإن كان الذاهب يبقى الحيوان بعده كالعين واليد والرجل فهو صورة داخلة تحت النهي وكذلك إذا كان في ابتداء التصوير صورة بدن بلا رأسرأس, أو رأس بلا بدن أو جعل له رأس وسائر بدنه صورة غير حيوان لم يدخل في النهي لأن ذلك ليس بصورة حيوانحيوان.
فصلفصل:
فأما دخول منزل فيه صورةصورة, فليس بمحرم وإنما أبيح ترك الدعوة من أجله عقوبة للداعي بإسقاط حرمته لإيجاده المنكر في داره ولا يجب على من رآه في منزل الداعي الخروجالخروج, في ظاهر كلام أحمد فإنه قال في رواية الفضل بن زياد إذا رأى صورا على السترالستر, لم يكن رآها حين دخل؟دخل؟ قالقال: هو أسهل من أن يكون على الجدار قيلقيل: فإن لم يره إلا عند وضع الخوان بين أيديهم أيخرج؟أيخرج؟ فقالفقال: لا تضيق علينا ولكن إذا رأى هذا وبخهم ونهاهم يعني لا يخرج وهذا مذهب مالك فإنه كان يكرهها تنزهاتنزها, ولا يراها محرمة وقال أكثر أصحاب الشافعيالشافعي: إذا كانت الصور على الستور أو ما ليس بموطوء لم يجز له الدخول لأن الملائكة لا تدخلهتدخله, ولأنه لو لم يكن محرما لما جاز ترك الدعوة الواجبة من أجله ولنا ما روي (أنأن النبي -{{ص}}- دخل الكعبة فرأى فيها صورة إبراهيم وإسماعيل يستقسمان بالأزلامبالأزلام, فقالفقال: قاتلهم الله لقد علموا أنهما ما استقسما بها قطقط) رواه أبو داود وما ذكرنا من خبر عبد الله أنه دخل بيتا فيه تماثيل وفي شروط عمر رضي الله عنه على أهل الذمةالذمة: أن يوسعوا أبواب كنائسهم وبيعهموبيعهم, ليدخلها المسلمون للمبيت بها والمارة بدوابهم وروى ابن عائذ في " فتوح الشام ", أن النصارى صنعوا لعمر رضي الله عنه حين قدم الشام طعاماطعاما, فدعوه فقالفقال: أين هو؟هو؟ قالواقالوا: في الكنيسة فأبى أن يذهبيذهب, وقال لعليلعلي: امض بالناس فليتغدوا فذهب علي رضي الله عنه بالناس فدخل الكنيسةالكنيسة, وتغدى هو والمسلمون وجعل على ينظر إلى الصور وقالوقال: ما على أمير المؤمنين لو دخل فأكلفأكل, وهذا اتفاق منهم على إباحة دخولها وفيها الصور ولأن دخول الكنائس والبيع غير محرم فكذلك المنازل التي فيها الصورالصور, وكون الملائكة لا تدخله لا يوجب تحريم دخوله علينا كما لو كان فيه كلب ولا يحرم علينا صحبة رفقة فيها جرسجرس, مع أن الملائكة لا تصحبهم وإنما أبيح ترك الدعوة من أجله عقوبة لفاعله وزجرا له عن فعلهفعله, والله أعلمأعلم.
فصلفصل:
فأما ستر الحيطان بستور غير مصورة فإن كان لحاجة من وقاية حر أو برد فلا بأس به لأنه يستعمله في حاجته فأشبه الستر على البابالباب, وما يلبسه على بدنه وإن كان لغير حاجة فهو مكروهمكروه, وعذر في الرجوع عن الدعوة وترك الإجابة بدليل ما روى سالم بن عبد الله بن عمر قالقال: أعرست في عهد أبي فآذن أبي الناس فكان أبو أيوب فيمن آذنآذن, وقد ستروا بيتي بخباء أخضر فأقبل أبو أيوب مسرعا فاطلعفاطلع, فرأى البيت مستترا بخباء أخضر فقالفقال: يا عبد الله أتسترون الجدر؟الجدر؟ فقال أبي واستحياواستحيا: غلبتنا النساء يا أبا أيوب فقالفقال: من خشيت أن يغلبه النساءالنساء, فلم أخش أن يغلبنك ثم قالقال: لا أطعم لكم طعاما ولا أدخل لكم بيتا ثم خرج رواه الأثرم وروي عن عبد الله بن يزيد الخطميالخطمي, أنه دعي إلى طعام فرأى البيت منجدا فقعد خارجا وبكىوبكى, قيل لهله: ما يبكيك؟يبكيك؟ قالقال: إن رسول الله -{{ص}}- رأى رجلا قد رقع بردة له بقطعة أدم فقالفقال: (تطالعتتطالعت عليكم الدنيا ثلاثا ثم قالقال: أنتم اليوم خير أم إذا غدت عليكم قصعة وراحت أخرىأخرى, ويغدوا أحدكم في حلة ويروح في أخرى وتسترون بيوتكم كما تستر الكعبة؟الكعبة؟ قال عبد اللهالله: أفلا أبكي وقد بقيت حتى رأيتكم تسترون بيوتكم كما تستر الكعبة؟الكعبة؟) وقد روى الخلالالخلال, بإسناده عن ابن عباس وعلي بن الحسين عن النبي -{{ص}}- (أنهأنه نهى أن تستر الجدرالجدر) وروت عائشة (أنأن النبي -{{ص}}- لم يأمر فيما رزقنا أن نستر الجدرالجدر) إذا ثبت هذاهذا, فإن ستر الحيطان مكروه غير محرم وهذا مذهب الشافعي إذ لم يثبت في تحريمه دليل وقد فعله ابن عمر وفعل في زمن الصحابة رضي الله عنهمعنهم, وإنما كره لما فيه من السرف كالزيادة في الملبوس والمأكول وقد قيلقيل: هو محرم للنهي عنه والأول أولى فإن النهي لم يثبتيثبت, ولو ثبت الحمل على الكراهة لما ذكرناهذكرناه.
فصلفصل:
وسئل أحمد عن الستور فيها القرآن؟القرآن؟ فقالفقال: لا ينبغي أن يكون شيئا معلقا فيه القرآن يستهان به ويمسح به قيل لهله: فيقلع؟فيقلع؟ فكره أن يقلع القرآنالقرآن, وقالوقال: إذا كان ستر فيه ذكر الله تعالى فلا بأس به وكره أن يشتري الثوب فيه ذكر الله مما يجلس عليه أو يداسيداس.
فصلفصل:
قيل لأبي عبد اللهالله: الرجل يكتري البيت فيه تصاويرتصاوير, ترى أن يحكها؟يحكها؟ قالقال: نعم قال المروذيالمروذي: قلت لأبي عبد اللهالله: دخلت حماما فرأيت صورة أترى أن أحك الرأس؟الرأس؟ قالقال: نعم إنما جاز ذلك لأن اتخاذ الصورة منكرمنكر, فجاز تغييرها كآلة اللهو والصليب والصنموالصنم, ويتلف منها ما يخرجها عن حد الصورة كالرأس ونحوه لأن ذلك يكفي قال أحمدأحمد: ولا بأس باللعب ما لم تكن صورة لما روي عن عائشة قالتقالت: (دخلدخل على رسول الله -{{ص}}- وأنا ألعب باللعبباللعب, فقالفقال: ما هذا يا عائشة؟عائشة؟ فقلتفقلت: هذه خيل سليمان فجعل يضحكيضحك) رواه مسلم بنحوهبنحوه.
فصلفصل:
والدف ليس بمنكر لما ذكرنا من الأحاديث فيه وأمر النبي -{{ص}}- به في النكاح وروت عائشة (أنأن أبا بكر دخل عليها وعندها جاريتان في أيام منى تدفان وتضربانوتضربان, والنبي -{{ص}}- متغش بثوبه فانتهرهما أبو بكر فكشف النبي -{{ص}}- عن وجههوجهه, فقالفقال: دعهما يا أبا بكر فإنها أيام عيدعيد) متفق عليهعليه.
فصلفصل:
وإن علم أن عند أهل الوليمة منكرا لا يراه ولا يسمعهيسمعه, لكونه بمعزل عن موضع الطعام أو يخفونه وقت حضوره فله أن يحضر ويأكل نص عليه أحمد وله الامتناع من الحضور في ظاهر كلامه فإنه سئل عن الرجل يدعى إلى الختان أو العرسالعرس, وعنده المخنثون فيدعوه بعد ذلك بيوم أو ساعة وليس عنده أولئك؟أولئك؟ قالقال: أرجو أن لا يأثم إن لم يجبيجب, وإن أجاب فأرجو أن لا يكون آثما فأسقط الوجوب لإسقاط الداعي حرمة نفسه باتخاذ المنكر ولم يمنع الإجابة لكون المجيب لا يرى منكرا ولا يسمعه وقال أحمدأحمد: إنما تجب الإجابة إذا كان المكسب طيبا ولم ير منكرا فعلى قوله هذاهذا, لا تجب إجابة من طعامه من مكسب خبيث لأن اتخاذه منكر والأكل منه منكر فهو أولى بالامتناعبالامتناع, وإن حضر لم يسغ له الأكل منهمنه.
مسألة:
مسألة:
قالقال: [ ودعوة الختان لا يعرفها المتقدمون ولا على من دعي إليها أن يجيب وإنما وردت السنة في إجابة من دعي إلى وليمة تزويج ]
يعني بالمتقدمين أصحاب رسول الله -{{ص}}- اللذين يقتدى بهم وذلك لما روي (أنأن عثمان بن أبي العاصالعاص, دعي إلى ختان فأبى أن يجيب فقيل له؟له؟ فقالفقال: إنا كنا لا نأتي الختان على عهد رسول الله -{{ص}}- ولا ندعى إليهإليه) رواه الإمام أحمد بإسنادهبإسناده, إذا ثبت هذا فحكم الدعوة للختان وسائر الدعوات غير الوليمة أنها مستحبة لما فيها من إطعام الطعام والإجابة إليها مستحبة غير واجبة وهذا قول مالكمالك, والشافعي وأبي حنيفة وأصحابه وقال العنبريالعنبري: تجب إجابة كل دعوة لعموم الأمر به فإن ابن عمر روى عن النبي -{{ص}}- أنه قالقال: (إذاإذا دعا أحدكم أخاه فليجبه عرسا كان أو غير عرسعرس) أخرجه أبو داود ولناولنا, أن الصحيح من السنة إنما ورد في إجابة الداعي إلى الوليمة وهي الطعام في العرس خاصة كذلك قال الخليلالخليل, وثعلب وغيرهما من أهل اللغة وقد صرح بذلك في بعض روايات ابن عمر عن رسول الله -{{ص}}- أنه قالقال: (إذاإذا دعي أحدكم إلى وليمة عرس فليجبفليجب) رواه ابن ماجهماجه, وقال عثمان بن أبي العاصالعاص: (كناكنا لا نأتي الختان على عهد رسول الله -{{ص}}- ولا ندعى إليهإليه) ولأن التزويج يستحب إعلانه وكثرة الجمع فيه والتصويتوالتصويت, والضرب بالدف بخلاف غيره فأما الأمر بالإجابة إلى غيره فمحمول على الاستحباب بدليل أنه لم يخص به دعوة ذات سبب دون غيرهاغيرها, وإجابة كل داع مستحبة لهذا الخبر ولأن فيه جبر قلب الداعي وتطييب قلبهقلبه, وقد دعي أحمد إلى ختان فأجاب وأكل فأما الدعوة في حق فاعلها فليست لها فضيلة تختص بها لعدم ورود الشرع بهابها, ولكن هي بمنزلة الدعوة لغير سبب حادث فإذا قصد فاعلها شكر نعمة الله عليه وإطعام إخوانهإخوانه, وبذل طعامه فله أجر ذلك -إن شاء الله تعالى-.
مسألة:
مسألة:
قالقال: [ والنثار مكروه لأنه شبه النهبةالنهبة, وقد يأخذه من غيره أحب إلى صاحب النثار منه ]
اختلفت الرواية عن أحمد في النثار والتقاطه فروي أن ذلك مكروه في العرس وغيره وروي ذلك عن أبي مسعود البدري وعكرمة وابن سيرين وعطاءوعطاء, وعبد الله بن يزيد الخطمي وطلحة وزبيد اليامي وبه قال مالكمالك, والشافعي وروي عن أحمد رواية ثانيةثانية: ليس بمكروه اختارها أبو بكر وهو قول الحسنالحسن, وقتادة والنخعي وأبي حنيفةحنيفة, وأبي عبيد وابن المنذر لما روى عبد الله بن قرط قالقال: (قربقرب إلى رسول الله -{{ص}}- خمس بدنات أو ستست, فطفقن يزدلفن إليه بأيتهن يبدأ فنحرها رسول الله -{{ص}}- وقال كلمة لم أسمعها فسألت من قرب منهمنه, فقالفقال: قالقال: من شاء اقتطعاقتطع) رواه أبو داود وهذا جار مجرى النثار وقد روي (أنأن النبي -{{ص}}- دعي إلى وليمة رجل من الأنصار ثم أتوا بنهب فأنهب عليه قال الراويالراوي: ونظرت إلى رسول الله -{{ص}}- يزاحم الناس أو نحو ذلك قلتقلت: يا رسول الله -{{ص}}- أوما نهيتنا عن النهبة؟النهبة؟ قالقال: نهيتكم عن نهبة العساكرالعساكر) ولأنه نوع إباحة فأشبه إباحة الطعام للضيفان ولنا ما روي عن النبي -{{ص}}- أنه قالقال: (لالا تحل النهبى والمثلةوالمثلة) رواه البخاري وفي لفظ (, أن النبي -{{ص}}- نهى عن النهبى والمثلةوالمثلة) ولأن فيه نهبانهبا, وتزاحما وقتالا وربما أخذه من يكره صاحب النثارالنثار, لحرصه وشرهه ودناءة نفسه ويحرمه من يحب صاحبه لمروءته وصيانة نفسه وعرضه والغالب هذاهذا, فإن أهل المروآت يصونون أنفسهم عن مزاحمة سفلة الناس على شيء من الطعام أو غيره ولأن في هذا دناءة والله يحب معالي الأمورالأمور, ويكره سفسافها فأما خبر البدنات فيحتمل أن النبي -{{ص}}- علم أنه لا نهبة في ذلك لكثرة اللحم وقلة الآخذين أو فعل ذلك لاشتغاله بالمناسك عن تفريقها وفي الجملة فالخلاف إنما هو في كراهية ذلكذلك, وأما إباحته فلا خلاف فيها ولا في الالتقاط لأنه نوع إباحة لماله فأشبه سائر الإباحاتالإباحات.
مسألة:
مسألة:
قالقال: [ فإن قسم على الحاضرينالحاضرين, فلا بأس بأخذه ]
كذا روي عن أبي عبد الله -رحمه الله- أن بعض أولاده حذق فقسم على الصبيان الجوز أما إذا قسم على الحاضرين ما ينثر مثل اللوزاللوز, والسكر وغيره فلا خلاف في أن ذلك حسنحسن, غير مكروه وقد روي عن أبي هريرة قالقال: (قسمقسم النبي -{{ص}}- يوما بين أصحابه تمرا فأعطى كل إنسان سبع تمراتتمرات, فأعطاني سبع تمرات إحداهن حشفة لم تكن فيهن تمرة أعجب إلي منها شدت إلى مضاغيمضاغي) رواه البخاري وكذلك إن وضعه بين أيديهمأيديهم, وأذن لهم في أخذه على وجه لا يقع تناهب فلا يكره أيضا قال المروذيالمروذي: سألت أبا عبد الله عن الجوز ينثر؟ينثر؟ فكرهه وقالوقال: يعطون يقسم عليهم وقال محمد بن علي بن بحربحر: سمعت حسن أم ولد أحمد بن حنبل تقولتقول: لما حذق ابني حسنحسن, قال لي مولايمولاي: حسن لا تنثري عليه فاشترى تمرا وجوزا فأرسله إلى المعلمالمعلم, قالتقالت: وعملت أنا عصيدة وأطعمت الفقراء فقالفقال: أحسنت أحسنت وفرق أبو عبد الله على الصبيان الجوزالجوز, لكل واحد خمسة خمسةخمسة.
فصلفصل:
ومن حصل في حجره شيء من النثار فهو له غير مكروه لأنه مباح حصل في حجره فملكه كما لو وثبت سمكة من البحر فوقعت في حجرهحجره, وليس لأحد أن يأخذه من حجره لما ذكرناهذكرناه.
فصلفصل:
ولا بأس أن يخلط المسافرون أزوادهم ويأكلوا جميعا وإن بعضهم أكثر من بعض فلا بأس وقد كان السلف يتعاهدون في الغزو والحج ويفارق النثار فإنه يؤخذ بنهب وتسالب وتجاذب بخلاف هذاهذا.
فصلفصل:
في آداب الطعام يستحب غسل اليدين قبل الطعام وبعدهوبعده, وإن كان على وضوء قال المروذيالمروذي: رأيت أبا عبد الله يغسل يديه قبل الطعام وبعده وإن كان على وضوء وقد روي عن النبي -{{ص}}- أنه قالقال: (منمن أحب أن يكثر خير بيتهبيته, فليتوضأ إذا حضر غداؤه وإذا رفعرفع) رواه ابن ماجه وروى أبو بكر بإسناده عن الحسن بن علي أن النبي -{{ص}}- قالقال: (الوضوءالوضوء قبل الطعام ينفي الفقر وبعده ينفي اللمماللمم) يعني به غسل اليدين وقال النبي -{{ص}}-: (منمن نام وفي يده ريح غمرغمر, فأصابه شيء فلا يلومن إلا نفسهنفسه) رواه أبو داود ولا بأس بترك الوضوء لما روى أبو هريرة (أنأن النبي -{{ص}}- خرج من الغائط فأتى بطعامبطعام, فقال رجلرجل: يا رسول الله ألا آتيك بوضوء؟بوضوء؟ قالقال: لا أريد الصلاةالصلاة) رواه ابن ماجه وعن جابر قالقال: (أقبلأقبل رسول الله -{{ص}}- من شعب الجبل وقد قضى حاجتهحاجته, وبين أيدينا تمر على ترس أو جحفة فدعوناه فأكل معنا وما مس ماءماء) رواه أبو داود وروي عنه (أنهأنه كان يحتز من كتف شاة في يدهيده, فدعي إلى الصلاة فألقاها من يده ثم قام فصلىفصلى, ولم يتوضأيتوضأ) رواه البخاري ولا بأس بتقطيع اللحم بالسكين لهذا الحديث وقال مهنامهنا: سألت أحمد عن حديث يروى عن النبي -{{ص}}-: (لالا تقطعوا اللحم بالسكين فإنه من صنع الأعاجمالأعاجم, وانهشوه نهشا فإنه أهنأ وأمرأوأمرأ) قالقال: ليس بصحيح واحتج بهذا الحديث الذي ذكرناهذكرناه.
فصلفصل:
وتستحب التسمية عند الأكل وأن يأكل بيمينه مما يليه لما روى عمر بن أبي سلمة قالقال: (كنتكنت يتيما في حجر رسول الله -{{ص}}- فكانت يدي تطيش في الصحفة فقال لي النبي -{{ص}}-: يا غلامغلام, سم الله وكل بيمينك وكل مما يليكيليك) متفق عليه وعن ابن عمر عن النبي -{{ص}}- قالقال: (إذاإذا أكل أحدكم فليأكل بيمينهبيمينه, فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشمالهبشماله) رواه مسلم وعن عائشة أن رسول الله -{{ص}}- قالقال: (إذاإذا أكل أحدكم فليذكر اسم اللهالله, فإن نسي أن يذكر اسم الله في أوله فليقلفليقل: بسم الله أوله وآخره وكان رسول الله -{{ص}}- جالسا ورجل يأكل فلم يسم حتى لم يبق من طعامه إلا لقمة فلما رفعها إلى فيه قالقال: بسم الله أوله وآخره فضحك النبي -{{ص}}- ثم قالقال: ما زال الشيطان يأكل معهمعه, فلما ذكر اسم الله قاء ما في بطنهبطنه) رواهن أبو داود وعن عكراش بن ذؤيب قالقال: (أتيأتي النبي -{{ص}}- بجفنة كثيرة الثريد والودك فأقبلنا نأكل فخبطت يدي في نواحيهانواحيها, فقالفقال: يا عكراش كل من موضع واحد فإنه طعام واحد ثم أتينا بطبق فيه ألوان الرطب فجالت يد رسول الله -{{ص}}- في الطبقالطبق, وقالوقال: يا عكراش كل من حيث شئت فإنه غير لون واحدواحد) رواه ابن ماجه ولا يأكل من ذروة الثريد لما روى ابن عباسعباس, عن النبي -{{ص}}- أنه قالقال: (إذاإذا أكل أحدكم طعاما فلا يأكل من أعلى الصحفة ولكن ليأكل من أسفلهاأسفلها, فإن البركة تنزل من أعلاهاأعلاها) وفي حديث آخرآخر: (كلواكلوا من جوانبها ودعوا ذروتها يبارك فيهافيها) رواهما ابن ماجهماجه.
فصلفصل:
ويستحب الأكل بالأصابع الثلاثالثلاث, ولا يمسح يده حتى يلعقها قال مثنىمثنى: سألت أبا عبد الله عن الأكل بالأصابع كلها؟كلها؟ فذهب إلى ثلاث أصابع فذكرت له الحديث الذي يروى عن النبي -{{ص}}- أنه كان يأكل بكفه كلها فلم يصححه ولم ير إلا ثلاث أصابع وقد روى كعب بن مالكمالك, قالقال: (كانكان رسول الله يأكل بثلاث أصابع ولا يمسح يده حتى يلعقهايلعقها) رواه الخلال بإسنادهبإسناده.
ويكره الأكل متكئا لما روى أبو جحيفة أن رسول الله -{{ص}}- قالقال: (لالا آكل متكئامتكئا) رواه البخاري ولا يمسح يده بالمنديل حتى يلعقها لما رويناروينا, ولما روي عن ابن عباس عن النبي -{{ص}}- قالقال: (إذاإذا أكل أحدكم طعاما فلا يمسح يده حتى يلعقها أو يلعقهايلعقها) رواه أبو داود وعن نبيشة قالتقالت: قال رسول الله -{{ص}}- (منمن أكل في قصعة فلحسهافلحسها, استغفرت له القصعةالقصعة) رواه الترمذي وعن جابر قالقال: قال رسول الله -{{ص}}-: (إذاإذا وقعت اللقمة من يد أحدكم فليمسح ما عليها من الأرض وليأكلهاوليأكلها) رواه ابن ماجهماجه.
فصلفصل:
ويحمد الله تعالى إذا فرغ لقول رسول الله -{{ص}}-: (إنإن الله ليرضى من العبد أن يأكل الأكلةالأكلة, أو يشرب الشربة فيحمده عليهاعليها) رواه مسلم وعن أبي سعيد قالقال: (كانكان النبي -{{ص}}- إذا أكل طعاماطعاما, قالقال: الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وجعلنا مسلمينمسلمين) رواه أبو داود وعن أبي أمامةأمامة, عن النبي -{{ص}}- (أنهأنه كان يقول إذا رفع طعامه الحمد لله كثيرا مباركا فيه غير مكفيمكفي, ولا مودع ولا مستغنى عنه ربناربنا) وعن معاذ بن أنس الجهنيالجهني, عن رسول الله -{{ص}}- قالقال: (منمن أكل طعاما فقالفقال: الحمد لله الذي أطعمني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوةقوة, غفر له ما تقدم من ذنبهذنبه) رواهن ابن ماجه وروي (أنأن النبي -{{ص}}- أكل طعاما هو وأبو بكر وعمر ثم قالقال: من قال في أولهأوله: بسم اللهالله, وبركة الله وفي آخرهآخره: الحمد لله الذي أطعم وأروى وأنعم وأفضل فقد أدى شكرهشكره).
ويستحب الدعاء لصاحب الطعام لما روى جابر بن عبد الله قالقال: صنع أبو الهيثم للنبي -{{ص}}- وأصحابه طعاما فدعا النبي -{{ص}}- وأصحابهوأصحابه, فلما فرغ قالقال: " أثيبوا صاحبكم " قالواقالوا: يا رسول الله وما إثابته؟إثابته؟ قالقال: (إنإن الرجل إذا دخل بيته وأكل طعامهطعامه, وشرب شرابه فدعوا له فذلك إثابتهإثابته) وعن أنسأنس, أن النبي -{{ص}}- جاء إلى سعد بن عبادة قالقال: فجاء بخبز وزيت فأكلفأكل, ثم قال النبي -{{ص}}-: (أفطرأفطر عندكم الصائمون وأكل طعامكم الأبرار وصلت عليكم الملائكةالملائكة) رواهما أبو داودداود.
فصلفصل:
قال محمد بن يحيىيحيى: قلت لأبي عبد اللهالله: الإناء يؤكل فيهفيه, ثم تغسل فيه اليد؟اليد؟ فقالفقال: لا بأس وقيل لأبي عبد اللهالله: ما تقول في غسل اليد بالنخالة؟بالنخالة؟ فقالفقال: لا بأس به نحن نفعله واستدل الخطابي على جواز ذلك بما روى أبو داود بإسناده عن رسول الله -{{ص}}- (أنهأنه أمر امرأة أن تجعل مع الماء ملحاملحا, ثم تغسل به الدم من حيضةحيضة) والملح طعام ففي معناه ما أشبهه والله أعلمأعلم.
[[تصنيف:المغني]]
|