الفرق بين المراجعتين لصفحة: «مغامرات حاجي بابا الإصفهاني/35»

تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
إضافة ترجمة فصل جديد
(لا فرق)

نسخة 16:58، 15 مارس 2020

خطأ لوا في وحدة:Header على السطر 208: attempt to concatenate a nil value.


نجم النحس ينقلب إلى نجم سعد فيرقي حاجي بابا إلى نائب رئيس ‏الجلادين

كان خروفان سمينان حملناهما على ظهر بغلنا الهدية الوحيدة التي أحضرناها لرئيسنا. ‏وحالما وصلنا إلى المعسكر توجهنا فوراً إلى النائب الذي أخذنا إلى الرئيس، وكان جالساً في ‏خيمته يتحدث مع بعض أصدقائه. فقال مخاطباً شير علي:‏

‏«طيب، ماذا فعلتما؟ ماذا أحضرتم، أهي الحنطة أو المختار؟»‏

فأجابه شير علي: «أستأذن بالكلام لخدمتكم، لا هذا ولا ذاك. أرسل مختار كج سوار خروفين ‏لنطرحهما عند قدميك؛ وقد رأينا بأم أعيننا أنه لم يبق لديهم شيء، ولا حتى أرواحهم، فقد نهبت ‏كل ممتلكاتهم بالكامل. بل على العكس، إن لم ترسل إليهم معونات من الأغذية فسيأكلون ‏بعضهم.»‏

فصاح الخان: «ماذا تقول! إن كان عندهم خراف، فعندهم أغنام، فكيف لم تحسب ذلك؟»‏

فقال شير علي: «هذا صحيح، وكل ما تقوله حق. ولكنك سألتنا عن الحنطة لا عن الأغنام.»‏

فسأله الرئيس: «ولماذا إذن لم تمتثل لأوامرك ولم تحضر معك المختار وأعيان القرية؟ لو ‏كنت أنا هناك لشويت الأوغاد أحياءً وربطتهم كما يربط الجمل‎1‎‏ حتى يعترفوا بما يملكون. ‏أجب، لماذا لم تحضرهم معك؟»‏

فردّ شير علي وهو ينظر إلي مستنجداً: «نوينا أن نحضرهم معنا. نعم، ربطناهم ووثقناهم ‏كلهم وأردنا كثيراً أن نحضرهم معنا، كما ضربناهم وشتمناهم. حاجي بابا يعرف هذا كله، فقد قال ‏لهم أنه لو لم يكن معهم نقود لن يلقوا أي رحمة. ولم يكن في قلوبنا أي رحمة، فهم يعرفون أن ‏خاننا نسقجي باشي رجل مشهور بشجاعته وتصميمه، ومتى وقعوا في قبضته ينتهي أمرهم. نعم، ‏قلنا لهم كل هذا فكادوا يغوصون في التراب.»‏

فقال الخان: «ماذا يقول يا حاجي بابا؟ لم أفهم لماذا لم تحضروا هؤلاء الناس إلي؟»‏

فأجبته بكامل التواضع: «في الحقيقة، يا خان، أنا أيضاً لا أفهم. كل الأمور كانت بيد نائبك ‏شير علي بيك، وأنا كنت تحت أمره، فأنا لا شيء.»‏

وهنا استشاط الخان غضباً وأمطرنا بكل كلمات الشتم والتوبيخ التي خطرت له، وقال ‏لأصدقائه: «واضح أن هذين النذلين يلعبان لعبة قذرة.» ثم التفت إلى شير علي وسأله: «قل لي ‏بروحي وبملح الشاه، كم قبضت لنفسك؟» ثم خاطبني قائلاً: «وأنت يا آغا حاجي، لم يمض على ‏تعيينك شهر، فكم أمنت لجيبك؟»‏

عبثاً حاولنا إثبات براءتنا وحلفنا أن هؤلاء الفقراء ليس لديهم ما يمكن أن يكسبه المرء منهم: ‏لم يصدقنا أحد. وانتهى الأمر بأن اقتادونا من الخيمة بصحبة النائب الذي أمر بحبسنا حتى ‏إحضار أعيان القرية للتحقيق معهم ومعنا في مجريات الأحداث.‏

وعندما بقينا على انفراد مع شير علي حاول على الفور تقاسم غنيمته معي وعرض علي ‏نصفها. فأجبته: «لا يا صديقي، فقد فات الأوان. إذا شربت الخمر الذي حرمه الله واستمتعت به ‏فأصابك منه صداع فلا شيء يدعو إلى أن تصدعني معك. تلقيت منك درساً، وهذا يكفيني ‏ويزيد.»‏

فطلب عندئذ أن أعده بدعمه أثناء التحقيق وأن أحلف بصحة كل ما يقوله وتكذيب المختار، ‏ولكني كنت أدرك جيداً عواقب مثل هذا التصرف. وقال لي أنه لو حكم عليه بالفلقة فلن يبقى ‏بعدها حياً لأنه لم يكن يرحم أقدام الناس ولا يتوقع الآن منهم أن يرحموه إذا وقع بين أيديهم، ‏وحلف أنه مستعد لفعل أي شيء ليتجنب الفلقة.‏

وعندما استدعونا مرة ثانية للمثول أمام رئيسنا لم يجدوا شير علي في أي مكان، فقد هرب. ‏وعندما استجوبوني لم يكن لدي ما أقوله إلا أنه كان يخاف الفلقة، ولهذا أعتقد أنه قرر الفرار.‏

وعندما مثلت أمام رئيسي خلال التحقيق أعلن رجال كج سوار بصوت واحد أنني لم أبتزهم ‏ولم آخذ منهم شيئاً، بل بالعكس كنت أقنعهم أن يرسلوا تقدمة سخية إلى الخان. وصبوا كل ‏شكاويهم ضد شير علي، ووصفوه بأنه وضع اللمسة الأخيرة على بؤسهم وسلخ عنهم تلك الجلدة ‏الرقيقة التي بدأت تغطي جراحهم القديمة.‏

كل هذا كان لصالحي ويمهد الطريق لترقيتي. تسربت القصة إلى المخيم وصارت حديث ‏الناس، فأصبحتُ مثالاً للحصافة والاعتدال، فكان بعضهم يقول: «هذا لأنه كان طبيباً، فالحكمة ‏خير من الثروة.» ويعقب آخر: «إنه يعرف عواقب الأمور، ولن يكون قدماه حيث يجب أن يكون ‏رأسه.»‏

وبذلك اكتسبت سمعة رجل ذكي وحذر بفضل الظروف التي انقلبت لصالحي، ولم أخسر شيئاً ‏من كون الناس يعتبرونني شخصاً ذا طالع جيد ونجم سعيد.‏

وبنتيجة هذه الجزئية من تاريخي تعينت في منصب صاحبي الفار فأصبحت نائب رئيس ‏الجلادين في بلاد فارس، الرجل الذي كان له حظوة كبيرة مهما كان رأي القارئ الكريم بشخصه.‏

هوامش

  1. ‎يربط الجمل بثني إحدى ‏قائمتيه الأماميتين وتثبيتها كيلا يستطيع الابتعاد عن مرتعه.‏‎