الفرق بين المراجعتين لصفحة: «مجموع الفتاوى/المجلد السادس/فصل: رد فحول النظار حجج النفاة لحلول الحوادث»

تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
Obaydb (نقاش | مساهمات)
استيراد تلقائي للمقالات - كتابة على الأعلى
لا ملخص تعديل
وسوم: تحرير مرئي تحرير من المحمول تعديل ويب محمول
سطر 107:
وكذلك {الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}، فإن الرحمن الرحيم، هو الذي يرحم العباد بمشيئته وقدرته، فإن لم يكن له رحمة إلا نفس إرادة قديمة، أو صفة أخرى قديمة، لم يكن موصوفًا بأنه يرحم من يشاء، ويعذب من يشاء. قال الخليل: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ الله يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ الله عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ يُعَذِّبُُ مَن يَشَاء وَيَرْحَمُ مَن يَشَاء وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ} <ref>[العنكبوت: 20، 21]</ref>، فالرحمة ضد التعذيب، والتعذيب فعله، وهو يكون بمشيئته، كذلك الرحمة تكون بمشيئته، كما قال: {وَيَرْحَمُ مَن يَشَاء}. والإرادة القديمة اللازمة لذاته أو صفة أخرى لذاته ليست بمشيئته؛فلا تكون الرحمة بمشيئته.
 
وإن قيل: ليس بمشيئته إلا المخلوقات المباينة، لزم ألاَّ تكون صفة للرب بل تكون مخلوقة له، وهو إنما يتصف بما يقوم به لا يتصف بالمخلوقات، فلا يكون هو {برَّحًمنٌالرحمٰن برَّحٌيمٌالرحيمٌ}وقد ثبت في الصحيحين عن النبي {{صل}} أنه قال: «لما قضى الله الخلق كتب في كتاب، فهو موضوع عنده فوق العرش: إن رحمتي تغلب غضبي»، وفي رواية: «تسبق غضبي». وما كان سابقًا لما يكون بعده لم يكن إلا بمشيئة الرب وقدرته.
 
ومن قال: ما ثم رحمة إلا إرادة قديمة أو ما يشبهها، امتنع أن يكون له غضب مسبوق بها، فإن الغضب إن فسر بالإرادة، فالإرادة لم تسبق نفسها، وكذلك إن فسر بصفة قديمة العين، فالقديم لا يسبق بعضه بعضًا، وإن فسر بالمخلوقات لم يتصف برحمة ولا غضب، وهو قد فرق بين غضبه وعقابه بقوله: {فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ الله عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} <ref>[النساء: 93]</ref>، وقوله: {وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِالله ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ الله عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا} <ref>[الفتح: 6]</ref>، وفي الحديث الذي رواه الإمام أحمد عن النبي {{صل}}، أنه كان يقول: «أعوذ بكلمات الله التامات من غضبه وعقابه، ومن شر عباده، ومن هَمَزَات الشياطين وأن يحضرون».