الفرق بين المراجعتين لصفحة: «رسالة محمد الفاتح إلى الأشرف إينال لتبشيره بفتح القسطنطينية»

تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
سطر 15:
{{بيت|فكأنَّها حصفٌ على الخدَّ الأغرِّ|وكأنَّها كلفٌ على وجهِ القمرِ}}
{{نهاية قصيدة}}
وهي مُحصَّنةٌ صعب المرام شامخة الأركان راسخة البُنيان مملوءة من المُشركين الشُجعان خذ لهم أينما كا نوا وهم مُستكبرون على أهل الشُرك والطُغيان، وحصنٌ مُحصَّنٌ مُسددٌ مُشددٌ مُشيَّدٌ مُنسَّقُ النظام ما ظفر به أسلافُنا العظام هؤلاء السلاطين الأساطين الفخام مع أنهم جاهدوا حقَّ الجهاد ولم ينالوا بها نيلًا، وهي قلعةٌ عظيمةٌ مُشتهرةٌ في ألسنة الأرض بإسم القُسطنطينيَّة ولا يبعدُ من أن تكون هي التي نطق بها صحاح الأحاديث النبويَّة والأخبار المصطفويَّة عليه وعلى آله أتمَّ الصلاة والتحيَّة. فيفتحون قُسطنطينيَّة فبينما هم يقتسمون الغنايم قد علقوا سيوفهم بالزيتون... الحديث؛ وغير هذا من الصِّحاح المشهورة هي هذة المدينة الواقع جانب منها فى البحر وجانب منها فى البر فأعددنا لها كما أمرنا الله تعالىٰ بقولة: {{قرآن|وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا ٱسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍۢ}} كُلُّ أهبةٍ يعتدُّ بها وجميعُ أسلحةٍ يُعتمد من البرق والرعد والمنجنيق والنقب والجحور وغيرها من جانب البر والفُلك المشحون والجوار المُنشآت فى البحر كالأعلام من جانب البحر، ونزلنا عليها في السَّادس والعشرين من ربيع الأول من شهور سنة سبع وخمسين وثمانمائة.
{{بداية قصيدة}}
{{بيت|فقلتُ للنقسِ جدّي الآن فاجتهدي|وساعديني فهذا ما تمنيتِ}}
سطر 23:
{{بيت|إذا جاء نصرُ الله والفتحُ هيِّن|على المرءُ معسورُ الأمور وصعبها}}
{{نهاية قصيدة}}
فمتى طلع الصُّبح الصادق من يوم الثُلثاء يوم العشرين من جُمادى الأولى، هجمنا مثل النُجُوم رُجُومًا لِجُنُود الشياطين، سخَّرها الحُكم الصدِّيقي بِبركة العدل الفاروقي بِالضرب الحيدري لِآل عُثمان، قد منَّ الله تعالىٰ بِالفتح قبل أن ظهر الشمس من مشرقها {{قرآن|سَيُهْزَمُ ٱلْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ}}، {{قرآن|بَلِ ٱلسَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَٱلسَّاعَةُ أَدْهَىٰ وَأَمَرُّ}}، وأوَّل من هُزم وقُطع رأسه تكفورهم اللعين الكنود، فأُهلكوا كقوم عادٍ وثمود، فخفتهم ملائكة العذاب فأوردوهم النار وبئس المآب، فقُتل من قُتل وأُسر من بقي، وأغار وأحزانيهم وأخرجوا كنوزهم ودفاينهم موفورًا، فأتى عليهم حينٌ من الدهر لم يكن شيئًا مذكورًا، فقُطع دابر القوم الذين ظلموا والحمدُ لله ربِّ العالمين، فيومئذٍ يفرح المُؤمنون بِنصر الله، ينصُر من يشاء، فلمَّا ظفرنا على هؤلاء الأرجاس الأنجاس الجالوس، طهَّرنا القوس من القُسُوس، وأخرجنا منه الصليب والناقوس، وصيَّرنا معابد عبدة الأصنام مساجد أهل الإسلام، وتشرَّفت تلك الخطَّة بِشرف السكَّة والخطبة، فوقع أمر الله وبطُل ما كانوا يعملون. وبعد، فكانت في شطِّ الشرم الذي يكون شماليًّا منها، قلعة إفرنجيَّة جنوزيَّةنجنوزيَّة، وهي المُحصَّنة المدعُوَّة بِقلعة غلطة، وهي جارةٌ لها مُنسَّقة النظام، مملوءة من المُشركين اللئام، فلمَّا حاصرنا قُسطنطينيَّة جاءنا أهلُ تلك القلعة، وشدُّوا بنا ميثاقهم، وجدَّدوا معنا وفاقهم، وقُلنا لهم كونوا كما كُنتُم، واثبُتُوا على ما أنتم عليه، بِشرط أن لا تُعينوا بها، فقبلوا شرطنا، وأطاعوا أمرنا، فلمَّا وقع ما وقع على قُسطنطينيَّة، وُجد بين القتلى والأسرى من أهل غلطة، وهم قد حاربونا وبدا أنهم نقضوا ميثاقهم، وأظهروا نفاقهم، فأردنا أن نفعل بهم ما فعلنا بِالأُخرى، فبينما هم جاؤا مُبتهلين ومُتضرِّعين، وقالوا إن لم ترحمنا لنكوننَّ من الخاسرين، فعفونا عنهم، إنَّهُ هو العفُوُّ الغفَّار، ومننَّا عليهم، المنَّة لله الواحد القهَّار، وقرَّرنا على مُلكهم، المُلك لله العزيز الجبَّار، ولكن جعلنا حصنهم صعيدًا جُرُزًا بحيثُ لا ترى فيهم عوجًا ولا أمتًا، وملكنا أرضهم وماءهم، وكتبنا في جريدة الجزى أسماءهم، حتَّى يُعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون، {{قرآن|ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِى هَدَىٰنَا لِهَٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِىَ لَوْلَآ أَنْ هَدَىٰنَا ٱللَّهُ ۖ}}.
{{بداية قصيدة}}
{{بيت|سعد الزمان وسعد الإقبال|ودنا المُنى وأجابت الآمال}}
{{نهاية قصيدة}}
فلمَّا جمع الله تعالىٰ بِفضله في قلب عبده زين السُرُورين العظيمين، أحدهما حفظ نظام سرير السلطنة وحماية البلاد، والآخر قُرَّةً لِعين الشرع بِإحياء فرض الجهاد، وجَّه تلقاء الأرض المُقدَّسة التي بارك الله فيها بإجراء أحكام السلطنة، حامل وقر الثناء وناقل ورق الدُعاء، فخر الأماجد، ذخر المحامد، أمير جلال الدين القابوني، رُزقت عودته بِالسلامة، بِهديَّةٍ يسيرةٍ من الأسارى والغلمان والأقمشة وغيرها، حسبما ذُكر مُفصَّلًا في كتابٍ غير هذا، وإن كانت نسبتها إلى ما وجب علينا كنسبةٍ للقطر إلى البحر، فالمأمول الإغضاء بِحُسن القُبُول، فإذا يسَّره الله التشريف بِتقبيل بساط الخلافة، زاد الله بسطه بِالعدل والنَّصر، يتأمَّل ويتمنَّى أن ينعم بالمُشرَّفات السَّارَّة المُحتوية بِسلامة النفس النفيس، وصحَّة الذات المُطهَّرة، أبقاها الله في دولته دينيَّة ودُنياويَّة، وبِسوانح الأخبار من مُهمَّات السلطنة، كما نتشرَّف بِالانتماء إلى ذلك المقر الشريف، ونتلطَّف بِالاعتزاء لِذلك المجلس اللطيف، ونحنُ نترَّقب طيِّبات أدعية تلك المساكن الطيِّبة، والله مُجيبها بِبرمة نبيِّه المُجتبى، عليه من التحيَّات أزكاها. الحمدُ لله على نواله، والصلوٰة والسَّلامُ على مُحمَّدٍ وآله، والله أعلم بِالصواب وإليه المرجع والمآب.
 
[[تصنيف:وثائق عثمانية عائدة لعهد محمد الفاتح]]