الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الروح/المسألة التاسعة عشرة/فصل الأرواح جنود مجندة»

تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
جديدة '{{جودة النص|75%}}{{مركزية | عنوان = الروح/المسألة التاسعة عشرة|الروح - المسألة التاسعة عشرة - فصل الأر...'
(لا فرق)

نسخة 18:15، 13 ديسمبر 2020

ملاحظات: فصل الأرواح جنود مجندة


الحادي والثمانون: قوله صلى اللّه عليه وآله وسلم: «الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف». فوصفها بأنها جنود مجندة، والجنود ذوات قائمة بنفسها ووصفها بالتعارف والتناكر، ومحال أن تكون هذه الجنود أعراضا أو تكون لا داخل العالم ولا خارجه ولا بعض لها ولا كل.
الثاني والثمانون: قوله في حديث ابن مسعود رضي اللّه عنه [أن] 1 الأرواح تتلاقى وتتشام كما تشام الخيل. وقد تقدم.
الثالث والثمانون: قوله في حديث عبد اللّه بن عمرو رضي اللّه عنهما: إن أرواح المؤمنين تتلاقى على مسيرة يومين وما رأى أحدهما صاحبه.
الرابع والثمانون: الآثار التي ذكرناها في خلق آدم، وأن الروح لما دخل في رأسه عطس فقال: الحمد للّه، فلما وصل الروح إلى عينيه نظر إلى ثمار الجنة، فلما وصل إلى جوفه اشتهى الطعام فوثب قبل أن يبلغ الروح رجليه، وأنها دخلت كارهة وتخرج كارهة.
الخامس والثمانون: الآثار التي فيها إخراج الرب تعالى النسيم وتمييز شقيهم من سعيدهم، وتفاوتهم حينئذ في الإشراق والظلمة، وأرواح الأنبياء فيهم مثل السرج. وقد تقدم.
السادس والثمانون: حديث تميم الداري أن روح المؤمن إذا صعد بها إلى اللّه خر ساجدا بين يديه، وأن الملائكة تتلقى الروح بالبشرى، وأن اللّه تعالى يقول لملك الموت انطلق بروح عبدي فضعه في مكان كذا وكذا. وقد تقدم.
السابع والثمانون: الآثار التي ذكرناها في مستقر الأرواح بعد الموت واختلاف الناس في ذلك، وفي ضمن ذلك الاختلاف إجماع السلف على الروح مستقرا بعد الموت.
الثامن والثمانون: ما قد علم بالضرورة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم جاء به وأخبر به الأمة أنه تنبت أجسادهم في القبور، فإذا نفخ في الصور رجعت كل روح إلى جسدها فدخلت فيه فانشقت الأرض عنه فقام من قبره.
و في حديث الصور أن إسرافيل عليه السلام يدعو الأرواح فتأتيه أرواح المسلمين نورا والأخرى مظلمة، فيجمعها جميعا فيعلقها في الصور، ثم ينفخ فيه فيقول الرب جل جلاله: وعزتي ليرجعن كل روح إلى جسده، فتخرج الأرواح من الصور مثل النحل قد ملأت ما بين السماء والأرض، فيأتي كل روح إلى جسده فيدخل، ويأمر اللّه الأرض فتنشق عنهم فيخرجون سراعا إلى ربهم ينسلون، مهطعين إلى الداعي، يسمعون المنادي من مكان قريب، فإذا هم قيام ينظرون.
و هذا معلوم بالضرورة أن الرسول أخبر به، وأن اللّه سبحانه لا ينشئ لهم أرواحا غير أرواحهم التي كانت في الدنيا، بل هي الأرواح التي اكتسبت الخير والشر، أنشأ أبدانها نشأة أخرى ثم ردها إليها.
التاسع والثمانون: أن الروح والجسد يختصمان بين يدي الرب عز وجل يوم القيامة. قال علي بن عبد العزيز: حدثنا أحمد بن يونس حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي سعيد البقال عن عكرمة عن ابن عباس رضي اللّه عنهما.
قال: ما تزال الخصومة بين الناس يوم القيامة حتى يخاصم الروح الجسد، فيقول الروح: يا رب إنما كنت روحا منك جعلتني في هذا الجسد فلا ذنب لي، ويقول الجسد: يا رب كنت جسدا خلقتني ودخل فيه الروح مثل النار، فيه كنت أقوم، وبه كنت أقعد، وبه أذهب، وبه أجي ء لا ذنب لي. قال: فيقال: أنا أقضي بينكما، أخبراني عن أعمى ومقعد دخلا حائطا «1» فقال المقعد للأعمى: إني أرى ثمرا، فلو كانت لي رجلان لتناولت، فقال الأعمى: أنا أحملك على رقبتي، فحمله فتناول من الثمر فأكلا جميعا فعلى من الذنب؟ قالا: عليهما جميعا، فقال:
قضيتما على أنفسكما.
التسعون: الأحاديث والآثار الدالة على عذاب القبر ونعيمه إلى يوم البعث، فمعلوم أن الجسد تلاشى واضمحل، وأن العذاب والنعيم المستمرين إلى يوم القيامة إنما هو على الروح.
الحادي والتسعون: أخبار الصادق والمصدوق صلى اللّه عليه وآله وسلم في الحديث الصحيح عن الشهداء أنهم لما سئلوا ما تريدون؟ قالوا: نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا حتى نقتل فيك مرة أخرى. فهذا سؤال وجواب من ذات حية عالمة ناطقة تطلب الرد إلى الدنيا والدخول في أجساد خرجت منها، وهذه الأرواح سئلت، وهي تسرح في الجنة والأجساد قد مزقها البلى.
الثاني والتسعون: ما ثبت عن سلمان الفارسي وغيره من الصحابة رضوان اللّه عليهم أن أرواح المؤمنين في برزخ تذهب حيث شاءت، وأرواح الكفار في سجين. وقد تقدم.
الثالث والتسعون: رؤية النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم لأرواح الناس عن يمين آدم ويساره ليلة الإسراء. فرآها متحيزة بمكان معين.
الرابع والتسعون: رؤيته أرواح الأنبياء في السموات وسلامهم عليه وترحيبهم به كما أخبر به، وأما أبدانهم ففي الأرض.
الخامس والتسعون: رؤيته صلى اللّه عليه وآله وسلم أرواح الأطفال حول إبراهيم الخليل عليه السلام.
السادس والتسعون: رؤيته صلى اللّه عليه وآله وسلم أرواح المعذبين في البرزخ بأنواع العذاب في حديث سمرة الذي رواه البخاري في صحيحه، وقد تلاشت أجسادهم واضمحلت، وإنما كان الذي رآه أرواحهم ونسمهم يفعل بها ذلك.
السابع والتسعون: إخباره سبحانه عن الذين قتلوا في سبيله أنهم أحياء عند ربهم يرزقون، وأنهم فرحون مستبشرون بإخوانهم، وهذا للأرواح قطعا لأن الأبدان في التراب [تنتظر] 2 عود أرواحها إليها يوم البعث.
الثامن والتسعون: ما تقدم من حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما، ونحن نسوقه ليتبين كم فيه من دليل على بطلان قول الملاحدة وأهل البدع في الروح، وقد ذكرنا إسناده فيما تقدم، قال: بينما رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ذات يوم قاعدا تلا هذه الآية: ﴿وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ [الأنعام:93] الآية ثم قال: والذي نفس محمد بيده، ما من نفس تفارق الدنيا حتى ترى مقعدها من الجنة أو النار، فإذا كان عند ذلك صف له سماطان من الملائكة ينتظمان ما بين الخافقين كأن وجوههم الشمس، فينظر إليهم ما يرى غيرهم، وإن كنتم ترون أنه ينظر إليكم مع كل ملك منهم أكفان وحنوط، فإن كان مؤمنا بشروه بالجنة وقالوا:
أخرجي أيتها النفس المطمئنة إلى رضوان اللّه وجنته، فقد أعد اللّه لك من الكرامة ما هو خير لك من الدنيا وما فيها. فلا يزالون يبشرونه فهم ألطف به وأرأف من الوالدة بولدها، ثم يسلون روحه من تحت كل ظفر ومفصل يموت الأول ويبرد كل عضو، الأول فالأول، ويهون عليهم، وإن كنتم ترونه شديدا حتى تبلغ ذقنه فلهي أشد كراهية للخروج من الجسد من الولد حين يخرج من الرحم، فيبتدرونها، كل ملك منهم أيهم يقبضها، فيتولى قبضها ملك، ثم تلا رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم: ﴿قُلۡ يَتَوَفَّىٰكُم مَّلَكُ ٱلۡمَوۡتِ ٱلَّذِی وُكِّلَ بِكُمۡ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمۡ تُرۡجَعُونَ ۝١١ [السجدة:11] فيتلقاها بأكفان بيض ثم يحتضنها إليه فلهو أشد لزوما من المرأة لولدها ثم يفوح منها ريح أطيب من المسك، فيستنشقون ريحا طيبا ويتباشرون بها ويقولون: مرحبا بالريح الطيبة والروح الطيب، اللهم صل عليه روحا وصل على جسد خرجت منه.
قال: فيصعدون بها فتفوح لهم ريح أطيب من المسك فيصلون عليها ويتباشرون بها، وتفتح لهم أبواب السماء، ويصلي عليها كل ملك في كل سماء تمر بهم، حتى تنتهي بين يدي الجبار جل جلاله، فيقول الجبار عز وجل: مرحبا بالنفس الطيبة، أدخلوها الجنة وأروها مقعدها من الجنة، واعرضوا عليها ما أعددت لها من الكرامة والنعيم، ثم اذهبوا بها إلى الأرض، فإني قضيت أني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى، فوالذي نفس محمد بيده لهي أشد كراهية للخروج منها حين كانت تخرج من الجسد، وتقول: أين تذهبون بي؟
إلى ذلك الجسد الذي كنت فيه؟ فيقولون: إنا مأمورون بهذا، فلا بد لك منه، فيهبطون به على قدر فراغهم من غسله وأكفانه، فيدخلون ذلك الروح بين الجسد وأكفانه. فتأمل كم في الحديث من موضع يشهد ببطلان قول المبطلين في الروح.
التاسع والتسعون: ما ذكره عبد الرازق عن معمر بن زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن البيلماني عن عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما قال: إذا توفي المؤمن بعث إليه ملكان بريحان من الجنة وخرقة تقبض فيها، فتخرج كأطيب رائحة وجدها أحد قط بأنفه، حتى يؤتى به الرحمن جل جلاله، فتسجد الملائكة قبله، ويسجد بعدهم، ثم يدعى ميكائيل عليه السلام فيقال: اذهب بهذه النفس فاجعلها مع أنفس المؤمنين حتى أسألك عنها يوم القيامة.
و قد تظاهرت الآثار عن الصحابة أن روح المؤمن تسجد بين يدي العرش في وفاة النوم ووفاة الموت، وأما حين قدومها على اللّه فأحسن تحيتها أن تقول: اللهم أنت الحلام ومنك الحلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام.
و حدثني القاضي نور الدين بن الصائغ قال: كانت لي خالة، وكانت من الصالحات العابدات، قال: عدتها في مرض موتها فقال لي: الروح إذا قدمت على اللّه ووقفت بين يديه ما تكون تحيتها وقولها له؟ قال فعظمت علي مسألتها، وفكرت فيها، ثم قلت: تقول اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام. قال: فلما توفيت رأيتها في المنام فقالت لي: جزاك اللّه خيرا لقد دهشت، فما أدري ما أقوله، ثم ذكرت تلك الكلمة التي قلت لي فقلتها.


هامش

  1. وردت في المطبوع: على.
  2. وردت في المطبوع: تنظر.


المسألة التاسعة عشرة
حقيقة النفس | فصل نفس المؤمن ونفس الكافر | فصل خروج نفس المؤمن | فصل حضور الملائكة عند خروج نفس المؤمن | فصل الأرواح جنود مجندة | فصل روح النائم | فصل فتح أبواب السماء لروح المؤمن | فصل | فصل الروح والجسم، والنفس والجسم | فصل النفس والجسم | فصل الوجود | فصل هل الصورة العقلية مجردة | فصل القوى العقلية والإدراكات | فصل الإدراك | فصل | فصل الخيالات | فصل حال البدن والقوة العقلية | فصل | فصل الرد على القول بأن القوة الجسمانية تتعب | فصل | فصل الرد على أن محل الإدراكات جسم | فصل | فصل | فصل | فصل | فصل | فصل | فصل | فصل | فصل | فصل


الروح
المقدمة | المسألة الأولى | المسألة الثانية | المسألة الثالثة | المسألة الرابعة | المسألة الخامسة | المسألة السادسة | المسألة السابعة | المسألة الثامنة | المسألة التاسعة | المسألة العاشرة | المسألة الحادية عشرة | المسألة الثانية عشرة | المسألة الثالثة عشرة | المسألة الرابعة عشرة | المسألة الخامسة عشرة | المسألة السادسة عشرة | المسألة السابعة عشرة | المسألة الثامنة عشرة | المسألة التاسعة عشرة | المسألة العشرون | المسألة الحادية والعشرون