الفرق بين المراجعتين لصفحة: «مقامات الحريري/المقامة المكية»

تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
لا ملخص تعديل
 
لا ملخص تعديل
سطر 1:
 
 
حكى الحارثُ بنُ هَمّامٍ قال: نهضْتُ من مدينةِ السّلامِ. لحِجّةِ الإسلامِ. فلمّا قضيْتُ بعَونِ اللهِ التّفَثَ. واستبَحْتُ الطّيبَ والرَّفَثَ. صادَفَ موسِمُ الخيْفِ. معْمَعانَ الصّيفِ. فاستَظْهَرْتُ للضّرورةِ. بِما يَقي حرَّ الظّهيرةِ. فبَينَما أنا تحتَ طِرافٍ. مع رُفقَةٍ ظِرافٍ. وقدْ حَمِيَ وَطيسُ الحصْباء. وأعْشى الهَجيرُ عينَ الحِرْباء. إذ هجَمَ عليْنا شيخٌ مُتَسَعْسِعٌ. يتْلوهُ فتًى متَرَعرِعٌ. فسلّمَ الشيخُ تسْليمَ أديبٍ أريبٍ. وحاوَرَ مُحاوَرَةَ قَريبٍ لا غَريبٍ. فأُعْجِبْنا بما نثَرَ منْ سِمْطِهِ. وعِجبْنا منِ انبِساطِه قبلَ بسْطِهِ. وقُلْنا لهُ: ما أنتَ. وكيفَ ولَجْتَ وما استأذَنْتَ؟ فقال: أما أنا فعَافٍ. وطالِبُ إسْعافٍ. وسِرُّ ضُرّي غيرُ خافٍ. والنّظَرُ إليّ شفيعٌ لي كافٍ. وأمّا الانْسِيابُ. الذي علِقَ بهِ الارتِيابُ. فَما هوَ بعُجابٍ. إذ ما علَى الكُرَماء منْ حِجابٍ. فسألْناهُ: أنّى اهْتَدَى إليْنا. وبِمَ استَدَلّ علَيْنا؟ فقال: إنّ للكرَمِ نشْراً تَنُمّ بهِ نفَحاتُهُ. وتُرْشِدُ إلى روضِهِ فوْحاتُهُ. فاستَدْلَلْتُ بتأرّجِ عَرْفِكُمْ. على تبلّجِ عُرفِكُم! وبشّرَني تضوُّعُ رندِكُمْ. بحُسْنِ المُنقَلَبِ منْ عِندِكُم! فاستخْبَرْناهُ حينَئِذٍ عنْ لُبانَتِهِ. لنتَكفّلَ بإعانتِهِ. فقال: إنّ لي مأرَباً. ولفَتايَ مَطلَباً. فقُلْنا لهُ: كِلا المَرامَينِ سيُقْضى. وكِلاكُما سوفَ يرْضى. ولكِنِ الكُبرَ الكُبْرَ. فقال: أجَلْ ومنْ دَحا السّبْعَ الغُبْرَ. ثمّ وثبَ للمَقالِ. كالمُنشَطِ منَ العِقالِ. وأنشَدَ:
السطر 95 ⟵ 94:
ثمّ اغرَوْرَقَتْ عيناهُ بالدّموعِ. وآذَنَتْ مَدامِعُهُ بالهُموعِ. فكَرِهَ أن يستَوكِفَها. ولم يملِكْ أن يكَفْكِفَها. فقطَعَ إنْشادَهُ المُستَحْلى. وأوجَزَ في الوَداعِ وولّى.
 
[[تصنيف: {{مقامات الحريري]]}}
 
[[تصنيف:الحريري]]
 
[[تصنيف:مقامات الحريري]]