الفرق بين المراجعتين لصفحة: «كتاب الصلاة وحكم تاركها»

تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
وسم: تعديل مصدر 2017
وسم: تعديل مصدر 2017
سطر 40:
 
== فصل في حكم من نقر الصلاة ولم يتم ركوعها ولا سجودها ==
وأما المسألة التاسعة وهي حكم من نقر الصلاة ولم يتم ركوعها ولا سجودها
المسألة قد شفى فيها رسول الله وكفى وكذلك اصحابه من بعده فلا معدل لناصح نفسه عما جاءت به السنة في ذلك ونحن نسوق مذهب رسول الله وأصحابه في ذلك بألفاظه
فعن ابي هريرة ان النبي دخل المسجد فدخل رجل فصلى ثم جاء فسلم على النبي فرد عليه السلام فقال ارجع فصل فإنك لم تصل ثلاثا فقال والذي بعثك بالحق ما احسن غيره فعلمني قال إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ثم اركع حتى تطمئن راكعا ثم ارفع حتى تعتدل قائما ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع حتى تطمئن جالسا ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم افعل ذلك في صلاتك كلها متفق على صحته البخاري رقم 6251 مسلم رقم 397 وهذا لفظ البخاري
وفيه دليل على تعين التكبير للدخول في الصلاة وأن غيره لا يقوم مقامه كما يتعين الوضوء واستقبال القبلة وعلى وجوب القراءة وتقييدعا بما تيسر ولا ينفي تعين الفاتحة بدليل آخر فإن الذي قال هذا الذي قال كل صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج مسلم رقم 395 وهو الذي قال لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب البخاري
 
مسلم رقم 394 ولا تضرب سننه بعضها ببعض وفي دليل على وجوب الطمأنينة وأن من تركها لم يفعل ما امر به فيبقى مطالبا بالأمر وتأمل امره بالطمأنينة في الركوع والاعتدال في الرفع منه فإنه لا يكفي مجرد الطمأنينة في ركن الرفع حتى تعتدل قائما
قلنا فيجمع بين الطمأنينة والاعتدال خلافا لمن قال إذا ركع ثم سجد من ركوعه ولم يرفع رأسه صحت صلاته فلم يكتف من شرع الصلاة بمجرد الرفع حتى يأتي به كاملا بحيث يكون معتدلا فيه ولا ينفي هذا وجوب التسبيح في الركوع والسجود والتسميع والتحميد في الرفع بدليل آخر
فإن الذي قال هذا وأمر به هو الذي امر بالتسبيح في الركوع فقال لما نزلت فسبح باسم ربك العظيم قال اجعلوها في ركوعهم
وأمر بالتحميد في الرفع فقال إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد الترمذي رقم 267
فهو الذي امرنا بالركوع وبالطمأنينة فيه وبالتسبيح والتحميد وقال في الرفع من السجود ثم ارفع حتى تطمئن جالسا وفي لفظ حتى تعتدل جالسا فلم يكتف بمجرد الرفع كحد السيف حتى تحصل الطمأنينة والاعتدال ففيه امر بالرفع والطمأنينة فيه والاعتدال
يمكن التمسك بما لم يذكر في هذا الحديث على اسقاط وجوبه عند أحد من الأئمة
فإن الشافعي يوجب الفاتحة والتشهد الأخير والصلاة على النبي ولم يذكر فيه
 
وابو حنيفة يوجب الجلوس مقدار التشهد والخروج من الصلاة بالمنافي ولم يذكر ذلك فيه
ومالك يوجب التشهد والسلام ولم يذكر ذلك فيه
وأحمد يوجب التسبيح في الركوع والسجود والتسميع والتحميد وقول رب اغفر لي ولم يذكر في الحديث
فلا يمكن لاحد ان يسقط كل ما لم يذكر فيه
فإن قيل فرسول الله قد اقره على تلك الصلاة مرتين ولو كانت باطلة لم يقره عليها فإنه لا يقر على باطل
قيل كيف يكون قد اقره وهو يقول له ارجع فصل فإنك لم تصل فأمره ونفى عنه مسمى الصلاة التي شرعها واي إنكار ابلغ من هذا
فإن قيل فهو لم ينكر عليه في نفس الصلاة
قيل نعم لما في ذلك من التنفير له وعدم تمكنه من التعليم كما ينبغي كما اقر الذي بال في المسجد على إكمال بوله حتى قضاها ثم علمه وهذا من رفقة وكمال تعليمه ولطفه صلوات الله وسلامه عليه
فإن قيل فهلا قال له في نفس الصلاة اقطعها قيل لم يقل للبائل اقطع بولك وهذا أولى نعم لو أقره على تلك الصلاة ولم يأمره بإعادتها ولم ينف عنه الصلاة الشرعية كان فيه متمسك لكم
فإن قيل قوله لم تصل اي لم تصل صلاة كاملة وإنما الممتنع أن تكون له صلاة صحيحة قد اخل ببعض مستحباتها ثم يقول له ارجع فصل فإنك لم تصل هذا في غاية البطلان
 
وعن رفاعة بن رافع ان رسول الله بينما هو جالس في المسجد يوما ونحن معه إذ جاء رجل كالبدوي فصلى فأخف صلاته ثم انصرف فسلم على النبي فقال فقال وعليك فارجع فصل فإنك لم تصل ففعل ذلك مرتين أو ثلاثا كل ذلك يأتي النبي فيسلم على النبي فيقول النبي وعليك فارجع فصل فإنك لم تصل فخاف الناس وكبر عليهم ان يكون من اخف صلاته لم يصل فقال الرجل في آخر ذلك فأرني وعلمني فإنما أنا بشر اصيب وأخطيء فقال اجل إذا قمت إلى الصلاة فتوضأ كما امر الله ثم تشهد واقم فإن كان معك قرآن فاقرأ وإلا فاحمد الله وكبره وهلله ثم اركع فاطمئن راكعا ثم اعتدل قائما ثم اسجد فاعتدل ساجدا ثم اجلس فاطمئن جالسا ثم قم فإذا فعلت ذلك فقد تمت صلاتك وإن انتقصت منه شيئا انتقصت من صلاتك قال فكان هذا اهون عليهم من الاول أنه من انتقص من هذا شيئا انتقص من صلاته ولم تنقص كلها رواه الإمام أحمد المسند 4 / 340 وأهل السنن الترمذي رقم 302 ابو داود رقم 858 النسائي رقم 1053
وفي رواية أبي داود رقم 861 وتقرأ بما شئت من القرآن ثم تقول الله اكبر وعنده فإن كان معك قرآن فاقرأ به
وفي رواية لأحمد المسند 4 / 340 إذا اردت ان تصلي فتوضأ فاحسن وضوءك ثم استقبل القبلة فكبر ثم اقرأ بأم القرآن ثم اقرأ بما شئت فإذا ركعت فاجعل راحتيك على ركبتيك وامدد ظهرك ومكن لركوعك فإذا رفعت رأسك فاقم صلبك حتى ترجع العظام إلى مفاصليها فإذا سجدت فمكن لسوجودك فإذا رفعت فاعتمد على فخذك اليسرى ثم اصنع ذلك في كل ركعة وسجدة
 
فإذا ضممت قوله في هذا الحديث توضأ كما امر الله إلى قوله في الصفا والمروة ابدؤوا بما بدأ الله به مسلم رقم 1218 أفاد وجوب الوضوء على الترتيب الذي ذكره الله سبحانه
وقوله في الحديث اقرأ بأم القرآن ثم اقرا بما شئت تقيد لمطلق قوله اقرأ بما تيسر معك من القرآن وهذا معنى قوله في الحديث وتقرأ بما شئت من القرآن وقال فإن كان معك قرآن وإلا فاحمد الله وكبره وهلله فألفاظ الحديث يبين بعضها بعضا وهي تبين مراده فلا يجوز ان يتعلق بلفظ منها ويترك بقيتها
وقوله ثم تقول الله اكبر فيه تعيين هذا اللفظ دون غيره وهو التكبير المعهود في قوله تحريمها التكبير مسند أحمد 1 / 123 و 129 أبو داود رقم 461 الترمذي رقم 3 ابن ماجة رقم 275
وقوله فإذا رفعت رأسك فأقم صلبك حتى ترجع العظام إلى مفاصلها صريح في وجوب الرفع والاعتدال منه والطمأنينة فيه
وعن ابي مسعود البدري قال قال رسول الله لا تجزيء صلاة الرجل حتى يقيم ظهره في الركوع والسجود رواه الإمام أحمد المسند 4 / 119 واهل السنن الترمذي رقم 265 أبو داود رقم 855 النسائي رقم 1027 ابن ماجه رقم 870 وقال الترمذي حديث حسن صحيح
وهذا نص صريح في أن الرفع من الركوع وبين السجود الاعتدال فيه والطمأنينة فيه ركن لا تصح الصلاة إلا به
 
وعن علي بن شيبان قال خرجنا حتى قدمنا على رسول الله فبايعناه وصلينا خلفه فلمح بمؤخر عينيه رجلا لا يقيم صلاته يعني صلبه في الركوع والسجود فلما قضى النبي قال يا معشر المسلمين لا صلاة لمن لم يقم صلبه في الركوع والسجود رواه الإمام أحمد المسند 4 / 23 وابن ماجه رقم 871
وقوله لا صلاة يعني تجزية بدليل قوله لا تجزيء صلاة الرجل حتى يقيم ظهره في الركوع والسجود ولفظ أحمد في هذا الحديث لاينظر الله إلى رجل لا يقيم صلبه بين ركوعه وسجوده
وعن ابي هريرة أن رسول الله قال لا ينظر الله إلى صلاة رجل لا يقيم صلبه بين ركوعه وسجوده رواه الإمام أحمد المسند 2 / 525
وفي سنن البيهقي السنن الكبرى 2 / 88 عن جابر بن عبدالله قال قال رسول الله لا تجزيء صلاةلا يقيم الرجل فيها صلبة في الركوع والسجود
وقد نهى النبي عن نقر المصلي صلاته وأخبر أنها صلاة المنافقين وفي المسند 3 / 428 والسنن النسائي رقم 1112 أبو داود رقم 862 ابن ماجه رقم 1429 من حديث عبدالرحمن بن شبل قال نهى رسول الله عن نقرة الغراب وافتراش السبع وعن توطن الرجل المكان في المسجد كما يوطن البعير فتضمن الحديث النهي في الصلاة عن التشبه بالحيوانات بالغراب في النقرة وبالسبع بافتراشه ذراعية في السجود وبالبعير في لزومه مكانا معينا من المسجد يتوطنه كما يتوطن البعير
 
وفي حديث آخر نهى عن عن التفات كالتفات الثعلب وإقعاء كإقعاء الكلب ورفع الأيدي كأذناب الخيل مسند أحمد 2 / 311
فهذه ست حيوانات نهى عن التشبه بها
وأما ما وصفه من صلاة النقار بأنها صلاة المنافقين ففي صحيح مسلم رقم 622 عن علاء بن عبدالرحمن أنه دخل على انس بن مالك في داره بالبصرة حين انصرف من الظهر قال فلما دخلنا عليه قال أصليتما العصر فقلنا إنما انصرفنا الساعة من الظهر قال تقدموا فصلوا العصر فقمنا فصلينا فلما انصرفنا قال سمعت رسول الله يقول تلك صلاة المنافقين يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقرها اربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا
وقد تقدم قول ابن مسعود ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها يريد الجماعة إلا منافق معلوم النفاق مسلم رقم 654
وقد قال تعالى إن المنفقين يخادعون الله وهو خدعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا 4 سورة النساء / الآية 142
فهذه ست صفات في الصلاةمن علامات النفاق الكسل عند القيام إليها ومراءاة الناس في فعلها وتأخيرها ونقرها وقلة ذكر الله فيها والتخلف عن جماعتها
وعن ابي عبدالله الأشعري قال صلى رسول الله بأصحابه ثم جلس في طائفة منهم فدخل رجل منهم فقام يصلي فجعل يركع وينقر في سجوده ورسول الله ينظر إليه فقال ترون هذا لو مات مات على
 
غير ملة محمد ينقر صداقه كما ينقر الغراب الدم إنما مثل الذي يصلي ولا يركع وينقر في سجوده كالجائع لا يأكل إلا تمرة او تمرتين فما يغنيان عنه فأسبغوا الوضوء وويل للاعقاب من النار فأتموا الركوع والسجود وقال ابو صالح فقلت لأبي عبدالله الأشعري من حدثك بهذا الحديث قال امراء الأجناد خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وشرحبيل بن حسنة ويزيد ابن ابي سفيان كل هؤلاء سمعه من رسول الله رواه ابو بكر ابن خزيمة في صحيحه 1 / 332
فأخبر ان نقار الصلاة لو مات مات على غير الإسلام
وفي صحيح البخاري رقم 791 عن زيد بن وهب قال رأى حذيفة رجلا لا يتم الركوع ولا السجود قال ما صليت لو مت مت على غير الفطرة التي فطر الله عليها محمدا ولو أخبر أن صلاة النقار صحت لما اخرجه عن فطرة الإسلام بالنقر
جعل رسول الله لص الصلاة وسارقها شرا من لص الأموال وسارقها ففي المسند 5 / 210 من حديث ابي قتادة قال قال رسول الله اسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته قالوا يا رسول الله كيف يسرق صلاته قال لا يتم ركوعها ولا سجودها أو قال لا يقيم صلبه في الركوع والسجود فصرح بأنه اسوأ حالا من سارق الاموال ولا ريب أن لص الدين شر من لص الدنيا
وفي المسند مصنف عبدالرزاق 2 / 373 رقم 375 سنن البيهقي 2 / 291 من حديث سالم ابن ابي الجعد عن سلمان هو الفارسي قال قال رسول الله الصلاة مكيال فمن وفى وفي له ومن طفف فقد علمتم ما قاله الله في المطففين
 
قال مالك وكان يقال في كل شيء وفاء وتطفيف فإذا توعد الله سبحانه بالويل للمطففين في الاموال فما الظن بالمطففين في الصلاة
وقد ذكر ابو جعفر العقيلي في الضعفاء الكبير 1 / 121 عن الاحوص بن حكيم عن خالد بن معدان عن عبادة بن الصامت قال قال رسول الله إذا توضأ العبد فأحسن وضوءه ثم قام إلى الصلاة فأتم ركوعها وسجودها والقراءة فيها قالت له الصلاة حفظك الله كما حفظتني ثم يصعد بها إلى السماء ولها ضوء ونور وفتحت لها أبواب السماء حتى تنتهي إلى الله تبارك وتعالى فتشفع لصاحبها وإذا ضيع وضوءها وركوعها وسجودها والقراءة فيها قالت له الصلاة ضيعك الله كما ضيعتني ثم يصعد بها إلى السماء فتغلقت دونها أبواب السماء ثم تلف كما يلف الثوب الخلق ثم يضرب بها وجه صاحبها
وقال الإمام أحمد في رواية مهنا بن يحيى الشامي طبقات الحنابلة 1 / 364 جاء الحديث إذا توضأ فأحسن الصلاة ثم ذكره تعليقا
* [[كتاب الصلاة وحكم تاركها/فصل في مقدار صلاة رسول الله|فصل في مقدار صلاة رسول الله]]