الفرق بين المراجعتين لصفحة: «جامع العلوم والحكم/الحديث التاسع»

تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
لا ملخص تعديل
Obaydb (نقاش | مساهمات)
استيراد تلقائي للمقالات - كتابة على الأسفل
سطر 69:
وقال في الحج ‏{‏وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً‏}‏ آل عمران وأما النهي فالمطلوب عدمه وذلك هو الأصل فالمقصود استمرار العدم الأصلي وذلك ممكن وليس فيه ما لا يستطاع وهذا فيه أيضًا نظر فإن الداعي إلى فعل المعاصي قد يكون قويا لا صبر معه للعبد على الامتناع مع فعل المعصية مع القدرة عليها فيحتاج للكف عنها حينئذ إلى مجاهدة شديدة وربما كانت أشق على النفوس من مجرد مجاهدة النفوس على فعل الطاعات ولهذا يوجد كثيرًا من يجتهد في فعل الطاعات ولا يقوي على ترك المحرمات وقد سئل عمر عن قوم يشتهون المعصية ولا يعملون بها فقال أولئك قوم امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم‏.‏
 
وقال يزيد بن ميسرة يقول الله في بعض الكتب أيها الشاب التارك لشهوته المتبذل في شبابه من أجلي أنت عندي كبعض ملائكتي وقال ما أشد الشهوة في الجسد إنها مثل حريق النار وكيف ينجو منها الحصوريون والتحقيق في هذا أن الله لا يكلف العباد من الأعمال ما لا طاقة لهم به وقد أسقط عنهم كثيرًا من الأعمال بمجرد المشقة رخصة عليهم رحمة لهم وأما المناهي فلم يعذر أحد بارتكابها بقوة الداعي والشهوات بل كلفهم تركها على كل حال وإن ما أباح أن يتناولوا من المطاعم المحرمة عند الضرورة ما تبقى معه الحياة لا لأجل التلذذ والشهوة ومن هنا يعلم صحة ما قال الإمام أحمد رحمه الله إن النهي أشد من الأمر وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ثوبان وغيره أنه قال استقيموا ولن تحصوا يعني لن تقدروا على الاستقامة كلها وروى الحكم بن حزن الكلفي قال وفدت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فشهدت معه الجمعة فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم متوكئا على عصا أو قوس فحمد الله وأثنى عليه بكلمات خفيفات طيبات مباركات ثم قال يأيها الناس إنكم لن تطيقوا ولن تفعلوا كل ما أمرتكم به ولكن سددوا وأبشروا أخرجه الإمام أحمد وأبو داود وفي قوله صلى الله عليه وسلم إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم دليل على أن من عجز عن فعل المأمور به كله وقدر على بعضه فإنه يأتي بما أمكن منه وهذا مطرد في مسائل منها الطهارة فإذا قدر على بعضها وعجز عن الباقي إما لعدم الماء أو لمرض في بعض أعضائه دون بعض فإنه يأتي من ذلك بما قدر عليه ويتيمم للباقي وسواء في ذلك الوضوء والغسل على المشهور ومنها الصلاة فمن عجز عن فعل الفريضة قائمًا صلى قاعدا فإن عجز صلاها مضطجعا وفي صحيح البخاري عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال صل قائمًا فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنبك فإن عجز عن ذلك كله أومأ بطرفه وصلي بنيته ولم تسقط عنه الصلاة على المشهور ومنها زكاة الفطر فإذا قدر على إخراج بعض صاع لزمه ذلك على الصحيح فأما من قدر على صيام بعض النهار دون تكملته فلا يلزمه ذلك بغير خلاف لأن صيام بعض اليوم ليس بقربة في نفسه، وكذلك لو قدر على عتق بعض رقبة في الكفارة لم يلزمه لأن تبعيض العتق غير محبوب للشارع بل أمر بتكملته بكل طريق وأما من فاته الوقوف بعرفة في الحج فهل يأتي بما بقي منه من المبيت بمزدلفة ورمي الجمار أم لا بل يقتصر على الطواف والسعي ويتحلل بعمرة على روايتين عن أحمد أشهرهما أنه يقتصر على الطواف والسعي لأن المبيت والرمي من لواحق الوقوف بعرفة وتوابعه وإنما أمر الله تعالى بذكره عند المشعر الحرام وبذكره في الأيام المعدودات لمن أفاض من عرفات فلا يؤمر به من لا يقف بعرفة كما لا يؤمر به المعتمر والله أعلم‏.‏</div>
 
{{جامع العلوم والحكم}}
 
[[تصنيف:جامع العلوم والحكم]]